الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَذَا لَوْ شَهِدَا أَنَّ أَبَاهُمَا الْعَبْدَ جَنَى عَلَى رَجُلٍ جِنَايَةً وَأَنَّ سَيِّدَهُ بَاعَهُ أَوْ أَعْطَاهُ أَحَدًا ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ سَحْنُونٍ وَكَذَا شَهَادَةُ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ لِمَنْ نَفَاهُ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَبَوَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا لِلْوَلَدِ وَلَا الْوَالِدِ لَهُمَا وَلَا أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ وَلَا الْجَدِّ لِابْنِ ابْنِهِ وَلَا الرَّجُلِ لِجَدِّهِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ شَهَادَةُ الْآخَرِ فِي حَقٍّ أَوْ تَزْكِيَةٍ أَوْ تَجْرِيحِ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ انْتَهَى. زَادَ ابْنُ يُونُسَ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَلَا الرَّجُلِ لِجَدِّهِ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِيهَا لَا تَجُوزُ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ. زَادَ ابْنُ سَحْنُونٍ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا انْتَهَى. وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ الَّتِي قَالَهَا لَا مَعْنَى لَهَا فَتَأَمَّلْهَا، وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ مَا تَقَدَّمَ
[فَرْعٌ شَهَادَةُ الرَّجُلِ لِزَوْجَةِ أَبِيهِ]
(فَرْعٌ) وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّجُلِ لِزَوْجَةِ أَبِيهِ وَلَا لِزَوْجَةِ ابْنِهِ وَلَا لِابْنِ زَوْجَتِهِ وَلَا لِأَبِيهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَقَالَ فِي رَسْمِ جَاعَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى: وَأَمَّا شَهَادَةُ الرَّجُلِ لِابْنِ زَوْجِ ابْنَتِهِ وَأَبَوَيْهِ فَلَا يُخَالِفُ ابْنَ الْقَاسِمِ سَحْنُونٌ فِي جَوَازِهَا لَهُمْ لِبُعْدِ التُّهْمَةِ وَإِنَّمَا يُخَالِفُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّة: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّجُلِ لِزَوْجِ ابْنَتِهِ وَلَا لَزَوْجَةِ وَلَدِهِ انْتَهَى. وَفِي النَّوَادِرِ وَمِنْ هَذِهِ الْكُتُبِ كُلِّهَا إلَّا كِتَابَ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِزَوْجَةِ أَبِيهِ وَلَا لِزَوْجَتِهِ وَلَا لِابْنِ امْرَأَتِهِ وَلَا لِوَالِدِهَا وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ لِابْنِ زَوْجِهَا انْتَهَى. وَإِذَا كَانَتْ شَهَادَتُهُ لِزَوْجَةِ أَبِيهِ غَيْرَ جَائِزَةٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ بُعْدِ التُّهْمَةِ لِلْعَدَاوَةِ الَّتِي بَيْنَهُمَا فِي الْغَالِبِ فَشَهَادَةُ الرَّجُلِ لِزَوْجِ أُمِّهِ أَحْرَى بِعَدَمِ الْجَوَازِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَقَبِلَهُ الشَّارِحُ فَإِنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ الْآنَ مَنْصُوصًا بَلْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ صِحَّةِ شَهَادَةِ الشَّخْصِ لِزَوْجَةِ جَدِّهِ وَزَوْجِ جَدَّتِهِ وَإِنْ بَعُدَا وَعَدَمُ صِحَّةِ شَهَادَةِ الشَّخْصِ لِزَوْجَةِ ابْنِ ابْنِهِ وَزَوْجَةِ بِنْتِ ابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَا وَلَمْ أَقِفْ عَلَى التَّصْرِيحِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَشَهَادَةُ ابْنٍ مَعَ أَبٍ وَاحِدَةٌ كَكُلٍّ عِنْدَ الْآخَرِ عَلَى شَهَادَتِهِ أَوْ حُكْمِهِ)
ش: هَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ وَقَالَ سَحْنُونٌ بِجَوَازِ الْجَمِيعِ بِشَرْطِ التَّبْرِيزِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي اللُّبَابِ: وَشَهَادَةُ الْأَبِ مَعَ وَلَدِهِ جَائِزَةٌ عَلَى الْقَوْلِ الْمَعْمُولِ بِهِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: وَلَوْ شَهِدَ الْأَبُ مَعَ ابْنِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ جَازَتْ عَلَى الْقَوْلِ الْمَعْمُولِ بِهِ وَقَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ: شَهَادَتُهُمَا بِمَنْزِلَةِ شَهَادَةٍ وَاحِدَةٍ، وَفِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ شَاهِدَيْنِ أَعْدَلُ. ثُمَّ قَالَ: وَتَعْدِيلُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ لَمْ يُجِزْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ إلَّا ابْنَ الْمَاجِشُونِ قَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ التَّعْدِيلُ نَزَعَهُ وَلَمْ يَكُنْ بِهِ قَامَ وَإِنَّمَا نَزَعَهُ وَقَامَ بِهِ إحْيَاءُ شَهَادَتِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَصِفَهُ بِمَا تَتِمُّ بِهِ شَهَادَتُهُ وَفِيهِ بُعْدٌ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَمَا أَدْرَكْت قَاضِيًا حَفِظَهُ اللَّهُ مِنْ تَقْدِيمِ وَلَدِهِ أَوْ قَرِيبِهِ إلَّا قَاضِيًا وَاحِدًا جَعَلَنَا اللَّهُ مِمَّنْ عَلِمَ الْحَقَّ وَعَمِلَ بِهِ انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ: مَسْأَلَةٌ وَأَمَّا شَهَادَةُ الْأَخَوَيْنِ فِي شَيْءٍ فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ وَلَيْسَا كَالْأَبِ وَابْنِهِ.
(تَنْبِيهٌ) قَدْ تَلْحَقُهُمْ التُّهْمَةُ فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا كَمَا لَوْ شَهِدَ أَخَوَانِ أَنَّ هَذَا ابْنُ أَخَوهمًا الْمَيِّتِ وَالْمَشْهُودُ لَهُ ذُو شَرَفٍ فَإِنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمَا وَيَثْبُتُ لِلْمَشْهُودِ لَهُ الْمَالُ إنْ ادَّعَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَرْعٌ تَنْفِيذُ الْقَاضِي حُكْمَ وَالِدِهِ أَوْ وَلَدِهِ]
(فَرْعٌ) تَنْفِيذُ الْقَاضِي حُكْمَ وَالِدِهِ أَوْ وَلَدِهِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ جَوَازُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُنَفِّذَ حُكْمَ نَفْسِهِ إذَا قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَإِنْ نَسِيَهُ أَوْ أَنْكَرَهُ فَكَذَلِكَ حُكْمُ وَلَدِهِ أَوْ وَالِدِهِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(بِخِلَافِ أَخٍ لِأَخٍ إنْ بَرَزَ وَلَوْ بِتَعْدِيلٍ)
ش: وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي عِيَالِهِ وَيُشْتَرَطُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي شَهَادَةِ الْمَوْلَى لِمُعْتَقِهِ وَالصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ وَالْأَجِيرِ وَقَدْ نُصَّ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِيهَا: وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَخِ لِأَخِيهِ وَالرَّجُلِ لِمَوْلَاهُ أَوْ لِصَدِيقِهِ أَوْ الْمُلَاطِفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ عِيَالِهِ أَحَدٌ مِنْ
هَؤُلَاءِ يُمَوِّنُهُ فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّجُلِ لِشَرِيكِهِ الْمُفَاوِضِ إذَا شَهِدَ لَهُ فِي غَيْرِ التِّجَارَةِ إذَا كَانَ لَا يَجُرُّ لِنَفْسِهِ بِذَلِكَ شَيْئًا انْتَهَى. وَقَالَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ هُوَ فِي عِيَالِ الرَّجُلِ لَهُ وَكَذَلِكَ الْأَخُ وَالْأَجْنَبِيُّ إذَا كَانَا فِي عِيَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا فِي عِيَالِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا إذَا كَانَا مُبَرِّزَيْنِ فِي الْعَدَالَةِ فِي الْأَقْوَالِ وَالتَّعْدِيلِ. قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: الْمُبَرِّزُ بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ سَابِقًا غَيْرَهُ مُتَقَدِّمًا، وَأَصْلُهُ مِنْ تَبْرِيزِ الْخَيْلِ فِي السَّبَقِ وَتَقَدُّمِ سَابِقِهَا وَهُوَ الْمُبَرِّزُ لِظُهُورِهِ وَبُرُوزِهِ أَمَامَهَا انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الشَّهَادَاتِ: يُشْتَرَطُ التَّبْرِيزُ فِي الْعَدَالَةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ سُئِلَ فِي مَرَضِهِ شَهَادَةً لِتُنْقَلَ عَنْهُ فَقَالَ: لَا أَعْلَمُهَا، ثُمَّ شَهِدَ بِهَا وَاعْتَذَرَ بِأَنَّهُ خَشِيَ فِي مَرَضِهِ عَدَمَ تَثَبُّتِهِ فِيهَا، وَمَنْ زَادَ فِي شَهَادَتِهِ أَوْ نَقَصَ بَعْدَ أَدَائِهَا، وَشَهَادَةُ الْأَخِ لِأَخِيهِ وَالْأَجِيرِ لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ وَشَهَادَةُ الْمَوْلَى لِمَنْ أَعْتَقَهُ وَشَهَادَةُ الصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ لِصَدِيقِهِ وَشَهَادَةُ الشَّرِيكِ الْمُفَاوِضِ لِشَرِيكِهِ فِي غَيْرِ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ انْتَهَى. وَسَيَأْتِي لَفْظُ السَّمَاعِ فِي الْقَوْلَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمَانِعِ الثَّالِثِ وَكَأَنَّ الْمُؤَلِّفَ اسْتَغْنَى عَنْ هَذَا الشَّرْطِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا وَلَا إنْ جَرَّ بِهَا، فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ شَهَادَةَ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ لِلْمُنْفِقِ فَتَأَمَّلْهُ.
(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) قَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ: مَعْنَى لَيْسَ الَّذِي فِي عِيَالِهِ هُوَ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ مِثْلُ الصُّنَّاعِ وَغَيْرِهِمْ فَأَمَّا الْأَجِيرُ الَّذِي يَصِيرُ جَمِيعُ عَمَلِهِ لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ وَهُوَ فِي عِيَالِهِ أَوْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ قَدْ دَفَعَ إلَيْهِ مُؤْنَتَهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مُعْتَزِلًا عَنْهُ انْتَهَى مِنْ النَّوَادِرِ وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ وَزَادَ قَالَ اللَّخْمِيُّ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمَنْعَ إذَا كَانَ فِي نَفَقَتِهِ كَانَتْ النَّفَقَةُ بِالطَّوْعِ أَوْ مِنْ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْمَظِنَّةَ تَتَعَلَّقُ بِالْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ يُخْشَى إنْ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ وَكَذَلِكَ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ كَالطَّرَّازِ وَالْقَصَّارِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي شَهَادَتِهِ لَهُ أَنْ يَخُصَّهُ بِأَعْمَالِهِ انْتَهَى. وَأَمَّا شَهَادَةُ السِّمْسَارِ فَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ فِي شَرْحِ قَوْلِهَا وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمَعْزُولِ عَلَى مَا حَكَمَ بِهِ: يَقُومُ مِنْهُ وَمِمَّا فَوْقَهُ، وَمِنْ قَوْلِهَا بَعْدُ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ قَسَّامِ الْقَاضِي: إنَّ شَهَادَةَ الْخَاطِبِ وَالسِّمْسَارِ لَا تَجُوزُ.
وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَالْفَتْوَى بِقَبُولِ شَهَادَةِ الْخَاطِبِ دُونَ السِّمْسَارِ انْتَهَى. لَكِنْ قَيَّدَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ عَدَمَ جَوَازِ شَهَادَةِ السِّمْسَارِ بِمَا إذَا شَهِدَ فِيمَا يُتَّهَمُ فِيهِ وَنَصُّهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَمَرَهُمَا أَنْ يُنْكِحَاهُ وَأَنْ يَبْتَاعَا لَهُ بَيْعًا وَأَنَّهُمَا فَعَلَا ذَلِكَ وَهُوَ يُنْكِرُ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا خَصْمَانِ قَالَ ابْنُ نَاجِي: مِثْلُهُ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ حَيْثُ لَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ الْأَبِ فِي عُقْدَةِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَيَقُومُ مِنْهُمَا أَنَّ شَهَادَةَ السِّمْسَارِ لَا تَجُوزُ وَذَلِكَ فِيمَا يُتَّهَمُ فِيهِ كَمَا إذَا شَهِدَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، وَأَمَّا حَيْثُ لَا يُتَّهَمُ فَجَائِزَةٌ كَمَا إذَا شَهِدَ فِي الثَّمَنِ وَكَانَتْ أُجْرَتُهُ لَا تَخْتَلِفُ سَوَاءً بَاعَ بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَنَصَّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الشَّعْبِيُّ وَأَفْتَى ابْنُ الْحَاجِّ بِجَوَازِ شَهَادَتِهِ ذَكَرَهُ فِيمَا إذَا أَنْكَرَ الْمُبْتَاعُ الْبَيْعَ وَيَقُومُ مِنْهَا أَيْضًا أَنَّ شَهَادَةَ الْخَاطِبِ لَا تَجُوزُ وَفِيهَا خِلَافٌ حَكَاهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ فَيَتْرُكُ أَوَّلَ الْأَنْكِحَةِ فَقَالَ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْخَاطِبَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا مَعًا كَخَصْمَيْنِ، وَقِيلَ: إنَّمَا ذَلِكَ إذَا أَخَذَا عَلَى ذَلِكَ أَجْرًا فَإِنْ لَمْ يَأْخُذَا أَجْرًا جَازَ وَكَانَتْ الْفَتْوَى تَجْرِي بِهِ وَسُئِلَ عَنْهَا ابْنُ رُشْدٍ فَأَجَابَ بِجَوَازِهَا لِعَدَمِ التُّهْمَةِ، وَأَمَّا شَهَادَةُ الْمُشْرِفِ لِمَنْ يُشْرِفُ عَلَيْهِ فَسَأَلَ عَنْهَا عِيَاضٌ ابْنَ رُشْدٍ فَأَفْتَاهُ بِالْجَوَازِ وَهُوَ وَاضِحٌ لِقَوْلِ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ وَغَيْرِهِ إنْ تَنَازَعَ الْمُشْرِفُ وَالْوَصِيُّ عِنْدَ مَنْ يَكُونُ الْمَالُ؟ فَإِنَّهُ يَكُونُ عِنْدَ الْوَصِيِّ وَيَقُومُ مِنْهَا مَا فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ الشَّهَادَاتِ فِيمَنْ دَفَعَ إلَى رَجُلَيْنِ مَالًا وَأَمَرَهُمَا أَنْ يَدْفَعَاهُ إلَى رَجُلٍ وَأَنْ يُشْهِدَا عَلَيْهِ فَزَعَمَا أَنَّهُمَا فَعَلَا ذَلِكَ وَأَنْكَرَ الرَّجُلُ فَقَالَ: لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا
يُتَّهَمَانِ فِي دَفْعِ الْيَمِينِ عَنْهُمَا انْتَهَى. فَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ شَهَادَةَ السِّمْسَارِ جَائِزَةٌ فِيمَا لَا يُتَّهَمُ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ، وَفِي شَهَادَتِهِ فِيمَا يُتَّهَمُ فِيهِ قَوْلَانِ وَقَعَتْ الْفَتْوَى بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى شَهَادَةِ الْخَاطِبِ وَالْقَسَّامِ وَالْعَاقِدِ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ.
(فَائِدَةٌ) وَقَعَ فِي نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيِّ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ لِلسَّمَاسِرَةِ عِدَّةُ أَسْمَاءٍ فَسَمَّاهُمْ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ سَمَاسِرَةً وَفِي بَعْضِهَا النَّخَّاسِينَ وَفِي بَعْضِهَا الصَّاحَةَ وَفِي بَعْضِهَا الدَّلَّالِينَ وَفِي بَعْضِهَا الطَّوَّافِينَ وَفِي بَعْضِهَا الْوُكَلَاءَ مِنْ السَّمَاسِرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) الصَّدِيقُ الْمُلَاطِفُ هُوَ الْمُخْتَصُّ بِالرَّجُلِ الَّذِي يُلَاطِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَمَعْنَى اللُّطْفِ الْإِحْسَانُ وَالْبِرُّ وَالتَّكْرِمَةُ وَهُوَ أَحَدُ مَعَانِي تَسْمِيَتِهِ لَطِيفًا وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْمُلَاطَفَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ كَانَتْ كَمَسْأَلَةِ الْأَخَوَيْنِ اللَّذَيْنِ يَنَالُ أَحَدُهُمَا بِرَّ الْآخَرِ وَصِلَتَهُ انْتَهَى مِنْ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ التَّنْبِيهَاتِ، وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ: وَالصَّدِيقُ الْمُلَاطِفُ هُوَ الَّذِي قِيلَ فِيهِ
إنَّ أَخَاك الْحَقَّ مَنْ كَانَ مَعَكْ
…
وَمَنْ يَضُرُّ نَفْسَهُ لِيَنْفَعَكْ
وَمَنْ إذَا رَيْبُ الزَّمَانِ صَدَعَكْ
…
شَتَّتَ فِيك شَمْلَهُ لِيَجْمَعَك
اهـ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ بَعِيدٌ وَقَلَّ أَنْ يُوجَدَ أَحَدٌ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ فَالْأَوْلَى تَفْسِيرُهُ بِمَا فِي التَّنْبِيهَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (أَوْ مُنْقِصٍ)
ش: (مَسْأَلَةٌ) وَإِذَا نَقَصَ الشَّاهِدُ بَعْضَ الشَّهَادَةِ وَنَسِيَ الْبَعْضَ فَيُرَدُّ الْجَمِيعُ. قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ مِنْ الشَّهَادَاتِ فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى مَسْأَلَةِ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ فَشَهِدَا بَعْدَ عِتْقِهِمَا أَنَّهُ غَصَبَهُمَا مِنْ رَجُلٍ، وَنَصُّهُ: وَإِذَا لَمْ يَأْتِ الشَّاهِدُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ سَقَطَ عَنْ حِفْظِهِ بَعْضُهَا فَإِنَّهَا تَسْقُطُ كُلُّهَا بِإِجْمَاعٍ انْتَهَى.
ص (وَذَاكِرٍ بَعْدَ شَكٍّ)
ش: قَالَ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ: إذَا سُئِلَ الشَّخْصُ عَنْ شَهَادَةٍ فِي مَرَضِهِ لِتُنْقَلَ عَنْهُ أَوْ لِيُشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ تَحْصِينًا لَهَا أَوْ سُئِلَ عِنْدَ الْحَاكِمِ لِيَشْهَدَ بِهَا فَأَنْكَرَهَا وَقَالَ: لَا عِلْمَ عِنْدِي مِنْهَا ثُمَّ جَاءَ يَشْهَدُ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ إذَا كَانَ مُبَرِّزًا فِي الْعَدَالَةِ، وَأَمَّا لَوْ لَقِيَهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ فَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّك تَشْهَدُ عَلَيَّ بِكَذَا، فَقَالَ: لَا أَشْهَدُ عَلَيْك بِذَلِكَ وَلَا عِنْدِي مِنْهُ عِلْمٌ وَإِنْ شَهِدْت عَلَيْك فَشَهَادَتِي بَاطِلَةٌ لَمْ يَقْدَحْ فِي شَهَادَتِهِ وَلَا يَضُرُّهَا وَإِنْ أَقَامَ عَلَى قَوْلِهِ بَيِّنَةً، قَالَ ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ، وَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى التَّفْسِيرِ لِقَوْلِ