الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي ذَلِكَ كَوْنُهُ وَلَدَ زَانِيَةٍ لِأَنَّ أَبَاهُ وَأُمَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفَيْنِ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِي اللَّقِيطِ وَقَدْ نَصَّ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ لَهُ يَا ابْنَ الزَّانِي وَيَا ابْنَ الزَّانِيَةِ أَنَّ عَلَيْهِ الْحَدَّ فَتَأَمَّلْهُ.
(تَنْبِيهٌ) مَا نَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ فِي الْمَحْمُولَيْنِ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ وَلَا فِي اللَّقِيطِ وَلَا غَيْرِهِ فَانْظُرْهُ.
ص (أَوْ زَنَى) ش تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ.
[فَرْعٌ قَذَفَهُ بِالزِّنَى ثُمَّ أَثْبَتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ زَنَى فِي حَالِ الصِّبَا أَوْ فِي حَالِ الْكُفْرِ]
(فَرْعٌ) لَوْ قَذَفَهُ بِالزِّنَى ثُمَّ أَثْبَتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ زَنَى فِي حَالِ الصِّبَا أَوْ فِي حَالِ الْكُفْرِ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ اسْمُ زِنَى بِخِلَافِ مَا إذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ زَنَى فِي حَالِ رِقِّهِ فَإِنَّ اسْمَ الزَّانِي لَازِمٌ لَهُ. نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَ (عَفَّ عَنْ وَطْءٍ) يُوجِبُ الْحَدَّ وَيَخْرُجُ بِهِ مَا إذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَطِئَ بَهِيمَةً.
[فَرْعٌ قَذَفَ رَجُلًا فَارْتَدَّ الْمَقْذُوفُ]
(فَرْعٌ) فَلَوْ قَذَفَ رَجُلًا فَارْتَدَّ الْمَقْذُوفُ لَمْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ وَلَوْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ كَمَنْ قَذَفَ رَجُلًا بِالزِّنَى فَلَمْ يُحَدَّ لَهُ حَتَّى زَنَى الْمَقْذُوفُ فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ عَلَى الْمَقْذُوفِ زِنًى فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ وَلَوْ قَذَفَهُ بِزِنَى غَيْرِ الزِّنَى الَّذِي ثَبَتَ عَلَيْهِ.
ص (وَعَفَّ)
ش: أَيْ يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ حَدِّ الْقَذْفِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْذُوفُ عَفِيفًا وَلَمْ يُفَسِّرْ الشَّارِحُ الْعَفَافَ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الْعَفَافُ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالْقِيَانِ وَمَوَاضِعِ الْفَسَادِ وَالزِّنَى، بِخِلَافِ السَّارِقِ وَالشَّارِبِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هَكَذَا نَقَلَ فِي الْجَوَاهِرِ عَنْ الْأُسْتَاذِ فَقَالَ وَمَعْنَى الْعَفَافِ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالْقِيَانِ وَمَوَاضِعِ الْفَسَاد وَالزِّنَى، فَلَوْ قَذَفَ مَعْرُوفًا بِالظُّلْمِ وَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الرِّبَا وَالْقَذْفِ يُحَدُّ لَهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِمَا ذَكَرْنَا وَلَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ مَا رَمَى بِهِ فَإِنْ ثَبَتَ أَوْ كَانَ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ لَمْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ وَمُقْتَضَى مَسَائِلِ الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْحَدِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ حُدَّ فِي الزِّنَى أَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُحَدَّ لَهُ وَاخْتُلِفَ إذَا أَقَامَ شَاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَارِهِ بِالزِّنَى بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَثْبُتُ الْإِقْرَارُ بِشَاهِدَيْنِ أَمْ لَا انْتَهَى كَلَامُ التَّوْضِيحِ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَعَفَافُ الْمَقْذُوفِ الْمُوجِبُ حَدَّ قَاذِفِهِ فِي مَسَائِلِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَاضِحَةٌ بِأَنَّ السَّلَامَةَ مِنْ فِعْلِ الزِّنَى قَبْلَ قَذْفِهِ وَبَعْدَهُ وَمِنْ ثُبُوتِ حَدِّهِ لِاسْتِلْزَامِهِ إيَّاهُ ثُمَّ قَالَ قَالَ ابْنُ شَاسٍ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَهُ الْمُتَقَدِّمَ ثُمَّ قَالَ قُلْت وَظَاهِرُ نُصُوصِ الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالشَّيْخُ خَلِيلٌ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الظَّاهِرُ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَيَسْقُطُ الْإِحْصَانُ بِثُبُوتِ كُلِّ وَطْءٍ يُوجِبُ الْحَدَّ قَبْلَ الْقَذْفِ وَبَعْدَهُ وَلَوْ كَانَ عَدْلًا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ الْإِحْصَانُ الْمُشْتَرَطُ هُنَا لَا فِي الرَّجْمِ (بِثُبُوتِ كُلِّ وَطْءٍ يُوجِبُ الْحَدَّ) فَيَخْرُجُ وَطْءُ الْبَهِيمَةِ وَوَطْءُ الشُّبْهَةِ قَبْلَ الْقَذْفِ وَبَعْدَهُ أَيْ قَبْلَ الْحَدِّ أَوْ بَعْدَهُ وَلَا يَعُودُ إلَيْهِ الْإِحْصَانُ ثُمَّ قَالَ وَلَا يَعُودُ الْعَفَافُ أَبَدًا وَلَوْ تَابَ وَحَسُنَتْ حَالُهُ وَقَوْلُهُ (بِثُبُوتِ) يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِذَلِكَ وَهُوَ خِلَافُ مَا فَسَّرَ بِهِ الْعَفَافَ فَانْظُرْهُ انْتَهَى.
وَعَلَيْهِ فَلَا شَكَّ أَنَّ الشَّخْصَ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَفَافِ حَتَّى يُثْبِتَ عَلَيْهِ الْقَاذِفُ أَنَّهُ غَيْرُ عَفِيفٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (تَنْبِيهٌ) يُفْهَمُ مِنْ الْكَلَامِ السَّابِقِ فِي تَعْرِيفِ الْعَفَافِ مَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْمَقْذُوفَ إذَا حُدَّ فِي زِنَى أَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ زِنَى لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ وَلَوْ قَذَفَهُ بِغَيْرِ الزِّنَى الَّذِي ثَبَتَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي بَابِ الْمَقْذُوفِ يُرَدُّ الْجَوَابُ عَلَى الْقَاذِفِ وَقَالَ مَالِكٌ وَمَنْ قَذَفَ مَنْ جُلِدَ فِي زِنَى لَمْ يُحَدَّ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُؤَدَّبُ بِإِذَايَةِ الْمُسْلِمِينَ انْتَهَى. وَقَالَ أَيْضًا مَنْ قَذَفَ إنْسَانًا ثُمَّ أَثْبَتَ أَنَّهُ حُدَّ
فَسَقَطَ الْحَدُّ عَنْ الْقَاذِفِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَدَبِهِ لِإِذَايَتِهِ لِلْمَقْذُوفِ انْتَهَى
ص (وَإِنْ مُلَاعَنَةً)
ش: قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ وَمَنْ قَالَ لِابْنِ مُلَاعَنَةٍ: لَسْت لِأَبِيك الَّذِي لَاعَنَ أُمَّك. فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَإِنْ قَالَ يَا مَنْفِيُّ يَا ابْنَ مُلَاعَنَةٍ يَا ابْنَ مَنْ لُوعِنَتْ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ انْتَهَى. وَقَالَهُ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ مِنْ النَّوَادِرِ وَقَالَ: إنَّهُ يُعَزَّرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (أَوْ كَيَا قَحْبَةُ)
ش: قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْقَحْبُ الْمُسِنُّ وَالْعَجُوزُ قَحْبَةٌ وَاَلَّذِي يَأْخُذُهُ السُّعَالُ وَقَدْ قَحَبَ يَقْحُبُ كَنَصَرَ قَحْبًا أَوْ قُحَابًا وَقَحَّبَ تَقْحِيبًا وَسُعَالٌ قَاحِبٌ شَدِيدٌ وَالْقَحْبَةُ الْفَاسِدَةُ الْجَوْفِ مِنْ دَاءٍ وَالْفَاجِرَةُ لِأَنَّهَا تَسْعُلُ وَتَتَنَحْنَحَ أَيْ تَرْمُزُ بِهِ وَبِهِ قَحْبَةٌ أَيْ سُعَالٌ انْتَهَى. وَفِي الصِّحَاحِ الْقُحَابُ سُعَالُ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَرُبَّمَا جُعِلَ لِلنَّاسِ وَالْقَحْبَةُ كَلِمَةٌ مُوَلَّدَةٌ انْتَهَى وَفِي كِتَابِ الْأَفْعَالِ لِأَبِي مَرْوَانَ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ طَرِيفٍ الْقُرْطُبِيِّ الْمَشْهُورُ: قَحَبَ الشَّيْءُ قُحَابًا سَعَلَ وَمِنْهُ سُعَالٌ قَاحِبٌ وَقَحَبَ الْكَلْبُ وَالْبَعِيرُ سَعَلَا وَأَصْلُ الْقُحَابِ فَسَادُ الْجَوْفِ فَقَدْ يَكُونُ اشْتِقَاقُ الْقَحْبَةِ مِنْ الْقُحَابِ الَّذِي هُوَ فَسَادُ الْجَوْفِ وَقَدْ يَكُونُ أَيْضًا مِنْ الْقُحَابِ الَّذِي هُوَ السُّعَالُ كَأَنَّهَا تَسْتَعْمِلُ السُّعَالَ عَلَامَةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ الَّذِي يُسَافِحُهَا، وَأَهْلُ الْيَمَنِ يُسَمُّونَ الْمَرْأَةَ الْمُسِنَّةَ قَحْبَةً انْتَهَى.
ص (أَوْ مَا لَكَ أَصْلٌ وَلَا فَصْلٌ)
ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ (فَرْعٌ) قَالَ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ كِتَابِ الْقَذْفِ وَقَالَ يَعْنِي ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ فِي مُشَاتَمَةٍ: مَا أَعْرِفُ أَبَاكَ وَهُوَ يَعْرِفُهُ ضُرِبَ الْحَدَّ ثَمَانِينَ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ عَلَى مَا قَالَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَبُوهُ هُوَ الَّذِي يَعْرِفُهُ فَقَدْ قَطَعَ نَسَبَهُ وَنَفَاهُ عَنْهُ انْتَهَى. وَذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ وَقَالَ بَعْدَهُ وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ مَا أَعْرِفُ أَبَاكَ فَمَا أَنْكَرَ مَا قَالَ فَلْيَرْفَعْهُ إلَى السُّلْطَانِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ قَالَ: مَا يُعْرَفُ أَبُوكَ لَحُدَّ انْتَهَى. وَانْظُرْ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ فَمَا أَنْكَرَ مَا قَالَ وَلَعَلَّهُ يَعْنِي أَنَّهُ قَالَ مَا أَرَدْت بِذَلِكَ قَذْفًا وَلَكِنِّي لَا أَعْرِفُ أَبَاهُ حَقِيقَةً.
سُئِلْت عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِشَرِيفٍ مَا أَنْتَ شَرِيفٌ وَأَنَا سَمِعْت جَدَّك يَقُولُ مَا أَنَا شَرِيفٌ فَأَظْهَرَ الْمُدَّعِي مَثْبُوتًا بِالشَّرَفِ فَأَجَبْت بِأَنِّي لَا أَعْرِفُ فِيهَا نَصًّا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّجُلُ مَعْرُوفًا بِالشَّرَفِ وَلَمْ يَكُنْ عُلِمَ بِثُبُوتِ شَرَفِهِ. وَقَالَ مَا قَالَ مُعْتَمِدًا عَلَى مَا سَمِعَ مِنْ جَدِّهِ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَكَانَ الْجَوَابُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي بِاللِّسَانِ وَوَافَقَ عَلَى ذَلِكَ مَنْ حَضَرَ وَأَسْقَطَ الْمُدَّعِي حَقَّهُ مِنْ الْيَمِينِ وَاصْطَلَحُوا. وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. وَهَذَا يُشْبِهُ مَا ذَكَرَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ شَرِيفَةً مَشْهُورَةً بِالشَّرَفِ فَوَقَعَ بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ فَقِيلَ لَهُ عَلَى وَجْهِ النُّصْحِ: تَفْعَلُ هَذَا بِشَرِيفَةٍ مِنْ أَهْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ الزَّوْجُ: هِيَ شَرِيفَةٌ بِالنَّسَبِ وَأَنَا شَرِيفٌ بِالْحَسَبِ وَأَنَا أَحْسَنُ مِنْهَا وَأَبِي أَحْسَنُ مِنْ أَبِيهَا وَجَدِّي أَحْسَنُ مِنْ جَدِّهَا وَبَلَدِي أَحْسَنُ مِنْ بَلَدِهَا. وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ بِمَقَالَتِهِ وَاعْتَرَفَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ بِذَلِكَ فَسُئِلَ عَمَّا أَرَادَ بِقَوْلِهِ فَقَالَ إنَّ أَبِي كَانَ خَطِيبًا وَجَدِّي كَانَ خَطِيبًا وَأَبُوهَا وَجَدُّهَا لَيْسَا كَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ وَيُؤَدَّبُ وَمُوجِبُ الْقِيَاسِ أَنَّ قَوْلَهُ جَدِّي أَحْسَنُ مِنْ جَدِّكِ يُوجِبُ ظَاهِرُهُ قَتْلَ قَائِلِهِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى التَّنْقِيصِ الْمُوجِبِ لِذَلِكَ لَكِنْ يُوجِبُ إلْغَاءَ إيجَابِهِ لِذَلِكَ لِاحْتِمَالِ صِدْقِ لَفْظِهِ عَلَى جَدٍّ لَا يُوجِبُ صِدْقَهُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ وَالِاحْتِمَالُ فِي النَّازِلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَا بَيَّنَهُ مِنْ خِطَابَةِ جَدِّهِ دُونَ جَدِّهَا إنْ كَانَ فِي قَوْلِهِ ذَلِكَ صَادِقًا فَدَلِيلُ أَدَبِهِ وَاضِحٌ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانٍ انْتَهَى (فَائِدَةٌ) أَوَّلُ مَا حَدَثَ تَمْيِيزُ الْأَشْرَافِ بِالشَّطْبَةِ الْخَضْرَاءِ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ أَمَرَ بِذَلِكَ السُّلْطَانُ الْأَشْرَفُ شَعْبَانُ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْأَنْبَاءِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ السَّخَاوِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الْأَشْرَافِ لَهُ قَالَ وَأَنْشَدَ فِي ذَلِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ جَابِرٍ
جَعَلُوا لِأَبْنَاءِ الرَّسُولِ عَلَامَةً
…
إنَّ الْعَلَامَةَ شَأْنُ مَنْ لَمْ يُشْهَرْ
نُورُ النُّبُوَّةِ فِي كَرِيمِ وُجُوهِهِمْ
…
يُغْنِي الشَّرِيفَ عَنْ الطِّرَازِ الْأَخْضَرِ
(وَقَالَ غَيْرُهُ)
أَطْرَافُ تِيجَانٍ أَتَتْ مِنْ سُنْدُسٍ
…
خُضْرٍ بِأَعْلَامٍ عَلَى الْأَشْرَافِ
وَالْأَشْرَفُ السُّلْطَانُ خَصَّهُمْ بِهَا
…
شَرَفًا لِتَعْرِفَهُمْ مِنْ الْأَطْرَافِ
وَذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّهَا كَانَتْ عَلَامَةَ بَنِي الْعَبَّاسِ شَطْبَةً سَوْدَاءَ ثُمَّ تُرِكَتْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَفِي: يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ، أَوْ الْأَزْرَقِ. إنْ لَمْ يَكُنْ فِي آبَائِهِ كَذَلِكَ)
ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ أَوْ يَا ابْنَ الْيَهُودِيِّ أَوْ يَا ابْنَ الْمَجُوسِيِّ فَإِنَّهُ يُحَدُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي آبَائِهِ أَحَدٌ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَكِنْ يُنَكَّلُ. قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْقَذْفِ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ وَلَا الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ يُنَكَّلُ إذَا كَانَ فِي آبَائِهِ أَحَدٌ كَذَلِكَ وَذَلِكَ لِوُضُوحِهِ وَلَكِنْ يَتَعَيَّنُ ذِكْرُهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا أَدَبَ عَلَيْهِ.
وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ قَذَفَ عَبْدًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أُدِّبَ وَمَنْ قَذَفَ ذِمِّيًّا زُجِرَ عَنْ أَذَى النَّاسِ كُلِّهِمْ وَمَنْ قَذَفَ نَصْرَانِيَّةً وَلَهَا بَنُونَ مُسْلِمُونَ أَوْ زَوْجٌ مُسْلِمٌ نُكِّلَ بِإِذَايَةِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ