الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حسين رحمى
عين من أعيان المدرسة التركية الحديثة فى الأدب، وهو من أكثر الكتاب قراءً إن لم يكن أشهر كتاب الترك قاطبة فى الوقت الحاضر، وترجع مكانته الكبيرة إلى تصويره الفائق لحياة الجماهير، فهو يرسم هذه الحياة رسمًا بارعًا زاهى اللون فى صور سريعة تعكس محيط هذه الحياة بكل ما فيه من نضرة وبعد عن الكلفة. وفى مؤلفاته شئ من فن القصاص الشعبى ومهارتهم الفائقة فى محاكاة حياة الجماهير اليومية فى خشونتها وواقعيتها، تلك الحياة التى كان رحمى أول من أدخلها فى الأدب التركى. وتمثل مشاهده التى نقلها من الحياة اليومية لغة العوام من أهل البلد، وهى بمثابة مصدر دائم للبحوث اللغوية والجنسية بمصطلحاتها التى تغيب مدلولاتها ومعانيها الدقيقة فى بعض الأحيان عن المؤلف نفسه والتى نبحث عنها عبثًا فى غيره من المظان. ولرحمى إلى جانب هذا الأسلوب الطبيعى الواقعى الذى يرفع شأنه أبدًا أسلوب آخر يناقض هذا بشكل ظاهر يفترض أنه ممتاز ينم عن الثقافة، وهو ذلك الأسلوب الخليط بين لغة الصحافة واللغة التركية الرسمية المعقدة المعروفة باسم "باب عالى أسلوبى" وهو ينزل برحمى إلى مستوى الكتاب العاديين. وإذا تركنا جانبًا تلك المشاهد التى رسمها للحياة العامة فإن ما بقى من صنعته الفنية الأخرى لا يعدو المستوى المتوسط العادى. ومن يقرأ روايات رحمى لا يلبث أن يشعر بأنه يشاهد مجموعة من الصور الرائعة إلا أنها تفتقر افتقارًا شديدًا إلى الشرح والبيان.
وأكثر رحمى فى السنوات الأخيرة من مجادلاته النظرية، إلا أنه مع ذلك لم يأخذ صناعة التأليف مأخذ الجد. ذلك أن الشهرة واتته هينة سهلة فحال ذلك دون نمو مواهبه نموًا قويًا مثمرًا وإبراز موضوعاته التى غلبت عليها الخلاعة إبرازًا ناضجًا فنيًا. إما فى بنائه لفكرة قصصه فهو يكاد يترك كل شئ دون أن يوفيه حقه، فضلا عن أن أفكار
قصصه ساذجة ينقصها لباقة العرض، ثم إن محاولته القيام بدور المرشد والمعلم فى حوادث قصصه الثانوية كثيرًا ما تقضى على الأثر الفنى للمشاهد التى استقاها من حياة الجماهير.
ويصرح رحمى، وهو الذى درس عيون الأدب الفرنسى، أنه واقعى، وإن كان ينعى على زولا تطرفه الشديد فى الواقعية. وكانت فكاهته واختياره للموضوع ومنهاجه فى معالجته سببًا فى نعته بذلك الاسم المناسب ألا وهو بول ده كوك Paul de Kocks الترك. وقد دفعته وطنيته المتأججة إلى إبراز خصائص أمته ودافع عنها مستهجنًا التقليد السقيم للعادات الأجنبية، وكشف عن المضار التى تلحق بالمجتمع العثمانى من وراء ذلك التقليد الأعمى للمظاهر الأوربية الكاذبة، وهو مع ذلك يتجنب فى حزم أى تقديس لصفات قومه ولذلك فهو يتندر بسنن المجتمع التركى القديم ويقرنها بالبدع المستحدثة.
وبدأ رحمى نشاطه فى الأدب بالترجمة عن اللغة الفرنسية، ونجد مثالا لذلك فى المجلد الثالث من "أراكل كتابخانه سى جيب رومانلرى"(الآستانة عام 1309 هـ الموافق 1891 - 1892 م) وهو يشمل "باريس ده برتأهل"(زواج فى باريس) وقصة فكاهية لجول كلارتى Jules Claretie هى "إيكى رفيق تحرير" وكذلك ترجمة لـ Frederic et Bernerette لألفرد ده موسيه.
وأول كتاب ألفه حسين رحمى هو فى السخرية من تقليد العادات الأوربية: "أيينه ياخود شيق"(المرآة والغندور) وهو يفصح عن الصفة الحقيقية لمواهبه. وأصدر فى عام 1313 هـ (1895 م) القصة الفكاهية الهجائية المسماة "المربية"(الطبعة الثانية عام 1315 هـ) ولعلها أحسن مؤلفات رحمى، وهى التى جلبت له الشهرة توًا. ولقد هاجم رحمى بشجاعة طريقة التعليم الشائعة بالآستانة وما يلابسها من مربيات هن على الأغلب من
المعلمات المشكوك فى سلوكهن. وأحدثت روايته التى ظهرت فى جريدة "إقدام" مسلسلة شأن معظم مؤلفاته بلبلة كبيرة فى الأفكار وأثارت السخط فى جميع أوساط المحافظين لإباحيتها كما أسخطت التقدميين لعدائها الصريح لحركة التقدم. وكانت سببًا فى قيام حملة صحفية قوية على رحمى وجريدة إقدام ذاتها. أما مجموعة الرسائل الفكاهية المسماة "المطلقة"(1314 هـ = 1896 م) والتى قام بترجمتها إلى الألمانية إمهوف باشا Imhoff Pasha فى صوره عن الحياة التركية (جـ 1) فكانت موجهة إلى ما فى نظام الطلاق من قسوة لا مسوغ لها، وبذلك عالج رحمى مسألة تحرير المرأة وهى من المسائل الشائكة فى تركيا. وقام فريدريش جيس Friedrich Giese بترجمة بعض الفقرات الشائقة من رواية "عفت"(أى العفة) وظهرت فى العام ذاته باسم عفت - Die Volkssyenen aus Husen Ra -Orien فى humis Romam Theodor -talische Studien Noldeke Zum 70 Ge 1906، burtstag gewidmet ثم ظهرت "بر معادله سودا" أى اتزان الحب. وظهرت فى عام 1315 هـ (1897 م) أطول رواياته المسماة "الحظية" وبها دلائل على التأخر والسقوط. وظهر فى عام 1316 هـ (1898 م) كتابه "تصادف" ثم كتاب "نعمت شناس" فى عام 1319 هـ (1901) وأخذت الصفات الفنية لروايات رحمى تزداد تدهورًا منذ أصدر رواية "شيب سودى". وفى هذه الرواية نفسها وصف لرقص الزنجية مع الأغا، وهذا الرقص على شهوانيته إلا أنه جدير بأن يوصف بأنه درة من درر رحمى فى الوصف. وقد جرت عليه مؤلفاته الأخيرة "قويروقلى يلدز التينده بر ازدواج"(زواج بين المذنبات)، و"غول يبانى"(غول الصحراء)، و"جادى"(الساحرة) نقدًا مرًا وخاصة من الوسط الأدبى لمجلة رباب (مدرسة فكرت) ومن شهاب الدين بالذات. أما مؤلفه الأخير المسمى "جادى جاربيور"(الساحر ينقر) الذى ظهر عام 1329 هـ (1910 م) مصدرا