الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَصْبَغُ: سَوَاءٌ أَكَلَهَا أَوْ أَكَلَ ثَمَنَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا أَوْ وَهَبَهَا، قَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ الْمُغِيرَةِ: وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ فَإِنْ أَسْلَمَ سَيِّدُهُ خِدْمَتَهُ فِيهَا أَخْدَمَهُ فِيهَا ثُمَّ عَادَ إلَى رَبِّهِ فَإِنْ مَاتَ رَبُّهُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ رَبِّهَا قِيمَتَهَا مِنْ خِدْمَتِهِ عَتَقَ فِي ثُلُثِ سَيِّدِهِ وَاتُّبِعَ بِمَا بَقِيَ، قَالَ أَشْهَبُ: وَإِنْ كَانَ مُكَاتَبًا فَهِيَ فِي رَقَبَتِهِ إمَّا أَنْ يُؤَدِّيَ قِيمَتَهَا وَإِلَّا عَجَزَ ثُمَّ خُيِّرَ رَبُّهُ فِي إسْلَامِهِ بِهَا عَبْدًا أَوْ افْتِدَائِهِ وَيَبْقَى لَهُ عَبْدًا وَإِنْ اسْتَهْلَكَهَا بَعْدَ السَّنَةِ فَهِيَ فِي ذِمَّتِهِ وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَإِنْ اسْتَهْلَكَتْ أُمُّ الْوَلَدِ قَبْلَ السَّنَةِ فَكَالْجِنَايَةِ يَضْمَنُ سَيِّدُهَا الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ قِيمَةِ اللُّقَطَةِ، انْتَهَى.
ص (وَلَهُ أَكْلُ مَا يَفْسُدُ) ش ظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ أَصْلًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّعْرِيفِ وَنَصُّهُ: وَمَنْ الْتَقَطَ مَا لَا يَبْقَى مِنْ الطَّعَامِ فَأَحَبُّ إلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ كَثُرَ أَوْ قَلَّ وَلَمْ يُؤَقِّتْ مَالِكٌ فِي التَّعْرِيفِ بِهِ وَقْتًا فَإِنْ أَكَلَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ لِرَبِّهِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الشَّامِلِ: وَالتَّصَدُّقُ بِهِ أَوْلَى وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَصَحِّ وَثَالِثُهَا إنْ تَصَدَّقَ بِهِ لَا أَكَلَهُ، انْتَهَى. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ أَمْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ ثَمَنٌ بِيعَ وَوُقِفَ ثَمَنُهُ ذَكَرَهُ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الضَّحَايَا وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ بِرُمَّتِهِ فِي الضَّحَايَا فَرَاجِعْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَشَاةٌ بِفَيْفَاءَ)
ش: عَطَفَ الشَّاةَ عَلَى مَا يَفْسُدُ وَلَمْ يُشَبِّهْ الشَّاةَ بِهِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا شَبَهَهُ بِالشَّاةِ كَمَا فَعَلَ فِي الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْلٌ وَرَدَّ فِيهِ حَدِيثَ أَمَّا الشَّاةُ فَالْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ «هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيك أَوْ لِلذِّئْبِ» وَأَمَّا مَا يَفْسُدُ فَجَرَى ذِكْرُهُ فِي حَدِيثِ الثَّمَرَةِ وَغَيْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ بِفَيْفَاءَ يَعْنِي لَا عِمَارَةَ فِيهِ لِكَوْنِهِ يَخْشَى عَلَيْهَا فِيهِ السِّبَاعَ وَتَرَكَ الْمُؤَلِّفُ شَرْطًا آخَرَ ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ كَوْنُهُ يَعْسُرُ حَمْلُهَا وَأَقَرَّهُ فِي التَّوْضِيحِ، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَالثَّانِي لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْسُرْ حَمْلُهَا لَلَزِمَهُ حَمْلُهَا وَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهَا، انْتَهَى. وَإِذَا أَكَلَهَا بِالْفَيْفَاءِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهَا، قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ بِفَيْفَاءَ اُحْتُرِزَ بِهِ مِمَّا لَوْ وَجَدَهَا فِي الْقَرْيَةِ أَوْ بِقُرْبِ الْعُمْرَانِ فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُعَرِّفَهَا، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ وَجَدَ ضَالَّةَ غَنَمٍ بِقُرْبِ الْعُمْرَانِ عَرَّفَ بِهَا فِي أَقْرَبِ الْقُرَى إلَيْهَا وَلَا يَأْكُلُهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي فَلَوَاتِ الْأَرْضِ وَالْمَهَامِهِ أَكَلَهَا وَلَا يُعَرِّفُ بِهَا وَلَا يَضْمَنُ لِرَبِّهَا شَيْئًا، انْتَهَى.
[فَرْعٌ وَجَدَ شَاةً اخْتَلَطَتْ بِغَنَمِهِ]
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ، قَالَ سَحْنُونٌ فِيمَنْ وَجَدَ شَاةً اخْتَلَطَتْ بِغَنَمِهِ فَهِيَ كَاللُّقَطَةِ يَتَصَدَّقُ بِهَا أَوْ بِثَمَنِهَا يُرِيدُ بَعْدَ السَّنَةِ فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا ضَمِنَهَا لَهُ، انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: فَلَوْ ذَبَحَهَا فِي الْفَلَاةِ ثُمَّ أَتَى بِلَحْمِهَا أَكَلَهُ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا أَصْبَغُ وَيَصِيرُ لَحْمُهَا وَجِلْدُهَا مَالًا مِنْ مَالِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ رَبُّهَا وَهِيَ فِي يَدَيْهِ فَيَكُونُ أَحَقَّ بِهَا وَإِنْ أَتَى بِالشَّاةِ مِنْ الْفَلَاةِ إلَى الْعِمَارَةِ فَلَهَا حُكْمُ اللُّقَطَةِ يُعَرِّفُهَا وَإِنْ أَتَى رَبُّهَا أَخَذَهَا اللَّخْمِيُّ. يُرِيدُ وَيُعْطِيهِ أُجْرَةَ نَقْلِهَا، انْتَهَى.
ص (كَإِبِلٍ)
ش: ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا فِي جَمِيعِ الْأَزْمَانِ، قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ الْعُتْبِيَّة وَقِيلَ هُوَ خَاصٌّ بِزَمَنِ الْعَدْلِ وَصَلَاحِ
النَّاسِ وَأَمَّا فِي الزَّمَنِ الَّذِي فَسَدَ فِيهِ النَّاسُ فَالْحُكْمُ أَنْ تُؤْخَذَ فَتُعَرَّفَ فَإِنْ لَمْ تُعَرَّفْ بِيعَتْ وَوُقِفَ ثَمَنُهَا لِصَاحِبِهَا فَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مَا فَعَلَهُ عُثْمَانُ لَمَّا دَاخَلَ النَّاسَ فِي زَمَنِهِ الْفَسَادُ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَصَحِيحُ مَذْهَبِ مَالِكٍ عَدَمُ الْتِقَاطِهَا مُطْلَقًا، انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ أَيْضًا سَوَاءٌ كَانَتْ بِمَوْضِعٍ يَخَافُ عَلَيْهَا السِّبَاعَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ، وَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَاخْتَلَفَ إنْ كَانَتْ الْإِبِلُ بَعِيدَةً مِنْ الْعُمْرَانِ بِحَيْثُ يَخَافُ عَلَيْهَا السِّبَاعَ فَقِيلَ إنَّهَا فِي حُكْمِ الْغَنَمِ، لِوَاجِدِهَا أَكْلُهَا وَقِيلَ إنَّهَا تُؤْخَذُ فَتُعَرَّفُ إذْ لَا مَشَقَّةَ فِي جَلْبِهَا، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَاخْتَلَفَ هَلْ تُلْتَقَطُ حَيْثُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا السِّبَاعُ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ وَلَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَظَاهِرُهُ أَيْضًا سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْعُمْرَانِ أَوْ فِي الصَّحْرَاءِ لِإِطْلَاقِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلَا تُلْتَقَطُ الْإِبِلُ فِي الصَّحْرَاءِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَوْلُهُ فِي الصَّحْرَاءِ نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَفْهُومٌ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَفْهُومٌ ثُمَّ هُوَ مُحْتَمَلٌ لِلْمُوَافَقَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ الْتِقَاطُهَا حَيْثُ يُتَوَهَّمُ ضَيَاعُهَا فَامْتِنَاعُهُ حَيْثُ لَا يُتَوَهَّمُ أَوْلَى وَمُحْتَمَلٌ لِلْمُخَالَفَةِ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّهَا تُلْتَقَطُ فِي الْعُمْرَانِ لِسُهُولَةِ وُجْدَانِ رَبِّهَا لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا نَقَلَهَا مِنْ الصَّحْرَاءِ إلَى الْعِمَارَةِ فَلَا تَتَأَتَّى مَعْرِفَةُ رَبِّهَا؛ وَلِأَنَّهَا فِي الْعُمْرَانِ لَا تَجِدُ مَا تَأْكُلُ فَتَهْلَكُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْأَوَّلُ أَسْعَدُ بِظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَالثَّانِي أَقْرَبُ إلَى لَفْظِهِ، انْتَهَى قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ مَالِكٌ وَلَهَا مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا حِذَاؤُهَا أَخْفَافُهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الصَّلَابَةِ وَسِقَاؤُهَا كِرْشَهَا لِكَثْرَةِ مَا تَشْرَبُ فِيهِ مِنْ الْمَاءِ وَتَكْتَفِي بِهِ الْأَيَّامُ وَكِلَاهُمَا مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص (وَغَلَّتِهَا دُونَ نَسْلِهَا)
ش: قَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ
وَأَمَّا مَنَافِعُ اللُّقَطَةِ وَغَلَّاتُهَا وَلَبَنُهَا، فَقَالَ مَالِكٌ: لِلْمُلْتَقِطِ وَلَا يُتْبَعُ بِذَلِكَ وَيُتْبَعُ بِهَا وَبِنَسْلِهَا خَاصَّةً وَقِيلَ يُتْبَعُ بِالْجَمِيعِ إنْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ وَلَهُ أَنْ يَكْرِيَ الْبَقَرَ وَغَيْرَهُ فِي عَلَفِهَا كِرَاءً مَأْمُونًا وَلَهُ الرُّكُوبُ وَلَهُ بَيْعُ مَا يَخَافُ ضَيَاعَهُ وَتَلَفَهُ، انْتَهَى.
ص (وَوَجَبَ لَقْطُ طِفْلٍ نُبِذَ كِفَايَةً)
ش: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: اللَّقِيطُ طِفْلٌ ضَائِعٌ لَا كَافِلَ لَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَسَوَاءٌ عُلِمَ نَسَبُهُ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ وَالْكَافِلُ الْمَنْفِيُّ هُوَ الْقَرِيبُ وَإِلَّا فَالْمُلْتَقِطُ كَافِلٌ، انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: كِفَايَةً، قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَكُلُّ صَبِيٍّ ضَائِعٍ لَا كَافِلَ لَهُ فَالْتِقَاطُهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ فَمَنْ وَجَدَهُ وَخَافَ عَلَيْهِ الْهَلَاكَ إنْ تَرَكَهُ لَزِمَهُ أَخْذُهُ وَلَمْ يَحِلَّ لَهُ تَرْكُهُ، انْتَهَى.
ص (وَنَفَقَتُهُ إنْ لَمْ يُعْطَ مِنْ الْفَيْءِ إلَخْ) ش لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِمُنْتَهَى النَّفَقَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى مُلْتَقَطِهِ حَتَّى يَبْلُغَ أَوْ يَسْتَغْنِيَ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي فَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى مُلْتَقِطِهِ إمَّا بِمُقْتَضَى الْعَادَةِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَدُلُّ عَلَى مِثْلِ هَذَا وَإِمَّا لِأَنَّهُ أَوْلَى النَّاس بِهِ وَيَسْتَمِرُّ إنْفَاقُهُ عَلَيْهِ إلَى الْبُلُوغِ أَوْ يَسْتَغْنِي قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْبَاجِيَّ وَغَيْرَهُ مِمَّنْ نَقَلَ هَذَا الْفَرْعَ عَنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ إنَّمَا عَطَفَ يَسْتَغْنِي عَلَى مَا قَبْلَهُ بِالْوَاوِ وَذَلِكَ يُوهِمُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ فِي النَّفَقَةِ حِينَئِذٍ كَحُكْمِ الْوَلَدِ تَسْتَمِرُّ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَبْلُغَ الذَّكَرُ صَحِيحًا أَوْ تَتَزَوَّجَ الْأُنْثَى وَيَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا وَمَا أَظُنُّهُ يُرِيدُ مِثْلَ هَذَا، انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: نَفَقَتُهُ عَلَى مُلْتَقِطِهِ حَتَّى يَبْلُغَ وَيَسْتَغْنِيَ هَكَذَا نَقَلَ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ بِالْوَاوِ خِلَافَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ يَسْتَغْنِيَ، انْتَهَى. فَتَأَمَّلْهُ، وَفِي الشَّامِلِ حَتَّى يَبْلُغَ وَيَسْتَغْنِيَ بِالْوَاوِ وَكَنَقْلِ الْبَاجِيِّ.
ص (وَرُجُوعُهُ عَلَى أَبِيهِ إنْ طَرَحَهُ عَمْدًا)
ش: تَصَوُّرُهُ
وَاقِعٌ، قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: فَإِنْ ثَبَتَ لَهُ أَبٌ بِالْبَيِّنَةِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَوْلُهُ ثَبَتَ لَا مَفْهُومَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ وَلَدُهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْبَاجِيُّ وَإِنَّمَا تُشْتَرَطُ الْبَيِّنَةُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فِي التَّصْدِيقِ فِي الِاسْتِلْحَاقِ، انْتَهَى.
وَعِبَارَةُ التَّهْذِيبِ نَحْوُ عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَنَبَّهَ عَلَيْهَا أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ إنْ طَرَحَهُ عَمْدًا كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ ثَبَتَ لَهُ أَبٌ بِالْبَيِّنَةِ طَرَحَهُ عَمْدًا لَزِمَتْهُ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ وَكَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَطْرَحْهُ أَوْ طَرَحَهُ بِلَا عَمْدٍ لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ وَلَكِنْ إنَّمَا تَكَلَّمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُؤَلِّفُ عَلَى الْمَفْهُومِ الْأَوَّلِ وَهُوَ كَوْنُهُ لَمْ يَطْرَحْهُ وَكَذَا الشَّارِحُ بَهْرَامُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ.
، وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ الْتَقَطَ لَقِيطًا فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ فَأَتَى رَجُلٌ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنَهُ فَلَهُ أَنْ يَتْبَعَهُ بِمَا أَنْفَقَ إنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا فِي حِينِ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ هَذَا إنْ تَعَمَّدَ الْأَبُ طَرْحَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ طَرَحَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي صَبِيٍّ ضَلَّ عَنْ وَالِدِهِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَلَا يَتْبَعُ أَبَاهُ بِشَيْءٍ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: هَذَا دَلِيلٌ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يَتَعَمَّدْ طَرْحَهُ كَأَنَّهُ يَقُولُ فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتِك فِي الَّذِي لَمْ يَتَعَمَّدْ الْأَبُ طَرْحَهُ، انْتَهَى. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: وَرُجُوعُهُ عَلَى أَبِيهِ إلَى آخِرِهِ، أَيْ: وَوَجَبَ لِلْمُنْفِقِ الرُّجُوعُ عَلَى أَبِي اللَّقِيطِ إذَا طَرَحَهُ عَمْدًا أَمَّا إنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ فَلِأَنَّ النَّفَقَةَ بِالْأَصَالَةِ عَلَى الْأَبِ وَطَرْحَهُ لَا يُسْقِطُهَا وَأَمَّا إنَّهُ إذَا لَمْ يَطْرَحْهُ أَوْ طَرَحَهُ بِوَجْهٍ كَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَّ مَنْ طَرَحَ ابْنَهُ يَعِيشُ لَهُ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فَلِأَنَّ أَخْذَ الْمُلْتَقِطِ لَهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مَنْعٌ مِنْ إنْفَاقِ الْأَبِ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا طَرَحَهُ بِوَجْهٍ، انْتَهَى. فَتَأَمَّلْهُ مَعَ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَبَقِيَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ قَيْدَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ، الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْأَبُ حِينَ الْإِنْفَاقِ مُوسِرًا وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ اعْتِمَادًا عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي فَصْلِ النَّفَقَةِ مِنْ أَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْمُوسِرِ. الْقَيْدُ الثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ الْمُنْفِقُ أَنْفَقَ حِسْبَةً وَهَذَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، أَنَّهُ لَمْ يُنْفِقْ حِسْبَةً فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنَّهُ لَمْ يُنْفِقْ حِسْبَةً) ش يَعْنِي إذَا طَرَحَهُ أَبُوهُ عَمْدًا وَلَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ فَادَّعَى عَلَى الْمُنْفِقِ أَنَّهُ إنَّمَا أَنْفَقَ حِسْبَةً وَادَّعَى الْمُنْفِقُ عَدَمَ الْحِسْبَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: مَعَ يَمِينِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِيَمِينٍ، انْتَهَى. يَظْهَرُ أَنَّهُ بَحْثٌ مِنْ عِنْدِهِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ شَاسٍ كَمَا عَلِمْت وَنَبَّهَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ (تَنْبِيهٌ) اُنْظُرْ لَوْ اخْتَلَفَا فِي طَرْحِهِ فَادَّعَى الْمُلْتَقِطُ أَنَّ أَبَاهُ طَرَحَهُ عَمْدًا وَأَنْكَرَهُ الْأَبُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ أَشْبَهَ مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَا فِي عُسْرِ الْأَبِ وَقْتَ الْإِنْفَاقِ أَوْ يُسْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ)
ش: قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمُلْتَقِطُ إلَّا بِتَخْصِيصِ الْإِمَامِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِيهَا أَيْضًا: وَأَرْشُ خَطَئِهِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ فَالْأَرْشُ لَهُ، انْتَهَى.
ص (كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا بَيْتَانِ إنْ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ)
ش: قَالَ فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إلَّا الْبَيْتَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَنَقَلَهُ فِي الْجَوَاهِرِ فَمَفْهُومُهُ أَنْ لَوْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْيِينِ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ هَذِهِ الصُّورَةَ لِلْخِلَافِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ مُسَاوِينَ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ التَّسَاوِي أَنْ يُحْمَلَ اللَّقِيطُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَوْ الْتَقَطَهُ مُشْرِكٌ، انْتَهَى. وَمَفْهُومُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ إذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا قَرِيبًا مِنْ التَّسَاوِي لَحُكِمَ بِإِسْلَامِهِ مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ وَانْظُرْ قَوْلَهُمْ الْبَيْتَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا إلَّا وَاحِدٌ
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ مُتَّحِدٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَفِي قُرَى الشِّرْكِ مُشْرِكٌ) ش نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَسَوَاءٌ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ، انْتَهَى. وَفِي الذَّخِيرَةِ وَفِي قُرَى الْكُفْرِ وَمَوَاضِعِهِمْ فَهُوَ كَافِرٌ وَلَا يَعْرِضُ لَهُ إلَّا أَنْ يَلْتَقِطَهُ مُسْلِمٌ فَيَجْعَلَهُ عَلَى دِينِهِ، انْتَهَى. فَتَأَمَّلْهُ.
ص (وَقُدِّمَ الْأَسْبَقُ إلَخْ) ش، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى ضَيَاعِهِ عِنْدَ الْأَوَّلِ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَنَصُّهُ: وَلَوْ ازْدَحَمَ اثْنَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا أَهْلٌ قُدِّمَ السَّابِقُ فَإِنْ اسْتَوَيَا قَدَّمَ الْإِمَامُ مَنْ هُوَ أَصْلَحُ لِلصَّبِيِّ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي ذَلِكَ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، انْتَهَى. وَقَالَ فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ الْتَقَطَ لَقِيطًا فَكَابَرَهُ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَنَزَعَهُ مِنْهُ فَرَافَعَهُ إلَى الْإِمَامِ نَظَرَ الْإِمَامُ لِلصَّبِيِّ فَأَيُّهُمَا كَانَ أَقْوَى عَلَى مُؤْنَتِهِ وَكَفَالَتِهِ وَكَانَ مَأْمُونًا دَفَعَهُ إلَيْهِ، انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: هُوَ لِلْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّانِي أَكْفَأَ مِنْهُ وَأَحْرَزَ الشَّيْخُ وَهُوَ مَعْنَى الْكِتَابِ وَقَوْلُهُ مَأْمُونًا، أَيْ: أَنْ يَبِيعَهُ، انْتَهَى. فَتَأَمَّلْ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ وَشَارِحِهَا فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ الْأَكْفَأِ ثُمَّ الْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَانْظُرْ هَلْ يُرَجَّحُ هُنَا بِالصَّلَاحِ وَعَدَمِهِ فَيُقَدَّمُ غَيْرُ الْفَاسِقِ عَلَى الْفَاسِقِ وَقَدْ يُتَلَمَّحُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَكَانَ مَأْمُونًا، فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص (وَلَيْسَ لِمُكَاتَبٍ وَنَحْوِهِ الْتِقَاطٌ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ)
ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: لِأَنَّهُ يَشْتَغِلُ بِتَرْبِيَتِهِ وَنَفَقَتِهِ عَنْ سَيِّدِهِ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَإِنَّمَا صَحَّ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ إنَّمَا أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَوَجْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّقِيطَ يَحْتَاجُ إلَى حَضَانَةٍ وَالْحَضَانَةُ تَبَرُّعٌ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَانْظُرْ الْمَرْأَةَ هَلْ يَصِحُّ الْتِقَاطُهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا؟ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص (وَنُدِبَ أَخْذُ آبِقٍ لِمَنْ يَعْرِفُ وَإِلَّا فَلَا يَأْخُذُهُ)
ش: قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: الْإِبَاقُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ اسْمٌ لِلذَّهَابِ فِي اسْتِتَارٍ وَهُوَ الْهُرُوبُ وَالْأَبْقُ بِالْفَتْحِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا أَيْضًا اسْمُ الْفِعْلِ وَالْمَصْدَرِ وَالْأُبَّاقُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ جَمْعُ آبِقٍ، انْتَهَى. وَعِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ هِيَ كَقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ وَجَدَ آبِقًا فَلَا يَأْخُذُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِقَرِيبِهِ أَوْ جَارِهِ أَوْ لِمَنْ يَعْرِفُهُ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَأْخُذَهُ وَهُوَ مِنْ أَخْذِهِ فِي سَعَةٍ، انْتَهَى. وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فَلَا يَأْخُذُهُ هُوَ لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: أَمَّا أَخْذُ الْآبِقِ فَقَدْ، قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: تَرْكُهُ خَيْرٌ مِنْ أَخْذِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِقَرِيبِهِ أَوْ جَارِهِ أَوْ لِمَنْ يَعْرِفُهُ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَأْخُذَهُ، انْتَهَى. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ أَوْ لِمَنْ يَعْرِفُهُ هُوَ الضَّابِطُ وَلَا يُقَالُ أَنَّ ذَلِكَ لِلْقَرَابَةِ، انْتَهَى.
وَلِهَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ وَقَيَّدَ الْبِسَاطِيُّ هَذَا بِمَا إذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ فِيهِ الْهَلَاكُ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا الْحَسَنِ، قَالَ فِي قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَهُوَ مِنْ أَخْذِهِ فِي سَعَةٍ، قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَمَّا إذَا كَانَ عَلَى الْأَمْيَالِ الْيَسِيرَةِ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَبَقَ مِنْهُ فَلَا سَعَةَ فِي تَرْكِهِ إذَا لَمْ يَخَفْ مِنْهُ الشَّيْخُ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ تَلَفٌ لَهُ، انْتَهَى.
ص (فَإِنْ أَخَذَهُ رَفَعَهُ لِلْإِمَامِ وَوُقِفَ سَنَةً ثُمَّ بِيعَ وَلَا يُهْمَلُ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ أَخَذَ آبِقًا رَفَعَهُ إلَى الْإِمَامِ وَيُوقِفُهُ سَنَةً وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ فِيمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ كَالْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ وَإِلَّا بَاعَهُ وَأَخَذَ مِنْ ثَمَنِهِ مَا أَنْفَقَ وَحَبَسَ بَقِيَّةَ الثَّمَنِ لِرَبِّهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَأَمَرَ مَالِكٌ بِبَيْعِ الْإِبَاقِ بَعْدَ السَّنَةِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِإِطْلَاقِهِمْ يَعْمَلُونَ وَيَأْكُلُونَ وَلَمْ يَجْعَلْهُمْ كَضَوَالِّ الْإِبِلِ؛ لِأَنَّهُمْ يَأْبِقُونَ ثَانِيَةً، انْتَهَى. فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ رَفَعَهُ إلَى الْإِمَامِ كَقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ رَفَعَهُ إلَى الْإِمَامِ أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَالرَّفْعُ إلَى الْإِمَامِ أَوْلَى وَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ هُوَ مَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ، انْتَهَى. وَقَالَ: قَوْلُهُ وَيَكُونُ فِيمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ كَالْأَجْنَبِيِّ يَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَفْعَلُ فِيهِ مَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّفْعُ، انْتَهَى. وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: فَإِنْ أَخْذَهُ فَلَا يَخْلُو السُّلْطَانُ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا أَوْ جَائِرًا فَإِنْ كَانَ عَدْلًا فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ رَفَعَهُ إلَى الْإِمَامِ وَإِنْ شَاءَ عَرَّفَ بِهِ ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ جَائِرًا فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ إلَيْهِ وَيُعَرِّفَهُ سَنَةً وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ وَيَكُونَ حُكْمُهُ فِي النَّفَقَةِ حُكْمَ السُّلْطَانِ، انْتَهَى.
وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَوُقِفَ سَنَةً ثُمَّ بِيعَ وَلَا يُهْمَلُ مِثْلُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُوقِفُهُ سَنَةً إلَى قَوْلِهِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِإِطْلَاقِهِمْ وَفِيهِ أَمْرَانِ، أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُحْبَسُ سَنَةً، وَالثَّانِي أَنَّهُ يُبَاعُ بَعْدَ السَّنَةِ وَلَا يُمْهَلُ، أَمَّا الْأَوَّلُ، فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ، قَالَ سَحْنُونٌ: لَا أَرَى أَنْ يُوقِفَهُ سَنَةً وَلَكِنْ بِقَدْرِ مَا يَتَبَيَّنُ أَمْرَهُ ثُمَّ يُبَاعُ وَيَكْتُبُ الْحَاكِمُ صِفَاتِهِ عِنْدَهُ حَتَّى يَأْتِيَ لَهُ طَالِبٌ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِ سَنَةً رُبَمَا ذَهَبَتْ بِثَمَنِهِ، انْتَهَى. وَفِي سَمَاعِ عِيسَى، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّأْنُ وَالسَّنَةُ فِي الْآبِقِ أَنْ يُحْبَسَ سَنَةً إلَّا أَنْ يَخَافَ الضَّيْعَةَ فَيُبَاعُ (قُلْتُ) أَرَأَيْت إذَا انْقَضَتْ السَّنَةُ وَلَمْ يَخَفْ ضَيْعَةً أَيُبَاعُ، قَالَ: نَعَمْ وَلَا يُحْبَسُ بَعْدَ السَّنَةِ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ أَنَّ الْآبِقَ يُحْبَسُ هُوَ مِثْلُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ إنَّهُ إذَا خُشِيَتْ الضَّيْعَةُ عَلَيْهِ بِيعَ قَبْلَ السَّنَةِ هُوَ تَفْسِيرٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ مَضَى فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ أَنَّهُ إذَا خُشِيَتْ عَلَيْهِ الضَّيْعَةُ خُلِّيَ سَبِيلَهُ وَلَمْ يُبَعْ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ هُنَالِكَ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ، انْتَهَى.
فَمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى تَفْسِيرٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا كَلَامُ سَحْنُونٍ فَإِنَّهُ خِلَافٌ لِلْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهُ لَا يَرَى حَبْسَهُ سَنَةً أَصْلًا، قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ، قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ أَنَّ الْآبِقَ يُحْبَسُ سَنَةً وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَتَحْصِيلُهُ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يُخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعَةُ فِي هَذَا الْأَمَدِ أَمْ لَا فَإِنْ خِيفَ بِيعَ قَبْلَ السَّنَةِ وَهِيَ رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ وَإِنْ لَمْ يُخْشَ عَلَيْهِ هَلْ يُنْتَظَرُ بِهِ سَنَةً وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يُوقَفُ سَنَةً وَإِنَّمَا يُوقَفُ بِقَدْرِ مَا يَتَبَيَّنُ ضَرَرَهُ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ، انْتَهَى.
وَأَمَّا الْأَمْرُ الثَّانِي وَهُوَ كَوْنُهُ يُبَاعُ بَعْدَ السَّنَةِ وَلَا يُمْهَلُ، فَقَالَ فِي سَمَاعِ
أَشْهَبُ: إنَّهُ إذَا عَرَّفَهُ فَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهُ أَنَّهُ يُخَلِّيهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَبِيعَهُ فَيَهْلَكَ ثَمَنُهُ وَيُؤْكَلَ أَوْ يُطْرَحَ فِي السِّجْنِ فَيُقِيمُ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُطْعِمُهُ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: أَمَّا الْإِبَاقُ فَسَوَّى فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ضَوَالِّ الْإِبِلِ فِي أَنَّهُمْ يُرْسَلُونَ إذَا عُرِّفُوا فَلَمْ يُعْرَفُوا، وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنَّهُمْ يُحْبَسُونَ ثُمَّ يُبَاعُونَ فَتُحْبَسُ أَثْمَانُهُمْ لِأَرْبَابِهِمْ وَلَا يُرْسَلُونَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ مِنْ الْقَوْلِ وَعَلَى ذَلِكَ يَحْمِلُهُ الشُّيُوخُ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ فَيَكُونُ الْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ خَشِيَ عَلَيْهِ أَنْ يَضِيعَ فِي السِّجْنِ بِغَيْرِ نَفَقَةٍ وَأَنْ يَتْلَفَ ثَمَنُهُ إنْ بِيعَ كَانَ إرْسَالُهُ أَوْلَى مِنْ حَبْسِهِ عَلَى مَا قَالَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ عَلَيْهِ أَنْ يَضِيعَ فِي السِّجْنِ بِغَيْرِ نَفَقَةٍ وَلَا يَتْلَفُ ثَمَنُهُ إنْ بِيعَ كَانَ حَبْسُهُ سَنَةً ثُمَّ بَيْعُهُ بَعْدَ السَّنَةِ وَإِمْسَاكُ ثَمَنِهِ أَوْلَى مِنْ إرْسَالِهِ.
، وَمَوْضِعُ الْخِلَافِ عِنْدَ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ إذَا خَشِيَ عَلَيْهِ أَنْ يَضِيعَ فِي السِّجْنِ وَأَنْ يَتْلَفَ ثَمَنُهُ إذَا بِيعَ فَمَرَّةً رَأَى أَنْ إرْسَالَهُ أَوْلَى لِئَلَّا يَضِيعَ أَوْ يَتْلَفَ ثَمَنُهُ، وَمَرَّةً رَأَى أَنَّ حَبْسَهُ وَبَيْعَهُ وَإِمْسَاكَ ثَمَنِهِ أَوْلَى لِئَلَّا يَأْبِقَ ثَانِيَةً، وَالِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الِاجْتِهَادِ، أَيُّ الْخَوْفَيْنِ أَشَدُّ؟ وَأَمَّا إنْ لَمْ يُخْشَ عَلَيْهِ أَنْ يَضِيعَ فِي السِّجْنِ وَلَا أَنْ يَتْلَفَ ثَمَنُهُ إذَا بِيعَ فَلَا يُرْسَلُ؛ لِئَلَّا يَأْبِقَ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَوْ لَمْ يُخْشَ عَلَيْهِ أَنْ يَضِيعَ فِي السِّجْنِ وَخُشِيَ عَلَى ثَمَنِهِ أَنْ يَضِيعَ لَوَجَبَ أَنْ يُسْجَنَ سَنَةً يُعَرَّفُ فِيهَا ثُمَّ يُسَرَّحُ وَلَا يُحْبَسُ أَكْثَرَ مِنْهَا الَّتِي هِيَ حَدُّ تَعْرِيفِ اللُّقَطَةِ وَلَوْ لَمْ يُخْشَ عَلَى ثَمَنِهِ ضَيَاعٌ وَخُشِيَ عَلَيْهِ إنْ سُجِنَ لَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَاعَ وَيُوقَفَ ثَمَنُهُ وَلَا يُسْجَنُ، انْتَهَى. فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص.
(وَأَخَذَ نَفَقَتَهُ)
ش: فَاعِلُ أَخَذَ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى الْمُنْفِقِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ سَوَاءٌ كَانَ الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص (وَمَضَى بَيْعُهُ وَإِنْ قَالَ رَبُّهُ: كُنْتُ أَعْتَقْته)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا جَاءَ رَبُّ الْآبِقِ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ السَّنَةِ وَالْعَبْدُ قَائِمٌ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ وَلَا يُرَدُّ الْبَيْعُ وَلَوْ قَالَ رَبُّهُ: كُنْتُ أَعْتَقْته أَوْ دَبَّرْته بَعْدَ مَا أَبَقَ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَأْبِقَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ عَلَى نَقْضِ الْبَيْعِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، انْتَهَى. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ بَعْدَ السَّنَةِ، الشَّيْخُ وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَهُ قَبْلَ السَّنَةِ
لِمَا
رَأَى مِنْ وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ الَّذِي يَقُولُ لَا يُوقَفُ سَنَةً فَلَا إشْكَالَ، انْتَهَى. وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: أَمَّا الْعِتْقُ وَالتَّدْبِيرُ وَسَائِرُ عُقُودِ الْعِتْقِ غَيْرِ الْإِيلَادِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي نَقْضِ الْعِتْقِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ، انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إثْرَ الْكَلَامِ السَّابِقِ: وَلَوْ كَانَتْ أَمَةٌ فَبَاعَهَا الْإِمَامُ بَعْدَ السَّنَةِ ثُمَّ جَاءَ سَيِّدُهَا، فَقَالَ: قَدْ كَانَتْ وَلَدَتْ مِنِّي وَوَلَدُهَا قَائِمٌ فَإِنَّهَا تُرَدُّ إلَيْهِ إنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ، وَقَالَهُ مَالِكٍ فِيمَنْ بَاعَ جَارِيَةً لَهُ وَوَلَدَهَا ثُمَّ اسْتَلْحَقَ الْوَلَدُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَى مِثْلِهَا رُدَّتْ إلَيْهِ وَلَوْ قَالَ: كُنْتُ أَعْتَقْتهَا لَمْ يُصَدَّقْ وَلَمْ تُرَدَّ إلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ قِيلَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ، فَقَالَ بَعْدَ مَا بَاعَهَا: كَانَتْ وَلَدَتْ مِنِّي، قَالَ: أَرَى أَنْ تُرَدَّ إلَيْهِ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا، انْتَهَى. وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا وَلَدٌ أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ فَهَلْ تُرَدُّ إلَيْهِ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ مَنْصُوصَيْنِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، أَحَدُهُمَا أَنَّهَا تُرَدُّ إلَيْهِ سَوَاءٌ اُتُّهِمَ أَوْ لَمْ يُتَّهَمْ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ، وَالثَّانِي أَنَّهَا تُرَدُّ إلَيْهِ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ وَإِنْ اُتُّهِمَ فِيهَا لَمْ تُرَدَّ إلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ فَإِنْ اُتُّهِمَ فِيهَا لَمْ تَرُدَّ إلَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ لَمْ يُتَّهَمْ فَهَلْ تُرَدُّ إلَيْهِ أَمْ لَا؟ الْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلَيْنِ قَائِمَيْنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، أَحَدُهُمَا أَنَّهَا لَا تُرَدُّ إلَيْهِ وَهِيَ رِوَايَةُ أَكْثَرِ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ اللَّبَّادِ، وَالثَّانِي أَنَّهَا تُرَدُّ إلَيْهِ وَهِيَ رِوَايَةُ أَكْثَرِ الْقَرَوِيِّينَ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَالْبَرَاذِعِيُّ وَحَكَاهَا ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، انْتَهَى.
(فَائِدَةٌ) قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: إنَّمَا قَالَ فِي الْعِتْقِ: لَا يُصَدَّقُ وَفِي الِاسْتِيلَادِ يُصَدَّقُ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْعِتْقَ سَبِيلُهُ أَنْ يَتَوَثَّقَ فِيهِ وَيُشْهِدُ، هَذِهِ عَادَةُ النَّاسِ فَلَمَّا لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ اُتُّهِمَ، وَوِلَادَةُ الْأَمَةِ لَيْسَ شَأْنُ النَّاسِ فِيهِ الْإِشْهَادَ وَالِاشْتِهَارَ لَهُ فَإِذَا انْتَفَتْ التُّهْمَةُ صُدِّقَ، انْتَهَى. وَقَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُتَّهَمُ، قَالَ عِيَاضٌ
يَعْنِي: بِصَبَابَةٍ إلَيْهَا، انْتَهَى. مِنْ أَبِي الْحَسَنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَلَهُ عِتْقُهُ وَهِبَتُهُ لِغَيْرِ ثَوَابٍ)
ش: أَبُو الْحَسَنِ وَجَمِيعُ الْمَعْرُوفُ فِيهِ جَائِزٌ ابْنُ يُونُسَ، وَهُوَ لَازِمٌ وَكَذَلِكَ عِتْقُهُ إلَى أَجَلٍ فَإِنْ جَعَلَ الْأَجَلَ مِنْ يَوْمِ أَبَقَ ثُمَّ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ حَتَّى انْقَضَى الْأَجَلُ كَانَ حُرًّا، انْتَهَى.
ص (إلَّا لِخَوْفٍ مِنْهُ)
ش: قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: فَإِنْ أَرْسَلَهُ لِعُذْرٍ كَمَا إذَا خَافَ مِنْهُ أَنْ يَقْتُلَهُ أَوْ يَضْرِبَهُ أَوْ يَذْهَبَ بِحَوَائِجِ بَيْتِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُخْتَلَفَ فِيمَا قَالَهُ إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ الْخَوْفُ بِمَا ظَهَرَ مِنْ ظَوَاهِرِ حَالِ الْعَبْدِ ثُمَّ قَالَ: وَلَيْسَ شِدَّةُ النَّفَقَةِ بِعُذْرٍ مُسْقِطٍ عَنْهُ الضَّمَانَ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ رَفَعَهُ إلَى الْإِمَامِ وَإِلَّا فَلَا يُرْسِلُهُ وَلْيَرْفَعْهُ إلَى الْإِمَامِ فَتَأَمَّلْهُ.
(لَا إنْ أَبَقَ مِنْهُ وَإِنْ مُرْتَهِنًا وَحَلَفَ) ش يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا أَبَقَ مِنْ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ثُمَّ بَالَغَ، فَقَالَ: وَإِنْ كَانَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ أَخَذَهُ مِنْ رَبِّهِ عَلَى جِهَةِ الرَّهْنِ لَكِنْ يَحْلِفُ، فَقَوْلُهُ وَحَلَفَ رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَبَقَ مِنْهُ، قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَهْرُبَ مِنْ الدَّارِ أَوْ يُرْسِلَهُ إلَى بَعْضِ حَوَائِجِهِ فَإِنْ أَبَقَ مِنْ دَارِهِ فَإِنْ ظَهَرَ ذَلِكَ وَاشْتَهَرَ قُبِلَ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ قَوْلًا وَاحِدًا كَانَ مِمَّنْ يُتَّهَمُ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا دَعْوَاهُ هَلْ يَحْلِفُ أَمْ لَا؟ الْمَذْهَبُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ يَحْلِفُ لَقَدْ انْفَلَتَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَالثَّالِثُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ التُّهْمَةِ حَلَفَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَةٍ خَفِيفَةٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَةٍ يَأْبِقُ فِي مِثْلِهَا فَهُوَ ضَامِنٌ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ فِي كِتَابِهِ، انْتَهَى. وَاقْتَصَرَ ابْنُ يُونُسَ عَلَى الثَّانِي فَانْظُرْهُ فِيهِ.
ص (وَأَخَذَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا دَعْوَاهُ إنْ صَدَّقَهُ)
ش: نَحْوُ هَذَا قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا الْآبِقَ عَبْدُهُ وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً فَإِنْ صَدَّقَهُ الْعَبْدُ دُفِعَ إلَيْهِ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَيُضَمِّنُهُ إيَّاهُ، قَالَ أَشْهَبُ فِي كِتَابِهِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ مُدَّعِيهِ: ثُمَّ إنْ جَاءَ لَهُ طَالِبٌ لَمْ يَأْخُذْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ الْعَبْدُ بِمِثْلِ مَا أَقَرَّ لِلْأَوَّلِ مِنْ الرِّقِّ، انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: فَإِنْ ادَّعَاهُ يَعْنِي الْآبِقَ أَحَدٌ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا فَلَا يَخْلُو الْعَبْدُ مِنْ أَنْ يُقِرَّ لَهُ أَمْ لَا فَإِنْ أَقَرَّ لَهُ أَخَذَهُ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ فَعَلَى قَوْلَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ كَمَا لَوْ اعْتَرَفَ بِهِ وَيُضَمِّنُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَالثَّانِي لَا يُدْفَعُ لَهُ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ، انْتَهَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ إنَّمَا قَالَ: يُدْفَعُ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ إذَا وَصَفَهُ وَلَمْ يَعْتَرِفْ لِغَيْرِهِ بِالرِّقِّ وَنَصُّهُ بَعْدَ مَسْأَلَةِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي: فَإِنْ ادَّعَى الْعَبْدَ وَوَصَفَهُ وَلَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ فَأَرَى أَنَّهُ مِثْلُ الْمَتَاعِ يَنْظُرُ فِيهِ الْإِمَامُ وَيَتَلَوَّمُ لَهُ فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يَطْلُبُهُ وَإِلَّا دَفَعَهُ إلَيْهِ وَضَمَّنَهُ إيَّاهُ قِيلَ وَلَا يُلْتَفَتُ هَهُنَا إلَى الْعَبْدِ إنْ أَنْكَرَ أَنَّ هَذَا مَوْلَاهُ إلَّا أَنَّهُ مُقِرٌّ أَنَّهُ عَبْدٌ لِفُلَانٍ بِبَلَدٍ آخَرَ، قَالَ: يَكْتُبُ