الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ أَوْصَى إلَى وَصِيَّيْنِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ وَلَا نِكَاحٌ وَلَا غَيْرُهُ دُونَ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَهُ قَالَ غَيْرُهُ: لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا لِصَاحِبِهِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، فَإِنْ اُخْتُلِفَ نَظَرَ السُّلْطَانُ ثَمَّ وَلَا يُخَاصِمُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ خَصْمًا لِلْمَيِّتِ إلَّا مَعَ صَاحِبِهِ وَمَنْ ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَعْوَى وَأَحَدُهُمْ حَاضِرٌ خَاصَمَهُ، وَيُقْضَى لَهُ وَيَكُونُ الْغَائِبُ إذَا قَدِمَ عَلَى حُجَّةِ الْمَيِّتِ انْتَهَى. زَادَ اللَّخْمِيُّ إثْرَ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُخَاصِمُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ خَصْمًا لِلْمَيِّتِ إلَّا مَعَ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَهُ أَوْ يَكُونَ غَائِبًا انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ حَارِثٍ فِي أُصُولِ الْفَتْوَى: وَلَا يُخَاصِمُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ دُونَ صَاحِبِهِ فِيمَا يَطْلُبُونَهُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، وَجَائِزٌ أَنْ يُخَاصِمَ أَحَدُهُمْ فِيمَا يُطْلَبُ بِهِ الْمَيِّتُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزٌ، وَيَكُونُ الْغَائِبُ عَلَى حُجَّتِهِ انْتَهَى. فَإِنْ أَنْكَحَ أَحَدُهُمْ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ أَنَّهُ نِكَاحٌ فَاسِدٌ، فَإِنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى دُونَ صَاحِبِهِ وَأَرَادَ صَاحِبُهُ رَدُّهُ رَفَعَهُ لِلسُّلْطَانِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَإِنْ فَعَلَ وَأَرَادَ الْآخَرُ رَدَّ فِعْلِهِ، فَإِنْ رَآهُ صَوَابًا أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ، فَإِنْ فَاتَ الْمُشْتَرِي بِالْبَيْعِ كَانَ عَلَى الَّذِي انْفَرَدَ بِالْبَيْعِ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ، وَإِنْ اشْتَرَى وَفَاتَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ كَانَتْ السِّلْعَةُ الْمُشْتَرَاةُ لَهُ وَغَرِمَ الثَّمَنَ، وَقَالَ أَشْهَبُ إلَّا فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ الَّذِي لَا بُدَّ لِلْيَتِيمِ مِنْهُ مِثْلُ أَنْ يَغِيبَ أَحَدُهُمَا فَيَشْتَرِي الْبَاقِي الطَّعَامَ وَالْكِسْوَةَ وَمَا يَضُرُّ بِالْيَتِيمِ اسْتِئْجَارُهُ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ فِي آخِرِ كِتَاب الرُّهُونِ مِنْ مُخْتَصَرِ الْمُدَوَّنَةِ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُرْهِنَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ رَهْنًا فِيمَا يُبْتَاعُ لَهُ مِنْ مَصَالِحِهِ كَمَا يَتَدَايَنُ عَلَيْهِ وَلَا يَدْفَعُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ رَهْنًا مِنْ التَّرِكَةِ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ، وَإِنْ اُخْتُلِفَ نَظَرَ الْإِمَامُ، وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " حَمْلًا عَلَى التَّعَاوُنِ " هَذَا إنْ أَطْلَقَ الْمَيِّتُ وَأَمَّا إنْ نَصَّ عَلَى اجْتِمَاعٍ أَوْ انْفِرَادٍ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ يُتَّبَعُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ، فَإِنْ قَدِمَ عَلَى الْمَيِّتِ وَصِيَّانِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالنَّظَرِ عَنْ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُقَدَّمُ أَنَّ مَنْ عَاقَهُ مِنْهُمَا عَائِقٌ انْفَرَدَ صَاحِبَهُ بِهِ فَيَكُونُ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَائِقِ اهـ.
[مَسْأَلَة أَوْصَى عَلَى ابْنِهِ إلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا أَوْ غَابَ فَالْبَاقِي مُنْفَرِدٌ فَثَبَتَ سَخْطَةُ أَحَدِهِمَا]
(مَسْأَلَةٌ) قَالَ ابْنُ سَهْلٍ فِي أَحْكَامِهِ فِي أَوَائِلِ مَسَائِلِ السَّفِيهِ وَقَالُوا فِي رَجُلٍ أَوْصَى عَلَى ابْنِهِ إلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا أَوْ غَابَ فَالْبَاقِي مُنْفَرِدٌ فَثَبَتَ سَخْطَةُ أَحَدِهِمَا فَإِنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُوَكِّلَ مَعَ الْبَاقِي نَاظِرًا مَأْمُونًا وَلَا يَنْفَرِدُ؛ لِأَنَّ الْمَعْزُولَ لِسَخْطَةٍ لَمْ يَمُتْ وَلَا غَابَ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ الْمَشَذَّالِيّ فِي حَاشِيَتِهِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا الْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: اُنْظُرْ هَلْ يَتَنَزَّلُ الْمُشْرِفُ عَلَى الْوَصِيِّ مَنْزِلَةَ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ قَالَ الْمَشَذَّالِيّ وَقَالَ ابْنُ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ عَتَّابٍ فِي بَعْضِ أَجْوِبَتِهِ مَا، نَصُّهُ: " وَسَبَبُ الْمُشَاوَرَةِ كَسَبَبِ الْوَصِيِّ أَوْ أَقْوَى، وَانْظُرْ نَوَازِلَ ابْنِ رُشْدٍ فِي النِّكَاحِ فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّ الْمُشْرِفَ لَيْسَ بِوَلِيٍّ وَلَا وَصِيٍّ، وَإِنَّمَا لَهُ الْمَشُورَةُ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي اللُّبَابِ فِي بَابِ الْوَصَايَا، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُشْرِفًا فَلَهُ أَنْ يُشْرِفَ عَلَى أَفْعَالِ الْوَصِيِّ كُلِّهَا، وَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا إلَّا بِمَعْرِفَتِهِ، فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا بِغَيْرِ عِلْمِهِ مَضَى إنْ كَانَ سَدَدًا وَإِلَّا رَدَّهُ، وَشَهَادَةُ الْمُشْرِفِ لِلْمَحْجُورِ جَائِزَةٌ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ انْتَهَى. وَفِي ابْنِ سَلْمُونٍ فِي آخِرِ تَرْجَمَةِ الْكَلَامِ عَلَى الْمَحْجُورِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْكَلَامَ عَلَى الْوَصِيَّيْنِ وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى وَصِيٍّ فَإِنَّمَا يَكُونُ الْمَالُ عِنْدَ الْوَصِيِّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ وَلَهُ أَجْرُ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ عَلَى مَحْجُورِهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ الْمُشْرِفِ، وَإِنَّمَا لِلْمُشْرِفِ النَّظَرُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِرَأْيِهِ، وَإِنْ فَعَلَ بِغَيْرِ رَأْيِهِ رَدَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ نُظِرَا، وَقَالَ غَيْرُهُ لِلْمُشْرِفِ أَنْ يُشْرِفَ عَلَى أَفْعَالِ الْوَصِيِّ كُلِّهَا مِنْ إجْرَاءِ النَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا وَلَا يَنْقَلِبُ إلَّا بِمَعْرِفَتِهِ، فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا بِغَيْرِ عِلْمِهِ مَضَى إنْ كَانَ سَدَادًا وَإِلَّا رَدَّهُ الْمُشْرِفُ، وَإِنْ أَرَادَ رَدَّ السَّدَادِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَنَظَرَ السُّلْطَانُ فِيهِ انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إنْ لَمْ يُجْبَرْ، كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ فِي النَّوَازِل عَلَى الْمُشْرِفِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِوَلِيٍّ، وَإِنَّمَا لَهُ الْمَشُورَةُ وَالْإِجَازَةُ وَالرَّدُّ إنْ عَقَدَ الْوَصِيُّ
بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمِنْ مُخْتَصَرِ النَّوَازِلِ أَفْتَى الْقَاضِي ابْنُ رُشْدٍ: أَنَّ الْمَحْجُورَ إذَا جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْرِفِ عَلَى وَصِيِّهِ فِي أَمْرٍ عَدَاوَةٌ أَوْ مُخَاصَمَةٌ فَإِنَّهُ يُعْزَلُ عَنْ الْإِشْرَافِ انْتَهَى. وَهِيَ فِي مَسَائِلِ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَاتِ مِنْ النَّوَازِلِ مَبْسُوطَةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَلَا لَهُمَا قَسْمُ الْمَالِ وَإِلَّا ضَمِنَا) ش قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا وَلَكِنْ عِنْدَ أَعْدَلِهِمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْعَدَالَةِ جَعَلَهُ الْإِمَامُ عِنْدَ أَكْفَئِهِمَا، وَلَوْ اقْتَسَمَا الصِّبْيَةَ فَلَا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ حِصَّةَ مَنْ عِنْدِهِ مِنْ الصِّبْيَانِ انْتَهَى. قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ جَعَلَاهُ عِنْدَ أَدْنَاهُمَا عَدَالَةً لَمْ يَضْمَنَا؛ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا عَدْلٌ ثُمَّ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ، فَإِنْ اخْتَلَفُوا طُبِعَ عَلَيْهِ، وَجُعِلَ عِنْدَ غَيْرِهِمْ انْتَهَى. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ:" وَإِلَّا ضَمِنَا " أَيْ، وَإِنْ اقْتَسَمَاهُ ضَمِنَا وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَظَاهِرُهُ مَا حَكَاهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ إنَّمَا يَضْمَنُ مَا بِيَدِ صَاحِبِهِ، وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَاتٍ عَنْ الْمُشَاوِرِ إنْ قَسَمَ الْوَصِيَّانِ الْمَالَ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا دُونَ إذْنِ صَاحِبِهِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ وَيَرُدُّهُ الْآخَرُ، وَيَضْمَنُهُ إنْ فَاتَ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَرْطُ الْمُوصِي أَنَّ مَنْ عَاقَهُ عَائِقٌ فَالْبَاقِي مِنْهُمَا مُنْفَرِدٌ بِالْوَصِيَّةِ فَفِعْلُ أَحَدِهِمَا جَائِزٌ وَقْتَ مَغِيبِ الْآخَرِ أَوْ شُغْلِهِ مِنْ غَيْرِ وَكَالَةٍ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا فَعَلَ حِينَئِذٍ (قُلْت) هَذَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لَا سَحْنُونٍ انْتَهَى. مِنْ مَسَائِلِ الْوَصَايَا مِنْ الْبُرْزُلِيِّ.
ص (وَلِلْوَصِيِّ اقْتِضَاءُ الدَّيْنِ)
ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا قَضَاءُ الْوَصِيِّ مَا عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ الدَّيْنِ فَقَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْوَصَايَا قَالَ أَصْبَغُ فِي الْمَيِّتِ يَشْهَدُ وَصِيُّهُ أَنَّ ثُلُثَهُ صَدَقَةٌ وَلَا يَشْهَدُ غَيْرُهُ قَالَ إنْ خَفِيَ لَهُ وَأَمِنَ إذَا أَخْرَجَهُ فَلْيَفْعَلْ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ بَلْ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ، وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ إذَا عَلِمَ أَنَّ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا، وَهُوَ لَا يَخَافُ عَاقِبَتَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَكَذَلِكَ مَا سُئِلْت عَنْهُ مِنْ الْوَصَايَا وَالْحُقُوقِ وَالدُّيُونِ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ فِي تَرِكَتِهِ عَبْدًا حُرًّا يُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ أَوْ فِي ثُلُثِهِ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُهْمِلَهُ وَلَا يَعْرِضَ لَهُ بِبَيْعٍ وَلَا خِدْمَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا وَكَذَلِكَ الْوَارِثُ فِيمَا عُلِمَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ وَهَذَا الْبَابُ كَثِيرٌ مَعْنَاهُ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ انْتَهَى.
وَفِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ مِنْهَا أَيْضًا عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي صَغِيرٍ يُوصِي لَهُ بِدِينَارٍ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِذَلِكَ إلَّا الْوَصِيُّ، فَإِنْ خَفِيَ لِلْوَصِيِّ دَفْعُ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَكَذَلِكَ لَوْ رُفِعَ إلَى الْإِمَامِ فَلَمْ يَقْبَلْ شَهَادَتُهُ فَلَهُ دَفْعُهُ إنْ خَفِيَ لَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ كَانَ كَبِيرًا لَحَلَفَ، وَأَخَذَ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ يُوقَفُ لِلصَّبِيِّ حَتَّى يَكْبُرَ فَيَحْلِفَ لَكَانَ بَيْنَهُمْ فِي بَقَاءِ ذَلِكَ بِيَدِهِ إلَى بُلُوغِهِ انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ الْوَصَايَا الْأَوَّل فِي تَرْجَمَةِ الْوَصِيِّ يَقْضِي عَنْ الْمُوصِي الدَّيْنَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ قَالَ أَشْهَبُ: وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَقْضِيَ الدَّيْنَ عَنْ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ أَمْرٍ قَالَ إنَّ مَنْ كَانَ فِيهِ بَيِّنَةُ عُدُولٍ، وَالثِّقَةُ لَهُ أَنْ لَا يَدْفَعَ إلَّا بِأَمْرِ قَاضٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَلَغَ بَعْضَ الْوَرَثَةِ فَجُرِحَ شُهُودُ الدَّيْنِ لَضَمِنَ أُخِذَتْ مِمَّنْ قَبَضَهَا، وَلَوْ كَانَ بِأَمْرِ قَاضٍ لَمْ يَرُدَّ وَلَمْ يَقْبَلْ تَجْرِيحَهُمْ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ نَفَذَ، وَإِنْ دَفَعَ الْوَصِيُّ إلَى الْغَرِيمِ ثُمَّ قَامَ آخَرُونَ فَأَثْبَتُوا دَيْنَهُمْ وَجَرَّحُوا بَيِّنَةَ الْأَوَّلِ فَالْوَصِيُّ ضَامِنٌ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا أَخَذَ أَوْ يُغَرِّمُهُ الْقَائِمُونَ أَوْ يَدَعُوا الْوَصِيَّ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ الْأَوَّلُ عَلَى الْوَصِيِّ بِشَيْءٍ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ بِقَضِيَّةٍ لَمْ يَضْمَنْ لِلْقَائِمِينَ بَعْدَهُ وَرَجَعُوا عَلَى الْأَوَّلِ بِحِصَّتِهِمْ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ الْوَصِيُّ عَالِمًا بِغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ أَوْ كَانَ مَوْصُوفًا بِالدَّيْنِ فَيَضْمَنُ لِمَنْ أَتَى وَيَرْجِعُ عَلَى مَنْ أَخَذَ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ مَوْصُوفًا بِالدَّيْنِ لَمْ يَرْجِعُوا إلَّا عَلَى مَنْ أَخَذَ، وَقَالَ فِي قَضَاءِ الْوَرَثَةِ بَعْضَ الْغُرَمَاءِ كَمَا قَالَ فِي الْوَصِيِّ، وَقَالَ فِي الصَّبِيِّ، وَقَالَ مِثْلَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ إذَا تَأَنَّوْا وَلَمْ يُعَجِّلُوا وَبَعْدَ الصِّيَاحِ فِي الدَّيْنِ، وَفَعَلُوا مَا كَانَ يَفْعَلُهُ السُّلْطَانُ فَلَا يَضْمَنُوا، وَأَمَّا إنْ عَجَّلُوا ضَمِنُوا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ رَجَعَ الطَّارِئُ عَلَى الْأَوَّلِ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْوَصِيَّيْنِ يَدْفَعَانِ دَيْنًا
بِشَهَادَتِهِمَا أَوْ الْوَارِثَيْنِ ثُمَّ يَطْرَأُ دَيْنٌ آخَرُ أَوْ وَارِثٌ ثُمَّ يَقْدُمُ، فَإِنْ دَفَعَا بِأَمْرِ قَاضٍ لَمْ يَضْمَنُوا، وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَا، وَأَمَّا بَعْدَ الدَّفْعِ، فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِ قَاضٍ فَيَضْمَنَانِ انْتَهَى.
ص (وَالنَّفَقَةُ عَلَى الطِّفْلِ بِالْمَعْرُوفِ)
ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ.
(مَسْأَلَةٌ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ أَخَذَ يَشْرَبُ خَمْرًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْجَامِعِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ أَكْلَ مَالِ الْيَتِيمِ ظُلْمًا مِنْ الْكَبَائِرِ لَا يَحِلُّ وَلَا يَجُوزُ، وَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْفَقِيرِ الْمُحْتَاجِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ بِقَدْرِ اشْتِغَالِهِ بِهِ وَخِدْمَتِهِ فِيهِ وَقِيَامِهِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا يَسُوغُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ إلَّا مَا لَا ثَمَنَ لَهُ وَلَا قَدْرَ لِقِيمَتِهِ مِثْلُ اللَّبَنِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا ثَمَنَ لَهُ فِيهِ وَمِثْلُ الْفَاكِهَةِ مِنْ حَائِطِهِ وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ أَجَازَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ وَيَكْتَسِيَ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ وَمَا تَدْعُو إلَيْهِ الضَّرُورَةُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ رَدُّ ذَلِكَ وَأَمَّا الْغَنِيُّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ خِدْمَةٌ وَلَا عَمَلٌ سِوَى أَنْ يَتَفَقَّدَهُ وَيُشْرِفَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ إلَّا مَا لَا قَدْرَ لَهُ وَلَا بَالَ، مِثْلُ اللَّبَنِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا ثَمَنَ لَهُ فِيهِ، وَالثَّمَرُ يَأْكُلُهُ مِنْ حَائِطِهِ إذَا دَخَلَهُ وَاخْتُلِفَ إنْ كَانَ لَهُ فِيهِ خِدْمَةٌ وَعَمَلٌ، فَقِيلَ: إنَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ بِقَدْرِ عَمَلِهِ فِيهِ وَخِدْمَتِهِ لَهُ، وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِقَوْلِهِ عز وجل {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} [النساء: 6] انْتَهَى. بِالْمَعْنَى، وَنَقَلَهُ فِي رَسْمِ اغْتَسَلَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَفِي خَتْنِهِ وَعُرْسِهِ وَعِيدِهِ)
ش: قَالَ فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ: وَلْيُوَسِّعْ عَلَيْهِمْ وَلَا يُضَيِّقْ وَرُبَّمَا قَالَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُمْ بَعْضُ مَا يُلْهِيهِمْ بِهِ وَذَلِكَ مِمَّا يُطَيِّبُ نُفُوسَهُمْ بِهِ انْتَهَى.
ص (وَإِخْرَاجُ فِطْرَتِهِ وَزَكَاتِهِ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ الصَّبِيِّ فِطْرَتَهُ وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ مَالِهِ، قَالَ فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيُشْهِدُ، فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ وَكَانَ مَأْمُونًا صُدِّقَ انْتَهَى. وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا هَلْ يَلْزَمُهُ غُرْمُ الْمَالِ أَوْ يَحْلِفُ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا.
ص (وَرَجَعَ لِلْحَاكِمِ إنْ كَانَ الْحَاكِمُ حَنَفِيًّا) ش تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الزَّكَاةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَدَفَعَ مَالَهُ قِرَاضًا أَوْ بِضَاعَةً)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُعْطِيَ مَالَ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَعْمَلَ بِهِ الْوَصِيُّ لِنَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَتَّجِرَ لِلْيَتِيمِ أَوْ يُقَارِضَ لَهُ بِهِ غَيْرُهُ انْتَهَى.
وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ وَالْجَوَاهِرِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَقَيَّدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِالْأَمْنِ، وَنَصُّهُ: " الشَّيْخُ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى وَلَا يَضْمَنُ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قُلْت مَعَ الْأَمْنِ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ انْتَهَى.
وَلَفْظُ النَّوَادِرِ وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ، وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ نَحْوُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَلَهُ أَنْ يَتَّجِرَ بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى لَهُمْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قَالَهُ عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَيَشْتَرِيَ لَهُمْ الرَّقِيقَ لِلْغَلَّةِ وَالْحَيَوَانَ مِنْ الْمَاشِيَةِ وَشِبْهَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ كُلُّهُ حَسَنٌ، وَقَدْ فَعَلَهُ السَّلَفُ وَقَدْ أَعْطَتْ عَائِشَةُ مَالَ يَتِيمٍ لِمَنْ يَتَّجِرُ بِهِ فِي الْبَحْرِ، وَأَنْكَرَ مَا يَفْعَلُ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنْ يُقْرِضُوا أَمْوَالَهُمْ لِمَنْ يَضْمَنُهَا، وَأَعْظَمَ كَرَاهِيَتَهُ قَالَ أَشْهَبُ: وَلَهُ أَنْ يَتَّجِرَ بِمَالِ يَتِيمِهِ بِبَدَنِهِ أَوْ يُؤَاجِرَ لَهُ مَنْ يَتَّجِرَ أَوْ يَدْفَعُهُ قِرَاضًا أَوْ بِضَاعَةً عَلَى اجْتِهَادِهِ وَلَا يَضْمَنُ وَلَهُ أَنْ يُودِعَ مَالَهُ عَلَى النَّظَرِ، وَلِأَمْرٍ يَرَاهُ فَإِمَّا أَنْ يَفْعَلَهُ عَلَى الْمَعْرُوفِ بِمَنْ يَأْخُذُهُ فَلَا يَصْلُحُ ذَلِكَ وَذَكَرَ كُلَّهُ ابْنُ الْمَوَّازِ
لِابْنِ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَشْهَبُ وَمِنْ هَذِهِ الدَّوَاوِينِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ مَالَهُ قِرَاضًا إذَا دَفَعَ إلَى أَمِينٍ وَلَا يَضْمَنُ، قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَلَهُ أَنْ يُبْضِعَ لَهُمْ وَيَبْعَثَ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَلَهُ أَنْ يُودِعَ مَالَهُمْ وَيُسَلِّفَهُ، قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يُسَلِّفُهُ فِي التِّجَارَةِ فَأَمَّا عَلَى الْمَعْرُوفِ فَلَا انْتَهَى.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: لِلْوَصِيِّ دَفْعُ مَالِهِ قِرَاضًا وَبِضَاعَةً، وَمِنْ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ:" وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُعْطِيَ مَالَ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً " وَمِنْ قَوْلِ النَّوَادِرِ: وَلَهُ أَنْ يَتَّجِرَ بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَصِيِّ التِّجَارَةُ بِمَالِ الْيَتِيمِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُسْتَحْسَنُ لَهُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى مُحَمَّدٌ إنَّمَا لِلْوَصِيِّ فِي مَالِ الْيَتِيمِ فِعْلُ مَا يُنَمِّيهِ أَوْ يَنْفَعُهُ، اللَّخْمِيُّ وَحَسَنٌ أَنْ يَتَّجِرَ لَهُ بِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ انْتَهَى. وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ الْمَذْكُورُ هُوَ فِي بَابِ الْوَصَايَا وَصَرَّحَ أَيْضًا فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ النَّوَادِرِ أَنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ وَقَدْ فَعَلَهُ السَّلَفُ.
(الثَّانِي) قَالَ فِي الْعُتْبِيَّة فِي رَسْمِ الْعِتْقِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّ الضَّمَانَ الَّذِي يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى حَرَامٌ يُضَمِّنُونَهَا أَقْوَامًا يَكُونُ لَهُمْ رِبْحُهَا، وَعَلَيْهِمْ ضَمَانُهَا، وَالسُّنَّةُ فِيهَا إنْ كَانَ لَهُمْ وَصِيٌّ ثِقَةٌ لَمْ تُحَرَّكْ مِنْ يَدِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَصِيٌّ اسْتَوْدَعَهَا الْقَاضِي عِنْدَ ثِقَةٍ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الْوَجْهُ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى دَفْعُهَا إلَى مَنْ يَتَّجِرُ فِيهَا تَطَوُّعًا لِلثَّوَابِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَعَلَى سَبِيلِ الْقِرَاضِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أُودِعَتْ عِنْدَ مَنْ يُوثَقُ بِهِ، فَإِنْ تَعَدَّى عَلَيْهَا الْمُودَعُ فَتَسَلَّفَهَا ضَمِنَهَا وَسَقَطَ عَنْ الْيَتَامَى زَكَاتُهَا، وَلَمْ يَحِلَّ أَنْ يَضْمَنَ لِأَحَدٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ رِبْحُهَا؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ لِغَيْرِ وَجْهِ اللَّهِ لَمْ يَبْتَغِ بِهِ الْمُقْرِضُ إلَّا مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ لَا مَنْفَعَةَ الْمُقْتَرِضِ اهـ. مُخْتَصَرًا، وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ النَّوَادِرِ فِيمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا أَنْكَرَ مَا يَفْعَلُ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنْ يُقْرِضُوا أَمْوَالَ الْيَتَامَى لِمَنْ يَضْمَنُهَا، وَأَعْظَمُ كَرَاهِيَةً، فَالْكَرَاهَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى التَّحْرِيمِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ فِي الْعُتْبِيَّة وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُسَلِّفَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَلَوْ أَخَذَ رَهْنًا وَأَمَّا الْعَمَلُ بِهِ مِمَّا يَحْصُلُ لَهُمْ فِيهِ رِبْحٌ عَلَى الْوَجْهِ الْجَائِزِ الَّذِي لَا حِيلَةَ فِيهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَلَهُ ذَلِكَ انْتَهَى. بِالْمَعْنَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُسَلِّفَ مَالَهُمْ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ، وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ بِزِيَادَةٍ فِيهِ، وَلَفْظُهُ: " وَلَا يُسَلِّفُ مَالَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْرُوفٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَثِيرَ التَّجْرِ لَهُ وَيُسَلِّفُ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ مِمَّا يَصْلُحُ وَجْهُهُ مَعَ النَّاسِ فَلَا بَأْسَ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهُ بِلَفْظِهِ وَأَمَّا إسْلَافُ الْمُوصَى مَالَهُ فَقَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا، قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَغَيْرِهَا: وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَرْكَبَ لَهُ دَابَّةً، وَلَا يَتَسَلَّفَ مَالَهُ وَقَالَهُ عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ: وَمَنْ مَاتَ فِي سَفَرٍ وَأَوْصَى رَجُلًا فَلَا يَتَسَلَّفُ الْوَصِيُّ مِنْ تَرِكَتِهِ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ مَتَاعِهِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ: وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَتَسَلَّفَ مِنْ مَالٍ بِيَدِهِ لِغَيْرِهِ، وَأَجَازَ بَعْضُ النَّاسِ فَرُوجِعَ فَقَالَ: إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فِيهِ وَفَاءٌ فَأَرْجُو إذَا أَشْهَدَ أَنْ لَا بَأْسَ بِهِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْهَا فِي تَرْجَمَةِ زَكَاةِ مَالِ الْمَفْقُودِ وَالصَّبِيِّ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَإِنْ اسْتَنْفَقَ مَالَ يَتِيمِهِ وَلَهُ بِهِ مُلَاءٌ وَخَافَ أَنْ يَعْذِرَ لَهُ بِهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَقَالَهُ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُسَلِّفُهُ وَيَسْتَسْلِفُهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِلَاءٌ فَلَا يَسْتَسْلِفُهُ انْتَهَى. وَقَالَ فِي مُخْتَصَر الْوَاضِحَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَإِنْ تَرَكَ وَالِي الْيَتِيمِ أَنْ يَتَّجِرَ بِمَالِهِ أَوْ يُبْضِعَ لَمَّا خَشِيَ مِنْ التَّعْزِيرِ بِهِ وَتَجَرَ لِنَفْسِهِ أَوْ يَضْمَنُهُ أَوْ اسْتَنْفَقَهُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ عِنْدَهُ بِهِ وَفَاءٌ إنْ عَطِبَ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ: وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ وَفَاءٌ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَسْتَسْلِفَهُ وَلَا أَنْ يَتَّجِرَ فِيهِ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُهُ لِلتَّلَفِ وَلَا مَالَ لَهُ، فَإِنْ فَعَلَ فَالرِّبْحُ لَهُ بِتَعَدِّيهِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ بَعْدُ قَالَ فَضْلٌ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إلَّا ابْنَ الْمَاجِشُونِ