المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: بيان موافقة أبي الحسن الأشعري للسلف في إثبات الصفات الخبرية لله تعالى كالوجه واليدين والعينين وإبطال تأويلها - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ١

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأول: مقدمة في الفرق

- ‌الفصل الأول: الهدف من دراسة الفرق

- ‌الفصل الثاني: أهمية دراسة الفرق ورد شبهة من يريد عدم دراستها

- ‌المبحث الأول: تعريف الافتراق لغة واصطلاحا

- ‌المبحث الثاني: الفرق بين الافتراق والاختلاف

- ‌المبحث الأول: النصوص التي جمعت بين الأمر بالجماعة والنهي عن الفرقة في موضع واحد

- ‌المبحث الثاني: الأمر بلزوم الجماعة والتحذير من الفرقة

- ‌المبحث الثالث: بيان حال أهل الفرقة والاختلاف

- ‌المبحث الرابع: التأكيد على أسباب الاجتماع وبيان طرق تأليف قلوب المسلمين

- ‌المبحث الخامس: الفرقة والاختلاف عذاب وعقوبة

- ‌المبحث السادس: الإخبار أن الفرقة واقعة لا محالة ليعلم هذا ويحذر

- ‌المبحث السابع: الأصل في البشرية هو الوحدة والجماعة على التوحيد

- ‌المبحث الثامن: وصية الله لأنبيائه ورسله بالاجتماع على التوحيد الخالص لله رب العالمين ونبذ الفرقة واطراحها

- ‌المبحث التاسع: تبرئة الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم من أهل الافتراق

- ‌المبحث العاشر: النهي عن مشابهة المشركين وأهل الكتاب في تفرقهم واختلافهم

- ‌المبحث الحادي عشر: التفريق بين المسلمين من غايات وأهداف المنافقين والكافرين

- ‌المبحث الثاني عشر: الفرقة من وسائل الشيطان ومكائده التي ينصبها للمسلمين على مستوى الفرد وعلى مستوى الجماعة

- ‌المبحث الأول: الجهل

- ‌المبحث الثاني: الابتداع وعدم الاتباع

- ‌المبحث الثالث: تقديم الرأي على قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الرابع: الجدل والخصومات في الدين، والتأويل الفاسد

- ‌المبحث الخامس: الغلو في الدين، وردود الأفعال

- ‌المبحث السادس: التعصب المذهبي والطائفي، والتقليد للرجال، وتقديم أقوالهم على قول الله ورسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السابع: التنازع على السلطة والملك وحب الرئاسة والظهور والبغي

- ‌المبحث الثامن: الخروج عن طاعة أولي الأمر (العلماء والأمراء)

- ‌المبحث التاسع: التشنيع على أولي الأمر والتقول عليهم، وتأليب الناس ضدهم وتتبع زلاتهم والاحتجاج بها

- ‌المبحث العاشر: التشبه بالكافرين، واتباع سننهم

- ‌المبحث الحادي عشر: اتباع الهوى

- ‌المطلب الأول: ضرر الفرقة على الفرد المفارق

- ‌المطلب الثاني: ضرر الفرقة على المجتمع المسلم

- ‌المبحث الثاني: سلامة الصحابة رضي الله عنهم من الفرقة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: من هي الفرقة الناجية

- ‌المبحث الثاني: معنى قوله صلى لله عليه وسلم: ((كلها في النار إلا واحدة))

- ‌المبحث الثالث: منهج العلماء في عدَّ الفرق

- ‌الفصل الأول: الأخطار التي تحيط بأهل السنة والجماعة

- ‌الفصل الثاني: عقيدة فرقة السلف أهل السنة والجماعة

- ‌المبحث الأول: الألقاب الصحيحة

- ‌المبحث الثاني: الأسماء والألقاب الباطلة التي ينبز بها أهل الباطل أهل الحق من السلف الصالح

- ‌الفصل الرابع: أقوال السلف في وجوب التمسك بالسنة والحذر من البدع

- ‌الفصل الخامس: لزوم السلف جماعة المسلمين وتحذيرهم من التفرق وأدلتهم على ذلك

- ‌الفصل السادس: الثناء على السلف رحمهم الله تعالى

- ‌المبحث الأول: الجهود الحربية

- ‌المبحث الثاني: جهودهم في خدمة العقيدة

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: وسطيتهم بالنسبة للإيمان بذات الله تعالى

- ‌المطلب الثاني: وسطيتهم بالنسبة للإيمان بالأنبياء

- ‌المطلب الثالث: وسطيتهم في عبادة الله تعالى

- ‌المطلب الرابع: وسطيتهم في صفات الله تعالى بين أصحاب الأديان المحرفة

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: وسطيتهم بالنسبة لأسماء الله تعالى وصفاته بين الفرق المنتسبة إلى الإسلام

- ‌المطلب الثاني: وسطيتهم في الحكم على أصحاب المعاصي

- ‌المطلب الثالث: وسطيتهم في الإيمان بالقدر

- ‌المطلب الرابع: وسطيتهم في موقفهم من الصحابة رضي الله عنهم

- ‌الفصل التاسع: علامات وسمات الفرقة الناجية وعلامات وسمات الفرق الهالكة (مزايا العقيدة السلفية وأصحابها)

- ‌المبحث الأول: أشهر الأئمة

- ‌المبحث الثاني: أهم مؤلفات علماء السنة في بيان العقيدة السلفية والرد على المخالفين

- ‌الفصل الحادي عشر: تنبيهات مهمة على مسائل في العقيدة

- ‌المبحث الأول: تعريف الأشاعرة

- ‌المبحث الثاني: التعريف بأبي الحسن الأشعري

- ‌المطلب الأول: المراحل الاعتقادية التي مر بها أبو الحسن الأشعري

- ‌المطلب الثاني: سياق الأدلة على إثبات المرحلة الثالثة الأخيرة للأشعري

- ‌المبحث الثالث: ظهور علم الكلام

- ‌المبحث الرابع: نشأة المذهب الأشعري وانتشاره

- ‌المبحث الخامس: أسباب انتشار المذهب الأشعري

- ‌المبحث السادس: تطور مذهب الأشاعرة

- ‌المبحث السابع: بيان درجات التجهم ومنزلة الأشعرية فيه

- ‌الفصل الثاني: ترجمة لأهم أعلام الأشاعرة مع بيان منهجهم

- ‌المبحث الأول: حقيقة توحيد الربوبية عند الأشاعرة

- ‌المبحث الثاني: مقتضيات الإقرار لله تعالى بالربوبية عند الأشاعرة

- ‌المبحث الثالث: منزلة توحيد الربوبية عند الأشاعرة

- ‌المبحث الأول: التوحيد عند الأشاعرة

- ‌المبحث الثاني: عدم وضوح المنهج الأشعري في توحيد الألوهية وأسباب ذلك

- ‌المبحث الثالث: اعتراضات المتأخرين من الأشاعرة على إدخال توحيد الألوهية ضمن أنواع التوحيد

- ‌المبحث الرابع: الشبهات الرئيسة للمتأخرين من الأشاعرة في بعض مظاهر الشرك

- ‌المبحث الخامس: الدليل المعتمد في إثبات استحقاق الله تعالى للعبودية دون ما سواه

- ‌المبحث السادس: منع المتأخرين من الأشاعرة حمل الآيات التي نزلت في المشركين على من عمل عملهم ممن انتسب إلى الإسلام

- ‌المبحث السابع: تبرير متأخري الأشاعرة بعض صور الشرك بأدلة عقلية

- ‌المبحث الثامن: صلة الأشعرية بالصوفية، وأثر هذه الصلة

- ‌المبحث الأول: المسائل المتعلقة بالأسماء الحسنى عند الأشاعرة

- ‌المبحث الثاني: المسائل المتعلقة بالصفات عند الأشاعرة

- ‌المطلب الأول: صفتا السمع والبصر:

- ‌المطلب الثالث: كلام الله

- ‌المسألة الأولى: نشأة قول الأشاعرة في كلام الله، وأسبابه

- ‌المسألة الثانية: الرد عليهم في قولهم بالكلام النفسي

- ‌المسألة الثالثة: هل كلام الله بحرف وصوت

- ‌المسألة الرابعة: القرآن العربي كلام الله وغير مخلوق

- ‌المطلب الرابع: بين اللفظية والأشاعرة

- ‌المطلب الخامس: الحقيقة والمجاز

- ‌المطلب السادس: الصفة النفسية

- ‌المطلب السابع: الصفات السلبية

- ‌المطلب الثامن: أسماء الله وصفاته التي تسمى واتصف بمثلها المخلوقون هل هي من قبيل المشترك أو المتواطئ أو المشكك

- ‌المطلب التاسع: هل الصفة هي الموصوف أو غيره

- ‌المطلب العاشر: قاعدة التنزيه في الصفات عند الأشاعرة

- ‌المطلب الحادي عشر: التفصيل في النفي مع الإجمال في الإثبات

- ‌المطلب الأول: الأدلة العقلية ومنزلتها من الاستدلال

- ‌المطلب الثاني: أنواع الأدلة العقلية:

- ‌المطلب الثالث: الأدلة النقلية ومنزلتها من الاستدلال

- ‌المطلب الرابع: توهم التعارض بين الأدلة النقلية والعقلية وما يسلكونه من الطرق عندئذ

- ‌المطلب الخامس: المسلكان المأخوذان تجاه الأدلة النقلية عند التعارض

- ‌المسلك الأول: مسلك التفويض:

- ‌المسلك الثاني: مسلك التأويل

- ‌المطلب السادس: هل قال الإمام أحمد بالتأويل

- ‌المطلب السابع: قاعدة: القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر

- ‌المطلب الثامن: الرد عليهم في نفيهم للصفات الاختيارية

- ‌المطلب التاسع: أدلة نفاة الصفات الاختيارية ومناقشتها

- ‌المطلب العاشر: الصفات الاختيارية تفصيلا

- ‌المطلب الحادي عشر: الصفات الخبرية

- ‌المطلب الثاني عشر: العلو

- ‌المبحث الرابع: منشأ ضلال الأشاعرة في باب الصفات

- ‌المطلب الأول: معنى المتشابه، وهل الصفات أو بعضها منه

- ‌المطلب الثاني: منهج الأشاعرة في النفي في باب الصفات

- ‌المطلب الثالث: أن الصفات ليست من المتشابه

- ‌المطلب الرابع: أيهما الأصل العقل أم الشرع

- ‌المطلب الخامس: نقد القاعدة الكلية للرازي

- ‌المطلب السادس: فكرة التفريق بين العقائد والأحكام

- ‌المبحث الخامس: دليل الأعراض وحدوث الأجسام عند فرق المبتدعة

- ‌المطلب الأول: شرح دليل الأعراض وحدوث الأجسام عند الكلابية والأشعرية

- ‌المطلب الثاني: الرد على استدلال المبتدعة بقصة إبراهيم الخليل عليه السلام على مذهبهم

- ‌المطلب الثالث: الرد الإجمالي على استدلال المبتدعة بقصة إبراهيم الخليل عليه السلام على مذهبهم

- ‌المطلب الرابع: الرد التفصيلي على استدلال المبتدعة بقصة إبراهيم الخليل عليه السلام على مذهبهم

- ‌المطلب الخامس: الرد على استدلال المبتدعة بقول إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام: هَذَا رَبِّي [الأنعام: 76] على شرعية دليل الأعراض وحدوث الأجسام:

- ‌المطلب السادس: الرد على استدلال المبتدعة بقول الخليل عليه السلام: لا أُحِبُّ الآفِلِينَ [الأنعام: 76] على نفي قيام الصفات الاختيارية بذات الله تعالى

- ‌المطلب الأول: بيان موافقة أبي الحسن الأشعري للسلف في إثبات الصفات الخبرية لله تعالى كالوجه واليدين والعينين وإبطال تأويلها

- ‌المطلب الثاني: بيان موافقة أبي الحسن الأشعري للسلف في عدم التفريق بين صفة وأخرى

- ‌المطلب الثالث: بيان بطلان أن يكون للأشعري قولان في الصفات وبيان خطأ من حكى عنه ذلك

- ‌المطلب الرابع: اضطراب المنهج الأشعري وتناقضه في بعض مسائل توحيد الألوهية:

- ‌المطلب الخامس: اضطراب المنهج الأشعري وتناقضه في توحيد الأسماء والصفات

- ‌المطلب السادس: اضطراب المنهج الأشعري وتناقضه في الأدلة

- ‌المبحث الأول: انقطاع صلة الأشاعرة بأبي الحسن الأشعري في أكثر المسائل

الفصل: ‌المطلب الأول: بيان موافقة أبي الحسن الأشعري للسلف في إثبات الصفات الخبرية لله تعالى كالوجه واليدين والعينين وإبطال تأويلها

‌المطلب الأول: بيان موافقة أبي الحسن الأشعري للسلف في إثبات الصفات الخبرية لله تعالى كالوجه واليدين والعينين وإبطال تأويلها

لم يختلف قول أبي الحسن الأشعري في إثبات الصفات الخبرية لله تعالى التي في القرآن، وقد ذكر ذلك في مواضع كثيرة من كتبه:

فقال في "مقالات الإسلاميين": "وقال أهل السنة وأصحاب الحديث: ليس بجسم ولا يشبه الأشياء وأنه على العرض كما قال عز وجل: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه: 5]، ولا نقدم بين يدي الله في القول، بل نقول استوى بلا كيف.

وأنه نور كما قال تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [النور: 35].

وأن له وجهاً كما قال الله: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ [الرحمن: 27].

وأن له يدين كما قال تعالى: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص: 75].

وأن له عينين كما قال تعالى: تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا [القمر: 14].

وأنه يجيء يوم القيامة هو وملائكته كما قال تعالى: وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا [الفجر: 22].

وأنه ينزل على السماء الدنيا كما جاء في الحديث. ولم يقولوا شيئاً إلا ما وجدوه في الكتاب، أو جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" (1) اهـ. وقال في موضع آخر في سياق الاختلاف في العين والوجه واليد ونحوها:"وقال أصحاب الحديث: لسنا نقول في ذلك إلا ما قال الله عز وجل، أو جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنقول: وجه بلا كيف، ويدان وعينان بلا كيف"(2) اهـ.

وقال أيضاً: "هذه حكاية جملة قول أصحاب الحديث وأهل السنة

جملة ما عليه أهل الحديث والسنة الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله وما جاء من عند الله وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يردون من ذلك شيئاً ..... "، إلى أن قال: وأن الله سبحانه على عرشه كما قال تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه: 5].

وأن له يدين بلا كيف كما قال تعالى: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص: 75]، وكما قال سبحانه: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة: 64].

وأن له عينين بل كيف كما قال تعالى: تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا [القمر: 14].وأن له وجهاً كما قال تعالى: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن: 27](3) اهـ.

وقال في (الإبانة): "فصل في إبانة قول أهل الحق والسنة: فإن قال لنا قائل: قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافعة والمرجئة، فعرفونا قولكم الذي به تقولون، وديانتكم التي بها تدينون.

قيل له: قولنا الذي نقول به، وديانتنا التي ندين بها، التمسك بكتاب الله ربنا عز وجل، وبسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وما روي عن السادة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون، وبما كان يقول به أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل – نصر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته – قائلون، ولما خالف قوله مخالفون؛ لأنه الإمام الفاضل، والرئيس الكامل، الذي أبان الله به الحق، ودفع به الضلال، وأوضح به المنهاج، وقمع به بدع المبتدعين، وزيغ الزائغين، وشك الشاكين، فرحمة الله عليه من إمام مقدم، وجليل معظم، وكبير مفهم.

وجملة قولنا: .. " ثم ذكر أموراً إلى أن قول: "وأن له سبحانه وجهاً بلا كيف، كما قال تعالى: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن: 27].

(1)((مقالات الإسلاميين)) (1/ 284).

(2)

((مقالات الإسلاميين)) (1/ 290).

(3)

((مقالات الإسلاميين)) (1/ 345).

ص: 484

وأن له سبحانه يدين بلا كيف، كما قال سبحانه: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص: 75]، وكما قال سبحانه: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة: 64].وأن له سبحانه عينين بلا كيف، كما قال سبحانه: تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا [القمر: 14](1) اهـ.

وقال أيضاً: "الباب السادس الكلام في الوجه والعينين والبصر واليدين:

قال الله تبارك وتعالى: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص: 88]، وقال تعالى: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن: 27]، فأخبر أن له سبحانه وجهاً لا يفنى، ولا يلحقه الهلاك.

وقال تعالى: تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا [القمر: 14]، وقال تعالى: وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا [هود: 37]، فأخبر تعالى أن له وجهاً وعيناً ولا تكيف ولا تحد.

وقال تعالى: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا [الطور: 48]، وقال تعالى: وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي [طه: 39]، وقال تعالى: وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا بَصِيرًا [النساء: 134]، وقال لموسى وهارون عليهما أفضل الصلاة والسلام: إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه: 46]. فأخبر تعالى عن سمعه وبصره ورؤيته

"، على أن قال: "مسألة: فمن سألنا فقال: أتقولن إن لله سبحانه وجهاً؟

قيل له: نقول ذلك، خلافاً لما قاله المبتدعون، وقد دل على ذلك قوله تعالى: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن: 27].

مسألة:

قد سئلنا: أتقولون إن لله يدين؟

قيل: نقول ذلك بلا كيف، وقد دل عليه قوله تعالى: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [الفتح: 10]، وقوله تعالى: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص: 75].وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله مسح ظهر آدم بيده فاستخرج منه ذريته)) (2) فثبتت اليد بلا كيف" (3) اهـ. وقال في إثبات صفتي الرضا والغضب لله تعالى: "وإذا كنا متى أثبتناه غضباناً على الكافرين فلابد من إثبات غضب، وكذلك إذا أثبتناه راضياً عن المؤمنين فلابد من إثبات رضى، وكذلك إذا أثبتناه حياً سميعاً بصيراً فلابد من إثبات حياة وسمع وبصر" (4) اهـ

كما أنه أبطل تأويل الصفات الخبرية ورد على أهلها في مواضع كثيرة، وبين أن تأويل الصفات الخبرية هو قول المعتزلة وأهل الضلال: فقال في (مقالات الإسلاميين): "باب قول المعتزلة في "وجه الله": واختلفوا هل يقال لله وجه أم لا وهم ثلاث فرق: فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن لله وجهاً هو هو والقائل بهذا القول أبو الهذيل. والفرقة الثانية منهم يزعمون أنا نقول وجه توسعاً ونرجع إلى إثبات الله لأنا نثبت وجهاً هو هو

، الفرقة الثالثة منهم ينكرون ذكر الوجه أن يقولوا لله وجه" (5) اهـ. وقال في موضع آخر:"قولهم في العين واليد: وأجمعت المعتزلة بأسرها على إنكار العين واليد وافترقوا في ذلك على مقالتين: فمنهم من أنكر أن يقال: لله يدان وأنكر أن قال أنه ذو عين وأن له عينين، ومنهم من زعم أن لله يداً وأن له يدين، وذهب في معنى ذلك إلى أن اليد نعمة، وذهب في معنى العين إلى أنه أراد العلم وأنه عالم، وتأويل قول الله عز وجل: وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي [طه: 39]، - أي: بعلمي-"(6) اهـ.

(1)((الإبانة للأشعري)) (ص43 - 44).

(2)

رواه أبو داود (4703) والترمذي (3075) سكت عنه أبو داود [وقد قال في رسالته لأهل مكة: كل ما سكت عنه فهو صالح] وقال الترمذي: حسن صحيح وصححه الألباني في ((صحيح الترمذي)) (3076).

(3)

((الإبانة للاشعري)) (104 - 106).

(4)

((الإبانة للأشعري)) (ص: 117).

(5)

((مقالات الإسلاميين)) (1/ 265).

(6)

((مقالات الإسلاميين)) (1/ 271).

ص: 485

وقال: "الاختلاف في العين والوجه واليد ونحوها: واختلفوا في العين واليد والوجه واليد والوجه على أربع مقالات: فقالت المجسمة: له يدان، ورجلان، ووجه، وعينان، وجنب يذهبون على الجوارح والأعضاء.

وقال أصحاب الحديث: لسنا نقول في ذلك إلا ما قاله الله عز وجل أو جاءت به الرواية من رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقول: وجه بلا كيف ويدان وعينان بلا كيف

وقالت المعتزلة بإنكار ذلك إلا الوجه، وتأولت اليد بمعنى النعمة، وقوله: تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا [القمر: 14] – أي: بعلمنا-" (1) اهـ. وقال في سياق أقوال المعتزلة: "وكان غيره من المعتزلة يقول أن وجه الله سبحانه هو الله، ويقول أن نفس الله سبحانه هي الله، وأن الله غير لا كالأغيار، وأن له يدين وأيدياً بمعنى نعم، وقوله تعالى أعين وأن الأشياء بعين الله أي بعلمه، ومعنى ذلك أنه يعلمها، ويتأولون قولهم أن الأشياء في قبضة الله سبحانه أي في ملكه، ويتأولون قول الله عز وجل: لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ [الحاقة: 45]، أي بالقدرة. وكان سليمان ابن جرير يقول أن وجه الله هو الله (2) اهـ. وقال في (الإبانة):"الباب الأول: في إبانة قول أهل الزيغ والبدعة" ثم ساق كثيراً من أقوالهم إلى أن قال: "ودفعوا أن يكون لله وجه مع قوله عز وجل: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن: 27]، وأنكروا أن له يدان مع قوله سبحانه: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص: 75]، وأنكروا أن يكون له عينان مع قوله سبحانه: تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا [القمر: 14]، وقوله: وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي [طه: 39] (3) اهـ. وقال في موضع آخر: "ونفى الجهمية أن يكون لله تعالى وجه كما قال، وأبطلوا أن يكون له سمع وبصر وعين" (4) اهـ.

وليس المنفي عند المعتزلة هو الوجه المجازي، بل الوجه الحقيقي، إذ جميع المعتزلة يثبتون الوجه المضاف إليه الله تعالى في كتابه ولا ينكرونه، ولو أنكروه لكفروا، وإنما ينفون أن يكون وجهاً حقيقة، ولو لم يكن كذلك لم يكن للخلاف بين أهل الحديث والمعتزلة معنى، إذا كان الجميع يثبتون وجهاً مضافاً إلى الله، وليس وجهاً حقيقة، بل وجهاً مجازياً!!!

وكل الصفات التي يحكي الأشعري نفيها عن المعتزلة فعلى هذا المنوال.

وهذا كما ترى ظاهر في أن إنكار أن كون صفات الله تعالى كالوجه واليد والنزول ونحوها حقيقة، إنما هو قول المعتزلة، لا قول أهل السنة كما يزعمه المؤلفان.

وقال الأشعري أيضاً في رد تأويل الصفات: "مسألة: قد سئلنا أتقولون إن لله يدين؟

(1)((مقالات الإسلاميين)) (1/ 290).

(2)

((مقالات الإسلاميين)) (1/ 205).

(3)

((الإبانة للأشعري)) (ص: 41).

(4)

((الإبانة للأشعري)) (ص: 104).

ص: 486

قيل: نقول ذلك بلا كيف، وقد دل عليه قوله تعالى: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [الفتح: 10]، وقوله تعالى: لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص: 75].وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله مسح ظهر آدم بيده فاستخرج منه ذريته)) (1) فثبتت اليد بلا كيف. وجاء في الخبر المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أن الله تعالى خلق آدم بيده، وخلق جنة عدن بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس شجرة طوبى بيده)) (2)، أي بيد قدرته سبحانه. وقال تعالى: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة: 64]، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((وكلتا يديه يمين)) (3). وقال تعالى: لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ [الحاقة: 45].

وليس يجوز في لسان العرب، ولا في عادة أهل الخطاب، أن يقول القائل: عملت كذا بيدي، ويعني به النعمة، وإذا كان الله عز وجل إنما خاطب العرب بلغتها وما يجري مفهوماً في كلامها، ومعقولاتً في خطابها، وكان لا يجوز في خطاب أهل اللسان أن يقول القائل: فعلت بيدي، ويعني النعمة؛ بطل أن يكون معنى قوله تعالى بِيَدَيَّ [ص: 75]، النعمة، وذلك أنه لا يجوز أن يقول القائل: لي عليه يدي، بمعنى لي عليه نعمتي، ومن دافعنا عن استعمال اللغة ولم يرجع إلى أهل اللسان فيها دوفع عن أن تكون اليد بمعنى النعمة؛ إذ كان لا يمكنه أن يتعلق في أن اليد النعمة إلا من جهة اللغة، فإذا دفع اللغة لزمه أن لا يفسر القرآن من جهتها، وأن لا يثبت اليد نعمة من قبلها؛ لأنه إن روجع في تفسير قوله تعالى: بِيَدَيَّ [ص: 75]، نعمتي فليس المسلمون على ما ادعى متفقين، وإن روجع إلى اللغة فليس في اللغة أن يقول القائل: بيدي يعني بنعمتي، وإن لجأ إلى وجه ثالث سألناه عنه، ولن يجد له سبيلاً.

مسألة:

ويقال لأهل البدع: ولم زعمتم أن معنى قوله: بِيَدَيَّ [ص: 75]، نعمتي أزعمتم ذلك إجماعاً أو لغة؟

فلا يجدون ذلك إجماعاً ولا في اللغة.

وإن قالوا: قلنا ذلك من القياس. قيل لهم: ومن أين وجدتم في القياس أن قوله تعالى بِيَدَيَّ [ص: 75]، لا يكون معناه إلا نعمتي؟ ومن أين يمكن أن يعلم بالعقل أن تفسير كذا وكذا مع أنا رأينا الله عز وجل قد قال في كتابه العزيز، الناطق على لسان نبيه الصادق: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَاّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ [إبراهيم: 4]، وقال تعالى: لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ [النحل: 103]، وقال تعالى: إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا [الزخرف: 3]، وقال تعالى: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ [النساء: 82]، ولو كان القرآن بلسان غير العرب لما أمكن أن نتدبره، ولا أن نعرف معانيه إذا سمعناه، فلما كان من لا يحسن لسان العرب لا يحسنه، وإنما يعرفه العرب إذا سمعوه على أنهم إنما علموه؛ لأنه بلسانهم نزل، وليس في لسانهم ما ادعوه" (4) اهـ. وقال الذهبي في السير:"قلت رأيت لأبي الحسن أربعة تواليف في الأصول يذكر فيها قواعد مذهب السلف في الصفات، وقال فيها: تمر كما جاءت ثم قال: وبذلك أقول وبه أدين ولا تؤول"(5) اهـ.

‌المصدر:

الأشاعرة في ميزان أهل السنة لفيصل الجاسم- ص 310

(1) رواه أبو داود (4703) والترمذي (3075) سكت عنه أبو داود [وقد قال في رسالته لأهل مكة: كل ما سكت عنه فهو صالح] وقال الترمذي: حسن صحيح وصححه الألباني في ((صحيح الترمذي)) (3076).

(2)

رواه ابن أبي الدنيا في صفة الجنة (41) والبيهقي في االأسماء والصفات (692) دون آخره. قال ابن القيم في ((حادي الأرواح)) (98): المحفوظ أنه موقوف.

(3)

رواه مسلم (1827) من حديث عبد الله بن عمرو.

(4)

((الإبانة)) للأشعري (ص106 - 108).

(5)

((سير أعلام النبلاء)) (15/ 86).

ص: 487