المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المصادر: (1) Mawardii Constitutiones: Enger Politicae، Bonnae، 1853 الفصل الأخير (العشرون). (2) - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ١٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الخسائر فى الأرواح

- ‌(4) الإمبراطورية العثمانية

- ‌المصادر:

- ‌(5) بلاد فارس

- ‌المصادر:

- ‌(6) الهند

- ‌(7) الحيل والمكائد

- ‌المصادر:

- ‌مصادر مخطوطة:

- ‌الحر بن عبد الرحمن الثقفى

- ‌المصادر:

- ‌ المصادر

- ‌الحر بن يزيد

- ‌المصادر:

- ‌حرية

- ‌المصادر:

- ‌ العصر الحديث:

- ‌المصادر:

- ‌حرفوش

- ‌المصادر:

- ‌حرقوص بن زهير السعدى

- ‌المصادر

- ‌الحروف

- ‌المصادر:

- ‌حروف الهجاء

- ‌المصادر:

- ‌مصادر الكتاب الأوروبيين:

- ‌الحريرى

- ‌المصادر:

- ‌حزب

- ‌المصادر:

- ‌الحسا

- ‌المصادر:

- ‌حساب

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌ حساب الجُمَّل

- ‌المصادر:

- ‌ المصادر

- ‌المصادر:

- ‌حسام الدين جلبى

- ‌المصادر:

- ‌الحسام

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حسب ونسب

- ‌المصادر:

- ‌الحسبة

- ‌المصادر:

- ‌حس

- ‌المصادر:

- ‌حسان بن ثابت

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حسان بن النعمان الغساني

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الحسن البصرى

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الدراسات الحديثة:

- ‌حسن الأطروش

- ‌المصادر:

- ‌الحسن الأعصم

- ‌المصادر:

- ‌حسن بابا

- ‌حسن جلبى

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن الخصيب

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن زيد

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن سهل

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن صالح بن حى الكوفى

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن الصباح

- ‌المصادر:

- ‌حسن العسكرى

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن على بن أبى طالب

- ‌صفات الحسن الجسمانية والخلقية:

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن على

- ‌المصادر:

- ‌الحسن، مولاى

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الحسن بن يوسف

- ‌المصادر:

- ‌حسنى

- ‌المصادر:

- ‌الحسين بن الحسين

- ‌المصادر:

- ‌الحسين بن حمدان

- ‌المصادر:

- ‌حسين رحمى

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حسين بن سليمان الصفوى

- ‌المصادر:

- ‌الحسين بن على بن أبى طالب

- ‌موقف الحسين من معاوية:

- ‌مصادر ثورة الحسين ونهايته الفاجعة:

- ‌وقعة كربلاء ومراحلها الكبرى:

- ‌قصة الحسين:

- ‌المصادر:

- ‌مصادر شيعية متقدمة:

- ‌مصادر شيعية حديثة:

- ‌مصادر لعلماء غربيين:

الفصل: ‌ ‌المصادر: (1) Mawardii Constitutiones: Enger Politicae، Bonnae، 1853 الفصل الأخير (العشرون). (2)

‌المصادر:

(1)

Mawardii Constitutiones: Enger Politicae، Bonnae، 1853 الفصل الأخير (العشرون).

(2)

ابن خلدون: المقدمة، طبعة بيروت سنة 1886، 196.

(3)

خطط المقريزى، طبعة القاهرة 1324 هـ، جـ 2، ص 342.

(4)

Landerverwaltung: Hammer، برلين 1835، ص 21، وص 148 وما بعدها.

(5)

Kulturgeschichte: Von Kremer، فينا 1875، جـ 1، ص 190.

(6)

Histoire des Arabes: Huart، باريس 1912، جـ 1، ص 263 - 366.

(7)

Memoire sur les In-: Behrnauer .stitutions de Police، Journ. As السلسلة الخامسة، جـ 15 و 16، 1860 - 1861.

عبد العزيز مرزوق [زامباور E. V. Zambaur]

+ الحسبة: مصطلح لم يرد فى القرآن، ويستخدم للدلالة على واجب كل مسلم أن "يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر" كما يستخدم للدلالة على الوظيفة التى يقوم بها الشخص الذى يوكّل إليه فى المدينة السلطة فى تطبيق هذه القاعدة بمراقبة السلوك الأخلاقى للناس بعامة، والإشراف على الأسواق خاصة؛ وكان هذا الشخص الذى يوكّل بالحسبة يطلق عليه اسم المحتسب. ويبدو أن ليس هناك نص يقرر صراحة العلة فى اختيار هذا المصطلح أو يبين كيف نشأت المعانى المذكورة آنفًا من فكرة "الحساب" أو "الكفاية" التى يعبر عنها جذم هذه الكلمة.

1 -

كلمة عامة: المصادر، والأصول، والواجبات.

إن الازدواج فى معنى كلمة حسبة هو السبب فى وجود معلومات عنها فى مصادر شتى فى وفرتها. وإلى جانب الإشارات إلى "المحتسبين" التى يمكن أن نجدها فى التواريخ الإخبارية ومعاجم السير وغير ذلك الخ، فإن هناك معلومات عن معنى واحد للحسبة

ص: 3727

ترد فى كل ما كتب عن أخلاق الجمهور ومناهضة البدع (مثل مدخل ابن الحاج) وفى كل ما كتب عن التجارة وأحكام المعاملات المالية. وسوف نقتصر هنا على ذكر تلك المصنفات التى تكون فيها الحسبة بمعناها الأول والآخر هى موضوعها الأساسى والأصولى. ويمكن تقسيمها إجمالا إلى فئتين، يتداخلان، على أية حال، إلى حد ما، وتتناول بعض المصنفات بأسلوب عام مضمون فضيلة الحسبة، وما يترتب عليها من التزامات على المحتسب، والوجوه الدينية والشرعية التى تقترن بوظيفته؛ وتتصدى المؤلفات الأخرى فى جوهرها لتنوير المحتسب فى التفاصيل العملية والفنية فى الإشراف الذى يجب أن يباشره؛ ولما كان هذا الاشراف يطبق أولا على حرف ومهن مختلفة، فإن هذه المصنفات دليل عملى للإشراف الإدارى على المهن. وسنحاول أن نقدم ثبتًا مفصلًا بهذه المؤلفات الأخرى، فى حين يكفى أن نذكر بصفة عامة المصنفات التى تحدثنا عنها أولا.

والمصنفات التى تتضمّن دراسة عامة للحسبة متعددة حقًا، ولكن مما يجدر ذكره أنها لم تظهر أولا إلا فى القرن الخامس الهجرى (الحادى عشر الميلادى) أى بعد قرنين من ظهور الوظيفة. والمصنفان الرئيسيان هما الأحكام السلطانية للماوردى، الفصل العشرون (ويشير، على أية حال، إلى رسالة أقدم لمحتسب بغداد الشافعى فى مستهل القرن الرابع الهجرى الموافق العاشر الميلادى، وهو أبو سعيد الإصطخرى، وإن كان أحيانًا يدحض ما جاء بها) وإحياء علوم الدين للغزالى (جـ 2 وص 269 وما بعدها)، وهو يتناول فى الغالب الجانب الأخلاقى. ويجب أن نذكر من الكتّاب الآخرين المؤلف الأندلسى القديم ابن حزم (الفصل فى الملل والنحل، جـ 4، ص 171 وما بعدها)، ثم بعد ذلك: فى عهد المماليك، المؤلف الحنبلى ابن تيمية (الرسالة فى الحسبة، انظر H.Lanust - Essai sur Ibn Taymiyya، الفهرست)، والنويرى (نهاية الأرب، جـ 4)، وابن جماعة، والسبكى (معيد النعم)، والقلقشندى، والمقريزى، الخ؛ وفى

ص: 3728

آسية الوسطى "النصاب فى الاحتساب" للسنامى (؟ )، ويشير عنوانه إلى منصب المحتسب الذى كان يتولاه المؤلف (القرن السابع الهجرى = الثالث عشر الميلادى؟ )، وإذا حكمنا عليه بعدد مخطوطاته (انظر ك. عواد، فى مجلة المجمع العلمى العربى بدمشق، جـ 17، سنة 1942، ص 433 وما بعدها) فإنه قد لقى بلا شك نجاحًا كبيرًا فى البلاد الإيرانية التركية؛ ثم فى المغرب مقدمة ابن خلدون، (جـ 3، ص 31).

أما المصنفات من الفئة الثانية فمن طراز مختلف. فهى، كما قيل، ليست مخصصة للتفصيلات الفنية للإشراف الذى يجب النهوض به وخاصة على الحرف، بل هى رسائل المقصود بها خاصة المحتسب، وهى إذ تتفق بطبيعة الحال مع الشريعة، فإنها تتسم بطابع إدارى، وليست لها صفة شرعية. وتعد رسالة أحكام السوق ليحيى بن عمر المالكى الأفريقى فى كثير من الأحيان أقدم مصنف من هذا النوع (لا يزال النص الجوهرى موجودًا فى كتاب ألف فى وقت متأخر، حققه محمود على مكى، فى RIEEI، جـ 4، سنة 1956، الترجمة الإسبانية التى قام بها - E. Gar cia Gomez، فى الأندلس، جـ 22، سنة 1957، ويوجد مخطوطان كاملان مباشران فى هذا الموضوع بتونس: مكتبة جامعة الزيتونة تحت رقم 3137، وهناك مخطوط فى مجموعة خاصة).

على أننا إذا صرفنا النظر عن أن كلمة حسبة لم يرد ذكرها فى هذه الرسالة، فإنها فى الحقيقة فصل من مجموعة من الفتاوى الشرعية عن السوق الخ أكثر منها رسالة إدارية أعدت ليستخدمها المحتسب. وهناك مصنف آخر أقرب قليلا من النوع الذى يهمنا، ويحتوى على كلمة حسبة، وهو كتيب زيدى نشره R. B. Serjeant في Rivista degli studi orientali، جـ 28، سنة 1953، (صنف حوالى عام 300 هـ = 910 م)، وربما لم يكن من قبيل المصادفة، أن تخرج رسالة من هذا النوع من بين صفوف الزيدية، الذين كانوا يولون أهمية كبرى للتفسير الدقيق لأحكام الشريعة، ولكن

ص: 3729

مضامينها تعانى من التخلف فى موقف طبرستان الاقتصادى والاجتماعى، الذى تم فى إطاره تصورها.

ولا توجد أية رسالة حقيقية عن الحسبة بالمعنى الدقيق للكلمة حتى نهاية القرن الخامس الهجرى (الحادى عشر الميلادى) فى المغرب (وبخاصة فى الأندلس) ونهاية القرن السادس الهجرى (الثانى عشر الميلادى) فى الشرق (الشام ومصر)؛ ولم يسجَّل وجود أية رسالة أقدم من هذه الرسائل فى أية بلاد أخرى. والرسائل المعروفة هى ما يأتى:

(أ) فى المغرب: كتاب فى آداب الحسبة للسَقَطى المالقى (حوالى عام 500 هـ = 1100 م؛ تحقيق G. S. Colin، E. levi- Provencal، فى. Joun. As سنة 1931)"ورسالة فى القضاء والحسبة" لابن عبدون الإشبيلى (القرن السادس الهجرى الموافق الثانى عشر الميلادى، تحقيق E. Levi- Provencal فى Joun As.، سنة 1934)؛ وقد أعيد طبعها فى كتابه Trois traites hispaniques de hisba سنة 1955؛ مع ترجمة فرنسية قام بها E. Levi- Provencal في Seville musulmane au debut de Xlle siecle، سنة 1947؛ وترجمة فرنسية قام بها بالاشتراك مع Garcia Gomez، بعنوان - Sevilla musul mana سنة 1948؛ وترجمة إيطالية قام بها F. Gabrieli فى Rend - Ling ، السلسلة السادسة، جـ 11، سنة 1935). ثم فى هذا الكتاب نفسه Trois traites، يأتى ذكر ابن عبد الرءوف والجرسيفى، الترجمة الفرنسية التى قامت بها Rachel Arie ، في Hesperis Tamuda جـ 1، سنة 1960، والترجمة الإنكليزية لما سبق التى قام بها G. M. Wickens، فى - The Is lamic Quarterly جـ 3، سنة 1956، (ولكن انظر J. D. Latham فى Journal of Semitic Studies جـ 5 (سنة 1960) ص 124 وما بعدها). وما يأتى يعد بوجه من الوجوه ضربا من الرسائل فى الحسبة، ويدخل جزء منه فى عداد "النوازل": الفتاوى الشرعية: فصل عن الحسبة فى كتاب تنبيه الحكَّام فى الأحكام، لابن المناصف "عام 563 - 620 هـ = 1168 - 1223 م" وهو مخطوط بمكتبة جامعة الزيتونة رقم 1919، وكتاب التحفة لمحمد العُقبانى

ص: 3730

التلمسانى، مكتبة جامعة الزيتونة تحت رقمى 2978، 6234؛ والجزائر تحت رقم 1353، وقد قام بتحليله محمد طالبى ، - Quelques donnees sur la vie soci ale en occident au XVe Siecle فى- Arabi ca، جـ 1، سنة 1954).

(ب) فى المشرق: هناك عدة رسائل مشرقية، أهم قليلا من رسائل المغرب، والأصل فيها جميعًا نهاية الرتبة فى طلب الحسبة، لعبد الرحمن بن نصر الشّيْزَرى المتوفى سنة 589 هـ (1193 م، حققه برنهاور Bernhauer، مع ترجمة فرنسية له باسم نبراوى، بعنوان Les institutions de police chez les Arabes فى، Jour-As. سنة 1860 - 1861؛ وهناك طبعة حديثة جيدة حققها العرينى، القاهرة سنة 1946)، وهذه الرسائل هى: أولا رسالة أطول تحمل العنوان نفسه لابن بسّام (القرن السابع الهجرى = الثالث عشر الميلادى، ألفت فى الشام أو فى مصر)، وقام بتحليلها الأب شيخو فى مجلة المشرق جـ 10، سنة 1907)؛ ورسالة أكثر تفصيلا هى "معالم القربة فى أحكام الحسبة" لابن الأخوّة المصرى (بداية القرن الثامن الهجرى = الرابع عشر الميلادى، حققها وقام بترجمة انكليزية مقتضبة لها R. Levy فى مجموعة كب التذكارية، السلسلة الجديدة جـ 12، سنة 1938؛ ثم سلسلة من المصنفات الأخرى، معظمها ليست. فيما يبدو، إلا طبعات مقتبسة من المصنفات التى ذكرناها آنفا، وتنسب أحيانًا إلى مؤلفين لا صلة لهم بها (الماوردى). ولكن مخطوطاتها لم تنشر ولم تدرس ولذلك فإنه لا يمكن تصنيفها فى الوقت الحاضر: (انظر المقالات التى كتبها M. Gaudefroy- Demombynes فى Journ. As جـ 213) سنة 1213 هـ = سنة 1938 م؛ ك. عواد، فى مجلة المجمع العلمى بدمشق، جـ 18، سنة 1943؛ وانظر كتاب الحسبة لابن عبد الهادى المتوفى سنة 909 هـ = 1503 م، والتعليق الذى كتبه حبيب الزيات فى الخزانة الشرقية، جـ 2، سنة 1937، ص 112. وعن الزيدية انظر كتاب Das staatsrecht der، R. Strothmann Zaiditen، ستراسبورغ سنة 1912، ص 90 وما بعدها).

ص: 3731

وعلاوة على هذه الرسائل، توجد بعض براءات تعيين المحتسبين، لم تلق ما تستحقه من اهتمام: إحداها ترجع إلى القرن الرابع الهجرى (العاشر الميلادى) وردت ضمنا فى مجموعة الإنشاء للصاحب ابن عباد، رقم 39، والأخرى هى إيرانية - تركية من القرن السادس الهجرى (الثانى عشر الميلادى). وردت فى رسائل رشيد الدين وطواط، رقم 80؛ وكتاب عَتَبَة الكتبة (بالفارسية) لمنتجب الدين بديع أتابك الجوينى، طهران سنة 1329، ص 82 وما بعدها؛ وأخيرا نجد براءات أخرى من الشام ومصر صدرت فى عهد الأيوبيين، والمماليك، فى خطابات ضياء الدين بن الأثير (انظر Bulletin of -the school of Oriental Studies، London Institution جـ 14 - 1، ص 38) وفى كتاب صبح الأعشى للقلقشندى (جـ 10، ص 460، أصدرها القاضى الفاضل)، جـ 12، ص 339، وشواهد فى مواضع متفرقة، ولعل فى الإمكان وجود براءات أخرى كثيرة.

هذه هى المصادر التى يمكن أن تقوم عليها دراسة الحسبة. ومن ثمَّ فإن هذه المصنفات بمعناها الواسع هى الواجب المفروض، من حيث المبدأ، على كل مسلم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. وقد يفعل هذا فى المجرى المألوف للأحداث بالإبلاغ عن جريمة والاعتراض عليها بعامة وبالتدخل الشرعى بخاصة، وفى بعض الظروف الخاصة بالإكراه فى حالة عدم وجود سلطة عامة إذا كان فى وسعه أن يفعل هذا - بل له، كما يقول ابن حزم، فى وجود سلطة عامة ليست شرعية، أن ينتقض عليها، وهذا الالتزام فى الحقيقة ليس إلا التزاما نظريا، يستتبع واجب كل مسلم فى أن يفعل كل ما فى وسعه لمواجهة الموقف، ومحظور عليه أن يضع نفسه فى موضع السلطة العامة إذا وجدت. ومن ثم فإن فكرة الحسبة، بالرغم من أنه يمكن أن يكون لها شأن معين فى السلوك الاجتماعى، فإنه ليس لها من حيث العمل إلا أثر ضئيل، ومن الصعب أن ندرك فى أية ظروف تطورت، مع ذلك، نظريتها.

ص: 3732

ومنشأ وظيفة الحسبة، وهو فيما يبدو قديم جدًا ليس أكثر من ذلك وضوحًا. إذ لم تستعمل أصلا كلمة حسبة ولا كلمة محتسب، ولكن استخدم بدلا من الكلمة الأخيرة مصطلح صاحب (أو عامل) السوق. ولهذا فإن هناك مسألتين: مسألة أصل مصطلح صاحب السوق، ومسألة تحوله إلى مصطلح المحتسب. ومن المعتقد أن الأول كان خلفا لمراقب السوق الإغريقى الذى كان يتولى تطبيق قانون السوق فى المدن الاغريقية. وكانت واجباته مماثلة للمفهوم العربى إجمالا، أو أن التعبير العربى ترجمة للمصطلح الإغريقى. ومهما يكن من شئ فإنه لا يوجد أى أثر مدون عن مراقب السوق الإغريقى فى النقوش الإغريقية فى خلال الثلاثمائة سنة السابقة للفتح العربى (- Pauly. Wissowa، West and John Byzantine Egypt: son سنة 1955، الفهرست) ويمكن أن تكون الوظيفة والاسم على السواء قد أدخلا فى العصر الإسلامى، دون أن يكون بينهما أى ارتباط: وربما يكون الاسم قد ظل شائع الاستعمال، ولعل المدن القديمة قد احتفظت بنظمها القديمة على أية صورة كانت، ولكن هذا ليس من الأسباب التى تدعونا إلى الإصرار على أن صاحب السوق، فى البصرة والكوفة، وغيرهما من المدن كان من المستبعد أن يظهر دون استلهام الفكرة من الخارج.

ومهما يكن الأمر فإن صاحب السوق، فى عهد خلافة المأمون، استبدل به المحتسب، وهو اسم كان لا يستخدم حتى ذلك الوقت إلا للدلالة على شخص معين بالذات يقوم بوظيفة الحسبة. ومن الواضح أن هذا التغير فى التسمية حدث فى إطار إضفاء الصبغة الإسلامية على القوانين التى قام بتنفيذها العباسيون وبخاصة فى عهد المعتزلة؟ ولكن من الصعب أن نقول إلى أى مدى حدث فعلا تحول فى طابع وظيفة الحسبة ومضمونها. ولما حدث التغير فى الشرق بعد انقسام العالم الإسلامى بين الشرق والغرب، ظل لقب صاحب السوق غالبًا فى الاستعمال فى المغرب والأندلس، حيث وقع اختيار الفقهاء أولا على فكرة الحسبة (توجد إشارة صريحة فى كتاب ابن بشْكُوال

ص: 3733

وهناك أمثلة كثيرة من الأمثلة الأخرى، فى البيان المغرب لابن عذارى). ولكن يبدو أنه ليس هناك اختلاف كبير بين نصفى العالم الإسلامى منذ العهد الذى يمكن فيه الحديث عن تفصيلات الوظيفة.

ثم أصبح من سمات المحتسب القديم التكامل فى عمله من حيث هو مراقب للسوق فى نطاق الواجب الأوسع مدى، وهو أساسًا واجب دينى، يفرض عليه الحفاظ على الانضباط اللائق للحياة الاجتماعية.

ولم يكن الفرق بين واجباته وواجبات القاضى ورئيس الشرطة محددا تحديدا دقيقا، والفارق بينها فى بعض الأمور، لا يرتبط بطبيعتها الجوهوية بمقدار ما يرتبط بالأسلوب الذى يمارسونه حيالها، كان القاضى يحكم فى القضايا التى تتعلق بشكوى قدمت إليه، ويقوم بتحقيق لاكتشاف الحقيقة، أما الشرطة فكانت تتدخل فى المخالفات والجرائم التى تتطلب قيام الشرطة بهذا العمل؛ على أن المحتسب كان لا يهتم إلا بالوقائع الواضحة التى لا نزاع فيها. وكان لا يقوم بتحقيق بل كان يتدخل من تلقاء نفسه، دون أن ينتظر تقديم شكوى إليه. وكانت المسائل التى يجب عليه أن يهتم بها قد تقررت بصفة عامة فى تاريخ قديم بعض الشئ بمقتضى عرف لم يكن يطرأ عليه أى تغيير حتى الوقت الحاضر؛ ولم تكن أية مسألة منها رسمية خالصة، لكن غنى عن القول أن الطريقة التى كان يؤدى بها بعض واجباته، بصرف النظر عن شئون السوق، كانت تتوقف كثيرا على الخلفية الاجتماعية وعلى خلقه الشخصى. وبصرف النظر عن السوق فإن هذه المسائل يمكن تقسيمها ثلاث مجموعات: على المحتسب أن يراقب أداء الفرائض الدينية (حضور صلاة الجماعة، والاستعمال اللائق للمساجد وصيانتها) والاحتشام فى السلوك بين الجنسين فى الشوارع (وفى الحمامات) وأخيرا تطبيق وسائل التمييز بين المسلمين والذميين. وتروى حوادث وقعت لمحتسبين شجعان كانوا ينقدون القضاة أنفسهم الذين أصدروا أحكامًا مخطئة أو ينكرون فقهاء ثبت تلقينهم الناس دروسا تخالف الإجماع.

ص: 3734

ومهما يكن الأمر فإن الواجب الأساسى الدائم للمحتسب حيال الجمهور هو أن يراقب السوق، وقد أصبح هذا الواجب أولا وقبل كل شئ يحدد رسميا منذ البداية فى براءة التعيين. وكان عليه أن يتحقق من صحة الموازين والمكاييل، التى كانت بحكم تعقدها وتعددها البالغ تتيح الغش على الفور. وكان عليه بوجه أعم أن يراقب ويحارب جميع أنواع النقص والخداع اللذين يمكن أن يظهرا فى صناعة السلع وبيعها على السواء (وبصرف النظر عما يوليه الفقه لها من اهتمام - فإن هناك مصنفات كاملة متخصصة تتناولها بالبحث، وأشهر مثال لها هو كشف الأسرار للجْوبرى، فى القرن السابع الهجرى الموافق الثالث عشر الميلادى). ومن ثم فإن كتب أوليات الحسبة بالمعنى الدقيق، تسوق قائمة بالحرف الرئيسية، وتمد المحتسب بالمعلومات الفنية عن كل حرفة منها، بما يتيح له تمكنه من اختبار جودة المنتجات وتتبع الأخطاء الفنية أو الصناعة السيئة - وكل هذه هى وثائق بالغة الأهمية فى دراسة الظروف الاقتصادية. بل إن للمحتسب، عندما لا يوجد موظف خاص مكلف بهذا الأمر، أن يختبر العملة ليتأكد من سلامتها. وبالإضافة إلى هذا عليه أن يتأكد أن التجار والسماسرة لم يلجأوا إلى الغش ولم يصطنعوا حيلا لخداع المشترى ليبتاع سلعة أو يدفع الثمن المطلوب للحصول عليها.

وكان يتأكد أيضا، من الناحية الشرعية، أن التجار لم ينغمسوا فى أى عمل يرتبط بامتهان الربا المحرم. وكان اختصاصه يمتد إلى المهن نفسها التى لا نعدها عادة فى الوقت الحاضر مرتبطة بالسوق: وهكذا كان يراقب الصيدلانيين والأطباء، وكان فى المدارس يحذر أو يعاقب أى معلمين يفرطون فى القسوة. وكان المحتسب لا يتجاوز حدود المدنية، على أية حال، ولذلك فإن التجار، أو أصحاب الحرف فى المناطق الأخرى، كانوا لا يخضعون لمراقبته.

وثمة موضوع يتعلق بهذا النشاط الاقتصادى الأخلاقى الذى يجب التنويه به فيما يختص بالتقاليد الاقتصادية الإسلامية. فقد كان المحتسب يراقب

ص: 3735

الأسعار، ولكن لم تكن له عادة سلطة تحديدها. وكان يزجر بل يعاقب التاجر الذى تكون أسعاره مرتفعة عن المعدل المقبول، وبخاصة فى الفترات التى يقل فيها المعروض من السلع. وكان يتصرف بقسوة مع من يلجأون إلى التخزين، ولكن الشريعة الذى يحدد الأسعار، أى أنها تتجاوز نطاق سلطات البشر، ومهما يكن من شئ، فقد كان ثمة فى فترة انتشرت فيها المجاعة فى نهاية العصور الوسطى، نزعة متزايدة لتحديد السعر رسميًا.

وكان يرتبط بهذه المهام عمل آخر، دعا الباحثين المحدثين إلى أن يؤكدوا القول بأن التقاليد القديمة الخاصة بأعضاء مجلس المدينة ظلت تتردد فى واجبات المحتسب. ذلك أنه كان من واجباته فى بناء المنازل وترميمها وأمانة المواقيت أن يتأكد من أنه لم يحدث فعل يضر بالأمن العام أو يعوق مرور المشاة أو العربات، وكان مسئولا عن تنظيف الشوارع، وترميم أسوار المدينة عند الضرورة، وضمان تزويد الناس بالماء وتوزيعه بانتظام، الخ .. وكل هذه واجبات دعت إلى أن يعد المحتسب فى زمرة موظفى البلدية (وهو الموظف الوحيد فى عهد الإسلام). على أنه لم يكن أهم من القاضى، بحكم طبيعة وظيفته، ذلك أنه كان لا يعين بأمر أية هيئة مدنية أو مهنية، ومع ذلك فإنه كان فى الواقع يهتم بصفة خاصة وحده دون سواه بأمور المدينة.

وكانت الدولة تعين المحتسب، مباشرة فى بعض الأحيان، وفى أكثر الأحيان عن طريق الولاة أو القضاة الذين كانت تفوضهم رسميًا فى وظيفة الحسبة، لا لكى يقوموا بها من حيث المبدأ، بأنفسهم، ولكن لكى يتأكدوا من أنها قد قامت، وكان يشترط فى المحتسب أن يكون رجلا معروفًا بنزاهته وكفايته فى أمور الشرع، ومن ثم فقد جرى العرف أن يكون فقيهًا، ولكن بالرغم من أن هذه الصفة كانت فى كثير من الأحيان لا يراعى وجوب توافرها فيه، فإن الخبرة المكتسبة من الحياة المهنية دعت أيضًا إلى اختياره، إن أمكن، من بين التجار، وعلى أية حال

ص: 3736

فإن الحسبة، فى تقسيم الوظائف إلى سياسية ودينية، كانت وظيفة دينية مثل وظيفة القاضى. وكان تسجيل الصالحين لتولى هذه الوظيفة والقيام بها تكتنفه صعاب تتعلق بمجال عمل المحتسب والأساليب التى ينتهجها. وفى الحالات التى كان لا يستطيع فيها شخصيا أن يراقب منطقة واسعة كان يعين لكل حرفة أمينًا أو عريفًا ينتمي إلى تلك الحرفة، وبالإضافة إلى ذلك كان المحتسب يستعين بعدد من الموظفين المرءوسين له مما يسمح بوجود ممثلين له بسرعة فى أى مكان، لاستدعاء المذنبين إلخ. ومع ذلك فإن هذه الأساليب قلما كانت مناسبة، وكان من الضروري وجود تعاون بين المحتسب والقاضى والشرطة. ولهذا السبب نفسه كثيرا ما حدث أن يجمع الشخص الواحد بين وظيفتى القاضى والمحتسب أو بين وظيفتى الحسبة والشرطة، وعلى الرغم من اتساع مجال عمل المحتسب والصفة الدينية التى تتسم بها وظيفته، فإنه كان يعد بصفة عامة، إخصائيا تابعا للقاضى، وكان تسجيل أسماء الصالحين للقيام بالحسبة يتم باختيار أشخاص أقل من ذلك شأنا إذ أن وظيفة المحتسب كانت تعد أقل شأنا من وظيفة القاضى (كانت وظيفة المحتسب تعد أحيانًا خطوة تمهد لتولى منصب القاضى).

وكان المحتسب بقصبة البلاد فى معظم الولايات الإسلامية تلقى على عاتقه تبعة بعينها هى الإشراف على المحتسبين فى المدن الإقليمية. وفى مستهل القرن السابع الهجرى (الثالث عشر الميلادى) حاول الخليفة الناصر، فى إطار سياسته العامة التى ترمي إلى توحيد الإسلام من حيث النظر والدين تحت لوائه، أن يوطد، على الأقل فى الشرق الأدنى، دعائم إشراف عام على الحسبة، الأمر الذى لم يتحقق فعلا (انظر Oriens، جـ 6، سنة 1953، ص 21).

وكانت العقوبات التى يستطيع أن يوقعها المحتسب، دون الرجوع إلى سلطات قضائية أخرى وذلك بعد الزجر، هى عادة الجلد، والطواف بالمذنب فى الشوارع مجللا بالخزى والعار، أما الموازين والمكاييل غير

ص: 3737

السليمة والمنتجات المغشوشة فكان من الممكن مصادرتها، وكان المجرمون العائدون يمنعون من ممارسة حرفتهم بل يحكم عليهم بالنفى نفسه.

وفى نهاية العصور الوسطى، حدث مع التدهور الاقتصادى والأزمات الاجتماعية القائمة وقتذاك، أن هبط قدر وظيفة المحتسب. وفى عهد المماليك كان الحصول عليها، شأنها فى هذا شأن الوظائف الأخرى، يتم بأداء مبلغ من المال، كان مؤديه يستعيضه من التجار بأن يفرض عليهم ضرائب لا سند لها من الشريعة. وكثيرا ما كان يشتجر النزاع بين المرشحين للمنصب، وهناك مثال على ذلك مشهور هو الشجار الذى نشب بين المقريزى والعينى؛ وحدث أن منحت الوظيفة لأحد أفراد الطبقة العسكرية، بالمخالفة لجميع التقاليد، واستجابة لدواعى الارتزاق، وعدم مراعاة للكفاية المطلوبة.

وظل المحتسب موجودا فى الجزء الأكبر من العالم الإسلامى، حتى ظهرت اصلاحات العصر الحديث، وكان مثلا لا يزال موجودا فى مستهل القرن العشرين، فى مراكش وبخارى. ومنذ عهد السلاجقة فى البلاد الإيرانية التركية عامة وفى بلاد أخرى من حين إلى حين، كان يطلق على الوظيفة فى العادة اسم "احتساب"، واحتفظ باسم الحسبة مراعاة للفضيلة التى يجب أن يظهرها شاغل الوظيفة. وقد أخذ بها الشرق اللاتينى الذى استحدثته الحروب الصليبية، فى صورة محدودة غير دينية عرفت باسم Mathessep.

المصادر:

المصادر والمؤلفات الحديثة التى تتناول الموضوع ورد ذكرها فى صلب المادة. وليست هناك دراسة عامة كاملة عن الموضوع برمته.

(1)

المصنف الذى له مكان الصدارة ويغلب عليه الجانب الفقهى هو ما كتبه E. Tyan فى الفصل الأخير من كتابه Histoire de l'torganisation Judiciaire en Islam جـ 2، سنة 1943، مع عرض له بقلم كل من - M. Gaudefroy - De mombynes في Journal des Savants، سنة 1947، و J. Shacht فى Orientalia ص 17 سنة 1948، ص 518.

ص: 3738

(2)

انظر أيضا المقدمتين اللتين كتبهما E. Levi - Provencal ومحمود على مكى فى طبعتيهما المحققتين، والتقرير الثانى الذى كتبه J. Shcacht فى كتابه Introduction to Islamic Law سنة 1966، الفهرست وثبت المصادر، ص 231 - 232.

(3)

وهناك فصل مفيد كتبه A. Darrag فى L'Egype sous le regne de Barsbay سنة 1961، ص 76 - 82.

(4)

وكتاب ن. زيادة الحسبة والمحتسب فى الإسلام سنة 1963، مرجع نفيس باعتباره مجموعة نصوص.

(5)

وفى مقال إمام الدين: الحسبة وقد نشر فى Islamic Cuture سنة 1963 فى الأندلس، سير للمحتسبين الأندلسيين.

(6)

والمصنفات المخصصة للمدينة الإسلامية تتحدث عن المحتسب بكل تأكيد، وليس من اليسير أن نذكرها كلها فى هذه المادة، ولكننا نرى أن نذكر بصفة خاصة.

(7)

Considerations sur: G. Marcais la ville musulmane et le Muhtasib في - Re cueils de la Societe Jean Bodin، جـ 4، سنة 1954.

(8)

والرسالة الممتازة التى كتبها. R Le Tourneau عن فاس.

(9)

وبالنسبة لبخارى انظر - P.I. Pe Bukharskiy mukhtasib Problemi: trov Vostokovedeniya، سنة 1959، جـ 1 ص 139 - 142.

(10)

وعن الشرق اللاتينى انظر. CI La feodalite et les institutions pol-: Cahen itiques de L'orient latin فى Accad. Naz d. Lincei، Convegno Volta، جـ 12 سنة 1956، ص 22 - 23.

آدم [كاهن وطالبى C.L.Cahen & M. Talbi]

2 -

الدولة العثمانية

لا يرد لفظ حسبة فى سجلات الإدارة العثمانية ووثائقها؛ ونجد بدلا منه لفظ احتساب، وهو مصطلح رسمى يستخدم فى العاصمة، وفى الإيالات على السواء، ومعناه الأساسى جباية

ص: 3739

المكوس والضرائب المفروضة على كل من التجار وأرباب الحرف وعلى بعض الواردات. ومهما يكن من شئ فإن كلمة احتساب أصبحت أخيرا تدل على جملة الوظائف كلها التى انتقلت إلى المحتسب أو "احتساب آغاسى"(وقلما يقال احتساب إمينى)؛ وكثيرا ما ترجمت بمصطلح "شرطة السوق" الذى يتضمن معنى محصورًا فى نطاق ضيق، وقد كان المحتسب يعد على هذا النحو "مفتشا للأسواق" ولكن مسئوليته الدقيقة كانت تتجاوز مجرد الإشراف والتفتيش على الأسواق وأعضاء النقابات المهنية. وكانت الأحكام المتعلقة بواجبات المحتسب مقننة فى "احتساب قانوننامه لرى"، الذى كان فى وسع الموظف أن يجد فيه كل شئ يتصل بهذه الواجبات وهى المراقبة والتفتيش والعقاب، خاصة جباية الضرائب بالنسبة للإيالات. وكانت هذه الأحكام تشتمل على قائمة بالأسعار التى كان لا بد من مراعاتها فى بيع السلع أو المواد المصنوعة أو غيرها، وحدود الربح المسموح به، والعقوبات التى يقتضى الأمر توقيعها على التجار وأرباب الحرف المخالفين للشريعة. وكانت أيضا تبين المقدار الإجمالى أو النسبة المئوية للضرائب والمكوس، والمبالغ التى يجب اقتضاؤها والتبرعات الأخرى التى تجمع باسم الاحتساب وتفرض على أعضاء نقابات أرباب الحرف، ونجد شاهدا يذكرنا بالوظيفة الأصلية للمحتسب فى بعض مواد هذه الأحكام التى ينص فيها على أنه يجب أن يراقب المحتسب السلوك والأخلاق فى الأماكن العامة أو المقدسة واحترام المسلمين لفرائضهم الدينية. وكان هو أيضًا، فى استنانبول على الأقل، الرجل الذى يشرف على تقسيم البضائع بين تجار الجملة وعلى أرباب الحرف أو الصناع. وكان يساعد المحتسب فى جباية الضرائب وكلاء يطلق عليهم اسم "قول أوغلان لرى" وكان عددهم يبلغ 15 فى استنانبول فى القرن العاشر الهجرى الموافق السادس عشر الميلادى، وارتفع عددهم على إثر ذلك إلى 56 في القرن الحادى عشر الهجرى الموافق السابع عشر الميلادى، وستة عشر ملازما يعرفون باسم سندلى، يحملون براءة رسمية بالتعيين. وكانت وظيفة

ص: 3740

المحتسب أو "احتساب آغاسى" تشغل سنويا بطريق الالتزام. ويتسلم شاغلها "براءة" التعيين بعد موافقة القاضى (وكان المحتسب مسئولا أمامه مسئولية مباشرة) أو الصدر الأعظم أو والى الولاية، وبعد أن يؤدى مبلغا من المال يسمى بدل مقاطعه، أو الثمن النقدى لحق الالتزام.

وأولى أحكام الاحتساب المعروفة ترجع إلى عهد السلطان بايزيد الثانى (886 هـ = 1481 م - 918 هـ = 1512 م)، فى مستهل القرن العاشر الهجرى (السادس عشر الميلادى) وصدرت من بعد أحكام أخرى سنها السلطان سليم الأول والسلطان سليمان الأول والسلطان سليم الثانى والسلطان مراد الثالث والسلطان مراد الرابع والسلطان محمد الرابع، الخ .. أما بالنسبة للإيالات فكانت الأحكام الخاصة بالاحتساب، متضمنه فى أحكام أوسع نطاقا خاصة بالإدارة فى الإيالات، وهى مجموعات قانوننامه، وأقدمها يرجع إلى عهد بايزيد الثانى، وليس من قبيل المستحيل أن تكون هناك أحكام أخرى من هذا النوع صدرت فى وقت مبكر. وفى بعض الإيالات التى ضمت إلى الدولة العثمانية فى القرن العاشر الهجرى (السادس عشر الميلادى) كان السلاطين بعد الفتح مباشرة، قد اكتفوا فى أول الأمر بسريان الأحكام الأقدم عهدا، كما حدث مثلا فى دمشق.

وفى المجال المالى كان المحتسب يجبى تلك الضرائب المستمدة من الاحتساب بالمعنى الحقيقى لهذا اللفظ (احتساب رسومى)، ولكنه كان يجبى أيضا بعض الضرائب التى يمكن وصفها بأنها ضرائب على الوارد أو على دخول البضائع، وأخيرا ضريبة "يومية دكاكين" يؤديها أصحاب الحوانيت لإمداد المحتسب وأتباعه بما يفى بمرتباتهم. وفى استنانبول كانت المدينة مقسمة إلى 15 منطقة ضريبية فيما يتعلق بالضريبة الأخيرة. وكانت ضرائب الاحتساب فى استنانبول وفى المدن الكبرى بالدولة العثمانية كما يلى:"باج- بازار" وهى ضريبة على السوق، وكانت من قبل موجودة فى

ص: 3741

عهد السلاجقة والإيلخانية، على أن الأحكام التى تنظمها كانت ترجع إلى عهد محمد الثانى، وكانت هذه الضريبة تفرض على جميع البضائع التى ترد من الخارج وتباع فى أحد الأسواق بالمدينة، "بتيرمه" وهى ضريبة سنوية كانت تفرض على تجار المواد الغذائية، و"دامغه رسمى" وهى ضريبة دمغة أو رسم علامة تفرض على المنسوجات والمعادن سواء كانت ثمينة أو غير ثمينة، "وحق قبان"، أو "رسم قبان"، أو "حق قنطار" وهى ضرائب على الوزن، تدفع عينا، على وزن الحبوب والخضراوات المجففة، ، ونقدًا على وزن أى محصول آخر، ويقول بعض الكتاب أن هذه الضرائب المفروضة على الوزن كانت تعرف أيضا باسم ميزان (ضرائب الميزان) وأوزان (ضرائب على الأوزان والمكاييل) و"إكيال" أو "كيّاليّه"(ضرائب على كيل الحبوب). وكانت ضرائب الاحتساب الأخرى يمكن أن تفرض، حسب الموقع، مثل "رسومات احتسابية"(فى استنانبول) أو ضرائب على دخول البضائع تفرض على حمولة سفينة التاجر، وحق "قابى" وهى ضرائب كانت تجبى عند بوابة أدرنة و"بابعيه" وهى ضرائب على المبيعات، ظهرت فى الغالب فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وألغى السلاطين من حين إلى حين بعض الضرائب التعسفية التى فرضها المحتسبون، على أساس أنها كانت بدعا ضارة بأهل البلاد خليقة بالذم.

وألغى نظام الالتزام فى الاحتساب فى استانبول عام 1242 هـ = (1826 م) واستبدلت به إدارة (احتساب نظارتى) يشرف عليها احتساب ناظرى، وهو موظف حكومى. وفى عام 1271 هـ (1854 م) ألغيت وظيفة احتساب ناظرى وانتقلت إلى يد "شهر امينى".

المصادر:

(1)

أوليا جلبى، سياحتنامه، جـ 1، استانبول سنة 1314 هـ = 1898، فى مواضع مختلفة.

ص: 3742

(2)

Stoatsver-: Hammer - Purgestall fassung

(3)

Memoier sur les: W. Behmauer institutions de Police Chez les Arabes، les persans et les Turcs فى المجلة الأسيوية، السلسلة الخامسة، جـ 15، سنة 1860، ص 461 - 503؛ جـ 16، سنة 1860، ص 114 - 190، 347 - 392؛ جـ 17 سنة 1861، ص 5 - 76.

(4)

عين على مؤذن زاد: قوانين رساله سى قوانين آل عثمان در خلاصه مضامين دفتر ديوان، استانبول سنة 1280 هـ = 1863 م.

(5)

قانوننامه آل عثمان، فى تاريخ عثمانى أنجمنى مجموعة سى (الملحق)، سنة 1330 هـ = 1914 م

(6)

عثمانلى قانوننامه لرى فى ملى تتبعلرى مجموعة سى جـ 1/ 1 (مارس - أبريل سنة 1331 هـ = 1915 م)، ص 49 - 112، جـ 1 - 2 (مايو- يونيه سنة 1331 هـ = 1915 م، ص 305 - 348، جـ 1 - 3) يوليه - أغسطس سنة 1331 هـ = 1915 م ص، 497 - 544.

(7)

عثمان نورى: مجلة أمور بلديه، جـ 1، استانبول سنة 1337 هـ = 1922 م، ص 327 - 469.

(8)

أحمد رفيق، هجرى 12 عصر ده استانبول حياتى، وهجرى 11. عصر ده استانبول حياتى، إستانبول سنة 1930 - 1931.

(9)

الكاتب نفسه 16 عصر ده استانبول حياتى إستانبول سنة 1935.

(10)

عمرو لطفى برقان، بعض بويوك شهر لرده أشيا ييه جق فياتلرى نعك تثبيت وتفتيش خصو صلر كك تنظيم إيدن قانوننامه لر، فى تاريخ وثيقة لرى، جـ 1 - 5 (فبراير سنة 1942) ص 329 - 340 جـ 2 - 7 (يونيه سنة 1942) ص 15 - 40؛ جـ 2 - 9 (أكتوبر سنة 1942) ص 168 - 177.

(11)

الكاتب نفسه، قانونلر، فى مواضع مختلفة.

ص: 3743

(12)

أ. ح أوزون جار صيلى: عثمانلى دولتنكك مركز وبحرية تشكيلاكى، أنقرة سنة 1947، ص 140 - 144.

(13)

محمد زكى باكالين: عثمانلى تاريخ تريملرى ودييملرى سوزليغى إستانبول سنة 1946 - 1954، انظر مادة احتساب.

(14)

Gibb - Bowen جـ 1 - 1، ص 155 - 156، 168، 279، 287 - 288، 292، جـ 1 - 2، ص 7 - 9، 12، 34، 80، 116، 129.

(15)

Regle-: R. Mantran، Souvaget -ments fiscaux Ottomans، les Provinces Sy riemes بيروت سنة 1951، فى مواضع مختلفة.

(16)

Die Siyqat Schrift.: L. Fekete in der tuerkischen Finanzverwaltung جـ 10، بودابست سنة 1955، فى مواضع مختلفة.

(17)

La police des: R. Mantran marches de Stamboul au debut du XV lle siecle فى C.T .. رقم 14 الثلاثة الأشهر الأولى من 1956، ص 213 - 241.

(18)

الكاتب نفسه. Un document sur l، ihtisab de Istanbul، a la fin du XYIIe Ziecle في melanges Massignon جـ 3: بيروت سنة 1957، ص 127 - 149.

(19)

Rechnungsbuecher: L.Feketen Turkischen Finanzstellen in Buda Ofen 1580 - 1550 بودابست سنة 1962 فى مواضع مختلفة.

(20)

The finan-: Stanford J. Shaw cial and administrative organization and developmrent of Ottoman Egypt، 1717 - 1798 ، برنستون سنة 1962.

(21)

الكاتب نفسه: Ottoman Egypt in the eighteenth century

(22)

Nezanname - i Misr of Gezzar ahmea pasha هارفارد سنة 1962.

(23)

Istambul dans la: R. Mantran second moitie du XVlle siecle باريس سنة 1962، ص 145 - 146، 218 -

ص: 3744

219، 226 - 229، 274، 294، 300، 308، 310 - 323، 328، 442، 459.

(24)

Ottoman: Stanford J. Shaw Egypt in the age of the French Revolution هارفارد سنة 1964.

آدم [. د. مانتران R.Mantran]

3 -

فارس

استمر وجود المحتسب ووظيفته الحسبة (أو الاحتساب) مع كثير من الوظائف الدينية، فى مختلف الدول والممالك التى أنشئت فى فارس بعد انهيار الخلافة العباسية، ولم تختف نهائيا حتى القرن التاسع عشر. وكانت أخلاقيات الجمهور وأداء المسلمين لفروضهم الدينية فى ظل الرقابة الشاملة للمحتسب. وكان يعهد إليه أيضا بالسهر على ما يمكن أن يطلق عليه اسم رعاية الآداب العامة، فكان لا يسمح بالقسوة فى معاملة العبيد أو بأن توسق الحيوانات بأحمال فوق طاقتها. وكان من واجبه أيضا أن يتحقق من أهل الذمة يذعنون للقوانين المفروضة عليهم للتمييز بينهم وبين المسلمين. على أن مهمته الأولى كانت مراقبة الأسواق ومنع التجار وأرباب الحرف من الغش والخداع فى التعامل وأن يقوم بالإشراف على نقابات أرباب الحرف، وكان مفوضا فى توقيع عقوبة عاجلة على المخالفين (انظر علاوة على ذلك The Social Structure of Is-: R. Levy lam، كمبردج سنة 1957، ص 334 وما بعدها).

ويقول نظام الملك إنه يجب تعيين محتسب فى كل مدينة لمراقبة الأوزان والأسعار، وملاحظة المعاملات التجارية، ومنع غش البضائع ومقاومة الاحتيال والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. وعلى السلطان وعماله أن يؤيدوا المحتسب لأنهم إن لم يفعلوا فإن "الفقراء سوف تضيق الحال بهم ذلك أن الناس فى السوق سوف يشترون ويبيعون كما يشتهون، والوسطاء (فضلحوز) سوف يتحكمون، وسوف يشيع الفساد بين الناس، ولا يقيمون وزنا للشريعة"(سيا ستنامه، تحقيق Schefer، النص الفارسي، ص 41). ويرى حسين واعظ كاشفى المتوفى عام

ص: 3745

910 هـ (1505 م) الذى ألف كتابه فى عهد التيموريين، أن وجود المحتسب ضمان لسير الحياة العامة وفق تعاليم الإسلام، وقد كتب يقول "كل سلطان يحاول جاهدا أن يعمل بتعاليم الشريعة وينفذ أحكام الدين، فهو مفوض من الله وظله على الأرض. ولما كان السلطان، لا يستطيع بحكم تعدد مصالح الدولة، أن ينعم النظر فى تفصيلات هذا الأمر فإنه يجب عليه أن يعين محتسبين فى مملكته. ويجب أن يكون المحتسب قوى الإيمان شديد الغيرة على الإسلام، وأن يتميز بالعفة والتقوى والصدق والاستقامة والتجرد من الطمع. وهو فى كل ما يفعله ينشد نصرة الدين.

وينبغى أن تكون إرادته حرة لا تتأثر بالدوافع الخفية، كالنفاق والتماس المنفعة لنفسه والهوى، حتى يكون لما يقوله أثر فى قلوب الناس (أخلاق محسنى، تحقيق ميرزا إبراهيم تاجر شيرازى، طبعة على الحجر، بومباى سنة 1308 هـ، ص 159). وكذلك يؤكد محمد مفيد الذى كتب فى القرن الحادى عشر الهجرى (السابع عشر الميلادى) أهمية الحسبة من حيث هى إحدى الوظائف الدينية (جامع مفيدى، تحقيق إيرج أفشار، طهران سنة 1340 هـ، جـ 3، ص 380 - 381).

وكان شاغل وظيفة المحتسب من رجال الدين عادة. ولا يزال هناك عدد من الوثائق الخاصة بتعيين المحتسب إحداها صادرة من ديوان سنجر آخر السلاجقة العظام، وهى تتعلق بتعيين رجل يدعى أوحد الدين فى وظيفة محتسب مازندران. وقد أمر بأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وأن يبذل جهده حتى يراعى الناس القسط فى الميزان والكيل ويمتنع الاحتيال فى الشراء والبيع، ولا يتعرض المسلمون للغش أو الخسارة، وعليه أن يتحقق من قيام الناس بأداء الفرائض التى أمرت بها الشريعة فى المساجد ودور العبادة ومن أن المؤذنين وغيرهم من الموظفين يقومون بواجباتهم على أحسن وجه، فى المواعيد المقررة، وعليه أن يسعى جاهدًا لقمع المفسدين ومنعهم من المجاهرة بسلوكهم القبيح، وارتكاب الفاحشة وبيع الخمر، وكان عليه أن

ص: 3746

يلزم أهل الذمة بارتداء ملابس مميزة، دليلا على أنهم أدنى مرتبة من المسلمين، وعليه أن يمنع النساء من الاختلاط بالرجال فى مجالس العلم أو الاستماع إلى العظات (منتجب الدين بديع أتابك الجوينى، عتبة الكتبة، تحقيق عباس إقبال، طهران، سنة 1950 - 1951، ص 82 - 83 وانظر أيضا Die staats verwaltung -: H، Horst der Grosselgugen und Horazmshahs (1038 - 1231)(فيسبادن سنة 1964، ص 97، 161 - 162، ص 112 - 113 و 162 فيما يتعلق بالوثائق التى ترجع إلى عهد خوارزم شاه).

وفى عهد الإيلخانية ظل المحتسب، شأنه فى هذا شأن غيره من الموظفين الذين يقومون بتطبيق الأحكام الدينية، موجودًا أو قيل إنه كان يعين بعد اعتناق الإيلخانية لدين الإسلام. وعندما قرر غازان خان أن يوحد الأوزان والمكاييل فى أرجاء المملكة، أمر بتنفيذ هذا فى كل إياله فى حضور كل محتسب (رشيد الدين، - Geschichte Gha zan khans، تحقيق K.Jahn، مجموعة كب التذكارية، سنة 1940، ص 288). وفى عهود التيمورية كانت مهام المحتسب والصفات التى تتطلبها وظيفته هى على الإجمال الصفات نفسها فى أيام السلاجقة. وهناك ثلاث وثائق خاصة بتعيين المحتسب محفوظة فى كتاب شرف نامه لعبد الله مرواريد (انظر Staatsschreiben: H. R. Roemer der Timuridenzeit، فيسبادن سنة 1952، ص 53 - 57 و 150 - 152). وإحدى هذه الوثائق تتعلق بتعيين رجل يدعى عبد الله كرمانى محتسبًا فى هراة، وهى تبين أنه قد نيط به أن يشغل الوظيفة بالاشتراك مع رجل يدعى ركن الدين علاء الدولة (المصدر السابق، ورقة رقم 24 أ).

وفى عهد الصفوية الأوائل كان هناك محتسب فى معظم المدن الكبيرة إن لم يكن فيها جميعًا. وكان يقوم بالمهام التقليدية التى يقتضيها منصبه، مع فارق هو أن المذهب الذى كان يؤيده وقتذاك هو مذهب الاثنى عشرية الشيعى. وفى براءة تعيين محتسب تبريز التى يرجع إلى عام 1072 هـ

ص: 3747

(1662 م) نجد أن العامل المعين فى هذا المنصب كان يعهد إليه بالحفاظ على الأخلاق العامة، ويقتضى ذلك فيما يقتضى منع شرب الخمر، والقمار والمخالفات الأخرى للشريعة، وجمع الخمس والزكاة وتوزيع حصيلة هذه الضرائب على من يستحقونها، وصيانة المساجد والمدارس والهبات الموقوفة على البر، وكان عليه أيضا أن يراقب الموازين والمكاييل، وأن يتحقق من أن المرور فى الشوارع لا يعوقه شئ، وأن يراقب بعض الجماعات ونقابات أرباب الحرف مثل الفقهاء (الملآوات) والمؤذنين "والحانوتية". وكان الكلانترية والكدخداوية والداروغاوية و"عمال العرف" يؤمرون بأن يحجموا عن التدخل فى تحديد الأسعار وأن يتحققوا من أن المحتسب يؤدى المهام العادية لوظيفته (انظر Islam-: A.K.S. Lambton ic Society in Persia، محاضرة افتتاحية، لندن (S.O.A.S، سنة 1954).

وكان المحتسب الأكبر للمملكة يعرف باسم "محتسب الممالك"، وكانت هذه الوظيفة فى عهد طهماسب يشغلها رجل أستر اباذى يدعى ميرسيد على الذى كان أيضا خطيبًا للبلاط الملكى، وشغلها من بعد طبا طبائى سيد مير جعفر، وخلفه بعد وفاته فى عهد الشاه عباس، ميرزا عبد الحسين، وكان من قبل "كلانتر" مدينة تبريز (اسكندر بك عالم آراى عباسى، طبعة على الحجر، طهران سنة 1896 - 1697، ص 111 - 112) وجاء فى كتاب تذكرة الملوك أن إجراءات شيوخ كل نقابة مهنية خاصة فيما يتعلق بأسعار البضائع التى يبيعونها ترفع كل شهر لمحتسب الممالك لإقرارها. وكان يرسل هذه الإجراءات من بعد إلى ناظر البيوتات (المشرف على الورش الملكية) للحصول على تصديقه حتى يمكن سحب الوثائق الخاصة بشراء البضائع. وكانت مخالفة ما جاء بقائمة الأسعار المذكورة تؤدى إلى توقيع عقوبات صارمة (طبعة V. Minorsky مجموعة كب التذكارية، النص الفارسي، الأوراق 79 جـ - 80 أ) ويروى شاردان Chardin، الذى قام برحلة فى فارس فى العهود الصفوية المتأخرة، أن المحتسب كان يحدد الأسعار فى إصفهان كل يوم سبت،

ص: 3748

وأن كل بائع تتجاوز أسعاره، الأثمان المحددة يتعرض لعقوبات صارمة.

ولكن شاردان يزعم أيضا أنه كان هناك فساد فى تحديد الأسعار، وأن الباعة كانوا يقدمون للمحتسب هدايا لإغرائه بتحديد الأسعار تحديدا يرفعها كثيرا (Voyages تحقيق Langles، باريس سنة 1811، جـ 10، ص 2 وما بعدها).

وكان محتسب الممالك يعين له وكلاء، يعملون باسمه للتأكد من أن نقابات أرباب الحرف تبيع بضائعها فى كل مكان بالأسعار المحددة (تذكرة الملوك، ورقة 80 ب). وكان يتقاضى 50 تومانا كل عام، وعلاوة على ذلك تفرض لمصلحته ضرائب على المدن الإقليمية المختلفة، تبلغ فى مجموعها حوالى 253 تومانا أى 3000 دينار (المصدر السابق، الأوراق 90 أ - ب).

ويبدو أن وظيفة المحتسب، بعد عهد الصفوية، قد ضعف شأنها، وأصبحت تزداد صفتها غير الدينية. فقد انتزعت فى الواقع من اختصاصه دلك المهام التى تتعلق بتطبيق الأحكام الشرعية، وأصبح تطبيقها من اختصاص "مراجع التقليد". وكانت هذه المهام تتضمن جمع الخمس والزكاة، وتنظيم التركات والوصايا، وتعيين الأوصياء على القصر وغيرهم، وهى أمور كانت معروفة إجمالا باسم "أمور حسبى" وكانت المراجع تصدر إجازات للإشراف باسمهم على "أمور حسبى". وكانت المؤهلات المطلوب توافرها فى من يتسلم مثل هذه الإجازة هى وجوب أن يكون مؤمنا وعادلا وعالما بأحكام الشريعة. وكان يسمح له بأن يحتفظ بما يكفى للقيام بأوده من المبالغ التى كان يجمعها بجباية الخمس والزكاة، أما الباقى فكان عليه أن يسلمه إلى المرجع الذى أصدر إجازته لتوزيعها على من لهم الحق فيها.

وبقدر ما كانت مهام المحتسب تختص بنقابات أرباب الحرف فى المدن الكبرى ونظافة المدينة فإنها كانت الى حد ما من المهام التى يضطلع بأعبائها الداروغه والكلانتر. وأخذت مهامه تقتصر على تنظيم الأسعار والتفتيش على الموازين والمكاييل؛ ولكنه كان فى هذه الأمور يخضع لأوامر الداروغه

ص: 3749

(انظر A tour to Sheeraz: E.Scott Waring لندن سنة 1807، ص 68 - 69) ويزعم تانكوانى Tancoigne ما زعمه شاردان Chardin من أن المحتسب لم يكن معصوما من قبول الرشوة وكثيرا ما وافق على أن يتقاضى ثمنا لإسباغ حمايته على التجار (A narrative of a Journey into Persia لندن سنة 1820، ص 239 - 240). وفى غضون القرن التاسع عشر اختفى المحتسب من معظم المدن.

وكتب بيننج Binning حوالى عام 1827 يقول إن الوظيفة قد ألغيت أخيرا فى شيراز (A Journal of two years travel in Persia، Ceylon، etc لندن سنة 1857، جـ 1، ص 337 - 338). وما إن حل عام 1294 هـ (1877 - 1878 م) حتى أصبحت الوظيفة فى إصفهان مجردة من أى أثر من حيث العمل (ميرزا حسين خان بن محمد إبراهيم: جغرافياى إصفهان، تحقيق م. ستوده، طهران سنة 1963، ص 80). ومع ذلك فقد استمرت الضرائب التقليدية التى تجبى لدفع مرتب المحتسب تظهر فى سجلات الضرائب سنوات عديدة بعد أن اختفت الوظيفة فى الواقع. وفى القانون الصادر فى 20 آذار سنة 1305 هـ (1926 م) ألغى بند ينص على فرض مبلغ 150 قرانا على طائفة الجزارين لمصلحة المحتسب (The second: yearbook of the municipality of Tehran Statistics of the city of Teheran for the years 1925 to 1929) وورد ذكر "احتساب - أقاسى" فى طهران عام 1853. وكانت مهامه تقتضى أن يصدر بين آن وآخر قوائم بأسعار المواد الغذائية وغيرها من السلع (انظر روز نامه وقائع اتفاقيه رقم 127، فى 29 رمضان سنة 1269 هـ = 1853 م) وكانت الوظيفة التى ينتمى إليها تعرف باسم احتساب، وكانت مهمتها الأولى تنظيف الشوارع. وحدث بعيد إنشاء إدارة شرطة على أحدث الأساليب على يد ناصر الدين شاه سنة 1298 هـ (1880 م) أن وضع الاحتساب من ضمن صلاحياته (اعتماد السلطنة: روز نامه، بتاريخ 5 صفر سنة 1299 هـ = 881 م، مخطوط فى مكتبة ضريح الإمام رضا فى مشهد). وفى عام 1312 هـ (1894

ص: 3750

1895 م) كانت مصلحة الاحتساب فى طهران تتكون من مدير ونائبى مدير وعدد من الفراشين والسياس، والسقايين، الخ (اعتماد السلطنة، تاريخ وجغرافياى سوادكوه، طبعة على الحجر، طهران سنة 1311، الفهرست). وثمة فقرة فى جريدة "تربيت" العدد 58 فى 26 شعبان سنة 1315 هـ (30 يناير سنة 1898 م) موجهة إلى منظم السلطنة، وزير النظمية والاحتسابية، تمتدحه لجهوده فى تنظيف الشوارع وتيسير المرور فيها، وتعديل الأسعار، ومنع السلوك السئ والسرقة، ومنع إساءة معاملة حيوانات الجر والحمل. وهكذا ما إن حلت نهاية القرن التاسع عشر حتى بطل وجود المحتسب من حيث هو موظف دينى مكلف بمراقبة الضمير العام، وأما مهامه التى بقيت فقد اضطلعت بها إدارة الشرطة.

واستمرت "أمور حسبى" تطبق إلى القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين تحت إشراف "مراجع التقليد"، فلما دخل نظام المحاكم الحديثة فى عهد رضا شاه بهلوى اقتصرت "أمور حسبى" على جمع الخمس والزكاة، أما أمور إدارة التركات والوصايا ورعاية القصر وتعيين الأوصياء، الخ. فقد انتقلت إلى المحاكم (انظر القانون المسمى "قانون أمور حسبى"، المؤرخ: تير سنة 1319 هـ = 1940 م).

المصادر:

وردت فى صلب المادة.

4 -

شبه القارة الهندية

لم يكن لنظام الحسبة، بالمعنى الدقيق القديم، وجود فى شبه القارة الهندية الباكستانية، فى الحقبة من القرن الخامس الهجرى (الحادى عشر الميلادى) إلى القرن الثالث عشر الهجرى (التاسع عشر الميلادى) وكانت العقبة الكبرى هى تعدد ألوان السكان، وكان معظمهم من غير المسلمين. وإذا استثنيا السلاطين بلبن (664 هـ - 686 هـ = 1266 م 1287 م) وفيروز شاة تُغْلق (752 هـ - 790 هـ = 1351 م - 1388 م) وسكندر لودى (894 - 923 = 1489 م - 1517 م) وأورنكزيب عالمكير - وهذا الاستثناء

ص: 3751

ينطبق عليهم من بعض الوجوه - فحسب فإن أحدا من حكام الهند المسلمين لم يحاول أن ينفذ الأحكام الشرعية، إما خوفا من وقوع فتنة بين السكان الهندوس المحليين، أو لقضاء مأرب سياسى، والدليل الساطع على ذلك التدابير المتزندقة التى اتخذها أكبر وكان السلاطين منذ البداية الأولى لحكمهم بلدا من البلاد بالفتح فى معظم الأحيان (من القرن السابع إلى القرن العاشر الهجرى = القرن الثالث عشر إلى القرن السادس عشر الميلاديين) قد أدركوا أن المسلمين، فى وضعهم هذا بالهند، لا يمكن أن يسمح لهم بالتهاون فى أمور الدين أو الأخلاق إلا على حساب التماسك والوحدة أو فى بعض الأحيان، لقيام دولتهم حديثا. ومن هنا كان يعين دائما محتسب وقاض فى أية مستعمرة إسلامية يتم إنشاؤها أو مدينة لها حامية (انظر منهاج السراج: طبقات ناصرى، ص 175؛ العتبى، تاريخ يمينى، ص 288؛ تاج المآثر ورقة 185) ولم يغفل هذا بلبن، الذى كان يرى أن وجود مصلحة للحسبة، على درجة كبيرة من الكفاية، ضرورة جوهرية للحكم الصالح، ولم يحدث أن قصر فى هذا، كما فعل أسلافه، حتى فى الجهات الصغيرة التى لا أهمية لها.

وإنا لنقرأ فى سفرنامه قاضى تقى متقى بجنور (سنة 1909، ص 2 وما بعدها) أن إيلتمش (608 هـ 633 هـ = 1211 م -1236 م) قد عين قاضيا فى أمباله التى لم تكن وقتذاك أكثر من دسكرة تسكنها بضع مئات من الأسر من عناصر شتى: وفى عهد السلطنة كانت الوظائف التى يقوم بها المحتسب والقاضى، والعلاقات بينهما، لا تختلف كثيرا عنها فى البلاد الكبرى (انظر ما سبق)، فقرة 1. وكان السلطان يتدخل أحيانا بشخصه للخلاص من العادات والبدع الخارجة على الدين أو المخالفة لأحكام الإسلام، وكذلك يتدخل فى الأمور التى تقع خارج الاختصاص العادى للمحتسب. مثال ذلك أن فيروز شاه تُغْلق منع كثيرا من الشعائر الشائعة، التى كان يرى أنها مخالفة لمبادئ الدين (انظر فتوحات فيروز شاهى، طبعة ش عبد الرشيد، عليكره سنة 1954، ص 6 - 11). ومع ذلك

ص: 3752

فإن السلطان كلما ازدادت قوته وازداد نصيبه من تقوى الله اشتد شوقه إلى رفع مستوى الأخلاق ونشر الصلاح بين شعبه. ويشيد أمير خسرو بالحسبة التى كان يقوم عليها خلجى، ذلك أنه حرص بخاصة على تدفق المؤن والرقابة على أسعار الأقوات. ومنع السلطان منعا باتا شرب الخمر، والقمار وغيرهما من الآفات الاجتماعية والخلقية، إذ كان يعتقد أنه لم يتشدد فى الرقابة على أخلاق الجمهور فإن العقوبات الرادعة التى توقع على مختلف الآثمين المخالفين لأحكام الشريعة سوف تكون لا معنى لها، وقد وقع تغلق (725 هـ - 752 هـ = 1325 م - 1351 م) فى عهده هذه العقوبات بقسوة لا مثيل لها من قبل. وكان شديد الحماسة للمضى فى تنفيذ الاحتساب إلى حد أنه كان أحيانا يقوم شخصيا بعمل المحتسب وكان يختبر المسلمين فى المبادئ الأولى للعقيدة. وكان المحتسب فى عهده موظفا يتبوأ مكانة رفيعة، وكان فى رواية القلقشندى (صبح الأعشى، جـ 5، ص 94؛ الترجمة الانجليزية الجزئية التى قام بها O. Spies شتوتجارت سنة 1936، ص 72) وابن فضل الله العمرى (مسالك الأبصار، الترجمة الإنجليزية الجزئية التى قام بها ش. عبد الرشيد، عليكره سنة 1944، ص 242) يتقاضى مرتبًا شهريا قدره 8،000 تنك. وأولى السلطان اهتماما خاصا بإقامة الصلاة. وفى رواية لابن بطوطه (جـ 3، ص 292؛ الترجمة التى قام بها Von Mzik، ص 149) أن سيدة من الأسرة المالكة رجمت لأنها ارتكبت جريمة الزنا، فلقيت حتفها. وبالمثل كان الحد على شاربى الخمر، علاوة على الحبس المنفرد ثلاثة شهور، ويشهد كل من برنى (تأريخ فيروز شاهى، ص 441) وابن بطوطة (المصدر نفسه) بمستوى الحسبة الرفيع الذى حافظ عليه السلطان تُغْلق غياث الدين (720 هـ 725 هـ = 1320 م = 1325 م) ولم يألُ ابنه محمد تُغْلق جهدا فى مراعاة الشعائر الدينية حتى فى بلاطه. وكان سكْندر لودى لا يقل حماسة فى مضيه فى إقامة الحسبة بسائر أرجاء مملكته. وقد تخلص بشجاعة من عادة شائعة لها مكانة رفيعة فى ذلك العهد، وهى

ص: 3753

حمل حراب (نيزات) إلى ضريح البطل الأسطورى غازى مسعود سالار، فجدد العمل بقانون فيروز تُغّلق الذى يمنع زيارة النساء للقبور والجبانات. وفى الوقت نفسه يجب أن نؤكد أن الاحتساب كان لا ينفذ إلا على المسلمين، أما غير المسلمين فكانوا يخضعون لأحكام دينهم أو لقوانينهم الشخصية أو لما جرى به العرف فى البلاد.

وكان المحتسب يقوم بمهمة جليلة أخرى هى نصرة الدين الحنيف ومنع الزندقة. وكان المعلمون والأساتذة فى المعاهد الدينية وكذلك الوعاظ الشعبيون يلزمون الحذر الشديد فى محاضراتهم وأقوالهم خوفا من المحتسب. وقد حارب فيروز بنجاح القرامطة الذين أثاروا فتنا كثيرة فى دلهى فى عهد "رضيّه"(634 هـ - 637 هـ = 1236 م - 1240 م)، ذلك أننا لم نعد نسمع بعد ذلك أى خبر عن نشاطهم، ولا نسمع الكثير عن المحتسب أثناء حكم أسرتى لودى والسادة، ولكن هذا لا يعنى أنه كان وقتذاك قد اختفى من الوجود. وعلى حين كان شير شاه سور (945 هـ - 952 هـ = 1538 م - 1545 م) مشغولا إلى حد كبير بتوحيد مملكته وبالإصلاحات الإدارية، فإن خلفه إسلام شاه (952 هـ - 960 هـ = 1545 م - 1552 م) اهتم مباشرة بالمسائل الدينية، فقد اتخذ مثلا تدابير شديدة جدا ضد المهدوية أى أتباع سيد محمد الجونّبورى الذى كان يعدَّه زنديقا، وأمر بتوقيع أشد العقاب على اثنين من مريديه هما عبد الله نيازى سِرْهندى وشيخ علائى فقد ضرب الأول حتى الموت، وأما الثانى فقد أعدم (ayyid Muhammad: A. S. Bazmee Ansari Jawnpuri and his movement فى Islamic studies، كراتشى، جـ 2 - 1، مارس سنة 1964).

وخلافا لهذا يرى بعض المؤرخين المحدثين أنه إذا صح من حيث النظر أن نقول أن سياسة الدولة إبان عهد السلطنة كانت موجهة إلى المضى فى تنفيذ الحسبة، فإن أحكام الشرع من حيث العمل كانت لا تلقى إلا القليل من الاهتمام، وشاهد ذلك أن برنى يقول إن

ص: 3754

العقوبات التى كانت تقرر على المسلمين لا تسير على ما أتى به القرآن. وبالمثل يمكن القول إنه قلما كانت تراعى القواعد التى تبين الحلال والحرام. ويروى أن أمير خسرو قال أيضًا إن تقاضى الفائدة كان شائعًا فى عهده، بل إنه كان على القاضى أن يسلم بهذا الواقع عندما يكون هناك عقد مكتوب بين الطرفين (انظر محمد حبيب الله The foundation of Muslim rule in India الله آباد سنة 1961، ص 349). ولكن هذه أمثلة فردية، قد تكون استثناء أكثر منها قاعدة.

وفى أثناء الفوضى التى أعقبت وفاة شير شاه، كان نظام الحسبة قد انهار فيما يظهر، ورأى المغل، لأسباب شخصية وسياسية، أنه ليس من الملائم إحياء هذا النظام، الذى تعرض إثر هذا لانتكاسة شديدة. وكان بابر من أشد المولعين بشرب الخمر وكان همايون مدمنا للأفيون، ولم يكن ليشذ عنهما أيضًا جهانكير، فقد كانت الخمر نقيصته الكبرى. وبالرغم من أن ابنه وخليفته شاه جهان كان معتدلا فى شرب الخمر فإنه لم تكن لديه من الشجاعة ما يجعله يفلت تمامًا من إسار تقاليد أسرته أو ما يدفعه إلى المضى فى تنفيذ الحسبة بحزم. وفى غضون زيارة له للبنجاب، أبلغ بأن بعض الهندوس فى كجرات تزوجوا من نساء مسلمات فأمر بفسخ هذه الزيجات وإعادة النساء إلى أسرهن (انظر عبد الحميد لاهورى، بادشاه نامه، جـ 2، ص 57 - 58). وكان أورنكزيب هو وحده الذى أظهر الاحترام الشديد للدين وقام بتنفيذ الحسبة بحزم. وأدرج نصا خاصا فى قانون العقوبات السارى فى عهده (انظر The adminis-: M. B. Ahmed tration of justice in Mediaeval India عليكره سنة 1941، الملحق 2، ص 6 - 7) بشأن معاقبة الأشخاص الذين تثبت عليهم جريمة شرب الخمر أو تعاطى المخدرات مثل الحشيش والأفيون. وأمر بإعدام سَرْمد المتوفى عام 1710 (1639 م). وهو رجل اعتنق الإسلام كان صوفيا من أنصار الموفقة بين المذاهب على أساس أنه رفض أن يستر عُرْيه - وهذا انتهاك خطير للآداب العامة. وفى الحقيقة ليس هناك إلا أساس ضعيف نستند إليه فى مخالفة

ص: 3755

القول "إن الأباطرة المغل لم يتمسكوا (أبدًا) بمبادئ الدين الإسلامى .. وفى بعض الجرائم كانت الحدود لا تختلف عما نص عليه القرآن وفى أمور أخرى أنصرفوا عن أحكام القرآن، والأسباب التى دعتهم إلى هذا الانصراف هى أولا أنه كانت هناك حالات كثيرة لا تدخل تماما فى نطاق الأحكام الشرعية وثانيا لأنه فى كثير من الحالات كانت الضرورات الاجتماعية والسياسية تقتضى علاجًا مختلفًا"(انظر P. Saran: -The provincial government of the Mu ghals، ص 381 - 382). وعلاوة على ذلك فإن لدينا جميع الأسباب التى تدعو إلى الاعتقاد بأن المحتسب فى عهد السلطنة قد استبدل به الكُوطُوال، وهو موظف علمانى، كانت مهمته تشبه إلى حد قريب جدًا مهام المحتسب، والفرق الوحيد بينهما هو أن الأول كان يواجه جميع ضروب الجرائم والأعمال الخارجة على القانون، على حين كان الثانى لا يهتم إلا بالأعمال المخالفة للشريعة الإسلامية. وقد وجد المُغل أن من المناسب إداريا أن يعهد بواجبات المحتسب إلى الكوطْوال، مع ما فى ذلك من آثار ضارة على الدين وأخلاق المسلمين فى الهند ثم على حياتهم الاجتماعية والثقافية وأخيرًا على حكومتهم.

المصادر:

(1)

العتبى، كتاب يمينى، الترجمة الانجليزية التى قام بها J.Reynolds، لندن سنة 1838، ص 288.

(2)

حسن نظامى فى تاج المآثر (مخطوط فى مجموعة الكاتب الخاصة)، ورقة 185.

(3)

منهاج السراج: طبقات ناصرى، كلكتة سنة 1864، ص 175.

(4)

برنى: تأريخ فيروز شاهى، كلكتة سنة 1862، ص 35، 41، 72، 285، 441.

(5)

فتوحات فيروز شاهى، تحقيق ش. عبد الرشيد، عليكره، سنة 1944، ص 2 وما بعدها.

(6)

كاتب غير معروف: سيرة فيرو شاهى، مخطوط بمكتبة أزد، عليكرة، الورقتان 128، 180.

ص: 3756