الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَسْأَلَةُ التَّأْنِيثِ مِنْ سَبْعَةٍ وَنِصْفٍ؛ لِأَنَّ الْعَوْلَ ثَلَاثَةٌ يُؤْخَذُ نِصْفُهَا وَذَلِكَ نِسْبَةُ حَالَةِ الْعَوْلِ إلَى حَالَتَيْ الْمَسْأَلَةِ.
(السَّادِسُ) مِثْلُ الْخَامِسِ إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ فِي الْغَرَّاءِ: إنَّمَا يَضُمُّ الْجَدُّ إلَى سِهَامِ الْأُخْتِ نِصْفَ سِهَامِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: إنَّمَا أَضُمُّ جُمْلَةَ سِهَامِي إلَى جُمْلَةِ سِهَامِك وَأَنْتِ لَمْ تَسْتَوْفِي جُمْلَةَ سِهَامِك.
(السَّابِعُ) أَنَّ الْمَالَ يُقْسَمُ عَلَى أَقَلَّ مَا يَدَّعِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ إلَّا أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِمَا إذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى سُقُوطِ أَحَدٍ مِنْ الطَّالِبِينَ.
(الثَّامِنُ) مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ الْخُنْثَى وَغَيْرِهِ أَقَلَّ مَا يَسْتَحِقُّهُ وَمَنْ سَقَطَ فِي بَعْضِ التَّقَادِيرِ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا وَيُوقَفُ فِي الْمَشْكُوكِ فِيهِ كَمَا فِي الْمَفْقُودِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ أَوْ يَصْطَلِحُوا عَلَى شَيْءٍ.
(التَّاسِعُ) مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُعْطِي الْخُنْثَى أَقَلَّ مَا يَجِبُ لَهُ، وَيُعْطِي غَيْرَهُ أَكْثَرَ مَا يَجِبُ لَهُ وَلَا إيقَافَ.
(الْعَاشِرُ) مِثْلُ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّ الْأَحْوَالَ لَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمُشْكِلِينَ، بَلْ يُقْتَصَرُ عَلَى حَالَيْنِ فَقَطْ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ مِثْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ (الْحَادِيَ عَشَرَ) أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ، وَأَنَّهُ لَا يَرِثُ شَيْئًا وَهَذَا الْقَوْلُ نَقَلَهُ الْغَزَالِيُّ وَحَكَى ابْنُ حَزْمٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى خِلَافِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(التَّاسِعُ) مِنْ أَوْجُهِ الْكَلَامِ عَلَى الْخُنْثَى، هَلْ هَذَا الْمِيرَاثُ الْمَجْعُولُ لَهُ مِيرَاثًا ثَالِثًا مَشْرُوعٌ مُغَايِرٌ لِمِيرَاثِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى أَمْ لَا مِيرَاثَ فِي الشَّرْعِ سِوَى أَحَدِ الْمِيرَاثَيْنِ لَكِنْ لَمَّا تَعَذَّرَ عَلَيْنَا مَعْرِفَةُ حَالِهِ تَوَسَّطْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ الْعُقْبَانِيُّ هَذَا يَنْبَنِي أَنَّهُ خَلْقٌ ثَالِثٌ وَلَيْسَ هُوَ أَحَدُ النَّوْعَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ جَمَاهِيرَهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ خَلْقًا ثَالِثًا فَلَيْسَ لَهُ مِيرَاثٌ ثَالِثٌ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ الْجَوَابُ عَمَّا اعْتَرَضَ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى الْفَرْضِيِّينَ بِأَنَّهُمْ بَيَّنُوا فِي أَوَّلِ كُتُبِهِمْ مَقَادِيرَ الْمَوَارِيثِ مِنْ فَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَلَمْ يُبَيِّنُوا مِقْدَارَ مِيرَاثِ الْخُنْثَى إلَّا فِي آخِرِ كُتُبِهِمْ، (وَالْجَوَابُ) أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِيرَاثٌ ثَالِثٌ فَيُبَيَّنُ.
(الْعَاشِرُ) فِي السَّبَبِ الَّذِي يُتَصَوَّرُ أَنْ يَرِثَ بِهِ الْخُنْثَى فَإِنَّ أَسْبَابَ الْإِرْثِ ثَلَاثَةٌ: نَسَبٌ وَنِكَاحٌ وَوَلَاءٌ فَأَمَّا مِيرَاثُهُ بِالنَّسَبِ فَسَيَأْتِي فِي الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِ الْوَلَدِ، وَالْإِخْوَةِ وَالْعَصَبَاتِ وَلَا يَتَأَتَّى فِي الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ لِمَنْعِ نِكَاحِهِ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَلَا يَكُونُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ زَوْجًا لَا زَوْجَةً وَلَا أَبًا وَلَا أُمًّا وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ قَدْ وُجِدَ مَنْ وُلِدَ لَهُ مِنْ بَطْنِهِ وَظَهْرِهِ فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ وَرِثَ مِنْ ابْنِهِ لِصُلْبِهِ مِيرَاثَ الْأَبِ كَامِلًا، وَمِنْ ابْنِهِ لِبَطْنِهِ مِيرَاثَ الْأُمِّ كَامِلًا وَهُوَ بَعِيدٌ انْتَهَى. غَيْرَ أَنَّ الْإِخْوَةَ إنْ كَانَتْ مِنْ الْأُمِّ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا اخْتِلَافٌ فِي التَّقْدِيرِ؛ لِأَنَّ مِيرَاثَ الْإِخْوَةِ لِأُمٍّ لَا يَخْتَلِفُ بِالذُّكُورِيَّةِ وَالْأُنُوثَةِ وَكَذَلِكَ الْأَخَوَاتُ مَعَ الْبَنَاتِ فَإِنَّهُنَّ عَصَبَاتٌ، وَسَيَأْتِي فِي أَثْنَاءِ شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ بَالَ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ كَانَ أَكْثَرَ أَوْ أَسْبَقَ مَزِيدُ بَيَانٍ فِيمَا إذَا وُلِدَ لِلْخُنْثَى مِنْ ظَهْرِهِ وَبَطْنِهِ، وَأَمَّا مِيرَاثُهُ بِالنِّكَاحِ فَلَا يَتَأَتَّى إلَّا عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ نِكَاحَهُ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى حُكْمِ نِكَاحِهِ فِي الْوَجْهِ الرَّابِعَ عَشَرَ، وَإِذَا وَرِثَ بِهِ فَلَا يَتَغَيَّرُ مِيرَاثُهُ، وَأَمَّا مِيرَاثُهُ بِالْوَلَاءِ فَيَرِثُ مِنْ الْوَلَاءِ مَا يَرِثُهُ النِّسَاءُ، وَلَا يَخْتَلِفُ مِيرَاثُهُ فِي ذَلِكَ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ، قَالَ الْعُقْبَانِيُّ قَالُوا: وَلَا يَرِثُ غَيْرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ إنَّمَا يُورَثُ بِالتَّعْصِيبِ الْمُسْتَكْمَلِ، وَلَا يَسْتَكْمِلُ الْخُنْثَى تَعْصِيبًا قَالَ (قُلْتُ) : وَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَرِثَ بِالْبُنُوَّةِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ إذَا كَانَ وَحْدَهُ لَا يَرِثُ إلَّا اسْتِكْمَالًا أَوْ نِصْفًا، وَهَكَذَا نَقُولُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ وَفِي هَذَا الْبَحْثِ نَشَأَ الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَهُوَ أَنَّ الْخُنْثَى لَا يَرِثُ.
[فَرْعٌ لِإِنْسَانِ عم خُنْثَى فَوَلَد مِنْ ظهره ذكرا ثُمَّ مَاتَ الْخُنْثَى ثُمَّ ابْن أخيه فَهَلْ يَرِث مِنْهُ ابْن الْخُنْثَى جَمِيع الْمَال]
(فَرْعٌ) قَالَ الْعُقْبَانِيُّ: وَانْظُرْ لَوْ كَانَ لِإِنْسَانٍ عَمٌّ خُنْثَى، فَوَلَدَ مِنْ ظَهْرِهِ ذَكَرًا، ثُمَّ مَاتَ الْخُنْثَى، ثُمَّ ابْنُ أَخِيهِ فَهَلْ يَرِثُ مِنْهُ ابْنُ الْخُنْثَى جَمِيعَ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ ابْنُ عَمٍّ أَمْ لَا يَرِثُ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَرِثُ أَبُوهُ الَّذِي يُدْلِي بِهِ أَوْ يُقَالُ: إنَّ أَبَاهُ لَمَّا وَلَدَ مِنْ ظَهْرِهِ تَعَيَّنَ لِلذُّكُورَةِ، فَزَالَ عَنْهُ الْإِشْكَالُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ أَيْضًا مِنْ بَطْنِهِ انْتَهَى.
وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَاللَّخْمِيُّ وَالْمُتَيْطِيُّ الْكَلَامَ عَلَى الْخُنْثَى فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فَاعْلَمْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْحَادِيَ عَشَرَ) فِي كَيْفِيَّةِ الْعَمَلِ فِي مَسَائِلِ الْخُنْثَى وَلْنَذْكُرْ هُنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ قَالَ
- رحمه الله " وَلِلْخُنْثَى الْمُشْكِلِ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ، وَأُنْثَى يَعْنِي أَنَّ الْخُنْثَى إذَا كَانَ وَاضِحًا فَمِيرَاثُهُ كَمِيرَاثِ الصِّنْفِ الَّذِي اُلْتُحِقَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا فَلَهُ نِصْفُ نَصِيبِ ذَكَرٍ وَنِصْفُ نَصِيبِ أُنْثَى، ثُمَّ ذَكَرَ كَيْفِيَّةَ الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: تُصَحَّحُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى التَّقْدِيرَاتِ يَعْنِي أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ خُنْثَى وَاحِدٌ فَتُصَحَّحُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ ذَكَرٌ، ثُمَّ تُصَحِّحُهَا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ أُنْثَى، وَلَيْسَ فِي هَذَا إلَّا تَقْدِيرَانِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا خُنْثَيَانِ فَتَصْحِيحُهَا عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِمَا ذَكَرَيْنِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِمَا أُنْثَيَيْنِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ أَحَدِهِمَا ذَكَرًا، وَالْآخَرِ أُنْثَى، وَعَلَى عَكْسِهِ فَتَجِيءُ أَرْبَعُ تَقْدِيرَاتٍ، وَلَا يَلْزَمُ أَنَّ الثَّالِثَ وَالرَّابِعَ سَوَاءٌ، بَلْ قَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ، وَقَدْ يَخْتَلِفُ كَمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَخًا وَالْآخَرُ ابْنًا، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ خَنَاثَى فَيَأْتِي فِيهَا ثَمَانِ تَقْدِيرَاتٍ، وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً فَسِتَّةَ عَشَرَ تَقْدِيرًا، وَهَكَذَا فَتُصَحَّحُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ مَسْأَلَتُهُ قَالَ الْمُصَنِّف، ثُمَّ تَضْرِبُ الْوَفْقَ أَوْ الْكُلَّ يَعْنِي، ثُمَّ تَضْرِبُ وَفْقَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ إنْ تَوَافَقَا أَوْ تَضْرِبُ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ إنْ تَبَايَنَا وَسَكَتَ عَنْ التَّمَاثُلِ وَالتَّدَاخُلِ لِوُضُوحِ ذَلِكَ
وَالْمَعْنَى أَنَّك تُحَصِّلُ أَقَلَّ عَدَدٍ يَنْقَسِمُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ فِي ذَلِكَ طَرِيقَيْنِ أَسْهَلُهُمَا أَنْ تَنْظُرَ بَيْنَ اثْنَيْنِ مِنْهُمَا فَتَكْتَفِيَ بِأَحَدِهِمَا إنْ تَمَاثَلَا وَبِأَكْثَرِهِمَا إنْ تَدَاخَلَا، وَبِالْحَاصِلِ مِنْ ضَرْبِ وَفْقِ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ إنْ تَوَافَقَا أَوْ ضَرْبِ كُلِّهِ فِي كُلِّ الْآخَرِ إنْ تَبَايَنَا، ثُمَّ تَنْظُرُ بَيْنَ الْحَاصِلِ، وَالثَّالِثِ وَهَكَذَا، ثُمَّ قَالَ، ثُمَّ فِي حَالَيْ الْخُنْثَى يَعْنِي إذَا حَصَلَتْ أَقَلَّ عَدَدٍ يَنْقَسِمُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْخُنْثَى أَوْ عَلَى مَسَائِلِهِ فَاضْرِبْ ذَلِكَ الْعَدَدَ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى يُرِيدُ إذَا كَانَ وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ اثْنَيْنِ فَفِي أَحْوَالِهِمَا وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ، وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَفِي أَحْوَالِهِمْ وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ، ثُمَّ تَقْسِمُ الْعَدَدَ الْحَاصِلَ عَلَى كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْخُنْثَى وَالْخَنَاثَى، وَيُجْمَعُ لِكُلِّ وَارِثٍ مَا يَخْرُجُ لَهُ فِي كُلِّ قِسْمَةٍ فَمَا اجْتَمَعَ بِيَدِ كُلِّ وَارِثٍ مِنْ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا أُخِذَتْ مِنْهُ جُزْءًا بِنِسْبَةِ الْوَاحِدِ إلَى حَالَةِ الْخُنْثَى أَوْ الْخَنَاثَى فَإِنْ كَانَ الْخُنْثَى وَاحِدًا فَلَيْسَ إلَّا حَالَانِ وَنِسْبَةُ الْوَاحِدِ إلَيْهِمَا النِّصْفُ فَيَأْخُذُ نِصْفَ مَا اجْتَمَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ الْخُنْثَى اثْنَيْنِ فَالْأَحْوَالُ أَرْبَعَةٌ، وَنِسْبَةُ الْوَاحِدِ إلَيْهَا رُبْعٌ فَيَأْخُذُ لِكُلِّ وَارِثٍ رُبْعَ مَا اجْتَمَعَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْخُنْثَى ثَلَاثَةً، فَالْأَحْوَالُ ثَمَانِيَةٌ وَنِسْبَةُ الْوَاحِدِ إلَيْهَا الثُّمُنُ فَيُعْطِي لِكُلِّ وَاحِدٍ ثُمُنَ مَا اجْتَمَعَ لَهُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ.
ص (وَتَأْخُذُ مِنْ كُلِّ نَصِيبٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ النِّصْفَ)
ش: فَقَوْلُهُ: مِنْ الِاثْنَيْنِ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ كُلِّ نَصِيبٍ، وَنَصِيبٍ: مَجْرُورٌ بِإِضَافَةِ " كُلِّ " إلَيْهِ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ يُبَيِّنُهُ مَا بَعْدُهُ تَقْدِيرُهُ كُلٌّ مِنْ كُلِّ نَصِيبٍ بِنِسْبَةِ الْوَاحِدِ إلَى عَدَدِ أَحْوَالِ الْخُنْثَى فَمِنْ الِاثْنَيْنِ النِّصْفُ وَهَكَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ
الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: " فَيَأْخُذُ مِنْ كُلِّ نَصِيبٍ " إلَى آخِرِهِ مَا ذَكَرْنَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ إذَا قَسَمْت الْعَدَدَ الْحَاصِلَ مِنْ ضَرْبِ الْجَامِعَةِ فِي أَحْوَالِ الْخُنْثَى عَلَى كُلِّ مَسْأَلَةٍ فَمَا خَرَجَ لِكُلِّ وَارِثٍ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ تَأْخُذُ مِنْهُ بِنِسْبَةِ الْوَاحِدِ إلَى أَحْوَالِ الْخُنْثَى، ثُمَّ مَثَّلَ رحمه الله لِذَلِكَ بِمِثَالَيْنِ أَحَدُهُمَا فِيهِ خُنْثَى وَاحِدٌ، وَالْآخَرُ فِيهِ خُنْثَيَانِ، فَفِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ: إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ ابْنٌ ذَكَرٌ سَوِيٌّ، وَخُنْثَى فَتَقْدِيرُ كَوْنِ الْخُنْثَى ذَكَرًا تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْنِ وَبِتَقْدِيرِهِ أُنْثَى تَكُونُ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَأَقَلُّ عَدَدٍ يَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا سِتَّةٌ لِتَبَايُنِهِمَا فَتَضْرِبُ الِاثْنَيْنِ فِيهَا، أَيْ فِي الثَّلَاثَةِ لِتَبَايُنِهِمَا تَحْصُلُ سِتَّةٌ وَالْخُنْثَى مُتَّحِدٌ فَلَهُ حَالَتَانِ فَقَطْ فَتَضْرِبُ السِّتَّةَ فِي اثْنَيْنِ يَحْصُلُ اثْنَا عَشَرَ تَقْسِمُهَا عَلَى مَسْأَلَةِ التَّذْكِيرِ يَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتَّةٌ، وَعَلَى مَسْأَلَةِ التَّأْنِيثِ يَحْصُلُ لِلذَّكَرِ السَّوِيِّ ثَمَانِيَةٌ، وَلِلْخُنْثَى أَرْبَعَةٌ فَتَجْمَعُ مَا حَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَيَجْتَمِعُ لِابْنِ الْبِنْتِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَلِلْخُنْثَى عَشْرَةٌ وَنِسْبَةُ الْوَاحِدِ إلَى أَحْوَالِ الْخُنْثَى النِّصْفُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي مَسْأَلَتِنَا إلَّا حَالَتَانِ فَيُعْطِي لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ مَا اجْتَمَعَ لَهُ، فَيَكُونُ لِابْنِ الْبِنْتِ سَبْعَةٌ وَلِلْخُنْثَى خَمْسَةٌ وَمَجْمُوعُهُمَا اثْنَا عَشَرَ، وَإِنْ شِئْت فَخُذْ مِنْ النِّسْبَةِ الْخَارِجَةِ مِنْ قِسْمَةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ عَلَى مَسْأَلَةِ التَّذْكِيرِ نِصْفَهَا وَهُوَ ثَلَاثَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ الْبِنْتُ، وَالْخُنْثَى وَمَنْ الثَّمَانِيَةِ الْحَاصِلَةِ لِلِابْنِ السَّوِيِّ الْخَارِجَةِ مِنْ قِسْمَةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ عَلَى مَسْأَلَةِ التَّأْنِيثِ نِصْفُهَا، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ، وَضُمَّهُ لِلثَّلَاثَةِ الَّتِي حَصَلَتْ لَهُ فِي مَسْأَلَةِ التَّذْكِيرِ يَكُونُ الْمَجْمُوعُ سَبْعَةً وَخُذْ نِصْفَ الْأَرْبَعَةِ الْحَاصِلَةِ لِلْخُنْثَى فِي مَسْأَلَةِ التَّأْنِيثِ، وَهُوَ اثْنَانِ، وَضُمَّهُ لِلثَّلَاثَةِ الْحَاصِلَةِ لَهُ فِي مَسْأَلَةِ التَّذْكِيرِ يَكُونُ الْمَجْمُوعُ خَمْسَةً كَمَا تَقَدَّمَ.
وَالْمِثَالُ الثَّانِي: إذَا تَرَكَ الْمَيِّتُ وَلَدَيْنِ خُنْثَيَيْنِ وَعَاصِبًا فَلَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةِ مَسَائِلَ: مَسْأَلَةُ تَذْكِيرِهِمَا مِنْ اثْنَيْنِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَاصِبِ، وَمَسْأَلَةُ تَأْنِيثِهِمَا مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ تَذْكِيرِ أَحَدِهِمَا وَتَأْنِيثِ الْآخَرِ، وَعَكْسِهِ فَالثَّلَاثُ الْمَسَائِلِ الْأَخِيرَةِ مُتَّفِقَةٌ فَتَكْتَفِي بِأَحَدِهِمَا وَتَضْرِبُهُ فِي مَسْأَلَةِ التَّذْكِيرِ لِتَبَايُنِهِمَا يَحْصُلُ سِتَّةٌ تَضْرِبُهَا فِي أَحْوَالِ الْخَنَاثَى وَهِيَ أَرْبَعَةٌ يَحْصُلُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ تَقْسِمُهَا عَلَى مَسْأَلَةِ التَّذْكِيرِ يَحْصُلُ لِكُلِّ خُنْثَى اثْنَا عَشَرَ وَلَا شَيْءَ لِلْعَاصِبِ، وَعَلَى مَسْأَلَةِ التَّأْنِيثِ يَحْصُلُ لِكُلٍّ مِنْ الْخُنْثَيَيْنِ وَالْعَاصِبِ ثَمَانِيَةٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ تَذْكِيرِ أَحَدِهِمَا وَتَأْنِيثِ الْآخَرِ يَحْصُلُ لِلذَّكَرِ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِلْأُنْثَى ثَمَانِيَةٌ وَلَا شَيْءَ لِلْعَاصِبِ، وَكَذَا عَلَى تَقْدِيرِ عَكْسِهِ فَيَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْخُنْثَيَيْنِ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَلِلْعَاصِبِ ثَمَانِيَةٌ فَقَطْ وَنِسْبَةُ الْوَاحِدِ إلَى أَحْوَالِ الْخَنَاثَى أَرْبَعَةٌ، فَيُؤْخَذُ لِكُلِّ وَارِثٍ رُبْعُ مَا حَصَلَ لَهُ، وَلِكُلٍّ مِنْ الْخُنْثَيَيْنِ رُبْعُ مَا بِيَدِهِ وَهُوَ أَحَدَ عَشَرَ، رُبْعُ الْأَرْبَعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ، وَلِلْعَاصِبِ {اثْنَانِ} رُبْعُ الثَّمَانِيَةِ، وَإِنْ شِئْت فَخُذْ لِكُلِّ وَاحِدٍ رُبْعَ مَا يَخْرُجُ لَهُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ وَاجْمَعْ ذَلِكَ يَحْصُلُ أَيْضًا أَحَدَ عَشَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْخُنْثَيَيْنِ وَاثْنَانِ لِلْعَاصِبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
هَذَا أَحَدُ طُرُقِ الْعَمَلِ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي شَرْحِ الْحَوفِيِّ لِلْعَمَلِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَرْبَعَ طُرُقٍ وَلِلْعَمَلِ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ طُرُقًا أُخْرَى، وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ هُنَا عَنْ ابْنِ خَرُوفٍ أَنَّهُ اعْتَرَضَ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقِ، وَأَنَّهَا خَطَأٌ وَذَكَرَ طَرِيقًا أُخْرَى مُخَالِفَةً لِمَا تَقَدَّمَ وَنَاقَشَهُ فِي ذَلِكَ الْعُقْبَانِيُّ، وَقَالَ: إنَّمَا ذِكْرُهُ يَتَفَرَّعُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّرِكَةَ تُقْسَمُ عَلَى الدَّعَاوَى، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِهَذَا الْقَوْلِ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِيَ عَشَرَ) مِنْ أَوْجُهِ الْكَلَامِ عَلَى الْخُنْثَى فِي الْعَلَامَاتِ الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى ذُكُورِيَّتِهِ وَأُنُوثِيَّتِهِ، وَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ هَذَا الْوَجْهِ كَمَا فَعَلَ غَالِبُ الْفَرْضِيِّينَ لَكِنْ تَبِعْنَا الْمُصَنِّفُ فِي تَأْخِيرِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، فَأَوَّلُ الْعَلَامَاتُ الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى ذَلِكَ: الْبَوْلُ قَالَ الْعُقْبَانِيُّ فَفِي النَّسَائِيّ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ «يُوَرَّثُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ» لَكِنَّهُ ضَعِيفُ السَّنَدِ، قَالَ الْعُقْبَانِيُّ نَعَمْ وَضَعِيفُ
الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى تَوْرِيثِهِ لَا فِي الْإِرْثِ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَفْظُ يُوَرَّثُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ لَا بِسُكُونِ الْوَاوِ، وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ فَيَسْتَقِيمَ حِينَئِذٍ الْمَتْنُ انْتَهَى.
(قُلْت) وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ كَذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُحْكَمُ فِي الْخُنْثَى بِمَخْرَجِ الْبَوْلِ فِي نِكَاحِهِ وَمِيرَاثِهِ، وَشَهَادَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَمَا اجْتَرَأْنَا عَلَى سُؤَالِ مَالِكٍ عَنْهُ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ وَمَنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: " الْحُكْمُ فِي الْخُنْثَى بِمَخْرَجِ الْبَوْلِ فَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ ذَكَرِهِ فَهُوَ رَجُلٌ، وَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ فَرْجِهِ فَهُوَ جَارِيَةٌ؛ لِأَنَّ النَّسْلَ مِنْ الْمَبَالِ، وَفِيهِ الْوَطْءُ فَيَكُونُ مِيرَاثُهُ، وَشَهَادَتُهُ وَكُلُّ أَمْرِهِ عَلَى ذَلِكَ وَمَا اجْتَرَأْنَا عَلَى سُؤَالِ مَالِكٍ عَنْهُ انْتَهَى.
وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ نَحْوَهُ، ثُمَّ قَالَ قَوْلَهُ الْمُرَاعَى مَا يَكُونُ مِنْهُ الْوَلَدُ صَحِيحٌ، وَقَوْلُهُ: إنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ مَخْرَجِ الْبَوْلِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ مَخْرَجَهُ غَيْرُ مَخْرَجِ الْحَيْضِ الَّذِي هُوَ مَخْرَجُ الْوَلَدِ وَمَحَلُّ الْوَطْءِ انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَبِلَهُ، وَقَالَ الْعُقْبَانِيُّ: عِنْدِي أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ هَذِهِ الْمُضَايَقَةُ، وَإِنَّمَا قَصَدَ أَنَّ الْبَوْلَ إذَا خَرَجَ مِنْ الذَّكَرِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَنِيَّ يَخْرُجُ مِنْ الذَّكَرِ، وَأَنَّ الْفَرْجَ الْآخَرُ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ مَنِيٌّ وَلَا وَلَدٌ، وَأَنَّ الْبَوْلَ إذَا خَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ مَحَلُّ الْوَطْءِ، وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ بِالذَّكَرِ فَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُهُ انْتَهَى.
فَإِنْ بَالَ مِنْ أَحَدِ الْفَرْجَيْنِ فَقَطْ حُكِمَ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْفَرْجِ، قَالَ الْعُقْبَانِيُّ: وَيُسْتَدَلُّ بِالْبَوْلِ قَبْلَ غَيْرِهِ لِعُمُومِ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَلِدَوَامِ وُجُودِهِ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى عَوْرَتِهِ نَظَرَ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فَقِيلَ: يُنْظَرُ فِي الْمِرْآةِ، وَقِيلَ: يَبُولُ عَلَى حَائِطٍ أَوْ مُتَوَجِّهًا إلَى حَائِطٍ قَرِيبٍ فَيُسْتَدَلُّ بِانْدِفَاعِ الْبَوْلِ عَلَى الْحَائِطِ أَوْ إلَى الْحَائِطِ عَلَى الذُّكُورَةِ، وَبِخِلَافِ ذَلِكَ عَلَى الْأُنُوثَةِ فَلَوْ بَالَ مِنْ الْمَحَلَّيْنِ اُعْتُبِرَ الْأَكْثَرُ، وَالْأَسْبَقُ، وَأَنْكَرَ الشَّافِعِيُّ اعْتِبَارَ الْأَكْثَرِ، وَرَآهُ مُتَعَذَّرًا، وَقَالَ أَيُكَالُ الْبَوْلُ أَوْ يُوزَنُ؟ ، وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا الْأَكْثَرَ، وَالْآخَرُ الْأَسْبَقَ انْتَهَى.
وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ.
ص (فَإِنْ بَالَ مِنْ وَاحِدٍ وَكَانَ أَكْثَرَ أَوْ أَسْبَقَ)
ش: أَيْ فَلَا إشْكَالَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَلَامِ الْعُقْبَانِيِّ تَقْدِيمُ اعْتِبَارِ الْكَثْرَةِ عَلَى السَّبْقِ، وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْجَوَاهِرِ الْآتِي وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ وَقَبِلَهُ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا فَمِنْ حَيْثُ سَبَقَ فَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا فَمِنْ حَيْثُ يَخْرُجُ الْأَكْثَرُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَسْبَقَ، وَلَا أَكْثَرَ، وَكَانَتْ لَهُ لِحْيَةٌ كَانَ عَلَى حُكْمِ الْغُلَامِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ لِحْيَةٌ، وَكَانَ لَهُ ثَدْيٌ فَعَلَى حُكْمِ الْمَرْأَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا أَوْ كَانَا كَانَ لَهُ نِصْفُ مِيرَاثِ ذَكَرٍ وَنِصْفُ مِيرَاثِ أُنْثَى، وَلَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحٌ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَمِنْ أَيِّهِمَا سَبَقَ قَالَ أَيُّوبُ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُمَا مَعًا، فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَبَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ يُنْظَرُ مِنْ أَيِّهِمَا خَرَجَ أَكْثَرُ فَيَكُونُ الْحُكْمُ، قَالَ شَيْخُنَا عَتِيقٌ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الشَّعْبِيُّ، وَقَالَ أَيُكَالُ الْبَوْلُ أَوْ يُوزَنُ؟ ،
وَالْأَوْلَى مَا قَالَتْهُ الْجَمَاعَةُ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ، وَنَقَلَ شَيْخُنَا زَكَرِيَّاءُ فِي شَرْحِ الْفُصُولِ عَنْ الْقَاضِي أَظُنُّهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ قَالَ: أَسْكَتَ أَبُو حَنِيفَةَ أَبَا يُوسُفَ فِي الْخُنْثَى فَإِنَّهُ سَأَلَ أَبَا حَنِيفَةَ بِمَ تَحْكُمُ فِي الْخُنْثَى؟ فَقَالَ بِالْبَوْلِ، فَقَالَ أَرَأَيْت لَوْ كَانَ يَبُولُ بِهِمَا، فَقَالَ: لَا أَدْرِي، فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَكِنِّي أَدْرِي أَحْكُمُ بِأَسْبَقِهِمَا فَقَالَ: أَرَأَيْت لَوْ اسْتَوَيَا فِي الْخُرُوجِ فَقَالَ: أَحْكُمُ بِالْكَثْرَةِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَيُكَالُ أَمْ يُوزَنُ، فَسَكَتَ أَبُو يُوسُفَ انْتَهَى.
وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ يُحْكَمُ بِالْمُتَأَخِّرِ إذَا اسْتَوَيَا فِي الْخُرُوجِ، وَأَمَّا إذَا سَبَقَ أَحَدُهُمَا، فَالْحُكْمُ لَهُ وَلَوْ تَأَخَّرَ الْآخَرُ، وَلَوْ بَالَ مِنْ أَحَدِهِمَا مَرَّةٌ، وَمَنْ الْآخَرِ أُخْرَى أَوْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا تَارَةً، وَالْآخَرُ أُخْرَى فَالْعِبْرَةُ بِالْأَكْثَرِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَمُشْكِلٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ فِي الْبَوْلِ أَمْرٌ أُمْهِلَ إلَى الْبُلُوغِ فَإِنْ أَمْنَى مِنْ أَحَدِ الْفَرْجَيْنِ فَوَاضِحٌ أَوْ حَصَلَ حَيْضٌ أَوْ حَمْلٌ أَوْ نَبَتَتْ لَهُ لِحْيَةٌ أَوْ ثَدْيٌ
حُكِمَ لَهُ بِمَا يَقْتَضِيهِ قَالَ الْعُقْبَانِيُّ: وَلَا شَكَّ أَنَّ أَقْوَى ذَلِكَ الْوِلَادَةُ فَإِنْ حَصَلَ وِلَادَةٌ مِنْ الْبَطْنِ قُطِعَ بِالْأُنُوثَةِ أَوْ مِنْ الظَّهْرِ قُطِعَ بِالذُّكُورَةِ إلَّا أَنَّهَا لَا يَكَادُ يُقْطَعُ بِهَا وَقِيلَ إنَّهَا نَزَلَتْ بِعَلِيٍّ رضي الله عنه وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ بِابْنَةِ عَمِّهِ، وَكَانَتْ خُنْثَى فَوَقَعَتْ عَلَى جَارِيَةٍ لَهَا فَأَحْبَلَتْهَا فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: هَلْ أَصَبْتَهَا بَعْدَ إحْبَالِ الْجَارِيَةِ قَالَ؟ نَعَمْ، قَالَ: عَلِيٌّ: إنَّكَ لَأَجْرَأُ مِنْ خَاصِي الْأَسَدِ فَأَمَرَ عَلِيٌّ بِعَدِّ أَضْلَاعِ الْخُنْثَى فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ فَزَيَّاهُ بِزِيِّ الرِّجَالِ.
وَانْظُرْ لَوْ وَقَعَ مِثْلَ هَذَا فَإِنْ وَقَعَتْ الْوِلَادَةُ مِنْ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ فَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّ الْحُكْمَ لِوِلَادَةِ الْبَطْنِ؛ لِأَنَّهَا قَطْعِيَّةٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ قَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ أَنَّهُ رَأَى بِالْعِرَاقِ خُنْثَى وُلِدَ لَهُ مِنْ صُلْبِهِ، وَبَطْنِهِ قَالَ الْعُقْبَانِيُّ وَانْظُرْ أَيَّ نَسَبٍ بَيْنَ الْمَوْلُودَيْنِ وَهَلْ بَيْنَهُمَا تَوَارُثٌ وَالظَّاهِرُ لَا نَسَبَ بَيْنَهُمَا وَلَا مِيرَاثَ وَفِي جَوَازِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى نَظَرٌ انْتَهَى.
(قُلْت) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَقَعَتْ الْوِلَادَةُ مِنْ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ فَالظَّاهِرُ عِنْدَهُ أَنَّ الْحُكْمَ لِوِلَادَةِ الْبَطْنِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى كَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ فِي الْوَجْهِ الْعَاشِرِ مِنْ أَنَّهُ يَرِثُ مِنْ ابْنِهِ لِصُلْبِهِ مِيرَاثَ الْأَبِ كَامِلًا، وَمِنْ ابْنِهِ لِبَطْنِهِ مِيرَاثَ الْأُمِّ كَامِلًا، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُكْمِ بَيْنَ الْمَوْلُودَيْنِ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ قَاسِمٍ وَرَأَيْت لِمَالِكٍ فِي بَعْضِ التَّعَالِيقِ أَنَّ مِثْلَ هَذَيْنِ لَا يَتَوَارَثَانِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَجْتَمِعَا فِي ظَهْرٍ وَلَا بَطْنٍ فَلَيْسَا أَخَوَيْنِ لِأَبٍ وَلَا أُمٍّ انْتَهَى.
(قُلْت) وَأَطْلَقَ الْفَاكِهَانِيُّ عَلَيْهِمَا لَفْظَ الْإِخْوَةِ وَنَظَرَ فِيمَا إذَا مَلَكَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ هَلْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ وَنَصُّهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ: " وَمَنْ مَالِكِ أَبَوَيْهِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ إذَا وُلِدَ لَهُ مِنْ ظَهْرِهِ وَبَطْنِهِ فَمَلَكَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ أَخَاهُ فَهَلْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا فَلْيُنْظَرْ انْتَهَى. فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا نَسَبَ بَيْنَهُمَا وَلَا تَوَارَثَ وَلَا أُخُوَّةَ لِأَبٍ، وَلَا لِأُمٍّ فَلَا يُعْتَقُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي الْجَوَاهِرِ إذَا كَانَ ذَا فَرْجَيْنِ فَيُعْطِي الْحُكْمَ لِمَا بَالَ مِنْهُ فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا اُعْتُبِرَتْ الْكَثْرَةُ مِنْ أَيِّهِمَا فَإِنْ اسْتَوَيَا اُعْتُبِرَ السَّبْقُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمَا مَعًا اعْتَبَرْنَا اللِّحْيَةَ وَكِبَرَ الثَّدْيَيْنِ، وَمُشَابَهَتَهُمَا لِثَدْيِ النِّسَاءِ فَإِنْ اجْتَمَعَ الْأَمْرَانِ اُعْتُبِرَ الْحَالُ عِنْدَ الْبُلُوغِ فَإِنْ وُجِدَ الْحَيْضُ حُكِمَ بِهِ، وَإِنْ وُجِدَ الِاحْتِلَامُ حُكِمَ بِهِ، وَإِنْ اجْتَمَعَا فَمُشْكِلٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرْجُ النِّسَاءِ وَلَا الرِّجَالِ، وَإِنَّمَا لَهُ مَكَانٌ يَبُولُ مِنْهُ اُنْتُظِرَ بُلُوغُهُ فَإِنْ ظَهَرَتْ عَلَامَةُ تَمْيِيزٍ وَإِلَّا فَمُشْكِلٌ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: وَإِذَا انْتَهَى الْإِشْكَالُ عُدَّتْ الْأَضْلَاعُ فَلِلرِّجَالِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ضِلْعًا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ، وَمِنْ الْأَيْسَرِ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَلِلْمَرْأَةِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ؛ لِأَنَّ حَوَّاءَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ مِنْ أَضْلَاعِ آدَمَ الْأَيْسَرِ فَبَقِيَ الذَّكَرُ نَاقِصًا ضِلْعًا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ قَضَى بِهِ عَلِيٌّ رضي الله عنه انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْأَسْبَقِ وَالْأَكْثَرِ: فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا جَمِيعًا مُتَكَافِئًا فَمُشْكِلٌ فِي حَدِّ الصِّغَرِ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي كِبَرِهِ وَبُلُوغِهِ فَإِنْ نَبَتَتْ لَهُ لِحْيَةٌ وَلَمْ يَنْبُتْ لَهُ ثَدْيٌ فَهُوَ رَجُلٌ؛ لِأَنَّ اللِّحْيَةَ عَلَامَةُ التَّذْكِيرِ، وَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ لِحْيَةٌ وَخَرَجَ ثَدْيٌ فَهُوَ امْرَأَةٌ؛ لِأَنَّ الثَّدْيَ يَدُلُّ عَلَى الرَّحِمِ وَتَرْبِيَةِ الْوَلَدِ فَإِنْ لَمْ يَنْبُتَا أَوْ نَبَتَا جَمِيعًا نُظِرَ فَإِنْ حَاضَتْ فَهِيَ امْرَأَةٌ، وَإِنْ احْتَلَمَ فَهُوَ ذَكَرٌ فَإِنْ حَاضَ وَاحْتَلَمَ أَوْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَمُشْكِلٌ عِنْدَ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْخُنْثَى إلَّا عَلَى قَوْلَةٍ شَاذَّةٍ ذَهَبَ إلَيْهَا بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى عَدَدِ أَضْلَاعِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ وَزَادَ إنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ أَلْقَى عَلَيْهِ النَّوْمَ فَاسْتَلَّ مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرَ ضِلْعًا خَلَقَ مِنْهُ حَوَّاءَ، ثُمَّ قَالَ، وَعِنْدَ هَذَا الْقَائِلِ لَا يَكُونُ مُشْكِلًا فِي صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ قَالَ أَيُّوبُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَتَبِعَهُ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ وَالْجَمَاعَةُ عَلَى خِلَافِهِمَا انْتَهَى.
وَذَكَرَ الْعُقْبَانِيُّ قَوْلَ مَنْ يَعُدُّ الْأَضْلَاعَ، وَقَالَ: إنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: أَضْلَاعُ الرَّجُلِ سِتَّةَ عَشَرَ، وَأَضْلَاعُ الْمَرْأَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: أَضْلَاعُ الرَّجُلِ سَبْعَةَ عَشَرَ وَأَضْلَاعُ الْمَرْأَةِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَضْلَاعَ الرَّجُلِ تُسَاوِي أَضْلَاعَ الْمَرْأَةِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَاخْتَلَفُوا مِنْ أَيِّ جَانِبِ الزِّيَادَةِ وَاَلَّذِينَ قَالُوا: إنَّ الْمَرْأَةَ تَزِيدُ بِضِلْعٍ اعْتَمَدُوا فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ وَرَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ حَوَّاءَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ مِنْ أَضْلَاعِ آدَمَ وَهِيَ الْقُصْرَى اُسْتُلَّتْ مِنْهُ، وَهُوَ نَائِمٌ وَأُيِّدَ هَذَا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ عليه السلام «إنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ أَعْوَجَ» الْحَدِيثُ، وَفِي إثْبَاتِ الْأَحْكَامِ يُمَثِّلُ هَذَا ضَعْفٌ وَالْعِيَانُ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، فَقَدْ أَطْبَقَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ التَّشْرِيحِ عَلَى أَنَّهُمْ عَايَنُوا أَضْلَاعَ الصِّنْفَيْنِ مُتَسَاوِيَةَ الْعَدَدِ انْتَهَى.
وَالضِّلَعُ: بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ، وَتَسْكِينِ اللَّامِ جَائِزٌ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ وَقَوْلُ عَلِيٍّ رضي الله عنه " أَجْرَأُ مِنْ خَاصِي الْأَسَدِ " فَأَجْرَأُ بِالْهَمْزِ مِنْ الْجُرْأَةِ وَهِيَ الشُّجَاعَةُ، " وَخَاصِي الْأَسَدِ " بِلَا هَمْزٍ مِنْ خَصَى يَخْصِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَمْ يَعْتَبِرْ الشَّافِعِيَّةُ الْأَضْلَاعَ وَلَا اللِّحْيَةَ وَلَا الثَّدْيَ وَلَا نُزُولَ اللَّبَنِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَهُمْ وَذَكَرُوا لَهُ عَلَامَةً أُخْرَى، وَهِيَ مَيْلُهُ إلَى أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ، وَقَالُوا إنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ.
(الثَّالِثَ عَشَرَ) إذَا حُكِمَ لَهُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ بِعَلَامَةٍ، ثُمَّ حَدَثَتْ عَلَامَةٌ أُخْرَى قَالَ الْعُقْبَانِيُّ: لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى شَيْءٍ إلَّا مَا رَأَيْتُهُ لِبَعْضِ أَشْيَاخِي، وَنَصُّهُ: " إنْ حُكِمَ لَهُ بِأَنَّهُ ذَكَرٌ بِعَلَامَاتٍ، ثُمَّ جَاءَتْ عَلَامَاتٌ أُخْرَى تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ يَنْتَقِلْ عَمَّا حُكِمَ بِهِ أَوَّلًا كَأَنْ يَكُونَ يَبُولُ مِنْ الذَّكَرِ، ثُمَّ جَاءَ الْحَيْضُ أَوْ كَانَ يَبُولُ مِنْ الْفَرْجِ، ثُمَّ جَاءَتْ اللِّحْيَةُ قَالَ الشَّيْخُ كَذَا كَانَ الشَّيْخُ يَقُولُ انْتَهَى.
وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَتْ عَلَامَةُ مَيْلِهِ إلَى جِهَةِ الرِّجَالِ وَقُبِلَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ ظَهَرَتْ عَلَامَةٌ أُخْرَى غَيْرُ الْوِلَادَةِ لَمْ يَبْطُلْ قَوْلُهُ وَتَقْيِيدُهُمْ بِغَيْرِ الْوِلَادَةِ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الرَّابِعَ عَشَرَ) فِي حُكْمِ نِكَاحِهِ يَمْتَنِعُ النِّكَاحُ فِي حَقِّهِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي بَابِ النِّكَاحِ عَبْدُ الْحَقِّ لَا يَطَأُ وَلَا يُوطَأُ، وَقِيلَ: يَطَأُ أَمَتَهُ انْتَهَى.
وَفِي التَّوْضِيحِ هُنَا ابْنُ الْقَاسِمِ يَمْتَنِعُ النِّكَاحُ مِنْ الْجِهَتَيْنِ انْتَهَى. وَفِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ إثْرَ مَا تَقَدَّمَ لَهُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحٌ يُرِيدُ لَا يَنْكِحُ وَلَا يُنْكَحُ انْتَهَى.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي أَنْ يَنْكِحَ بِأَحَدِ الْجِهَتَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ لَا يَنْكِحُ وَلَا يُنْكَحُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الشَّافِعِيِّ يَنْكِحُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ، ثُمَّ لَا يَنْتَقِلُ عَمَّا اخْتَارَهُ انْتَهَى. قَالَ الْعُقْبَانِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ: وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ إذَا اخْتَارَ وَاحِدًا وَفَعَلَهُ أَمَّا مُجَرَّدُ الِاخْتِيَارِ دُونَ فِعْلٍ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ اخْتِيَارِ الْعُرْفِ الْآخَرِ، ثُمَّ إنَّهُ بَحَثَ فِي إبَاحَةِ النِّكَاحِ فَانْظُرْهُ وَنَحْوَهُ فِي ابْنِ يُونُسَ.
(الْخَامِسَ عَشَرَ) فِي حُكْمِ شَهَادَتِهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَيَحْكُمُ فِيهِ بِالْأَحْوَطِ فِي صَلَاتِهِ وَاسْتِتَارِهِ وَشَهَادَتِهِ قَالَ الْعُقْبَانِيُّ: سُلُوكُ الْأَحْوَطِ فِي شَهَادَتِهِ أَنْ لَا تُقْبَلَ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ وَيُعَدُّ فِي شَهَادَتِهِ امْرَأَةً.
(السَّادِسَ عَشَرَ) فِي سَهْمِهِ فِي الْجِهَادِ إذَا غَزَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي مُخْتَصَرِ الْحَوفِيِّ: وَسَهْمُهُ فِي الْجِهَادِ رُبْعُ سَهْمٍ وَاسْتُشْكِلَ، وَقَالَ نِصْفٌ، وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِهِ الْفِقْهِيِّ، وَفِي كَوْنِ الْوَاجِبِ لَهُ إنْ غَزَا رُبْعَ سَهْمٍ أَوْ نِصْفَ سَهْمٍ، نَقَلَ الصَّقَلِّيُّ عَنْ الْمَذْهَبِ مَعَ قَوْلِ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مَعَ نَقْلِ الشَّعْبِيِّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
(السَّابِعَ عَشَرَ) فِي حَدِّهِ إذَا زَنَى بِذَكَرِهِ أَوْ فَرْجِهِ أَوْ زُنِيَ بِهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ يَعْنِي أَبَا عِمْرَانَ قِيلَ: إنْ زَنَى بِذَكَرِهِ لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّهُ كَأُصْبُعٍ وَبِفَرْجِهِ يُحَدُّ. الْمُتَيْطِيُّ فِي حَدِّهِ: إنْ وَلَدَ مِنْ فَرْجِهِ قَوْلَا بَعْضِهِمْ وَأَكْثَرِهِمْ لِحَدِيثِ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ، وَنَزَلَتْ بِجَيَّانَ فَاخْتَلَفَ فِيهَا فُقَهَاؤُنَا فَأَفْتَى ابْنُ أَيْمَنَ وَغَيْرُهُ بِنَفْيِ الْحَدِّ وَوَضَعَ الْخُنْثَى ابْنًا وَمَاتَ مِنْ نِفَاسِهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فَيَتَحَصَّلُ فِي حَدِّهِ، ثَالِثُهَا إنْ وَلَدَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَّفَقَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ وِلَادَتَهُ مِنْ فَرْجِهِ دَلِيلٌ عَلَى أُنُوثَتِهِ وَمَفْهُومُ أَقْوَالِهِمْ أَنَّهُ إنْ زَنَى بِذَكَرِهِ لَمْ يُحَدَّ وَرَأَيْت فِي بَعْضِ التَّعَالِيقِ مِثْلَهُ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: وَيُؤَدَّبُ، وَمِثْلُهُ فِي نَوَازِلِ الشَّعْبِيِّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَفِي بَعْضِ التَّعَالِيقِ عَنْ
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مَنْ وَطِئَ خُنْثَى غَصْبًا حُدَّ زَادَ الشَّعْبِيُّ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ (قُلْت) : هَذَا عَلَى قَوْلِ الْأَقَلِّ وَعَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَابْنِ أَيْمَنَ لَا يُحَدُّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إشْكَالُهُ كَصِغَرِ الْأُنْثَى يُحَدُّ وَاطِئُهَا وَلَا تُحَدُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ (قُلْت) الْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ زَنَى بِفَرْجِهِ وَذَكَرِهِ حُدَّ اتِّفَاقًا انْتَهَى.
وَاقْتَصَرَ ابْنُ يُونُسَ وَعَبْدُ الْحَقِّ أَنَّهُ إنْ زَنَى بِذَكَرِهِ لَا يُحَدُّ، وَإِنْ وُطِئَ فِي فَرْجِهِ كَانَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَلَمْ يَحْكِ غَيْرَهُ.
(الثَّامِنَ عَشَرَ) فِي الْكَلَامِ عَلَى قَذْفِهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: حَدُّ قَاذِفِهِ يَجْرِي عَلَى حَدِّهِ.
(التَّاسِعَ عَشَرَ) فِي سَجْنِهِ إذَا سُجِنَ، وَيُسْجَنُ وَحْدَهُ لَا مَعَ الرِّجَالُ وَلَا مَعَ النِّسَاءِ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ بَعْضِ التَّعَالِيقِ.
(الْعِشْرُونَ) فِي إمَامَتِهِ تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ الْجَمَاعَةِ أَنَّ إمَامَتَهُ لَا تَجُوزُ وَتَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ اقْتَدَى بِهِ.
(الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ) فِي مَحَلِّهِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَيَتَأَخَّرُ عَنْ صُفُوفِ الرِّجَالِ وَيَتَقَدَّمُ عَلَى صُفُوفِ النِّسَاءِ وَسَيَأْتِي فِي الثَّانِي، وَالْعِشْرِينَ كَلَامُ ابْنَ عَبْدَ الْحَقِّ وَابْنَ يُونُسَ.
(الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ) فِي اسْتِتَارِهِ فِي الصَّلَاةِ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ يَحْتَاطُ، قَالَ الْعُقْبَانِيُّ فَلْيَسْتَتِرْ سِتْرَ النِّسَاءِ، وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ عَبْدِ الْحَقِّ: وَلَا يُصَلِّي إلَّا مُسْتَتِرًا فِي آخِرِ صُفُوفِ الرِّجَالِ، وَأَوَّلِ صُفُوفِ النِّسَاءِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا: وَلَا يُصَلِّي إلَّا مُسْتَتِرًا فِي آخِرِ الرِّجَالِ وَأَوَّلِ صُفُوفِ النِّسَاءِ.
(الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ) قَالَ الْعُقْبَانِيُّ اُنْظُرْ هَلْ يَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ سِرًّا وَيَسْجُدُ أَوْ يُقَالُ إنَّمَا السُّجُودُ لِلسَّهْوِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْجَهْرِ وَقَدَرَ عَلَى السِّرِّ لَا يَسْجُدُ انْتَهَى.
(الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ) فِي مَسِّ فَرْجِهِ هَلْ يُنْقِضُ وُضُوءَهُ تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ فِي فَصْلِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ أَنَّهُ يُنْقِضُ، وَقَالَ الشَّارِحُ: إنَّهُ مُخَرَّجٌ عَلَى مَنْ أَيْقَنَ بِالْوُضُوءِ، وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ وَالْمَذْهَبُ ذَلِكَ وُجُوبُ الْوُضُوءِ.
(الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ) فِي حُكْمِهِ فِي اللُّبْسِ فِي الْحَجِّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ بَعْضِ التَّعَالِيقِ إنَّهُ يَلْبَسُ مَا تَلْبَسُ الْمَرْأَةُ وَيَفْتَدِي، ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُهُ يَلْبَسُ مَا تَلْبَسُهُ الْمَرْأَةُ ابْتِدَاءً وَالْأَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ سَتْرُهُ، وَفِي غَيْرِهِ لَا يَفْعَلُهُ ابْتِدَاءً فَلَا يَلْبَسُ إلَّا لِحَاجَةٍ انْتَهَى.
وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَقَالَ سَنَدٌ: وَإِذَا لَمْ يَجِدْ يَوْمَ عَرَفَةَ مَرْكُوبًا يَقِفُ عَلَيْهِ لِلدُّعَاءِ دَعَا جَالِسًا كَالْمَرْأَةِ وَلَا يَقِفُ كَالرَّجُلِ انْتَهَى. قَالَهُ فِي بَابِ الْحَجِّ.
(السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ) يَحْتَاطُ فِي الْحَجِّ فَلَا يَحُجُّ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ لَا مَعَ جَمَاعَةِ رِجَالٍ فَقَطْ، وَلَا مَعَ نِسَاءٍ فَقَطْ. ابْنُ عَرَفَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَوَارِيَهُ أَوْ ذَوَاتَ مَحَارِمِهِ انْتَهَى.
(السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ) فِيمَنْ يُغَسِّلُهُ إذَا مَاتَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي النِّكَاحِ فِي بَعْضِ تَعَالِيقِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ ابْنِ أَخِي هِشَامٍ: إنْ مَاتَ اُشْتُرِيَ لَهُ خَادِمٌ تُغَسِّلُهُ انْتَهَى. وَوَجْهُهُ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ ذَكَرًا فَهِيَ أَمَتُهُ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَهُوَ امْرَأَةٌ إلَّا أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِسَتْرِهِ، وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَكِنَّا لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهِ وَهَذَا إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَأَمْكَنَ أَنْ تُشْتَرَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُشْتَرَى لَهُ مِنْهُ جَارِيَةٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُيَمَّمُ انْتَهَى. وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَإِنْ كَانَ مَعَ الْمَيِّتَةِ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا، وَنَصُّهُ: " وَإِنْ مَاتَ الْمُشْكِلُ فَإِنَّهُ يُشْتَرَى لَهُ جَارِيَةٌ مِنْ مَالِهِ تُغَسِّلُهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ اُشْتُرِيَتْ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ هُنَاكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُمِّمَ وَدُفِنَ.
(الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ) فِي مَوْضِعِ نَعْشِهِ فِي صَلَاةِ الْجَنَائِزِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْجَنَائِزِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ) فِي مَحَلِّ وُقُوفِ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقِفُ عِنْدَ مَنْكِبَيْهِ احْتِيَاطًا وَهَذَا عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّلَاثُونَ) فِي دِيَتِهِ قَالَ السُّهَيْلِيُّ: دِيَتُهُ كَإِرْثِهِ، أَيْ نِصْفُ دِيَةِ ذَكَرٍ وَنِصْفُ دِيَةِ أُنْثَى، وَكَذَا قَالَ الْقَلْشَانِيُّ فِي جَوَابِهِ الْمَنْظُومِ فِي مَسَائِلِ الْخُنْثَى، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي نَوَازِلِ الشَّعْبِيِّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قَطْعِ ذَكَرِهِ نِصْفُ دِيَتِهِ وَنِصْفُ حُكُومَتِهِ.
الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ) إذَا ادَّعَى مُشْتَرٍ وَاحِدٍ مِنْ الرَّقِيقِ أَنَّهُ خُنْثَى غَطَّى فَرْجَهُ وَنَظَرَ الرِّجَالُ ذَكَرَهُ وَغَطَّى ذَكَرَهُ وَنَظَرَ النِّسَاءُ فَرْجَهُ.
(الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ) إذَا ادَّعَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ النِّكَاحِ أَنَّهُ خُنْثَى قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: إنَّهُ مِثْلُ مَسْأَلَةِ الرَّقِيقِ، قَالَ وَنَزَلَتْ بِتُونُسَ وَفُسِخَ نِكَاحُهَا وَفِي نَظَرِ الرِّجَالِ لِذَكَرِهِ، وَالنِّسَاءِ لِفَرْجِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِالنَّظَرِ لِلْفَرْجِ فِي عَيْبِ الزَّوْجَيْنِ احْتِمَالٌ لِلْفَرْقِ بِتَحَقُّقِ ذُكُورَةِ الرَّجُلِ.
(الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ) هَلْ يُوجَدُ الْخُنْثَى فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّينَ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الزَّكَاةِ يُقَالُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ خُنْثَى إلَّا فِي الْآدَمِيِّينَ، وَالْإِبِلِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: قُلْت وَقَدْ يَكُونُ فِي الْبَقَرِ وَقَدْ جَاءَنِي جَمَاعَةٌ أَثِقُ بِهِمْ يَوْمَ عَرَفَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ قَالَ إنَّ عِنْدَهُمْ بَقَرَةً خُنْثَى لَيْسَ لَهَا فَرْجُ الْأُنْثَى وَلَا ذَكَرُ الثَّوْرِ، وَإِنَّمَا لَهَا خَرْقٌ عِنْدَ ضَرْعِهَا يَجْرِي مِنْهُ الْبَوْلُ وَسَأَلُوا عَنْ جَوَازِ التَّضْحِيَةِ بِهَا فَقُلْت لَهُمْ تُجْزِئُ؛ لِأَنَّهَا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وَكِلَاهُمَا يُجْزِئُ لَيْسَ فِيهِ مَا يُنْقِصُ اللَّحْمَ وَأَفْتَيْتُهُمْ فِيهِ (انْتَهَى) .
(قُلْتُ) وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْخُنْثَى لَيْسَ خَلْقًا ثَالِثًا، وَفِي إجْزَاءِ التَّضْحِيَةِ بِهِ بَحْثٌ ثَالِثٌ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهُوَ أَنَّهُ نَاقِصُ الْخِلْقَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا النَّقْصُ لَا يَضُرُّ بِمَنْزِلَةِ الْخِصَاءِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ تَسْلِيمًا.