الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شُرُوعٌ مِنْهُ رحمه الله فِي الْكَلَامِ عَلَى تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَهُوَ اشْتِمَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مَا يُنَافِي الْآخَرَ فَمَهْمَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا جُمِعَ كَالدَّلِيلَيْنِ وَتَتَقَرَّرُ صُورَةُ الْجَمْعِ بِمِثْلِ قَوْلِهَا. وَمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: أَسْلَمْت إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ فِي مِائَةِ إرْدَبِّ حِنْطَةٍ. وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ بِثَوْبَيْنِ سِوَاهُ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ وَأَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَةَ لَزِمَهُ أَخْذُ الثَّلَاثَةِ فِي مِائَتَيْ إرْدَبٍّ وَلَوْ قَالَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ: أَسْلَمْت إلَيَّ هَذَا الثَّوْبَ الَّذِي ذَكَرْت مَعَ الْعَبْدِ فِيمَا سَمَّيْت وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ قَضَى بِالْبَيِّنَةِ الزَّائِدَةِ فَيَأْخُذُ الثَّوْبَ وَالْعَبْدَ وَتَلْزَمُهُ الْمِائَةُ إرْدَبٍّ انْتَهَى. وَمَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي كِتَابِ السَّلَمِ الثَّانِي فِي أَوَاخِرِ تَرْجَمَةِ دَفْعِ السَّلَمِ قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ.
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ إثْرَ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَزِمَهُ أَخْذُ الثَّلَاثَةِ إلَى آخِرِهِ يُرِيدُ سَوَاءً كَانَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي مَجْلِسَيْنِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: مِثْلُ عَدَمِ التَّعَارُضِ لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ أَنَّهُ أَقَرَّ بِمِائَةٍ، وَآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِخَمْسِينَ فِي مَجْلِسَيْنِ انْتَهَى. وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي نُسْخَتَيْنِ لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ. وَصَوَابُ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ بَيِّنَةً أَوْ وَاحِدَةً لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ فِي شَيْءٍ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلِابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ الشَّهَادَاتِ إنْ شَهِدَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ بِخِلَافِ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأُخْرَى مِثْلَ أَنْ تَشْهَدَ إحْدَاهُمَا بِعِتْقٍ وَالثَّانِيَةُ بِطَلَاقٍ أَوْ إحْدَاهُمَا بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ وَالثَّانِيَةُ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ أُخْرَى وَشِبْهُ هَذَا فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِهِمَا مَعًا وَرِوَايَةُ الْمِصْرِيِّينَ فَإِنَّهُ تَهَاتُرٌ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ وَتَكَاذُبٌ يُحْكَمُ فِيهِ بِأَعْدَلِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَإِنْ تَكَافَأَتَا سَقَطَتَا وَرَوَى الْمَدَنِيُّونَ يُقْضَى بِهِمَا مَعًا اسْتَوَيَتَا فِي الْعَدَالَةِ أَوْ إحْدَاهُمَا أَعْدَلُ انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ: وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَهْمَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ جُمِعَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِأَنَّهُ طَلَّقَ الْكُبْرَى وَالْأُخْرَى بِأَنَّهُ إنَّمَا طَلَّقَ الصُّغْرَى أَنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا. وَتَقَدَّمَ مِنْ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَةُ الْمِصْرِيِّينَ انْتَهَى. وَفِي كَلَامِهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ (الْأَوَّلُ) مَا لَزِمَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَزِمَهُ لِأَنَّهُ صَدَرَ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ بِمِثْلِ مَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ (الثَّانِي) فَرْضُهُ هُوَ وَمَا نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ فِيهِ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ تَنْفِي أَنْ يَكُونَ تَكَلَّمَ لِغَيْرِ مَا شَهِدَتْ بِهِ، يَتَبَيَّنُ ذَلِكَ بِنَقْلِ الْمَسْأَلَةِ بِلَفْظِهَا. قَالَ فِي أَثْنَاءِ الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ مِنْ رَسْمِ الصُّبْرَةِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ أَنَّ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ شَهِدَ مِنْهُمْ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَشَهِدَ الْآخَرَانِ أَنَّهُ لَمْ يَتَفَوَّهْ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ بِشَيْءٍ مِنْ الطَّلَاقِ وَلَكِنَّهُ حَلَفَ بِعِتْقِ غُلَامٍ لَهُ سَمَّيَاهُ لَمْ أَرَ لَهُمْ شَهَادَةً أَجْمَعِينَ فِي طَلَاقٍ وَلَا عَتَاقٍ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ أَكْذَبَ بَعْضًا وَهُوَ الَّذِي سَمِعْنَاهُ.
قَالَ: وَإِنْ اخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَشْهَدُ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فُلَانَةَ أَوْ أَعْتَقَ غُلَامَهُ فُلَانًا وَقَالَ الْآخَرُ: نَشْهَدُ أَنَّهُ مَا ذَكَرَ امْرَأَتَهُ فُلَانَةَ حَتَّى تَفَرَّقْنَا وَمَا حَلَفَ بِطَلَاقِهَا وَلَكِنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ فُلَانَةَ يُرِيدُ امْرَأَةً أُخْرَى أَوْ قَالَ: نَشْهَدُ مَا أَعْتَقَ الَّذِي شَهِدْتُمْ لَهُ بِالْعَتَاقَةِ وَلَكِنَّهُ أَعْتَقَ فُلَانًا غُلَامًا آخَرَ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تَبْطُلُ وَتَسْقُطُ مِنْ قَوْلِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ فِي الْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ عَلَى هَذَا النَّحْوِ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ أَكْذَبَ بَعْضًا انْتَهَى. وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِهَا مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهُ فَتَأَمَّلْهُ مُنْصِفًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[فَرْعٌ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِقَتْلِ زَيْدٍ عَمْرًا يَوْمَ كَذَا وَبَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِبَلَدٍ بَعِيدٍ عَنْ مَوْضِعِ الْقَتْلِ]
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ قَالَ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِقَتْلِ زَيْدٍ عَمْرًا يَوْمَ كَذَا وَبَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِبَلَدٍ بَعِيدٍ عَنْ مَوْضِعِ الْقَتْلِ قُضِيَ بِبَيِّنَةِ الْقَتْلِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي يَقْضِي بِبَيِّنَةِ الْبَرَاءَةِ إنْ كَانَتْ أَعْدَلَ وَإِنْ كَانَتَا فِي الْعَدَالَةِ سَوَاءً طُرِحَتَا وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ
انْتَهَى.
(قُلْت) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ الَّذِي كُنْت أَسْمَعُ فِيمَا كُنَّا نَتَنَاظَرُ عَلَيْهِ مَعَ أَصْحَابِنَا: أَنَّ شَاهِدَيْنِ لَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدَهُمْ بِعَرَفَاتٍ يَوْمَ عَرَفَةَ مِنْ الْعَامِ الْفُلَانِيِّ لِرَجُلٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ بِمِصْرَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِعَيْنِهِ أَنَّ شَهَادَةَ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِالْمِائَةِ أَحَقُّ وَأَوْلَى قَالُوا: لِأَنَّ هَذَيْنِ شَهِدُوا بِحَقٍّ وَلَمْ يَشْهَدْ الْآخَرَانِ بِحَقٍّ وَلَسْت أَعْرِفُ هَذَا الْمَعْنَى وَاَلَّذِي أَرَى إنْ كَانَ الشَّاهِدَانِ اللَّذَانِ شَهِدَا أَنَّهُ كَانَ بِمِصْرَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَعْدَلَ: أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ شَيْءٌ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ أَقَرَّ بِهِ عِنْدَهُمَا فِي سَنَةِ مِائَتَيْنِ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَعْدَلُ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ بِشَهْرٍ أَنَّهُ جُرْحَةٌ وَلَوْ كَانَتَا فِي الْعَدَالَةِ سَوَاءً لَطَرَحْتهمَا. وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ وُلِدَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لِكِلَا الْقَوْلَيْنِ وَجْهٌ وَحَظٌّ مِنْ النَّظَرِ. وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْكَلِمَةُ فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ فَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهَا انْتَهَى.
(قُلْت) زَادَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ وَكِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ مَا نَصُّهُ قَالَ سَحْنُونٌ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ مِثْلُ أَهْلِ الْمَوْسِمِ فِي جَمَاعَتِهِمْ أَنَّهُ أَقَامَ لَهُمْ الْحَجَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ أَوْ أَهْلُ مِصْرَ أَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ الْعِيدَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَيَبْطُلُ الْقَتْلُ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْمَوْسِمِ لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى الْغَلَطِ وَلَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِمْ وَقَدْ يَشْتَبِهُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.
(قُلْت) ذِكْرُهُ لِأَهْلِ الْمَوْسِمِ وَأَهْلِ مِصْرَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا تَرُدُّ شَهَادَةُ الشَّاهِدَيْنِ إلَّا بِمِثْلِ ذَلِكَ الْعَدَدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ فَإِذَا شَهِدَ جَمَاعَةٌ يَسْتَحِيلُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ وَلَا يَنْضَبِطُ ذَلِكَ بِعَدَدٍ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّرْجِيحِ بِالْعَدَدِ وَنَصَّهُ. وَفِي لَغْوِ التَّرْجِيحِ بِالْكَثْرَةِ وَاعْتِبَارِهِ قَوْلَهُ وَرِوَايَةَ ابْنِ حَبِيبٍ وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ: لَوْ شَهِدَ لِهَذَا شَاهِدَانِ وَلِهَذَا مِائَةٌ وَتَكَافَئُوا فِي الْعَدَالَةِ لَمْ تُرَجَّحْ بِالْكَثْرَةِ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ مَحْمَلُهُ عَلَى الْمُغَايَاةِ وَلَوْ كَثُرُوا حَتَّى يَقَعَ الْعِلْمُ بِصِدْقِهِمْ لَقُضِيَ بِهِمْ انْتَهَى. قَالَ: وَنَصُّ مَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ عَلَى اخْتِصَارِ ابْنِ عَرَفَةَ إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِزِنَى رَجُلٍ بِمِصْرَ فِي الْمُحَرَّمِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأُخْرَى أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِالْعِرَاقِ حُدَّ وَكَذَا لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا بِمِصْرَ وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا بِالْعِرَاقِ قُتِلَ بِهِمَا.
ابْنُ رُشْدٍ تَفْرِقَةُ أَصْبَغَ هَذِهِ عَلَى قِيَاسِ مَشْهُورِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ إذَا اخْتَلَفَتَا بِالزِّيَادَةِ أُعْمِلَتْ ذَاتُ الزِّيَادَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ فِي الْأَنْوَاعِ سَقَطَتَا إلَّا أَنْ تَكُونَ إحْدَاهُمَا أَعْدَلَ فَيُقْضَى بِهَا. وَقَالَ أَيْضًا إنْ اخْتَلَفَتَا بِالزِّيَادَةِ سَقَطَتَا إلَّا أَنْ تَكُونَ إحْدَاهُمَا أَعْدَلَ فَيُقْضَى بِهَا كَاخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ فَلَزِمَ عَلَى قِيَاسِ هَذَا إنْ شَهِدَتْ الْأُخْرَى أَنَّهُ زَنَى ذَلِكَ الْيَوْمَ بِالْعِرَاقِ أَنْ تَسْقُطَ إلَّا أَنْ تَكُونَ إحْدَاهُمَا أَعْدَلَ فَيُقْضَى بِهَا كَمَا لَوْ شَهِدَتْ أَنَّهُ سَرَقَ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِالْعِرَاقِ وَهُوَ الَّذِي يُوجِبُهُ الْقِيَاسُ لِتَكْذِيبِ كُلِّ بَيِّنَةٍ الْأُخْرَى وَتَعْلِيلُ أَصْبَغَ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ وَالْقَتْلِ فَإِنَّهُ يُعْلَمُ أَنَّ صِدْقَ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا عُلِمَ أَنَّ إحْدَاهُمَا كَاذِبَةٌ وَاحْتُمِلَ أَنْ تَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا هِيَ الْكَاذِبَةُ اُحْتُمِلَ كَذِبُهُمَا مَعًا وَإِذَا اُحْتُمِلَ كَذِبُهُمَا مَعًا أَوْ كَذِبِ إحْدَاهُمَا لَمْ يَصِحَّ الْحُكْمُ بِأَنَّ إحْدَاهُمَا صَادِقَةٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ هِيَ أَعْدَلُ وَإِلَى هَذَا نَحَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ وَيَأْتِي عَلَى قِيَاسِ الْأَخَوَيْنِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْبَيِّنَتَيْنِ إذَا شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِخِلَافِ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأُخْرَى وَاسْتَوَيَا فِي الْعَدَالَةِ أَنَّهُ يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا مَعًا أَنَّهُ يُحَدُّ لِلزِّنَا وَالسَّرِقَةِ إذَا شَهِدَتَا بِهِ مَعًا وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْقَرَافِيُّ وَلَا يُقْضَى بِأَعْدَلِ الْبَيِّنَتَيْنِ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ. قَالَهُ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ فِي تَمْيِيزِ الْفَتَاوَى عَنْ الْأَحْكَامِ وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَبِيَدٍ)
ش: قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي كِتَابِ الدَّعَاوَى (تَنْبِيهٌ) الْيَدُ عِبَارَةٌ عَنْ الْقُرْبِ وَالِاتِّصَالِ فَأَعْظَمُهَا ثِيَابُ
الْإِنْسَانِ الَّتِي عَلَيْهِ وَنَعْلُهُ وَمِنْطَقَتُهُ وَيَلِيه الْبِسَاطُ الَّذِي هُوَ جَالِسٌ عَلَيْهِ وَالدَّابَّةُ الَّتِي هُوَ رَاكِبُهَا وَتَلِيهِ الدَّابَّةُ الَّتِي هُوَ سَائِقُهَا أَوْ قَائِدُهَا وَالدَّارُ الَّتِي هُوَ سَاكِنُهَا فَهِيَ دُونَ الدَّابَّةِ لِعَدَمِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى جَمِيعِهَا. قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: فَيُقَدَّمُ أَقْوَى الْيَدَيْنِ عَلَى أَضْعَفِهِمَا فَلَوْ تَنَازَعَ السَّاكِنَانِ الدَّارَ سُوِّيَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَالرَّاكِبُ مَعَ الرَّاكِبِ وَالسَّائِقِ قِيلَ يُقَدَّمُ الرَّاكِبُ مَعَ يَمِينِهِ انْتَهَى فَتَأَمَّلْهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَبِالْمِلْكِ عَلَى الْحَوْزِ)
ش: (مَسْأَلَةٌ) إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بِمِلْكٍ لِرَجُلٍ وَشَهِدَا لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ بِالْحِيَازَةِ فَنَقَلَ ابْنُ سَهْلٍ فِي مَسَائِلِ الْأَقْضِيَةِ عَنْ ابْنِ عَتَّابٍ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ جَائِزَةٌ وَلَا يَضُرُّهَا اجْتِمَاعُهُمَا فِيهَا لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا فِي الْأَمْرَيْنِ بِعِلْمِهِمْ وَرَأَوْا حِيَازَةً يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ بِإِرْفَاقٍ أَوْ تَوْكِيلٍ أَوْ ابْتِيَاعٍ وَلَيْسَ يَلْزَمُهُمْ الْكَشْفَ عَنْ ذَلِكَ انْتَهَى.
ص (وَبِنَقْلٍ عَلَى مُسْتَصْحَبَةٍ)
ش: تَصَوُّرُهُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ قَالَ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً فِي دَارٍ أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْ فُلَانٍ وَأَنَّهُ بَاعَهُ مَا مَلَكَ وَأَقَامَ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ بَيِّنَةً أَنَّهُ يَمْلِكُهَا قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا وَإِنْ تَكَافَأَتَا سَقَطَتَا وَبَقِيَتْ الدَّارُ بِيَدِ حَائِزِهَا أَبُو الْحَسَنِ لَا بُدَّ مِنْ فَصْلَيْنِ أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْهُ وَأَنَّهُ بَاعَهُ مَا مَلَكَ وَإِذَا لَمْ يُذْكَرْ فِي الْعَقْدِ إلَّا الشِّرَاءُ دُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةِ لَمْ تُعَارِضْ الْحَوْزَ وَالْبَيِّنَةَ بَلْ لَا تُعَارِضُ إلَّا الْحَوْزَ وَحْدَهُ قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: قِفْ عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ فَإِنَّهُ أَصْلٌ جَيِّدٌ وَعَلَيْهِ تَدُورُ أَحْكَامُهُمْ. وَفَائِدَتُهُ إذَا كَانَ فِي عَقْدِ الشِّرَاءِ عِنْدَ ذِكْرِ التَّارِيخِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ لَمْ يَحْتَجْ الْمُشْتَرِي إلَى إثْبَاتِ الْمِلْكِ ثَانِيَةً إذْ قَدْ يَطُولُ الزَّمَانُ وَتَمُوتُ الْبَيِّنَتَانِ وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: أَعْطِنِي عَقْدَ الشِّرَاءِ فَذَلِكَ لَهُ وَفَائِدَتُهُ إذَا طَرَأَ الِاسْتِحْقَاقُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى مَنْ وَجَدَ مِنْهُمَا وَفَائِدَتُهُ أَيْضًا خَوْفُ أَنْ يَدَّعِيَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْ قَطُّ وَلَهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ الرُّجُوعُ عَلَى غَرِيمِ الْغَرِيمِ وَكَذَلِكَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ. الشَّيْخُ: وَالْعَمَلُ الْيَوْمَ عَلَى أَخْذِ النُّسْخَةِ وَهُوَ الْحَزْمُ. وَفِي النَّوَادِرِ وَإِذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِالشِّرَاءِ لَا يَنْتَفِعُ إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا لَهُ بِطُولِ الْمِلْكِ وَالْحَوْزِ وَالتَّصَرُّفِ وَأَنْ لَا مُنَازِعَ. سَوَاءٌ أَثْبَتَ ذَلِكَ بِشُهُودِ الشِّرَاءِ أَوْ بِغَيْرِهِمْ سَوَاءٌ ذَكَرُوا الشِّرَاءَ أَمْ لَا انْتَهَى.
ص (وَصِحَّةُ الْمِلْكِ بِالتَّصَرُّفِ وَعَدَمِ مُنَازِعٍ وَحَوْزٍ)
ش: أَيْ وَشَرْطُ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ رَأَى الْمَشْهُودَ لَهُ يَتَصَرَّفُ فِي الشَّيْءِ الْمَشْهُودِ بِهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فِي أَمْلَاكِهِمْ مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ.
ص (وَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِهِمْ وَتُؤُوِّلَتْ
أَيْضًا عَلَى الْكَمَالِ)
ش: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَيُشْتَرَطُ فِي بَيِّنَةِ الْمِلْكِ بِالْأَمْسِ مَثَلًا أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِهِمْ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَوْلُهُ بِالْأَمْسِ تَنْبِيهٌ بِالْأَخَفِّ عَلَى الْأَشَدّ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ هَذَا