الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عيشة هادئة، فى الظاهر على الأقل، دون أن يشتغل بالسياسة، وظل كشأنه يخرج من زيجة الى زيجة حتى أطلق عليه لقب "المطلاق". ويبدو، أن هذه الحياة الحافلة بالمتع الحسية لم تثر مع ذلك نقدا كثيرا له. وفى سنة 49 هـ (669 - 670 م، ويقال سنة 50، 48، 58، 59 هـ) توفى الحسن بعد مرض طويل بعض الشئ، أو مات بالسم دسته له فى قول كثير من المصادر زوجة من زوجاته اسمها جعدة بنت الأشعث. ويقال إن معاوية أغراها بذلك، فقد وعدها بمبلغ كبير من المال وأنه سوف يزوجها ولده يزيد. على أننا يجب أن نذكر أن الحسن لم يكن بحال حريصًا على أن يكشف عن شكوكه لأخيه الحسين خشية أن ينزل انتقامه بعد وفاته بشخص برئ. وقد عدَ الشيعة الشيخ اليمنى الأشعت خائنًا استأجره معاوية، وأنه من المحتمل كثيرًا أن الحقد عليه قد انتقل إلى ابنته. وأبدى الحسن الرغبة فى أن يدفن بجوار جده النبى [صلى الله عليه وسلم] ولكن مروان ابن الحكم اتفق هو وعائشة على منع الحسين من تنفيذ هذه الرغبة (وفى رواية أخرى أن عائشة وافقت، ولكن مروان صمم على رأيه، انظر أسد الغابة، ص 14). وهمّ الحسين ومروان أن يمتشقا الحسام، على أن الحسن كان قد أشار بأن يدفن فى حالة الاعتراض بالبقيع، وأقنع أبو هريرة الحسين بأن خير السبل هو اتخاذ هذا الحل، ونحن لا نعلم التاريخين الدقيقين للاتفاق على النزول عن الخلافة والاحتفال الرسمى الذى أقيم لذلك فى الكوفة، ومن ثم فنحن لا نستطيع أن نحدد مدة خلافة الحسن. وقد واجهت المصادر هذه الصعوبة فذكرت تواريخ مختلفة، خمسة أشهر وعشرة أيام وستة أشهر وبضعة أيام، وثمانية أشهر وعشرة أيام.
صفات الحسن الجسمانية والخلقية:
قيل إن الحسن كان أشبه الناس بجده النبى صلى الله عليه وسلم، وذكر أبو الفرج الإصفهانى أنه كان يشوب كلامه لكنه ورثها عن أحد أعمامه. ويضيف آخرون أنه كان خطيبًا مفوهًا (وقد نقل الكثير من خطبه). ويقال إنه كان حاكمًا دمثًا لم
يفقد حلمه قط، وكان كريمًا وتقيًا (يشهد بتقواه أنه كثيرًا ما حج ماشيًا على قدميه)، ولكن المعلومات التى بين أيدينا عنه تقف عند هذا، كما أن خلو المصادر عن أى مدح فى ذكائه أو مهارته أو إقدامه أمر يدعو إلى التساؤل. لقد كان الحسن شخصية تتألق بما انعكس عليها من نور انبعث من جده وأبويه.
الحسن فى رأى الشيعة: رأى الشيعة على اختلاف فرقهم ولم يزالوا يرون أن الحسن هو إمامهم الثانى. ولم يكفوا قط عن القول بأن أباه على قد استخلفه لإمامة المؤمنين. والمناقب التى ينسبونها إليه من حيث هو إمام هى المناقب نفسها التى ينسبونها الى الأئمة الآخرين من أهل البيت (واختلاف النسب يبدأ بإمام متأخر) ومن ثم فإن المسائل التى تتعلق بالعصمة وغير ذلك من الصفات لا تنصرف إلى شخصه.
وعلى هذا النحو فإن نزول الحسن عن الخلافة الذى انتقده أشد النقد كثير من أنصاره فى حياته، لم يؤد إلى إنكار موقفه من حيث هو إمام. وبرر سلوكه بالقول بأنه ينبعث من عزوفه شأن التقاة عن أمور الدنيا. وقد ملأت أقوال الشيعة الثغرة الناجمة عن افتقاره إلى الصفات الخارقة بروايات عن كراماته ومنها: أنه كان عند مولده يسبح الله ويتلو القرآن. وكان جبريل عليه السلام يهدهده فى مهده، وكان يحميه وأخاه ملك فى نومهما بعيدا عن منزلهما. وكان وهو بعد طفل ينادى نخلة فتوافيه كما يفعل الابن إذا ناداه أبوه. وكان يستخرج وهو طفل الشهد من الحصاة، ولا يظهر على النبى صلى الله عليه وسلم أى عجب من هذا. وجعل نخلة عتيقة تحمل ثمرا، ورفع الكعبة فى الهواء، وجعل بيوت المدينة تنتفض. وطار فى الهواء، واختفى ثم عاد بعد ثلاثة أيام. ونقل المكان الذى كان فيه هو وغير من المسلمين إلى مكة، حتى يروا الحجاج يؤدون العمرة ثم أعاده إلى مقامه الأول. وسأل الحسن الله أن يرسل إليه طعامًا يكفى سبعين صاحبًا من المسافرين فانفتحت أبواب السماء ونزل الملائكة حاملين كؤوسًا وأباريق وموائد مجهزة لا تكفى إطعام الأصحاب جميعا