المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب التاسع: هل الصفة هي الموصوف أو غيره - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ١

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأول: مقدمة في الفرق

- ‌الفصل الأول: الهدف من دراسة الفرق

- ‌الفصل الثاني: أهمية دراسة الفرق ورد شبهة من يريد عدم دراستها

- ‌المبحث الأول: تعريف الافتراق لغة واصطلاحا

- ‌المبحث الثاني: الفرق بين الافتراق والاختلاف

- ‌المبحث الأول: النصوص التي جمعت بين الأمر بالجماعة والنهي عن الفرقة في موضع واحد

- ‌المبحث الثاني: الأمر بلزوم الجماعة والتحذير من الفرقة

- ‌المبحث الثالث: بيان حال أهل الفرقة والاختلاف

- ‌المبحث الرابع: التأكيد على أسباب الاجتماع وبيان طرق تأليف قلوب المسلمين

- ‌المبحث الخامس: الفرقة والاختلاف عذاب وعقوبة

- ‌المبحث السادس: الإخبار أن الفرقة واقعة لا محالة ليعلم هذا ويحذر

- ‌المبحث السابع: الأصل في البشرية هو الوحدة والجماعة على التوحيد

- ‌المبحث الثامن: وصية الله لأنبيائه ورسله بالاجتماع على التوحيد الخالص لله رب العالمين ونبذ الفرقة واطراحها

- ‌المبحث التاسع: تبرئة الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم من أهل الافتراق

- ‌المبحث العاشر: النهي عن مشابهة المشركين وأهل الكتاب في تفرقهم واختلافهم

- ‌المبحث الحادي عشر: التفريق بين المسلمين من غايات وأهداف المنافقين والكافرين

- ‌المبحث الثاني عشر: الفرقة من وسائل الشيطان ومكائده التي ينصبها للمسلمين على مستوى الفرد وعلى مستوى الجماعة

- ‌المبحث الأول: الجهل

- ‌المبحث الثاني: الابتداع وعدم الاتباع

- ‌المبحث الثالث: تقديم الرأي على قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الرابع: الجدل والخصومات في الدين، والتأويل الفاسد

- ‌المبحث الخامس: الغلو في الدين، وردود الأفعال

- ‌المبحث السادس: التعصب المذهبي والطائفي، والتقليد للرجال، وتقديم أقوالهم على قول الله ورسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السابع: التنازع على السلطة والملك وحب الرئاسة والظهور والبغي

- ‌المبحث الثامن: الخروج عن طاعة أولي الأمر (العلماء والأمراء)

- ‌المبحث التاسع: التشنيع على أولي الأمر والتقول عليهم، وتأليب الناس ضدهم وتتبع زلاتهم والاحتجاج بها

- ‌المبحث العاشر: التشبه بالكافرين، واتباع سننهم

- ‌المبحث الحادي عشر: اتباع الهوى

- ‌المطلب الأول: ضرر الفرقة على الفرد المفارق

- ‌المطلب الثاني: ضرر الفرقة على المجتمع المسلم

- ‌المبحث الثاني: سلامة الصحابة رضي الله عنهم من الفرقة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: من هي الفرقة الناجية

- ‌المبحث الثاني: معنى قوله صلى لله عليه وسلم: ((كلها في النار إلا واحدة))

- ‌المبحث الثالث: منهج العلماء في عدَّ الفرق

- ‌الفصل الأول: الأخطار التي تحيط بأهل السنة والجماعة

- ‌الفصل الثاني: عقيدة فرقة السلف أهل السنة والجماعة

- ‌المبحث الأول: الألقاب الصحيحة

- ‌المبحث الثاني: الأسماء والألقاب الباطلة التي ينبز بها أهل الباطل أهل الحق من السلف الصالح

- ‌الفصل الرابع: أقوال السلف في وجوب التمسك بالسنة والحذر من البدع

- ‌الفصل الخامس: لزوم السلف جماعة المسلمين وتحذيرهم من التفرق وأدلتهم على ذلك

- ‌الفصل السادس: الثناء على السلف رحمهم الله تعالى

- ‌المبحث الأول: الجهود الحربية

- ‌المبحث الثاني: جهودهم في خدمة العقيدة

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: وسطيتهم بالنسبة للإيمان بذات الله تعالى

- ‌المطلب الثاني: وسطيتهم بالنسبة للإيمان بالأنبياء

- ‌المطلب الثالث: وسطيتهم في عبادة الله تعالى

- ‌المطلب الرابع: وسطيتهم في صفات الله تعالى بين أصحاب الأديان المحرفة

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: وسطيتهم بالنسبة لأسماء الله تعالى وصفاته بين الفرق المنتسبة إلى الإسلام

- ‌المطلب الثاني: وسطيتهم في الحكم على أصحاب المعاصي

- ‌المطلب الثالث: وسطيتهم في الإيمان بالقدر

- ‌المطلب الرابع: وسطيتهم في موقفهم من الصحابة رضي الله عنهم

- ‌الفصل التاسع: علامات وسمات الفرقة الناجية وعلامات وسمات الفرق الهالكة (مزايا العقيدة السلفية وأصحابها)

- ‌المبحث الأول: أشهر الأئمة

- ‌المبحث الثاني: أهم مؤلفات علماء السنة في بيان العقيدة السلفية والرد على المخالفين

- ‌الفصل الحادي عشر: تنبيهات مهمة على مسائل في العقيدة

- ‌المبحث الأول: تعريف الأشاعرة

- ‌المبحث الثاني: التعريف بأبي الحسن الأشعري

- ‌المطلب الأول: المراحل الاعتقادية التي مر بها أبو الحسن الأشعري

- ‌المطلب الثاني: سياق الأدلة على إثبات المرحلة الثالثة الأخيرة للأشعري

- ‌المبحث الثالث: ظهور علم الكلام

- ‌المبحث الرابع: نشأة المذهب الأشعري وانتشاره

- ‌المبحث الخامس: أسباب انتشار المذهب الأشعري

- ‌المبحث السادس: تطور مذهب الأشاعرة

- ‌المبحث السابع: بيان درجات التجهم ومنزلة الأشعرية فيه

- ‌الفصل الثاني: ترجمة لأهم أعلام الأشاعرة مع بيان منهجهم

- ‌المبحث الأول: حقيقة توحيد الربوبية عند الأشاعرة

- ‌المبحث الثاني: مقتضيات الإقرار لله تعالى بالربوبية عند الأشاعرة

- ‌المبحث الثالث: منزلة توحيد الربوبية عند الأشاعرة

- ‌المبحث الأول: التوحيد عند الأشاعرة

- ‌المبحث الثاني: عدم وضوح المنهج الأشعري في توحيد الألوهية وأسباب ذلك

- ‌المبحث الثالث: اعتراضات المتأخرين من الأشاعرة على إدخال توحيد الألوهية ضمن أنواع التوحيد

- ‌المبحث الرابع: الشبهات الرئيسة للمتأخرين من الأشاعرة في بعض مظاهر الشرك

- ‌المبحث الخامس: الدليل المعتمد في إثبات استحقاق الله تعالى للعبودية دون ما سواه

- ‌المبحث السادس: منع المتأخرين من الأشاعرة حمل الآيات التي نزلت في المشركين على من عمل عملهم ممن انتسب إلى الإسلام

- ‌المبحث السابع: تبرير متأخري الأشاعرة بعض صور الشرك بأدلة عقلية

- ‌المبحث الثامن: صلة الأشعرية بالصوفية، وأثر هذه الصلة

- ‌المبحث الأول: المسائل المتعلقة بالأسماء الحسنى عند الأشاعرة

- ‌المبحث الثاني: المسائل المتعلقة بالصفات عند الأشاعرة

- ‌المطلب الأول: صفتا السمع والبصر:

- ‌المطلب الثالث: كلام الله

- ‌المسألة الأولى: نشأة قول الأشاعرة في كلام الله، وأسبابه

- ‌المسألة الثانية: الرد عليهم في قولهم بالكلام النفسي

- ‌المسألة الثالثة: هل كلام الله بحرف وصوت

- ‌المسألة الرابعة: القرآن العربي كلام الله وغير مخلوق

- ‌المطلب الرابع: بين اللفظية والأشاعرة

- ‌المطلب الخامس: الحقيقة والمجاز

- ‌المطلب السادس: الصفة النفسية

- ‌المطلب السابع: الصفات السلبية

- ‌المطلب الثامن: أسماء الله وصفاته التي تسمى واتصف بمثلها المخلوقون هل هي من قبيل المشترك أو المتواطئ أو المشكك

- ‌المطلب التاسع: هل الصفة هي الموصوف أو غيره

- ‌المطلب العاشر: قاعدة التنزيه في الصفات عند الأشاعرة

- ‌المطلب الحادي عشر: التفصيل في النفي مع الإجمال في الإثبات

- ‌المطلب الأول: الأدلة العقلية ومنزلتها من الاستدلال

- ‌المطلب الثاني: أنواع الأدلة العقلية:

- ‌المطلب الثالث: الأدلة النقلية ومنزلتها من الاستدلال

- ‌المطلب الرابع: توهم التعارض بين الأدلة النقلية والعقلية وما يسلكونه من الطرق عندئذ

- ‌المطلب الخامس: المسلكان المأخوذان تجاه الأدلة النقلية عند التعارض

- ‌المسلك الأول: مسلك التفويض:

- ‌المسلك الثاني: مسلك التأويل

- ‌المطلب السادس: هل قال الإمام أحمد بالتأويل

- ‌المطلب السابع: قاعدة: القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر

- ‌المطلب الثامن: الرد عليهم في نفيهم للصفات الاختيارية

- ‌المطلب التاسع: أدلة نفاة الصفات الاختيارية ومناقشتها

- ‌المطلب العاشر: الصفات الاختيارية تفصيلا

- ‌المطلب الحادي عشر: الصفات الخبرية

- ‌المطلب الثاني عشر: العلو

- ‌المبحث الرابع: منشأ ضلال الأشاعرة في باب الصفات

- ‌المطلب الأول: معنى المتشابه، وهل الصفات أو بعضها منه

- ‌المطلب الثاني: منهج الأشاعرة في النفي في باب الصفات

- ‌المطلب الثالث: أن الصفات ليست من المتشابه

- ‌المطلب الرابع: أيهما الأصل العقل أم الشرع

- ‌المطلب الخامس: نقد القاعدة الكلية للرازي

- ‌المطلب السادس: فكرة التفريق بين العقائد والأحكام

- ‌المبحث الخامس: دليل الأعراض وحدوث الأجسام عند فرق المبتدعة

- ‌المطلب الأول: شرح دليل الأعراض وحدوث الأجسام عند الكلابية والأشعرية

- ‌المطلب الثاني: الرد على استدلال المبتدعة بقصة إبراهيم الخليل عليه السلام على مذهبهم

- ‌المطلب الثالث: الرد الإجمالي على استدلال المبتدعة بقصة إبراهيم الخليل عليه السلام على مذهبهم

- ‌المطلب الرابع: الرد التفصيلي على استدلال المبتدعة بقصة إبراهيم الخليل عليه السلام على مذهبهم

- ‌المطلب الخامس: الرد على استدلال المبتدعة بقول إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام: هَذَا رَبِّي [الأنعام: 76] على شرعية دليل الأعراض وحدوث الأجسام:

- ‌المطلب السادس: الرد على استدلال المبتدعة بقول الخليل عليه السلام: لا أُحِبُّ الآفِلِينَ [الأنعام: 76] على نفي قيام الصفات الاختيارية بذات الله تعالى

- ‌المطلب الأول: بيان موافقة أبي الحسن الأشعري للسلف في إثبات الصفات الخبرية لله تعالى كالوجه واليدين والعينين وإبطال تأويلها

- ‌المطلب الثاني: بيان موافقة أبي الحسن الأشعري للسلف في عدم التفريق بين صفة وأخرى

- ‌المطلب الثالث: بيان بطلان أن يكون للأشعري قولان في الصفات وبيان خطأ من حكى عنه ذلك

- ‌المطلب الرابع: اضطراب المنهج الأشعري وتناقضه في بعض مسائل توحيد الألوهية:

- ‌المطلب الخامس: اضطراب المنهج الأشعري وتناقضه في توحيد الأسماء والصفات

- ‌المطلب السادس: اضطراب المنهج الأشعري وتناقضه في الأدلة

- ‌المبحث الأول: انقطاع صلة الأشاعرة بأبي الحسن الأشعري في أكثر المسائل

الفصل: ‌المطلب التاسع: هل الصفة هي الموصوف أو غيره

‌المطلب التاسع: هل الصفة هي الموصوف أو غيره

؟

هذه المسألة شبيهة بمسألة: هل الاسم هو المسمى أو غيره، وكل ذلك من الألفاظ المجملة التي كان للسلف – رحمهم الله – فيها موقف واضح محدد، وهو أنه لا ينبغي إطلاق النفي ولا الإثبات، بل لابد من الاستفصال.

والمهم هنا قبل عرض الخلاف في ذلك وبيان الراجح، توضيح منشأ بحث هذه المسألة: أي مسألة هل الصفة هي الموصوف أو غيره، والتي يعبر عنها أحيانا بالقول: هل الصفات هي الذات أو غيرها، والذي يظهر أن ذلك نشأ من خلال ردود أهل الكلام على النصاري: أ- فالنصارى قالوا: إن كلمة الله التي بها خلق كل شيء تجسدت بإنسان، فكان من ردود أهل الإسلام عليهم – لبيان باطلهم – أن بينوا تهافت قولهم: إن كلمة الله بها خلق كل شيء، لأن الخالق هو الله، وهو خلق الأشياء بقوله "كن" وهو كلامه، فالخالق لم يخلق به الأشياء، فالكلام الذي به خلقت الأشياء ليس هو الخالق لها، بل به خلق الأشياء، فضلال هؤلاء أنهم جعلوا الكلمة هي الخلق. والكلمة مجرد الصفة، والصفة ليست خالقة، وإن كانت الصفة مع الموصوف فهذا هو الخالق، ليس هو المخلوق به، والفرق بين الخالق للسموات والأرض والكلمة التي بها خلقت السموات والأرض أمر ظاهر معروف، كالفرق بين القدرة والقادر

(1) فهؤلاء النصارى جعلوا الصفة غير الموصوف، وجعلوها خالقة، بل جعلوها حلت في أحد المخلوقات.

ب- وكان من آثار مناقشة أهل الكلام – وخاصة المعتزلة – للنصارى أن تطرقوا لهذا الموضوع كثيرا، فنشأت شبهة تعدد القدماء، وأن إثبات صفة لله يلزم منه أن تكون قديمة، وإذا كانت غير الموصوف لزم تعدد القدماء، فظنوا – أي المعتزلة – أن تحقيق التوحيد، والخلوص من شرك النصارى لا يتم إلا بنفي جميع الصفات عن الله تعالى وبنوا ذلك على:

- أن الصفة غير الموصوف، وغير الذات.

- وأن الصفة لله لابد أن تكون قديمة. والنتيجة أن إثبات الصفات لله يلزم منه تعدد القدماء، وهو باطل (2).

والعجيب أن هؤلاء المعتزلة – هم أرباب الكلام والبحث في المعقولات – لم تستوعب عقولهم أن الذات لا يمكن أن تنفك عن صفاتها، ومن ثم فلا شبهة ولا تعدد.

ج- فلما جاءت الأشعرية وغيرهم اهتموا ببحث هذه المسألة، وصاروا يستخدمون عبارات معينة عن بيان قدم الذات والصفات، كأن يقولوا: الرب قديم، وصفته قديمة، ولا يقولون: الرب وصفاته قديمان لما في العطف والتثنية من الإشعار بالتغاير، أو يقولون: الرب بصفاته قديم، وهكذا. كما بينوا أن الصفات لا يقال هي الذات ولا غيره، حذرا من هذه الشبهة التي وقع فيها المعتزلة.

(1) انظر: ((الجواب الصحيح)) (2/ 266، 292، 3/ 54 - 55).

(2)

انظر: تفصيل مذهب المعتزلة في ((المحيط بالتكليف)) (ص: 177 وما بعدها)، ط مصر، و ((شرح الأصول الخمسة)) (ص: 195 - 197)، و ((المختصر في أصول الدين)) (1/ 182 - 183) ضمن رسائل العدل والتوحيد.

ص: 358

وخلاصة الأقوال في الصفة هل هي الموصوف أو غيره هي:1 - قول من يقول: الصفة غير الموصوف، أو الصفات غير الذات، وهذا قول المعتزلة والكرامية، والمعتزلة تنفي الصفات، والكرامية تثبتها (1).2 - قول من يفرق بين الأمرين، ولا يجمع بينهما، فيقول: أنا أقول مفرقا: إن الصفة ليست هي الموصوف، وأقول: إنها ليست غير الموصوف ولكن لا أجمع بين السلبين فأقول: ليست الموصوف ولا غيره، لأن الجمع بين النفي فيه من الإيهام ما ليس في التفريق، وهذا قول أبي الحسن الأشعري، الذي يقول على هذا: الموصوف قديم، والصفة قديمة، ولا يقول عند الجمع: قديمان، كما لا يقال عند الجمع: لا هو الموصوف ولا غيره (2).3 - جاء بعد الأشعري من الأشاعرة من يجوز الجمع بين السلبين، وصاروا يقولون: ليست الصفة هي الموصوف ولا غيره، كما صاروا يجوزون إطلاق القول بإثبات قديمين، وصار هؤلاء يردون على المعتزلة الذين قالوا لهم يلزم من ذلك إثبات قديمين بعدة ردود منها "أن كونهما قديمين لا يوجب تماثلهما كالسواد والبياض اشتراكا في كونهما مخالفين للجوهر، ومع هذا لا يجب تماثلهما وأنه ليس معنى القديم معنى الإله

ولأن النبي محدث وصفاته محدثة، وليس إذا كان الموصوف نبيا وجب أن يكون صفاته أنبياء لكونها محدثة، كذلك لا يجب إذا كانت الصفات قديمة والموصوف بها قديما أن تكون آلهة لكونها قديمة" (3)، وهذا قول الباقلاني (4)، والقاضي أبي يعلى (5).

4 -

أن هذا الكلام فيه إجمال، وأن لفظ "الغير" فيه إجمال، ومن ثم فلابد من التفصيل، وهؤلاء لا يقولون عن الصفة: إنها الموصوف ولا يقولون: إنها غيره، ولا يقولون: ليست هي الموصوف ولا غيره. ويلاحظ أن المقصود ليس إثبات قول ثالث كما هو قول الباقلاني والقاضي أبي يعلى الذين قالوا ليست الصفة هي الموصوف ولا غيره – فإن هذا قول ثالث، بل المقصود أنه لا ينبغي الإطلاق: نفيا وإثباتا، وهم تركوا إطلاق اللفظين لما في ذلك من الإجمال. وهذا قول جمهور أهل السنة، كالإمام أحمد وغيره، كما أنه قول ابن كلاب (6).

وهؤلاء قالوا: لفظ "الغير" فيه إجمال"

- فقد يراد به المباين المنفصل، ويعبر عنه بأن الغيرين ما جاز وجود أحدهما وعدمه، أو ما جاز مفارقة أحدهما الآخر بزمان أو مكان أو وجود.- وقد يراد بالغير ما ليس هو عين الشيء، ويعبر بأنه ما جاز العلم بأحدهما دون الآخر (7).

وهناك فرق بين الأمرين، وعلى هذا فيفصل الأمر:

(1) انظر: ((مجموع الفتاوى)) (3/ 336).

(2)

انظر: ((رسائل إلى أهل الثغر)) (ص: 70 - 71)(وقد نسب إليه ابن فورك في المجرد ص: 38، أنه يقول: لا يقال لصفاته هي هو ولا غيره) وانظر أيضاً: ((الرسالة الأكملية)) – ((مجموع الفتاوى)) (6/ 96)، و ((جواب أهل العلم والإيمان – مجموع الفتاوى)) (17/ 160)، و ((درء التعارض)) (5/ 49).

(3)

((درء التعارض)) (5/ 50)، وقارن بـ ((التدمرية)) (ص: 118) – المحققة.

(4)

انظر ((التمهيد)) (ص: 206 - 207، 210 - 212))، و ((رسالة الحرة)) (المطبوعة باسم الإنصاف) (ص: 38).

(5)

انظر: ((المعتمد)) (ص: 46).

(6)

انظر: ((جواب أهل العلم والإيمان)) (17/ 159 - 160)، و ((درء التعارض)) (2/ 270، 5/ 49)، وانظر:((مقالات الأشعري)) (ص: 169 - 170) – ريتر.

(7)

انظر: ((درء التعارض)) (1/ 281)، و ((جواب أهل العلم والإيمان – مجموع الفتاوى)) 17/ 160 - 161، و ((المسألة المصرية في القرآن – مجموع الفتاوى)) (12/ 170)، و ((السبعينية)) (ص: 96 - 97) – ط الكردي -.

ص: 359

1 -

فإذا قيل: هل الصفات هي الموصوف أو غيره؟ قيل: إن أريد بالغير الأول، وهو ما جز مفارقة أحدهما الآخر، فليست الصفة غير الموصوف، وإن أريد بالغير المعنى الثاني – وهو ما جاز العلم بأحدهما دون الآخر – فالصفة غير الموصوف.

فمن قال: عن الصفة هي الموصوف، قاصدا بذلك أنها ليست غيره بالمعنى الأول للفظ الغير، فقوله صحيح، وكذا إن قال: الصفة غير الموصوف قاصدا بالغير المعنى الثاني فكلامه صحيح أيضا. وعكس الأمرين باطل، والسلف يقولون بهذا التفصيل، ومن المعلوم أن الموصوف لا تنفك عنه صفاته.

2 -

وإذا قيل: هل الصفات زائدة على الدليل، أو هل الصفات هي الذات أو غيرها؟ قالوا: إن أريد بالذات المجردة التي يقر بها نفاة الصفات فالصفات زائدة عليها، وهي غير الذات، وإن أريد بالذات الذات الموجودة في الخارج فتلك لا تكون موجودة إلا بصفاتها اللازمة والصفات ليست زائدة على الذات، ولا غيرها بهذا المعنى. ومن ذلك يتضح خطأ وصواب من أطلق القول بأن الصفات غير الذات أو هي الذات (1)، على حسب ما لفظ الغير، والذات من الإجمال. وبذلك يتبين أرجحية مذهب السلف حين لم يطلقوا الأمرين في ذلك، بل فصلوا واستفصلوا عن المرادن فإن كان حقا قبلوا وإن كان باطلا ردوه (2).

‌المصدر:

موقف ابن تيمية من الأشاعرة لعبد الرحمن المحمود – 3/ 1090

(1) لشيخ الإسلام ملاحظة دقيقة هنا، وهي أنه يجب أن يفرق بين قول القائل: إن الصفات غير الذات وقوله: إنها غير الله، لأن لفظ "الذات" يشعر بمغايرته للصفة، بخلاف اسم "الله" تعالى فإنه متضمن لصفات كماله، وعلى ذلك فإنه لا يقال: إن الصفات غير الله، لما في ذلك من الإيهام. أما القول إنها غير الذات فقد يكون صحيحا، لما في التعبير بالذات من الإشعار بأن المقصود الذات المجردة دون صفاتها. انظر:((الجواب الصحيح)) (3/ 308)، و ((الصفدية)) (1/ 108 - 109) و ((درء التعارض)) (10/ 72).

(2)

انظر في هذه المسألة: ((التسعينية)) (ص: 108 - 109)، و ((الدرء)) (2/ 230 - 231، 3/ 20 - 25، 5/ 37 - 50، 338، 9/ 136، 10/ 120، 231، 235).

ص: 360