الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِهَا: أَيْ وَقَبُولُ الْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنِ لِلْوَصِيَّةِ شَرْطٌ فِي وُجُوبِهَا لَهُ؛ لِأَنَّهَا أَحَدُ أَنْوَاعِ الْعَطَايَا فَاشْتُرِطَ فِيهَا الْقَبُولُ كَالْهِبَةِ، وَغَيْرِهَا انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِ قَبُولُهَا، وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: إنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ الْمُوصِي لَا يَنْتَقِلُ حَقُّ الْقَبُولِ لِلْوَارِثِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي الْأَبْهَرِيَّ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ يَنْتَقِلُ انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي الْوَصَايَا الْأَوَّلِ: وَإِذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَالْوَصِيَّةُ لِوَرَثَةِ الْمُوصَى لَهُ عَلِمَ بِهَا أَمْ لَا وَلَهُمْ أَنْ يَقْبَلُوهَا كَشُفْعَةٍ لَهُ أَوْ خِيَارٍ فِي بَيْعٍ وَرِثُوهُ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي الْوَصَايَا الثَّانِي قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ عِيَاضٌ: هَذَا بَيِّنٌ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ فِي الْكِتَابِ أَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ لِقَبُولِ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلَا عِلْمِهِ؛ لِأَنَّ قَبُولَهَا حَقٌّ يُورَثُ عَنْهُ وَذَكَرَ الْأَبْهَرِيُّ: أَنَّهَا تَحْتَاجُ لِقَبُولِ الْمُوصَى لَهُ، وَإِنَّمَا تَكُونُ لِوَرَثَتِهِ إذَا قَبِلَهَا، وَمَتَى لَمْ يَقْبَلْ سَقَطَ حَقُّهُمْ فِيهَا وَرَجَعَتْ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي وَقِيلَ إنَّهَا حَقٌّ يَثْبُتُ لِلْمَيِّتِ يُورَثُ عِتْقُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ رَدُّهُ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت فَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: اُنْظُرْ بَقِيَّةَ كَلَامِهِ وَمُنَاقَشَةَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ.
(فَرْعٌ) وَلَوْ تَرَاخَى الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ لَمْ يَضُرَّ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْ الْقَبُولِ الْفَوْرُ بَعْدَهُ قِيَاسًا عَلَى الْهِبَةِ.
[فَرْعٌ أَوْصَى لِرَجل بِمَالِ فَلَمْ يَقْبَل ذَلِكَ الْمُوصَى لَهُ فِي صِحَّة الْمُوصِي وَردّه ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي ورجع الْمُوصَى لَهُ إلَى قَبُول الْمَال]
(فَرْعٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَإِجَازَةُ الْوَرَثَةِ فِي الصِّحَّةِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ مَا نَصُّهُ: قَالَ ابْنُ الْحَاجِّ اُنْظُرْ عَلَى مَا فِي الْمُوَطَّإِ لَوْ أَوْصَى رَجُلٌ لِرَجُلٍ بِمَالٍ فَلَمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ الْمُوصَى لَهُ فِي صِحَّةِ الْمُوصِي وَرَدَّهُ، ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي، وَرَجَعَ الْمُوصَى لَهُ إلَى قَبُولِ الْمَالِ فَذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَجِبْ لَهُ الْوَصِيَّةُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي انْتَهَى.
[فَرْعٌ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي]
(فَرْعٌ) فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي قَالَ فِي الْوَصَايَا الثَّانِي: بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ عَلِمَ الْمُوصِي بِمَوْتِهِ أَمْ لَا، ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ: يُحَاصُّ بِهَا وَرَثَةُ الْمُوصِي أَهْلَ الْوَصَايَا فِي ضِيقِ الثُّلُثِ، ثُمَّ يَرِثُ تِلْكَ الْحِصَّةَ، وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ أَنَّهُمْ يُحَاصُّونَ بِهَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ وَلَا يُحَاصُّونَ بِهَا إنْ عَلِمَ، وَقَالَهُ مَالِكٌ أَيْضًا انْتَهَى.
ص (وَلَمْ يَحْتَجْ رِقٌّ لِإِذْنٍ فِي قَبُولٍ)
ش: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلِلْمَأْذُونِ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا وَيَقْبَلُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ، وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْمَأْذُونِ وَلَهُ نَحْوُ ذَلِكَ فِي الْوَصَايَا، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُمَا كَالصَّدَقَةِ وَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ، وَأُقِيمَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ قَبُولِ الْهِبَةِ، وَقَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْمَأْذُونِ، التَّشْبِيهُ رَاجِعٌ إلَى الْقَبُولِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ إنَّمَا يَكُونُ لِلْمَأْذُونِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاهِبُ أَوْ الْمُوصِي شَرَطَ فِي هِبَتِهِ أَوْ وَصِيَّتِهِ أَنْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِيهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَمْضِيَ ذَلِكَ عَلَى شَرْطِهِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ فِي السَّفِيهِ وَالصَّغِيرِ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ انْتَهَى. بِالْمَعْنَى.
(تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ خَلِيلٌ لَوْ قِيلَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ قَبُولِ الْهِبَةِ وَنَحْوِهَا كَانَ حَسَنًا لِلْمِنَّةِ الَّتِي تَحْصُلُ عَلَى السَّيِّد انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) : قَالَ فِي النَّوَادِرِ قَالَ عَلِيٌّ عَنْ مَالِكٍ فِي عَبْدٍ أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ فَأَبَى قَبُولَهُ فَلِسَيِّدِهِ الَّذِي تَصَدَّقَ أَنْ يُكْرِهَهُ عَلَى قَبُولِهِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ يُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَ أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ وَأَنْ يَأْبَى الَّذِي تَصَدَّقَ بِهَا إذَا قَالَ إنَّمَا أَرَدْت الْعَبْدَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْبَلْ فَلَا، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا كَمَا قَالَ، وَهُوَ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَحْفَظُهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَوْ قَبَضَ الصَّدَقَةَ كَانَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَنْزِعَهَا مِنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِقَبُولِ مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ انْتَهَى.
ص (وَصَحَّتْ لِعَبْدِ وَارِثِهِ إنْ اتَّحَدَ أَوْ بِتَافِهٍ أُرِيدَ بِهِ الْعَبْدُ)
ش: قَالَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا تَجُوزُ وَصِيَّةُ رَجُلٍ لِعَبْدِ وَارِثِهِ إلَّا بِالتَّافِهِ كَالثَّوْبِ، وَنَحْوِهِ مِمَّا يُرِيدُ بِهِ نَاحِيَةَ الْعَبْدِ لَا نَفْعَ سَيِّدِهِ كَعَبْدٍ كَانَ قَدْ خَدَمَهُ، وَنَحْوِهِ، وَإِنْ أَوْصَى لِعَبْدِ ابْنِهِ، وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ جَازَ وَلَا يَنْتَزِعُ ذَلِكَ الِابْنُ
مِنْهُ، وَإِنْ أَوْصَى لِعَبْدِ نَفْسِهِ بِمَالٍ كَانَ لِلْعَبْدِ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثَ وَلَيْسَ لِوَارِثِهِ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ وَيُبَاعُ بِمَا لَهُ وَلِمَنْ اشْتَرَاهُ انْتِزَاعُهُ، وَإِنْ أَوْصَى لِعَبْدِ أَجْنَبِيٍّ بِمَالٍ فَلِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُهُ انْتَهَى.
ص (وَلِمَيِّتٍ عَلِمَ بِمَوْتِهِ إلَى آخِرِهِ)
ش: نَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ قَالَ: وَهَذَا إذَا جَهِلَ أَمْرَ الْوَصِيِّ فَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَمْرَهَا إلَّا أَنَّهَا زَكَاةٌ فَرَّطَ فِيهَا فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ فِيهَا، وَلَا لِلْمَدِينِ عَلَيْهِ وَلْيَتَصَدَّقْ بِهَا فِي وَجْهِ الزَّكَاةِ كَمَنْ أَوْصَى بِزَكَاتِهِ لِمَنْ ظَنَّهُمْ فُقَرَاءَ، وَهُمْ أَغْنِيَاءُ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي بَابٍ قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَ وَرَثَةُ الْمُوصَى لَهُ فُقَرَاءَ فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا انْتَهَى.
ص (وَبَطَلَتْ بِرِدَّةٍ) ش قَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ: وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِمَوْتِ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَبِالرُّجُوعِ فِيهَا بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَبِالرِّدَّةِ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ بِقَتْلِ الْمُوصَى لَهُ الْمُوصِي انْتَهَى.
وَانْظُرْ الشَّيْخَ أَبَا الْحَسَنِ الصَّغِيرَ.
ص (وَلِوَارِثٍ) ش يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ إذَا كَانَتْ لِلْوَارِثِ يُرِيدُ إلَّا أَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ الْوَارِثُ، وَإِنَّمَا خَالَفَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَتَجُوزُ لِلْوَارِثِ وَتُوقَفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ مَشَى عَلَى أَنَّ إجَازَةَ الْوَارِثِ عَطِيَّةٌ وَقَدْ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ: إنَّهُ لَا يَحْسُنُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنْ يُقَالَ: الْوَصِيَّةُ تَصِحُّ لِلْوَارِثِ.
(تَنْبِيهٌ) إذَا قَالَ الْمُوصِي اُعْطُوَا لِفُلَانٍ مِنْ الْوَرَثَةِ سَهْمَهُ كَامِلًا، وَثُلُثُ مَا عَدَا ذَلِكَ لِفُلَانٍ فَهَذَا مِنْ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ فِي رَسْمِ الصَّلَاةِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا وَفَرْضِهَا فِيمَنْ قَالَ: اُعْطُوَا لِأُمِّي سَهْمَهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَثُلُثُ مَا عَدَا ذَلِكَ مَا يُنْتَقَصُ الثُّلُثُ بِتَوَفُّرِ سَهْمِ أُمِّي صَدَقَةٌ عَلَى فُلَانٍ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَ الثُّلُثَ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ مَا عَدَا مَا لِأُمِّهِ، قَالَ: يُخْرَجُ الثُّلُثُ لِلْمُوصَى لَهُ عَلَى حَالِ مَا أَوْصَى، ثُمَّ تُزَادُ الْأُمُّ سَهْمًا يُضَافُ إلَى بَقِيَّةِ الْمَالِ وَيُقْسَمُ عَلَى الْوَرَثَةِ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» .
ص (كَغَيْرِهِ بِزَائِدِ الثُّلُثِ)
ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ (مَسْأَلَةٌ) قَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا: وَإِذَا قَالَ الْمُوصِي يَخْرُجُ ثُلُثُ مَا خَلَفَهُ فَيُفْعَلُ بِهِ كَذَا وَكَذَا لِأَشْيَاءَ عَدَّهَا فَإِذَا أَخْرَجَ مِنْهُ مَا ذَكَرَ وَفَضَلَتْ مِنْ الثُّلُثِ فَضْلَةٌ فَقِيلَ يَنْفُذُ ذَلِكَ فِي الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ؛ لِقَوْلِهِ: يَخْرُجُ جَمِيعُ ثُلُثِي، وَقِيلَ إنَّ الْبَقِيَّةَ تَرْجِعُ مِيرَاثًا قَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ وَبِالْأَوَّلِ جَرَى الْعَمَلُ انْتَهَى.
وَقَالَ بَعْدَهُ بِنَحْوِ الْوَرَقَةِ. مَسْأَلَةٌ فَإِنْ أَغْفَلَ الْمُوَثِّقُ أَنْ يَقُولَ فِي الْوَصِيَّةِ وَمَا فَضَلَ عَنْ الثُّلُثِ جَعَلَهُ النَّاظِرُ حَيْثُ يَرَاهُ إذَا ذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّهُ أَوْصَى بِجَمِيعِ ثُلُثِهِ فَفِي ذَلِكَ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُنْفَقُ فِي الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، قَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ: وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْبَقِيَّةَ تَرْجِعُ مِيرَاثًا.
ص (وَإِنْ أُجِيزَ فَعَطِيَّةٌ) ش أَيْ فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ الْمُجِيزُ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَلِغُرَمَائِهِ رَدُّ ذَلِكَ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّ فِعْلَهُ يَنْفُذُ فَلَيْسَ لِغُرَمَائِهِ الرَّدُّ، وَاخْتُلِفَ إذَا أَجَازَ الْوَارِثُ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَقْبِضْ ذَلِكَ الْمُوصَى لَهُ حَتَّى اسْتَدَانَ الْوَارِثُ أَوْ مَاتَ فَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: غُرَمَاءُ الْوَارِثِ وَرَثَتُهُ أَحَقُّ بِهَا؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ لَمْ تُحَزْ، وَقَالَ أَشْهَبُ: يَبْدَأُ بِوَصِيَّةِ الْأَبِ قَبْلَ دَيْنِ الِابْنِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَأَظُنُّهُ أَنَّهُ نَاقِلٌ لَهُ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ.
ص (وَبِرُجُوعِهِ فِيهَا، وَإِنْ بِمَرَضٍ) ش قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ: إذَا قَالَ اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ أَبْطَلْت كُلَّ وَصِيَّةٍ تَقَدَّمَتْ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ إلَّا وَصِيَّةً قَالَ: لَا رُجُوعَ لِي فِيهَا فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ حَتَّى يَنُصَّ عَلَيْهَا انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ وَذَكَرَ الْمَشَذَّالِيّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا الْأَوَّلِ خِلَافًا عَنْ الشُّيُوخِ فِيمَا إذَا الْتَزَمَ عَدَمَ الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْحُوفِيَّةِ فَلَوْ الْتَزَمَ عَدَمَ الرُّجُوعِ لَزِمَهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَفِي مُخْتَصَرِهِ الْفِقْهِيِّ فَلَوْ الْتَزَمَ عَدَمَ الرُّجُوعِ فَفِي لُزُومِهِ خِلَافٌ بَيْنَ مُتَأَخِّرِي فُقَهَاءِ تُونُسَ ابْنُ عَلْوَانَ ثَالِثُهَا إنْ كَانَتْ بِعِتْقٍ.
ص (بِقَوْلٍ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الدَّالَّ عَلَى الرُّجُوعِ إمَّا قَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ وَالْفِعْلُ يَكُونُ بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ، وَيَمْنَعُ مِنْ نَقْلِهِ كَالْبَيْعِ وَالْعِتْقِ وَالِاسْتِيلَادِ، وَالثَّانِي أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا يُبْطِلُ رَسْمَ الْمُوصَى بِهِ انْتَهَى.
ص (أَوْ بَيْعٍ) ش قَالَ فِي الشَّامِلِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ ثَانِيًا عَلَى الْمَعْرُوفِ بِخِلَافِ مِثْلِهِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ هَذَا أَوْ بِثَوْبٍ فَبَاعَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ بِخِلَافِ مِثْلِهِ.
ص (وَكِتَابَةٍ)
ش: قَالَ فِي الشَّامِلِ وَلَا تَعُودُ لِعَجْزٍ عَلَى الْمَنْصُوصِ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَنْبَغِي إذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ أَنْ تَعُودَ الْوَصِيَّةُ فِيهِ كَمَا يَعُودُ فِي الْبَيْعِ الْمُوصَى بِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهَهُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَنْقُلُ الْمِلْكَ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ ابْنُ شَاسٍ: الْكِتَابَةُ رُجُوعٌ وَلَمْ أَجِدْهَا لِغَيْرِ الْغَزَالِيِّ، وَأُصُولُ الْمَذْهَبِ تُوَافِقُهُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ إمَّا بَيْعٌ أَوْ عِتْقٌ وَكِلَاهُمَا رُجُوعٌ وَهِيَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَوْتٌ هَذَا إنْ لَمْ يَعْجِزْ، وَإِنْ عَجَزَ فَلَيْسَ بِفَوْتٍ انْتَهَى. مِنْ ابْنِ غَازِيٍّ فَجَزَمَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِفَوْتٍ مَعَ الْعَجْزِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَحَصْدِ زَرْعٍ)
ش: ظَاهِرُهُ أَنَّ الْحَصْدَ وَحْدَهُ كَافٍ فِي الرُّجُوعِ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَإِنْ دَرَسَ الْحَبَّ وَكَالَهُ، وَأَدْخَلَهُ بَيْتَهُ فَرُجُوعٌ بِخِلَافِ الْحَصَادِ، وَجَزِّ الصُّوفِ، وَجُذَاذِ الثَّمَرَةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَوْصَى بِزَرْعٍ فَحَصَدَهُ وَزَرَعَهُ وَكَالَهُ وَأَدْخَلَهُ بَيْتَهُ فَذَلِكَ رُجُوعٌ؛ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ اسْمَ الزَّرْعِ، وَنَقَلَهُ إلَى اسْمِ الْقَمْحِ بِخِلَافِ جَزِّ الصُّوفِ وَجُذَاذِ الثَّمَرَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ الْمِلْكَ وَلَا أَبْطَلَ اسْمَهُ فَلَا يُعَدُّ رُجُوعًا وَلَوْ أَدْخَلَهَا بَيْتَهُ، وَمَسْأَلَةُ دَرْسِ الْقَمْحِ هُوَ نَصُّ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ: وَقَالَ الْبَاجِيُّ يَنْقُلُ بِالْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ قَالَ: وَقَوْلُهُ: " أَدْخَلَهُ بَيْتَهُ " تَأْكِيدًا لِقَصْدِهِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: اكْتَالَهُ إنَّمَا يُرِيدُ بَلَغَ حَدَّ الِاكْتِيَالِ انْتَهَى، وَقَالَ فِي الشَّامِلِ: وَحَصْدُ زَرْعٍ مَعَ دَرْسِهِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنْ أَوْصَى بِزَرْعٍ فَحَصَدَهُ، أَوْ بِصُوفٍ فَجَزَّهُ فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ إلَّا أَنْ
يَدْرُسَ الْقَمْحَ وَيَكْتَالَهُ وَيُدْخِلَهُ بَيْتَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ كَلَامِ الْبَاجِيِّ.
ص (وَحَشْوِ قُطْنٍ)
ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ حَشْوَ الْقُطْنِ بِمَا إذَا حُشِيَ فِي الثِّيَابِ، وَأَمَّا إذَا حُشِيَ فِي الْمِخَدَّةِ وَنَحْوِهَا فَلَا انْتَهَى. قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَحَشْوُ قُطْنٍ فِي ثَوْبٍ، وَنَحْوِهِ انْتَهَى.
ص (وَتَفْصِيلِ شُقَّةٍ)
ش: احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: " شُقَّةٍ " مِمَّا إذَا أَوْصَى لَهُ بِثَوْبٍ، ثُمَّ قَطَعَهُ قَمِيصًا إذْ الْقَمِيصُ يُسَمَّى ثَوْبًا، قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَتَفْصِيلِ شُقَّةٍ لَا إنْ قَالَ ثَوْبِي هَذَا، ثُمَّ قَطَعَهُ قَمِيصًا أَوْ لَبِسَهُ فِي مَرَضِهِ إذْ الْقَمِيصُ يُسَمَّى ثَوْبًا انْتَهَى.
ص (وَإِيصَاءٍ بِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ انْتَفَيَا قَالَ: إنْ مِتُّ فِيهِمَا، وَإِنْ بِكِتَابٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ، ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ بَعْدَهُمَا)
ش: أَيْ وَكَذَلِكَ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ إذَا كَانَتْ فِي الْمَرَضِ أَوْ عِنْدَ سَفَرٍ أَرَادَهُ، ثُمَّ زَالَ الْمَرَضُ وَالسَّفَرُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ:" انْتَفَيَا " وَالْحَالُ أَنَّهُ قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي، أَوْ فِي سَفَرِي وَسَوَاءٌ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَكْتُبْ فِي كِتَابٍ أَوْ كَتَبَهُ فِي كِتَابٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ أَوْ أَخْرَجَهُ، ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ أَمَّا إذَا أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَكْتُبْهُ فِي كِتَابٍ فَلَا خِلَافَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ إذَا زَالَ الْمَرَضُ أَوْ السَّفَرُ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهَا تَصِحُّ إذَا حَصَلَ الْمَوْتُ فِيهِمَا وَأَمَّا إذَا كَتَبَهَا فِي كِتَابٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ، فَقَالَ الْمُصَنِّفُ: إنَّهَا تَبْطُلُ بِزَوَالِ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ أَشْهَدَ فِي الْكِتَابِ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ أَمَّا إذَا أَشْهَدَ عَلَيْهَا، فَحَكَى فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْبَاجِيِّ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَيْنِ وَكَذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ لَكِنْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْبَاجِيِّ، وَأَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ إنْفَاذِهَا هُوَ مَشْهُورُ قَوْلِ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنَّهُمَا حَكَمَا إذَا لَمْ يُخْرِجْ الْكِتَابَ بِالْبُطْلَانِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا وَلَوْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَيْهِمَا
وَأَمَّا إذَا لَمْ يُشْهِدْ، فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْعُتْبِيَّة وَالْمَجْمُوعَةِ إنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَلَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّ ذَلِكَ خَطُّهُ حَتَّى يُشْهِدَهُمَا عَلَيْهِ، قَالَ وَقَدْ يَكْتُبُ " وَلَا يَغْرَمُ وَتَأَوَّلَهَا عِيَاضٌ، وَقَالَ مَعْنَاهُ إذَا كَتَبَهَا لِيُشْهِدَ فِيهَا وَأَمَّا إذَا كَتَبَهَا بِخَطِّهِ، وَقَالَ: إذَا مِتُّ فَلْيَنْفُذْ مَا كَتَبْتُهُ بِخَطِّي فَلْيَنْفُذْ ذَلِكَ إذَا عُرِفَ أَنَّهُ خَطُّهُ كَمَا لَوْ أَشْهَدَ انْتَهَى. كَلَامُ الْعُتْبِيَّة الَّذِي ذَكَرَهُ فِي رَسْمِ مَرِضَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا وَيُرِيدُ أَنَّ تِلْكَ الْوَصِيَّةَ لَا تَجُوزُ وَلَوْ مَاتَ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ أَوْ سَفَرِهِ إذَا لَمْ يُخْرِجْهَا، وَلَمْ يُشْهِدْ إلَّا أَنْ يَكْتُبَهَا، وَيَقُولَ: إذَا مِتُّ فَلْيَنْفُذْ مَا كَتَبْتُهُ بِخَطِّي فَلْيَنْفُذْ عَلَى مَا تَأَوَّلَ عَلَيْهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ مَسْأَلَةَ الْعُتْبِيَّة لَكِنَّهَا إذَا قَيَّدَهَا بِمَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ فَإِنَّمَا تَنْفُذُ إذَا مَاتَ فِيهِمَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَمُتْ فِيهِمَا فَيَأْتِي فِيهَا الْخِلَافُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَشْهَدَ فِيهَا وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ، وَأَمَّا إذَا كَتَبَ وَصِيَّتَهُ فِي كِتَابٍ، وَأَخْرَجَ الْكِتَابَ مِنْ يَدِهِ، ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ بَعْدَ زَوَالِ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ فَلَا خِلَافَ فِي بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ.
ص
وَلَوْ أَطْلَقَهَا لَا إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ)
ش: لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ مُقَيَّدَةً بِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ وَكَتَبَهَا فِي كِتَابٍ وَأَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ، ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ أَنَّهَا تَبْطُلُ ذَكَرَ هَهُنَا أَنَّهَا تَبْطُلُ أَيْضًا إذَا كَانَتْ مُطْلَقَةً، أَيْ غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ وَكَتَبَهَا فِي كِتَابٍ وَأَخْرَجَهَا، ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ مِنْ يَدِ مَنْ جَعَلَهَا عِنْدَهُ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَحَكَى صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الِاتِّفَاقَ عَلَى بُطْلَانِهَا، وَذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّ ابْنَ شَبْلُونٍ وَغَيْرَهُ تَأَوَّلُوا الْكِتَابَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَنَّ ظَاهِرَ تَأْوِيلِ أَبِي مُحَمَّدٍ إنَّمَا يَضُرُّ اسْتِرْجَاعُ الْمُقَيَّدَةِ لَا الْمُبْهَمَةِ، وَأَنَّ أَبَا عِمْرَانَ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ انْتَهَى. وَاقْتَصَرَ فِي الْبَيَانِ عَلَى حِكَايَةِ الْبُطْلَانِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِنَفْيِ الْخِلَافِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مَشَى عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَوْ أَطْلَقَهَا بَعْضُ قَلَقٍ؛ لِأَنَّهُ فَرَضَ أَوَّلًا فِي الْمُقَيَّدَةِ، ثُمَّ بَالَغَ فِي الْإِطْلَاقِ وَلَوْ شَبَّهَ الْمُطْلَقَةَ بِالْمُقَيَّدَةِ فَقَالَ: كَأَنْ أَطْلَقَهَا لَكَانَ أَبْيَنَ وَأَحْسَنَ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: لَا إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ، أَيْ لَا إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّ الْكِتَابَ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ فَلَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مُطْلَقَةً أَوْ مُقَيَّدَةً، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَقَالَهُ فِي الْبَيَانِ.
ص (أَوْ قَالَ مَتَى حَدَثَ الْمَوْتُ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْضِي وَلَا تَبْطُلُ إذَا قَالَ مَتَى حَدَثَ الْمَوْتُ وَسَوَاءٌ قَالَ ذَلِكَ فِي مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ فِي صِحَّةٍ، وَسَوَاءٌ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ أَوْ السَّفَرِ أَوْ بَعْدَهُمَا وَسَوَاءٌ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ بِغَيْرِ كِتَابٍ أَوْ بِكِتَابٍ أَقَرَّهُ عِنْدَ نَفْسِهِ أَوْ وَضَعَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ، فَإِنَّهَا تَنْفُذُ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَتَى مَاتَ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَتَبَهَا فِي كِتَابٍ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ، ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ، فَإِنَّهَا تَبْطُلُ كَمَا تَقَدَّمَ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ الشَّارِحُ: وَمِثْلُ قَوْلِهِ " مَتَى حَدَثَ الْمَوْتُ " قَوْلُهُ: إنْ مِتُّ أَوْ إذَا مِتُّ وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ وَسَوَاءٌ قَالَهَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ، وَنَصُّهُ:" وَإِنْ أَطْلَقَ الْوَصِيَّةَ، فَقَالَ: مَتَى حَدَثَ الْمَوْتُ أَوْ إنْ مِتُّ أَوْ إذَا مِتُّ فَإِنَّهَا مَاضِيَةٌ وَظَاهِرُهُ يَعْنِي كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ سَوَاءٌ كَتَبَهَا فِي كِتَابٍ أَمْ لَا اسْتَرْجَعَهَا أَمْ لَا أَمَّا إنْ لَمْ يَكْتُبْهَا فَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إنَّهَا نَافِذَةٌ أَبَدًا لَا يَنْقُضُهَا إلَّا تَغَيُّرُهَا قَالَهَا فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ، وَإِنْ كَانَتْ بِكِتَابٍ، وَأَشْهَدَ فِيهِ فَهِيَ مَاضِيَةٌ بِالِاتِّفَاقِ سَوَاءٌ أَقَرَّهَا عِنْدَهُ إلَى الْمَوْتِ أَوْ جَعَلَهَا عَلَى يَدِ غَيْرِهِ حَتَّى مَاتَ وَأَمَّا إنْ قَبَضَهَا مِنْ يَدِ مَنْ جَعَلَهَا عَلَى يَدَيْهِ سَوَاءٌ قَبَضَهَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ، فَحَكَى صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الِاتِّفَاقَ عَلَى بُطْلَانِهَا انْتَهَى. ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ عِيَاضٍ الْمُتَقَدِّمَ عَنْ ابْنِ شَبْلُونٍ وَتَأْوِيلَ أَبِي مُحَمَّدٍ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ: إنْ مِتُّ وَكَانَ مَرِيضًا أَنَّهَا تَنْفُذُ وَلَوْ صَحَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ، وَهَكَذَا قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَنَصُّهُ: " إذَا كَانَ إشْهَادُهُ فِي غَيْرِ كِتَابٍ فِي الْمُبْهَمَةِ فَهِيَ مَاضِيَةٌ أَبَدًا لَا يَنْقُضُهَا إلَّا تَغَيُّرُهَا وَنَسْخُهَا أَشْهَدَ فِي مَرَضِهِ أَوْ صِحَّتِهِ انْتَهَى.
وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَنَصُّهُ: " إنْ أَوْصَى فِي صِحَّتِهِ دُونَ سَفَرٍ وَلَا مَرَضٍ فَسَوَاءٌ قَالَ فِيهَا: مَتَى مِتُّ أَوْ إذَا مِتُّ وَسَوَاءٌ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ بِغَيْرِ كِتَابٍ أَوْ بِكِتَابٍ أَقَرَّهُ عِنْدَ نَفْسِهِ أَوْ وَضَعَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ تَنْفُذُ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَتَى مَاتَ إلَّا أَنْ يَسْتَرْجِعَ الْكِتَابَ بَعْدَ أَنْ وَضَعَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ فَتَبْطُلُ بِذَلِكَ وَصِيَّتُهُ وَكَذَلِكَ إنْ أَوْصَى فِي مَرَضٍ أَصَابَهُ وَعِنْدَ سَفَرٍ أَرَادَهُ، فَقَالَ فِي وَصِيَّتِهِ: مَتَى مَاتَ، وَأَمَّا إنْ أَوْصَى فِي مَرَضٍ أَصَابَهُ أَوْ عِنْدَ سَفَرٍ أَرَادَهُ لِغَزْوٍ فَقَالَ: إنْ مِتّ وَلَمْ يَزِدْ أَوْ قَالَ مِنْ مَرَضِي هَذَا، وَكَذَلِكَ إنْ أَوْصَى فِي مَرَضٍ أَصَابَهُ أَوْ عِنْدَ سَفَرٍ أَرَادَهُ لِغَزْوٍ فَقَالَ فِي وَصِيَّتِهِ: إنْ مِتّ فِي سَفَرِي هَذَا، وَلَمْ يَزِدْ أَوْ قَالَ: مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ، قَالَ: يُخْرَجُ عَنِّي كَذَا وَكَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَوْتَ بِحَالٍ فَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ بِذَلِكَ بِغَيْرِ كِتَابٍ لَمْ تَنْفُذْ الْوَصِيَّةُ إلَّا أَنْ يَمُوتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ أَوْ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ إنْ أَقَرَّ الْكِتَابَ، وَإِنْ كَتَبَ بِذَلِكَ كِتَابًا وَضَعَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ بِكُلِّ حَالٍ نَفَذَتْ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَرَضِ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ السَّفَرِ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ إنْ أَقَرَّ الْكِتَابَةَ عِنْدَهُ فَمَرَّةً، قَالَ: تَنْفُذُ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَتَى مَاتَ، وَمَرَّةً قَالَ: لَا تَنْفُذُ إلَّا أَنْ يَمُوتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ أَوْ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ، وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ إبْقَاءَهُ الْكِتَابَ بَعْدَ بُرْئِهِ وَقُدُومِهِ دَلِيلٌ عَلَى إلْغَائِهِ وَالتَّنْفِيذِ لَهَا، وَوَجْهُ الثَّانِي
اعْتِبَارٌ زَائِدٌ ظَاهِرٌ لَفْظُهُ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَالثَّانِي مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَكَذَا إذَا قَالَ، وَهُوَ صَحِيحٌ دُونَ مَرَضٍ أَصَابَهُ، وَلَا سَفَرٍ أَرَادَهُ إنْ مِتّ فِي هَذَا الْعَامِ فَيُخْرِجُ عَنِّي كَذَا وَكَذَا، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا قَالَ إنْ مِتّ فِي مَرَضِي هَذَا أَوْ سَفَرِي هَذَا انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (كَإِيصَائِهِ بِشَيْءٍ لِزَيْدٍ، ثُمَّ بِهِ لِعَمْرٍو)
ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِإِنْسَانٍ، ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِآخَرَ فَإِنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لِوَاحِدٍ بِثُلُثِهِ، ثُمَّ أَوْصَى لِآخَرَ اشْتَرَكَا فِيهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لِوَاحِدٍ بِالثُّلُثِ، ثُمَّ لِآخَرَ بِالنِّصْفِ أَوْ بِالْجَمِيعِ لَاشْتَرَكَا فِي الثُّلُثِ عَلَى نِسْبَةِ الْأَجْزَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى فَالْوَصِيَّتَانِ)
ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَوْصَى لِشَخْصٍ بِوَصِيَّةٍ، ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِوَصِيَّةٍ أُخْرَى فَالْوَصِيَّتَانِ لَهُ يَعْنِي وَالْوَصِيَّتَانِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ، وَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَأَكْثَرُهُمَا، وَقَوْلُهُ: كَنَوْعَيْنِ فَعُلِمَ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَوَّلًا فِي كَلَامِهِ فِيمَا إذَا كَانَتَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ وَهُمَا مُتَسَاوِيَتَانِ؛ لِأَنَّ تَشْبِيهَهُ بِالنَّوْعَيْنِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ فِيمَا كَانَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ، وَقَوْلُهُ: فَأَكْثَرُهُمَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ فِيمَا كَانَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ مَعَ التَّسَاوِي، وَقَدْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلَوْ أَوْصَى لِوَاحِدٍ بِوَصِيَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ، وَإِحْدَاهُمَا أَكْثَرُ فَأَكْثَرُ الْوَصِيَّتَيْنِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ:" وَإِحْدَاهُمَا أَكْثَرُ " يَخْرُجُ مَا إذَا كَانَتَا مُتَسَاوِيَتَيْنِ، وَذَكَرَ الْبَاجِيُّ الْمُتَسَاوِيَتَيْنِ قَوْلَيْنِ مِثْلَ أَنْ يُوصِيَ لَهُ بِعَشَرَةٍ، ثُمَّ بِعَشَرَةٍ، الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ لَهُ الْعَدَدَانِ جَمِيعًا، وَحُكِيَ فِي الْمَعُونَةِ أَنَّ لَهُ أَحَدَهُمَا لِجَوَازِ التَّأْكِيدِ، ابْنُ زَرْقُونٍ: وَانْظُرْ قَوْلَهُ هَذَا مَعَ قَوْلِ مَالِكٍ، وَأَصْحَابِهِ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ لَهُ أَحَدَهُمَا مِثْلَ قَوْلِ عَبْدِ الْوَهَّابِ انْتَهَى.
ص (وَإِلَّا فَأَكْثَرُهُمَا إنْ تَقَدَّمَ) ش تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ.