الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
شاعرنا الإِسلامي المصلح الكبير الإِمام الأكبر محمد الخضر حسين -رضوان الله عليه- راية هدى، وداعية إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وديوانه "خواطر الحياة" روضة من رياض الحق والخير والسمو الخلقي، وقف حياته الطاهرة على الجهاد في سبيل الله، ومن أجل نصرة الشريعة، فكان شعره كنثره هما سلاحان ماضيان للذود عن الإسلام وللدعوة إلى الإِسلام.
ولم يكن الشعر في نظره إلا دافعاً للشعوب التي تقاسي الاضطهاد، وحماساً لها ضد الجور والظلم، يقول في إحدى قصائد الديوان:
وأنفع الشعر ما هاج الحماسة في
…
شعب يقاسي اضطهاد الجائرِ الأشِرِ
لو لم أخف وخز تثريب يصول به
…
عليّ ناقد شعري من بني مُضرِ
لقلت: لا شعر إلا في قريحة من
…
يبيت من شقوة الأوطان في سهرِ
من ذا يقيم على أرض يظللها
…
ضيم ويحسن وصف الدلِّ والحور
وإذا صنع القريضَ نقداً، فالإصلاح غايته ومرماه، وإذا رثى بقصيدة، فلعبرة ومأثرة، وإذا مدح، فللخصال الحميدة التي رآها في ممدوحه، وإذا وصف، أبدع، فازداد الأدب السامي ثراءً وجودة.
لعلو همته، ورفعة شأنه، وعاطر سيرته، أغضى عن بعض فنون الشعر، فلم ينظم إلا ما اطمأنت إليه نفسه، وارتاح له ضميره، وابتغى به وجه الله
-سبحانه وتعالى، وعزة الإِسلام، وقليل من الشعراء في كل عصر ومصر من كان على هذه المرتبة الراقية من الإباء والشمم. يقول شاعرنا:
ولم أُنض القريحةَ في نسيب
…
ولا عَذَلاً شكوت ولا بعادا
فما أهوى سوى لغة سقاها
…
قريش من براعتهم شِهادا
وطوقها كتابُ الله مجداً
…
وزاد سنا بلاغتها اتقادا
من الشعراء من نظم شعره إرضاء للباطل حتى يقتات من موائده، فغوى مع الغاوين، وهام في كل واد مع الهائمين، يمدح طاغية ليتصيد لقمة، ويخوض في بحر الكذب حتى القمة.
ومنهم من حمل بضاعة شعره يعرضها في كل سوق رائجة، يصوغ الشعر تكلفاً وتكليفاً، وينظمه أحجاماً وطبقات.
ومنهم من اتخذ الشعر لبث اللهو، وإرضاء الشهوة، فانحط به إلى الدرك الأسفل من الرذيلة، فكان مهرجاً لا شاعراً.
يقول الإِمام الشاعر:
وفي الشعراء من ضاقت خُطاه
…
وفاتته الحقائق وهي شتى
فراح يخال لهو القول جدّاً .. وينفث في مكان الرشد بهتا
وشعر العرب ذو نظم فرفقاً
…
بها إن شئت رفقاً واستطعتا
هذا وقد أضفتُ إلى هذه الطبعة الرابعة ما عثرت عليه من شعر شاعرنا الكبير في أوراقه الخاصة، أو في الصحف والمجلات والكتب، وحاولت الجهد أن أشير إلى مرجع كل قصيدة أو مقطعة، والمناسبة التي قيلت فيها، وتاريخ النظم.
ومن الأمانة في العلم القول: إننا قد حافظنا على شرح وتعليق العالم الفاضل المرحوم الشيخ محمد علي النجار في طبعة الديوان عام 1373 هـ - المطبعة السلفية بالقاهرة -جزاه الله خيراً-.
إن هذا الديوان "خواطر الحياة" جدير بأن يتناوله رجال الفكر والأدب بالتحقيق الواسع والدراسة المستفيضة، وإعطاء صورة صادقة لشاعرية المؤلف. والله نسأل التوفيق والهداية في خدمة رسالة الإِسلام.
علي الرّضا الحسيني