المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول: التفسير الإشاري - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٨

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الأول: التفسير الإشاري

- ‌المبحث الثاني: أدلة المجيزين للتفسير الإشاري

- ‌المبحث الثالث: آراء العلماء في التفسير الإشاري

- ‌المبحث الرابع: آراء المستشرقين في التفسير الصوفي

- ‌المبحث الخامس: شروط قبول التفسير الصوفي

- ‌المبحث السادس: أمثلة على التفسير الإشاري يترك تقديرها للقارئ

- ‌الفصل الخامس والثلاثون: علاقة التصوف بالثورات السياسية على الحكام وبالتكفير والانقلابات

- ‌الفصل السادس والثلاثون: الصوفية والسحر

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الاستسلام العجيب للتتر

- ‌المبحث الثاني: تمزيق الأمة الإسلامية إلى فرق مذهبية تحارب الإسلام باسم إسلام محرف ينتهجونه

- ‌المبحث الثالث: الإفساد العام في العقائد والعبادات والأخلاق والسلوك وأساليب التفكير

- ‌المطلب الأول: إفساد العقيدة

- ‌المطلب الثاني: إفساد العبادات

- ‌المطلب الثالث: إفساد الأخلاق والسلوك

- ‌المطلب الرابع: إفساد الفكر

- ‌المطلب الخامس: إفساد المنطلقات

- ‌المبحث الرابع: عوامل أخرى أدت إلى تمزيق الأمة

- ‌المطلب الأول: الخلفيات الفكرية والعقائد والفلسفات

- ‌المطلب الثاني: الموقف السلبي في مواجهة الصوفية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: نشر العقيدة الصحيحة المأخوذة من الكتاب والسنة

- ‌المبحث الثاني: القضاء على المظاهر التي تكون سببا في انتشار الشرك كالقباب والمساجد المبنية على القبور والأشجار والأحجار التي تعبد من دون الله

- ‌المبحث الثالث: منع كتب الصوفية لئلا يتداولها الناس ومنع دعاة التصوف ودراسة كتبهم من قبل شخصيات لها حصانة عقدية لكشف زيفها

- ‌الفصل الأول: تاريخ نشأة الطرق الصوفية

- ‌الفصل الثاني: معنى الطريقة الصوفية

- ‌المبحث الأول: التعريف

- ‌المبحث الثاني: التأسيس وأبرز الشخصيات

- ‌المبحث الثالث: مصادر التجانية

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: عقيدتهم في الله

- ‌المطلب الثاني: عقيدتهم في القرآن

- ‌المطلب الثالث: عقيدتهم في الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الرابع: عقيدتهم في التجاني

- ‌المبحث الخامس: بدعهم في الأدعية والأذكار:

- ‌المبحث السادس: عمالة التجانية لأعداء الإسلام والمسلمين

- ‌المبحث السابع: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث الثامن: حكم الشريعة فيمن يعتقد هذه العقيدة

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المطلب الأول: نسبة الطريقة الرفاعية

- ‌المطلب الثاني: سيرة الرفاعي من خلال كتب المؤرخين

- ‌المطلب الثالث: مؤلفات أحمد الرفاعي

- ‌المطلب الرابع: سيرة الرفاعي من خلال كتب التصوف

- ‌المطلب الخامس: قصة نسب الرفاعي إلى آل البيت

- ‌المطلب السادس: قصة مد يد النبي من خارج قبره

- ‌المطلب الأول: استغاثتهم بالرسول صلى الله عليه وسلم وغلوهم فيه بلا حد

- ‌المطلب الثاني: حقيقة حياة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: الاستغاثة بالرفاعي

- ‌المطلب الثاني: الاستغاثة بالرفاعي في نظر الرفاعي

- ‌المطلب الثالث: موقف الرفاعي من الاستغاثة بغير الله

- ‌المطلب الرابع: موقف أتباع الرفاعي من الاستغاثة بغير الله

- ‌المطلب الخامس: الاستغاثة بمشايخ الطريقة الرفاعية

- ‌المطلب الأول: أنواع الكرامات

- ‌المطلب الثاني: موقف الرفاعي من هذه الكرامات المحكية

- ‌المطلب الثالث: نماذج من كشوفات مشايخ الرفاعية

- ‌المطلب الرابع: الرفاعي وعقيدة ختم الولاية

- ‌المطلب الأول: غلو الرفاعية في شيخهم ومشايخهم

- ‌المطلب الثاني: قرية الرفاعي «أم عبيدة»

- ‌البيت الحرام

- ‌المبحث السادس: كرامات أم خرافات

- ‌المبحث السابع: تحذير الرفاعي أتباعه من الكذب عليه

- ‌المطلب الأول: تحذيره من كذب الصوفية على أئمتهم

- ‌المطلب الثاني: أدلة كذبهم على الشيخ الرفاعي وعلى غيره

- ‌المبحث الثامن: خوارق الرفاعية وموقف الرفاعي منها

- ‌المطلب الأول: موقف صلحاء أصحابه من خوارق الرفاعية:

- ‌المطلب الثاني: الصيادي يصرح بأن الخوارق تقع عند ذكر اسم الرفاعي

- ‌المطلب الثالث: كيفية حصول هذه الخوارق بالتفصيل:

- ‌المطلب الرابع: سعيد حوى والرفاعية

- ‌المبحث التاسع: حقيقة العلاقة بين الرفاعية والتتار عار لا كرامة

- ‌المبحث العاشر: الشعائر الخاصة للطريقة الرفاعية:

- ‌المبحث الحادي عشر: الرفاعية في طور جديد

- ‌المبحث الثاني عشر: بعض أورادهم

- ‌المبحث الثالث عشر: مناظرة شيخ الإسلام أحمد بن عبدالحليم بن تيمية للبطائحية الرفاعية

- ‌المبحث الرابع عشر: الطريقة الرفاعية والتشيع:

- ‌المطلب الأول: نسبة الطريقة

- ‌المطلب الثاني: تعاليمها

- ‌المطلب الثالث: أصولها

- ‌المطلب الأول: مبادئ الطريقة

- ‌المطلب الثاني: كيف ينال المرء مرتبة الصديقية

- ‌المطلب الثالث: السجود للكعبة التي تزور الأولياء في الله

- ‌المطلب الرابع: علاقات خاصة مع الكعبة

- ‌المطلب الخامس: اتخاذ الوسيلة على نمط الأديان الأخرى

- ‌المطلب السادس: من لا شيخ له فهو كافر وفاسق عندهم

- ‌المطلب السابع: الطريق إلى الله مسدودة إلا بالشيخ

- ‌المطلب الثامن: نموذج من الشرك في عقيدة الطريقة

- ‌المطلب التاسع: يصرحون بعدم الحاجة إلى الله

- ‌المطلب العاشر: عقيدة القبور

- ‌المطلب الأول: مصادر التلقي عند الطريقة

- ‌المطلب الثاني: القبر مصدر التلقي

- ‌المطلب الثالث: موقفهم من التعليم والتعلم

- ‌المطلب الرابع: طعنهم في العلم

- ‌المطلب الأول: شاه نقشبند يحيي ويميت

- ‌المطلب الثاني: هل يحب رسول الله علم الكلام

- ‌المطلب الثالث: من الحيوانات شيوخ الطريقة

- ‌المطلب الرابع: زعمهم أن الله يتشكل بأشكال الحيوانات

- ‌المطلب الخامس: أقوال صريحة في الكفر

- ‌المطلب السادس: الرب عندهم يصلي

- ‌المطلب السابع: مقام الجهل بالله

- ‌المطلب الثامن: كفر آخر

- ‌المطلب التاسع: مقام الخمر والسُكر

- ‌المطلب العاشر: البشر عند النقشبنديين ظلال أسماء الله وصفاته

- ‌المطلب الحادي عشر: تصريحهم بوحدة الوجود

- ‌المطلب الأول: الطريقة النقشبندية على ثلاث طرق

- ‌المطلب الثاني: هل تتسبب العبادة الصحيحة في التلفظ بالكفر

- ‌المطلب الثالث: الاتحاد بذات الله وصفاته وأفعاله

- ‌المطلب الرابع: بالفناء يخرجون عن طور البشرية إلى الألوهية

- ‌المطلب الخامس: هل العشق أعظم من المحبة

- ‌المطلب السادس: الحقيقة المحمدية

- ‌المطلب الأول: صفات الأولياء عند النقشبندية هي صفات الألوهية

- ‌المطلب الثاني: الأولياء خالقون عند صاحب (الرشحات)

- ‌المطلب الثالث: مشائخهم فعالون لما يريدون

- ‌المطلب الرابع: يعلمون الغيب وما في الصدور

- ‌المطلب الخامس: لا يبالون بالجنة ولا بالنار

- ‌المطلب السادس: يقولون للشيء: كن فيكون

- ‌المطلب السابع: من تصرفات الأولياء

- ‌المطلب الثامن: من كرامات مشايخ الطريقة

- ‌المطلب التاسع: لهم الثواب والعقاب

- ‌المطلب الأول: الغلو وتقديس المشايخ

- ‌المطلب الثاني: مقام الكفر من أعلى مقامات العبادة

- ‌المطلب الثالث: الرابطة بالشيخ أفضل من ذكر الله

- ‌المبحث الثامن: النهج الباطني عند النقشبندية والصوفية

- ‌المبحث التاسع: آداب المريد مع شيخه

- ‌المطلب الأول: مبدأ الرابطة عند النقشبنديين

- ‌المطلب الثاني: آداب الرابطة

- ‌المطلب الثالث: الصورة صنم والصنم صورة

- ‌المطلب الثاني: رابطة المرشد

- ‌المطلب الثالث: أصول الذكر عندهم وطريقته وغايته ونهايته

- ‌المطلب الأول: مرتبة الطعن في النبوة

- ‌المطلب الثاني: زعمهم أنهم يرون الله في الدنيا

- ‌المطلب الثالث: ختم الخواجكان

- ‌المطلب الأول: الخلوة وشروطها

- ‌المطلب الثاني: طقوس أخرى

- ‌المبحث الرابع عشر: أهم رجالاتها المعاصرين

- ‌المبحث الخامس عشر: كلام العلماء في الطريقة النقشبندية

- ‌مراجع للتوسع

- ‌المبحث الأول: التعريف

- ‌المبحث الثاني: سيرة الشاذلي

- ‌المبحث الثالث: أنواع الكرامات المنسوبة إلى أبي الحسن الشاذلي

- ‌المبحث الرابع: من أبرز مشايخ الطريقة الشاذلية

- ‌المبحث الخامس: الأفكار والمعتقدات

- ‌المبحث السادس: أوراد الشاذلية

- ‌المبحث السابع: الطريقة الشاذلية ودلائل الخيرات

- ‌المبحث الثامن: الجذور الفكرية والعقائدية

- ‌المبحث التاسع: أماكن الانتشار

- ‌المبحث العاشر: كلام العلماء في الطريقة الشاذلية

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المبحث الأول: التعريف

- ‌المبحث الثاني: التأسيس والجذور التاريخية

- ‌المطلب الأول: نشأة الطائفة الختمية

- ‌المطلب الثاني: أبرز شخصيات الطائفة الختمية

- ‌المبحث الثالث: الأفكار والمعتقدات

- ‌المطلب الأول: عقيدتهم في الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثاني: الفناء في ذات الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثالث: الاستمداد من الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الرابع: دعاوى مشايخ الختمية وادعاء أتباعهم فيهم

- ‌المطلب الأول: مقدمات الذكر

- ‌المطلب الثاني: ما في أوراد الختمية وأذكارهم من بدع

- ‌المطلب الثالث: صلاة الجواهر المستظهرة

- ‌المبحث السادس: البيعة وأخذ الطريق

- ‌المبحث السابع: الخلوة عند الختمية

- ‌المبحث الثامن: الختمية والتشيع

- ‌المطلب الأول: مشايخ الختمية وأئمة الشيعة الاثني عشرية

- ‌المطلب الثاني: الختمية امتداد لتاريخ الشيعة

- ‌المطلب الثالث: الختمية وحركة البعث الشيعية المعاصرة

- ‌المبحث التاسع: بعض من مخالفات الطريقة الختمية والرد عليها

- ‌المبحث العاشر: الجذور الفكرية والعقائدية

- ‌المبحث الحادي عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المبحث الأول: التعريف

- ‌المبحث الثاني: التعريف بالشيخ عبد القادر الجيلاني

- ‌المبحث الثالث: الطوام التي نسبت إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني

- ‌المبحث الرابع: الأدلة على اعتقاد الصوفية لهذه العقائد الباطلة

- ‌المبحث الخامس: مصدر هذه الطوام وغيرها

- ‌المطلب الأول: المآخذ التي أخذت على عبد القادر الجيلاني

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم عن الشيخ عبد القادر وما نسب إليه

- ‌المبحث السابع: مصادر التلقي عندهم

- ‌المطلب الأول: اعتقاد القادرية بعقيدة وحدة الوجود

- ‌المطلب الثاني: اعتقاد القادرية بعقيدة الحلول والحقيقة المحمدية

- ‌المطلب الثالث: إلغاء مسألة الثواب والعقاب عند القادرية والصوفية عامّة وأنه لا فرق بين الجنة والنار ولا بين الطائع والعاصي

- ‌المطلب الرابع: اعتقادهم أن الولي يقول للشيء كن فيكون

- ‌المطلب الخامس: دعوة القادرية الناسَ إلى عبادة شيخهم وطلب الحاجات منه والاستغاثة به من دون الله

- ‌المبحث التاسع: الخلوة المرحلة النهائية للوصول

- ‌المبحث العاشر: تحريفهم لمعاني النصوص

- ‌المبحث الحادي عشر: زعم شيخ الطريقة القادرية باليمن أن النبي صلى الله عليه وسلم يوزع "القات

- ‌المبحث الثاني عشر: من أوراد الطريقة القادرية

- ‌المبحث الثالث عشر: مخالفات الطريقة القادرية للشريعة الإسلامية

- ‌المبحث الرابع عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث الخامس عشر: فتاوى اللجنة الدائمة في الطريقة القادرية

- ‌المبحث الأول: التعريف بالبريلوية

- ‌المبحث الثاني: التأسيس والجذور التاريخية

- ‌المطلب الأول: سيرة البريلوي

- ‌المطلب الثاني: أسرته

- ‌المطلب الثالث: وفاته

- ‌المطلب الرابع: مبالغات البريلويين وغلوهم فيه

- ‌المطلب الخامس: مؤلفاته

- ‌المطلب السادس: مخالفته الجهاد والمجاهدين، ومناصرته الاستعمار والمستعمرين

- ‌المبحث الثالث: أبرز زعماء البريلوية

- ‌المبحث الرابع: معتقدات البريلوية

- ‌المطلب الأول: الاستغاثة والاستعانة بغير الله

- ‌المطلب الثاني: قدرة الأنبياء والأولياء واختياراتهم

- ‌المطلب الثالث: سماع الموتى

- ‌المطلب الرابع: مسألة علم الغيب

- ‌المطلب الخامس: مسألة بشرية الرسول

- ‌المطلب السادس: مسألة الحاضر والناظر

- ‌المبحث الخامس: تعاليم البريلوية

- ‌المبحث السادس: البريلوية وتكفير المسلمين

- ‌المبحث السابع: خرافات البريلوية

- ‌المبحث الثامن: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث التاسع: فتاوى اللجنة الدائمة في الطريقة البريلوية

- ‌الفصل العاشر: كشف بطائفة من الطرق الصوفية غير ما ذكر

- ‌المبحث الأول التعريف بالديوبندية:

- ‌المطلب الأول: النشأة

- ‌المطلب الثاني: ملخص أفكار ومبادئ المدرسة الديوبندية

- ‌المطلب الثالث: مواقع النفوذ والانتشار

- ‌المبحث الثالث أهم زعمائها:

- ‌المبحث الرابع: فرق الديوبندية

- ‌المبحث الأول: القول بوحدة الوجود

- ‌المبحث الثاني التأويل لصفات الله

- ‌المطلب الأول: الاستغاثة بأرواح الأحياء والأموات

- ‌المطلب الثاني: المراقبة عند القبور

- ‌المطلب الثالث: التبركات البدعية والشركية:

- ‌المطلب الرابع: المغالاة في الرسول وأئمتهم والصالحين

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: تصور الشيخ

- ‌المبحث الثاني: أشغال الصوفية والفيوضات الباطنية

- ‌المبحث الثالث: الاشتغال بقراءة البردة ودلائل الخيرات وغيرهما

- ‌المبحث الرابع: اعتقاد رؤية الرسول في اليقظة

- ‌الفصل الرابع: موقفهم من أهل السنة

- ‌المبحث الأول: وجوب التقليد

- ‌المبحث الثاني: تحريف نصوص الكتاب والسنة لنصرة مذهبهم

الفصل: ‌المبحث الأول: التفسير الإشاري

‌المبحث الأول: التفسير الإشاري

عرف التفسير الصوفي بالتفسير الإشاري، ويتمثل على زعمهم في أن يرى المفسر معنى آخر غير المعنى الظاهر، ربما تحتمله الآية الكريمة ولكنه لا يظهر للعامة من الناس، وإنما يظهر لخاصتهم ومن فتح الله قلبه وأنار بصيرته وسلكه ضمن عباده الصالحين، الذين منحهم الله الفهم والإدراك، وهذا النوع من العلم ليس من العلم الكسبى الذي ينال بالبحث والمذاكرة وإنما هو من العلم الوهبى الذي هو أثر التقى والاستقامة والصلاح، كما قال تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [البقرة:282]. والتفسير الصوفي يعتمد أساسا على أن للقرآن ظاهرا وباطنا، ويقصد بالظاهر الشريعة وبالباطن الحقيقة، وعلم الشريعة علم المجاهدة، وعلم الحقيقة علم الهداية، وعلم الشريعة علم الآداب وعلم الحقيقة علم الأحوال، وعلم الشريعة يعلمه علماء الشريعة وعلم الحقيقة يعلمه العلماء بالله، يقول السلمى في مقدمة تفسيره عن الباعث لإقدامه على كتابة تفسير القرآن:(لما رأيت المتوسمين بعلوم الظاهر قد سبقوا في أنواع فرائد القرآن، من قراءات وتفاسير ومشكلات وأحكام وإعراب ولغة ومجمل ومفصل وناسخ ومنسوخ، ولم يشتغل أحد منهم بفهم الخطاب على لسان أهل الحقيقة إلا آيات متفرقة، أحببت أن أجمع حروفا أستحسنها من ذلك وأضم أقوال مشايخ أهل الحقيقة إلى ذلك وأرتبه على السور حسب وسعى وطاقتى)(1) ويقول سهل بن عبد الله التسترى في تفسيره، وهو أول ما ظهر للصوفية من تفسير للقرآن:(ما من آية في القرآن إلا ولها أربعة معان، ظاهر وباطن وحد ومطلع، فالظاهر التلاوة، والباطن الفهم والحد حلالها وحرامها والمطلع إشراف القلب على المراد بها فقها من الله عز وجل، فالعلم الظاهر علم عام، والفهم لباطنه والمراد به خاص)(2).

وقد ظهر أيضا تفسير ثالث لعبد الكريم القشيرى سلك فيه مسلك الصوفية في إدراك الإشارات التي يراها الصوفي خلف آيات القرآن، وسماه لطائف الإشارات، قال عن الباعث لتأليفه:

(وكتابنا هذا يأتى على طرف من إشارات القرآن على لسان أهل المعرفة إما من معاني قولهم أو قضايا أصولهم، سلكنا فيه طريق الإقلال خشية الملال مستمدين من الله تعالى عوائد المنة، متبرئين من الحول والمنة مستعصمين من الخطأ والخلل، مستوثقين لأصوب القول والعمل)(3).

ولم يظهر في تاريخ التفسير الإشاري حتى القرن الخامس، أهم من حقائق التفسير للسلمى، ولطائف الإشارات للقشيري وإن كان القشيري قد استفاد

من السلمى فائدة كبرى واقتبس منه كثيرا من آرائه (4).

(1) تفسير القرآن الكريم على الطريقة الصوفية، دراسة وتحقيق حقائق التفسير لأبي عبد الرحمن محمد بن الحسين الأزدى السلمى رسالة ماجستير، إعداد سلمان نصيف جاسم التكريتى، مكتبة كلية دار العلوم، جامعة القاهرة سنة 1975م ص22

(2)

((تفسير القرآن العظيم)) لسهل بن عبد الله، مطبعة السعادة، سنة 1908م ص61

(3)

((لطائف الإشارات))، للقشيرى، تحقيق الدكتور إبراهيم بسيونى، طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الثالثة، القاهرة، سنة 1981م، (1/ 41).

(4)

((تاريخ أدبيات در إيران)) للدكتور ذبيح الله صفا الطبعة الثالثة سنة1339هت2/ 257

ص: 2

وقد ظهر تفسير القرآن المنسوب لابن عربي، ولكنه في الحقيقة للكاشاني السمرقندي، ويعد هذا التفسير أهم تفسير إشارى بعد اللطائف، قال مؤلفه في مقدمته:(ما نزل من القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن، ولكل حرف حد ومطلع، فالظهر هو التفسير، والبطن هو التأويل، والحد هو ما تتناهي إليه الفهوم من معنى الكلام، والمطلع ما يصعد إليه منه فيطلع على شهود الملك العلام)(1).

ويمكن القول باستقراء التفسيرات الصوفية السابقة أن السمة الغالبة في التفسير الإشاري لدى الصوفية تتمثل فيما يلى:

(1 - أن للقرآن ظاهرا وباطنا، وأن الظاهر للعوام والباطن لا يدركه إلا الخواص وإدراك الخواص مستمد من فيض إلهي ينير بصائرهم، ويكشف لهم على زعمهم عن معارف لدنية مباشرة.

(2 - أن العلم بالقرآن على هذا النحو يفترق عن العلوم القرآنية الأخرى في بدايته وفى طرائقه وفي غاياته، فضلا عن أنه يفترق عن سائر العلوم بضرورة العمل، فالعالم لابد أن يكون عاملا وعمله هو جهاده ورياضاته التي تؤدى إلى صقل إرادته وشحذ همته وتنقية مرآته الباطنية من كل شائبة، فالتفسير عموما ليس تفسيرا مباشرا، بل يسلك تزكية النفوس وتطهير القلوب والحث على التحلى بالأخلاق الفاضلة.

(3 - أن التفسير الإشاري وإن كان يعتمد على ما وراء العبارة الظاهرية إلا أنه لم تخل من بعض ما نقل من الآثار على النحو المذكور في التفسير بالمأثور أو التفسير بالرأي بالطريقة الاستنباطية، أو تفسيرات تعتمد على معاني الألفاظ والتفسيرات البلاغية.

(4 - تتعرض هذه التفسيرات لكثير من المعاني والمصطلحات الصوفية التي تكشف عن طريقتهم وتجربتهم، لا سيما أنهم يوجهون الآيات كشواهد لهذه الرموز والمصطلحات.

(5 - ومع ما فيها من معاني تقبل بصعوبة، أو يلتمس لها وجها تحمل عليه بمشقة، إلا أن هناك معان مشكلة تصل في بعض الأحيان إلى الكفر والزندقة.

(6 - لم تسلم هذه التفسيرات من الإسرائيليات، والاستشهاد بغير القرآن والسنة، ولم تتبع الدقة في تحري ثبوت الحديث، أو مراعاة التعليق على الأسانيد، وكذلك لم تخل من فكر باطني (2)

‌المصدر:

المعجم الصوفي لمحمود عبد الرازق 1/ 116 - 119

(1)((تفسير ابن عربى)) (1/ 4) وانظر تحقيق نسبته في ((تفسير المنار)) (1/ 18)، ومحى الدين بن عربى مفسرا، إعداد حامد محمود الزفرى، رسالة دكتوراه، بمكتبة كلية أصول الدين جامعة الأزهر القاهرة سنة 1972م (ص174)

(2)

انظر ((الموافقات)) للشاطبى (3/ 403) وما بعدها، وانظر أيضا في ((التفسير الصوفي للقرآن)) إعداد حسن عبد التواب رسالة دكتوراه بمكتبة كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف القاهرة، سنة 1972م (ص144)

ص: 3