الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المصادر:
(1)
ابن خلدون: Beberes ترجمة ده سلان جـ 2، ص 26 وما بعدها.
(2)
ابن الأثير: الكامل، طبعة تورنبرغ، جـ 10، 11 (وفى ده سلان فى الموضع نفسه، جـ 2، الملحق 5).
(3)
التيجانى: الرحلة، ترجمة .. A Rousseau فى Journal Asiatique 1852 - 1853 م.
(4)
Storia dei Musulmani di: Amari Sicillia جـ 54، 6.
(5)
Memoires Historiques: Pellissiet et geographiques sur l'Algerie باريس 1844 م، ص 179 - 183.
خورشيد [إيفر G. Yver]
الحسن، مولاى
مولاى أبو على الحسن بن محمد سلطان مراكش، وهو السلطان الرابع عشر من بيت الحسنى أشراف سجلماسة الذين حكموا مراكش، وهم يلقبون أيضا بأشراف فلالى أو العلوية. لما توفى أبوه محمد بن عبد الرحمن فى الثامن عشر من رجب عام 1290 (12 سبتمبر عام 1873) بايع أكابر أعيان البلاط المراكشى فى مراكش إذ ذاك ابنه مولاى الحسن. ولكن الفتن شبت من كل جدب وصوب، ففى فاس قصبة مراكش الشمالية، طرد الأهلون عامله الحاج محمد المدنى بنيس، وقتل أهل آزمور واليهم أحمد بن فرجى وانتقض مولاى عبد الكريم بن عبد الرحمن عم السلطان تظاهره قبائل البربر من بنى مقلد وآيت يوسى وآيت عياشى وطالب بالسلطنه واستولى على على مكناسة وأرباضها. وعندئذ خرج الحسن على رأس سلسلة من الحملات لإخماد شتى عناصر الفتنة فى مملكته. فوجه همه بادئ ذى بدئ إلى آزمور فأخمد فتنتها وفرض عليها غرامة ثقيلة حصلها من أهلها. ثم اخترق إقليم الشوية وجمع المتخلف من المكوس وبلغ رباط، وهى من أهم حواضر مراكش الشمالية الثلاث، فاستقبله أهلها استقبالًا جميلا، وكانوا فى يوم عيد من أعيادهم، وزار أكابر
الفقهاء والعلماء وخلع عليهم. وبذل كثيرًا من المال للمكتبات العامة والمدارس، وكشف هذا الصنيع عن ناحية من نواحى سياسته التى ترمى إلى استمالة قلوب أهم أعوانه من الفقهاء الشرفاء الذين ينتسب إليهم أجداده، ومن السكان المثقفين.
وفى هذه الأثناء بوغت عمه عبد الكبير وقبض عليه بين آيت يوسى وسلم إلى السلطان، وكان السلطان قد فرغ آنئذ من إخماد فتنة عرب بنى حسن الذين كانوا ينزلون فى سهول وادى سبو الأسفل، ثم زار قبر إدريس الأول على جبل زهرون. ولم يحدث من قبل أن أعد سلطان من سلاطين مراكش العدة للحملات التى يشنها كما فعل مولاى الحسن بزيارته قبور الأولياء فى الزوايا الكبرى وخاصة تلك الزوايا التى كان يقوم عليها الشرفاء. وقد أظهرت هذه الزيارات غيرته على الدين وأعلت من قدرة بين عامة الناس المتعصبين وأكسبته تأييد الوسطاء الذين أقروا السلام بين القبائل أو زودوه بأخبار جليلة الخطر، مثال ذلك أن مولاى الحسن بدأ حملاته على مراكش الشمالية بزيارة قبر سيدى عبد السلام بن مشيش (1306 هـ = 1888 م) وحملاته على تادلا وجبال أطلس بزيارة مرابطى بو الجعد (1307 هـ = 1889 م) وحملاته على تافيلات بزيارة قبور أجداده وهكذا.
على أن القوة وحدها هى التى كانت فى الأغلب الأعم تحقق له السيادة على قبائل لم تكن تجنح إلى الخضوع إلا قليلا، كما كانت تعارض فى أداء ضرائب أسئ توزيعها. وقد حاول أبوه السلطان محمد فى سبيل تحصيل الضرائب وامتلاك زمام القبائل أن ينشئ جيشًا على النظم الحديثة وخاصة الأوربية منها، ذلك أنه قد تبين له من حروبه مع فرنسا (الحملة على إسلى عام 1844) وأسبانيا (حرب تطاون عام 1860 م) أن كتائب الجيش تعوزها الكفاية الاستراتيجية، فلم يجد بدًا من اتخاذ هذا الإجراء، وأفاد مولاى الحسن من جهود أبيه فى هذا الشأن وتوسع فيها فناط أمر تدريب جنوده وإنشاء دار للصنعة (ترسانة) بفرق من
الضباط الإنجليز والفرنسيين والطليان. وتمكن بفضل الجيش الجديد، أى العسكر، وبمعاونة الجيش القديم، من وضع حد للفتن المتواصلة والاستمرار فى تحصيل الضرائب. ولم ينقطع السلطان قط طوال حكمه عن تسيير جيشه (محله) شمالا وجنوبًا إلى أنحاء ملكه كافة. فقد أنفذ فى الواحد والعشرين سنة التى دام فيها حكمه نيفًا وثلاثين حملة طال أمد أغلبها. وجرى جيشه على المرابطة فى ناحية من النواحى وقطع عدد كبير من رءوس أهلها، ثم يعمد إلى أكل ما فيها (إن شئت التعبير المراكشى) حتى يتم له جباية الضرائب المفروضة وسرعان ما جرى هذا الإجراء الذى كان الناس يخافونه أكثر من مخافتهم للقتال على القبائل أو المدن التى كان عليها أن تقوم بمعاش جنود السلطان مدة إقامتهم فيها.
على أن ثمت أوقات أصيب فيها جنود السلطان بنحس الطالع، فقد حدث عام 1305 هـ (1887 م) خاصة أن جيشه الذى كان يقوده عمه مولاى صغور حلت به هزيمة نكراء على يد على بن المكى مهوش المرابطى وبربر جبال أطلس الكبرى، وذبح هذا المرابطى عم السلطان بيده.
وقد أدخلت الحملات الموجهة إلى بنى سناسن (1291 - 1292 هـ = 1874 - 1875 م) وحملات الأسبان فى الريف واستقرار الإنجليز فى رأس جوبى عام 1305 هـ (1887 م) السلطان فى مفاوضات مع فرنسا وغيرها من الدول الأوربية. فأرسلت إليه عدة بعوث للحصول على شتى الامتيازات الصناعية والتجارية فى مراكش. وجرى السلطان فى ذلك على سياسة أجداده العظام فلم يقدم على أمر إلا بعد أن تشاور جهرة مع فقهاء الدولة (1304 هـ = 1816 م) فى جواز الاتجار شرعًا مع النصارى، فزاد فى عدد الموانى التى يباح لهم التجارة عن طريقها ونظم فيها المكوس الشريفية. ومن ثم أقام موردًا للدخل أثبت وأفعل من السطو على القبائل لتحصيل الضرائب.
ومولاى الحسن من أعظم الحكام الذين عرفتهم مراكش همة وذكاء، وهو