الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلَى بُلُوغِهِ، فَإِنْ حَجَّ بِهِ وَإِلَّا رَجَعَ مِيرَاثًا انْتَهَى.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ بَحْرٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَضَانَةِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُسَافِرَ بِمَنْ فِي حِجْرِهِ إذَا كَانَتْ الطَّرِيقُ مَأْمُونَةً وَلَوْ كَانَ فِيهَا بَحْرٌ وَتَقَدَّمَ هُنَا أَنَّ التَّجْرَ بِمَالِ الْيَتِيمِ فِي الْبَحْرِ وَالْبَرِّ جَائِزٌ مَعَ الْأَمْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَجِّ عَنْ ابْنِ فَرْحُونٍ أَنَّهُ نَقَلَ أَنَّ لِلْوَصِيِّ وَالْوَلِيِّ غَيْرِ الْمَحْرَمَيْنِ أَنْ يُسَافِرَا بِالصَّبِيَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا أَهْلٌ تُخَلَّفُ عِنْدَهُمْ، وَكَانُوا مَأْمُونِينَ وَيُخْتَلَفُ فِيهِ إنْ كَانَ لِلصَّبِيَّةِ أَهْلٌ وَهُوَ مَأْمُونٌ وَلَهُ أَهْلٌ انْتَهَى.
ص (وَالْقَوْلُ لَهُ فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ)
ش: قَالَ فِي الشَّامِلِ وَصُدِّقَ فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ دُونَ سَرَفٍ مَعَ يَمِينِهِ إنْ بَقِيَ تَحْتَ حِجْرِهِ عَلَى الْأَكْثَرِ وَهَلْ يُجَابُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَحْسِبَ أَقَلَّ مَا يُمْكِنُ وَلَا يَحْلِفَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ قَوْلَانِ انْتَهَى.
وَأَصْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَعَزَا الْأَوَّلَ لِأَبِي عِمْرَانَ وَالثَّانِي لِعِيَاضٍ قَائِلًا إذْ قَدْ يُمْكِنُ أَقَلُّ مِمَّا ذُكِرَ قَالَ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ عِنْدِي، قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَالْقَوْلُ لِلْوَصِيِّ فِي أَصْلِ الْإِنْفَاقِ انْتَهَى.
[فَرْعٌ الْوَرَثَةَ إذَا أَقَرَّ مُوَرِّثُهُمْ بِمَالٍ لِيَتِيمِهِ]
(فَرْعٌ) قَالَ فِي مُخْتَصَرِ النَّوَازِلِ وَإِقْرَارُ الرَّجُلِ فِي مَرَضِهِ لِيَتِيمِهِ بِمَالٍ يَمْنَعُ مَنْ طَلَبَهُ بِمَا كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ إذْ حُكْمُ ذَلِكَ حُكْمُ الْإِسْقَاطِ انْتَهَى.
يَعْنِي أَنَّ الْوَرَثَةَ إذَا أَقَرَّ مُوَرِّثُهُمْ بِمَالٍ لِيَتِيمِهِ فَطَلَبُوا الْيَتِيمَ بِمَا كَانَ مُوَرِّثُهُمْ يُنْفِقُهُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ، اُنْظُرْ نَوَازِلَ ابْنِ رُشْدٍ وَتَقَدَّمَ لَفْظُ النَّوَازِلِ فِي النَّفَقَاتِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَعَلَى الصَّغِيرِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي مَسَائِلِ الْوَصَايَا مِنْ النَّوَازِلِ.
ص (وَضَمِنَ الْمَالَ قَبْلَ بُلُوغِهِ)
ش: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقَوْلُ لِلْوَصِيِّ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ قَوْله تَعَالَى: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا} [النساء: 6] ، هَلْ لِئَلَّا تَغْرَمُوا أَوْ لِئَلَّا تَحْلِفُوا، وَعَلَى الْمَشْهُورِ إذَا قُلْنَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ، فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إلَّا أَنْ يَطُولَ زَمَنُ ذَلِكَ كَالثَّلَاثِينَ وَالْعِشْرِينَ سَنَةً يُقِيمُونَ مَعَهُ وَلَا يَطْلُبُونَهُ وَلَا يَسْأَلُونَهُ عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ يَطْلُبُونَهُ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْيَمِينُ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ ظَاهِرُ قِسْمَةِ الْعُتْبِيَّة، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ يُكَذِّبُهُمْ، وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ: إذَا قَامَ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِبَلَهُ إلَّا الْيَمِينُ، ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَالَ ابْنُ رُشْدٍ إلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، خَلِيلٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ إلَى قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَاب الْفَرَائِض]
ص (بَابٌ) .
(يَخْرُجُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ كَالْمَرْهُونِ وَعَبْدٌ جَنَى ثُمَّ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ بِالْمَعْرُوفِ ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ ثُمَّ وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي ثُمَّ الْبَاقِي لِوَارِثِهِ)
ش: هَذَا الْبَابُ يُسَمَّى بَابُ الْفَرَائِضِ، فَقَوْلُهُ:
بَابٌ أَيْ هَذَا بَابٌ يَذْكُرُ فِيهِ الْفَرَائِضَ وَهُوَ الْفِقْهُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْإِرْثِ، وَعِلْمُ مَا يُوَصِّلُ لِمَعْرِفَةِ قَدْرِ مَا يَجِبُ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ فِي التَّرِكَةِ فَحَقِيقَتُهُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْفِقْهِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْإِرْثِ، وَمِنْ الْحِسَابِ الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى مَعْرِفَةِ قَدْرِ مَا يَجِبُ لِكُلِّ وَارِثٍ وَبَدَأَ أَوَّلًا بِبَيَانِ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالتَّرِكَةِ وَنِهَايَتِهَا خَمْسَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ وَطَرِيقُ حَصْرِهَا إمَّا بِالِاسْتِقْرَاءِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَفِي ذَلِكَ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُقَالَ الْحَقُّ الْمُتَعَلِّقُ بِالتَّرِكَةِ إمَّا ثَابِتٌ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ بِالْمَوْتِ، وَالثَّابِتُ قَبْلَهُ إمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ أَوْ لَا، الْأَوَّلُ هُوَ الْحُقُوقُ الْمُعَيَّنَةُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ، وَالثَّانِي الدَّيْنُ الْمُطْلَقُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ، وَالثَّابِتُ بِالْمَوْتِ إمَّا لِلْمَيِّتِ وَهُوَ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:" وَصَايَاهُ " أَوْ هُوَ الْمِيرَاثُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: " ثُمَّ الْبَاقِي لِوَارِثِهِ " وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنْ يُقَالَ " الْحَقُّ إمَّا لِلْمَيِّتِ أَوْ عَلَيْهِ أَوْ لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ الْأَوَّلُ مُؤَنُ التَّجْهِيزِ وَالثَّانِي إمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ فَقَطْ وَهُوَ الدَّيْنُ الْمُطْلَقُ أَوْ لَا وَهُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ وَالثَّالِثُ إمَّا اخْتِيَارِيٌّ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ أَوْ اضْطِرَارِيٌّ وَهُوَ الْمِيرَاثُ.
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْحُقُوقَ مَرْتَبَةً فَكُلُّ وَاحِدٍ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ: يَخْرُجُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ أَيْ بِعَيْنٍ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ بِهِمَا جَمِيعًا
وَالتَّرِكَةُ: بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَيَجُوزُ تَسْكِينُ الرَّاءِ مَعَ فَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا، وَهُوَ بِمَعْنَى الْمَتْرُوكِ، كَالطِّلْبَةِ بِمَعْنَى: الْمَطْلُوبِ وَتَرِكَةُ الْمَيِّتِ تُرَاثُهُ وَهُوَ الْمِيرَاثُ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ: بِأَنَّهُ حَقٌّ قَابِلٌ لِلتَّجْزِيءِ ثَبَتَ لِمُسْتَحِقٍّ بَعْدَ مَوْتِ مَنْ كَانَ لَهُ لِوُجُودِ قَرَابَةٍ بَيْنَهُمَا أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا.
وَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ الذَّاتُ ثُمَّ مَثَّلَ لِلْحَقِّ الْمُتَعَلِّقِ بِالْعَيْنِ بِقَوْلِهِ: كَالْمَرْهُونِ يَعْنِي إذَا حِيزَ قَبْلَ مَوْتِ الرَّاهِنِ الْحَوْزَ الشَّرْعِيَّ الْمُتَقَدِّمَ فِي بَابِ الرَّهْنِ وَبِقَوْلِهِ: " وَعَبْدٍ جَنَى جِنَايَةً " أَيْ: جِنَايَةً تُوجِبُ مَالًا كَالْخَطَإِ وَالْعَمْدِ إذَا عَفَا الْوَلِيُّ عَلَى مَالٍ وَاسْتَهْلَكَ مَالًا لِشَخْصٍ لَمْ يَأْتَمِنْهُ عَلَيْهِ فَلَوْ اجْتَمَعَ فِي الْجَانِي رَهْنٌ وَجِنَايَةٌ، قُدِّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِانْحِصَارِ حَقِّهِ فِي عَيْنِ الْجَانِي فَيُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ بَيْنَ أَنْ يَفْدُوهُ أَوْ يُسَلِّمُوهُ، فَإِنْ فَدَوْهُ بَقِيَ رَهْنًا، وَإِنْ أَسْلَمُوهُ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَيَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ أَوْ يَفْدِيَهُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ ثُمَّ إذَا حَلَّ الدَّيْنُ بِيعَ.
وَيَبْدَأُ بِمَا فَدَاهُ بِهِ الْمُرْتَهِنُ، فَإِنْ لَمْ تَفِ قِيمَتُهُ بِمَا فَدَاهُ لَمْ يَتْبَعْ الْوَرَثَةَ بِشَيْءٍ، وَإِنْ فَضُلَ مِنْهَا شَيْءٌ أُخِذَ مِنْ دَيْنِهِ، وَمَا فَضُلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِلْوَرَثَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ التَّرِكَةِ قَبْلَ وُقُوعِ الْمَوَارِيثِ فِيهَا يَنْقَسِمُ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَالثَّانِي مَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ مِنْ الثُّلُثِ وَمَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ مِنْ الثُّلُثِ وَمَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا حُقُوقٌ مُعَيَّنَةٌ، وَالثَّانِي حُقُوقٌ لَيْسَتْ بِمُعَيَّنَةٍ فَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: يَخْرُجُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ كَالْمَرْهُونِ، وَعَبْدٌ جَنَى، قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ التَّقْسِيمَ الْمُتَقَدِّمَ فَأَمَّا الْحُقُوقُ الْمُعَيَّنَةُ فَتَخْرُجُ كُلُّهَا، وَإِنْ أَتَتْ عَلَى جَمِيعِ التَّرِكَةِ.
وَذَلِكَ مِثْلُ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُرْتَهِنِ وَالزَّكَاةِ ثُمَّ الْحَائِطِ الَّذِي يَمُوتُ عَنْهُ صَاحِبُهُ وَقَدْ أَزْهَتْ ثَمَرَتُهُ وَزَكَاةِ الْمَاشِيَةِ إذَا مَاتَ عِنْدَ حُلُولِهَا عَلَيْهِ، وَفِيهَا السِّنُّ الَّذِي تَجِبُ فِيهَا وَمَا أَقَرَّ بِهِ الْمُتَوَفَّى مِنْ الْأُصُولِ، وَالْعُرُوضِ بِأَعْيَانِهَا لِرَجُلٍ أَوْ قَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ انْتَهَى. فَهَذَا وَنَحْوُهُ هُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِالْكَافِ فِي قَوْلِهِ: كَالْمَرْهُونِ.
وَالْعَبْدُ الْجَانِي مَرْهُونٌ فِي جِنَايَتِهِ، وَزَادَ أَبُو الْحَسَنِ وَالصُّبْرَةُ الْمَبِيعَةُ عَلَى الْكَيْلِ انْتَهَى.
وَزَادَ ابْنُ عَرَفَةَ وَسُكْنَى الزَّوْجَةِ مُدَّةَ عِدَّتِهَا مَسْكَنَهَا حِينَ مَوْتِهِ بِمِلْكِهِ أَوْ بِنَقْدِ كِرَائِهِ انْتَهَى. وَزَادَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ الْمُعْتَقُ إلَى أَجَلٍ انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَكَذَلِكَ الْهَدْيُ إذَا قَلَّدَهُ سَوَاءٌ كَانَ تَطَوُّعًا أَوْ وَاجِبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ مِيرَاثًا.
قَالَ: سَنَدٌ وَلَا يُبَاعُ فِي دَيْنٍ اسْتَحْدَثَهُ بَعْدَ التَّقْلِيدِ، وَقَالَ فِي رَسْمِ الْعِتْقِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ
الْأُضْحِيَّة أَنَّهُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ الْمُتَقَدِّمِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ أَنَّ السَّوْقَ فِي الْغَنَمِ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ التَّقْلِيدِ فِي غَيْرِهَا، وَكَذَلِكَ الْأُضْحِيَّةُ إذَا تَعَيَّنَتْ إمَّا بِالنَّذْرِ أَوْ بِالذَّبْحِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي زَكَاةِ الْحَرْثِ ذَكَرَهُ أَيْضًا ابْنُ عَرَفَةَ وَأَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَاللَّخْمِيُّ وَالْمُؤَلِّفُ فِي التَّوْضِيحِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا.
وَتَقَدَّمَ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي بَابِ الْوَصَايَا أَنَّهَا تَنْفُذُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِهَا وَلَكِنْ قَيَّدَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَقَالَ إلَّا أَنْ تَيْبَسَ الثَّمَرَةُ أَوْ تَطِيبَ أَوْ يَجُذَّهَا وَيَجْعَلَهَا فِي الْجَرِيبِ بِبَلَدٍ لَا سَاعِيَ فِيهَا فَالظَّاهِرُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ إخْرَاجُهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَهَا أَجْزَأَتْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَالْعَيْنِ الْمُفَرَّطِ فِيهَا
وَأَمَّا إنْ لَمْ تَيْبَسْ فَيَجِبُ عَلَى الْوَرَثَةِ إخْرَاجُهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ قَبْلَ الْجُذَاذِ لَمْ تُجِزْهُ، ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ ابْنِ مَسْلَمَةَ فِي الْمَبْسُوطِ قَالَ: وَمَا رَأَيْت خِلَافَهُ انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ خِلَافُهُ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ جَعَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَحَدَ الطَّرِيقَيْنِ، وَنَصُّهُ: " أَوَّلُ مَا يَخْرُجُ مِنْ كُلِّ التَّرِكَةِ مُعَيَّنًا أُمُّ الْوَلَدِ، وَالْمَحُوزُ الْمَرْهُونُ، وَزَكَاةُ حَبٍّ وَتَمْرٍ حِينَ وُجُوبِهَا.
وَفِي كَوْنِ وُجُوبِ زَكَاةِ مَاشِيَةٍ فِي مَرَضِهِ، كَذَلِكَ طَرِيقَانِ اللَّخْمِيُّ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ سَاعٍ ابْنُ رُشْدٍ كَذَلِكَ إنْ كَانَ فِيهَا سِنُّهَا انْتَهَى. وَفِي جَعْلِهِ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ خِلَافًا نَظَرًا لِلَّخْمِيِّ إنَّمَا أَطْلَقَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ مَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَمْ يُفَصِّلْ فِيهِ مُعَيَّنًا مِنْ غَيْرِهِ وَابْنُ رُشْدٍ لَمَّا أَنْ ذَكَرَ الْمُعَيَّنَاتِ ذَكَرَ مِنْهَا الْمَاشِيَةَ الَّتِي حَلَّ حَوْلَهَا.
وَلَيْسَ فِيهَا السِّنُّ الْوَاجِبُ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَأَمَّا تَقْيِيدُ اللَّخْمِيِّ ذَلِكَ بِعَدَمِ السَّاعِي فَلَا يُخَالِفُ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّ السَّاعِيَ إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَحَلَّ حَوْلُ الْمَاشِيَةِ، وَمَاتَ رَبُّهَا قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي سَقَطَتْ زَكَاتُهَا وَيَسْتَقْبِلُ بِهَا الْوَارِثُ حَوْلًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الزَّكَاةِ فَفِي عَدِّهِ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ طَرِيقِينَ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى الْوَجْهِ الثَّانِي وَهُوَ الْحُقُوقُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَيْسَتْ بِمُعَيَّنَةٍ بِقَوْلِهِ:" ثُمَّ مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ بِالْمَعْرُوفِ ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ " قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَأَمَّا الْحُقُوقُ الَّتِي لَيْسَتْ بِمُعَيَّنَاتٍ، فَإِنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ وَفَاءٌ بِهَا أُخْرِجَتْ كُلُّهَا.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا وَفَاءٌ بُدِئَ بِالْأَوْكَدِ فَالْأَوْكَدُ مِنْهَا وَمَا كَانَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ تَحَاصُّوا فِي ذَلِكَ فَآكَدُ الْحُقُوقِ وَأَوْلَاهَا بِالتَّبْدِئَةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عِنْدَ ضِيقِهِ: الْكَفَنُ، وَتَجْهِيزُ الْمَيِّتِ إلَى قَبْرِهِ انْتَهَى. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ عَلَى ذَلِكَ عَامَلُوهُ فِي حَيَاتِهِ يَأْكُلُ وَيَكْتَسِي، وَالْكَفَنُ وَتَجْهِيزُهُ إلَى قَبْرِهِ مِنْ تَوَابِعِ الْحَيَاةِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الرِّسَالَةِ: وَيُبْدَأُ بِالْكَفَنِ ثُمَّ الدَّيْنِ ثُمَّ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ الْمِيرَاثِ، قَالَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ يُرِيدُ آلَةَ الدَّفْنِ مِنْ أُجْرَةِ الْغَسَّالِ وَالْحَمَّالِ وَالْحَفَّارِ وَالْحَنُوطِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالْكَفَنُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ وَلَا كَلَامَ لِلْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ وَلَا لِلْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ الدَّفْنَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مَكْرُوهٌ انْتَهَى.
وَهَذَا خِلَافُ الْمَشْهُورِ، وَقَدْ قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِالزَّائِدِ عَلَى الْوَاحِدِ إنْ شَحَّ الْوَارِثُ إلَّا أَنْ يُوصِيَ فِي ثُلُثِهِ وَقَالَ ابْنُ نَاجِي: أَرَادَ الشَّيْخُ أَنَّ مُؤْنَةَ الدَّفْنِ كَالْكَفَنِ وَخُشُونَةَ الْكَفَنِ وَرِقَّتَهُ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ انْتَهَى.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ الْجَنَائِزِ وَكُفِّنَ بِمَلْبُوسِهِ لِجُمُعَتِه.
وَهَذَا مَعْنَى قَوْلُ الْمُصَنِّفِ هُنَا ثُمَّ مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ بِالْمَعْرُوفِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: ثُمَّ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ مِنْ الدُّيُونِ الثَّابِتَةِ عَلَى الْمُتَوَفَّى بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ بِهَا فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ مَفْهُومُهُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ لَا تَنْفُذُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَهُوَ كَذَلِكَ بِمَعْنَى أَنَّهَا لَا تُدْفَعُ لِلْمُقِرِّ لَهُ وَإِلَّا فَهِيَ تُحْسَبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَا يَكُونُ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا بَعْدَهَا ثُمَّ تَرْجِعُ مِيرَاثًا قَالَهُ فِي أَوَّلِ الْوَصَايَا مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهُ: " وَإِذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِدَيْنٍ وَأَوْصَى بِزَكَاةِ مَالٍ فَرَّطَ فِيهَا وَبَتَلَ فِي الْمَرَضِ وَدَبَّرَ فِيهِ وَأَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ لَهُ بِعَيْنِهِ وَشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ لِيُعْتَقَ وَأَوْصَى بِكِتَابَةِ عَبْدٍ لَهُ وَأَوْصَى بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَبِعِتْقِ نَسَمَةٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَالدُّيُونُ تَخْرُجُ
مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَتْ لِمَنْ يُتَّهَمُ فِيهِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لِمَنْ يَجُوزُ إقْرَارُهُ أَخَذَهُ.
وَإِنْ كَانَ لِمَنْ لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ لَهُ رَجَعَ مِيرَاثًا انْتَهَى. وَانْظُرْ فَكَّ الْأَسِيرِ، وَمُدَبَّرَ الصِّحَّةِ وَنِكَاحَ الْمَرِيضَةِ هَلْ يَدْخُلُونَ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الدَّيْنِ الْمُقَرِّ بِهِ لِمَنْ يَتَّهِمُ، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي الْوَصَايَا: لَا مَدْخَلَ لِلْوَصِيَّةِ فِيمَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ لَا يَدْخُلُونَ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ هَذَا الْمَحِلِّ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ ثُمَّ رَأَيْنَا فِي ابْنِ يُونُسَ فِي كِتَابِ الْمُدَبَّرِ أَنَّ الْمُدَبَّرَ فِي الصِّحَّةِ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ فَيَكُونُ فَكُّ الْأَسِيرِ الْمُقَدَّمِ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ أَوْلَى فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ ثُمَّ حُقُوقُ اللَّهِ الْمَفْرُوضَاتُ مِنْ الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ عَلَى مَرَاتِبِهَا وَالنُّذُورِ.
إذَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ فِي صِحَّتِهِ بِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ وَيُبَدَّأُ مِنْ ذَلِكَ فِي رَأْسِ مَالِهِ الْأَوْكَدُ فَالْأَوْكَدُ كَمَا يُبَدَّأُ الْآكَدُ فَالْآكَدُ فِي ذَلِكَ إذَا فَرَّطَ فِيهِ فِي حَيَاتِهِ وَأَوْصَى بِهِ أَنْ يُؤَدَّى عَنْهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَزَكَاةُ الْمَاشِيَةِ إذَا مَاتَ عِنْدَ حُلُولِهَا عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِيهِ السِّنُّ الْوَاجِبَةُ فِيهَا تَجْرِي فِي التَّبْدِئَةِ مَجْرَى مَا لَمْ يُخْرِجْهُ عِنْدَ حُلُولِهِ وَأَشْهَدَ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ فِي صِحَّتِهِ انْتَهَى. (قُلْت) قَوْلُهُ: ثُمَّ حُقُوقُ اللَّهِ الْمَفْرُوضَاتُ مِنْ الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ عَلَى مَرَاتِبِهَا وَالنُّذُورِ إذَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ فِي صِحَّتِهِ بِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ فَرَّطَ فِي زَكَاةِ مَالِهِ مُدَّةً مِنْ الزَّمَانِ ثُمَّ أَشْهَدَ أَنَّهَا فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.
وَكَذَلِكَ مَنْ أَشْهَدَ أَنَّ فِي ذِمَّتِهِ كَفَّارَاتٍ، وَأَنَّهُ قَدْ نَذْرَ أَنْ يُعْطِيَ فُلَانًا كَذَا وَكَذَا الشَّيْءَ سَمَّاهُ وَعَيَّنَهُ ثُمَّ مَاتَ وَهُوَ فِي يَدِهِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ بَلْ لَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ نَذْرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى الْمَسَاكِينِ بِكَذَا وَكَذَا، وَأَنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى أَنَّهُ إذَا نَذْرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى الْمَسَاكِينِ بِجَمِيعِ مَالِهِ يُؤْمَرُ بِإِخْرَاجِ ثُلُثِ مَالِهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ.
فَإِنْ كَانَ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ فَكَيْفَ يُؤْمَرُ الْوَرَثَةُ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي أَوَائِلِ مَسَائِلِ الْهِبَةِ: مَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَدَقَةُ مَالِي، وَثُلُثُهُ لِفُلَانٍ، فَيَلْزَمُهُ مَا دَامَ حَيًّا.
فَإِذَا مَاتَ بَطَلَ؛ لِأَنَّ صَدَقَتَهُ وَجَبَتْ بِاقْتِرَابٍ فَمِنْ شَرْطِهَا الْحَوْزُ قَبْلَ الْوَفَاةِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي بَابِ الزَّكَاةِ مِنْ النَّوَادِرِ: وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْحَوْزِ فَمَا حَلَّ وَلَمْ يُفَرِّطْ أَوْ قَدِمَ عَلَيْهِ فَأَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ فِي مَرَضِهِ أَوْ أَوْصَى بِذَلِكَ فَهُوَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، قَالَهُ مَالِكٌ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ لَمْ يُجْبَرْ وَرَثَتُهُ وَأُمِرُوا بِذَلِكَ، وَقَالَ أَشْهَبُ: هِيَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ أَوْ لَمْ يُفَرِّطْ، وَقَالَ أَشْهَبُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ: أَنَّ مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَلَيْلَتِهِ، وَلَمْ يُوصِ فَهِيَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا تُجْبَرُ وَرَثَتُهُ إلَّا أَنْ يُوصِيَ فَتَكُونَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ انْتَهَى. وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ وَزَادَ فِيهِ، وَنَصُّهُ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَأَوَّلُهُ كُلِّيًّا مُؤْنَةُ إقْبَارِهِ ثُمَّ دَيْنٌ لِآدَمِيٍّ ثُمَّ مَا أَشْهَدَ بِهِ فِي صِحَّتِهِ فَوَاجِبَ عَلَيْهِ فِي صِحَّتِهِ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ زَكَاةٍ أَوْ كَفَّارَاتٍ. ابْنُ رُشْدٍ أَوْ نَذْرٍ (قُلْت) لِلْبَاجِيِّ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ: نَذْرُ الصِّحَّةِ فِي الثُّلُثِ، فَلَعَلَّ الْأَوَّلَ فِي الْمُلْتَزَمِ وَالثَّانِيَ فِي الْمُوصَى بِهِ، وَإِلَّا تَنَاقَضَا وَيُقَدَّمُ مِنْهَا فِي ضِيقِ التَّرِكَةِ الْمُقَدَّمُ مِنْهَا ضِيقِ الثُّلُثِ، وَفِي كَوْنِ زَكَاةِ عَيْنٍ حَلَّتْ فِي مَرَضِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ مُطْلَقًا أَوْ إنْ أَوْصَى بِهَا، وَإِلَّا أُمِرَ الْوَارِثُ بِهَا وَلَمْ يُجْبَرْ، قَوْلَا اللَّخْمِيِّ مَعَ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ انْتَهَى.
وَالثَّانِي مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا تَقَدَّمَ وَمَفْهُومُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ إذَا أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُشْهِدْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بَلْ مِنْ الثُّلُثِ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا الْمُتَمَتِّعُ إذَا مَاتَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَالْهَدْيُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ رُتْبَتَهُ بَيْنَ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ وَحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي أَوْصَى بِهَا قَالَ فِي رَسْمِ حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ سِلْعَةً سَمَّاهَا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ: وَسُئِلَ عَنْ الْمُتَمَتِّعِ يَمُوتُ بِعَرَفَةَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَتَرَى عَلَيْهِ هَدْيًا قَالَ: مَنْ مَاتَ قَبْلَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ رَمَى فَأَرَى أَنْ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ.
قَالَ عِيسَى سَأَلْت ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ هَدْيِهِ هَلْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ فِي ثُلُثِهِ قَالَ بَلْ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ، وَقَالَ
سَحْنُونٌ لَا يُعْجِبُنِي مَا قَالَ وَلَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَلَا مِنْ ثُلُثِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ قَدْ عَرَفَ ذَلِكَ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُفَرِّطْ فِي إخْرَاجِهَا أَنَّهُ إنْ أَوْصَى بِهَا كَانَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ لَمْ تَكُنْ فِي ثُلُثٍ وَلَا مِنْ رَأْسِ مَالٍ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ، ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنَّهُ يَكُونُ فِي رَأْسِ الْمَالِ إنْ لَمْ يُوصِ بِهِ إذَا لَمْ يُفَرِّطْ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ الَّتِي لَمْ يُفَرِّطْ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ لَا يَخْفَى وَلَيْسَ مِمَّا يُفْعَلُ سِرًّا كَالزَّكَاةِ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يُوصِ بِهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَدَّاهَا سِرًّا فَتَفْرِقَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَظْهَرُ مِنْ مُسَاوَاةِ سَحْنُونٍ بَيْنَهُمَا أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي وُجُوبِ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ مِنْ الزَّرْعِ الَّذِي يَمُوتُ عَنْهُ صَاحِبُهُ وَقَدْ بَدَا صَلَاحُهُ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِإِخْرَاجِهَا مِنْهُ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا وَأَشْهَبُ يَرَى إخْرَاجَ زَكَاةِ الْمَالِ النَّاضِّ وَاجِبًا، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِإِخْرَاجِهَا إذَا مَاتَ عِنْدَ وُجُوبِهَا، وَلَمْ يُفَرِّطْ انْتَهَى. وَعَزَا اللَّخْمِيُّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِمُحَمَّدٍ قَالَ: وَعَلَى هَذَا مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ مِنْ ظِهَارٍ، فَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ أُعْتِقَ عَنْهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَإِنْ فَرَّطَ لَمْ يُعْتَقْ عَنْهَا انْتَهَى. وَهُوَ كَلَامٌ ظَاهِرٍ وَمِثْلُهُ عِتْقُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ، وَكُلُّ مَا كَانَ ظَاهِرًا لَا يَخْفَى وَلَمْ يُفَرِّطْ فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ وَحُقُوقَ اللَّهِ يَصْدُقُ عَلَيْهَا كُلِّهَا دُيُونٌ وَكَذَلِكَ عِبَارَةُ الرِّسَالَةِ: وَيُبْدَأُ بِالْكَفَنِ ثُمَّ الدَّيْنِ ثُمَّ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ الْمِيرَاثِ. وَلِهَذَا قَالَ شَارِحُهُ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ ثُمَّ الدَّيْنِ الَّذِي بِعِوَضٍ وَاَلَّذِي يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَيِّتِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ فِي مَرَضِهِ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ ثُمَّ الدَّيْنِ الَّذِي بِغَيْرِ عِوَضٍ مِثْلِ الزَّكَاةِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا وَأَقَرَّ بِهَا فِي صِحَّتِهِ وَالْكَفَّارَاتِ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا الْوَصِيَّةُ انْتَهَى. وَلَكِنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَا فِي كَلَامِ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي يُرِيدُ وَمَا يَخْرُجُ مَعَ الْوَصَايَا مِمَّا هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ الْبَاقِي لِوَرَثَتِهِ، وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ الْوَصِيَّةُ عَلَى الْمِيرَاثِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ لَهُمْ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَكَانَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ رحمه الله يَقُولُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَحَيَّلَ بِإِخْرَاجِ مَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلْيَفْعَلْ مِثْلَ مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْقِسْمِ انْتَهَى. يَعْنِي أَنَّهُ يُشْهِدُ فِي صِحَّتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (مِنْ ذِي النِّصْفِ)
ش: مِنْ الْفَرْضِيِّينَ مَنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِعَدِّ الْوَارِثِ، وَإِنَّمَا يَقُولُ: الْفُرُوضُ سِتَّةٌ ثُمَّ يَقُولُ: أَصْحَابُ النِّصْفِ كَذَا وَأَصْحَابُ كَذَا كَذَا إلَى آخِرِهِ، وَمِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ لَكِنَّهُ لِشِدَّةِ الِاخْتِصَارِ لَمْ يَعُدَّ أَوَّلًا الْفُرُوضَ بَلْ كُلَّمَا ذَكَرَ فَرْضًا أَتْبَعَهُ بِأَصْحَابِهِ وَمَنْ الْفَرْضِيِّينَ مَنْ يَعُدُّ الْوَرَثَةَ أَوَّلًا ثُمَّ يَذْكُرُ الْفُرُوضَ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَعَصَّبَ كُلًّا أَخٌ يُسَاوِيهَا)
ش: أَيْ عَصَّبَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبِنْتِ، وَبِنْتِ الِابْنِ وَالْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ، وَالْأُخْتِ لِلْأَبِ أَخٌ يُسَاوِيهَا، أَيْ فِي الْوَصْفِ الَّذِي تَرِثُ بِهِ فَيُعَصِّبُ الشَّقِيقَةَ أَخٌ يُسَاوِيهَا، أَيْ شَقِيقٌ فَتَأْخُذُ الثُّلُثَ وَيَأْخُذُ الثُّلُثَ وَلَا يُعَصِّبُهَا الْأَخُ لِلْأَبِ، بَلْ تَأْخُذُ مِنْ فَرْضِهَا النِّصْفَ، ثُمَّ يَكُونُ لَهُ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْفُرُوضِ وَيُعَصِّبُ الْأُخْتَ لِلْأَبِ أَخٌ يُسَاوِيهَا، أَيْ لِلْأَبِ فَتَأْخُذُ هِيَ وَهُوَ الْمَالَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّقِيقَةِ، وَلَوْ كَانَ شَقِيقًا لَمْ يُعَصِّبْ الَّتِي لِلْأَبِ، بَلْ يُسْقِطُهَا، وَيُعَصِّبُ الْبِنْتَ أَخٌ لَهَا يُسَاوِيهَا فِي الْوَصْفِ الَّذِي تَرِثُ بِهِ وَهُوَ الْبُنُوَّةُ وَلَا يُلْتَفَتُ لِكَوْنِهِ شَقِيقًا لَهَا أَوْ لِأَبٍ وَيُعَصِّبُ بِنْتَ الِابْنِ أَخٌ يُسَاوِيهَا فِي كَوْنِهِ ابْنَ ابْنٍ سَوَاءٌ كَانَ شَقِيقًا لَهَا أَوْ لِأَبٍ وَيُعَصِّبُهَا غَيْرُهُ كَمَا سَيَأْتِي، فَصَحَّ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ أَخٌ يُسَاوِيهَا، وَكَوْنُ بِنْتِ الِابْنِ يُعَصِّبُهَا غَيْرُهُ أَيْضًا لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَحْصُرْ فَسَقَطَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: أَمَّا الشَّقِيقَةُ وَالْأُخْتُ لِلْأَبِ فَيُعَصِّبُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَخُوهَا الْمُسَاوِي لَهَا فِي كَوْنِهِمَا شَقِيقَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَأَمَّا بِنْتُ الصُّلْبِ فَيُعَصِّبُهَا أَخُوهَا كَيْفَ كَانَ، وَأَمَّا بِنْتُ الِابْنِ فَيُعَصِّبُهَا أَخُوهَا، وَابْنُ عَمِّهَا وَقَدْ يُعَصِّبُهَا ابْنُ أَخِيهَا أَوْ حَفِيدُ
عَمِّهَا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ بَعْدُ فَلَا يَخْفَاكَ مَا فِي كَلَامِهِ هَذَا انْتَهَى. وَقَدْ ظَهَرَ لَكَ بَيَانُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) الْفَرْضِيُّونَ يَقُولُونَ: الْعَصَبَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: عَصْبَةٌ بِنَفْسِهِ فَهُمْ كُلُّ ذَكَرٍ إلَّا الزَّوْجَ وَالْأَخَ لِلْأُمِّ، وَالْمُعْتَقَةَ مِنْ الْإِنَاثِ فَقَطْ، وَعَصَبَةٌ بِغَيْرِهِ وَهِيَ أَرْبَعٌ: الْبِنْتُ فَأَكْثَرُ، وَبِنْتُ الِابْنِ فَأَكْثَرُ، وَالْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ فَأَكْثَرُ، وَالْأُخْتُ لِلْأَبِ فَأَكْثَرُ يُعَصِّبُ كُلًّا مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَمَنْ يَأْتِي فِي بِنْتِ الِابْنِ.
وَعَصَبَةٌ مَعَ غَيْرِهِ وَهِيَ الْأُخْتُ فَأَكْثَرُ شَقِيقَةٌ أَوْ لِأَبٍ مَعَ الْبِنْتِ وَبِنْتِ الِابْنِ، فَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى الْعَصَبَةِ بِنَفْسِهِ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي: وَلِعَاصِبٍ وَرِثَ الْمَالَ إلَى آخِرِهِ، وَأَشَارَ إلَى الْعَصَبَةِ بِغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ:" وَعَصَّبَ كُلًّا أَخٌ يُسَاوِيهَا "، وَأَشَارَ إلَى الْعَصَبَةِ مَعَ غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ:" وَالْأُخْرَيَيْنِ الْأُولَيَانِ "، وَمَعْنَى عَصَبَةٌ بِغَيْرِهِ: أَنَّ سَبَبَ تَعْصِيبِهِ كَوْنُهُ مَعَ عَصَبَةِ غَيْرِهِ، وَمَعْنَى عَصَبَةٌ مَعَ غَيْرِهِ، أَيْ مَعَ كَوْنِ غَيْرِهِ لَيْسَ بِعَصَبَةٍ فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَالْجَدُّ وَالْأُولَيَانِ الْأُخْرَيَيْنِ)
ش: كَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْجَدَّ وَالْأُولَيَيْنِ، وَهُمَا الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ يُعَصِّبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْأُخْرَيَيْنِ وَهُمَا الْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ، وَالْأُخْتُ لِأَبٍ فَقَطْ، وَلَا يُعَصِّبُ الْجَدُّ الْبِنْتَ وَلَا بِنْتَ الِابْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَلِتَعَدُّدِهِنَّ الثُّلُثَانِ)
ش: يُرَدُّ عَلَى ظَاهِرِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَعَلَى قَوْلِهِ بَعْدُ: وَالثُّلُثَانِ لِذِي النِّصْفِ إنْ تَعَدَّدَ أَنَّ الْبِنْتَ، وَالْأُخْتَ يَرِثَانِ الثُّلُثَيْنِ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ سَبَقَهُ إلَيْهَا الْحُوفِيُّ، وَالْقَاضِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (إلَّا أَنَّهُ يُعَصِّبُ الْأَخُ أُخْتَهُ لَا مَنْ فَوْقَهُ)
ش: بِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ خَلَصَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ الْوَارِدِ عَلَى عِبَارَةِ الْحَوفِيِّ حَيْثُ أَطْلَقَ وَتَرْكَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ، فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ الْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ يُؤْذِنُ بِأَنَّهُنَّ مَعَ الشَّقِيقَاتِ فِي كُلِّ مَا تَقَدَّمَ، كَبَنَاتِ الِابْنِ مَعَ الْبَنَاتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ لَا يُعَصِّبُهُنَّ ابْنُ أَخِيهِنَّ كَمَا يُعَصِّبُ بَنَاتَ الِابْنِ ابْنُ أَخِيهِنَّ انْتَهَى.
ص (وَالرُّبْعُ الزَّوْجُ بِفَرْعٍ)
ش: لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ وَارِثًا فَلَوْ كَانَ الْفَرْعُ غَيْرَ وَارِثٍ إمَّا لِمَانِعٍ بِهِ كَالرِّقِّ، وَالْقَتْلِ أَوْ لِكَوْنِهِ مِنْ وَلَدِ الْبَنَاتِ لَمْ يَحْجُبْ الزَّوْجَ إلَى الرُّبْعِ، وَلَا يُقَالُ بِأَنَّ هَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا هُوَ مُقَرَّرٌ بِأَنَّ كُلَّ مَنْ لَا يَرِثُ بِحَالٍ فَلَا يَحْجُبُ وَارِثًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ: أَنَّ الْوَلَدَ يَحْجُبُ الزَّوْجَ إلَى الرُّبْعِ حَتَّى يَكْتَفِيَ بِمَا ذَكَرَ، بَلْ كَلَامُهُ فِي الْحَالِ الَّتِي يَرِثُ الزَّوْجُ فِيهَا الرُّبْعَ فَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ فَرْعٌ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِمَا ذَكَرَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَالثُّمُنُ لَهَا أَوْ لَهُنَّ بِفَرْعٍ لَاحِقٍ)
ش: لَوْ قَالَ: " وَارِثٍ " لَكَانَ أَحْسَنَ، وَأَشْمَلَ لِمَا تَقَدَّمَ فَرْقُهُ، وَاَللَّهُ