الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مَسْأَلَة قَالَ أعطوا فُلَانًا مِائَةً وَلَمْ يَقُلْ مِائَة دِينَار وَلَا دِرْهَمٍ]
مَسْأَلَةٌ) إذَا قَالَ أَعْطُوا فُلَانًا مِائَةً وَلَمْ يَقُلْ مِائَةُ دِينَارٍ، وَلَا دِرْهَمٍ فَإِنْ دَلَّ سِيَاقُ كَلَامِهِ عَلَى الدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ حُمِلَ عَلَيْهِ كَأَنْ يَقُولَ: أَعْطُوا فُلَانًا مِائَةَ دِينَارٍ ذَهَبًا، وَفُلَانًا مِائَةً فَتُحْمَلُ عَلَى الذَّهَبِ وَأَعْطُوا فُلَانًا مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَفُلَانًا عَشَرَةً فَتُحْمَلُ عَلَى الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ سِيَاقُ كَلَامِهِ عَلَى شَيْءٍ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ فِي الْبَلَدِ مِنْ الدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ فَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ أَحَدُهُمَا حُمِلَ عَلَى الْأَقَلِّ وَهُوَ الدَّرَاهِمُ قَالَهُ فِي رَسْمِ الصَّلَاةِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى، وَفِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا قَالَ وَفِي مُعِينِ الْحُكَّامِ: وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِعَيْنٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ سِكَّتَهَا دُفِعَ لَهُ الْأَكْثَرُ جَرَيَانًا فَإِنْ اسْتَوَى جَرْيُهُمَا دُفِعَ لَهُ الْأَقَلُّ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَرَادَ الْأَكْثَرَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَدَدِ أَمْدَادٍ مِنْ الطَّعَامِ وَلَمْ يُبَيِّنْ قَمْحًا، وَلَا شَعِيرًا أُجْرِيَ الْأَمْرُ عَلَى مَا ذُكِرَ، وَقَالَ قَبْلَهُ بِنَحْوِ الْوَرَقَةِ مَسْأَلَةٌ إذَا ذَكَرَ الْمُوصِي فِي وَصِيَّتِهِ أَنْ تُنَفَّذَ وَصِيَّتُهُ مِنْ سِكَّةٍ كَانَتْ تَجْرِي مِنْ تَارِيخِ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمُوصِي وَقَدْ انْقَطَعَتْ تِلْكَ السِّكَّةُ فَإِنَّهَا تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ مِنْ تِلْكَ السِّكَّةِ الَّتِي كَانَتْ تَجْرِي يَوْمَ الْوَصِيَّةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ فِي وَصِيَّتِهِ: إنَّهَا تَكُونُ مِنْ النَّقْدِ الْجَارِي يَوْمَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ فَيَكُونُ كَمَا عَهِدَ فَإِنْ وَقَعَتْ الْوَصِيَّةُ مُسَجَّلَةً يَعْنِي مُطْلَقَةً وَلَمْ يَشْتَرِطْ صِفَةً فَإِنَّهَا تَكُونُ مِمَّا يَجْرِي يَوْمَ التَّنْفِيذِ وَذَلِكَ بِخِلَافِ الْكَوَالِئِ وَالدَّيْنِ انْتَهَى.
[مَسْأَلَة أَوْصَى أَنْ يُعْطِيَنِي إنَاءً فَأُلْفِيَ مَمْلُوءًا دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ]
(مَسْأَلَةٌ) قَالَ فِي بَابِ الْوَصَايَا مِنْ مُعِينِ الْحُكَّامِ إذَا أَوْصَى أَنْ يُعْطِيَنِي إنَاءً فَأُلْفِيَ مَمْلُوءًا دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَإِنْ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّهُ يُدْفَعُ فِيهِ ذَلِكَ أُعْطِيَ بِمَا فِيهِ وَإِلَّا أُعْطِيَ الْإِنَاءَ وَحْدَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِزِقٍّ فَأُلْفِيَ مَمْلُوءًا عَسَلًا أَوْ سَمْنًا دُفِعَ لَهُ بِمَا فِيهِ انْتَهَى.
ص (وَدَخَلَ الْفَقِيرُ فِي الْمِسْكَيْنِ كَعَكْسِهِ)
ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ.
[مَسْأَلَة الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ هَلْ هُمَا صِنْفٌ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ]
(مَسْأَلَةٌ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ
{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَهِيَ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ هَلْ هُمَا صِنْفٌ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ؟ فَيَظْهَرُ فِيمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْفُقَرَاءِ وَلِلْمَسَاكِينِ مِمَّنْ قَالَ هُمَا صِنْفٌ وَاحِدٌ قَالَ يَكُونُ لِفُلَانٍ نِصْفُ الثُّلُثِ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ النِّصْفُ الثَّانِي، وَمَنْ قَالَ هُمَا صِنْفَانِ قَالَ: يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ يُدْخِلُ الْفُقَرَاءَ فِي لَفْظِ الْمِسْكَيْنِ، وَالْعَكْسُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى عَدَمِ التَّرَادُفِ، وَهُوَ صَوَابٌ إنْ كَانَ الْمُوصِي عَامِّيًّا وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى.
ص (وَلَمْ يَلْزَمْ تَعْمِيمٌ كَغُزَاةٍ)
ش: اعْلَمْ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا كَفُلَانٍ أَوْ أَوْلَادِ فُلَانٍ وَيُسَمِّيهِمْ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُقْسَمُ
بَيْنَ الْجَمِيعِ بِالسَّوِيَّةِ وَمَنْ مَاتَ فَلِوَارِثِهِ حِصَّتُهُ وَمَنْ وُلِدَ لَمْ يَدْخُلْ وَإِنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُمْ مَجْهُولِينَ غَيْرَ مَحْصُورِينَ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَالْغُزَاةِ وَبَنِي تَمِيمٍ وَبَنِي زُهْرَةِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّا لَا يُمْكِنُ الْإِحَاطَةُ بِهِمْ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَعْمِيمُهُمْ، وَلَا التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ، بَلْ تُقْسَمُ بِالِاجْتِهَادِ وَيَكُونُ لِمَنْ حَضَرَ الْقَسْمَ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ مَاتَ قَبْلَهُ، وَمَنْ وُلِدَ أَوْ قَدِمَ قَبْلَهُ اسْتَحَقَّ وَإِنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُمْ يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ وَلَكِنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يُعَيِّنْهُمْ، كَقَوْلِهِ: لِأَوْلَادِي وَلِإِخْوَتِي، وَأَوْلَادِهِمْ أَوْ لِأَخْوَالِي وَأَوْلَادِهِمْ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ فَقِيلَ: إنَّهُمْ كَالْمُعَيَّنِينَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ الْقَسْمِ فَنَصِيبُهُ لِوَارِثِهِ وَمَنْ وُلِدَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي لَمْ يَدْخُلْ وَقِيلَ كَالْمَجْهُولِينَ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْقَسْمِ لَمْ يَسْتَحِقَّ وَمَنْ وُلِدَ اسْتَحَقَّ وَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالِاجْتِهَادِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لِمَنْ حَضَرَ الْقَسْمَ، وَلَا شَيْءَ لِمَنْ مَاتَ قَبْلَهُ وَمَنْ وُلِدَ قَبْلَهُ دَخَلَ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، فَفَهِمَ سَحْنُونٌ أَنَّ لِابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلَيْنِ، وَجَعَلَهُ خِلَافًا وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَيْسَ بِخِلَافٍ
بَلْ مَذْهَبُهُ أَنَّهُ لِمَنْ حَضَرَ الْقَسْمَ، وَأَنَّهُ يُقْسَمُ بِالسَّوِيَّةِ قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ اُنْظُرْ ابْنَ يُونُسَ وَأَبَا الْحَسَنِ وَانْظُرْ الرَّجْرَاجِيَّ فَإِنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لِمَنْ حَضَرَ الْقَسْمَ إنْ كَانَ أَوْلَادُ فُلَانٍ فَلَا يُمْكِنُ زِيَادَتُهُمْ وَانْظُرْ الشَّامِلَ فِيمَنْ أَوْصَى لِقَرَابَتِهِ.
(فَرْعٌ) فُقَرَاءُ الرِّبَاطِ، وَالْمَدْرَسَةِ الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَلَزِمَ إجَازَةُ الْوَارِثِ بِمَرَضٍ)
ش: يَعْنِي إذَا أَوْصَى الْمَيِّتُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ لِوَارِثٍ كَمَا فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي التَّوْضِيحِ ص.
(وَالْوَارِثُ يَصِيرُ غَيْرَ وَارِثٍ، وَعَكْسُهُ الْمُعْتَبَرُ مَآلُهُ)
ش: مِثَالُ: الصُّورَةُ الْأُولَى: إذَا أَوْصَى لِأَخِيهِ وَلَا وَلَدَ لَهُ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ أَوْ أَوْصَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا ثُمَّ أَبَتَّهَا، وَمِثَالُ الْعَكْسِ أَنْ يُوصِيَ لِامْرَأَةٍ ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا أَوْ يُوصِيَ لِأَخِيهِ وَلَهُ وَلَدٌ، فَيَمُوتَ الْوَلَدُ، وَيَصِيرَ الْأَخُ هُوَ الْوَارِثُ، وَجَعَلَ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ مِثَالُ الثَّانِيَةِ مَا إذَا أَوْصَتْ لِزَوْجِهَا ثُمَّ أَبَتَّهَا وَهُوَ سَهْوٌ فَإِنَّهُ مِثَالُ لِلْأُولَى، وَغَرَّهُ فِي ذَلِكَ مَا يَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ لِلْفَهْمِ مِنْهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ لَكِنْ يُمْكِنُ رَدُّهُ إلَى الصَّوَابِ بِالتَّأَمُّلِ بِخِلَافِ كَلَامِ الشَّارِحِ.
ص (وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ)
ش: هَذَا الْخِلَافُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا أَوْصَى لِوَارِثٍ ثُمَّ صَارَ غَيْرَ وَارِثٍ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا وُجُودُ الْخِلَافِ.
ص (فَإِنْ سَمَّى فِي تَطَوُّعٍ يَسِيرٍ أَوْ أَقَلَّ الثُّلُثَ)
ش: اُحْتُرِزَ بِالتَّطَوُّعِ مِنْ الظِّهَارِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَيُطْعِمُ بِهِ فِي الظِّهَارِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ عَنْ الْإِطْعَامِ فَضْلَةٌ كَانَ الْفَاضِلُ لَهُمْ انْتَهَى. وَعِبَارَةُ التَّبْصِرَةِ أَوْفَى مِمَّا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَنَصُّهُ:" وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَكَانَ الْعِتْقُ عَنْ ظِهَارٍ أَطْعَمَ عَنْهُ إنْ وَافَى بِالْإِطْعَامِ أَوْ مَا بَلَغَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ فَوْقَ الْإِطْعَامِ، وَدُونَ الْعِتْقِ أَطْعَمُوا وَكَانَ الْفَاضِلُ لَهُمْ وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ يَتَصَدَّقُ بِالْفَاضِلِ، وَإِنْ كَانَ الْعِتْقُ عَنْ قَتْلٍ اشْتَرَى بِمَا يَنُوبُ الْقَتْلَ فِي رَقَبَتِهِ كَالتَّطَوُّعِ " انْتَهَى.
ص (وَإِلَّا فَآخِرُ نَجْمِ مُكَاتَبٍ)
ش: هَكَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ، وَلَفْظُ اللَّخْمِيِّ قَالَ مَالِكٌ: وَيُعَانُ مُكَاتَبٌ وَلَا يُقَالُ إنَّمَا اُشْتُرِطَ الْأَخِيرُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَدَّى أَوَّلًا فَقَدْ يَعْجِزُ فَلَا يَحْصُلُ الْعِتْقُ الْمَقْصُودُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنْ عَجَزَ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَدْفَعُ لِلْمُكَاتَبِ لِقَصْدِ الْعِتْقِ لَا لِقَصْدِ الصَّدَقَةِ نَعَمْ آخِرُ نَجْمٍ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْبِهُ أَنَّهُ مَا عَتَقَ إلَّا بِسَبَبِهِ وَالْأَمْرُ مِنْ الْمُخَاصِمِ بَعْدَ عَجْزِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ وَلَمْ يُعْتَقْ اشْتَرَى غَيْرَهُ لِمَبْلَغِ الثُّلُثِ)
ش: قَالَ فِي الْوَصَايَا الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ أَوْصَى بِنَسَمَةٍ تُشْتَرَى لِلْعِتْقِ لَمْ تَكُنْ بِالشِّرَاءِ حُرَّةً حَتَّى تُعْتَقَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ رَجُلٌ أَدَّى قِيمَتَهُ عَبْدًا وَأَحْكَامُهُ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ أَحْكَامُ الْعَبْدِ حَتَّى يُعْتَقَ انْتَهَى. قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي تَبْصِرَتِهِ: وَإِنْ قَالَ فَإِذَا اشْتَرَيْتُمُوهَا فَهِيَ حُرَّةٌ كَانَتْ حُرَّةً بِنَفْسِ الشِّرَاءِ انْتَهَى، وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَقَبِلَهُ ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ الْعِتْقِ كَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَشْتَرُوا رَقَبَةً أُخْرَى مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَبْلَغِ الثُّلُثِ انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ فَرَّطُوا فِي تَأْخِيرِ الْعِتْقِ أَوْ لَمْ يُفَرِّطُوا، وَلَمْ أَرَ مَنْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ بِالْإِطْلَاقِ أَوْ التَّقْيِيدِ، وَفِي سَمَاعِ عِيسَى فِي رَسْمِ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا الثَّانِي مَا نَصُّهُ: " وَسَأَلْته عَنْ الرَّجُلِ يُوصِي أَنْ يُشْتَرَى مِنْ مَالِهِ رَقَبَةً وَذَكَرَ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ فَابْتَاعُوا رَقَبَةً قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ مَالُهُ، فَمَاتَ الْعَبْدُ أَوْ جَنَى جِنَايَةً تُحِيطُ بِرَقَبَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْفُذَ عِتْقُهُ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا مَاتَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ أَيْضًا فِي الْمَالِ، فَيُخْرِجُ مِمَّا بَقِيَ ثَمَنَ رَقَبَةٍ فَيَشْتَرِي فَيُعْتِقُ إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ مَا بَقِيَ بَعْدَ مَوْتِ الْغُلَامِ مَا يَكُونُ فِيهِ رَقَبَةٌ أَوْ مَا كَانَ مِنْ ثُلُثِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَخْرَجَ ثَمَنَهُ فَسَقَطَ
وَأَمَّا إذَا جَنَى خَيْرُ الْوَرَثَةِ فِي أَنْ يُسَلِّمُوا وَيَبْتَاعُوا مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ عَبْدًا وَأَنْ يَفْتَكُّوهُ فَيُعْتِقُوهُ وَكَذَا يَرْجِعُ أَبَدًا فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ مَا لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ أَوْ يُقْسَمْ الْمَالُ، فَإِنْ قُسِمَ وَقَدْ اشْتَرَى، وَأَخْرَجَ ثَمَنَهُ، فَذَهَبَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَرَثَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِي الثُّلُثِ أَهْلُ وَصَايَا قَدْ أَخَذُوا وَصَايَاهُمْ فَيُؤْخَذُ مِمَّا أَخَذُوا مِمَّا يُبْتَاعُ بِهِ رَقَبَةً؛ لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ، وَصِيَّتُهُ وَلَمْ يُنَفَّذْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ الْوَاجِبِ مَا هُوَ مِثْلُهُ فَيَكُونُ فِي الثُّلُثِ سَوَاءٌ، وَإِنْ بَقِيَ فِي أَيْدِي الْوَرَثَةِ مِنْ الثُّلُثِ مَا يَبْتَاعُ بِهِ رَقَبَةً ثُمَّ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ أَيْدِيهِمْ بَعْدَ الْقَسْمِ وَابْتِيعَ بِهِ رَقَبَةً وَأُنْفِذَ لِأَهْلِ الْوَصَايَا وَصَايَاهُمْ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ وَثَمَّ وَصَايَا لَمْ تُنْفَذْ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ: إذْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَ إنَّهُ يَرْجِعُ فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْعَبْدِ فَيَشْتَرِي بِهِ عَبْدًا آخَرَ فَيُعْتَقُ إنْ كَانَ الْمَالُ لَمْ يُقْسَمْ، وَإِنْ كَانَ قَدْ قُسِمَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْوَرَثَةِ إلَّا إنْ بَقِيَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ الْعَبْدِ الَّذِي كَانَ اُشْتُرِيَ لِلْعِتْقِ فَمَاتَ، اسْتِحْسَانٌ لَا يَحْمِلُهُ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْحُقُوقَ الطَّارِئَةَ عَلَى التَّرِكَةِ لَا يُسْقِطُهَا قِسْمَةُ الْمَالِ، وَقَدْ رَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى مَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ فَيُخْرِجُ ثُلُثَهُ، وَيَكُونُ ذَلِكَ كَشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ لَا يُحْتَسَبُ فِي ثُلُثٍ، وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ قَدْ قُسِمَ أَوْ لَمْ يُقْسَمْ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي كِتَابِ الْوَصَايَا الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يُفَسَّرُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ بِمَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يُقْسَمَ الْمَالُ أَوْ لَا يُقْسَمُ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ الْكَلَامُ عَلَى الظَّاهِرِ مِمَّا هُوَ الْقِيَاسُ وَلَا يُعْدَلُ بِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ بِالتَّأْوِيلِ إلَى مَا لَيْسَ بِقِيَاسٍ، وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِحْسَانٌ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: إنَّهُ يَرْجِعُ فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ مَا لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ يُرِيدُ أَنَّهُ إذَا نَفَذَ عِتْقُهُ فَاسْتَحَقَّ بَعْدَ الْعِتْقِ لَا يُرْجَعُ فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ بَعْدَ قِيمَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُقْسَمْ الْمَالُ، وَإِنَّمَا يُرْجَعُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ قِيمَتِهِ هُوَ اسْتِحْسَانٌ أَيْضًا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَاَلَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأُصُولِ أَنْ يُرْجَعَ أَيْضًا إذَا اسْتَحَقَّ الْعَبْدُ بَعْدَ أَنْ عَتَقَ فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ بَعْدَ قِيمَتِهِ قُسِمَ الْمَالُ أَوْ لَمْ يُقْسَمْ انْتَهَى.
ص (وَبِشَاةٍ أَوْ عَدَدٍ مِنْ مَالِهِ يُشَارِكُ بِالْجُزْءِ)
ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَوْصَى لِشَخْصٍ بِشَاةٍ أَوْ بِعَدَدٍ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ يُشَارِكُ بِالْجُزْءِ وَمَعْنَى
يُشَارِكُ بِالْجُزْءِ أَنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا بِنِسْبَةِ تِلْكَ الشَّاةِ مِنْ الْغَنَمِ أَوْ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ الْعَدَدِ مِنْ الْغَنَمِ فَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِشَاةٍ وَمَاتَ عَنْ خَمْسٍ فَلَهُ الْخُمْسُ وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِثَلَاثَةٍ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ مِنْ الْغَنَمِ فَتُقَوَّمُ وَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ بِذَلِكَ الْجُزْءِ مِنْ الْغَنَمِ سَوَاءٌ كَانَ عَدَدُهُ قَدْرَ الَّذِي أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ بِالْقُرْعَةِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَكِنَّهُ لَمْ يُرَاعِ الْجُزْءَ يَوْمَ الْمَوْتِ مُطْلَقًا بَلْ رَاعَاهُ بِشَرْطِ أَنْ تَبْقَى الْغَنَمُ إلَى يَوْمِ التَّنْفِيذِ فَإِنْ لَمْ تَبْقَ الْغَنَمُ عَلَى عَدَدِهَا، بَلْ نَقَصَتْ فَلَهُ نِسْبَةُ ذَلِكَ الْعَدَدِ إلَى الْمَوْجُودِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا ذَلِكَ الْعَدَدُ أَخَذَهُ الْمُوصَى لَهُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ، قَالَ فِي أَوَّلِ الْوَصَايَا الْأَوَّلِ: قَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ: مَا مَاتَ أَوْ تَلِفَ قَبْلَ النَّظَرِ فِي الثُّلُثِ كَأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَتْرُكْهُ انْتَهَى. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: ظَاهِرُهُ فَرَّطُوا أَمْ لَا، وَقَوْلُ الْغَيْرِ تَفْسِيرٌ وَتَتْمِيمٌ. انْتَهَى. فَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَشَرَةٍ مِنْ غَنَمِهِ وَهِيَ خَمْسُونَ ثُمَّ تَلِفَ مِنْهَا عِشْرُونَ فَلَهُ ثُلُثُ الثَّلَاثِينَ الْبَاقِيَةِ، وَإِنْ بَقِيَ عِشْرُونَ فَلَهُ نِصْفُهَا وَإِنْ بَقِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَلَهُ ثُلُثَاهَا، فَإِنْ بَقِيَ عَشَرَةٌ أَخَذَهَا، وَإِنْ حَمَلَ ذَلِكَ الثُّلُثُ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْغَنَمِ شَيْءٌ أَوْ اُسْتُحِقَّتْ كُلُّهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَوَّلُ الْوَصَايَا مَا يَدُلُّ كَالصَّرِيحِ لِمَنْ تَأَمَّلَ.
ص (لَا ثُلُثَ غَنَمِي فَتَمُوتُ)
ش: يُرِيدُ فَيَمُوتُ غَالِبُهَا وَتَبْقَى بَقِيَّةٌ، فَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ إلَّا ثُلُثُ الْبَاقِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ " مَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِعَشْرَةِ شِيَاهٍ مِنْ غَنَمِهِ، وَمَاتَ وَهِيَ ثَلَاثُونَ فَوَلَدَتْ بَعْدَهُ فَصَارَتْ خَمْسِينَ لَهُ خُمْسُهَا قَالَهُ أَشْهَبُ مَرَّةً، وَمَرَّةً قَالَ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ بِقَدْرِ مَا لَهُ مِنْ الْأُمَّهَاتِ إنْ كَانَتْ الْأُمَّهَاتُ عِشْرِينَ أَخَذَ عَشْرًا مِنْ الْأُمَّهَاتِ وَنِصْفَ الْأَوْلَادِ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ مَا حَمَلَ مِنْهَا انْتَهَى.
ص (وَقُدِّمَ لِضِيقِ الثُّلُثِ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْمُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِهِ الْوَصَايَا وَتَبَرُّعَاتُ مَرَضِ مَوْتِهِ، فَإِنْ ضَاقَ، وَنَصَّ عَلَى تَقَدُّمِ شَيْءٍ عَلَى شَيْءٍ لَهُ رَدُّهُ قُدِّمَ عَلَيْهِ، وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْبَاجِيُّ فِيهِ وَإِلَّا قُدِّمَ الْآكَدُ انْتَهَى، وَكَلَامُ الْبَاجِيِّ قَبْلَ هَذَا الْكَلَامِ بِنَحْوِ الْأَرْبَعِ وَرَقَاتٍ، وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ وَهُوَ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَنَصُّهُ: " وَإِذَا ضَاقَ الثُّلُثُ عَنْ الْوَصَايَا يُبْدَأُ بِالْآكَدِ فَالْآكَدِ وَالْأَقْدَمِ، فَالْأَقْدَمِ، وَمَا كَانَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي التَّأْكِيدِ تَحَاصُّوا فِي الثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا أَقْدَمَ مِنْ بَعْضٍ إلَّا أَنْ يَنُصَّ الْمُوصِي عَلَى تَقَدُّمِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ فَيُبْدَأُ بِاَلَّذِي نَصَّ عَلَى تَبْدِئَتِهِ اتِّبَاعًا لِوَصِيَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهَا مِنْ الْوَصَايَا آكَدَ مَا لَمْ يَكُنْ مِمَّا لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْهُ كَالْمُبَتَّلِ فِي الْمَرَضِ، وَالْمُدَبَّرِ فِيهِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ انْتَهَى.
ص (وَثُمَّ مُدَبَّرُ صِحَّةٍ)
ش: قَالَ فِي كِتَابِ الْمُدَبَّرِ مِنْهَا: وَمَنْ مَاتَ وَتَرَكَ مُدَبَّرَيْنِ، فَإِنْ كَانَ دَبَّرَ
وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فِي صِحَّةٍ أَوْ فِي مَرَضٍ أَوْ دَبَّرَ فِي مَرَضٍ ثُمَّ صَحَّ فَدَبَّرَ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَرِضَ فَدَبَّرَ فِي مَرَضِهِ فَذَلِكَ سَوَاءٌ وَيَبْدَأُ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ إلَى مَبْلَغِ الثُّلُثِ، فَإِنْ بَقِيَ أَحَدٌ مِنْهُمْ رُقَّ وَلَوْ دَبَّرَهُمْ فِي كَلِمَةٍ فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ عَتَقَ جَمِيعُهُمْ إنْ حَمَلَهُمْ الثُّلُثُ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُمْ لَمْ يَبْدَأْ أَحَدُهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ، وَلَكِنْ يُفَضُّ الثُّلُثُ عَلَى جَمِيعِهِمْ بِالْقِيمَةِ فَيُعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ حِصَّتَهُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَدَعْ إلَّا هُمْ عَتَقَ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ وَلَا سَهْمَ بَيْنَهُمْ بِخِلَافِ الْمُبْتَلِينَ فِي الْمَرَضِ انْتَهَى. قَالَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ مِنْ التَّوْضِيحِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ انْتَهَى. .
ص (ثُمَّ زَكَاةٌ أَوْصَى بِهَا)
ش: يَعْنِي ثُمَّ زَكَاةٌ فَرَّطَ فِيهَا وَأَوْصَى بِهَا فِي مَرَضِهِ أَمَّا لَوْ لَمْ يُفَرِّطْ فِيهَا، فَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ إلَى آخِرِهِ وَأَمَّا لَوْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ وَأَشْهَدَ بِهَا فَإِنَّهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَّلِ بَابِ الْفَرَائِضِ وَلَوْ فَرَّطَ فِيهَا وَلَمْ يُوصِ بِهَا فِي مَرَضِهِ فَلَا تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ وَلَا غَيْرِهِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَوْ قَالَ فِي مَرَضِهِ سَأُخْرِجُهَا انْتَهَى.
وَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ زَكَاةُ الْأَمْوَالِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَيْنًا أَوْ حَرْثًا أَوْ مَاشِيَةً، قَالَ فِي الْمُنْتَقَى، قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: زَكَاةُ الْمَالِ وَالْحَبِّ وَالْمَاشِيَةِ سَوَاءٌ يُحَاصُّ فِيهَا عِنْدَ ضِيقِ الثُّلُثِ انْتَهَى.
ص (إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِحُلُولِهَا، وَيُوصِي فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ)
ش: هَذِهِ هِيَ الزَّكَاةُ الَّتِي لَمْ يُفَرِّطْ فِيهَا، وَفَرَّقَ الْمُؤَلِّفُ بَيْنَ الْعَيْنِ، وَغَيْرِهَا فَشَرَطَ فِي الْعَيْنِ أَنْ يَعْتَرِفَ بِحُلُولِهَا وَيُوصِي بِالْمَالِ أَمَّا اشْتِرَاطُ الِاعْتِرَافِ فَتَبِعَ فِيهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَدْ اعْتَرَضَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَكَذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ، وَنَصُّ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْل ابْنِ الْحَاجِبِ إنْ اعْتَرَفَ بِحُلُولِهَا حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهَا فَمِنْ رَأْسِ مَالِهِ خِلَافُ اقْتِضَاءِ ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ، شُرِطَ عِلْمُ حُلُولِهَا حِينَئِذٍ مِنْ غَيْرِهِ وَلِصِحَّةِ تَعْلِيلِ الصَّقَلِّيِّ مَا أَخَّرَ مِنْهَا فِي الثُّلُثِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَعْلَمْ إلَّا مِنْ قِبَلِهِ انْتَهَى. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُكْتَفَى فِي هَذَا اعْتِرَافُ الْمُوصِي سَوَاءٌ عُرِفَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ أَمْ لَا، وَفِي مُوَافَقَتِهِ لِلرِّوَايَةِ نَظَرٌ، أَيْ لِأَنَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَمَا عُرِفَ مِنْ هَذَا انْتَهَى. وَأَشَارَ إلَى قَوْلِهِ فِي الْوَصَايَا الْأَوَّلِ، فَأَمَّا الْمَرِيضُ يَحُلْ حَوْلَ زَكَاتِهِ أَوْ مُقَوَّمٌ عَلَيْهِ مَالٌ حَالَ حُلُولِهِ فَمَا عُرِفَ مِنْ هَذَا فَأَخْرَجَهُ مِنْ مَرَضِهِ أَوْ أَمَرَ بِذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهَا فَارِغَةٌ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْ بِهَا لَمْ يُقْضَ بِهَا عَلَى الْوَرَثَةِ وَأُمِرُوا بِغَيْرِ قَضَاءٍ انْتَهَى.
وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْإِيصَاءِ فَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا عَلِمْت الْآنَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ:" فَارِعَةٌ " هُوَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ خَارِجَةٌ، وَلَهَا حِكَايَةٌ قَالَ الْمَشَذَّالِيّ فِي حَاشِيَةٍ قَوْلُهُ:" فَارِعَةٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ " كَتَبَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَثِيقَةً فِي الْمُدَبَّرِ وَذَكَرَ فِيهَا: فَارِغًا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ يَعْنِي بِالْمُعْجَمَةِ فَدَخَلَ بِهَا عَلَى بَعْضِ الْقُضَاةِ، فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي: هَلْ عِنْدَك مِنْ غَرِيبٍ؟ فَأَخْرَجَ الْوَثِيقَةَ فَطَفِقَ يَقْرَؤُهَا حَتَّى بَلَغَ فَارِغًا فَاسْتَعَادَهُ الْقَاضِي فَأَعَادَ، فَقَالَ لَهُ: صَحَّفْت يَا فَقِيهُ، فَتَأَمَّلْ، فَقَالَ: كَذَا رَوَيْتهَا وَضَبَطْتهَا عَنْ أَشْيَاخِي وَكَذَا هِيَ فِي الْأُمَّهَاتِ، فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي كُلُّ كِتَابٍ وَقَعَتْ فِيهِ كَذَلِكَ أَوْ شَيْخٍ رَوَاهَا كَذَلِكَ فَقَدْ أَخْطَأَ، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَلَمْ يُفْهِمْهُ جَوَابَهَا، فَتَحَيَّرَ الطَّالِبُ الْمُوَثَّقُ فَبَعَثَ أَسْئِلَةً إلَى قُرْطُبَةَ وَضَوَاحِيهَا فَاضْطَرَبَتْ أَجْوِبَتُهُمْ فِيهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَصِحُّ فِيهَا الْوَجْهَانِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِالْمُهْمَلَةِ ثُمَّ رَجَعُوا إلَى الْقَاضِي، فَقَالَ الْقَاضِي كُلُّهُمْ أَخْطَئُوا، وَاللَّفْظَةُ بِالْمُهْمَلَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ صَدَرَتْ عَنْهُ مَوْلَانَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (قُلْت) هَذَا الْمُوَثَّقُ إنْ كَانَ بَعْدَ عِيَاضٍ فَهُوَ قَاصِرٌ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهَا عِيَاضٌ فِي الْعِتْقِ الْأَوَّلِ وَالْعَارِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ، فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهَا صَاحِبُ الْغَرِيبَيْنِ فِي بَابِ الْفَاءِ.
ص (كَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ)
ش: سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُحَرَّرًا فِي أَوَّلِ الْفَرَائِضِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (ثُمَّ عِتْقُ ظِهَارٍ وَقَتْلٍ)
ش: يَعْنِي: قَتْلَ الْخَطَإِ كَمَا قَيَّدَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالْبَاجِيُّ وَغَيْرِهِمَا قَالَ الْبَاجِيُّ: وَأَمَّا الْعَمْدُ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ مُقَدَّمَةٌ إذْ
لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ فِي الْعَمْدِ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَأَقْرَعَ بَيْنَهُمَا)
ش: هَذَا أَحَدُ أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ فِي الْمَسْأَلَةِ نَقَلَهَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَغَيْرِهَا، قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَذَلِكَ يَعْنِي الْخِلَافَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الثُّلُثِ إلَّا رَقَبَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الثُّلُثِ رَقَبَةٌ، وَإِطْعَامٌ فَيُعْتِقُ الرَّقَبَةَ فِي الْقَتْلِ، وَيُطْعِمُ عَنْ الظِّهَارِ بِاتِّفَاقٍ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (ثُمَّ لِفِطْرِ رَمَضَانَ)
ش: قَالَ الْبِسَاطِيُّ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، فَإِنْ قُلْت قَيَّدْت ذَلِكَ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ لِمَاذَا قُلْت: الْكَفَّارَةُ بِالْجِمَاعِ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا وَكَانَ ذَلِكَ مَقْصُودُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ حَيْثُ لَا يَقُولُونَ إلَّا كَفَّارَةُ الْفِطْرِ انْتَهَى. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْمُفْطِرَ يَعُمُّ كَذَلِكَ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا قَيَّدَهُ بِمَا قَالَ فَالصَّوَابُ حَمْلُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (ثُمَّ الْمُبَتَّلُ وَمُدَبَّرُ الْمَرَضِ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا الثُّلُثُ تَحَاصَّا، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَهَذَا إذَا كَانَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَلَوْ بَدَأَ بِأَحَدِهِمَا ثُمَّ ذَكَرَ الْآخَرَ بَدَأَ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ مَا لَا رُجُوعَ فِيهِ أَشْهَبُ وَالْكَلَامُ الْمُتَّصِلُ لَا صُمَاتَ فِيهِ كَاللَّفْظَةِ الْوَاحِدَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا كَانَ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَفَوْرٍ وَاحِدٍ فَهُمَا مَعًا، وَمَا كَانَ فِي فَوْرٍ بَعْدَ فَوْرٍ، فَالْأَوَّلُ مُبَدَّأٌ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيُّ هَذَا إذَا كَانَ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي حُكْمِ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ، قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ إنْ كَانَا فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ فِي مَرَضِهِ، فَقَالَ هَذَا مُدَبَّرٌ وَهَذَا حُرٌّ بَتْلًا تَحَاصَّا، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ بَدَأَ بِأَحَدِهِمَا ثُمَّ ذَكَرَ الْآخَرَ بَدَأَ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ مَا لَا يُرْجَعُ فِيهِ وَلِأَشْهَبَ فِي الْمَجْمُوعَةِ الْكَلَامُ الْمُتَّصِلُ لَا صُمَاتَ فِيهِ كَاللَّفْظِ الْوَاحِدِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْوَاضِحَةِ مَا كَانَ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَفَوْرٍ وَاحِدٍ فَهُمَا مَعًا، وَمَا كَانَ فِي فَوْرٍ بَعْدَ فَوْرٍ، فَالْأَوَّلُ مُبَدَّأٌ، قَالَ أَشْهَبُ إنْ قَالَ: فُلَانٌ حُرٌّ بَتْلًا ثُمَّ سَكَتَ سُكُوتًا يُعْرَفُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ غَيْرَهُ ثُمَّ يَبْدَأُ لَهُ بِبَتْلٍ غَيْرِهِ بُدِئَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ اهـ. وَكَلَامُ أَشْهَبَ هَذَا الْأَخِيرُ هُوَ الَّذِي أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: آخِرُ الْعِتْقِ إلَّا أَنْ يُرَتَّبَ فَيُتَّبَعَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَكَذَلِكَ إذَا دَبَّرَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ الْحُكْمُ وَاحِدٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ، قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَالنَّذْرُ الَّذِي يُوجِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَرَضِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الْمُبَتَّلِ فِي الْمَرَضِ، وَالْمُدَبَّرِ فِيهِ انْتَهَى.
ص (ثُمَّ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ مُعَيَّنًا)
ش: لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُؤَلِّفُ رحمه الله تَعَالَى عَلَى صَدَقَةِ