الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالأمية. وبراعته الشعرية تنحصر فى الهجاء والتقريع، وبفضل هاتين الصفتين كان حسان لسانًا نافعًا للنبى [صلى الله عليه وسلم]. ويفضل الأوربيون شعر حسان على غيره من شعراء البادية، على أن القيمة الكبرى لهذا الشعر وهو أنه مصدر من مصادر التاريخ الإسلامى.
المصادر:
(1)
ديوان حسان بن ثابت، طبعة تونس عام 1864، وبومباى عام 1865، وليدن 1910 (طبعة Hartwig Hirschfeld فى مجموعة كب التذكارية).
(2)
ابن هشام، طبعة فستنفلد، الفهرس.
الشنتناوى [فاير T. H. Weir]
+ حسان بن ثابت: بن المنذر بن حرام، من قبيلة الخزرج بيثرب (المدينة فيما بعد)، المعروف فى الروايات المأثورة بأنه "شاعر النبى" صلى الله عليه وسلم المتّوج وهو على الأصح أبرز شاعر من عدة شعراء ارتبطوا بظهور الإسلام، وأحد الشعراء الجاهلية. الذين كانوا يتمتعون بشهرة عريضة فى الجاهلية. فلما بلغ النبى محمد [صلى الله عليه وسلم] المدينة كان حسان فى سن النضج. (وإن كان لم يبلغ وقتذاك، فيما يرجح، سن الستين .. وهى السن التى قالت بها معظم المصادر ومنها ابن إسحق الذى يعتمد اعتمادًا مباشرًا على رواية سعيد حفيد حسان، بل قيل الثانية والخمسين أو الثالثة والخمسين، فى رواية بعض المصادر الأخرى)، وكان قد نظم قصائد مدح بها الأمراء الغسانيين واللخميين وتردد عليهم فى قصورهم، وتلقى منهم عطايا. ولا يعرف أيضًا على التحقيق تاريخ وفاته، فقد اختلفت فيه الروايات، فقيل إنه عام 40 هـ (659 م) أو قبل ذلك، أو عام 50 هـ (669 م) أو عام 54 هـ (673 م) وآخر ما نسمعه عن حسان حدث قبل مقتل على ببعض الوقت، ومن ثم كان تاريخ وفاته وهو فيما يرجح عام 40 هـ (659 م).
ولا يعرف على وجه اليقين متى اعتنق حسان الإسلام بالضبط، بالرغم من أنه يروى أن أخاه أوسًا كان من السابقين إلى هذا الدين وآخى المهاجر عثمان بن عفان واستضافه فى المدينة،
ولعل هذه الواقعة تفسر، إلى حد ما، ما ينسب إلى حسان من تعطف مع بنى أمية، يتمثل فى (أو ينعكس - فى قصائد منحولة له) عدد كبير بعض الشئ من قصائد رثى بها عثمان (8 من 32) وهى تنسب إلى حسان فى الديوان وفى مواضع أخرى ومهما يكن من أمر فقد كان لحسان أطم يملكه وكان ثريا يصادق رجالا من أمثال قيس بن الخطيم الشاعر الأوسى، وسلام بن مِشْكم سيد بنى النضير. ويبرز حسان عام 5 هـ (627 م) فى قصة الإفك الذى رميت به عائشة، إذ يقال إنه جوزى لاشتراكه فى جريمة القذف. وإن صفوان بن المعطَّل هاجمه وأصابه بجرح ثم أصلح بينهما النبى [صلى الله عليه وسلم]، ووهب له سيرين، وهى جارية مصرية، وهدايا أخرى. ومهما يكن من أمر فإن القصة (والدور البارز الذى يفترض أن حسان قام به فيها وعزاه بعض المصادر ومنهم ابن هشام، إلى عبد الله بن أبى لا إلى حسان) حظيت باهتمام زائد من الأجيال المتأخرة، ويجب تمحيصها جملة وتفصيلا على أساس وما وقع بين المهاجرين وأهل المدينة من احتكاك، فى المدينة وفى أثناء الحملة على بنى المصطلق، وهنالك نشأت هذه القصة، (من أراد أن يبحث تفصيلات الخلاف فلينظر و. عرفات، A controversial incident in the life of Hassan b -Thabit، Bulletin of the - school of Oriental studies، London Institu tion؛ فى 8، سنة 1955.
وقد أدرك المسلمون عامة، وأهل المدينة خاصة، وقتذاك أو بعد حصار المدينة مباشرة، الحاجة إلى تأييد معظم الشعراء، وقوبل بالترحيب إسهام حسان فى هذا المجال بصفة خاصة. وكان أبو بكر لا يضن بإبداء رأيه وتقديم الحقائق الضرورية من أجل الحصول على نتيجة أفضل. وما إن انضم حسان إلى جماعة من المسلمين حتى استخدم مواهبه لمصلحة الإسلام، بالرغم من أنه لم يشارك فى الجهاد، ولعل السبب فى هذا يرجع إلى تقدمه فى السن، وليس إلى ما فطر عليه من جبن، كما ألمح البعض إلى ذلك كثيرا. وعلى أية حال فإن شأن حسان الشاعر، حتى قبل الإسلام، كان هو الغالب.
وفى عام 9 هـ (630 م)"عام الوفود" يقال إن حسان أتيحت له الفرصة لإلقاء شعر امتدح فيه النبى [صلى الله عليه وسلم] فى حضور وفد هام لبنى تميم. وتحظى هذه الزيارة عادة بمكانة بارزة، ومع ذلك فإن الغرض منها غير معروف على وجه اليقين، والرأى القائل بأن أصحاب الوفد أسلموا عند سماعهم قصيدة حسان موضع شك، والحق أن وجود ثلاث قصائد مختلفة، يدعى البعض أن كلا منها هى القصيدة التى ألقيت فى هذه المناسبة، يدل على ما يكتنف هذا الشعر من شك، وعلى ما كان يتمتع به حسان من تقدير كبير على السواء.
ولا يسمع بعد ذلك عن حسان إلا القليل، اللهم إلا حين طلب عمر الاستئناس برأيه الخبير فى قصيدة للحطيئة تضمنت قذفًا فى حق الزبرقان ابن بدر، أو حين كان يسمع بين الفينة والفينة وهو يلقى شعره. وحدث فى إحدى المناسبات، فى مرحلة متأخرة بعض الشئ من حياته، أن خرج من عزلته على مضض، ليعين ابنه عبد الرحمن، وهو أقل براعة منه، فى معركة القذف فى حق النجاشى. وهو فيما عدا ذلك قد أخذ يطعن فى السن. ويشعر بالسعادة ويغمره إحساس مرهف حين يستغرق فى ذكرياته عن زياراته لآل غسان، ولكن الشعور بالحزن والاستنكار كان يفيض به حين يقارن بين ما كان يلقاه من احتفال صاخب مهيب فى بلاط آل غسان وبين استمتاع أبنه وأترابه المطلق بأسباب المتع التى جدت لهم.
وفى الفتنة على عثمان، جاهر حسان وكعب بن مالك والنعمان بن بشير وآخرون بإعلان تأييدهم للخليفة المحاصر بل أنهم (كما روى الطبرى فى كتابه، جـ 1، 2971) حاولوا أن يثنوا المتمردين عن هدفهم. وبعد مقتل عثمان مضوا إلى معاوية فأعطى كلا من حسان وكعب منحة من المال، وكافأ النعمان بن بشير من بعد إذ أقامه واليًا، وكان لحسان ابنة واحدة، أظهرت فى إحدى المناسبات أنها قد رزقت ملكة الشعر، وأنجب من سيرين، فى قول معظم المصادر، ابنا هو عبد الرحمن،
الذى كان كوالده يثير الغيظ والغضب، ولكنه لم يكن يشارك حسان فى براعته الشعرية ولا فى طول عمره.
وديوان حسان فى النسخة التى نقحها ابن حبيب يضم 228 قصيدة فى أغراض مختلفة، علاوة على 29 قصيدة تناولت السيرة، على حين توجد قصائد غير هذه وأبيات مفردة فى مواضع أخرى تنسب إليه. ومع ذلك فقد اكتنفت الشكوك فى وقت مبكر صحة هذا الشعر بصفة عامة أو صحة قصائد أو سطور بذاتها؛ وقد درس كاتب هذه المادة حديثا "دراسة مفصلة" للشعر المنسوب لحسان، لكى يثبت بالدليل الباطن والظاهر صحة كل قصيدة أو عدم صحتها. فالشعر فى الديوان تتجلى فيه ضروب مختلفة روحًا وأسلوبًا. وهو حافل بالتناقضات والأشياء الخارجة عن القياس، ويضم نسبة عالية من الشعر الردئ، مما يحملنا على القول بأن القصائد لا يمكن أن تكون ثمرة قريحة شاعر واحد أو أنها كلها من نظم شاعر يتمتع بشهرة عظيمة.
ويجب أن يدرس هذا الشعر المنحول له فى ضوء القرن الزاخر بالأحداث الذى أعقب ظهور الإسلام، وارتبطت فيه الأحداث بالقبائل نفسها التى اشتركت فى الجهاد الأول، وانزوى فى غياهب النسيان الشعر الذى نظم فى مرحلة مبكرة أو طغى عليه أو أستبدل به أو أضيف إليه شعر جديد. ومن الطبيعى أن يرتبط الشعر بالخلافات القبلية أو الطائفية أو الحزبية، ولكن حسان كان أيضا ينظم لتبرئة ساحة الأشخاص الذين لم يكن فى سجلهم فى المراحل الأولى لحياتهم ما يمدحون عليه أو لتكملة المغازى وتزيينها أيضا. وكان بعض هذه القصائد من نظم رواة أو ملفقين، فى حين نسبت قصائد أخرى عمدا إلى حسان لكى تحظى بالتقدير والاحترام أو لسبب آخر دون قصد. وتظهر الشواهد أحيانًا أن قصيدة من القصائد قد لا يتضح منها إلا أبيات فحسب وأكثر من 30 قصيدة أو أجزاء من قصائد أو أبيات مفردة ينسبها أيضا ابن هشام وثقات آخرون إلى حسان أو إلى أشخاص آخرين. من بينهم