المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مشاهداتي في الحجاز - موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين - ٧/ ٢

[محمد الخضر حسين]

فهرس الكتاب

- ‌(13)«دِيوَانُ خَواطِرُ الحَيَاةِ»

- ‌المقدمة

- ‌مقدمة خواطر الحياة

- ‌قافية الألف

- ‌أيْ فلسطين

- ‌[بعض أمراضنا الاجتماعية

- ‌[العرب والسّياسة]

- ‌قوس الغمام

- ‌حمرة الشّفق

- ‌ما ليل أرضي

- ‌الأثرة بين الأصدقاء

- ‌قافية الباء

- ‌تحية المجمع

- ‌[أيها الإنسان]

- ‌[تدريس صناعة الإنشاء]

- ‌عبرات الأشجار

- ‌ريح تنسف في روضة

- ‌[وجه الموت غير كئيب]

- ‌[شكر على تقريظ]

- ‌تمثال الأخلّاء

- ‌الأخ الصديق

- ‌الأحرار

- ‌في مجلس أدب بتونس

- ‌في الدَّين

- ‌قطب رحى الحرب

- ‌العيد

- ‌ما بين السُّطور

- ‌ثوب المذنب كفن

- ‌تقلّب الزمان

- ‌[إهابة]

- ‌قافية التاء

- ‌[تقريظ]

- ‌[كيف ألقى النّعيم إن أنا متّ

- ‌تفريق الشعب

- ‌[تحايا الود]

- ‌[الإيمان روح السّعادة]

- ‌الضجر من كثرة الأسفار

- ‌خواطر مريض

- ‌سوسة العمر

- ‌معنى في أزجال البدو

- ‌أحمد تيمور باشا

- ‌رقّة الطّبع تزيد المودّة صفاء

- ‌قافية الثاء

- ‌[الانتصاف لعلم الشريعة]

- ‌قافية الجيم

- ‌الرأي النضيج

- ‌زهرة الدّنيا أخلائي

- ‌لم أكن بمداج

- ‌الشِتاء والرّبيع

- ‌قافية الحاء

- ‌[تهنئة بالقضاء]

- ‌يبغي الورد عذباً

- ‌عتاب على مزاح

- ‌رفقاً بها

- ‌[إغاثة قطاة]

- ‌[الرّجاء أساس كلّ نجاح]

- ‌[جناحان]

- ‌نهضة مصر

- ‌[ما أضيع البرهان عند المعاند

- ‌بلغ السّيل الزّبى

- ‌قافية الخاء

- ‌الشيوخ والفتيات

- ‌قافية الدال

- ‌فضل اللغة العربية

- ‌[بكاء على مجد ضائع]

- ‌زجاجات المصوّر

- ‌رثاء وزير

- ‌الوفاء بعهد الصّداقة

- ‌الصّداقة والعزلة

- ‌خلوا عداتي

- ‌الجرس

- ‌الهُدى والضّلال

- ‌الرّياء غش

- ‌[عواطف الصّداقة]

- ‌خاتم خالقي

- ‌أموت مجلِّياً

- ‌[بين المستشفى والمسجد]

- ‌ما رقمت يدي

- ‌سائل في زورق

- ‌[حسن العهد]

- ‌أنباء تونس

- ‌[المعارف والصنائع

- ‌فلسطين

- ‌[الحياة الاجتماعية]

- ‌قافية الذال

- ‌صيانة النفس عن الملق

- ‌قافية الراء

- ‌حياة اللغة العربية

- ‌[كذلك كان في الدنيا عليٌّ]

- ‌تشطير بيتين

- ‌حادي السّفينة

- ‌[ابتغ العزة للشرق]

- ‌مناجاة الفكر

- ‌على لسان قلم ناضل عن حق

- ‌أنت بدر الضّحى

- ‌شهر صوم وجهاد

- ‌قاذفات القنابل

- ‌التواضع والكبر

- ‌المحجر الصّحيّ بالمريجات

- ‌البرد في الحديقة

- ‌القطار في غوطة دمشق

- ‌الوفاء في اليسر والعسر

- ‌أرى سفري

- ‌[عهد الشّبيبة والمشيب]

- ‌أمنية عليل

- ‌نجوم الأرض

- ‌[ذكرى]

- ‌كيف ينشق القمر

- ‌قافية الزاي

- ‌ كم أخزى الهوى عرضاً

- ‌قافية السين

- ‌خواطر في دمشق

- ‌في الاعتقال

- ‌قافية الشين

- ‌لحا الله الغواية

- ‌قافية الصاد

- ‌التعليم الدّيني بمدارس الحكومة وجامعاتها

- ‌قافية الضاد

- ‌المحبّة الصادقة

- ‌قافية الطاء

- ‌العيد في برلين

- ‌يا منطقياً

- ‌قافية الظاء

- ‌رثاء أبي حاجب

- ‌بين الشفقة والشوق

- ‌قافية العين

- ‌أعمار زائفة

- ‌تحية المقام النّبوي ومناجاة الرّسول

- ‌وما الودّ إلا عهود تُراعى

- ‌خائنو أوطانهم

- ‌لم أذق طعم الذل

- ‌قافية الغين

- ‌كرم الأصل

- ‌قافية الفاء

- ‌[مناجاة النفس]

- ‌الصّداقة وحريّة الرأي

- ‌كبر الهمّة

- ‌التلميذ العاق

- ‌من عجيب السّحر

- ‌نشوة الشّعر

- ‌[معلّم الكشّاف]

- ‌منار بشاطئ نابلي

- ‌قافية القاف

- ‌ذكرى المولد

- ‌ولقد ذكرتك

- ‌أنت ريحانة الحياة

- ‌[لم أضع للودّ حقاً]

- ‌[الرّتيمة]

- ‌[صرخة المغرب

- ‌عدو الملق

- ‌عند ينبوع زغوان

- ‌يا قطار

- ‌قافية الكاف

- ‌الخلافة والانقلاب التركي

- ‌[على ضريح صلاح الدين

- ‌السّواك

- ‌ثلج في السّحر

- ‌طباب الشّرق

- ‌ليتني ما عرفتك

- ‌[رثاء]

- ‌قافية اللام

- ‌صقر قريش

- ‌[تحيّة الوطن

- ‌[هي ملقى الضدين

- ‌جذوة أو زهرة

- ‌الدَّيْنُ سُمٌّ

- ‌هذي السّفينة

- ‌الشُّعُور طليعة الفلاح

- ‌حبّ الوطن

- ‌في كل شيء له آية

- ‌الذّل في البطالة

- ‌من أديب إلى فقيه

- ‌من الفقيه إلى الأديب

- ‌[ذكرى المولد النّبوي]

- ‌[افتتاح مؤتمر المجمع اللغوي]

- ‌[بكاء على قبر]

- ‌الشّعر كالبيداء

- ‌[مساعي الورى شتّى]

- ‌كأني دينار

- ‌[الملك الطبيعي أو راعي الغنم]

- ‌فقدوا أحلامهم

- ‌مروحة الرّوح

- ‌برقيّة الشّوق

- ‌إحضار الأرواح

- ‌الرّجاء تعلة

- ‌النّدامى

- ‌ذر الخُمول

- ‌في الحبس

- ‌نخوة

- ‌قافية النون

- ‌مشاهداتي في الحجاز

- ‌[رضيت عن اغترابي]

- ‌عذاب الصّامتين

- ‌أسمع جعجعة ولا أرى طحنا

- ‌كلانا ناظر ورداً

- ‌أحمد الظعن

- ‌الزّيارة دعامة الصّداقة

- ‌ننجي الوطنا

- ‌خانها الحرّاس

- ‌على طريقة حديث عنقاء

- ‌الدّعاء للميّت خير من تأبينه

- ‌[من برلين إلى دمشق]

- ‌على النّيل

- ‌أزمير

- ‌قافية الهاء

- ‌تحية دمشق سنة 1356 ه

- ‌سرق الغمام

- ‌[ها هنا شمسُ علوم]

- ‌دقاقة الأعناق

- ‌[إلى الحاكم المسلم]

- ‌الكرمة

- ‌في مصنع الزجاج

- ‌إفحام العَذول

- ‌كفى المرء نبلاً

- ‌[ويحها من ساعة]

- ‌تقدير الأدب والألمعية

- ‌مرقاة العلا

- ‌القلب كالرّحى

- ‌قافية الواو

- ‌هي فطرة

- ‌قافية الياء

- ‌لوعة الفراق

- ‌[رثاء المرحوم تيمور باشا

- ‌لماذا يبكي الطفل ساعة ولادته

- ‌بطل الريف

- ‌أنت صدر أينما كنت

- ‌ الأَلْمَعِيِّ

- ‌أسرب القطا

- ‌العُمر وعاء

الفصل: ‌مشاهداتي في الحجاز

‌قافية النون

‌مشاهداتي في الحجاز

(1)

أَلِمَجْدٍ لا يَنالُ القاطِنينْ

وَدَّعَ الصَّحْبَ وَحَيَّا الظَّاعِنينْ (2)

شامَ في وِجْهَتِهِ يُمْناً وَلَوْ

زَجَرَ الطَّيْرَ لَمَرَّتْ باليَمينْ (3)

لا تَلومَا في النَّوى مَنْ هاجَهُ

لِلنَّوى لا عِجُ شَوْقٍ في الكَنينْ (4)

شاقَهُ الْبَيْتُ وَقَبْرُ المُصْطَفى

ورُبوعُ الخُلَفاءِ الرَّاشِدينْ (5)

سارَ شَوْطاً وَهْوَ لا يَدْري أَفي

حُلُمٍ أَمْ في زَمانٍ لا يَخونْ

ذَكَرَ "الخِضْرَ" و"موسى" إذْ أَتى

مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ مُرْتادَ السَّفينْ (6)

(1) نشرت في مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء الحادي عشر من المجلد الخامس.

(2)

الظاعن: السائر.

(3)

شام البرق: نظر إليه من أين يقصد وأين يمطر. اليمن: البركة. زجر الطير: تفاءل به، يقال: فلان يزجر الطير: أي: يعافها: وهي أن يرمي الطائر بحصاة، أو أن يصيح به، فإن ولاه في طيرانه ميامنة، تفاءل به، وإن ولاه مياسرة، تطيرّ منه. ونرى الشاعر يقول: لو زجر الطير، فهو لم يزجرها؛ لأن ذلك ضرب من الطيرة المنهي عنه.

(4)

النوى: البعد. الكنين: المستور، ويراد به: القلب والضمير.

(5)

شاقه الحب: شوقه إليه. البيت: الكعبة المشرفة بيت الله الحرام.

(6)

الخضر: صاحب النبي موسى عليه السلام. موسى: النبي موسى عليه السلام. =

ص: 210

رَكِبَ "الطَّائِفَ" يَطْوي الْبَحْرَ في

جَذَلٍ والْبَحْرُ كالشَّيْخِ الرَّزينْ (1)

وإذا هَبَّتْ جَنوبٌ طَرَدَتْ

ما يُلاقيهِ النَّدامى مِنْ شُجونْ (2)

هُمْ سُكارى ما احْتَسَتْ آذانُهُمْ

حِكْمَةَ الْقُرْآنِ في نُطْقٍ رَصينْ

وَدَلَوا مِنْ "رابِغٍ" فَاسْتَبَقوا

يَذْكُرونَ اللهَ جَهْراً مُحْرِمينْ (3)

في بَياضٍ ناصِعٍ تَحْسَبُهُمْ

بادِئَ الرَّأْيِ زُهوراً في الغُصونْ

رَسَتِ الطَّائِفُ في "جُدَّةَ" لا

بَرِحَتْ "جُدَّةُ" في حِصْنٍ حَصينْ (4)

رَحَلوا في جُنْحِ لَيْلٍ وَأَتَوا

مَكَّةَ الْغَرَّاءَ مِنْ نَحْوِ الحَجونْ (5)

في رِضا اللهِ خُطاً خاضوا بِها

في حَصًى يَغْبِطُهُ الدُّرُّ المَصونْ

دَخَلوا بَيْتاً حَرامَاً يَسْتَوي

فيهِ ذو التَّاجِ ومُغْبَرُّ الجَبينْ

شاهَدوا الكَعْبَةَ وَهْناً فَجَرَتْ

عَبَراتُ الْبِشْرِ مِنْ بَعْضِ الجُفونْ (6)

= مجمع البحرين: ملتقى مجرى بحري فارس والروم.

(1)

الطائف: اسم الباخرة التي ركبها صاحب الديوان من السويس إلى جدة.

(2)

الجنوب: ريح تقابل الشمال، ومنه:"إذا جاءت الجنوب جاء معها خير وتلقيح".

(3)

رابغ: بلدة على البحر الأحمر في الطريق بين جدة والمدينة المنورة، يحرم منها الحجاج القادمون من الشام ومصر والمغرب. المحرم: أحرم الحاج أو المعتمر: دخل في عمل حُرم عليه به ما كان حلالاً.

(4)

جدة: مدينة على البحر الأحمر، وهي ميناء مكة المكرمة، وباب الحجاج إليها بحراً، وقد أسسها سيدنا عثمان بن عفان، وبها قبر ينسب إلى حواء أم البشر.

(5)

الحجون: جبل بأعلى مكة المكرمة، عليه مدافن أهلها.

(6)

الوهن: نحو نصف الليل، أو بعد ساعة منه.

ص: 211

مُقْلَةُ الدُّنْيا فَإِنْ أَبْصَرْتَها

في سَوادٍ فَعُيونُ الْغِيدِ جُون (1)

لَثَموا مِنْ رُكْنِها الأَيْمَنِ ما

لَثَمَتْهُ شَفَتا طهَ الأَمينْ (2)

هِيَ بَيْتُ اللهِ إنْ طافوا بِها

وَهُمُ أَضْيافُ رَبِّ الْعالَمينْ

وَرَدوا "زَمْزَمَ" يَشْفونَ بها

ظَمَأَ الأَكْبادِ حيناً بَعْدَ حينْ (3)

لَوْ شَفى "عَمْرُو بْنُ كُلْثومٍ" بِها

غُلَّهُ عافَ خُمورَ الأنْدَرِينْ (4)

صَعِدوا "المَرْوَةَ" مِنْ بَعْدِ"الصَّفا"

وَسَعَوا لله سَبْعاً راجِلينْ (5)

وَقَفوا في "عَرَفاتٍ " مَوْقِفاً

يَطْرَحُ الآثامَ مِنْ ماضي السِّنينْ (6)

إنَّ دَهْراً طافَ ساقِيهِ بِما

تَشْتَهي أَنْفُسُهُمْ غَيْرُ ضَنينْ

(1) مقلة الدنيا: الكعبة المشرفة وهي مجللة بالسواد، شبهها الشاعر بعين الدنيا. الجون: جمع الجوْن: السود.

(2)

الركن الأيمن: الركن اليماني من أركان الكعبة، وهو إلى جهة المغرب.

(3)

زمزم: هي البئر المعروفة داخل الحرم المكي، قيل: سميت بها لكثرة مائها، يقال: ماء زمزم، وزمزام، وقيل: هو اسم علم لها.

(4)

عمرو بن كلثوم: (

- 40 ق هـ) شاعر جاهلي، ولد في شمال جزيرة العرب، ومات في الجزيرة الفراتية. وكان عزيز النفس فاتكاً شجاعاً.

(5)

الصفا والمروة: يمتد المسعى بين الصفا والمروة إلى الجهتين الشرقية والجنوبية من المسجد الحرام، وكل منهما عبارة عن سطح مرتفع يصعد إليه بمدرجات قليلة العدد، وبه الميلان الأخضران. قال تعالى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158].

(6)

عرفات: مكان اجتماع الحجيج، ويبعد عن مكة المكرمة نحو خمسة وعشرين ميلاً.

ص: 212

هَبَطوا "جَمْعاً" وَقَدْ سادَ الدُّجى

وحَدَوْا منْها المَطايا مُصْبِحينْ (1)

هَلْ دَرَى المَشْعَرُ إذْ عاجوا بِهِ

أَنَّهُمْ جُنْدُ إمامِ المُرْسَلينْ (2)

نزلوا "خَيْفَ مِنىً" حَيْثُ رَمَوْا

بالحَصى سَبْعاً عَلى وَجْهِ اللَّعينْ (3)

وأَتَوْا "أُمَّ القُرى" فَاطَّوَّفوا

ثُمَّ عادوا "لِمنىً" في العائِدينْ (4)

رَكَعوا في مَسْجِدِ الخَيْفِ وَهَلْ

أَحْرَزوا فيهِ ثَوابَ الخاشِعينْ (5)

وَقَضَوْا حَقَّ "مِنىً" وَارْتَحَلوا

بَعْدَ أَنْ أَذَّنَ بالعَصْرِ أَذينْ (6)

سَلْ "ثَبِيراً" ما لَهُ ظَلَّ بِها

مُلْقِيَ الرَّحْلِ وقَدْ بانَ الْقَطينْ (7)

أَفَلا يَحْمِلُ ما نَحْمِلُهُ

لِرُبى طَيْبَةَ مِنْ شوْقٍ مَكينْ

دَعْ "ثَبيراً" قاسِيَ الْقَلْبِ فَهَلْ

تلْفَحُ الأَشْواقُ صَخْراً فَيَلينْ

(1) جمع: هي المزدلفة: وسمي جمعاً؛ لاجتماع الناس فيه. الدجى: الظلمة.

(2)

المشعر: المشعر الحرام، قال الله تعالى:{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 198]، وقيل: إن المزدلفة كلها المشعر الحرام. ومعنى المشعر: معلم للعبادة.

(3)

خيف منى: سفح الجبل فيها. اللعين: إبليس.

(4)

أم القرى: من أسماء مكة المكرمة.

(5)

مسجد الخيف: مسجد في منى، وفي الحديث الشريف:"صلّى في مسجد الخيف سبعون نبيًّا منهم موسى". وبه المحراب والمنبر الذي خطب عليه النبي صلى الله عليه وسلم.

(6)

الأذين: المؤذن.

(7)

ثبير: جبل بمكة المكرمة، سمي كذلك باسم رجل من هذيل مات فيه، فعرف به، وكان فيه سوق في الجاهلية كسوق عكاظ. القطين: القاطن.

ص: 213

هَذِهِ مَكَّةُ ما لِلشَّمْسِ في

صُفْرَةٍ تَحْكي بِها وَجْهَ الحَزينْ

أَتُرينا والنَّوى قَدْ أَزِفَتْ

كَيْفَ تَصْفَرُّ وُجوهُ النَّازِحينْ

بَلْدَةٌ عُظْمى وَفي آثارِها

أَنْفَعُ الذِّكْرى لِقَومٍ يَعْقِلونْ

شَبَّ في بَطّحائها خَيْرُ الوَرى

وشَبا في أُفْقِها أَسْمَحُ دِينْ (1)

إِنْ عَزَمْنا النَّأْيَ عَنْها فالضَّرو

راتُ قَدْ تُنْئي خَديناً عَنْ خَدين (2)

* * *

سائِقَ السَّيَّارَةِ انْهَضْ نَغْتَنِمْ

فُرصَةً نَرْقُبُها مُنْذُ سِنينْ

خُضْ بِها الْبِيدَ على سَلْعٍ فَلي

حاجَةٌ في أَرْضِ سَلْعٍ وشُؤونْ (3)

بَيْنَ لَيْلٍ مِثْلِ أَحْداقِ المَها

ونَهارٍ مِثْلِ نَوْرِ الياسَمينْ (4)

أَحْمَدُ الإدْلاجَ والتَّأْوِيبَ إذْ

أَرَيَاني خَيْرَ ما تَهْوى الْعُيونْ (5)

أَمْتَعا طَرْفي بِمَرْأَى رَوْضَةٍ

أَوْدَعوا تُرْبَتَها خَيْرَ دَفينْ

رَوْضَةٌ يَصْبو إلَيْها كُلُّ مَنْ

عَرَفَ الحَقَّ وبالحَقِّ يَدينْ

(1) بطحاء مكة: ما بين جبليها المسميين بالأخشبين، وهما: أبو قبيس، والأحمر، وذلك صميم مكة، ومن كان يسكن البطحاء هم المحض واللباب من قريش، وكان دونهم من يسكن الظواهر من مكة. شبا: أضاء. أسمح دين: الإسلام.

(2)

الخدين: الصاحب والصديق.

(3)

سَلْع: جبل في ظاهر المدينة.

(4)

المها: جمع المهاة: البقرة الوحشية.

(5)

الإدلاج: السير أول الليل، وربما استعمل للسير آخر الليل. التأويب: السير جميع النهار.

ص: 214

شادَها الهادي عَلى أُسِّ التُّقى

وَتلا القُرْآنَ فيها جِبْرَئينْ (1)

حَرَمٌ كَمْ سُقِيَتْ حَصْباؤُهُ

في دُجى اللَّيْلِ دُموعَ القانِتينْ (2)

فَاسْألوا المِحْرابَ عَنْ بَدْرِ الهُدى

إذْ هَوى يَسْجُدُ في ماءٍ وَطينْ (3)

مَعْهَدُ الحِكْمَةِ لا يَنْبُتُ في

دَوْحِهِ إِلَّا الدُّعاةُ المُصْلِحونْ

مِدْرَسٌ لِلْحَرْبِ لَمْ يَرْمِ العِدا

قَطُّ إِلَّا بِالكُماةِ الفاتِحينْ (4)

ثُكْنَةٌ لِلْجُنْدِ والْقَضْبِ إذا

لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ الحَرْبِ الزَّبونْ (5)

حُجُراتٌ مُلِئَتْ طُهْراً أما

عَمَّرَتْها أُمَّهاتُ المُؤْمِنينْ

لُقِّنَتْ فيها حُقوقٌ أَنْقَذَتْ

رَبَّةَ المَنْزِلِ مِنْ أَسْرٍ يَشينْ

(1) جبرئين: جبريل عليه السلام.

(2)

الحرم: الحرم النبوي الشريف، ومعنى الحرم: ما لا يحل انتهاكه. الحصباء: الحصى، الواحدة حصبة. القانت: القائم بالطاعة، والدائم عليها، والمصلي.

(3)

يسجد في ماء وطين: في هذا البيت يلمح الشاعر لما ورد في "صحيح البخاري " عن أبي سعيد رضي الله عنه، قال: اعتكفنا مع النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان، فخرج صبيحة عشرين، فخطينا، وقال: "

إني رأيت أني أسجد في ماء وطين، فمن كان اعتكف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليرجع "، فرجعنا، وما في السماء قزعة (قطعة من السحاب)، فجاءت سحابة، فمطرت حتى سال سقف المسجد، وكان من جريد النخل، وأقيمت الصلاة، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين، حتى رأيت أثر الطين في جبهته صلى الله عليه وسلم.

(4)

المِدْرس: الموضع الذي يدرس فيه. الكماة: جمع الكمي: الشجاع.

(5)

القَضب: ما قطعت من الأغصان للسهام والقسي، ويقصد بها: السلاح والعتاد الحربي. حرب زبون: يدفع بعضها بعضاً من الكثرة.

ص: 215

هأَنَذا في مُقامٍ مُؤْنِسٍ

كَسَنا الْبَدْرِ مَهيبٍ كالعَرينْ (1)

فَسَلاماً في حُضورٍ بَعْدَما

كادَ يُزْجِيهِ على البُعْدِ حَنينْ

* * *

جِئْتَ يا مُخْتارُ والْعَالَمُ في

لَيْلِ جَهْلٍ وضَلالٍ ومُجونْ (2)

فَمَحَوْتَ الهَزْلَ بالجِدِّ كَما

ذُدْتَ لَيْلَ الغَىِّ عَنْ صُبْحِ اليقينْ

وَأَقَمْتَ العِلْمَ صَرْحاً شامِخاً

وصَرَعْتَ الجَهْلَ طَعْناً في الوَتينْ (3)

سُسْتَ أَقْواماً فَساسُوا أُمَماً

بِيَدِ الإِنْصافِ في حَزْمٍ وَلِينْ

وقَضَوْا فيها بِشَرعٍ قَيِّمٍ

فَأَرَوْها كَيْفَ يَقْضي الْعادِلونْ

"خاتَمَ الرُّسْلِ" أَلَمْ يَأْتِكَ ما

حَلَّ بالأُمَّةِ مِنْ خَطْبٍ مُهينْ

وَيْلَها مِنْ مُرْهِقٍ في عَلَنٍ

وَخَؤونٍ في ثِيابِ النَّاصِحينْ (4)

لَيْتَ قَوْماً وَرِثوا هَدْيَكَ لَمْ

يُغْمِضوا عَنْ مُوبقاتِ المُتْرَفينْ (5)

لَيْتَ قَوْماً وَرِثوا الرَّايَةَ قَدْ

فَطِنوا لِلدَّاءِ والدَّاءُ كَمينْ (6)

* * *

(1) مهيب: يخافه الناس. العرين: مأوى الأسد.

(2)

المجون: الهزل: يقال: مجن الرجل مجوناً: كان لا يبالي قولاً وفعلاً.

(3)

الوتين: عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه.

(4)

المرهق: الحاكم الظالم الجائر الذي يحمّل الأمة ما لا تطيق. الخؤون: الخائن.

(5)

الموبقات: المعاصي.

(6)

الكمين: الداخل في الأمر لا يفطن له.

ص: 216

دِينُكَ الوَضَّاءُ ثارَتْ حَوْلَهُ

غُبْرَةٌ مِنْ شُبُهاتِ الْمُبْطِلينْ (1)

مِنْ يَدٍ تَرْميهِ في رَأْدِ الضُّحى

ويَدٍ تَرْميهِ مِنْ خَلْفِ الدُّجونْ (2)

ولَهُمْ في كُلِّ وادٍ قَلَمٌ

ولِسانٌ لاصْطِيادِ الغافِلينْ

كَمْ أزاغوا عَنْ عَفافٍ وهُدًى

مِنْ بَناتٍ طاهِراتٍ وَبَنينْ

لَمْ يَرُعْنا يا أَبا القاسِمِ مِنْ

جَوْلَةِ الغَيِّ دَوِيٌّ وَطَنينْ (3)

إنَّ في الشَّرْقِ شَباباً أَيْقَنوا

أَنَّكَ الدَّاعي إلى الحَقِّ المُبينْ

إنَّ أَسْنى المَجْدِ في شَعْبٍ إذا

سامَهُ الخَصْمُ أَذًى لا يَسْتَكينْ

وَقَفوا يَرْمونَ أَعْداءَ الهُدى

بِنِبالٍ قَوْسُها الْعِلْمُ المَتينْ

يَعْشَقونَ الْبَذْلَ في الخَيْرِ إذا

عَشِقَ الْمالَ طَغامٌ مُوسِرونْ (4)

يُؤْثِرونَ المَوْتَ في عِزٍّ على

أَنْ يَعيشوا تَحْتَ إرْهاقٍ وهُوْنْ (5)

وإلى الحَضْرَةِ ما حُمِّلْتُهُ

مِنْ تَحِيَّاتِ شبابٍ ناهِضينْ

* * *

(1) الغبرة: الغبار.

(2)

رأد الضحى: وقت ارتفاع الشمس وانبساط الضوء في الخمس الأول، وذلك شباب النهار. الدجون: جمع الدجن: إلباس الغيم الأرض وأقطار السماء، ويقصد بذلك: الظلمات.

(3)

أبو القاسم: النبي صلى الله عليه وسلم.

(4)

الطغام: أوغاد الناس، الواحد والجمع فيه سواء.

(5)

الهون: الخزي.

ص: 217