الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الِاجْتِهَادِ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ السَّنَةَ خِلَافَ اخْتِيَارِ ابْنِ رُشْدٍ إذَا قَوِيَ طَلَبُ الدَّمِ ثُمَّ سَقَطَ الْمُوجِبُ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ ضَرْبِ مِائَةٍ وَحَبْسِ سَنَةٍ، انْتَهَى. كَلَامُ الْبُرْزُلِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ تَقَدَّمَ لِابْنِ رُشْدٍ هُوَ مَا نَصَّهُ وَسُئِلَ عَمَّنْ يَسْتَنِيبُهُ الْقَاضِي فِي الْمَسْأَلَةِ هَلْ يَكْتَفِي الْمُسْتَنَابُ بِخَطِّهِ إلَى أَمِيرِ الْمِصْرِ أَوْ جَمَاعَتِهِ كَمَا يَكْتَفِي بِخَطِّ السُّلْطَانِ فِي التَّقْلِيدَاتِ كُلِّهَا حَسْبَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ إذْ هِيَ اسْتِنَابَةٌ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ ذَلِكَ بِشَاهِدَيْنِ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَكْتَفِي فِيهِ بِأَيْسَرِ الْأَشْيَاءِ مِنْ مَعْرِفَةِ الْخَطِّ وَشَبَهِهِ إذْ لَمْ يَقْتَضِ حُكْمًا يَلْزَمُ ثُبُوتُهُ وَلَوْ نَهَضَ الْمُسْتَنَابُ لِمَا أُمِرَ بِهِ مِنْ غَيْرِ كِتَابٍ لَمَضَى الْأَمْرُ كَمَا لَوْ كَانَ الْكِتَابُ (قُلْتُ) شِبْهُ مَا لَوْ حَكَّمَا رَجُلَيْنِ بَيْنَهُمَا، انْتَهَى. وَيَقَعُ فِي نُسَخِ الْبُرْزُلِيِّ كَمَا يَكْتَفِي بِخَطِّ السُّلْطَانِ فِي الشَّهَادَاتِ وَاَلَّذِي فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي التَّقْلِيدَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَمَسْأَلَةُ الْعَرِيشِ فِي كِتَابِ كِرَاءِ الدَّوَابِّ وَالرَّوَاحِلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي أَوَاخِرِهِ وَفِلَسْطِينُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَالْعَرِيشُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مَوْضِعٌ، قَالَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَرْعٌ اسْتِعَانَةُ الْقَاضِي بِمِنْ يُخَفِّفُ عَنْهُ النَّظَرَ فِي الْأَحْبَاسِ وَالْوَصَايَا وَأَمْوَالِ الْيَتَامَى]
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْإِرْشَادِ: وَلَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِمِنْ يُخَفِّفُ عَنْهُ النَّظَرَ فِي الْأَحْبَاسِ وَالْوَصَايَا وَأَمْوَالِ الْيَتَامَى، قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِهِ، قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَبْطِنَ أَهْلَ الْخَيْرِ وَالْأَمَانَةِ وَالْعَدَالَةِ لِيَسْتَعِينَ بِهِمْ عَلَى مَا هُوَ بِسَبِيلِهِ وَيَقْوَى بِهِمْ عَلَى التَّوَصُّلِ إلَى مَا يَنُوبُهُ وَيُخَفِّفُوا عَنْهُ مَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الِاسْتِنَابَةِ فِيهِ كَالنَّظَرِ فِي الْأَحْبَاسِ وَالْوَصَايَا وَالْقِسْمَةِ وَأَمْوَالِ الْأَيْتَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، قَالَ: وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهُ إنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ ذَلِكَ إلَّا بِهِمْ فَهُوَ وَاجِبٌ وَإِلَّا فَمُسْتَحَبٌّ، انْتَهَى. وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ: لِلْقَاضِي أَنْ يُقَدِّمَ عَلَى الْمَنَاكِحِ نَاظِرًا يَنْظُرُ فِيهَا وَيَتَوَلَّى عَقْدَ فُصُولِهَا وَمَعَانِيهَا وَيَجُوزُ لَلْمُقَدَّمِ النَّظَرُ فِيمَا قُدِّمَ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِ دُونَ مُطَالَعَةِ مَنْ وَلَّاهُ وَمُشَاوِرَتِهِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ، ثُمَّ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ، قَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ: وَلَا مَدْخَلَ لِهَذَا الْمُقَدَّمِ عِنْدِي فِي الْعَقْدِ عَلَى مَنْ لَهَا وَلِيٌّ حَاضِرٌ يَعْضُلُهَا عَنْ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى ثُبُوتِ عَضْلِهَا وَالْحُكْمِ بِالنِّكَاحِ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِعَضْلِهِ وَجْهٌ يُعْرَفُ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِصَاحِبِ هَذِهِ الْخُطَّةِ إلَّا أَنْ يَنُصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي تَقْدِيمِهِ نَصًّا وَمِنْهُ وَلِلْقَاضِي أَنْ يُقَدِّمَ عَلَى الْحِسْبَةِ نَاظِرًا يَنْظُرُ فِيهَا وَلِلْقَاضِي تَقْدِيمُ صَاحِبِ الْأَحْبَاسِ لِيَنْظُرَ فِي حَبَسَاتِ جَامِعِ حَضْرَتِهِ وَمَسَاجِدِهَا وَإِصْلَاحِ مَا هِيَ مِنْهَا وَكِرَائِهَا وَقَبْضِ غَلَّاتِهَا وَيَصْرِفُهُ فِي مَصَالِحِهَا وَذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا وَلَا غِنَى عَنْهَا وَهِيَ مِنْ أَهَمِّ مَا يُنْظَرُ فِيهِ وَيُقَدَّمُ لَهُ وَتَجُوزُ أَفْعَالُ الْمُقَدَّمِ بِذَلِكَ مَا وَافَقَ السَّدَادَ وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ، انْتَهَى.
[فَرْعٌ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِالْقَضَاءِ عِنْدَ مَوْتِهِ لِغَيْرِهِ]
(فَرْعٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ ابْنُ مُحْرِزٍ: وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِالْقَضَاءِ عِنْدَ مَوْتِهِ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ وَالْإِمَامِ الْأَكْبَرِ، وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَنْ مَلَكَ حَقًّا عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ مَعَهُ عَزْلَهُ فَلَهُ أَنْ يُوَصِّيَ بِهِ وَيَسْتَخْلِفَ عَلَيْهِ كَالْخَلِيفَةِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُجْبَرِ يَعْنِي فِي النِّكَاحِ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِمَامِ الصَّلَاةِ، وَكُلُّ مَنْ مَلَكَ حَقًّا عَلَى وَجْهٍ يَمْلِكُ مَعَهُ عَزْلَهُ عَنْهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِهِ كَالْقَاضِي وَالْوَكِيلِ وَلَوْ كَانَ مُفَوَّضًا إلَيْهِ أَوْ خَلِيفَةَ الْقَاضِي لِلْأَيْتَامِ وَشِبْهَ ذَلِكَ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ الْوَاضِحَةِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَخْلِفَ بَعْدَ مَوْتِهِ، انْتَهَى. وَانْظُرْ قَوْلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ: وَإِمَامِ الصَّلَاةِ، ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْإِمَامُ عَزْلَهُ وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ فِي الْعَزْلِ مَا نَصُّهُ: الْفَرْعُ السَّابِعُ، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مِنْ التَّصَرُّفَاتِ مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى الْوِلَايَةِ كَالْقَضَاءِ وَالْوَكَالَةِ وَالْخِلَافَةِ وَمِنْهَا مَا يَصِحُّ بِغَيْرِ وِلَايَةٍ كَالْخَطَابَةِ وَالْإِمَامَةِ، فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ يَقْبَلُ الْعَزْلَ مِنْ جِهَةِ الْمُوَلِّي وَالْمُتَوَلِّي، وَالْقِسْمُ الثَّانِي لَا يَقْبَلُ الْعَزْلَ لَا مِنْ جِهَةِ الْمُتَوَلِّي بَلْ مِنْ جِهَةِ الْمُوَلِّي؛ لِأَنَّ الْخَطَابَةَ لَا تَنْفَكُّ عَنْ الْمُتَّصِفِ بِهَا حَتَّى تَذْهَبَ أَهْلِيَّتُهُ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ عَزْلِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ تَصَرُّفِهِ لَا تَكْفِي فِيهِ الْأَهْلِيَّةُ فَلِعَزْلِهِ نَفْسَهُ أَثَرٌ فَكَانَ مُتَمَكِّنًا وَأَمَّا مَا يُطْلَقُ لِلْخَطِيبِ فَتَرْكُهُ إيَّاهُ
لَيْسَ عَزْلًا وَعَلَى هَذَا لَيْسَ لِلْخَلِيفَةِ فِي نَصْبِ الْخَطِيبِ إلَّا تَسْوِيغُهُ الْمُطْلَقُ لِلْخَطَابَةِ لَا أَنَّهُ يُفِيدُهُ أَهْلِيَّةَ التَّصَرُّفِ وَمَنْعَ الْمُزَاحَمَةِ لِلْخَطِيبِ وَالْإِمَامِ بَعْدَ الْوِلَايَةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ وِلَايَةً إنَّمَا هُوَ مِنْ صَوْنِ الْأَئِمَّةِ عَنْ أَسْبَابِ الْفِتَنِ وَالْفَسَادِ وَيَظْهَرُ لِهَذَا الْبَحْثِ أَنَّ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ فِي الْخَطِيبِ سَبَبُ الْوِلَايَةِ وَفِي الْقَاضِي وَنَحْوِهِ الْوِلَايَةُ سَبَبُهُ فَبَيْنَ الْبَابَيْنِ فَرْقٌ عَظِيمٌ فَلِذَلِكَ يَقْبَلُ أَحَدُهُمَا الْعَزْلَ مُطْلَقًا دُونَ الْآخَرِ، انْتَهَى. وَفِي أَسْئِلَةِ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَا تَقُولُ فِي الِائْتِمَامِ بِالْمُسْتَخْلِفِ فِي الْإِمَامَةِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ النَّاظِرُ فِي ذَلِكَ، هَلْ يَجُوزُ (فَأَجَابَ) الِائْتِمَامُ بِالْمُسْتَخْلِفِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الِائْتِمَامَ لَا يَتَوَقَّفُ إلَّا عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ مُسْقِطَةٌ لِلْقَضَاءِ فَجَازَ الِائْتِمَامُ بِهِ، انْتَهَى.
(فَرْعٌ) عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ أَنَّ لِلْمُوصِي أَنْ يُوصِيَ بِمَا إلَيْهِ وَأَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِي حَيَاتِهِ، قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ: وَلَا يَجُوزُ لِمُقَدَّمِ الْقَاضِي عَلَى النَّظَرِ لِلْيَتِيمِ أَنْ يُوَكِّلَ - مَا جُعِلَ إلَيْهِ - أَحَدًا غَيْرَهُ حَيٌّ أَوْ مَاتَ وَلَا أَنْ يُوصِيَ بِهِ إلَى أَحَدٍ وَهُوَ خِلَافُ: وَصِيّ الْأَبِ، وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنُ الْهِنْدِيِّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْمُوَثَّقِينَ وَحَكَى بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ أَنَّ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ الْحُكْمُ إنَّ حُكْمَ مُقَدَّمِ الْقَاضِي عَلَى مَنْ قُدِّمَ عَلَيْهِ كَحُكْمِ الْوَصِيِّ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ أَقَامَهُ مَقَامَ الْوَصِيِّ، قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ لِمُقَدَّمِ الْقَاضِي أَنْ يُوَكِّلَ فِي حَيَاتِهِ مَنْ يَقُومُ عَلَى الْمَحْجُورِ مَقَامَهُ، انْتَهَى.
ص (وَانْعَزَلَ بِمَوْتِهِ)
ش: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَإِذَا مَاتَ الْمُسْتَخْلِفُ لَمْ يَنْعَزِلْ مُسْتَخْلَفُهُ وَلَوْ كَانَ الْخَلِيفَةُ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: الْمُسْتَخْلِفُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَمُسْتَخْلَفٍ
بِفَتْحِهَا وَظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ فَيَتَنَاوَلُ الْإِمَامَ وَالْأَمِيرَ وَالْقَاضِيَ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا عَدَا الْقَاضِي وَنَائِبِهِ فَإِنَّ نَائِبَ الْقَاضِي يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْقَاضِي نَصَّ عَلَيْهِ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ وَابْنُ حَبِيبٍ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا أَعْلَمُهُمْ اخْتَلَفُوا فِيهِ قِيلَ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَإِلَّا فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الْعَطَّارِ الْخِلَافَ عَنْ فُقَهَاءِ زَمَانِهِ فِي مَوْتِ الْإِمَامِ وَجَعَلُوا مِثْلَهُ مُقَدَّمَ الْقَاضِي لِلنَّظَرِ عَلَى الْأَيْتَامِ، انْتَهَى. وَانْظُرْ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مَعَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ وَنَصُّهُ: الْمُتَيْطِيِّ وَلَا يَنْعَزِلُ مُقَدَّمُ الْقَاضِي عَنْ يَتِيمٍ بِمَوْتِهِ أَوْ عَزْلِهِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ ابْنُ الْعَطَّارِ اخْتَلَفَ فِيهَا فُقَهَاؤُنَا وَلِذَا اسْتَحْسَنُوا ذِكْرَ إمْضَاءِ الثَّانِي تَقْدِيمَهُ، انْتَهَى.
وَنَصُّ الْمُتَيْطِيَّةِ لَمَّا أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى تَقْدِيمِ الْقَاضِي نَاظِرُ الْأَحْبَاسِ وَإِذَا مَاتَ الْقَاضِي الْمُقَدَّمُ لَهُ أَوْ عُزِلَ فَتَقْدِيمُهُ تَامُّ حَتَّى يَنْقُضَهُ الْوَالِي الَّذِي بَعْدَهُ لِعِلَّةٍ مَا إمَّا لِاسْتِغْنَاءٍ أَوْ لِرِيبَةٍ تَظْهَرُ مِنْ الْمُقَدَّمِ وَلَيْسَ يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ فِيمَا يَدْفَعُهُ مِنْ النَّفَقَاتِ وَغَيْرِهَا قَبْلَ أَنْ يَعْزِلَ الْوَالِي الثَّانِي أَنَّ الْوَالِيَ أَمْضَاهُ إذْ لَيْسَ يَنْفَسِخُ تَقْدِيمُ قَاضٍ بِمَوْتِهِ وَلَا عَزْلِهِ حَتَّى يَنْقُضَهُ الْوَالِي بَعْدَهُ وَبِهِ صَرَّحَ عَنْ فَسْخِهِ وَعَزْلِهِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ الْمُفْتِيَ أَوْ الْمَعْزُولَ قَدَّمَهُ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ فِيهِ التَّقْدِيمُ فَذَلِكَ عَلَى التَّمَامِ حَتَّى يَنْقُضَهُ الْوَالِي بَعْدَهُ لِعِلَّةٍ مَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَتَقْدِيمُهُ مِنْ نَظَرِ أَحْكَامِهِ الَّتِي لَا تُنْقَضُ بِمَوْتِهِ وَلَا بِعَزْلِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا مَاتَ الْإِمَامُ الَّذِي تُؤَدَّى إلَيْهِ الطَّاعَةُ وَقَدْ قَدَّمَ قُضَاةً وَحُكَّامًا، فَأَقْضَيْتُهُمْ نَافِذَةٌ وَأَحْكَامُهُمْ جَائِزَةٌ فِيمَا بَيْنَ مَوْتِ الْأَوَّلِ وَقِيَامِ الثَّانِي وَكَذَا بَعْدَ قِيَامِهِ وَقَبْلَ أَنْ يُنَفِّذَ لَهُمْ الْوِلَايَةَ وَهُمْ بِمَنْزِلَةِ وُلَاةِ الْأَيْتَامِ يُقَدِّمُهُمْ الْقَاضِي ثُمَّ يَمُوتُ أَوْ يُعْزَلُ، فَتَقْدِيمُهُ لَهُمْ مَاضٍ وَفِعْلُهُمْ جَائِزٌ وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يُمْضِيَهُ الْقَاضِي الَّذِي وَلِيَ بَعْدَهُ.
قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ: وَنَزَلَتْ عِنْدَنَا وَاخْتَلَفَ فِيهَا فُقَهَاؤُنَا وَفِيهَا اخْتِلَافٌ، قَدْ قِيلَ إنَّ أَحْكَامَهُمْ فِي الْفَتْرَةِ غَيْرُ نَافِذَةٍ وَيُنْقَضُ مَا حَكَمُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْضِيَ الْإِمَامُ الْقَائِمُ تَقْدِيمَهُمْ وَوِلَايَتَهُمْ، قَالَ: وَتَنْعَقِدُ عِنْدَهُ عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ فِي أَمْرِ الْمُقَدَّمِينَ لِلْأَيْتَامِ أَنْ يَذْكُرَ إمْضَاءَ الْقَاضِي الثَّانِي لِلتَّقْدِيمِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَيُوجَدُ هَذَا الْعَقْدُ فِي الْوَثَائِقِ الْقَدِيمَةِ وَلَمْ يَلْتَزِمْ الشُّيُوخُ قَدِيمًا عَقْدَهُ إلَّا لِلِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ فِيهِ فَيَخْرُجُ بِذِكْرِهِ مِنْ الْخِلَافِ، قَالَ: وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ فِي أَنَّ أَحْكَامَ الْحُكَّامِ نَافِذَةٌ قَبْلَ إمْضَاءِ الْإِمَامِ الْوَالِي لِوِلَايَتِهِمْ أَحْسَنُ، انْتَهَى.
فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَعِنْدِي أَنَّ مَا قَالُوهُ مِنْ انْعِزَالِ نَائِبِ الْقَاضِي بِمَوْتِ الْقَاضِي صَحِيحٌ إنْ كَانَ الْقَاضِي اسْتَنَابَهُ بِمُقْتَضَى الْوِلَايَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَأَمَّا إنْ اسْتَنَابَ رَجُلًا مُعَيَّنًا بِإِذْنِ الْإِمَامِ الْأَمِيرِ أَوْ الْخَلِيفَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْعَزِلَ ذَلِكَ النَّائِبُ بِمَوْتِ الْقَاضِي وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي النِّيَابَةِ إذْنًا مُطْلَقًا فَاخْتَارَ الْقَاضِي رَجُلًا فَفِي انْعِزَالِهِ بِمَوْتِ الْقَاضِي نَظَرٌ، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ نَائِبِ الْقَاضِي فِي انْعِزَالِهِ وَبَيْنَ نَائِبِ الْأَمِيرِ فِي عَدَمِ انْعِزَالِهِ وَقَدْ اسْتَشْكَلَهُ فَضْلٌ وَغَيْرُهُ، انْتَهَى.
وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي أَوَائِلِ النِّكَاحِ: وَسُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ أَمِيرِ مَدِينَةٍ كَتَبَ إلَى الْأَمِيرِ الْأَعْلَى فِي تَقْدِيمِ قَاضٍ وَعَيَّنَ رَجُلًا فَكَتَبَ إلَيْهِ بِتَوْلِيَتِهِ فَفَعَلَ وَكَتَبَ لَهُ صَكًّا بِتَقْدِيمِهِ عَلَى أَمْرِ الْأَمِيرِ الْأَعْلَى فَحَكَمَ بِذَلِكَ ثُمَّ وَلَّى صَاحِبَ مُنَاكِحٍ فَحَكَمَ بِطُولِ حَيَاةِ الْقَاضِي وَهُوَ يَعْلَمُ الْأَمِيرَ فَمَاتَ الْقَاضِي وَبَقِيَ صَاحِبُ الْمَنَاكِحِ عَلَى خُطَّتِهِ وَطَرِيقَتِهِ مِنْ شَهَادَةِ الْفُقَهَاءِ عِنْدَهُ وَالْإِعْلَامِ بِذَلِكَ فِيمَا يَرْجِعُ لِلنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ فَهَلْ تُحْتَرَمُ أَحْكَامُهُ بَعْدَ مَوْتِ الْقَاضِي أَوْ تُفْسَخُ فَأَجَابَ لَا تُنْقَضُ أَحْكَامُهُ بِمَوْتِ الْقَاضِي وَهُوَ عَلَى خُطَّتِهِ حَتَّى يَعْزِلَهُ مَنْ وَلِي بَعْدَ الْأَوَّلِ، وَفِعْلُهُ جَائِزٌ صَحِيحٌ (قُلْتُ) ؛ لِأَنَّ مَنْ وَلَّى الْقَاضِي الْأَوَّلُ مُطَّلِعٌ عَلَى تَقْدِيمِ هَذَا فَكَأَنَّهُ قَدَّمَهُ، وَمِثْلُهُ مُقَدَّمُ الْقَاضِي عَلَى مَحْجُورِهِ إذَا عُزِلَ الْقَاضِي فَالْمُقَدَّمُ عَلَى حَالِهِ لَا يُغَيَّرُ؛ لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ الْقَاضِي فِي غَيْرِهِ وَتَقَرَّرَ حُكْمُهُ فِيهِ فَإِنَّهُ مَاضٍ لَا يُغَيِّرُهُ عَزْلُهُ وَلَا مَوْتُهُ، انْتَهَى.
وَفِي مَسَائِلِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ وَمِنْ حَقِّ الْوَصِيِّ إذَا عَزَلَهُ غَيْرُ الَّذِي قَدَّمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ الْقَاضِي الَّذِي عَزَلَهُ الْوَجْهَ
الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ عَزَلَهُ وَأَنْ يُعْذِرَ إلَيْهِ فِيمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالْمَعْنَى الَّذِي أَوْجَبَ عَزْلَهُ إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ إلَّا بِأَمْرٍ يَثْبُتُ عَلَيْهِ عِنْدَهُ وَأَمَّا إنْ عَزَلَهُ الَّذِي وَلَّاهُ فَإِنْ كَانَ عَزْلُهُ بِأَمْرٍ رَآهُ بِاجْتِهَادِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَهُ بِهِ وَإِنْ كَانَ عَزْلُهُ لِجُرْحَةٍ ثَبَتَتْ عِنْدَهُ عَلَيْهِ فَمِنْ حَقِّهِ أَنْ يَعْتَذِرَ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ عَزَلَ الْوَصِيُّ نَفْسَهُ عَنْ النَّظَرِ لِلْيَتِيمِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ عُذْرٍ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْيَتِيمِ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ، انْتَهَى. وَذَكَرَ فِيهِ فِي أَوَائِلِ الْأَقْضِيَةِ عَزَلَ الْقَاضِي مَنْ قَدَّمَهُ غَيْرَهُ مِنْ قَاضٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَعَزَلَ نَفْسَهُ.
ص (وَتَحْكِيمِ غَيْرِ خَصْمِ)
ش: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: فَلَوْ حَكَّمَ خَصْمَهُ فَثَالِثُهَا يَمْضِي مَا لَمْ يَكُنْ الْمُحَكِّمُ الْقَاضِيَ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: هَذِهِ الْأَقْوَالُ صَحِيحَةٌ حَكَاهَا غَيْرُ وَاحِدٍ وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ أَوْ صَرَّحَ بِنَفْيِ الْخِلَافِ فِي أَنَّ حُكْمَهُ غَيْرُ مَاضٍ وَحَكَى بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَمْضِي لَكِنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ إلَى نَفْيِ الْخِلَافِ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَجَزَمَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ بِالْجَوَازِ فَقَالَ: مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا حَكَّمَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ صَاحِبَهُ فَحَكَمَ لِنَفْسِهِ أَوْ عَلَيْهَا جَازَ وَمَضَى مَا لَمْ يَكُنْ جَوْرًا بَيِّنًا وَلَيْسَ تَحْكِيمُ الشَّخْصِ خَصْمَهُ كَتَحْكِيمِ خَصْمِ الْقَاضِي، قَالَ أَصْبَغُ: لَا أُحِبُّ ذَلِكَ فَإِنْ وَقَعَ مَضَى وَلْيَذْكُرْ فِي حُكْمِهِ رِضَاهُ بِالتَّحَاكُمِ إلَيْهِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ حُكْمُهُ لِنَفْسِهِ وَقِيلَ يَجُوزُ، انْتَهَى. فَتَأَمَّلْهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ هَذَا بَعْدَ الْوُقُوعِ وَانْظُرْ هَلْ يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَانْظُرْ قَوْلَ ابْنِ فَرْحُونٍ جَازَ وَمَضَى هَلْ مَعْنَاهُ جَازَ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ فَتَأَمَّلْهُ
ص (وَجَاهِلٍ)
ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ وَأَشَارَ الْمَازِرِيُّ وَاللَّخْمِيُّ إلَى أَنَّ الْجَاهِلَ يَتَّفِقُ عَلَى بُطْلَانِ حُكْمِهِ؛ لِأَنَّ تَحْكِيمَهُ خَطَرٌ وَغَرَرٌ، ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ حُكْمُ الْمُحَكِّمِ إذَا كَانَ مَالِكِيًّا وَالْخَصْمَانِ كَذَلِكَ إذَا خَرَجَ عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِاجْتِهَادِهِ عَنْ ذَلِكَ لَزِمَ، انْتَهَى. وَفِي التَّبْصِرَةِ لِابْنِ فَرْحُونٍ إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْقُضَ حُكْمَهُ وَإِنْ خَالَفَ مَذْهَبَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَوْرًا بَيِّنًا لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: إنَّمَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ إذَا كَانَ الْمُحَكِّمُ عَدْلًا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ أَوْ عَامِّيًّا وَاسْتَرْشَدَ الْعُلَمَاءُ فَإِنْ حَكَمَ وَلَمْ يَسْتَرْشِدْ رُدَّ وَإِنْ وَافَقَ قَوْلَ قَائِلٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَخَاطُرٌ مِنْهُمَا وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: لَا يُحَكَّمُ إلَّا مَنْ يَصِحُّ أَنْ يُوَلَّى الْقَضَاءَ، قَالَ: فَإِذَا كَانَ الْمُحَكِّمُ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ مَالِكِيًّا وَلَمْ يَخْرُجْ بِاجْتِهَادِهِ عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ لَزِمَ حُكْمُهُ وَإِنْ خَرَجَ لَمْ يَلْزَمْ إذَا كَانَ الْخَصْمَانِ مَالِكِيَّيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُحَكِّمَاهُ عَلَى أَنْ يُخَرِّجَ عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَا شَافِعِيَّيْنِ أَوْ حَنَفِيَّيْنِ وَحَكَّمَاهُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ حُكْمُهُ إنْ حَكَمَ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ، انْتَهَى. فَتَأَمَّلْ آخِرَ كَلَامِهِ مَعَ أَوَّلِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَخِيرَ مُقَيِّدٌ لِلْأَوَّلِ وَظَاهِرُهُ قَوْلُهُ إذَا كَانَ مَالِكِيًّا وَلَمْ يُخَرِّجْ عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ لَزِمَ حُكْمُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْخَصْمَانِ كَذَلِكَ أَمْ لَا وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إذَا كَانَ الْخَصْمَانِ مَالِكِيَّيْنِ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا شَافِعِيَّيْنِ وَحَكَمَ
بَيْنَهُمَا بِمَذْهَبِهِمَا وَتَرَكَ مَذْهَبَهُ لَزِمَ حُكْمُهُ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ بَعْدَ مَا نَقَلَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ وَهَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي أَنَّ مُرَادَهُ بِالِاجْتِهَادِ الِاجْتِهَادُ فِي مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ لَا الِاجْتِهَادُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، انْتَهَى. وَفِي الْعُمْدَةِ وَإِذَا حَكَّمَا رَجُلًا وَرَضِيَا بِحُكْمِهِ لَزِمَهُمَا حُكْمُهُ إذَا كَانَ جَائِزًا شَرْعًا وَإِنْ خَالَفَ حُكْمَ الْبَلَدِ بِخِلَافِ التَّحْكِيمِ فِي الشَّهَادَةِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ، انْتَهَى. يَعْنِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - إذَا قَالَ: مَا شَهِدَ بِهِ عَلَى فُلَانٍ فَهُوَ حَقٌّ.
ص (وَمَضَى إنْ حَكَمَ صَوَابًا وَأُدِّبَ)
ش: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ يُؤَدَّبُ سَوَاءٌ أَنَفَّذَ الْحُكْمَ أَمْ لَمْ يُنَفِّذْهُ بِنَفْسِهِ وَلَكِنَّهُ حَكَمَ بِهِ وَرَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي يُنَفِّذُهُ وَاَلَّذِي حَكَمَ بِهِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَابْنُ يُونُسَ وَابْنُ فَرْحُونٍ أَنَّ الْأَدَبَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا أَنْفَذَ الْحُكْمَ بِنَفْسِهِ أَمَّا إذَا حَكَمَ وَلَمْ يَنْفُذْ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُمْضِي حُكْمَهُ وَيَنْهَاهُ عَنْ الْعَوْدَةِ وَنَصُّ مَا فِي التَّوْضِيحِ، قَالَ أَصْبَغُ: إذَا حَكَمَ فِيمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ فِيهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُمْضِي حُكْمَهُ وَيَنْهَاهُ عَنْ الْعَوْدَةِ زَادَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيُقِيمُ الْحَدَّ وَغَيْرَهُ، انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَإِنْ فَعَلَ الْمُحَكِّمُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَقَتَلَ أَوْ اقْتَصَّ أَوْ حَدَّ ثُمَّ رَفَعَ ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ أَدَبَهُ السُّلْطَانُ وَزَجَرَهُ وَأَمْضَى مَا كَانَ صَوَابًا مِنْ حُكْمِهِ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ سَحْنُونٍ وَزَادَ الْقَرَافِيُّ وَابْنُ فَرْحُونٍ بَعْدَ هَذَا الْكَلَامِ الْأَخِيرِ وَبَقِيَ الْمَحْدُودُ مَحْدُودًا وَالتَّدَاعِي مَاضِيًا اهـ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِهِ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَفِي صَبِيٍّ وَعَبْدٍ إلَخْ) ش تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ وَأَدْخَلَ مَعَهُمْ ابْنُ رُشْدٍ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ حَكَّمَا رَجُلًا وَالْمُسْتَثْنَى فِي الْقَوْلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى حَالِهِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَضَرْبِ خَصْمٍ لَدَّ)
ش: قَالَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَضْرِبَ الْخَصْمَ إذَا تَبَيَّنَ لَدَدُهُ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ: إذَا تَبَيَّنَ لَدَدُهُ مَعْنَاهُ إذَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ إذْ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ إلَّا فِي التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ، انْتَهَى. وَفِي رَسْمِ تَأْخِيرِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلَيْنِ إذَا اخْتَصَمَا وَلَدَّ أَحَدُهُمَا فَعَرَفَ ذَلِكَ مِنْهُ الْقَاضِي أَتَرَى أَنْ يُعَاقِبَهُ فَقَالَ: نَعَمْ إذَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ مِنْهُ وَنَهَاهُ فَأَرَى أَنْ يُعَاقِبَهُ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا كَمَا، قَالَ: لِأَنَّ لَدَدَ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ بِصَاحِبِهِ إذَايَةٌ لَهُ وَإِضْرَارٌ بِهِ وَوَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَكُفَّ أَذَى بَعْضِ النَّاسِ عَنْ بَعْضٍ وَيُعَاقِبَ عَلَيْهِ بِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، انْتَهَى. وَمِثْلُهُ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ، فَتَأَمَّلْ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَنْبَغِي لِلْقَاضِي مَنْعُ الْخُصُومِ مِنْهَا: إنَّ الْغَرِيمَ إذَا دَعَا غَرِيمَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ أَدَّبَهُ وَجَرَّحَهُ إنْ كَانَ عَدْلًا فَإِنْ تَغَيَّبَ شَدَّدَ الْقَاضِي عَلَيْهِ فِي الطَّلَبِ، وَأُجْرَةُ الرَّسُولِ عَلَى الطَّالِبِ فَإِنْ تَغَيَّبَ الْمَطْلُوبُ وَتَبَيَّنَ لَدَدُهُ فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، اللَّخْمِيُّ وَقَالَ ابْنُ الْفَخَارِ: وَلَا يَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَهُمْ الْأَوَّلُ وَانْظُرْ أَحْكَامَ ابْنَ سَهْلٍ وَالْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةٌ فِي بَابِ الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ عَنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَفِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ لِابْنِ هِشَامٍ مَنْ اسْتَهَانَ بِدَعْوَةِ الْقَاضِي أَوْ الْحَاكِمِ وَلَمْ يُجِبْ ضُرِبَ أَرْبَعِينَ، ثُمَّ قَالَ: وَمِنْهَا أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُمْنَعَ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ عِنْدَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُبْرِمُهُ وَيُضْجِرُهُ وَيُحَيِّرُهُ، انْتَهَى.
ص (وَعَزْلِهِ لِمَصْلَحَةٍ)
ش: ابْنُ عَرَفَةَ وَيَجِبُ تَفَقُّدُ الْإِمَامِ حَالَ قُضَاتِهِ فَيَعْزِلُ مَنْ فِي بَقَائِهِ مَفْسَدَةٌ وُجُوبًا فَوْرًا وَمَنْ يُخْشَى مَفْسَدَتُهُ اسْتِحْبَابًا وَمَنْ غَيْرُهُ أَوْلَى مِنْهُ عَزْلُهُ رَاجِحٌ، انْتَهَى.
ثُمَّ قَالَ الْمَازِرِيُّ: إذَا كَانَ فِي الْعَزْلِ مَصْلَحَةٌ لِلْعَامَّةِ أَمَرَ الْإِمَامُ بِالْمُنَادَاةِ إلَيْهِ وَإِنْ وَجَدَ الْإِمَامُ أَفْضَلَ مِمَّنْ وَلِي فَلَهُ عَزْلُهُ لِتَوَلِّيَةِ الْأَفْضَلِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَنْ هُوَ دُونَهُ فَلَا يَعْزِلُهُ فَإِنْ عَزَلَهُ فَلَا يَنْفُذُ عَزْلُهُ (قُلْتُ) فِي عَدَمِ نُفُوذِ عَزْلِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى لَغْوِ تَوْلِيَتِهِ غَيْرَهُ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى تَعْطِيلِ أَحْكَامِ