الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَالْغَصْبِ وَالِاسْتِهْلَاكِ وَالْإِتْلَافِ وَاسْتِحْقَاقِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْجِرَاحِ الَّتِي لَا تُوجِبُ الْقِصَاصَ وَإِنَّمَا تُوجِبُ الْمَالَ فَهَذَا يَسْمَعُ الْقَاضِي الدَّعْوَى بِهِ وَيُكَلِّفُ الْمُدَّعِيَ إثْبَاتَ مَا ادَّعَاهُ وَيَحْكُمُ بِهِ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ وَلَا يُكَلِّفُ الْمَحْجُورَ إقْرَارًا وَلَا إنْكَارًا، الْقِسْمُ الثَّالِثُ مَا يَلْزَمُ الْمَحْجُورَ إذَا أَقَرَّ بِهِ كَالطَّلَاقِ وَالْجِرَاحِ الَّتِي تُوجِبُ الْقِصَاصَ إذَا كَانَ الْمَحْجُورُ بَالِغًا فَهَذَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِيهِ وَيُكَلَّفُ الْإِقْرَارَ وَالْإِنْكَارَ وَهَذَا التَّقْسِيمُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ ابْنِ فَرْحُونٍ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْحَجْرِ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَالْحُدُودُ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا عَكْسُ هَذَا وَهُوَ دَعْوَى الْمَحْجُورِ عَلَى غَيْرِهِ، فَقَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ: يَجُوزُ لِلْمَحْجُورِ طَلَبُ حُقُوقِهِ كُلِّهَا عِنْدَ قَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فِي حُضُورِ وَصِيِّهِ أَوْ غَيْبَتِهِ، قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: وَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَلَى ذَلِكَ لِيَعْلَمَ مَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ فِي الْوَصَايَا فِي فَصْلِ تَقْدِيمِ الْوَصِيِّ، قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ: وَلِلسَّفِيهِ طَلَبُ حُقُوقِهِ بِمَحْضَرِ وَصِيِّهِ وَفِي مَغِيبِهِ وَالْخِصَامِ فِيهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَلَى طَلَبِهَا وَقَالَ ابْنُ بَقِيٍّ وَغَيْرُهُ: لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ كَمَا لَهُ أَنْ يَطْلُبَ وَعَلَى هَذَا مَضَى الْعَمَلُ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ: لِلْمَحْجُورِ أَنْ يَطْلُبَ وَصِيَّهُ وَغَيْرَهُ بِمَا لَهُ قِبَلَهُ مِنْ حَقٍّ لِيُظْهِرَهُ وَلِيُبَيِّنَهُ فَإِنْ ظَهَرَ مِنْ وَصِيِّهِ إنْكَارٌ لِحَقِّهِ وَجَحَدَ عُزِلَ عَنْهُ، انْتَهَى.
وَانْظُرْ الْقَلْشَانِيَّ عِنْدَ قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَمَنْ قَالَ: رَدَدْت إلَيْكَ مَا وَكَّلْتَنِي عَلَيْهِ
[فَرْعٌ طَلَبَ يَتِيمٌ لَا وَصِيَّ لَهُ وَلَا مُقَدِّمَ حَقًّا لَهُ فَسَأَلَ الْمَطْلُوبَ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الْخِصَامِ]
(فَرْعٌ) قَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ: وَلَوْ طَلَبَ يَتِيمٌ لَا وَصِيَّ لَهُ وَلَا مُقَدِّمَ حَقًّا لَهُ فَسَأَلَ الْمَطْلُوبَ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الْخِصَامِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَإِذَا اسْتَحَقَّ الْيَتِيمُ حَقَّهُ قَدَّمَ الْقَاضِي مَنْ يَقْبِضُهُ لَهُ وَيَجُوزُ الِاحْتِسَابُ لِلْأَيْتَامِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَلِيٌّ إلَّا أَنْ يُخَافَ ضَعْفُهُ، انْتَهَى.
ص (إنْ خَالَطَهُ بِدَيْنٍ أَوْ تَكَرُّرِ بَيْعٍ وَإِنْ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ)
ش: مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَابْنُ غَازِيٍّ كَافٍ فِي ذَلِكَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ فِي الدَّيْنِ تَكْفِي وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَرْعِ الْآتِي وَنَصُّهُ:
[فَرْعٌ يَأْتِي قَوْمًا بِذَكَرِ حَقّ كَتَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ لِرَجُلٍ غَائِبٍ فَيَشْهَدُ بِمَا فِيهِ]
(فَرْعٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَفِي سَمَاعِ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ فِيمَنْ يَأْتِي قَوْمًا بِذِكْرِ حَقٍّ كَتَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ لِرَجُلٍ غَائِبٍ فَيَشْهَدُ بِمَا فِيهِ لَا أَرَى أَنْ يَكْتُبَ فِيهِ إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ لِرَجُلٍ غَائِبٍ لِيَسْتَوْجِبَ بِذَلِكَ مُخَالَطَتَهُ فَيُحَلِّفُهُ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ مُخَالَطَةٌ، انْتَهَى. كَلَامُ التَّوْضِيحِ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْخُلْطَةِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي كَلَامِهِ عَلَى نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ الثَّانِي عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ صَالِحٍ: يَنْبَغِي لِمَنْ أَتَاهُ رَجُلٌ بِكِتَابٍ فِيهِ دَيْنٌ، فَقَالَ لَهُ: اشْهَدْ عَلَيَّ بِمَا فِيهِ أَنْ لَا يَشْهَدَ إلَّا بِحُضُورِ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ خَوْفًا مِنْ هَذَا، قَالَ الشَّيْخُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ يَحْيَى: إنَّ الْمُوَثِّقَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَحَرَّزَ مِنْ هَذَا يَكْتُبُ أَقَرَّ فُلَانٌ لِفُلَانٍ بِدَيْنٍ مِنْ غَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ، قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا أَبْيَنُ مِمَّا قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ فَيَكْتُبُ إقْرَارَهُ كَمَا ذُكِرَ ثُمَّ لَا يَحْكُمُ لَهُ بِذَلِكَ حَتَّى
سَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ وَتَحْصُلُ الْحِيَازَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالْوَلَاءِ وَلَوْ بَيْنَ أَبٍ وَابْنِهِ وَلَوْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ إلَّا أَنَّهُ إنْ حَضَرَ مَجْلِسَ الْبَيْعِ فَسَكَتَ حَتَّى انْقَضَى الْمَجْلِسُ لَزِمَهُ الْبَيْعُ فِي حِصَّتِهِ وَكَانَ لَهُ الثَّمَنُ وَإِنْ سَكَتَ بَعْدَ الْعَامِ وَنَحْوِهِ حَتَّى اسْتَحَقَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ بِالْحِيَازَةِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْبَيْعِ إلَّا بَعْدَ وُقُوعِهِ فَقَامَ حِينَ عَلِمَ أُخِذَ مِنْهُ وَإِنْ سَكَتَ الْعَامَ وَنَحْوَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَاسْتَحَقَّهُ الْحَائِزُ وَإِنْ حَضَرَ مَجْلِسَ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْعِتْقِ فَسَكَتَ حَتَّى انْقَضَى الْمَجْلِسُ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ ثُمَّ عَلِمَ فَإِنْ قَامَ حِينَئِذٍ كَانَ لَهُ حَقُّهُ وَإِنْ سَكَتَ الْعَامَ وَنَحْوَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَيُخْتَلَفُ فِي الْكِتَابَةِ هَلْ تُحْمَلُ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ عَلَى الْعِتْقِ قَوْلَانِ، انْتَهَى مُخْتَصَرًا
ص (وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ الدَّارُ مِنْ غَيْرِهَا فِي الْأَجْنَبِيِّ فَفِي الدَّابَّةِ وَأَمَةِ الْخِدْمَةِ السَّنَتَانِ وَيُزَادُ فِي عَبْدٍ وَعَرْضٍ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ إنَّمَا يُفْتَرَقُ بَيْنَ الدُّورِ وَغَيْرِهَا فِي مُدَّةِ الْحِيَازَةِ إذَا كَانَتْ الْحِيَازَةُ بَيْنَ الْأَجَانِبِ وَأَمَّا فِي حِيَازَةِ الْقَرَابَةِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الدُّورِ وَغَيْرِهَا، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ سَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ: إنَّ الْأَقَارِبَ وَالشُّرَكَاءَ بِالْمِيرَاثِ أَوْ بِغَيْرِ الْمِيرَاثِ لَا خِلَافَ أَنَّ الْحِيَازَةَ بَيْنَهُمْ لَا تَكُونُ بِالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهَا تَكُونُ بِالتَّفْوِيتِ بِالْبَيْعِ وَالصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ وَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْوَطْءِ وَإِنْ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ وَالِاسْتِخْدَامُ فِي الرَّقِيقِ وَالرَّكُوبِ فِي الدَّوَابِّ كَالسُّكْنَى فِيمَا يُسْكَنُ وَالِازْدِرَاعُ فِيمَا يُزْرَعُ، قَالَ: وَالِاسْتِغْلَالُ فِي ذَلِكَ كَالْهَدْمِ وَالْبُنْيَانِ فِي الدُّورِ وَكَالْغَرْسِ فِي الْأَرَضِينَ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا فَرْقَ فِي مُدَّةِ حِيَازَةِ الْوَارِثِ عَلَى وَارِثِهِ بَيْنَ الرِّبَاعِ وَالْأُصُولِ وَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ ذَلِكَ فِي حِيَازَةِ الْأَجْنَبِيِّ بِالِاعْتِمَارِ وَالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ فِي الْأُصُولِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَالرَّكُوبِ وَاللِّبَاسِ فِي الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ فَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ: إنَّ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ فِي الثِّيَابِ حِيَازَةٌ إذَا كَانَتْ تُلْبَسُ وَتُمْتَهَنُ وَإِنَّ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ حِيَازَةٌ فِي الدَّوَابِّ إذَا كَانَتْ تُرْكَبُ وَفِي الْإِمَاءِ إذَا كُنَّ يُسْتَخْدَمْنَ وَفِي الْعَبِيدِ وَالْعُرُوضِ فَوْقَ ذَلِكَ وَلَا يَبْلُغُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بَيْنَ الْأَجْنَبِيَّيْنِ إلَى الْعَشَرَةِ الْأَعْوَامِ كَمَا يُصْنَعُ فِي الْأُصُولِ، انْتَهَى.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدَ أَنَّ اللِّبَاسَ فِي الثِّيَابِ كَالسُّكْنَى فِي الدُّورِ وَأَنَّهُ لَا تَحْصُلُ حِيَازَةٌ بَيْنَ الْأَقَارِبِ وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَأَنَّ الِاسْتِقْلَالَ فِي الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ بِمَعْنَى قَبْضِ أُجْرَةِ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ كَالْهَدْمِ وَالْبُنْيَانِ فِي الْعَقَارِ فَلَا تَحْصُلُ الْحِيَازَةُ بَيْنَ الْأَقَارِبِ فِي الرَّقِيقِ وَالثِّيَابِ وَالْعُرُوضِ إلَّا بِالِاسْتِغْلَالِ وَيُخْتَلَفُ فِي مُدَّتِهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ اللَّذَيْنِ أَشَارَ إلَيْهِمَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَفِي الشَّرِيكِ الْقَرِيبِ مَعَهُمَا قَوْلَانِ أَوْ بِالْأُمُورِ الْمُفَوِّتَةِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَالْوَطْءِ وَيُعْلَمُ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَعَلَ ذَلِكَ مُفَوِّتًا بَيْنَ الْأَبِ وَابْنِهِ عُلِمَ أَنَّهُ مُفَوِّتٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا مِنْ بَابِ أَحْرَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْأَجْنَبِيِّ أَنَّ الْقَرِيبَ لَا تَفْتَرِقُ الدَّارُ مِنْ غَيْرِهَا فِي حَقِّهِ سَوَاءٌ كَانَ شَرِيكًا أَوْ غَيْرَ شَرِيكٍ فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِتَسَاوِيهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ (الثَّالِثُ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الثِّيَابُ يُكْفَى فِي حِيَازَتِهَا السَّنَةُ وَالسَّنَتَانِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا الْمُصَنِّفُ بَلْ قَدْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ دُخُولُهَا فِي الْعُرُوضِ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ (الرَّابِعُ) التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ لَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَنْقُلْهُ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ أَتَمُّ فَائِدَةً فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْخَامِسُ) فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يَسْقُطُ بِهَا طَلَبُ الدَّيْنِ، قَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ مِنْ الْكُتُبِ الْمَبْسُوطَةِ الْمَنْسُوبِ لِوَلَدِ ابْنِ فَرْحُونٍ السَّاكِتُ عَنْ طَلَبِ الدَّيْنِ ثَلَاثِينَ سَنَةً لَا قَوْلَ لَهُ وَيُصَدَّقُ الْغَرِيمُ فِي دَعْوَى الدَّفْعِ وَلَا يُكَلَّفُ الْغَرِيمُ بِبَيِّنَةٍ لِإِمْكَانِ
بَيْنَهُمَا حُجَجًا لَا يَنْتَقِلَانِ مِنْهَا وَلَا بَأْسَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ فَرْحُونٍ وَذَكَرَ قَوْلَهُ وَتَضْفِيزُهُمَا بِلَفْظٍ وَلَا يُضَفِّزُهُمْ حُجَجًا لَا يَنْتَقِلَانِ مِنْهَا إلَى غَيْرِهَا، انْتَهَى. فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ وَلَا يُصَفِّرُهُمَا بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ فَاءٍ ثُمَّ رَاءٍ مُهْمَلَةٍ مُضَارِعُ صَفَّرَ وَفِي بَعْضِهَا يَصْرِفُهَا بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الْفَاءِ مِنْ الصَّرْفِ وَذَلِكَ كُلُّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ الْكَلِمَةُ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ ثُمَّ فَاءٍ ثُمَّ زَايٍ مُعْجَمَةٍ مُضَارِعُ ضَفَزَ، قَالَ فِي الْقَامُوسِ فِي فَصْلِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ بَابِ الزَّايِ: الضَّفْزُ لَقْمُ الْبَعِيرِ أَوْ مَعَ كَرَاهَتِهِ ذَلِكَ وَالدَّفْعُ وَالْجِمَاعُ وَالْعَدَدُ وَالْوَثْبُ وَالْعَقْدُ وَالضَّرْبُ بِالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَإِدْخَالُ اللِّجَامِ فِي الْفَرَسِ وَالضَّفِيزُ الْغَلِيظُ وَمِنْهَا اللُّقْمَةُ الْغَلِيظَةُ وَأَضْفَزَهُ الْتَقَمَهُ كَارِهًا انْتَهَى. وَفِي الْمُحْكَمِ الضَّفْزُ وَالضَّفِيزُ شَعِيرٌ يُحَشُّ ثُمَّ يُبَلُّ وَيُعْلِفُهُ الْبَعِيرُ وَقَدْ ضَفَزْت الْبَعِيرَ أَضْفُزُهُ فَاضْطَفَزَ وَقِيلَ الضَّفْزُ أَنْ تُلْقِمَهُ لُقَمًا كِبَارًا وَقِيلَ هُوَ أَنْ يُكْرِهَهُ عَلَى اللَّقْمِ وَضَفَزْت الْفَرَسَ اللِّجَامَ إذَا أَدْخَلْته فِي فِيهِ وَضَفَزَهُ بِيَدِهِ وَرِجْلِهِ ضَرَبَهُ وَضَفَزَهَا أَكْثَرَ لَهَا مِنْ الْجِمَاعِ، قَالَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، انْتَهَى. وَالْمَعْنَى لَا يُدْخِلُهَا عَلَيْهِمْ أَوْ لَا يُلْزِمُهُمْ إيَّاهَا حُجَجًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ فِي التَّرْجَمَةِ الْمَذْكُورَةِ: وَإِذَا تَوَاضَعَ الْخَصْمَانِ عِنْدَ الْقَاضِي الْحُجَجَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَوَاضَعَ الْخَصْمَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَضَعَ كُلُّ وَاحِدٍ حُجَّتَهُ وَكَتَبَهَا وَقَيَّدَهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ أَنْكَرَ، قَالَ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ)
ش: ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَسْمَعُ مِنْ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي حَتَّى يَسْأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَكْمَلُ فَإِنْ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ خَطَأً، قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ فِي آخِرِ كِتَابِ حَرِيمِ الْبِئْرِ: وَاسْتَحْسَنَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنْ لَا يَسْمَعَ الْقَاضِي مِنْ الْبَيِّنَةِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْمَقَالَةِ وَعَلَى ذَلِكَ بُنِيَتْ الْأَحْكَامُ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَعْوَى فَيَسْتَغْنِيَ عَنْ الْإِثْبَاتِ وَلَكِنَّهُ إنْ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ قَبْلَ انْعِقَادِ الْمَقَالَةِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ الْخَطَإِ الَّذِي يُوجِبُ نَقْضَ الْحُكْمِ، انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) لِلْقَاضِي أَنْ يَسْمَعَ الْبَيِّنَةَ قَبْلَ الْخُصُومَةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي بَابِ الْمَفْقُودِ مِنْ كِتَابِ طَلَاقِ السُّنَّةِ: وَإِنْ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَيْ: الْمَفْقُودَ أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ أَوْ أَسْنَدَ إلَيْهِ الْوَصِيَّةَ سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ فَإِذَا قَضَى بِمَوْتِهِ بِحَقِيقَةٍ أَوْ بِتَعْمِيرٍ جَعَلْت الْوَصِيَّ وَصِيًّا وَأَعْطَيْت الْمُوصَى لَهُ وَصِيَّتَهُ إنْ كَانَ حَيًّا وَحَمْلُهَا الثُّلُثُ وَلَا أُعِيدُ الْبَيِّنَةَ، وَكَذَلِكَ إنْ أَقَامَتْ امْرَأَةٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ زَوْجُهَا قَضَيْت لَهَا كَقَضِيَّتِي عَلَى الْغَائِبِ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي التَّبْصِرَةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ الرُّكْنِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ الْخَامِسِ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ:(مَسْأَلَةٌ) قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا أَنْ يَسْمَعَ الْقَاضِي مِنْ بَيِّنَةِ الْخَصْمِ وَيُوقِعَ شَهَادَتَهُمْ حَضَرَ الْخَصْمُ أَمْ لَمْ يَحْضُرْ فَإِذَا حَضَرَ الْخَصْمُ قَرَأَ عَلَيْهِ الشَّهَادَةَ وَفِيهَا أَسْمَاءُ الشُّهُودِ وَأَنْسَابُهُمْ وَمَسَاكِنُهُمْ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ فِي شَهَادَتِهِمْ مِدْفَعٌ أَوْ فِي عَدَالَتِهِمْ مُجَرَّحٌ كَلَّفَهُ إثْبَاتَهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ سَأَلَهُ أَنْ يُعِيدَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ حَتَّى يَشْهَدُوا بِمَحْضَرِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ: لَا يَكُونُ إيقَاعُ الشُّهُودِ إلَّا بِمَحْضَرِ الْخَصْمِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ لِي مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ مِثْلَهُ وَقَالَ فَضْلٌ وَسَحْنُونٌ مِثْلَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْخَصْمُ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً، انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّة فِي أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ، قَالَ عِيسَى: وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى وَكَالَةً وَلَمْ يُثْبِتْهَا بَعْدُ وَشُهُودُ الْحَقِّ الَّذِي وُكِّلَ فِيهِ حُضُورٌ أَيَقْبَلُ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمْ، قَالَ: إنْ خَافَ أَنْ يَخْرُجُوا إلَى مَوْضِعٍ وَكَانَ لِذَلِكَ وَجْهٌ قَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمْ ثُمَّ يُثْبِتُ الْوَكَالَةَ بَعْدُ وَإِلَّا فَلَا حَتَّى تَثْبُتَ الْوَكَالَةُ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا صَحِيحٌ عَلَى مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْقَاضِيَ يَسْمَعُ مِنْ الْبَيِّنَةِ قَبْلَ وَقْتِ دُخُولِ الْحُكْمِ بِهَا مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي كِتَابِ طَلَاقِ السُّنَّةِ مِنْهَا: أَنَّ الْقَاضِيَ يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَفْقُودِ بِأَنَّهُ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ