الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحُلُولِ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَوْ اصْطَدَمَ حُرٌّ وَعَبْدٌ فَثَمَنُ الْعَبْدِ فِي مَالِ الْحُرِّ وَدِيَةُ الْحُرِّ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: الْمُرَادُ بِالثَّمَنِ الْقِيمَةُ لَكِنْ تَبِعَ الْمُؤَلِّفُ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ يَعْنِي إنْ مَاتَا فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ دِيَةِ الْحُرِّ كَانَ الزَّائِدُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ فِي مَالِ الْحُرِّ وَإِنْ كَانَتْ دِيَةُ الْحُرِّ أَكْثَرَ لَمْ يَكُنْ عَلَى السَّيِّدِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ مُحَمَّدٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْعَبْدِ مَالٌ فَيَكُونَ بَقِيَّةُ الْعَقْلِ فِي مَالِهِ وَأَخَذَ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ هُنَا أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ أَنَّهَا عَلَى الْحُلُولِ لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ فِي مَالِ الْحُرِّ حَالَّةٌ فَلَمَّا قَالَ يَتَقَاصَّانِ وَلَمْ يَقُلْ يَأْخُذُهَا وَيُؤَدِّي السَّيِّدُ الدِّيَةَ الَّتِي جَنَاهَا عَبْدُهُ مُنَجَّمَةً دَلَّ عَلَى أَنَّهَا حَالَّةٌ وَقَالَ أَصْبَغُ بِخِلَافِ هَذَا وَهُوَ أَنَّ سَيِّدَ الْعَبْدِ يُخَيَّرُ فِي جِنَايَتِهِ عَلَى الْحُرِّ خَطَأٌ بَيِّنٌ أَنْ يُسْلِمَهُ أَوْ يَفْدِيَهُ بِهَا مُنَجَّمَةً انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالرَّجْرَاجِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ جَرَحَهُ عَبْدٌ ثُمَّ أَبَقَ فَقَالَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ إمَّا أَنْ تَدْفَعَ الدِّيَة أَوْ تُخَلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْعَبْدَ]
(مَسْأَلَةٌ) قَالَ فِي رَسْمِ إنْ خَرَجَتْ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدٍ جَرَحَ رَجُلًا ثُمَّ أَبَقَ فَقَالَ الْمَجْرُوحُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ: إمَّا أَنْ تَدْفَعَ إلَيَّ قِيمَةَ جُرْحِي وَإِمَّا أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْعَبْدِ أَطْلُبُهُ فَإِنْ وَجَدْته فَهُوَ لِي. قَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِ هَذِهِ مُخَاطَرَةٌ إنْ وَجَدَهُ غَيْرُ صَاحِبِهِ وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ قِيمَةَ الْجُرْحِ لَمْ يَدْرِ لَعَلَّ الْعَبْدَ قَدْ مَاتَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ. وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا قَالَهُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ عَلَى مَا قَالَ لِأَنَّ الْعُذْرَ فِيهِ بَيِّنٌ وَالْوَاجِبُ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ يُرْجَأَ الْأَمْرُ إلَى أَنْ يُوجَدَ الْعَبْدُ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ وَاتِّفَاقُهُمْ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَقْتَضِي صِحَّةَ قَوْلِ أَصْبَغَ فِي مَسْأَلَة التَّفْلِيسِ اهـ. وَمَسْأَلَةُ التَّفْلِيسِ تَقَدَّمَتْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَة الْعَبْدُ يَقْتُلُ الْحُرَّ عَمْدًا فَيُسْلَمُ إلَى وَلِيِّهِ فَيَسْتَحْيِيه أَيُبَاعُ عَلَيْهِ]
(مَسْأَلَةٌ) قَالَ فِي رَسْمِ الْعُشُورِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الْجِنَايَاتِ وَسُئِلَ الْعَبْدُ يَقْتُلُ الْحُرَّ عَمْدًا فَيُسْلَمُ إلَى وَلِيِّهِ فَيَسْتَحْيِيه أَيُبَاعُ عَلَيْهِ قَالَ لَا إلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يُمَثَّلَ بِهِ إنْ عَفَا عَنْهُ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ لَا إشْكَالَ فِيهِ (مَسْأَلَةٌ) فَإِنْ قَتَلَ وَلِيُّ الدَّمِ الْعَبْدَ فَلَا إشْكَالَ أَنَّ مَالَهُ لِسَيِّدِهِ إنْ اسْتَحْيَاهُ فَإِنْ فَدَاهُ سَيِّدُهُ فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ وَإِنْ أَسْلَمَهُ فَهَلْ يَتْبَعُهُ مَالُهُ قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ فِيهِ قَوْلَانِ فِي الْعُتْبِيَّة وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا إنْ جَنَى عَلَى الْعَبْدِ بَعْدَ أَنْ جَنَى فَأَرْشُ جِنَايَتِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إنْ أَسْلَمَهُ السَّيِّدُ اُنْظُرْ مَا فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ مِنْ الْبَيَانِ وَأَظُنُّهَا فِي سَمَاعِ يَحْيَى وَأَصْبَغَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَة جَنَى الْعَبْدُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْأَمْوَالِ وَلَزِمَ رَقَبَتَهُ]
(مَسْأَلَةٌ) وَإِذَا جَنَى الْعَبْدُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْأَمْوَالِ وَلَزِمَ رَقَبَتَهُ فَالْمُخَيَّرُ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْجَانِي بَيْنَ أَنْ يُسْلِمَهُ بِمَا اسْتَهْلَكَ أَوْ يَفْتِكَهُ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الْعَبِيدِ عَلَى الْأَمْوَالِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُؤْتَمَنُوا عَلَيْهَا أَمْ لَا فَإِنْ ائْتُمِنُوا عَلَيْهَا بِعَارِيَّةٍ أَوْ كِرَاءٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ اسْتِعْمَالٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَسْتَهْلِكَهُ بِالْفَسَادِ وَالْهَلَاكِ وَالثَّانِي أَنْ يَسْتَهْلِكَهُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ فَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ بِالْفَسَادِ وَالْهَلَاكِ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ فِي رَقَبَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَمَّا إنْ اسْتَهْلَكَهُ بِالِانْتِفَاعِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ ثَوْبًا فَيَتَعَدَّى عَلَيْهِ فَيَبِيعَهُ وَيَأْكُلَ ثَمَنَهُ أَوْ طَعَامًا فَيَأْكُلَهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَهَذَا لَا خِلَافَ أَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ لَا فِي رَقَبَتِهِ.
وَأَمَّا جِنَايَتُهُمْ عَلَى مَا لَمْ يُؤْتَمَنُوا عَلَيْهِ فَذَلِكَ فِي رِقَابِهِمْ كَانَتْ لِحُرٍّ أَوْ لِعَبْدٍ يُخَيَّرُ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْجَانِي بَيْنَ أَنْ يُسْلِمَهُ بِمَا اسْتَهْلَكَهُ مِنْ الْأَمْوَالِ أَوْ يَفْتِكَهُ بِذَلِكَ كَانَ مَا اسْتَهْلَكَهُ مِنْ الْأَمْوَالِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ إنْ كَانَ حُرًّا مَالِكًا لِنَفْسِهِ أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ.
وَأَمَّا إنْ كَانَ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ صَبِيًّا مُوَلَّى عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِ الْعَبْدِ أَوْ وَلِيِّ الْيَتِيمِ انْتَهَى. وَقَالَهُ الرَّجْرَاجِيُّ وَغَيْرُهُ وَزَادَ قَالَ ابْنُ حَارِثٍ فِي بَابِ أَحْكَامِ الْعَبْدِ مِنْ كِتَابِ أُصُولِ الْفُتْيَا لَهُ وَمِنْ حُكْمِ الْعَبْدِ فِي جِنَايَتِهِ كَانَتْ جِنَايَتُهُ عَلَى نَفْسٍ أَوْ عَلَى مَالٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَنْ يُخَيَّرَ السَّيِّدُ بَيْنَ أَنْ يَفْتِكَهُ مِنْ الْجِنَايَةِ وَيَبْقَى كَمَا كَانَ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَقَالَ فِي الْمُنْتَقَى فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ فِي قَضِيَّةِ الْمُزَنِيِّ لَمَّا سَرَقَ عَبِيدُ حَاطِبٍ نَاقَتَهُ وَنَحَرُوهَا وَأَغْرَمَ عُمَرُ رضي الله عنه حَاطِبًا قِيمَتَهَا وَأَضْعَفَهَا مَا نَصَّهُ.
(مَسْأَلَةٌ) وَلَوْ كَانَ لِلْعَبِيدِ أَمْوَالٌ فَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ إنَّمَا يَكُونُ غُرْمُهَا فِي أَمْوَالِ الْعَبِيدِ لَوْ كَانَتْ لَهُمْ أَمْوَالٌ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ وَإِنَّمَا
يَكُونُ فِي رِقَابِهِمْ مَا كَانَ مِنْ سَرِقَةٍ لَا قَطْعَ فِيهَا فَيُخَيَّرُ السَّيِّدُ بَيْنَ إسْلَامِهِمْ أَوْ افْتِكَاكِهِمْ بِقِيمَتِهَا وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: لَا يُتْبَعُ فِي السَّرِقَةِ الَّتِي يُقْطَعُ فِيهَا فِي رِقِّهِ وَلَا عِتْقِهِ وَلَا فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ إذَا لَمْ تُوجَدْ بِعَيْنِهَا لِأَنَّ مَالَهُ إنَّمَا صَارَ لَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ انْتَهَى.
ص (إنْ قَصَدَ ضَرْبًا)
ش: يَعْنِي قَصَدَ ضَرْبَ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ ضَرْبُهُ وَسَوَاءٌ قَصَدَ الشَّخْصَ الْمَضْرُوبَ نَفْسَهُ أَوْ قَصَدَ أَنْ يَضْرِبَ شَخْصًا عُدْوَانًا فَأَصَابَ غَيْرَهُ أَمَّا لَوْ قَصَدَ ضَرْبَ مَنْ يَحِلُّ لَهُ ضَرْبُهُ فَأَصَابَ غَيْرَهُ وَهُوَ خَطَأٌ قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي تَرْجَمَةِ صِفَةِ الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَمَنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا يَظُنُّهُ غَيْرَهُ مِمَّنْ لَوْ قَتَلَهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قِصَاصٌ فَهُوَ مِنْ الْخَطَإِ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ فِي مُسْلِمٍ قَتَلَهُ مُسْلِمُونَ بِعَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَظُنُّونَهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَوَدَاهُ عليه السلام وَلَمْ يُهْدِرْهُ انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ الرَّجْرَاجِيُّ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ الْقَتْلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ إذَا لَمْ يُعْهَدْ لِلْقَتْلِ وَلَا لِلضَّرْبِ مِثْلُ أَنْ يَرْمِيَ الشَّيْءَ فَيُصِيبَ بِهِ إنْسَانًا فَيَقْتُلَهُ أَوْ يَقْتُلَ الْمُسْلِمَ فِي حَرْبِ الْعَدُوِّ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَافِرٌ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَهَذَا هُوَ قَتْلُ الْخَطَإِ بِإِجْمَاعٍ لَا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ وَإِنَّمَا فِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْكَفَّارَةُ فِي مَالِهِ انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ إنْ قَصَدَ ضَرْبًا يُرِيدُ عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ لَا عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَالْأَدَبِ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: فَإِنْ قَصَدَ الضَّرْبَ وَلَمْ يَقْصِدْ الْقَتْلَ وَكَانَ الضَّرْبُ عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ فَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّ ذَلِكَ عَمْدٌ وَفِيهِ الْقِصَاصُ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَأَمَّا اللَّعِبُ فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَوَّلُهَا أَنَّهُ خَطَأٌ. قَالَ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الشَّامِلِ فَإِنْ كَانَ فِي لَعِبٍ فَخَطَأٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَثَالِثُهَا إنْ تَلَاعَبَا مَعًا فَكَذَلِكَ وَإِنْ ضَرَبَهُ وَلَمْ يُلَاعِبْهُ الْآخَرُ فَالْقَوَدُ انْتَهَى.
ص (قَصْدَ الضَّرَرِ وَهَلَكَ الْمَقْصُودُ وَإِلَّا فَالدِّيَةُ)
ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِمَّنْ تَقَدَّمَ لِقَصْدِ الضَّرَرِ لِمُعَيَّنٍ أَوْ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ لِإِهْلَاكِ
سَارِقٍ أَوْ الدَّوَابِّ الَّتِي تَأْكُلُ زَرْعَهُ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ فَعَلَهُ لِمُعَيَّنٍ وَهَلَكَ الْمَقْصُودُ فَفِيهِ الْقِصَاصُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَالدِّيَةُ شَامِلٌ لِلصُّورَتَيْنِ الْأُولَى أَنْ يَقْصِدَ ضَرَرَ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَيُهْلِكَ غَيْرَهُ. الثَّانِيَةُ لَا يَقْصِدُ شَخْصًا مُعَيَّنًا وَالْحُكْمُ فِي الصُّورَتَيْنِ سَوَاءٌ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَفِي التَّوْضِيحِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ قَصَدَ الضَّرَرَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ ضِرَارًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ قَالَ أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ سَأَلْت ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الزَّرْعُ فَتُغِيرُ فِيهِ دَوَابُّ النَّاسِ فَتُفْسِدُهُ فَيُرِيدُ صَاحِبُ الزَّرْعِ أَنْ يَحْفِرَ حَوْلَ زَرْعِهِ حَفِيرًا لِمَكَانِ الدَّوَابِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ إلَى أَصْحَابِهَا وَأَنْذَرَهُمْ فَيَحْفِرُ فَيَقَعُ بَعْضُ تِلْكَ الدَّوَابِّ فِي ذَلِكَ الْحَفِيرِ فَتَمُوتُ أَتَرَى عَلَيْهِ ضَمَانًا قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَوْ لَمْ يُنْذِرْهُمْ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ إلَيْهِمْ. وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ مِنْ الْحَفِيرِ فِي أَرْضِهِ وَضَعَهُ تَحْصِينًا عَلَى زَرْعِهِ لَا لِإِتْلَافِ دَوَابِّ النَّاسِ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لِإِتْلَافِ دَوَابِّ النَّاسِ لَزِمَهُ الضَّمَانُ عَلَى مَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي يَصْنَعُ فِي دَارِهِ شَيْئًا لِيُتْلِفَ فِيهِ السَّارِقُ فَتَلِفَ فِيهِ السَّارِقُ أَوْ غَيْرُ السَّارِقِ أَنَّهُ ضَامِنٌ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي آخِرِ كِتَابِ الدِّيَاتِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ جَعَلَ فِي حَائِطِهِ حَفِيرًا لِسِبَاعٍ أَوْ حِبَالَةً لَمْ يَضْمَنْ مَا عَطِبَ بِذَلِكَ مِنْ سَارِقٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ جَعَلَ فِي بَابِ جِنَانِهِ قَصَبًا يَدْخُلُ فِي رِجْلِ مَنْ يَدْخُلُهُ أَوْ اتَّخَذَ تَحْتَ عَتَبَتِهِ مَسَامِيرَ لِمَنْ يُدْخَلُ أَوْ رَشَّ فِنَاءً يُرِيدُ زَلَقَ مَنْ يَدْخُلُهُ مِنْ دَابَّةٍ أَوْ إنْسَانٍ أَوْ اتَّخَذَ فِيهِ كَلْبًا عَقُورًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أُصِيبَ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ رَشَّ لِغَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ مَنْ عَطِبَ فِيهِ كَحَافِرِ الْبِئْرِ فِي دَارِهِ لِحَاجَةٍ أَوْ لِإِرْصَادِ سَارِقٍ فَهُوَ مُفْتَرِقٌ يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَحْفِرَهَا لِحَاجَتِهِ فَلَا يَضْمَنَ أَوْ يَرْصِدَ بِهَا السَّارِقَ فَيَضْمَنَ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَيُقْتَلُ الْجَمِيعُ بِوَاحِدٍ)
ش: وَلَوْ كَانَ الْمُبَاشِرُ لِلْقَتْلِ وَاحِدًا
مِنْهُمْ أَوْ كَانَ عَيْنًا لَهُمْ وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ هَكَذَا نَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَانْظُرْ كِتَابَ الْمُحَارِبِينَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَشَرْحِهَا لِأَبِي الْحَسَنِ وَانْظُرْ كَلَامَ الْبَاجِيِّ.
ص (كَمُكْرَهٍ وَمُكْرِهٍ)
ش: يُرِيدُ إلَّا الْأَبَ فَإِنَّهُ لَوْ أَكْرَهَهُ شَخْصٌ عَلَى قَتْلِ ابْنِهِ فَقَتَلَهُ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْأَبِ
لِلشُّبْهَةِ وَالْقِصَاصُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ وَقَبِلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ عَكْسَ الْمَسْأَلَةِ أُولَى بِعَدَمِ الْقِصَاصِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ)
ش: أَيْ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى عَدَمِ الْقَصْدِ إذَا جُهِلَ أَمْرُهُمْ فَإِذَا تَحَقَّقَ أَنَّهُمْ مُتَعَمِّدُونَ لِإِتْلَافِهِمْ فَهُمْ ضَامِنُونَ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ أَنَّ سَفِينَةً صَدَمَتْ أُخْرَى فَكَسَرَتْهَا فَغَرِقَ أَهْلُهَا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ رِيحٍ غَلَبَتْهُمْ أَوْ مِنْ شَيْءٍ لَا يَسْتَطِيعُونَ حَبْسَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى أَنْ يَصْرِفُوهَا وَلَمْ يَفْعَلُوا ضَمِنُوا.
ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ فِي أَمْوَالِهِمْ وَقِيلَ الدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: الدِّيَةُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْعَوَاقِلِ إلَّا أَنْ يُتَعَمَّدَ ذَلِكَ وَيُعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ مَهْلَكٌ فَتَكُونُ الدِّيَةُ فِي أَمْوَالِهِمَا انْتَهَى. وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي إذَا تَعَمَّدَ أَهْلُ السَّفِينَةِ إغْرَاقَ الْأُخْرَى فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ إلَّا الدِّيَةُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ فِي ذَلِكَ الْقِصَاصُ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ طَرَحَ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ وَبِمَنْزِلَةِ الْمُثَقَّلِ فَتَأَمَّلْهُ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: مَسْأَلَةُ السَّفِينَةِ وَالْفَرَسِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إنْ عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الرِّيحِ فِي السَّفِينَةِ وَفِي الْفَرَسِ مِنْ غَيْرِ رَاكِبِهِ فَهَذَا الْإِضْمَانُ عَلَيْهِمْ. أَوْ يُعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ سَبَبِ النَّوَاتِيَّةِ فِي السَّفِينَةِ وَمِنْ سَبَبِ الرَّاكِبِ فِي الْفَرَسِ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُمْ ضَامِنُونَ وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ حُمِلَ فِي السَّفِينَةِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الرِّيحِ وَفِي الْفَرَسِ أَنَّهُ مِنْ سَبَبِ رَاكِبِهِ انْتَهَى.
ص (إلَّا لَعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ) ش قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ
ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا جَمَحَ فَرَسُهُمَا بِهِمَا وَلَمْ يَقْدِرَا عَلَى صَرْفِهِمَا لَمْ يَضْمَنَا يُرِيدُ لِقَوْلِهَا فِي الدِّيَاتِ إنْ جَمَحَتْ دَابَّةٌ بِرَاكِبِهَا فَوَطِئَتْ إنْسَانًا فَإِنَّهُ يَضْمَن وَبِقَوْلِهَا فِي الرَّوَاحِلِ إنْ كَانَ فِي رَأْسِ الْفَرَسِ اعْتِزَامٌ فَحَمَلَ بِصَاحِبِهِ فَصَدَمَ فَرَاكِبُهُ ضَامِنٌ لِأَنَّ سَبَبَ فِعْلِهِ جَمْحُهُ مِنْ رَاكِبِهِ وَفِعْلُهُ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ إنَّمَا نَفَرَ مِنْ شَيْءٍ مَرَّ بِهِ فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ رَاكِبِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ فَعَلَ بِهِ غَيْرُهُ مَا جَمَحَ بِهِ فَذَلِكَ عَلَى الْفَاعِلِ وَالسَّفِينَةِ فِي الرِّيحِ هِيَ الْغَالِبَةُ فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا.
(قُلْت) فَهَذَا كَالنَّصِّ عَلَى أَنَّ مَا تَلِفَ بِسَبَبِ الْجُمُوحِ فَهُوَ مِنْ رَاكِبِهِ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ مِنْ غَيْرٍ خِلَافَ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَا تَلِفَ بِالْجُمُوحِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى صَرْفِهِ لَا ضَمَانَ فِيهِ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ.
ص (وَضَمِنَ وَقْتَ الْإِصَابَةِ وَالْمَوْتِ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا زَالَ التَّكَافُؤُ بَيْنَ حُصُولِ الْمُوجِبِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ وَوُصُولِ
الْأَثَرِ أَيْ السَّبَبِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْمُعْتَبَرُ فِي الضَّمَانِ أَيْ ضَمَانِ دِيَةِ الْحُرِّ وَقِيمَةِ الْعَبْدِ حَالَ الْإِصَابَةِ وَحَالَ الْمَوْتِ أَيْ حُصُولِ السَّبَبِ هَذَا لَفْظُ التَّوْضِيحِ وَيُشِيرُ بِقَوْلِهِ حَالَ الْإِصَابَةِ وَالْمَوْتِ إلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَلَوْ زَالَ بَيْنَ حُصُولِ الْمُوجِبِ وَوُصُولِ الْأَثَرِ كَعِتْقِ أَحَدِهِمَا أَوْ إسْلَامِهِ بَعْدَ الرَّمْيِ وَقَبْلَ الْإِصَابَةِ وَبَعْدَ الْجُرْحِ وَقَبْلَ الْمَوْتِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْمُعْتَبَرُ حَالَ الْإِصَابَةِ وَحَالَ الْمَوْتِ كَمَنْ رَمَى صَيْدًا ثُمَّ أَحْرَمَ ثُمَّ أَصَابَهُ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ حَالَ الرَّمْيِ ثُمَّ رَجَعَ سَحْنُونٌ انْتَهَى فَفِي الْكَلَامِ لَفٌّ وَنَشْرٌ لِشَيْءٍ مُقَدَّرٍ فَقَوْلُهُ حَالَ الْإِصَابَةِ أَيْ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا زَالَ التَّكَافُؤُ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ وَقَوْلُهُ وَالْمَوْتُ أَيْ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا زَالَ بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ. (تَنْبِيهٌ) .
وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى ضَمَانِ الدِّيَةِ وَالْقِيمَةِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقِصَاصِ فَيُشْتَرَطُ دَوَامُ التَّكَافُؤِ مِنْ حُصُولِ السَّبَبِ إلَى حُصُولِ الْمُسَبَّبِ اتِّفَاقًا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ فَأَمَّا الْقِصَاصُ فَبِالْحَالَيْنِ مَعًا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ فَيُشْتَرَطُ دَوَامُ التَّكَافُؤِ مِنْ حُصُولِ السَّبَبِ إلَى حُصُولِ الْمُسَبَّبِ اتِّفَاقًا انْتَهَى.
(قُلْت) وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْقِصَاصَ يُشْتَرَطُ فِيهِ حُصُولُ التَّكَافُؤِ فِي حَالِ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ فَيُشْتَرَطُ فِي الْقِصَاصِ فِي الرَّمْيِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا مِنْ حِينِ الرَّمْيِ إلَى حِينِ الْإِصَابَةِ فَلَوْ كَانَ عَبْدًا حِينَ الرَّمْيِ أَوْ كَانَ كَافِرًا ثُمَّ عَتَقَ أَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ فِي سَمَاع عِيسَى مِنْ كِتَابِ الدِّيَاتِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا يُشِيرُ إلَى هَذَا فَتَأَمَّلْهُ.
ص (إلَّا نَاقِصٌ جَرَحَ كَامِلًا)
ش: يَعْنِي أَنَّ النَّاقِصَ إذَا جَرَحَ الْكَامِلَ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْ النَّاقِصِ لِلْكَامِلِ كَمَا إذَا جَرَحَ الْعَبْدُ الْحُرَّ وَالْكَافِرُ الْمُسْلِمَ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الرِّسَالَةِ وَرَوَى ابْنُ الْقَصَّارِ عَنْ مَالِكٍ وُجُوبَ الْقِصَاصِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقِيلَ إنَّهُ الصَّحِيحُ وَرُوِيَ أَنَّهُ يَجْتَهِدُ السُّلْطَانُ وَرُوِيَ أَنَّهُ يُوقَفُ وَرُوِيَ أَنَّ الْمُسْلِمَ مُخَيَّرٌ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ وَخَرَّجُوهَا فِي الْعَبْدِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ بَرِئَ الْمَجْرُوحُ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ غَيْرَ الْأَدَبِ إلَّا الْجِرَاحُ الْمُقَدَّرَةُ وَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ فَهُوَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَذِمَّةِ النَّصْرَانِيِّ قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي تَرْجَمَةِ الْقَوَدِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لَهُ أَيْ لِلْمُسْلِمِ إلَّا الدِّيَةُ فِي الْجِرَاحِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَافِرِ وَالْعَبْدِ قَالَ مَالِكٌ.
وَإِذَا جَرَحَ الذِّمِّيُّ أَوْ الْعَبْدُ مُسْلِمًا عَمْدًا فَبَرِئَ بِغَيْرِ شَيْنٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ الْأَدَبِ وَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ مِنْ جُرْحِ الْعَبْدِ فَهُوَ فِي رَقَبَتِهِ انْتَهَى. يُرِيدُ فِي غَيْرِ الْجِرَاحِ الْمُقَدَّرَةِ فَإِنَّ دِيَتَهَا الْمُقَدَّرَةَ تَكُونُ فِي رَقَبَتِهِ وَقَالَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ جِنَايَاتِ الْعَبِيدِ مِنْ النَّوَادِرِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ جَنَى حُرٌّ عَلَى عَبْدٍ فَيُنْظَرُ إلَى مَا نَقَصَ يَوْمَ الْبُرْءِ أَنْ لَوْ كَانَ هَذَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ لَا يَوْمَ الْبُرْءِ مَعَ الْأَدَبِ يُرِيدُ فِي الْعَمْدِ وَلَوْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ غَيْرُ الْأَدَبِ فِي الْحُرِّ وَالْعَبْدِ إذْ لَا قِصَاصَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَإِنْ جَنَى عَبْدٌ عَلَى حُرٍّ نُظِرَ إلَى دِيَةِ ذَلِكَ بَعْدَ الْبُرْءِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ فَيَكُونُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَ بِذَلِكَ وَفِي الْعَمْدِ الْأَدَبُ وَإِنْ بَرِيءَ الْحُرُّ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا الْأَدَبَ وَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ فَذَلِكَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ
انْتَهَى.
ص (أَوْضَحَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ) ش اُنْظُرْ أَوَائِلَ كِتَابِ الْجِرَاحِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ.
ص (بِالْمِسَاحَةِ)
ش: بِكَسْرِ الْمِيمِ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ.
ص (كَلَطْمَةٍ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي اللَّطْمَةِ بِالْيَدِ وَإِنَّمَا فِيهَا الْأَدَبُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَعَمْدِهِ كَالْخَطَإِ إلَّا فِي الْأَدَبِ فَإِنَّهُ يَعُودُ إلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَبْلَ تَرْجَمَةِ الْغِيلَةِ وَإِنْ قَطَعَ بِضْعَةً مِنْ لَحْمِهِ فَفِيهَا الْقِصَاصُ. مَالِكٌ وَلَا قَوَدَ فِي اللَّطْمَةِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ لَا تَنْضَبِطُ وَفِيهَا عِنْدَهُ تَفَاوُتٌ كَثِيرٌ وَفِيهَا الْأَدَبُ انْتَهَى. وَكَذَلِكَ الضَّرْبَةُ بِالْعَصَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ ذَلِكَ جُرْحٌ وَإِلَّا فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي النَّوَادِرِ فِي تَرْجَمَةِ ذِكْرُ: مَا لَا قَوَدَ فِيهِ مِنْ اللَّطْمَةِ وَالضَّرْبَةِ وَذَكَرَهُ أَيْضًا فِي آخِرِ التَّرْجَمَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَفِي ضَرْبَةِ السَّوْطِ الْقَوَدُ قَالَ سَحْنُونٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا قَوَدَ فِيهِ كَاللَّطْمَةِ وَفِيهِ الْأَدَبُ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الشَّيْخِ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَا قَوَدَ فِي اللَّطْمَةِ وَلَا فِي الضَّرْبَةِ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ جُرْحٌ انْتَهَى.
ص (وَشَفْرُ عَيْنٍ وَحَاجِبٍ وَلِحَيَّةٍ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْجِرَاحِ وَلَيْسَ فِي جُفُونِ الْعَيْنِ وَأَشْفَارِهَا إلَّا الِاجْتِهَادُ وَفِي حَلْقِ الرَّأْسِ إذَا لَمْ يَنْبُتْ إلَّا الِاجْتِهَادُ وَكَذَلِكَ اللِّحْيَةُ وَلَيْسَ فِي عَمْدِ ذَلِكَ قِصَاصٌ وَكَذَلِكَ الْحَاجِبَانِ إذَا لَمْ يَنْبُتَا إلَّا الِاجْتِهَادُ.
ص (وَعَمْدُهُ كَالْخَطَإِ إلَّا فِي الْأَدَبِ) ش قَالَ فِي كِتَابِ الْجِرَاحِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي كُلِّ عَمْدٍ الْقِصَاصُ مَعَ الْأَدَبِ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: إنْ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَأَدَبُهُ دُونَ أَدَبِ مَنْ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ. وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّة فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الَّذِي يُقْتَصُّ مِنْهُ هَلْ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَدْ قِيلَ إنَّهُ لَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِ مَعَ الْقِصَاصِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي إيجَابِ الْأَدَبِ مَعَ الْقِصَاصِ وَهُوَ الرَّدْعُ وَالزَّجْرُ لِيَتَنَاهَى النَّاسُ انْتَهَى. فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ وُجُوبَ الْأَدَبِ مَعَ الْقِصَاصِ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَمَّا الْقَوْلُ الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ بِقِيلِ وَقَالَ إنَّهُ الْأَظْهَرُ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ وَكَلَامُهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَذْهَبِ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَيَجِبُ عَلَى الْجَارِحِ مَعَ الْقِصَاصِ الْأَدَبُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ لِجُرْأَتِهِ وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ الْجُرُوحَ قِصَاصٌ لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَضْرِبَهُ وَلَا أَنْ يَسْجُنَهُ وَإِنَّمَا هُوَ الْقِصَاصُ فَعُلِمَ أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِي الَّذِي حَكَاهُ بِقِيلِ إنَّمَا هُوَ قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص (إلَّا أَنْ يَعْظُمَ الْخَطَرُ فِي غَيْرِهَا كَعَظْمِ الصَّدْرِ)
ش: لَمَّا أَنْ أَخْرَجَ الْجِرَاحَ الَّتِي لَا قِصَاصَ فِيهَا لِأَنَّهَا مُتَأَلِّفٌ وَفُهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَا عَدَاهَا مِنْ الْجِرَاحِ فِيهِ الْقِصَاصُ ذَكَرَ أَنَّ شَرْطَ الْقِصَاصِ فِيهَا أَنْ لَا يَعْظُمَ الْخَطَرُ فِي ذَلِكَ الْجُرْحِ وَالْكَسْرِ كَعَظْمِ الصَّدْرِ وَجَزَمَ هُنَا تَبَعًا لِمَنْ تَقَدَّمَهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَرَدَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَكَذَلِكَ فِي الضِّلَعِ قَالَ فِي كِتَابِ الْجِرَاحِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَالصَّلْبُ إذَا كُسِرَ خَطَأً وَبَرِئَ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَكَذَلِكَ كُلُّ كَسْرٍ يَعُودُ لِهَيْئَتِهِ لَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَمْدًا يُسْتَطَاعُ فِيهِ الْقِصَاصُ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ عَظْمًا إلَّا فِي الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَمَا لَا يُسْتَطَاعُ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُ فَلَيْسَ فِي عَمْدِ ذَلِكَ إلَّا الدِّيَةُ مَعَ الْأَدَبِ. قَالَ مَالِكٌ وَفِي عِظَامِ الْجَسَدِ الْقَوَدُ مِنْ الْهَاشِمَةِ وَغَيْرِهَا إلَّا مَا كَانَ مَخُوفًا مِثْلُ الْفَخِذِ وَشِبْهِهِ فَلَا قَوَدَ فِيهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ.
وَإِنْ كَانَتْ الْهَاشِمَةُ فِي الرَّأْسِ فَلَا قَوَدَ فِيهِ لِأَنِّي لَا أَجِدُ هَاشِمَةً فِي الرَّأْسِ إلَّا كَانَتْ مُنَقِّلَةً وَلَا قِصَاصَ فِي الصُّلْبِ وَالْفَخِذِ وَعِظَامِ الْعُنُقِ. وَفِي كَسْرِ أَحَدِ الزَّنْدَيْنِ وَهُمَا قَصَبَتَا الْيَدِ الْقِصَاصُ وَإِنْ كَانَتْ خَطَأً فَلَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَبْرَأَ عَلَى عَثْمٍ فَيَكُونَ فِيهَا الِاجْتِهَادُ وَفِي كَسْرِ الذِّرَاعَيْنِ وَالْعَضُدَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ وَالْأَصَابِعِ الْقِصَاصُ وَفِي كَسْرِ الضِّلْعِ الِاجْتِهَادُ إذَا بَرِيءَ عَلَى عَثْمٍ وَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَإِنْ كُسِرَتْ عَمْدًا فَهِيَ كَعِظَامِ الصَّدْرِ إنْ كَانَ مَخُوفًا كَالْفَخِذِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ.
وَإِنْ كَانَ مِثْلَ الْيَدِ وَالسَّاقِ فَفِيهِ الْقِصَاصُ وَفِي التَّرْقُوَةِ إذَا كُسِرَتْ
عَمْدًا الْقِصَاصُ لِأَنَّ أَمْرَهَا يَسِيرٌ لَا يُخَافُ مِنْهُ وَإِنْ كُسِرَتْ خَطَأً فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ وَإِنْ بَرِئَ عَلَى عَثْمٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَكَذَلِكَ الْيَدُ وَالرِّجْلُ وَجَمِيعُ عِظَامِ الْجَسَدِ إذَا كُسِرَتْ خَطَأً فَبَرِئَتْ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ انْتَهَى. لَكِنْ بَقِيَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَعُدَّ فِي الْجِرَاحِ الَّتِي لَا قِصَاصَ فِيهَا الْجَائِفَةَ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ شَكَّ فِي عِظَامِ الصَّدْرِ وَالضِّلَعِ فَرَدَّ ذَلِكَ إلَى أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ انْتَهَى يَعْنِي بِهِ كَوْنَهُ رَدَّ ذَلِكَ إلَى الِاجْتِهَادِ. وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي تَرْجَمَةِ مَا يَكُونُ فِيهِ الْقِصَاصُ وَمَا لَا يَكُونُ فِيهِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ فَفِي التَّرْقُوَةِ وَالضِّلْعِ الْقِصَاصُ. قِيلَ: فَيَسْقُطُ الْقَوَدُ فِي شَيْءٍ مِنْ كَسْرِ الْعِظَامِ قَالَ أَمَّا فِي مِثْلِ عِظَامِ الصَّدْرِ فَلَا أَرَى فِيهِ الْقِصَاصَ وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ لَا قِصَاصَ فِيهِ لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ وَقَالَ أَشْهَبُ يُسْأَلُ عَنْهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ وَعَنْ الضِّلْعِ فَإِنْ كَانَا غَيْرَ مَخُوفَيْنِ اُقْتُصَّ فِيهِمَا قَالَ أَشْهَبُ قَالَ مَالِكٌ وَفِي إحْدَى قَصَبَتَيْ الْيَدِ الْقِصَاصُ إنْ اُسْتُطِيعَ ذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِيهِ الْقِصَاصُ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْكِتَابَيْنِ وَكَذَلِكَ إذَا كُسِرَتَا جَمِيعًا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَاجْتَمَعَا أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي عِظَامِ الْعُنُقِ وَالْفَخِذِ وَالصُّلْبِ وَشِبْهَ ذَلِكَ مِنْ الْمُتَأَلِّفِ فِي الْعِظَامِ وَفِيهِ الْعَقْلُ بِقَدْرِ الشَّيْنِ إلَّا الصُّلْبُ فَفِيهِ الدِّيَةُ وَلَا شَيْءَ فِي شَيْنِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ انْحَنَى وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَقُومُ فَفِيهِ مِنْ الدِّيَةِ بِحِسَابِ ذَلِكَ وَفِي كَسْرِ الْفَخِذِ حُكُومَةٌ بِقَدْرِ الشَّيْنِ وَقَدْ يَبْلُغُ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَشَلَّ رِجْلَهُ فَلَا يَقْدِرُ أَنْ يَمْشِيَ بِهَا عَلَى الْأَرْضِ فَفِيهِ دِيَةُ الرِّجْلِ كَامِلَةً أَوْ يَشِينَهُ بِمَا يَنْقُصُ مَشْيُهُ فَلَهُ مِنْ الدِّيَةِ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَفِي الظُّفْرِ الْقِصَاصُ إنْ اُسْتُطِيعَ مِنْهُ الْقَوَدُ ابْنُ الْمَوَّازِ اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَهَذَا أَحَبُّ إلَيْنَا قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الظُّفْرُ كَسِنِّ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ يَنْبُتُ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَوْ بَرِئَ الْعَظْمُ الْخَطِرُ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ فَكَالْخَطَإِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ سِوَى الْأَدَبِ فِي الْعَمْدِ بِخِلَافِ الْعَمْدِ فِي غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُقَادُ مِنْهُ وَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ انْتَهَى.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَعْنِي أَنَّ مَا لَا قِصَاصَ فِيهِ لِخَطَرِهِ لَوْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ عَيْبٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ أَمَّا الْقِصَاصُ فَلِأَنَّهَا مَخُوفَةٌ وَأَمَّا الْعِوَضُ فَلِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يُسَمِّ، نَعَمْ يُؤَدِّبُ الْقَاضِي الْمُتَعَمِّدَ انْتَهَى.
(فَائِدَةٌ) قَالَ عِيَاضٌ الْعَثْمُ وَالْعَثَلُ بِالْمِيمِ وَاللَّامِ مَعًا وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ مَفْتُوحَةً مَعَ اللَّامِ وَسَاكِنَةً مَعَ الْمِيمِ وَكِلَاهُمَا بِمَعْنًى وَهُوَ الْأَثَرُ وَالشَّيْنُ انْتَهَى مِنْ التَّنْبِيهَاتِ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الضِّلَعُ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مَكْسُورَةً وَفَتْحِ اللَّامِ وَالتَّرْقُوَةُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الْقَافِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ أَعْلَى الصَّدْرِ الْمُتَّصِلِ بِالْعُنُقِ وَالزَّنْدُ بِفَتْحِ الزَّايِ وَبِالنُّونِ انْتَهَى. .
ص (وَإِنْ ذَهَبَ كَبَصَرٍ بِجُرْحٍ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَإِنْ حَصَلَ أَوْ زَادَ وَإِلَّا فَدِيَةٌ مَا لَمْ يَذْهَبْ)
ش: أَيْ وَإِنْ جَرَحَ شَخْصٌ شَخْصًا جُرْحًا فِيهِ الْقِصَاصُ وَذَهَبَ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْجُرْحِ شَيْءٌ آخَرُ كَبَصَرٍ أَوْ سَمْعٍ أَوْ شَمٍّ أَوْ ذَوْقٍ أَوْ عَقْلٍ اُقْتُصَّ مِنْ الْجَانِي لِذَلِكَ الْجُرْحِ فَإِنْ حَصَلَ فِيهِ مِثْلُ مَا حَصَلَ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ ذَهَابِ الْعَقْلِ أَوْ السَّمْعِ أَوْ الْبَصَرِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ أَوْ زَادَ فَقَدْ حَصَلَ الْمَطْلُوبُ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مِثْلُ مَا حَصَلَ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَى الْجَانِي دِيَةُ ذَلِكَ وَلَمْ يُبِنْ الْمُصَنِّفُ هَلْ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَفِي ذَلِكَ قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ.
ص (وَإِنْ ذَهَبَ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ فَإِنْ اُسْتُطِيعَ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ كَأَنْ شُلَّتْ يَدُهُ بِضَرْبَةٍ)
ش: يَعْنِي فَإِنْ اُسْتُطِيعَ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُ وَعَيْنُهُ قَائِمَةٌ
فُعِلَ. قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ فَإِذَا ضُرِبَتْ الْعَيْنُ فَأُقِيمَتْ وَذَهَبَ بَصَرُهَا وَبَقِيَ جَمَالُهَا فَفِيهَا عَقْلُهَا خَمْسُمِائَةٍ وَلَا قَوَدَ فِيهَا.
وَإِنْ أَتَى ذَلِكَ مِنْهَا عَمْدًا لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى الْقَوَدِ إلَّا بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْيَدُ إذَا شُلَّتْ وَلَمْ تَبِنْ وَكَذَلِكَ اللِّسَانُ إذَا خَرِسَ وَلَمْ يُقْطَعُ هَذِهِ سَبِيلُ كُلِّ مَا ذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهُ وَلَمْ يُبِنْ عَنْ جُسْمَانِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَبَقِيَ جَمَالُهُ وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَفِيهِ عَقْلُهُ كَامِلًا وَلَا قَوَدَ فِيهِ أَوْ إنْ كَانَ عَمْدًا وَيُؤَدَّبُ الْجَانِي مَعَ أَخْذِ الْعَقْلِ مِنْهُ وَإِذَا ضَرَبَ رَجُلٌ عَيْنَ رَجُلٍ فَأَدْمَعَهَا أَوْ ضَرَبَ سِنَّهُ فَحَرَّكَهَا أَوْ ضَرَبَ يَدَهُ فَأَوْهَنَهَا اُسْتُؤْنِيَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ سَنَةً فَمَا آلَ إلَيْهِ أَمْرُ الْعَيْنِ وَالسِّنِّ وَالْيَدِ بَعْدَ السَّنَةِ حُكِمَ بِذَلِكَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَعْدَ