المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الرأس بالاحترام، والظاهر أنه ندم على العجلة التى لجأ إليها - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ١٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الخسائر فى الأرواح

- ‌(4) الإمبراطورية العثمانية

- ‌المصادر:

- ‌(5) بلاد فارس

- ‌المصادر:

- ‌(6) الهند

- ‌(7) الحيل والمكائد

- ‌المصادر:

- ‌مصادر مخطوطة:

- ‌الحر بن عبد الرحمن الثقفى

- ‌المصادر:

- ‌ المصادر

- ‌الحر بن يزيد

- ‌المصادر:

- ‌حرية

- ‌المصادر:

- ‌ العصر الحديث:

- ‌المصادر:

- ‌حرفوش

- ‌المصادر:

- ‌حرقوص بن زهير السعدى

- ‌المصادر

- ‌الحروف

- ‌المصادر:

- ‌حروف الهجاء

- ‌المصادر:

- ‌مصادر الكتاب الأوروبيين:

- ‌الحريرى

- ‌المصادر:

- ‌حزب

- ‌المصادر:

- ‌الحسا

- ‌المصادر:

- ‌حساب

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌ حساب الجُمَّل

- ‌المصادر:

- ‌ المصادر

- ‌المصادر:

- ‌حسام الدين جلبى

- ‌المصادر:

- ‌الحسام

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حسب ونسب

- ‌المصادر:

- ‌الحسبة

- ‌المصادر:

- ‌حس

- ‌المصادر:

- ‌حسان بن ثابت

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حسان بن النعمان الغساني

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الحسن البصرى

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الدراسات الحديثة:

- ‌حسن الأطروش

- ‌المصادر:

- ‌الحسن الأعصم

- ‌المصادر:

- ‌حسن بابا

- ‌حسن جلبى

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن الخصيب

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن زيد

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن سهل

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن صالح بن حى الكوفى

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن الصباح

- ‌المصادر:

- ‌حسن العسكرى

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن على بن أبى طالب

- ‌صفات الحسن الجسمانية والخلقية:

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن على

- ‌المصادر:

- ‌الحسن، مولاى

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن يوسف

- ‌المصادر:

- ‌حسنى

- ‌المصادر:

- ‌الحسين بن الحسين

- ‌المصادر:

- ‌الحسين بن حمدان

- ‌المصادر:

- ‌حسين رحمى

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حسين بن سليمان الصفوى

- ‌المصادر:

- ‌الحسين بن على بن أبى طالب

- ‌موقف الحسين من معاوية:

- ‌مصادر ثورة الحسين ونهايته الفاجعة:

- ‌وقعة كربلاء ومراحلها الكبرى:

- ‌قصة الحسين:

- ‌المصادر:

- ‌مصادر شيعية متقدمة:

- ‌مصادر شيعية حديثة:

- ‌مصادر لعلماء غربيين:

الفصل: الرأس بالاحترام، والظاهر أنه ندم على العجلة التى لجأ إليها

الرأس بالاحترام، والظاهر أنه ندم على العجلة التى لجأ إليها واليه فى تصرفه حتى لقد بلغ به الأمر أن قال:"لعن الله ابن سُمَيَّة" ويقال أيضًا أن يزيد قال إنه لو قدم عليه الحسين لعفا عنه. وحمل الطالبيون أولا إلى الكوفة ثم إلى دمشق حيث ترفق الخليفة بهم آخر الأمر، ولو أنه خاطبهم أول لقائه بهم فى غلظة، فردت عليه زينب وأخوها بمثلها. وانضمت النساء إلى نسوة يزيد اللائى شاركتهن فى البكاء والنوح على الحسين، وتلقين تعويضًا عن متاعهن الذى سرق منهن فى كربلاء، وبعد أيام قلائل رددن إلى المدينة فى حرس موثوق به. أما على الذى كان قد نجا من خطر قتله لأنه كان فيما روى صبيًا لم يزل، فقد عامله يزيد فى عطف وتلطف وأمره أن يصحب النساء الطالبيات إلى المدينة.

وهناك روايات شتى عن المكان الذى دفن فيه رأس الحسين: (1) بجوار أبيه على، أى فى النجف. (2) خارج الكوفة، ولكن ليس إلى جوار على. (3) فى كربلاء هو وبقية جسده. (4) بالمدينة فى البقيع. (5) فى دمشق، ولكن فى مكان غير معروف على وجه الدقة. (6) فى الرَقَّة. (7) فى القاهرة حيث يزعم أن الفاطميين نقلوه إليها وعلى التحقيق فى المكان الذى أقيم فيه المسجد الذى يحمل اسمه (محسن الأمين، وقد أورد تفصيلات كثيرة عن ذلك، ص 390 - 394). أما عن ندم أهل الكوفة وانتقامهم سنة 64 - 65 هـ (683 - 685 م) وأما عن الحفلات التى تقام فى ذكرى معركة كربلاء وهناك المشاهد الفارسية الشعبية التى كثيرًا ما يكون الحسين فيها هو بطلها أو شخصية من شخصياتها.

‌قصة الحسين:

فى قصة الحسين نجد أن أول تفرقة فيها يمكن أن نلتمسها تقوم بين المعتقدات التى تسيطر عليها نشأة الكون ويكون للنور شأن هام فيها والمعتقدات المتعلقة بالآخرة، وبين المعتقدات التى يبقى فيها الحسين تلك الشخصية التاريخية التى نعرفها (وهذه المعتقدات الأكثر كثيرًا) ولكنه أحيط بهالة من العجائب ترفعه فوق

ص: 3865

العامة من الناس. وللحسين فى المعتقدات الأولى شأن يرتبط عامة بشأن سائر أهل البيت وهو يساوى مساواة تامة فى الشأن مع أخيه الحسن. وهناك دراسة مفصلة لهذه المعتقدات التى نشأت توسع فيها غلاة الشيعة. ونضرب هنا مثلا لذلك (ابن رستم الطبرى ص 59): حدث قبل العالم بسبعة آلاف سنة أن كان محمد [صلى الله عليه وسلم] وعلى وفاطمة والحسن والحسين "أشباحًا" من النور يحمدون الله ويمجدونه أمام عرشه. ولما شاء الله أن يخلق "صورهم" فإنه تعالى قد جعلهم "عمودًا" من النور ثم قذف بهم فى صلب آدم ثم نقلهم منه إلى أصلاب أسلافهم وأرحامهم، وبرأهم من الشرك والضلال. ومن الروايات المتعلقة بالآخرة الرواية الآتية (ولعلنا يجب أن نربطها بمعتقدات الشيعة المغيرّية وهى فرقة أنشأها المغيرة بن سعيد العجلى المتوفى سنة 119 هـ الموافقة 737 م؛ انظر ابن رستم الطبرى، ص 78): مضى الحسين إلى جبل رضوى وسيبقى هناك قائمًا على عرش من نور يحف به الأنبياء ويقف أتباعه المؤمنون خلفه، حتى يجئ المهدى، وهنالك ينتقل إلى كربلاء حيث تزوره جميع الكائنات الإنسانية والسماوية. أما الروايات الأخرى المتصلة بالآخرة فهى تنتمى إلى سلسلة تلك الروايات التى تجعل لأهل البيت مقامًا مرموقًا فى الجنة: مثال ذلك ما قاله ابن شهر اشوب (جـ 3، ص 229) من أن محمدًا عليه الصلاة والسلام رأى فى معراجه حصنًا من اللؤلؤ الصافى وعلم أنه أقيم للحسين، وتقدم فى صعوده فرأى تفاحة فأمسك بها وقسمها نصفين فخرجت منها صبية يشبه ركنا عينيها عينى العقاب، وكانت هذه الصبية من نصيب الحسين أيضًا.

العجائب: وردت عجائب الحسين فى البلاذرى وابن جرير الطبرى، وابن رستم الطبرى، والمفيد، وابن شهر اشوب، وابن كثير، ومحسن الأمين. أما تفصيلات القصص المتأخرة المصطبغة بصبغة الأساطير فتجدها فى كتاب محمد مهدى المازندرانى الحائرى الذى يستشهد أحيانًا بكتاب بحار الأنوار للمجلسى، كما يستشهد أيضًا ببعض الكتب الحديثة.

ص: 3866

عجائب خاصة بمولد الحسين وطفولته: (ص 71، ابن شهرآشوب ص 209، 231، 237). ولد الحسين قبل أوان مولده بثلاثة أشهر وعاش بعد هذه الولادة فى غير أوانها، وهى عجيبة لم تحدث إلا لعيسى، ويقال أيضًا أنها حدثت ليحيى بن زكريا (ابن شهراشوب، ص 209، 239) ورعاه محمد عليه الصلاة والسلام أربعين يومًا، وكان يضع إبهامه أو لسانه أو ريقه فى فمه (ابن رستم الطبرى، ص 79؛ ابن شهراشوب، ص 228، وهناك نظير لهذه الرواية فى ابن رستم الطبرى، ص 73؛ ابن شهراشوب، ص 213). وكان عدد الملائكة التى نزلت من السماء لتشارك محمدًا فى ابتهاجه بمولد الحسين ألفًا (ابن رستم الطبرى، ص 72؛ ابن شهراشوب، ص 209؛ محسن الأمين، ص 163) وأبلغ جبريل فى الوقت نفسه تهانى الله ومواساته لمحمد [صلى الله عليه وسلم](محسن الأمين، ص 163) وأعطاه حفنة من ثرى كربلاء (ابن شهراشوب، ص 229). وداعب الحسين وأمه نائمة (ابن رستم الطبرى، ص 49؛ ابن شهراشوب، ص 228 وغيرها). وقد نفع مولد الحسين ملكًا من الملائكة غضب عليه الله فأقصاه فى جزيرة مكسور الجناحين عقابًا له فرأى فوقه زمرة من الملائكة فى طريقهم إلى النبى [صلى الله عليه وسلم] لتهنئته فرجاهم أن يأخذوه معهم فغفر له ذنبه بشفاعة محمد [صلى الله عليه وسلم] واقتعد مكانه مرة أخرى فى الجنة ومن ثم لقب بمولى الحسين (ابن رستم الطبرى، ص 79)، وهذا الملك هو الذى يسجل أسماء زوار قبر الحسين بكربلاء (ابن سهراشوب، ص 234). وكان النبى عليه والصلاة والسلام يضع ولده إبراهيم وحفيده الحسين على ركبتيه وعلم من جبريل أن الله سيأخذهما إليه وأنه يستطيع أن يفتدى أحدهما بالآخر فاختار إبراهيم حتى يدفع عن على وفاطمة البكاء عليه.

عجائب خاصة بموته: لما خرَّ الحسين صريعًا فى المعركة (البلاذرى، ورقة 611 ظهر؛ المفيد، ص 251؛ ابن شهراشوب، ص 212؛ محسن الأمين، ص 302، 305) أصبح النهار ظلامًا، وبدت النجوم وما إلى ذلك، واحمرت السماء .. (البلاذى، ورقة 660 وجه؛ محسن الأمين، ص 303) وأمطرت

ص: 3867

السماء دمًا ترك آثاره على لحى الناس وأثوابهم حتى خراسان .. إلخ (البلاذرى ورقة 667 وجه؛ ابن شهراشوب، ص 212، 218؛ 238 محسن الأمين، ص 304) وظهر الدم بين الحجارة فى الشام وغيره (روايات من هذا القبيل فى ابن شهراشوب، ص 213 وغيرها محسن الأمين ص 304) ونضح الدم من الجدران (ابن شهراشوب، ص 213، 236؛ ابن كثير، ص 200؛ محسن الأمين، ص 163). وفى الليلة التى مات فيها الحسين رأت أم سلمة أو العباس فى المنام النبى [صلى الله عليه وسلم] وقد تعفر رأسه ولحيته بتراب الأرض وفاض منهما الدم فى زجاجة (ابن رستم الطبرى، ص 73؛ المفيد، ص 250؛ ابن شهراشوب، ص 213؛ ابن كثير، ص 199، 200). والحفنة من ثرى كربلاء التى أعطاها جبريل أو ملك آخر للنبى [صلى الله عليه وسلم] واحتفظت بها أم سلمة، قد استحالت دمًا فى الليلة التى أعقبت وفاة الحسين، وهنالك أدركت أم سلمة أن المأساة قد حلت فصرخت وكانت أول امرأة صرخت فى المدينة (وجميع هذه الروايات التى تظهر محمدًا [صلى الله عليه وسلم] يجمع دم شهداء كربلاء، أو يتلقى حفنة من ثراها وما إلى ذلك قد تمثلت فى أحاديث بأسانيد مختلفة وروايات كثيرة وخاصة فى المسانيد الصحاح وغير الصحاح). وإن شئت مجموعة منها مرتبة حسب موضوعاتها فانظر المتقى المذكور فى مصادر هذه المادة (انظر ابن شهراشوب ص 219، ابن كثير، ص 200، 201، محسن الأمين، ص 306) وبكت الجن على الحسين وقالت شعرًا، وكذلك أبَّنته زوجات الجن، وسمعتهم أم سلمة وغيرها من النسوة. وبكت الملائكة حين حمل رأس الحسين إلى دمشق، بل لقد بكت الوحوش والأسماك عليه (محسن الأمين، ص 164). وقد علم على أن ابنه سوف يقتل فى كربلاء فلما مر عليها وقف وبكى وتذكر نبوءة محمد [صلى الله عليه وسلم]. وفسر اسم كربلاء بأن "كرب وبلاء"(ابن كثير، ص 199). وسوف يدخل شهداء كربلاء الجنة من غير حساب (الطبرى، ص 385) وثمة شخص مجهول سمعه الناس جميعًا ولم يره أحد يتلو أبياتًا تنذر بالشؤم فى الليلة التى سبقت المعركة.

ص: 3868

عجائب الرأس المقطوع (ابن شهراشوب، ص 217). وقد كتبت يراعة غامضة والرأس يحمل أبياتًا منذرة بالشؤم على جدار، وسجلت الأبيات نفسها فى كنيسة للروم بنيت قبل دعوة محمد [صلى الله عليه وسلم] بثلثمائة سنة، وكان يفوح من الرأس عبير، وقد أخذ راهب بالنور الخارق الذى ينبعث منه فدفع مبلغًا من المال لتبقى الرأس فى صومعته، وفى الليل تكلم الرأس فأسلم الراهب فى اليوم التالى، واستحالت الدراهم التى كان قد دفعها حجارة. وتسللت حية فى إحدى خياشيم الرأس وخرجت من الأخرى (ابن رستم الطبرى، ص 77 وغير ذلك من الصفحات)، ورتلَّ الرأس آيات من القرآن (الطبرى، ص 369؛ ابن شهراشوب ص 217): وحمل الرأس إلى بيته خولى حين بلغ الكوفة ليلًا ووضعه تحت جرة، ونزل عمود من السماء وحام طائر أبيض حول الجرّة.

عقاب أولئك الذين أهانوا الحسين وجرحوه: لقد نزل بجميع من أخطأوا فى حق الحسين بلاء عاجل أو مؤخر (ابن شهراشوب، ص 214 - 216؛ محسن الأمين، ص 348 - 351) ومن البلاء الذى أصابهم يذكر القتل، والعمى، وشتى العلل (مثل الطاعون أو الظمأ الذى لا يروى، وتيبس اليد كأنها الخشب فى الصيف، وترطبها فى الشتاء) والموت بالحروق، أو لدغات العقرب أو فقدان السمع، أو الفقر، أو الطرد من البيت على يد زوجة المرء نفسه (وقد ذكر الطبرى بعض هذه الآفات، فى مواضع مختلفة من كتابه). وكذلك نزل العقاب أيضا بمن سرقوا بعض أشيائه، فقد أصيب من لبس عمامته بالجنون، ونزل الفقر بمن لبس سراويله، أما من استعمل طيبه أو ورسه أو ثيابه فقد حل به الجذام أو سقط شعره. وقد حلت التغيرات بالأشياء التى سرقت من الحسين فجعلتها غير صالحة للاستعمال أو أفقدتها قيمتها (ابن شهراشوب، ص 215، 218). وأصبح لحم الجمال مرًا أو احترق واستحال الورس والطيب دمًا والذهب نحاسا أو نارا فى أيدى الصاغة. والتهب الزعفران بالنار. أما عن عجائب القبور فانظر مادة "كربلاء".

ص: 3869

صفات خارقة للحسين أتت بالعجائب (ابن شهراشوب، ص 230): بلغ من شدة بياض جبينه أن الناس كانت تهتدى به فى الطريق إذا أظلم الليل. وكان قادرا على شفاء العلل (ابن رستم الطبرى، ص 77). وقد محا علامة بيضاء بين عينى امرأة صالحة بأن نفخ فيها (ابن شهراشوب، ص 210)، وشفا مريضا من حمى نزلت به. وفك يد رجل التصقت بذراع امرأة لأنه لمسها فى أثناء الطواف، وكان الفقهاء قد قرروا قطعها وقد مكنته مواهبه الخارقة (ابن شهراشوب، ص 210) من أن يجعل لقيطا يتكلم فيكشف عن اسم أبيه الحقيقى، وأن يسمح لمن يسأله أن يشهد ويحضر حوادث وقعت فى الماضى بأماكن قاصية (على ومحمد [صلى الله عليه وسلم] فى مسجد قباء؛ أنظر ابن رستم الطبرى، ص 75، 77، 78) وأن يحصل لولده على عنب وموز فى غير أوانهما، وأن يجعل نخلة عقيمًا تثمر، وأن يروى عطش جميع أتباعه بوضع سبابته فى أفواههم، وأن يطعمهم طعاما من السماء فى يوم المعركة (ابن شهراشوب، ص 209) وأن يبتعث الماء برمى سهم قرب فسطاط زوجاته بكربلاء (ابن رستم الطبرى، ص 74، وانظر ص 72) وأشار بعلامة إلى السماء فنزلت طائفة من الملائكة مستعدة للقتال فى سبيله ولكنه آثر أن يضحى بنفسه. وكان الحسين قادرا على رؤية المستقبل ومعرفة الأسرار. وكان محمد عليه الصلاة والسلام هو الذى أنبأ المحيطين به أو أنبأه هو فى رؤيا بالمصير الذى ينتظره (لقد أنبأ الخمسة [انظر ابن شهراشوب، ص 240] بأن الحسين سوف يقتل ظلما كما أنبأ أخاه أيضا وسلالتهما بأنهم سوف لا يحاسبون يوم الدين)، ولكن وحشا كشف للحسين مشاعر أهل الكوفة نحوه: وكان الحسين يعلم مقدما أن عمر بن سعد سوف يلى أمر الجنود من أعدائه (وإنه تنبأ بموته فى قول المفيد، ص 251، وابن شهراشوب، سنة 213، وأن موت عمر سيعقب موت الحسين) وأن رأسه سوف يحمل إلى ابن زياد وأن حامله سوف لا يكافأ بأى جزاء (أنظر أيضا المفيد، ص 251)، ومنع الحسين طائفة من خدمه من أن يرحلوا فى يوم معلوم، فلم يطيعوه

ص: 3870

فقتلوا، وأنه كشف للوالى أسماء قاتليهم. أسماء الحسين وألقابه:(ابن رستم الطبرى، ص 73؛ ابن شهراشوب، ص 232). وقد سمى الله تعالى الحسين فى التوراة باسم "شبير"، وفى الأناجيل "طب هارون" أخى موسى، وأنه علم الأسماء التى سمى الله بها أبناء على، وأنه سمى بهذه الأسماء أبناء الحسين نفسه. ومن شاء ثبتا طويلا بألقاب الحسين فى صورة ابتهالات فلينظر ابن شهراشوب، ص 232. وكثيرا ما يلقب الحسين وأخوه بـ "حجة الله" على الأرض (أنظر مادة "حجة" وأنظر مثلا المفيد، ص 189).

آيات من القرآن يفسرها الشيعة بأنها تشير إلى الحسين: لقد أورد ابن شهراشوب (ص 206، 236) والمفيد (ص 199) سلسلة من هذه الآيات مثال ذلك سورة الأحقاف، الآية 15 التي جاء فيها "حملته أمه كرها ووضعته كرها" فقد قالت الشيعة إنها تشير إلى فاطمة، إذ حملت بالحسين فأصابها كرب عظيم حين سمعت من النبى عليه السلام بانه تلقى من ربه العزاء على المصير الذى سوف ينزل بحفيده المنتظر. والحروف الغامضة التى تبدأ بها صورة مريم "كهيعص" قد فسرها الله لزكريا كما يأتى: ك = كربلاء، هـ = هلاك العترة، ى = يزيد، ع = عطشه، ص = صبره. وهذا التفسير إنما هو تفصيل لرواية هى أجنح إلى التشابك (انظر ابن شهراشوب، ص 237) وهى جزء من طائفة من المقارنات العجيبة بين مصير الحسين ومصير زكريا (ربما ترجع إلى موضع الرءوس المقطوعة وضعت فى طبق)، فزكريا الذى علم من جبريل أسماء الخمسة قد دهش إذ نطق باسم الحسين فامتلأت عيناه بالدموع، فى حين أنه إذ نطق بسائر الخمسة امتلأت جوانحه بالحبور. وهنالك كشف له الله عن مصير حفيد النبى [صلى الله عليه وسلم] فبكى زكريا وتنهد وسأل الله أن يهب له ابنا يجعله يقاسى ألما يشبه الألم الذى أنزل على حبيبه محمد [صلى الله عليه وسلم]، فرزقه الله بيحيا، وكان الحسين فى كل مرحلة من مراحل رحلته من مكة إلى الكوفة، يذكر يحيا. وفى رواية أخرى (ابن شهراشوب، ص 238، وانظر ص 234) أن دم الحسين سيغلى كما غلا دم

ص: 3871

زكريا. وأن الله إذ يشاء له أن يهدأ، فإنه تعالى يقتل سبعين الفًا من المنافقين والكفار والأشرار وأنه فعل مثل ذلك مع يحيا.

أحكام فى الحسين: الناس فى أرجاء العالم الإسلامى يعطفون على الحسين ويوقرونه كل التوقير، وإنما أنصار الحركة الأموية هم الذين يقولون إنه "باغ بعد انعقاد البيعة". ومن ثم فهم يجيزون قتله على يد يزيد، ولكن رأيهم هذا لم يعارضه فحسب أولئك الذين يزدرون الحكم الأموى (أنظر صدى ذلك فى احتجاجات هؤلاء وإنكارهم لصحة بيعة يزيد فى: المقرم، ص 12 - 16؛ ومحسن الأمين، ص 67) بل أولئك المسلمون أيضا الذين أبوا أن يعترفوا بأن القتلة قد تصرفوا بوحى من ضمائرهم والتمسوا فى الوقت نفسه المعاذير للإحجام عن لوم الحسين المنتقض على الخليفة أو الصحابة أو التابعين الذين وقفوا موقف الحياد خشية الفتنة (أنظر ابن خلدون: المقدمة، بولاق سنة 1284 هـ، ص 177، 181. فصل فى ولاية العهد) وحيال هذا الإكبار للحسين الذى كان يأخذ به المسلمون جميعا لقرابته للنبى [صلى الله عليه وسلم] ولاعتقادهم بأنه ضحى بنفسه فى سبيل مثل أعلى، فإنه ليس فى إمكاننا أن نفرق تفرقة واضحة بين آراء السنة وآراء الشيعة، إلا فى بعض الفضائل والمناقب التى ينسبها الشيعة له.

والراجح أن موقف أهل السنة المتعاطف كل التعاطف مع الحسين قد تأثر إلى حد كبير بالروايات المثيرة للشجن التى جمع معظمها أبو مخنف مباشرة أو بطريق إسناد قصير من الكوفيين الذين ندموا على مسلكهم من حفيد الرسول. وكانت هذه الروايات، التى انتشرت وهى مفعمة بمشاعر الكوفيين واصطبغت بصبغة مجموعة أبى مخنف المناصرة للعلوية مناصرة مشهودة، هى أساس روايات المؤرخين المتأخرين، وعن طريقهم ذاعت فى أرجاء العالم الإسلامى.

وليس بين أيدينا كتاب يتخذ مرشدا لآراء جميع فرق الشيعة فى الحسين، وحسبنا أن نذكر هنا الملاحظات الآتية: إن الحسين من حيث هو "إمام" يشارك غيره من الأئمة حقوقهم المختلفة (أنظر La religione: Bausani، ص 346) وهذا

ص: 3872

هو رأى الشيعة الاثنى عشرية، والإسماعيلية والزيدية وغيرهم من الفرق، وهم كسائر الأئمة الوسيلة بين الله وبين أولئك الذين يدعونه، وبتوسله ينال أتباعه المؤمنون الهداية وتكتب لهم النجاة. وبوصفه واحدًا من الخمسة المباركين يحظى مثل أخيه الحسن بنعمة الله وللحسين "حرمة" لأنه حفيد النبى [صلى الله عليه وسلم]، ثم إنه رزق صفات شخصية أرفعها صفة التقوى، وآية ذلك حجه 25 حجة على قدميه من المدينة إلى مكة وأداؤه 1000 ركعة فى اليوم (وفى هذا العدد الذى يعد كبيرًا، انظر محسن الأمين، ص 124). ومن أجل هذا الاستغراق فى التقوى، فإن الحسين لم يجد من الفراغ إلا القليل ينفقه على أزواجه، ومن ثم قل نسله. ومن الصفات الأخرى التى اتصف بها: كرمه (وثمة قصص كثيرة تؤيد ذلك) وحلمه، وتواضعه وفصاحته (ذكرت للتدليل على ذلك أحاديث وأشعار نظمها) ونذكر آخر الأمر الصفات التى يمكن أن نستقيها من أفعاله، مثل احتقاره الموت، وإبائه لحياة الذل وأنفته وما إلى ذلك (أنظر محسن الأمين، ص 125 - 139، 152، 156) ولكن الأساس فى تعظيم الشيعة للحسين هو الدوافع النبيلة التى جعلته يضحى بنفسه فى سبيلها، والحوافز المثيرة للمشاعر التى حملته على أن يتخذ من مغامرته هاديًا للناس ونبراسا يقتدون به. والاعتقاد بأن الأئمة يعلمون كل ما كان وكل ما هو كائن، وكل ما سيكون وأن علمهم لا يزيد مع الزمن، يستفاد منه أن الحسين كان يعلم مقدما المصير الذى ينتظره وينتظر أصحابه. ومن ثم خرج من مكة إلى الكوفة وهو مدرك للتضحية التى سيلاقيها وشيكا، ولم يتردد أيما تردد فى الرضوخ لإرادة الله أو الهرب منها. وثمة رواية تقول إن الله دعاه إلى الاختيار بين التضحية والنصر (أعانه على ذلك ملك) وهذه الرواية تزيد من قيمة مغامرته إذ تجعلها عملا إراديا فترفع بذلك من قدرها ارتفاعا عظيما. وتثار مسألة حول غرضه هذا من التضحية بنفسه، والمتون الشيعية واضحة كل الوضوح: لقد بذل الحسين نفسه وأملاكه قربانا لله "ليحى دين جده محمد" و"يفتديه" و"النجاة به من الدمار الذى أراد يزيد

ص: 3873

أن يرميه به بمسلكه"، زد على ذلك أنه أراد أن يظهر أن فعل المنافقين مشين وأن يعلم الناس وجوب التمرد على حكم الفاسقين. وصفوة القول أنه أراد أن يكون "أسوة" للجماعة الإسلامية (أنظر على سبيل المثال محسن الأمين، ص 136، 152). أما الفكرة التى تقول إن غرضه كان هو أن يفتدى بدمه الناس من آثامهم فيكون بذلك خلاصهم، وأن عمله كان تضحية فداء يخلص به العالم، فإنها بهذه العبارة غريبة على معتقدات الشيعة، وكاتب هذه المادة على الأقل لم يجد أى أثر لها فى المراجع التى رجع إليها. ويمكن أن تكون قد تسللت فى زمن متأخر إلى "التعزيات" والقصائد الحديثة، ذلك أن الانتقال من "التوسل" إلى هذه الفكرة أمر يسير، وربما ساعد على الفكرة التأثر بآراء المسيحيين.

ومن بين الدارسين للإسلام من أهل الغرب نجد أن فلهاوزن Welhausen ولامنس Lammens هما اللذان حكما على شخصية الحسين بعد دراسة مستأنية للمراجع التى توفرت لهما. وقد اهتدى فلهاوزن بحسه الدقيق بالحقائق التاريخية، فرسم صورة جيدة للموقف وللشخصيات. ولكن لم يعلق واحد من هذين الدارسين أية أهمية على الأحاديث والعبارات التى يقال إن الحسين أدلى بها فى مناسبات مختلفة، ويريان أنها وضعت فى زمن متأخر. صحيح أن الراجح أن الرواة قد أعادوا صياغة هذه الروايات أو عدَّلوها، إلا أنه يجب علينا أن نسلم بأننا نخرج منها فى مجموعها ومن الحقائق نفسها، وهى أهم، بصورة رجل يسيطر عليه مثل أعلى (استحداث حكم يحقق مقتضيات الإسلام الصحيح) ويؤمن بأنه على حق، وقد صمم تصميما جازما على أن يبلغ أغراضه، وهو ما نشهده بصفة عامة فى الغيورين على دينهم إلى حد التعصب، ويعجب به ويشجعه أنصار أيضا يرون أن قضيتهم هى قضية الحق. وهذه الصورة هى التى اتخذها الجيل التالى مدفوعا بدوافع عاطفية (التوقير والأسى على مقتله) أو سياسية (الحملة على الأمويين) ويشاركه فى هذا

ص: 3874