الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ش وَأَمَّا إنْ عَادَ إلَى السُّكْنَى بَعْدَ عَامٍ فَلَا يَبْطُلُ وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ يَحُوزُ لِنَفْسِهِ وَأَمَّا مَنْ يَحُوزُ لَهُ الْوَاقِفُ فَإِنَّهُ إنْ عَادَ إلَى السُّكْنَى بَطَلَ الْحَبْسُ وَالْهِبَةُ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ وَابْنَ عَرَفَةَ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ وَانْظُرْ كَلَامَ الشَّيْخِ مَرْزُوقٍ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ فَإِنْ لَمْ يَدَعْ سُكْنَاهُ حَتَّى مَاتَ بَطَلَتْ.
ص (أَوْ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ لَهُ)
ش: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى صِغَارِ وَلَدِهِ أَوْ مَنْ فِي حِجْرِهِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى حِيَازَةَ وَقْفِهِمْ وَالنَّظَرَ لَهُمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَة أَوْقَفَ وَقْفًا وَشَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ]
(مَسْأَلَةٌ) سُئِلْت عَنْ رَجُلٍ أَوْقَفَ وَقْفًا وَشَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ قَاضٍ مَالِكِيٌّ فَانْتَقَلَ الْقَاضِي الْمَذْكُورُ وَالْوَاقِفُ بِالْوَفَاةِ بَعْدَ مُدَّةٍ فَدَعَتْ زَوْجَةُ الْوَاقِفِ أَوْلَادَهُ إلَى قَاضٍ مَالِكِيٍّ آخَرَ فِي مِيرَاثِهَا مِنْ الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ فَأَظْهَرُوا كِتَابَ الْوَقْفِ فَأَبْطَلَهُ وَحَكَمَ لَهَا بِإِرْثِهَا فَهَلْ يَصِحُّ نَقْضُ الثَّانِي أَمْ لَا؟ فَأَجَبْت حُكْمُ الْقَاضِي الْأَوَّلِ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِ إمَامِهِ وَقَدْ أَخْطَأَ فِي ذَلِكَ وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَنْ يُنْقِضَهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْقَاضِي الْأَوَّلُ مِمَّنْ تُنَفَّذُ أَحْكَامُهُ بِأَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالْجَوْرِ وَأَنَّهُ يَتَعَمَّدُ الْأُمُورَ الْبَاطِنَةَ أَوْ بِأَنَّهُ يَحْكُمُ بِالْجَهْلِ مِنْ غَيْرِ مُشَاوَرَةِ الْعُلَمَاءِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَحُكْمُهُ بَاطِلٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَكَذَلِكَ الثَّانِي إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْجَوْرِ أَوْ بِأَنَّهُ يَحْكُمُ بِالْجَهْلِ مِنْ غَيْرِ مُشَاوَرَةِ الْعُلَمَاءِ فَأَحْكَامُهُ أَيْضًا بَاطِلَةٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
ص (أَوْ لَمْ يَحُزْهُ كَبِيرٌ وَلَوْ سَفِيهًا)
ش: أَشَارَ بِقَوْلِهِ سَفِيهًا إلَى أَنَّ حِيَازَةَ السَّفِيهِ لِمَا أُوقِفَ عَلَيْهِ جَائِزَةٌ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ وَفِي وَثَائِقِ الْبَاجِيِّ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ حِيَازَةَ السَّفِيهِ لِمَا وَقَفَ عَلَيْهِ مَطْلُوبَةٌ ابْتِدَاءً وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْحَائِزُ لَهُ ابْتِدَاءً وَلِيُّهُ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ مَنْ يُقَدِّمُهُ الْقَاضِي لَهُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إذَا حَازَ لِنَفْسِهِ هَلْ يَصِحُّ حَوْزُهُ أَمْ لَا؟ فَالْقَوْلُ الرَّاجِحُ وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَنَّ حِيَازَتَهُ لِمَا وَقَفَ عَلَيْهِ جَائِزَةٌ وَاَلَّذِي فِي وَثَائِقِ الْبَاجِيِّ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَنَقَلَهُ الشَّارِحُ وَالْخِلَافُ فِي صِحَّةِ حِيَازَةِ السَّفِيهِ وَعَدَمِ صِحَّتِهَا إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ لَهُ وَلِيٌّ. قَالَ فِي الشَّامِلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ جَازَتْ حِيَازَتُهُ اتِّفَاقًا انْتَهَى.
وَقَالَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَأَمَّا حِيَازَةُ وَلِيِّهِ لَهُ فَجَائِزَةٌ بِلَا خِلَافٍ بَلْ هُوَ الْمَطْلُوبُ ابْتِدَاءً وَلَا يُقَالُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ كَبِيرًا سَفِيهًا فَلَا تَكْفِي حِيَازَةُ الْمَوْلَى لَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ حَوْزِهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْحَائِزَ لَهُ ابْتِدَاءً إنَّمَا هُوَ وَلِيُّهُ وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ إلَّا لِمَحْجُورِهِ.
ص (أَوْ وَلِيٌّ صَغِيرٌ)
ش: أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْحُكْمَ ابْتِدَاءٌ فِي الصَّغِيرِ أَنَّ الْحَائِزَ لَهُ وَلِيُّهُ وَلَوْ حَازَ لِنَفْسِهِ لَصَحَّ حَوْزُهُ كَالسَّفِيهِ فَحُكْمُ الصَّغِيرِ كَالسَّفِيهِ. قَالَ فِي كِتَابِ الطُّرَرِ وَمَنْ تَصَدَّقَ عَلَى صَغِيرٍ مِنْ أَبٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ الصَّدَقَةَ إلَى ذَلِكَ الصَّغِيرِ وَحَازَهَا فِي صِحَّةِ الْمُتَصَدِّقِ بِهَا فَإِنَّهَا حِيَازَةٌ تَامَّةٌ وَإِنْ كَانَ الْحَائِزُ صَغِيرًا وَتُنَفَّذُ الصَّدَقَةُ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ ابْتِدَاءً أَنْ يَحُوزَ الصَّغِيرُ فَإِنْ وَقَعَ نَفَذَ.
(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) حُكْمُ
الْهِبَةِ حُكْمُ الْوَقْفِ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ وَحَكَى الْقَوْلَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(الثَّانِي) قَالَ فِي الشَّامِلِ وَصَحَّ أَيْ الْحَوْزُ بِوَكَالَةٍ مِنْ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ وَإِنْ بِحُضُورِهِ وَإِنْ قَدَّمَ الْوَاقِفُ مَنْ يَحُوزُ لَهُ جَازَ وَفِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ يَجُوزُ لِلْغَائِبِ فَقَطْ.
ص (قَبْلَ فَلَسِهِ وَمَوْتِهِ وَمَرَضِهِ)
ش: دَخَلَ فِي الْمَرَضِ الْجُنُونُ. قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّة وَكَذَلِكَ إنْ فَقَدَ عَقْلَهُ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ عَنْهُ الصَّدَقَةُ بَطَلَتْ يُرِيدُ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ عَقْلُهُ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ الصَّدَقَةُ عَنْهُ أَوْ يَصِحَّ مِنْ مَرَضِهِ قَبْلَ أَنْ يَفُوتَ فَتُنَفَّذَ الصَّدَقَةُ وَيُؤْخَذَ مِنْهُ انْتَهَى.
ص (إلَّا لِمَحْجُورِهِ)
ش: قَالَ فِي الشَّامِلِ وَفِي حَوْزِ الْحَاضِنِ ثَالِثُهَا إنْ كَانَ أُمًّا أَوْ جَدَّةً صَحَّ وَرَابِعُهَا إنْ كَانَ غَيْرَ جَدَّةٍ وَأَخٍ وَإِلَّا فَلَا وَالْمَنْصُوصُ لَيْسَ بِحَوْزٍ مُطْلَقًا فَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ الْأَبَ صَرَفَ الْغَلَّةَ فِي مَصَالِحِ نَفْسِهِ فَالْمَشْهُورُ الْبُطْلَانُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (أَوْ عَلَى وَارِثٍ بِمَرَضِ مَوْتٍ)
ش:. قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَإِنْ شُرِكَ فَمَا خَصَّ الْوَارِثَ فَمِيرَاثٌ وَيَرْجِعُ بَعْدَ مَوْتِ الْوَارِثِ إلَى مَرْجِعِهِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَعْنِي فَإِنْ شَرِكَ الْمَرِيضُ الْوَارِثَ فِي الْوَقْفِ مَعَ غَيْرِهِ فَذَلِكَ لَا يُوجِبُ صِحَّةَ الْوَقْفِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا يَصِحُّ مِنْهُ مَا لِلْأَجْنَبِيِّ وَمَا خَصَّ الْوَارِثَ مِيرَاثٌ عَلَى جِهَةِ الْمِلْكِيَّةِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُعَقِّبًا وَإِنْ كَانَ مُعَقِّبًا رَجَعَ النَّصِيبُ الْمَوْقُوفُ بَيْنَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَلَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ بِسَبَبِ مَا فِيهِ مِنْ التَّعْقِيبِ وَيَبْقَى بِيَدِ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ عَلَى حُكْمِ الْإِرْثِ مَا دَامَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ مَوْجُودًا فَإِذَا انْقَرَضَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ رَجَعَ إلَى مَرْجِعِهِ انْتَهَى. وَانْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ عَلَى مَسْأَلَةِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ.
ص (بِحَبَسْت وَوَقَفْت أَوْ تَصَدَّقْت إنْ قَارَنَهُ قَيْدٌ أَوْ جِهَةٌ لَا تَنْقَطِعُ أَوْ لِمَجْهُولٍ وَإِنْ حُصِرَ)
ش: هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ وَهُوَ الصِّيغَةُ. قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا ثُمَّ بَيَّنَ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا بِقَوْلِهِ وَلَوْ أَذِنَ فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَلَمْ يَخُصَّ شَخْصًا وَلَا زَمَانًا فَكَالصَّرِيحِ انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ فَلَوْ أَذِنَ فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا أَيْ إذْنًا مُطْلَقًا أَوْ فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَلَمْ يَخُصَّ بِهِ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا وَقَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ وَلَوْ بَنَى مَسْجِدًا وَأَذِنَ فِي الصَّلَاةِ فِيهِ فَذَلِكَ كَالصَّرِيحِ لِأَنَّهُ وَقْفٌ وَإِنْ لَمْ يَخُصَّ زَمَانًا وَلَا شَخْصًا وَلَا قَيَّدَ الصَّلَاةَ فِيهِ بِفَرْضٍ وَلَا نَفْلٍ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَيُحْكَمُ بِوَقْفِيَّتِهِ انْتَهَى.
وَذَكَرَهُ وَالِدُهُ فِي الْبَابِ السَّبْعِينَ مِنْ تَبْصِرَتِهِ ثُمَّ ذَكَرَ اللَّفْظَ ثُمَّ قَالَ وَلَفْظُ وَقَفْت يُفِيدُ التَّأْبِيدَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي أَنَّهَا أَصْرَحُ أَلْفَاظِ الْفَصْلِ وَلِأَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى التَّأْبِيدِ بِغَيْرِ ضَمِيمَةٍ وَعَزَاهُ فِي التَّوْضِيحِ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ. قَالَ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَابْنُ زَرْقُونٍ لَفْظُ الْوَقْفِ وَالْحَبْسِ سَوَاءٌ وَيَدْخُلُ فِي لَفْظِ وَقَفْت مِنْ الْخِلَافِ مَا يَدْخُلُ فِي حَبَسْت انْتَهَى.
وَهَذَا الثَّانِي
هُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ لِأَنَّهُ قَدَّمَ لَفْظَ الْحَبْسِ عَلَى لَفْظِ الْوَقْفِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ رَاجِعًا إلَى الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَحَبَسْت وَتَصَدَّقْت إنْ اقْتَرَنَ بِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّأْبِيدِ مِنْ قَيْدٍ أَوْ جِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ تَأَبَّدَ وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي أَنَّ لَفْظَتَيْ حَبَسْت وَتَصَدَّقْت لَا يَدُلَّانِ عَلَى التَّأْبِيدِ بِمُجَرَّدِهِمَا بَلْ لَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ ضَمِيمَةِ قَيْدٍ فِي الْكَلَامِ كَقَوْلِهِ حَبْسٌ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَشِبْهُ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ أَوْ الْجَمْعِ بَيْنَ اللَّفْظَتَيْنِ مَعًا كَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ إذَا قَالَ حَبْسًا صَدَقَةً أَوْ ذَكَرَ لَفْظَ التَّأْبِيدِ أَوْ ضَمِيمَةَ جِهَةٍ فِي الْحَبْسِ لَا تَنْقَطِعُ وَمُرَادُهُ عَدَمُ انْحِصَارِ مَنْ يُصْرَفُ إلَيْهِ الْحَبْسُ بِأَشْخَاصٍ مُعَيَّنِينَ كَقَوْلِهِ حَبْسٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ عَلَى الْمُجَاهِدِينَ أَوْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ فَإِنْ انْعَدَمَتْ هَذِهِ الْقُيُودُ وَالْجِهَاتُ وَشِبْهُهَا فَفِي التَّأْبِيدِ حِينَئِذٍ رِوَايَتَانِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ فِي التَّأْبِيدِ إذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الْقُيُودُ أَوْ الْجِهَاتُ وَذَلِكَ قَرِيبٌ مِمَّا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا قَالَ حَبْسٌ صَدَقَةٌ أَوْ حَبْسٌ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ إنَّ قَوْلَ مَالِكٍ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي هَذَا أَنَّهُ صَدَقَةٌ مُحَرَّمَةٌ تَرْجِعُ بِمَرَاجِعِ الْأَحْبَاسِ وَلَا تَرْجِعُ إلَى الْمُحْبِسِ مِلْكًا وَمَعَ ذَلِكَ فَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ حَكَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا تَرْجِعُ إلَيْهِ مِلْكًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ حَبْسٌ صَدَقَةٌ وَكَذَا قَالَ ابْنُ وَهْبٍ إنَّهَا تَرْجِعُ مِلْكًا إذَا حَبَسَ عَلَى مُعَيَّنِينَ وَلَوْ قَالَ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ نَعَمْ يَعِزُّ وُجُودُ الْخِلَافِ بَلْ يَنْتَفِي إذَا اقْتَرَنَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْجِهَاتِ غَيْرِ الْمَحْصُورَةِ وَالْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَى مَدْلُولِ الْعُرْفِ انْتَهَى.
وَاَلَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِهِ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الرَّاجِحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ وَقَفْت وَحَبَسْت يُفِيدَانِ التَّأْبِيدَ سَوَاءٌ أُطْلِقَا أَوْ قُيِّدَا بِجِهَةٍ لَا تَنْحَصِرُ أَوْ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ إلَّا فِي الصُّورَةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ مَا إذَا قَالَ وَقْفٌ أَوْ حَبْسٌ عَلَى فُلَانٍ الْمُعَيَّنِ حَيَاتَهُ أَوْ عَلَى جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ حَيَاتَهُمْ وَقَيَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ حَيَاتَهُمْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بَعْدَ مَوْتِهِمْ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ إنْ كَانَ حَيًّا أَوْ لِوَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا وَكَذَلِكَ إذَا ضَرَبَ لِذَلِكَ أَجَلًا فَقَالَ حَبْسٌ عَشْرَ سِنِينَ أَوْ خَمْسًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَالْمُتَيْطِيُّ. قَالَا وَلَا خِلَافَ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَيْ إذَا ضَرَبَ لِلْوَقْفِ أَجَلًا أَوْ قَيَّدَهُ بِحَيَاةِ شَخْصٍ وَأَمَّا لَفْظُ الصَّدَقَةِ فَلَا يُقَيِّدُ التَّأْبِيدَ إلَّا إذَا قَارَنَهُ قَيْدٌ كَقَوْلِهِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ أَوْ جِهَةٌ لَا تَنْقَطِعُ كَصَدَقَةٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَطَلَبَةِ الْعِلْمِ وَالْمُجَاهِدِينَ يَسْكُنُونَهَا أَوْ يَسْتَغِلُّونَهَا أَوْ عَلَى مَجْهُولٍ وَلَوْ كَانَ مَحْصُورًا كَعَلَى فُلَانٍ وَعَقِبِهِ وَغَيْرَ الْمَحْصُورِ كَعَلَى أَهْلِ الْمَدْرَسَةِ الْفُلَانِيَّةِ أَوْ الرِّبَاطِ الْفُلَانِيِّ فَإِنْ تَجَرَّدَ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يُفِيدُ الْوَقْفَ فَإِنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ كَقَوْلِهِ صَدَقَةٌ عَلَى فُلَانٍ فَهِيَ لَهُ مِلْكٌ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ فَالنَّاظِرُ يَصْرِفُ ثَمَنَهَا بِاجْتِهَادِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَا يَلْزَمُ التَّعْمِيمُ.
قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَلِلتَّحْبِيسِ ثَلَاثَةُ أَلْفَاظٍ حَبْسٌ وَوَقْفٌ وَصَدَقَةٌ ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَإِنْ تَصَدَّقَ بِذَلِكَ عَلَى مُعَيَّنِينَ وَلَا مَحْصُورِينَ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ هَذِهِ الدَّارُ صَدَقَةٌ عَلَى فُلَانٍ فَهَذَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَنَّهَا لِفُلَانٍ مِلْكٌ يَبِيعُهَا وَيَهَبُهَا وَتُورَثُ عَنْهُ وَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ وَلَا مَحْصُورِينَ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ هَذِهِ الدَّارُ صَدَقَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ فِي السَّبِيلِ أَوْ عَلَى بَنِي زُهْرَةَ أَوْ بَنِي تَمِيمٍ فَإِنَّهَا تُبَاعُ وَيُتَصَدَّقُ عَلَى الْمَسَاكِينِ عَلَى قَدْرِ الِاجْتِهَادِ إلَّا أَنْ يَقُولَ صَدَقَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ يَسْكُنُونَهَا أَوْ يَسْتَغِلُّونَهَا فَتَكُونُ حَبْسًا عَلَى الْمَسَاكِينِ لِلسُّكْنَى وَالِاغْتِلَالِ وَلَا تُبَاعُ وَإِنْ تَصَدَّقَ بِذَلِكَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ إلَّا أَنَّهُمْ مَحْصُورُونَ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ دَارِي صَدَقَةٌ عَلَى فُلَانٍ وَعَقِبِهِ هَلْ تَرْجِعُ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْعَقِبِ مَرْجِعَ الْأَحْبَاسِ عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ أَوْ تَكُونُ لِآخِرِ الْعَقِبِ مِلْكًا مُطْلَقًا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا تَكُونُ لِآخِرِ الْعَقِبِ مِلْكًا مُطْلَقًا وَحَكَى ابْنُ عَبْدُوسٍ أَنَّهَا تَرْجِعُ مَرْجِعَ الْأَحْبَاسِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَبَعْضِ رِجَالِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ قِيلَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ إنَّ ذَلِكَ إعْمَارٌ وَتَرْجِعُ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْعَقِبِ