الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَضَمَّنَ مَالًا فَهَلْ يُقْبَلُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ قَوْلَانِ، انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَأَحْضَرَ الْعُلَمَاءَ وَشَاوَرَهُمْ)
ش: عَطَفَ رحمه الله أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فَإِنَّ أَشْهَبَ وَمُحَمَّدًا يَقُولَانِ يُحْضِرُهُمْ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ يَقُولَانِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْضِرَهُمْ وَلَكِنْ يُشَاوِرَهُمْ، كَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَيَّدَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنْ يَكُونَ مُقَلَّدًا فَلَا يَسَعُهُ الْقَضَاءُ إلَّا بِمَحْضَرِهِمْ، قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَقَوْلُ مُطَرِّفٍ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ فَكَّرَ الْقَاضِي فِي حَالِ حُضُورِهِمْ كَحَالِهِ فِي عَدَمِ حُضُورِهِمْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ حُضُورُهُمْ يُكْسِبُهُ حَجْرًا حَتَّى لَا يُمْكِنَهُ التَّأَمُّلُ لِمَا هُوَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْقَاضِي مِنْ الْبَلَادَةِ عَلَى حَالٍ لَا يُمْكِنُهُ ضَبْطُ قَوْلِ الْخَصْمَيْنِ وَيَتَصَوَّرُ مَقَاصِدَهُمَا حَتَّى يَسْتَفْتِيَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَرْتَفِعُ أَيْضًا الْخِلَافُ وَلَا يُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِ حُضُورِهِمْ، انْتَهَى.
وَقَالَ فِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ: (تَنْبِيهٌ) إطْلَاقُهُمْ الْمُشَاوَرَةَ ظَاهِرُهُ عَالِمًا كَانَ بِالْحُكْمِ أَوْ جَاهِلًا وَفِي الطُّرَرِ لِابْنِ عَاتٍ لَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُشَاوِرَ فِيمَا يَحْكُمُ فِيهِ إذَا كَانَ جَاهِلًا لَا يُمَيِّزُ الْحَقَّ مِنْ الْبَاطِلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أُشِيرَ عَلَيْهِ وَهُوَ جَاهِلٌ لَمْ يَعْلَمْ أَحَكَمَ بِحَقٍّ أَمْ بِبَاطِلٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ الْحَقُّ وَلَا يَحْكُمُ بِقَوْلِ مَنْ أَشَارَ عَلَيْهِ تَقْلِيدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ مِنْ حَيْثُ تَبَيَّنَ لِلَّذِي أَشَارَ عَلَيْهِ، انْتَهَى. وَهَذَا الْأَخِيرُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - فِي الْمُجْتَهِدِ وَفِي التَّبْصِرَةِ أَيْضًا، قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ: الْقَاضِي مَأْمُورٌ بِالِاسْتِشَارَةِ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ وَبَحَثُوا فِيهِ تَثِقُ بِهِ النَّفْسُ مَا لَا تَثِقُ بِوَاحِدٍ إذَا اسْتَبَدَّ بِرَأْيِهِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُهُمْ مُقَلِّدِينَ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي الْفَتْوَى فِيمَا لَيْسَ بِمَسْطُورٍ بِحَسَبِ مَا يَظُنُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ يَقْتَضِي أُصُولَ الْمَذْهَبِ، انْتَهَى.
وَفِي التَّوْضِيحِ، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِهِ: وَمَنْ لَمْ يَسْتَشِرْ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالدِّينِ فَعَزْلُهُ وَاجِبٌ هَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ، انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ آلَ عِمْرَانَ وَفِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّ أَحْوَالَ الْخُلَفَاءِ دَلَّتْ عَلَى اتِّفَاقِهِمْ عَلَى الْمُشَاوَرَةِ لَا سِيَّمَا فِي الْمُشْكِلَاتِ، انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ: وَأَحْضَرَ الْعُلَمَاءَ أَوْ شَاوَرَهُمْ هَلْ عَلَى الْوُجُوبِ أَوْ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ؟ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَا يُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِ حُضُورِهِمْ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ عَطِيَّةَ وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ لِلْمَازِرِيِّ أَنَّ حُضُورَهُمْ وَاجِبٌ وَكَذَا ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ فَإِنَّهُ عَدَّهُ فِي الْأُمُورِ الَّتِي تَلْزَمُ الْقَاضِيَ فِي سِيرَتِهِ فِي الْأَحْكَامِ، وَاللُّزُومُ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْوُجُوبِ وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَثِقَ بِرَأْيِهِ وَيَتْرُكَ الْمُشَاوَرَةَ أَنَّ الْمُشَاوَرَةَ مُسْتَحَبَّةٌ أَوْ أَوْلَى فَتَأَمَّلْهُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ نَصًّا يَشْفِي الْغَلِيلَ
[فَرْعٌ الْقَاضِي لَا يَسْتَشِيرُ مَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ فِيمَا شَهِدَ فِيهِ]
(فَرْعٌ)، قَالَ سَحْنُونٌ: لَا يَسْتَشِيرُ مَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ فِيمَا شَهِدَ فِيهِ حَكَاهُ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ غَيْرُ سَحْنُونٍ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ، انْتَهَى مُخْتَصَرًا مِنْ التَّبْصِرَةِ وَاقْتَصَرَ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ (فَرْعٌ)، قَالَ فِي رَسْمِ سَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الْأَقْضِيَةِ: رَأَيْت مَالِكًا كَتَبَ إلَى عَامِلٍ فِي قَضَاءٍ كَانَ أَمْضَاهُ عَامِلَانِ قَبْلَهُ فَيَنْظُرُ فِيهِ فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَعِينُ بِالْكَتْبِ إلَيْهِ فِيهِ فَكَتَبَ إلَيْهِ إنْ كَانَ مَنْ قَبْلَك أَمْضَاهُ بِحَقٍّ فَأَنْفِذْهُ لِصَاحِبِهِ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْفَقِيهِ الْمَقْبُولِ الْقَوْلِ أَنْ يَكْتُبَ لِلْحُكَّامِ بِالْفَتْوَى وَيُعْلِمَهُمْ مَا يَصْنَعُ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ الْحَاكِمُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْقُضَاةِ وَأَمَّا الْقُضَاةُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ إلَيْهِمْ بِمَا يَفْعَلُونَ إلَّا أَنْ يَسْأَلُوهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى أَنَفَةٍ تُؤْذِي، انْتَهَى.
[مَسْأَلَة دَعَا الْقَاضِي الْعُدُولَ إلَى قَضِيَّةٍ يَنْظُرُونَ فِيهَا مِنْ فَرْضِ نَفَقَةٍ أَوْ إقَامَةِ حُدُودٍ]
(مَسْأَلَةٌ) إذَا دَعَا الْقَاضِي
الْعُدُولَ إلَى قَضِيَّةٍ يَنْظُرُونَ فِيهَا مِنْ فَرْضِ نَفَقَةٍ أَوْ إقَامَةِ حُدُودٍ وَنَحْوِهِ وَجَبَ عَلَيْهِمْ اُنْظُرْ الْبُرْزُلِيَّ فِي مَسَائِلِ الْقَضَاءِ
ص (وَشُهُودًا)
ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَإِذَا كَانَ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا سَمِعَ إقْرَارَ الْخَصْمِ لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهُ بِإِقْرَارِهِ شَاهِدَانِ فَيَكُونُ إحْضَارُ الشُّهُودِ وَاجِبًا وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِي جُلُوسِهِ، انْتَهَى. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ عِنْدَهُ بِشَيْءٍ وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ ثُمَّ يَعُودُ إلَيْهِ الْمُقِرُّ فَيَجْحَدُ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِهِ إلَّا بِبَيِّنَةِ سِوَاهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ شَهِدَ هُوَ بِذَلِكَ إلَى مَنْ فَوْقَهُ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ: قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ: الْإِقْرَارُ عِنْدَ الْقَاضِي فِي سُلْطَانِهِ وَقَبْلَ سُلْطَانِهِ سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ فِي إقْرَارِ الْخَصْمَيْنِ عِنْدَهُ لَا يَحْكُمُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ أَشْهَبُ: وَلَا بِمَا وَجَدَ فِي دِيوَانِهِ مَكْتُوبًا مِنْ إقْرَارِ الْخَصْمِ عِنْدَهُ فَإِنْ قَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ أَنْفَذَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا هُوَ وَكَاتِبُهُ شَهِدَا بِذَلِكَ عِنْدَ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَأَجَازَهُ وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ قَضَى بِشَهَادَتِهِ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ، انْتَهَى. وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ إذَا سَمِعَ إقْرَارَ الْخَصْمِ حَكَمَ عَلَيْهِ بِمَا سَمِعَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُ شَاهِدَانِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، قَالَ فِي النَّوَادِرِ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: أَمَّا مَا أَقَرَّ بِهِ الْخُصُومُ عِنْدَهُ فِي خُصُومَتِهِمْ فَلْيَقْضِ بِهِ، وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ هَذَا لَاحْتَاجَ أَنْ يُحْضِرَ مَعَهُ شَاهِدَيْنِ أَبَدًا يَشْهَدَانِ عَلَى النَّاسِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَبْلَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: مَذْهَبُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا سَمِعَ إقْرَارَ الْخَصْمِ لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهُ بِإِقْرَارِهِ شَاهِدَانِ ثُمَّ يَرْفَعَانِ شَهَادَتَهُمَا إلَيْهِ وَذَهَبَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ وَسَحْنُونٌ إلَى أَنَّهُ يَحْكُمُ بِمَا سَمِعَ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ عِنْدَهُ بِذَلِكَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ قُضَاةُ الْمَدِينَةِ وَلَا أَعْلَمُ مَالِكًا قَالَ غَيْرَهُ إنَّهُ يَقْضِي بِمَا سَمِعَ مِنْهُ وَأَقَرَّ بِهِ عِنْدَهُ وَكَأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ الْخَصْمَيْنِ لَمَّا جَلَسَا لِلْخُصُومَةِ رَضِيَا أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا بِمَا أَقَرَّا بِهِ وَلِذَلِكَ قَعَدَا، والْأَوَّلُ الْمَشْهُورُ، انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُمْ رُفِعَ إلَى مَنْ فَوْقَهُ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ: مَسْأَلَةٌ: إذَا رَأَى الْقَاضِي حَدًّا رُفِعَ إلَى مَنْ فَوْقَهُ وَهَلْ يُرْفَعُ إلَى مَنْ دُونَهُ قَوْلَانِ، قَالَ عِيَاضٌ مَذْهَبُ الْكِتَابِ أَنَّ أَحَدًا لَا يَرْفَعُ إلَى مَنْ دُونَهُ وَتَحْتَ يَدِهِ إلَّا السُّلْطَانُ الْأَعْظَمُ لِلضَّرُورَةِ إلَى ذَلِكَ وَقَالَ فِي السُّلْطَانِ الْأَعْظَمِ لَا يَرْفَعُ إلَى مَنْ دُونَهُ وَيَكُونُ هَدَرًا، انْتَهَى مُخْتَصَرًا، وَفِي النَّوَادِرِ فِي تَرْجَمَةِ الْقَاضِي يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِوَلَدِهِ وَقَدْ يَحْكُمُ لِلْخَلِيفَةِ وَهُوَ فَوْقَهُ وَهُوَ يُتَّهَمُ فِيهِ لِتَوْلِيَتِهِ إيَّاهُ وَحُكْمُهُ لَهُ جَائِزٌ، انْتَهَى. وَنُقِلَ الْخِلَافُ فِي الذَّخِيرَةِ.
ص (وَلَمْ يُفْتِ فِي خُصُومَةٍ) ش اُنْظُرْ هَلْ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ عَلَى الْمَنْعِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَلَا يُفْتِي الْحَاكِمُ فِي الْخُصُومَاتِ وَقَالَ
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا بَأْسَ بِهِ كَالْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ يُرِيدُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْفُتْيَا فِيمَا عَدَا مَسَائِلِ الْخِصَامِ وَهَلْ لَهُ الْفُتْيَا فِي مَسَائِلِ الْخِصَامِ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَنْ إعَانَةِ الْخُصُومِ عَلَى الْفُجُورِ، وَالثَّانِي إجَازَةُ فُتْيَاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِصَامِ وَأَمَّا تَعْلِيمُ الْقَاضِي الْعِلْمَ وَتَعْلِيمُهُ لَهُ فَجَائِزٌ، انْتَهَى. فَقُوَّةُ عِبَارَتِهِ تُعْطِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْفُتْيَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْهُ، وَعَدَّهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْأُمُورِ اللَّازِمَةِ لَهُ فِي سِيرَتِهِ فِي الْأَحْكَامِ وَفِي أَوَائِلِ مَسَائِلِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ الْبُرْزُلِيِّ مَا نَصَّهُ ابْنُ الْحَاجِّ عَنْ ابْنِ الْمُنْذِرِ: يُكْرَهُ لِلْقَاضِي الْفَتْوَى فِي الْأَحْكَامِ وَكَانَ شُرَيْحٌ يَقُولُ أَنَا أَقْضِي وَلَا أُفْتِي (قُلْتُ) يُرِيدُ إذَا كَانَتْ الْفَتْوَى مِمَّنْ يُمْكِنُ أَنْ تُعْرَضَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ جَاءَتْهُ مِنْ خَارِجِ بَلَدِهِ أَوْ مِنْ بَعْضِ الْكَوْرِ أَوْ عَلَى يَدِ عُمَّالِهِ فَلْيُجِبْهُمْ عَنْهَا ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَذُكِرَ عَنْ ابْنِ الْمُنَاصِفِ أَنَّهُ ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ ثُمَّ قَالَ: الْكَلَامُ الْأَوَّلُ النَّهْيُ فِيهِ عَنْ فَتْوَى الْقَاضِي فِي الْخُصُومَاتِ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَالثَّانِي فَتْوَاهُ فِي جُمْلَةِ الْأَشْيَاءِ لَا فِي خُصُومَةٍ بِعَيْنِهَا، انْتَهَى.
ص (وَلَمْ يَشْتَرِ بِمَجْلِسِ قَضَائِهِ)
ش: مَفْهُومٌ، وَقَوْلُهُ: مَجْلِسِ قَضَائِهِ أَنَّهُ لَا يُنْهَى عَنْهُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ قَضَائِهِ وَهُوَ الَّذِي حَصَّلَهُ فِي التَّوْضِيحِ إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ التَّنَزُّهُ عَنْهُ مُطْلَقًا وَانْظُرْ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ وَلَمْ يَشْتَرِ هَلْ عَلَى الْمَنْعِ أَوْ عَلَى الْكَرَاهَةِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَلَا يَشْتَرِي بِنَفْسِهِ وَلَا بِوَكِيلٍ مَعْرُوفٍ ظَاهِرُهُ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ وَغَيْرِهِ وَنَحْوُهُ ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَمَعْنَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا تَبْعُدُ صِحَّتُهُ إلَّا أَنَّ الْمَازِرِيَّ وَغَيْرَهُ ذَكَرُوا عَنْ الْمَذْهَبِ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ ابْتِدَاءً وَحَكَى الْمَازِرِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ مِثْلَ مَا حَكَاهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا، انْتَهَى. أَيْ: لِأَنَّ الْمَازِرِيَّ نَقَلَ عَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّهُمْ أَجَازُوا لِلْقَاضِي الشِّرَاءَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ وَلَمْ يُجَوِّزُوا لَهُ ذَلِكَ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ شَغْلِ بَالِهِ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ. وَلَا يَشْتَغِلُ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ بِالْبَيْعِ وَالِابْتِيَاعِ لِنَفْسِهِ. أَشْهَبُ، أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى وَجْهِ الْعِنَايَةِ مِنْهُ إلَّا مَا خَفَّ شَأْنُهُ وَقَلَّ شُغْلُهُ وَالْكَلَامُ فِيهِ سَحْنُونٌ وَتَرْكُهُ أَفْضَلُ، قَالَ: وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ قَضَائِهِ فَنَافِذٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْرَهَ غَيْرَهُ أَوْ هَضَمَهُ فَلَيْسَ هَذَا بِعَدْلٍ وَهُوَ مَرْدُودٌ كَانَ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ هُوَ الَّذِي فِي النَّوَادِرِ وَغَيْرِهَا مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَيَتَنَزَّهُ عَنْ الْمُبَايَعَةِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ قَضَائِهِ، انْتَهَى كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَفِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ بَعْدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَيَتَوَرَّعُ عَنْ الْعَارِيَّةِ إلَى آخِرِهِ قَدْ يُقَالُ تَغْيِيرُ الْمُؤَلِّفِ الْعِبَارَةَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي فَوْقَهَا يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْمَنْعَ فِي الْأُولَى أَشَدُّ مِنْهُ فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ الْمَنْعَ فِي الْأُولَى وَجَعَلَهُ فِي هَذِهِ مِنْ بَابِ الْوَرَعِ فَيُقَالُ الْعَكْسُ أَوْلَى فَكَلَامُ التَّوْضِيحِ يُؤْذِنُ بِالْمَنْعِ عَلَى التَّحْرِيمِ وَأَمَّا كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْمَنْعَ عَلَى التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ الْمَنْعَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ التَّوَرُّعِ وَفِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي تَلْزَمُ الْقَاضِيَ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ الْبَيْعُ وَالِابْتِيَاعُ بِمَجْلِسِ حُكْمِهِ وَبِدَارِهِ وَلَا يُرَدُّ مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْإِكْرَاهِ أَوْ فِيهِ نَقِيصَةٌ عَلَى الْبَائِعِ فَيُرَدُّ الْبَيْعُ وَالِابْتِيَاعُ كَانَ بِمَجْلِسِ قَضَائِهِ أَوْ غَيْرِهِ، قَالَ أَشْهَبُ: إنْ عُزِلَ وَالْبَائِعُ وَالْمُبْتَاعُ مُقِيمٌ بِالْبَلَدِ لَا يُخَاصِمُهُ وَلَا يَذْكُرُ مُخَاصَمَتَهُ لِأَحَدٍ فَلَا حُجَّةَ لَهُ وَالْبَيْعُ مَاضٍ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ وَكِيلٌ مَعْرُوفٌ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَفْعَلُ مَعَ وَكِيلِهِ مِنْ الْمُسَامَحَةِ مَا يَفْعَلُ مَعَهُ، انْتَهَى. فَصَرَّحَ رحمه الله بِالْكَرَاهَةِ وَأَنَّ حُكْمَ الْبَيْعِ وَالِابْتِيَاعِ وَاحِدٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ فِيهِ مَعَ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَيُرَدَّ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (كَسَلَفٍ وَقِرَاضٍ وَإِبْضَاعٍ وَحُضُورِ وَلِيمَةٍ إلَّا لِنِكَاحٍ)
ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ هَذِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّوَرُّعِ، قَالَ