المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فانظر عنها الفصلين 20 و 41 من قابوس نامه لكيكاوس، - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ١٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الخسائر فى الأرواح

- ‌(4) الإمبراطورية العثمانية

- ‌المصادر:

- ‌(5) بلاد فارس

- ‌المصادر:

- ‌(6) الهند

- ‌(7) الحيل والمكائد

- ‌المصادر:

- ‌مصادر مخطوطة:

- ‌الحر بن عبد الرحمن الثقفى

- ‌المصادر:

- ‌ المصادر

- ‌الحر بن يزيد

- ‌المصادر:

- ‌حرية

- ‌المصادر:

- ‌ العصر الحديث:

- ‌المصادر:

- ‌حرفوش

- ‌المصادر:

- ‌حرقوص بن زهير السعدى

- ‌المصادر

- ‌الحروف

- ‌المصادر:

- ‌حروف الهجاء

- ‌المصادر:

- ‌مصادر الكتاب الأوروبيين:

- ‌الحريرى

- ‌المصادر:

- ‌حزب

- ‌المصادر:

- ‌الحسا

- ‌المصادر:

- ‌حساب

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌ حساب الجُمَّل

- ‌المصادر:

- ‌ المصادر

- ‌المصادر:

- ‌حسام الدين جلبى

- ‌المصادر:

- ‌الحسام

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حسب ونسب

- ‌المصادر:

- ‌الحسبة

- ‌المصادر:

- ‌حس

- ‌المصادر:

- ‌حسان بن ثابت

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حسان بن النعمان الغساني

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الحسن البصرى

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الدراسات الحديثة:

- ‌حسن الأطروش

- ‌المصادر:

- ‌الحسن الأعصم

- ‌المصادر:

- ‌حسن بابا

- ‌حسن جلبى

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن الخصيب

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن زيد

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن سهل

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن صالح بن حى الكوفى

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن الصباح

- ‌المصادر:

- ‌حسن العسكرى

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن على بن أبى طالب

- ‌صفات الحسن الجسمانية والخلقية:

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن على

- ‌المصادر:

- ‌الحسن، مولاى

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن يوسف

- ‌المصادر:

- ‌حسنى

- ‌المصادر:

- ‌الحسين بن الحسين

- ‌المصادر:

- ‌الحسين بن حمدان

- ‌المصادر:

- ‌حسين رحمى

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حسين بن سليمان الصفوى

- ‌المصادر:

- ‌الحسين بن على بن أبى طالب

- ‌موقف الحسين من معاوية:

- ‌مصادر ثورة الحسين ونهايته الفاجعة:

- ‌وقعة كربلاء ومراحلها الكبرى:

- ‌قصة الحسين:

- ‌المصادر:

- ‌مصادر شيعية متقدمة:

- ‌مصادر شيعية حديثة:

- ‌مصادر لعلماء غربيين:

الفصل: فانظر عنها الفصلين 20 و 41 من قابوس نامه لكيكاوس،

فانظر عنها الفصلين 20 و 41 من قابوس نامه لكيكاوس، ولكن مما له قيمة بارزة "آداب الملوك وكفاية المملوك" أو "آداب الحرب والشجاعة" لفخر مدبّر مباركشاه، كتبه فى عهد السلطان أيلتمش صاحب دلهى فى مستهل القرن السابع الهجرى الموافق الثالث عشر الميلادى؛ والجزء الأكبر يتناول بخاصة فن الحرب، ويظهر أنه يعتمد فى معلوماته أولا على ما درج عليه الغزنويون والغوريون (انظر عنه Fresh light on the Ghaznav- I. M. Shafi ids فى مجلة Islamic Culture، جـ 12، سنة 938، ص 189 - 234؛ - Bos Early Sources for the history of the worth first four Ghaznavid Sultans (977 - 1041 في The Islamic Quarterly، جـ 7، سنة 1963، ص 16.

(9)

وقد انتفع Cl. Cahen بمادة منه فى الملحق الذى كتبه عن أسلحة الغوريين فى - Un traite d'armurerie Cam pose pour Saladin فى Or .. BET فى، سنة 1947 - 1948، ص 160 - 162.

خورشيد [بوزورث C. E. Bosworth]

(6) الهند

1 -

كلمة عامة: كان الجيش فى الهند موزعًا على عدة أماكن من أملاك الحاكم بحسب قيمه هذه الأماكن الاستراتيجية حتى يمكن تجنب مصاعب النقل، مثال ذلك أن ولايات الحدود الشمالية الغربية التى هددتها فى جميع الأحوال غارات المغول، كانت دائمًا مزودة بجنود ذوى خبرة تحت إمرة قواد مقتدرين موالين فى عصر سلطنة دلهى. وكان الجيش الرئيسى مركزا فى القصبة، أو فى مدينة أو معسكر يقيم فيه الحاكم، مع فصائل وحاميات فى كثير من قواعد الولايات تحت إمره "كوتوالات". وكان نظام الحاميات، الذى ورثه السلاطين الهنود فيما يظهر من العباسيين عن طريق الغزنويين مرعيا كل المراعاة فى جميع الأحوال، وكان كثير من الحكام يعلقون أهمية كبيرة على إبقاء القلاع القديمة فى حالة إصلاح دائم. كما يقيمون قلاعًا جديدة كلما اتسعت أملاكهم مهيئين لها بهيئة تستوعب المدفعية حين توفر هذا السلاح وعندما كانت الحاجة

ص: 3607

تدعو إلى الحرب اقتضى الأمر أن تكون المحاولات الأولى لمواجهة الموقف على يد الجنود المحليين، فإذا كان هؤلاء لا يفون بالغرض، استدعيت الأمداد من المناطق المجاورة قبل أن يطلب العون من قصبة البلاد. وكان قوام قوات القصبة (حشم قلب) الفرسان المجهزين جيدًا بالسلاح الممطين صهوة جياد عربية أو تركمانية. وكان هذا الفرع من فروع الجيش بطبيعة الحال متحركا كل التحرك ويمكن إنفاذه فى يسر إلى أى جزء قصى من ممتلكات البلاد، على الفرعين الآخرين المقاتلين كانا هما الفيلة والمشاة، وهما أقل حركة؛ وكانت الفيلة يحتفظ بها فى القصبة خاصة، ذلك أن امتلاكها كان ميزة يختص بها السلطان. وكان أى سلطان لا يسمح بأن تتحرك الفيلة فى أى بلد بعيد عن القصبة، حيث كان يمكن استخدامها ضده فى حالة وقوع تمرد أو عصيان. أما المشاة الذين يحتفظ بهم فى القصبة فكانوا يستخدمون حرسًا كما يستخدمون فى الدفاع المحلى. وقد أثنى ضياء الدين البرنى على براعتهم فى استعمال القوس، وهو يذكر أن خيرة المشاة (البايك) يأتون من البنغال. ومن الواضح أن المشاة لم يكن من الميسور نقلهم على التو إلى الحملات البعيدة، ولو أنهم كانوا يستطيعون فى الحملات الكبرى أن يسيروا فى ركاب المتاع الذى يحرسونه باستمرار.

ولكن ثمة نوعًا من المشاة (بايك با آسب) يذكر والظاهر أنه كان يزود بالجياد التى تقدمها الحكومة.

وكانت المشاة فى الحملات القاصية يمكن التزود بها من الجنود المحليين الذين جندوا محليا أو من الجنود الذين يقدمهم الحكام الإقطاعيون. وكذلك كانت تتخذ الترتيبات المحلية اللازمة لتيسير مرور الجيش فى خط مسيره.

2 -

الجيش فى مسيره: كانت الجيوش تبدأ السير فى لحظة ميمونة الطالع يحددها المنجمون، وكان الحكام والقواد والجنود قبل مسير الجيش يزورون الأولياء والأضرحة طلبًا للحماية والبركة، ولا شك أن الأولياء كانوا يسمون "لشكر دعاء"، وكان الجيش يسير فى مقدمته طليعة بما فيهم الكشافة وحملة العلم والموسيقيون

ص: 3608

(وكانت العناية تنصرف إلى الناحية المظهرية، انظر أمير خسرو: خزائن الفتوح، عليكره سنة 1927، ص 101 - 102؛ شمس سراج عفيف: تاريخ فيروز شاهى، المكتبة الهندية، سنة 1890، ص 369 - 370)، وضباط إدارة التعيينات الذين يوكل إليهم توفير الزاد على طول الطريق، وينتقل السلطان فى قلب الجيش ويصحبه فى الحملات الكبرى العلماء والحريم، وهى سنة استمر فى اتباعها المغل، وكان المعسكر المغلى أيام همايون يبلغ فى اتساعه مبلغ المدينة المصغرة تنتقل من مكان إلى مكان، على حين كانت مسيرة الجيش مع أيام أورنكريب قد أصبحت بطيئة كل البطء، بما فيها من مدفعية ثقيلة، وركب المتاع، وخزانة السلطان محمولة على مئات الجمال، والماء العذب اللازم لبلاط السلطان (وكانت مياه نهر الكنك تفضل على غيرها والمطبخ السلطانى والمؤن، والأردية السلطانية، والهدايا التى ينعم بها على الشخصيات الديبلوماسية، والمضارب السلطانية وغير ذلك من مستلزمات المعسكر، وكذلك عدة الحرب، وهى علاوة على عُدة القذائف تشمل الألغام التى تستعمل فى الحصار والأسلحة التى تزود القذائف ويستبدل بها التالف منها (زّرادخانه؛ انظر ابو الفضل البيهقى: تاريخ، المكتبة الهندية، سنة 1862، ص 6) والأسلحة السلطانية (قورخانا). ويصحب مسيرة الجيش أيضًا عدد كبير من خدم السلطان وغيرهم من الخدم الآخرين.

ويوفر النقل ببقر الجر والجمال والسياسى والفيلة، وكانت الفيلة تستعمل أيضًا فى عبور الأنهار بخوضها فى المياة الضحلة، أو بقطع قوة التيار فى المياه العميقة لتمكين الجنود من العبور (عفيف: الكتاب المذكور، ص 111). على أنه كانت تستعمل كذلك الجسور العائمة والقوارب النهرية إذا تيسرت (حيثما تيسرت فى أملاك السلاطان، انظر أهل الله مشتاقى: واقعات مشتاقى، إضافات المتحف البريطانى رقم 11633، ورقة 49 ظهر)، وقد استخدمت أيضًا قوة كبيرة من الحطابين كما فعل إسلام شاه سور فى قتاله مع همايون (عبد

ص: 3609

الله: تاريخ داودى، القسم الشرقى من المتحف البريطانى، رقم 197، ورقة 114 ظهر) كل أولئك كان يستخدم فى عبور الأنهار كذلك.

وكانت المخازن متوفرة للجيش فى مسيرته فى نطاق الحدود من مختلف أجزاء الولايات ومن الزعماء الذين يؤدون الجزية الذين كانوا يظهرون ولاءهم بإهداء الهدايا والمؤن، ومن أصحاب الأملاك فى ظل السلطنة الذين يطلب منهم أن يمدوا الجيش بالحبوب وبوسائل النقل والقوارب، بل يحدث فى كثير من الأحيان حقًا أن يصحبوا الجيش فى مسيرته، أو يمدوه ببعض أفراد أسرهم تحقيقًا لهذا الغرض. وكذلك كانت الحبوب تحمل إلى الجيش فى مسيرته أو فى ميدان القتال، على يد تجار الحنطة (بنجاراس)، وكان هؤلاء فى كثير من الأحوال بدوًا يدفعهم إلى ذلك الحصول على ثمن طيب (ضياء الدين البرنى: تاريخ فيروز شاهى، المكتبة الهندية، سنة 1862، ص 304 وما بعدها). وكثيرًا ما كانت الحبوب تشترى من السكان المحليين نقدًا (كان كتوال المعسكر يتكفل بتوفير القمح بأسعار معقولة) وكان الملجأ الأخير للحصول على الحبوب هو السلب والنهب، ولكن لما كان هذا الحل يقصى السكان المحليين الذين قد يعمدون إلى الفرار فتتعرض المؤن فى هذه الحالة إلى النقصان، فإن النهب كان لا يلتجأ إليه إلا فى النادر. ومهما يكن من شئ فإن التعويض كان يؤدى من بعد عن المخازن التى تؤخذ أو الأرض أو المحصولات التى تتلف، وكان الأمين المحلى هو الذى يقدر قيمة التعويض (يعرف الأمين أيضًا بالمشرف فى العصر السورى؛ انظر عباس سروانى: تحفه أكبر شاهى، المتحف البريطانى، القسم الشرقى رقم 164، ص 73 وجه).

وكانت سرعة الحركة تقتضى فى بعض الأحيان أن يقل التوقف (لم يكن السير الإجبارى أمرًا مجهولا) إلا أن الجيش فى مسيرته كان يعسكر بصفة عامة فى الليل. وكان موقع المعسكر يختار بعناية إن أمكن، بحيث يتوفر فيه الماء والعليق والحطب، ويفضل فى هذه

ص: 3610

الأحوال أن يكون المكان فى حمى نهر أو تل. وكانت أسلحة القتال توضع بطبيعة الحال فى المقدمة وعلى الأجناب بما يناسب مواقعها بالترتيب فى المعركة (انظر ما يلى) فجماعة السلطان الشخصية فى قلب المعسكر ووراءها الأسلحة والأتباع الخاصون بالنقل والمعسكر. وإذا كان المعسكر فى جوار قوات العدو معرضًا للهجوم على يد سرايا المناوشة أو الدوريات، فإنه يحفر للدفاع عنه خندق أو يقام سور، وكان ذلك منذ أيام الخلجى على التحقيق (انظر البرنى: كتابه المذكور، ص 301). وقد ذكر فى الحملة التى شنها تيمور على محمود تغلق أن الأشجار قطعت لتكون متراسا فى نطاق الخندق (ملفوظات تيمورى، ترجمة Elliot، جـ 3، ص 437)، وأن خطوطًا من الأبقار المعقولة وضعت أمام الصف الأول من الجنود لتكون دريئة من الفيلة التى كانت تعاق أيضًا بخوازيق مثلثة تضرب فى الأرض. وقد استخدم بابر أيضًا فى معركة بانيبت المتراس ليقى جنب جيشه، وحص مقدمته بعربات ذات خوازيق (مع أن هذه الحيلة قد أشير إليها فى الهند فى القرن السابع الهجرى الموافق الثالث عشر الميلادى؛ انظر فخر الدين مبارك: آداب الملوك وكفاية المملوك، المكتبة الهندية، مخطوط رقم 647، ورقة 87 وجه، وكذلك استعملت فى المعركة التى دارت بين همايون والسلطان بهادر صاحب كجرات سنة 942 هـ الموافقة 1535 ميلادية عربات مدفعية استخدمها الطرفان) وحدث بعيد ذلك، فى عهد شيرشاه سور، أن الأسوار أقيمت من زكائب الرمل. وقد استخدمت هذه الوسائل الدفاعية فى المعسكر الأخير، أى فى المعسكر القائم فى ميدان المعركة، مع زيادة فى وسائل الدفاع بحسب متطلبات الحملة. وظل هذا معمولا به حتى وقت متأخر من العصر المغلى، ذلك أننا نقرأ فى خبر حملة عز الدين بن جهاندار شاه على فرخسيار سنة 1124 هـ (1712 م) أنه رمى بسور ارتفاعه حوالى مترين فى داخل خندق واسع حول معسكره وأقام فوقه مدافعه العادية ومدافع الهاون (خوافى خان: منتخب اللباب، المكتبة الهندية، سنة 1869، جـ 2، ص 699).

ص: 3611

3 -

أرض المعركة: ونذكر علاوة على حاجات الجيش المعسكر (انظر ما سبق) أن أرض المعركة الفعلية تختار بعناية عظيمة: فوجود تل أو خط دفاعى طبيعى آخر فى مؤخرة الجيش أو فى أجنابه قد يريح القائد من اتخاذ تدابير واسعة النطاق للدفاع عن هذا الحى. والأرض المثلى تتميز، علاوة على هذه الدفاعات الطبيعية، بوجود سهل مترامى الأطراف فى أرض صلبه ناعمة (كانت الأرض الحجرية تتحاشى إن أمكن ذلك أنها تتلف حوافر الجياد) خالية من الغبار والرمل أو الوحل، ويشترط فيها ألا تكون قريبة كل القرب من المساكن أو بعيدة كل البعد عنها، ويكون لها مورد ماء مستقل. ويمكن أن يحمى ميدان المعركة نفسه أيضًا بالخنادق والمتاريس أو الحواجز كما هى الحال فى المعسكر. والذى حدث فى العصور المتأخرة أن مثل هذا الدفاع قد يزود أيضًا بقطع مفردة من المدفعية.

والظاهر أن هذه المستلزمات كان يسعى إليها فى جميع عصور السلطان الإسلامى فى الهند. وقد أضاف تيمور إلى ذلك إضافة تقوم على التفكير وهى أن تكون الشمس فى مواجهة أرض المعركة حتى لا تزغلل أشعتها عيون الجنود.

4 -

ترتيب المعركة: إن الترتيب العام فى صف الجيش فى الميدان (طليعة وميمنة وميسرة وقلبا ومؤخرة) ظل قائمًا فى الهند الإسلامية لا يريم مع قليل من التعديل، ولكننا نجد تغييرا محيرًا فى المصطلحات منذ أيام الغزنويين. على أن تكوين مختلف العناصر لم يستتب استتبابا قط، ونجد فى أوقات مختلفة أنه قد أفسح مكان للفيلة أو المدفعية أو أكثر من هذه العناصر التقليدية. وكان السلاح الأساسى الذى تتصور فيه كل الميول هو المدفعية بلا خلاف.

وكان يسير فى مقدمة الطليعة الكشافة وجنود المناوشات (طاليه، مقدمه بيش، يزكى فى العصور السلطانية؛ والـ "قراوَل" أيام تيمور وبابر؛ و"مقدمة الجيش" و"منقلة" و"طليعة" فى أيام المغل المتأخرين إلى جانب طاليه) وكتائب خفيفة دربت على استطلاع الطرق ومواقع العدو والعودة

ص: 3612

بمعلومات سريعة. وكانوا يتلقون التعليمات بألا يتحركوا جماعة حتى لا يفقدوا الصلة بعضهم ببعض، ولا يشتبكوا مع العدو حتى يهاجموا، وأن يتقهقروا فى حذر حتى لا يفسر تقهقرهم بأنه فرار فيحدثوا بذلك هزيمة عامة (آداب الملوك، الأوراق 84 وجه - 86 وجه). وكان من الممكن تقسيمهم إلى ميمنة وميسرة (قراول دست جب، قراول دست راست) كما فعل تيمور.

وكانت الطليعة بمعنى الكلمة تسمى "مقدمه" فى عهد سلاطين دلهى، و"هراول" فى عهد تيمور وعصر المغل. وكان الهراول عند تيمور له طليعته "هراول هراول"، أما حملته الرئيسية فكانت تسمى "هراول بزر كك". وقد أضاف بابر فى معركة "بانيبت" إلى هذا طليعته احتياطية "طرق هراول".

وكان الجناحان (جِناح وبالعربية جَناح) فى أيام السلطنة يسميان "ميسرة" وميمنة، وكل جناح يقسم إلى ميسرة وميمنة. وكان الجناحان الأيمن والأيسر فى عهد تيمور يسميان "برنغر" و"جرنغر" مع إمكان التقسيم إلى فروع أخرى، مثال ذلك بالنسبة للجناح الأيمن "هراول برنغر"(طليعة الجناح الأيمن) و"جباول برنغر"(أى طليعة القسم الأيسر من الجناح الأيمن) و"شقاول برنغر"(أى القسم الأيمن من الجناح الأيمن)، وكان من الممكن أن يقسم أيضًا إلى هراول جباول برنغر" (أى طليعة القسم الأيمن من الجناح الأيمن)، وهكذا بالنسبة للجناح الأيسر. وقد جرى جيش بابر على نفس الطريقة تقريبًا فاستعمل مصطلحين هما "يمين برنغر" و"يسار برنغر" بالنسبة للجانبين الأيمن والأيسر من الجناح الأيمن (ومصطلحين مقابلين أيضًا للجناح الأيسر). وكان لكل جناح علاوة على ذلك جماعتان جانبيتان (تُلْغُمَه وتُلْقُمَه) من الفرسان الخفاف ليطوقا جنب العدو وينالا من مؤخرته. وكان لكل جناح أيضًا احتياطيه (طَرْح).

وكان الوسط يسمى فى أيام السلطنة "قلبا" بقسميه: "دست جب قلب" و"دست راست قلب" ويطلقان على اليمين واليسار على التتابع. وكان يتبعهما المؤخرة (سُقَة أو خلف). وفى عهد تيمور كان يطلق على القلب "قول" أو "غول" وعلى المؤخرة "عُقُب". وكان

ص: 3613

بابر يستعمل مصطلحات تشبه ذلك وإن كان المغول المتأخرون قد ارتدوا أحيانًا إلى المصطلحات القديمة، واستعملوا علاوة على ذلك:"جنداول" أو "جَغْدُل" علمًا على المؤخرة. وقد استعمل المصطلح "إلَتْمَش" فى أخبار حملات أكبر للدلالة على الوحدات التى كانت تصطف بين الطليعة والقلب، ولكنها كانت تقوم أحيانًا فيما يظهر على جانبى القلب بعيدة عن مؤخرة الجناح الأيمن والجناح الأيسر، أو أمامهما. وكان عملها فى مثل هذه الأحوال يشبه بلا شك عمل التلغمة.

وكان القلب فى جميع الأحوال هو المكان الذى يتخذ فيه الحاكم أو نائبه موقفه بصحبة "العلماء" والأطباء والمنجمون وغيرهم، والحرس الخاص، وكان هذا هو الموقف المألوف للفيلة أو - على الأقل - موقف فيلة المحافل بلا ريب، التى تحمل الأعلام والـ "جتره" والفيلة التى تحمل جوقات الموسيقيين. وكانت الزوجات أو الأولاد الأثيرون يصحبون فى الكثير القائد السلطانى فى "هودج"(هوده) فيله، ولو أن أورنكزيب أنكر هذه السنة، معلنا أن الأشخاص الذين لا لزوم لهم حول القائد يعوقون القيادة الفعالة كما يعوقون النظام. وسلسلة القيادة كانت تنتقل من القائد إلى جميع فروع الجيش عن طريق الملازمين (طواجى، يساول، سزاول) الذين كانوا أيضًا مسؤولين عن الاصطفاف السليم فى المعركة وعن نظامها. وكانت الأوامر يمكن أن ترسل بإشارات الأعلام، وقرع الطبول أو النفخ فى الأبواق، كما كانت ترسل عن طريق الرسل.

وكان تكوين الأقسام الأخرى للجيش يختلف كثيرًا خلال العصر الإسلامى، اللهم إلا المؤخرة - فيما يحتمل - التى كانت فى جميع الأحوال تشمل المطابخ، والأسلحة، والأردية، والخزانة والدواب الاحتياطية، وأسرى الحرب، والجرحى وكتيبة قتال لحماية القلب من هجوم يأتيه من الخلف. أما بقية الأقسام، فإن ثمة مبادئ عامة قليلة يمكن أن نعددها فى هذا المقام: فقد كان فى عصر السلطنة ثلاثة طرائق للصف: المشاة، والفرسان أو الفيلة، ويمكن أن تكوّن الخط الأمامى بحسب مقتضيات الموقف. وحين كان

ص: 3614

المشاة هم الذين يقودون كانت أربعة صفوف منهم بحسب عُدّتهم التى تختلف بعض الخلاف فى كل خط، تصف تاركة فراغًا واسعًا بين الصفوف حتى يستطيع الفرسان من خلفهم أن يراقبوا الموقف فيهجموا أو يتقهقروا خلال هذه الصفوف. وكان يحتفظ بقوة من الفرسان المتحركة على الجناح الأيمن، وجماعة من النبّالة على الجناح الأيسر. وكان جنود المنجنيقات والعرّادات يقامون على يمين القلب، وكان النبالة وقاذفو النفط يقامون على ميسرة القلب. وهذه الاتجاهات التقليدية لم تكن فى الواقع تعوق الموقف فى المعركة، ذلك أنه كان ثمة أيضًا ترتيب تقليدى منظم فى استخدام هذه القوات الاحتياطية (انظر ما يلى تحت عنوان الاستراتيجية والتكتيك).

أما إذا كان الفرسان هم الذين يقودون فإن صفهم الأمامى كان يصنف على نحو الطريقة التى وصفناها آنفا بالنسبة للصف الأمامى للمشاة، فالمشاة فى هذا التشكيل يكونون الصف الثانى، وكما هى الحال أيضا بالنسبة لقيام المشاة بالقيادة، فإن الفيلة توضع فى الأغلب الأعم فى القلب، ولو أن الدواب الممتازة قد تنشر لدعم جانب الجيش.

وكان الترتيب الثالث المحتمل هو حين تقود الفيلة يليها مباشرة الفرسان كما حدث فى المعركة التى خاضها غياث الدين تغلق ضد المغتصب خسروخان نامه، حيدر آباد سنة 1352 هـ = 1933 م، ص 92 - 93)، أو حين وضع الفيلة فى مقدمة كل جناح كما حدث فى معاركة الخلجى ضد المغول فى كيلى سنة 699 هـ (1299 م). على أن الموضع المألوف للفيلة كان فى القلب لحماية السلطان. وكانت تسلح بصفائح الحديد وتحمل هوادج على هيئة أبراج صغيرة يجلس فيها النبّالة وقاذفو النفط والعاملين فى آلات القذائف، وهى حيلة هندية اصطنعها المسلمون ترجع إلى القرن الرابع أو الثالث قبل الميلاد (انظر Sarva Daman Singh: Ancient Indian War-

fare، ليدن سنة 1965، ص 82 وما بعدها) ودامت بلا شك حتى أيام المغل (انظر Travels: Barbosa ترجمة وطبعة Dames . M.L، جمعية هاكلويت، لندن سنة 1918، جـ 1، ص 118).

ص: 3615

وأقل من ذلك يسرًا أن نحدد طريقة صف الجنود فى عصر المغل. وقد زاد شأن المدفعية باطراد، وكانت فى كثير من الأحيان تحتل الصف الأول من الطليعة وتحملها عربات ثقيلة ربطت أو سلسلت معًا، حتى يمكن أن تكون أيضًا دريئة لهجوم مفاجئ من العدو. وبين العربات كانت سلال الطوابى والستر الصغيرة دريئة لدعم جنود إشعال المدافع، وكانت القطع الخفيفة من المدافع الكثيرة تلى ذلك: مدافع زنبركية (زنبورك، شترنال) محمولة على الجمال، ومدافع صغيرة (كنجال، هتهنال) فى هوادج الفيلة ويأتى بعد ذلك الفرسان. وكان فى الطليعة مدفعية الهاون (ديكنداز) وحملة القنابل (رعد نداز) وحملة الصواريخ (تخشنداز). ويمكن أن تقام المدفعية أيضًا فى الصف الأول من الجناحين والقلب، مع وجود الفيلة كذلك أمام كل فريق من الجنود.

ويصعب أيضًا أن نحدد فى معظم الفترات حجم الفروع المختلفة لقوات الميدان، ولكننا نجد فى خبر مغلى عن قوهّ من الفرسان من 40،000 فارس أن الطليعة بلغت 8000 فارس، والقلب 12،000 فارس والجناحين اللذين بينهما 11،000 والاحتياطى 4000، والمؤخرة 4،500 فارس. فإذا قلنا مثلا أن أربعين فيلا كانت ميسرة فى حملة بعينها فإننا نجد أن سبعة منها قد وقعت فى الطليعة، وخمسة عشر أمام القلب، وستة أمام كل قسم من قسم الاحتياطى، واثنين أمام كل جناح واثنين فى المؤخرة.

وكانت قوة الميدان تحت إمرة الحاكم أو نائبه (وهو أمير يجرى فى عروقه الدم الملكى، أو الوزير، أو نبيل آخر من المقربين) الذى يتولى قيادة القلب أيضًا بوصفه "سر لشكر". وفى جيش سلطنة دلهى، كان يقود المقدمة "المُقدَّم" أو"سر فوج ميسرة" و"سر جندر ميمنة". أما كتيبة فرسان الحاكم الخاصة فى الميسرة والميمنة والقلب (خاصة خيل) فكان يقودها "سر جندر" ويكون قسماها تحت إمرة "سر جندر ميسر "سر جندر ميمنة" (يحيى بن أحمد: تاريخ مباركشاهى، المكتبة الهندية، سنة 1931، ص 62). وهؤلاء الضباط يكون معظمهم متولين

ص: 3616

قيادة الفرسان؛ أما الأسماء التى تطلق على قواد المشاة فغير محققة، ولو أن الأسماء "سهم الحشم" و"نائب سهم الحشم" و"شملة الحشم" كانت كلها فيما يظهر خاصة بالمشاة (يحيى بن أحمد: المصدر المذكور؛ البرنى: المصدر المذكور، ص 30). وكانت الجياد تحت إمرة "آخور بك" والفيلة تحت إمرة "شحنه بيل"، والجمال تحت إمرة "شحنه نفر" (البرنى: المصدر المذكور، ص 24) على حين كانت الأسلحة تحت إمرة "سر سلاحدار". على أن المصطلحات المغلية كانت أقل من ذلك جمودًا، كما أن قواد القوة كانوا فى كثير من الأحوال ينادون بوظائفهم فى مؤسسة الجيش الثابت بتنظيمها العشرى، وفى عهد أكبر ندب "المنصبدارية" لتولى مختلف القيادات، وكان قسم راجبوتى فى جيشه المتعدد الأجناس يقود منصبدار راجبوتى، والقسم الأفغانى يقوده منصبدار أفغانى وهكذا

وكانت الجياد تحت إمرة "أخته بكى" والمدفعية وغيرها من الأسلحة النارية تحت إمرة "مير آتش" وكانت الأسلحة الأخرى والأعلام تحت إمرة "داروغة قورخارنه".

- الاستراتيجية والتكتيك: لا يشمل البيان الآتى التكتيك المتبع فى الحصار، . وقبل أن تبدأ المعركة يتم تقدير الموقف بمعرفة الحاكم أى الـ "سر لشكر"، والقواد ذوى الخبرة الطويلة، وموظفى "ديوان عرض"، ويخطط للحملة فى عناية. ومجلس الحرب هذا وكان أمرا مألوفًا فى عصر السلطنة (انظر مثلا أمير خسرو: تغلق نامه ص 48، 84؛ عصامى: فتوح السلطان، طبعة مهدى حسين، آكرا سنة 1938، ص 254)، كما كان ذا شأن كذلك فى نظر تيمور (توزك، ص 5) والمغل (انظر نظام الدين أحمد: طبقات أكبرى، المكتبة الهندية، سنة 1935، جـ 23 ص 25 وما بعدها؛ أبو الفضل علامى: أكبر نامه، المكتبة الهندية، سنة 1886، جـ 2، ص 48، 482). وكان إلقاء الحاكم أو القائد العام خطبة حماسية فى مرؤوسيه سمة من سمات هذه المؤسسة (انجمن)، وقد توسع فى هذا حتى أصبح دعوة مباشرة للجندية على يد شيرشاه وأكبر

ص: 3617

والمغل المتأخرين، توجه عادة عشية المعركة أو فى أثنائها فى بعض الظروف.

وكانت المعارك تبدأ فى العادة صباحًا وقد تمتد إلى دخول الليل، ولو أن المدافعين كانوا يحاولون إرجاء الاشتباك أطول ما يستطيعون حتى يتمكنوا من الانسحاب فى ظلمة الليل حين ينهزمون. وكانت بداية المعركة تتميز بقرع الطبول والنفخ فى النفير على يد الجاووشية، ثم يبدأ الاشتباك مقترنا بصيحات الحرب. وكانت كلمات العبور السرية أيضًا مستعملة لإثبات الشخصية فى حالة الالتحام يدًا ليد.

وكان النمط السائر فى الهجوم أيام السلطنة، أن المعركة يقدم عليها أولا الطليعة (البرنى: كتابه المذكور، ص 260) ويتبع ذلك تحرك الجناح الأيمن؛ وهنالك يتقدم القلب، ثم يتلوه الجناح الأيسر. وقد كان فى الإمكان إنفاذ قوة لإثارة الذعر بين الأعداء، بالاعتماد أولا على سيل منهمر من السهام ينطلق من الفرسان والمشاة ومن هوادج الفيلة؛ وكان ذلك يشمل سهامًا مسمومة وحارقة. وكذلك كانت المنجنيقات المحمولة فى الهوادج تستعمل لإلقاء أحجار كبيرة وأوعية النفط على العدو. وكان يلجأ أيضًا إلى هجوم مبكر تقوم به الفيلة لإثارة الذعر فى صفوف العدو، ثم تشتبك فى القتال بعد ذلك الأسلحة الأخرى. وكان الهدف الأكبر دائمًا هو قلب العدو حيث يقف قائد الجنود. فإذا أصيبت الطليعة أو الجناح بنكسة أمكن إمدادها أو إمداده بالاحتياطى فى ذلك حتى لا يشعر العدو بأن جناحًا يُمدّ بجنود من القلب فيخرج من ذلك بنتيجة هى أن القلب قد انكسر أيضًا.

وقد تجلت بصيرة تيمور الحادة فى المناورات الحربية فى بيان طويل مفصّل عن أصول الاشتباك الميدانى فى مختلف المواقف، وقد ورد هذا البيان فى كتاب "توزك"(طبعة بومباى، ص 191 - 207) وهو ينوه بالحاجة إلى التقدير المستمر للموقف أثناء المعركة. ويدعو تيمور إلى تأجيل الهجوم حتى يبدأ العدو عدوانه، وهنالك تتحرك الطليعة أولا فى ما بين 9000 و 12،000 جندى تتلوها طليعة الميمنة

ص: 3618

لتشد أزرها تتلوها عن كثب طليعة الميسرة، فإذًا لم يكف هذا الإجراء اقتضى الأمر تحرك الفرقة الأولى للميمنة تتبعها الفرقة الثانية من الميسرة، ثم الفرقة الثانية من الميمنة، ثم الفرقة الأولى من الميسرة، فإذا لم يكتب الظفر لأى هجوم من هجمات هذه الوحدات، فإن العمل المطلوب حينئذ يأتى فيما نحسب من القلب وينتظر ذلك أمرًا يصدره تيمور. وهناك أمر أكثر تفصيلا يصدر بالهجوم إلى قوات ميدانية تتراوح بين 12،000 جندى و 40،000 جندى.

وقد أفاد خلفاء تيمور من المدخل العلمى لفن الحرب الذى سار عليه تيمور، وقد تدعمت مبادئه بصفة عامة، ولو أن نمط المعارك كان قد تغير تغيرًا كبيرًا بعد استحداث المدفعية. ومن ثم نجد أنه فى وقعة خَنُوا قرب آكرا التى حدثت سنة 933 هـ (1527 م) أن المعركة قد بدأت بإطلاق نيران البنادق الصغيرة ذات الزناد والمدافع اليدوية من ميمنة جيش بابر الذى كان تحت إمرة مصطفى رومى، ثم تلا ذلك إطلاق نيران مدافع القلب الثقيلة تحت إمرة مير آتش أستاذ على قلى، وقد فتحت هذه المدافع نيرانها على فيلة العدو المغطاة بالزرد. فلما استمرت معركة المدفعية أمر بابر بهجوم قوات الجنب (تلغمه) وتقدمت المدفعية الثقيلة مكتنفة المدفعية الخفيفة المتقدمة (بابر نامه، طبعة بيفردج، ص 568 - 569). على أن المدفعية الثقيلة لم تستطع التحرك قدمًا بعد أن تجاوز الفرسان الخنادق، ذلك أنه فى حالة التقهقر فإن إنقاذ المدافع لا يمكن أن يتم إلا بصعوبة بالغة، وكل ما يمكن أن يحدث فى هذه الحالة هو أن تُبرْشم وتترك. وفى عهد أكبر يسرت حركة المدافع أكثر بحملها على عربة مدفع فردية بدلا مما جرت عليه الحال من قبل بتشغيلها من العربات تجرها الثيران وتدفعها فيلة إلى موضعها فى كثير من الأحيان من الخلف. وهذه الزيادة فى الحركة نراها على سبيل المثال فى وقعة دهرمت بالقرب من أجَّيْن سنة 1068 هـ (1658 م) التى دارت بين أورنكزيب ومهاراجا جَسْوَنْت سنغ، وقد بدأت هذه

ص: 3619

المعركة على النمط المألوف من إطلاق النيران الطويلة المدى من الصواريخ والمدافع. ومع ذلك فقد استطاع الراجبوت، بالرغم من الخسائر التى منوا بها على يد مدافع أورنكزيب المتقدمة، أن يمضوا بعرباتهم ويحملوا على هذه المدفعية ويخسروها إلى حين، ولكن جنود المدفعية حاولوا أن يستردوا جأشهم وأقاموا مدافعهم على نشز من الأرض كان أقل عرضة للهجوم واستطاعوا بذلك أن يقذفوا قلب العدو بالمدافع فى يسر. على أن سياج نيران المدفعية يمكن أن يوقف، كما حدث فى معركة سامو كره التى وقعت فى وقت متأخر من هذا العام حين خدع داراشكوه بصمت المدافع الثقيلة لأورنكزيب وشن هجومًا فى غير أوانه، فاستطاعت بذلك مدفعية أورنكزيب الثقيلة أن ترد فأحدثت فى قوات خصمه خسائر فادحة.

وقد ظل الفرسان بعدُ سلاحًا رئيسيًا حتى بعد استحداث تحسين كبير فى الأسلحة الصغيرة والمدفعية فى القرن الحادى عشر الهجرى الموافق السابع عشر الميلادى، وكان دخول هذا التحسين على يد الجنود المرتزقة الأوربيين. وكان الذى يحدث أن تبدأ النيران بتوهين صلابة العدو ثم يهجم الفرسان ويقترن هجومهم بقذف السهام ثم ينتهى الأمر إلى الاشتباك والاقتتال بالسيوف (وكانت السيوف السلاح الأثير عند فرسان المغل) أو الرماح (وهى السلاح الأساسى عند فرسان الراجبوت). والظاهر أن الفرسان لم يستخدموا الأسلحة النارية يطلقونها من على ظهر جيادهم حتى فعل ذلك الجنود الدرّانية فى أواخر القرن الثانى عشر الهجرى الموافق الثامن عشر الميلادى. وكان الفرسان الهنود، وخاصة الراجبوت، يترجلون عن جيادهم فى كثير من الأحيان إذا استحرت المعركة ويربطون أنفسهم بعضًا لبعض بذيول قمصانهم ويقاتلون حتى الموت بالرماح، والهراوات، والبلط، والخناجر.

وكان أشد القتال ضراوة يحدث حول فيل القائد المنافس، وكان هذا القائد يرى أن من العار أن يتقهقر إذا

ص: 3620

جرحته السهام. وقد جرت الحال بأن هلاك القائد أو اختفاؤه معناه فقدان المعركة وفشل الحملة. ولذلك فإن معركة سامو كره، التى ذكرناها وشيكا، قد فقد داراشكوه هذا اليوم بعد أن أصابت قذيفة فيله فترجل وامتطى صهوة جواد، ذلك أن جنود رأوا الهودج خاليا وظنوا أن قائدهم قد خر صريعًا. وتبينت الأهمية التى كان يعلقها الطرفان المتحاربان على هلاك القائد قبل ذلك فى الزمن فى إطفاء فتنة كشلوخان على يد محمد بن تغلق سنة 728 هـ (1328 م)، ذلك أن محمدًا أقام من يدعى الشيخ عماد الدين، الذى كان يشبهه شخصيًا، فى قلب جيشه تحت المظلة السلطانية، وقبع هو فى الكمين فى 4000 فارس، وهجم المتمردون على القلب وقتلوا الشيخ، وبذلك استوثقوا من ظفرهم فتفرقوا يبغون السلب والنهب فى معسكر أعدائهم، وهنالك ظهر محمد وأنزل الهزيمة بقوات كشلو المطمئنة.

وهذه الحركات الحربية كانت تناسب بصفة خاصة سهول شمالى الهند، وقد وجدت القوات الشمالية (حكام سلطنة دلهى وأباطرة المغل على السواء) صعوبة فى ابتداع حركات حربية أخرى تصلح لبطائح البنغال أو حلوق جبال الدكن المشققة. وقد جعل المراطها بقيادة شواجى وخلفائه حرب العصابات فنًا جميلا، واستخدموا هذه الحرب فى عدة مناسبات لمناوشة جيوش المغل وسلطنات الدكن. وقد قدر مالك عنبر الصفات التى اتصفت بها حرب المراطها، ومالك عنبر هذا هو الذى نظم فرقة من جنود العصابات لسلطنة النظام شاهى.

ومضى وقت طويل قبل أن يدرك الحكام المسلمون فى الهند إمكانيات الحرب البحرية، ولو أن السفن الحربية كانت على وجه التحقيق تكلف بحراسة قوافل الحجيج التى تسافر بالبحر. على أن هؤلاء الحكام، بعد غزو المغل كجرات وساحل كُنْكَن، بدءوا يدركون إمكانيات التعاون بين القوات البرية والبحرية، كما حدث فى بعض المعارك التى دارت على طول هذه السواحل، وانتهى الأمر بإقامة أمراء بحر جنجيرة أمراء بحر للأسطول المغلى.

ص: 3621