المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالث: الاستمداد من الرسول صلى الله عليه وسلم - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٨

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الأول: التفسير الإشاري

- ‌المبحث الثاني: أدلة المجيزين للتفسير الإشاري

- ‌المبحث الثالث: آراء العلماء في التفسير الإشاري

- ‌المبحث الرابع: آراء المستشرقين في التفسير الصوفي

- ‌المبحث الخامس: شروط قبول التفسير الصوفي

- ‌المبحث السادس: أمثلة على التفسير الإشاري يترك تقديرها للقارئ

- ‌الفصل الخامس والثلاثون: علاقة التصوف بالثورات السياسية على الحكام وبالتكفير والانقلابات

- ‌الفصل السادس والثلاثون: الصوفية والسحر

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الاستسلام العجيب للتتر

- ‌المبحث الثاني: تمزيق الأمة الإسلامية إلى فرق مذهبية تحارب الإسلام باسم إسلام محرف ينتهجونه

- ‌المبحث الثالث: الإفساد العام في العقائد والعبادات والأخلاق والسلوك وأساليب التفكير

- ‌المطلب الأول: إفساد العقيدة

- ‌المطلب الثاني: إفساد العبادات

- ‌المطلب الثالث: إفساد الأخلاق والسلوك

- ‌المطلب الرابع: إفساد الفكر

- ‌المطلب الخامس: إفساد المنطلقات

- ‌المبحث الرابع: عوامل أخرى أدت إلى تمزيق الأمة

- ‌المطلب الأول: الخلفيات الفكرية والعقائد والفلسفات

- ‌المطلب الثاني: الموقف السلبي في مواجهة الصوفية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: نشر العقيدة الصحيحة المأخوذة من الكتاب والسنة

- ‌المبحث الثاني: القضاء على المظاهر التي تكون سببا في انتشار الشرك كالقباب والمساجد المبنية على القبور والأشجار والأحجار التي تعبد من دون الله

- ‌المبحث الثالث: منع كتب الصوفية لئلا يتداولها الناس ومنع دعاة التصوف ودراسة كتبهم من قبل شخصيات لها حصانة عقدية لكشف زيفها

- ‌الفصل الأول: تاريخ نشأة الطرق الصوفية

- ‌الفصل الثاني: معنى الطريقة الصوفية

- ‌المبحث الأول: التعريف

- ‌المبحث الثاني: التأسيس وأبرز الشخصيات

- ‌المبحث الثالث: مصادر التجانية

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: عقيدتهم في الله

- ‌المطلب الثاني: عقيدتهم في القرآن

- ‌المطلب الثالث: عقيدتهم في الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الرابع: عقيدتهم في التجاني

- ‌المبحث الخامس: بدعهم في الأدعية والأذكار:

- ‌المبحث السادس: عمالة التجانية لأعداء الإسلام والمسلمين

- ‌المبحث السابع: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث الثامن: حكم الشريعة فيمن يعتقد هذه العقيدة

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المطلب الأول: نسبة الطريقة الرفاعية

- ‌المطلب الثاني: سيرة الرفاعي من خلال كتب المؤرخين

- ‌المطلب الثالث: مؤلفات أحمد الرفاعي

- ‌المطلب الرابع: سيرة الرفاعي من خلال كتب التصوف

- ‌المطلب الخامس: قصة نسب الرفاعي إلى آل البيت

- ‌المطلب السادس: قصة مد يد النبي من خارج قبره

- ‌المطلب الأول: استغاثتهم بالرسول صلى الله عليه وسلم وغلوهم فيه بلا حد

- ‌المطلب الثاني: حقيقة حياة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: الاستغاثة بالرفاعي

- ‌المطلب الثاني: الاستغاثة بالرفاعي في نظر الرفاعي

- ‌المطلب الثالث: موقف الرفاعي من الاستغاثة بغير الله

- ‌المطلب الرابع: موقف أتباع الرفاعي من الاستغاثة بغير الله

- ‌المطلب الخامس: الاستغاثة بمشايخ الطريقة الرفاعية

- ‌المطلب الأول: أنواع الكرامات

- ‌المطلب الثاني: موقف الرفاعي من هذه الكرامات المحكية

- ‌المطلب الثالث: نماذج من كشوفات مشايخ الرفاعية

- ‌المطلب الرابع: الرفاعي وعقيدة ختم الولاية

- ‌المطلب الأول: غلو الرفاعية في شيخهم ومشايخهم

- ‌المطلب الثاني: قرية الرفاعي «أم عبيدة»

- ‌البيت الحرام

- ‌المبحث السادس: كرامات أم خرافات

- ‌المبحث السابع: تحذير الرفاعي أتباعه من الكذب عليه

- ‌المطلب الأول: تحذيره من كذب الصوفية على أئمتهم

- ‌المطلب الثاني: أدلة كذبهم على الشيخ الرفاعي وعلى غيره

- ‌المبحث الثامن: خوارق الرفاعية وموقف الرفاعي منها

- ‌المطلب الأول: موقف صلحاء أصحابه من خوارق الرفاعية:

- ‌المطلب الثاني: الصيادي يصرح بأن الخوارق تقع عند ذكر اسم الرفاعي

- ‌المطلب الثالث: كيفية حصول هذه الخوارق بالتفصيل:

- ‌المطلب الرابع: سعيد حوى والرفاعية

- ‌المبحث التاسع: حقيقة العلاقة بين الرفاعية والتتار عار لا كرامة

- ‌المبحث العاشر: الشعائر الخاصة للطريقة الرفاعية:

- ‌المبحث الحادي عشر: الرفاعية في طور جديد

- ‌المبحث الثاني عشر: بعض أورادهم

- ‌المبحث الثالث عشر: مناظرة شيخ الإسلام أحمد بن عبدالحليم بن تيمية للبطائحية الرفاعية

- ‌المبحث الرابع عشر: الطريقة الرفاعية والتشيع:

- ‌المطلب الأول: نسبة الطريقة

- ‌المطلب الثاني: تعاليمها

- ‌المطلب الثالث: أصولها

- ‌المطلب الأول: مبادئ الطريقة

- ‌المطلب الثاني: كيف ينال المرء مرتبة الصديقية

- ‌المطلب الثالث: السجود للكعبة التي تزور الأولياء في الله

- ‌المطلب الرابع: علاقات خاصة مع الكعبة

- ‌المطلب الخامس: اتخاذ الوسيلة على نمط الأديان الأخرى

- ‌المطلب السادس: من لا شيخ له فهو كافر وفاسق عندهم

- ‌المطلب السابع: الطريق إلى الله مسدودة إلا بالشيخ

- ‌المطلب الثامن: نموذج من الشرك في عقيدة الطريقة

- ‌المطلب التاسع: يصرحون بعدم الحاجة إلى الله

- ‌المطلب العاشر: عقيدة القبور

- ‌المطلب الأول: مصادر التلقي عند الطريقة

- ‌المطلب الثاني: القبر مصدر التلقي

- ‌المطلب الثالث: موقفهم من التعليم والتعلم

- ‌المطلب الرابع: طعنهم في العلم

- ‌المطلب الأول: شاه نقشبند يحيي ويميت

- ‌المطلب الثاني: هل يحب رسول الله علم الكلام

- ‌المطلب الثالث: من الحيوانات شيوخ الطريقة

- ‌المطلب الرابع: زعمهم أن الله يتشكل بأشكال الحيوانات

- ‌المطلب الخامس: أقوال صريحة في الكفر

- ‌المطلب السادس: الرب عندهم يصلي

- ‌المطلب السابع: مقام الجهل بالله

- ‌المطلب الثامن: كفر آخر

- ‌المطلب التاسع: مقام الخمر والسُكر

- ‌المطلب العاشر: البشر عند النقشبنديين ظلال أسماء الله وصفاته

- ‌المطلب الحادي عشر: تصريحهم بوحدة الوجود

- ‌المطلب الأول: الطريقة النقشبندية على ثلاث طرق

- ‌المطلب الثاني: هل تتسبب العبادة الصحيحة في التلفظ بالكفر

- ‌المطلب الثالث: الاتحاد بذات الله وصفاته وأفعاله

- ‌المطلب الرابع: بالفناء يخرجون عن طور البشرية إلى الألوهية

- ‌المطلب الخامس: هل العشق أعظم من المحبة

- ‌المطلب السادس: الحقيقة المحمدية

- ‌المطلب الأول: صفات الأولياء عند النقشبندية هي صفات الألوهية

- ‌المطلب الثاني: الأولياء خالقون عند صاحب (الرشحات)

- ‌المطلب الثالث: مشائخهم فعالون لما يريدون

- ‌المطلب الرابع: يعلمون الغيب وما في الصدور

- ‌المطلب الخامس: لا يبالون بالجنة ولا بالنار

- ‌المطلب السادس: يقولون للشيء: كن فيكون

- ‌المطلب السابع: من تصرفات الأولياء

- ‌المطلب الثامن: من كرامات مشايخ الطريقة

- ‌المطلب التاسع: لهم الثواب والعقاب

- ‌المطلب الأول: الغلو وتقديس المشايخ

- ‌المطلب الثاني: مقام الكفر من أعلى مقامات العبادة

- ‌المطلب الثالث: الرابطة بالشيخ أفضل من ذكر الله

- ‌المبحث الثامن: النهج الباطني عند النقشبندية والصوفية

- ‌المبحث التاسع: آداب المريد مع شيخه

- ‌المطلب الأول: مبدأ الرابطة عند النقشبنديين

- ‌المطلب الثاني: آداب الرابطة

- ‌المطلب الثالث: الصورة صنم والصنم صورة

- ‌المطلب الثاني: رابطة المرشد

- ‌المطلب الثالث: أصول الذكر عندهم وطريقته وغايته ونهايته

- ‌المطلب الأول: مرتبة الطعن في النبوة

- ‌المطلب الثاني: زعمهم أنهم يرون الله في الدنيا

- ‌المطلب الثالث: ختم الخواجكان

- ‌المطلب الأول: الخلوة وشروطها

- ‌المطلب الثاني: طقوس أخرى

- ‌المبحث الرابع عشر: أهم رجالاتها المعاصرين

- ‌المبحث الخامس عشر: كلام العلماء في الطريقة النقشبندية

- ‌مراجع للتوسع

- ‌المبحث الأول: التعريف

- ‌المبحث الثاني: سيرة الشاذلي

- ‌المبحث الثالث: أنواع الكرامات المنسوبة إلى أبي الحسن الشاذلي

- ‌المبحث الرابع: من أبرز مشايخ الطريقة الشاذلية

- ‌المبحث الخامس: الأفكار والمعتقدات

- ‌المبحث السادس: أوراد الشاذلية

- ‌المبحث السابع: الطريقة الشاذلية ودلائل الخيرات

- ‌المبحث الثامن: الجذور الفكرية والعقائدية

- ‌المبحث التاسع: أماكن الانتشار

- ‌المبحث العاشر: كلام العلماء في الطريقة الشاذلية

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المبحث الأول: التعريف

- ‌المبحث الثاني: التأسيس والجذور التاريخية

- ‌المطلب الأول: نشأة الطائفة الختمية

- ‌المطلب الثاني: أبرز شخصيات الطائفة الختمية

- ‌المبحث الثالث: الأفكار والمعتقدات

- ‌المطلب الأول: عقيدتهم في الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثاني: الفناء في ذات الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثالث: الاستمداد من الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الرابع: دعاوى مشايخ الختمية وادعاء أتباعهم فيهم

- ‌المطلب الأول: مقدمات الذكر

- ‌المطلب الثاني: ما في أوراد الختمية وأذكارهم من بدع

- ‌المطلب الثالث: صلاة الجواهر المستظهرة

- ‌المبحث السادس: البيعة وأخذ الطريق

- ‌المبحث السابع: الخلوة عند الختمية

- ‌المبحث الثامن: الختمية والتشيع

- ‌المطلب الأول: مشايخ الختمية وأئمة الشيعة الاثني عشرية

- ‌المطلب الثاني: الختمية امتداد لتاريخ الشيعة

- ‌المطلب الثالث: الختمية وحركة البعث الشيعية المعاصرة

- ‌المبحث التاسع: بعض من مخالفات الطريقة الختمية والرد عليها

- ‌المبحث العاشر: الجذور الفكرية والعقائدية

- ‌المبحث الحادي عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المبحث الأول: التعريف

- ‌المبحث الثاني: التعريف بالشيخ عبد القادر الجيلاني

- ‌المبحث الثالث: الطوام التي نسبت إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني

- ‌المبحث الرابع: الأدلة على اعتقاد الصوفية لهذه العقائد الباطلة

- ‌المبحث الخامس: مصدر هذه الطوام وغيرها

- ‌المطلب الأول: المآخذ التي أخذت على عبد القادر الجيلاني

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم عن الشيخ عبد القادر وما نسب إليه

- ‌المبحث السابع: مصادر التلقي عندهم

- ‌المطلب الأول: اعتقاد القادرية بعقيدة وحدة الوجود

- ‌المطلب الثاني: اعتقاد القادرية بعقيدة الحلول والحقيقة المحمدية

- ‌المطلب الثالث: إلغاء مسألة الثواب والعقاب عند القادرية والصوفية عامّة وأنه لا فرق بين الجنة والنار ولا بين الطائع والعاصي

- ‌المطلب الرابع: اعتقادهم أن الولي يقول للشيء كن فيكون

- ‌المطلب الخامس: دعوة القادرية الناسَ إلى عبادة شيخهم وطلب الحاجات منه والاستغاثة به من دون الله

- ‌المبحث التاسع: الخلوة المرحلة النهائية للوصول

- ‌المبحث العاشر: تحريفهم لمعاني النصوص

- ‌المبحث الحادي عشر: زعم شيخ الطريقة القادرية باليمن أن النبي صلى الله عليه وسلم يوزع "القات

- ‌المبحث الثاني عشر: من أوراد الطريقة القادرية

- ‌المبحث الثالث عشر: مخالفات الطريقة القادرية للشريعة الإسلامية

- ‌المبحث الرابع عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث الخامس عشر: فتاوى اللجنة الدائمة في الطريقة القادرية

- ‌المبحث الأول: التعريف بالبريلوية

- ‌المبحث الثاني: التأسيس والجذور التاريخية

- ‌المطلب الأول: سيرة البريلوي

- ‌المطلب الثاني: أسرته

- ‌المطلب الثالث: وفاته

- ‌المطلب الرابع: مبالغات البريلويين وغلوهم فيه

- ‌المطلب الخامس: مؤلفاته

- ‌المطلب السادس: مخالفته الجهاد والمجاهدين، ومناصرته الاستعمار والمستعمرين

- ‌المبحث الثالث: أبرز زعماء البريلوية

- ‌المبحث الرابع: معتقدات البريلوية

- ‌المطلب الأول: الاستغاثة والاستعانة بغير الله

- ‌المطلب الثاني: قدرة الأنبياء والأولياء واختياراتهم

- ‌المطلب الثالث: سماع الموتى

- ‌المطلب الرابع: مسألة علم الغيب

- ‌المطلب الخامس: مسألة بشرية الرسول

- ‌المطلب السادس: مسألة الحاضر والناظر

- ‌المبحث الخامس: تعاليم البريلوية

- ‌المبحث السادس: البريلوية وتكفير المسلمين

- ‌المبحث السابع: خرافات البريلوية

- ‌المبحث الثامن: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث التاسع: فتاوى اللجنة الدائمة في الطريقة البريلوية

- ‌الفصل العاشر: كشف بطائفة من الطرق الصوفية غير ما ذكر

- ‌المبحث الأول التعريف بالديوبندية:

- ‌المطلب الأول: النشأة

- ‌المطلب الثاني: ملخص أفكار ومبادئ المدرسة الديوبندية

- ‌المطلب الثالث: مواقع النفوذ والانتشار

- ‌المبحث الثالث أهم زعمائها:

- ‌المبحث الرابع: فرق الديوبندية

- ‌المبحث الأول: القول بوحدة الوجود

- ‌المبحث الثاني التأويل لصفات الله

- ‌المطلب الأول: الاستغاثة بأرواح الأحياء والأموات

- ‌المطلب الثاني: المراقبة عند القبور

- ‌المطلب الثالث: التبركات البدعية والشركية:

- ‌المطلب الرابع: المغالاة في الرسول وأئمتهم والصالحين

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: تصور الشيخ

- ‌المبحث الثاني: أشغال الصوفية والفيوضات الباطنية

- ‌المبحث الثالث: الاشتغال بقراءة البردة ودلائل الخيرات وغيرهما

- ‌المبحث الرابع: اعتقاد رؤية الرسول في اليقظة

- ‌الفصل الرابع: موقفهم من أهل السنة

- ‌المبحث الأول: وجوب التقليد

- ‌المبحث الثاني: تحريف نصوص الكتاب والسنة لنصرة مذهبهم

الفصل: ‌المطلب الثالث: الاستمداد من الرسول صلى الله عليه وسلم

‌المطلب الثالث: الاستمداد من الرسول صلى الله عليه وسلم

تبعا لهذا التصور لذات الرسول صلى الله عليه وسلم، توجه الميرغنيه بدعواتهم واستغاثاتهم وشكاواهم إليه، سائلينه أن يفك ضيقهم وينصرهم على عدوهم مخاطبين إياه بأنه مزيل للغم والكرب، ومفرج للهم والضيق، وتكاد لا تخلو قصيدة من قصائد مدحهم للرسول صلى الله عليه وسلم من معنى من هذه المعاني أو منها جميعها، فأشعارهم جميعها تتضح بهذه المعاني التي تجعل الرسول ملجأ السائلين، وقبلة المحتاجين، يتوجهون إليه بالدعاء ويتوسلون إليه بالإعانة. ولعل في النماذج التالية ما يكشف عن هذه الحقيقة في عقائد الختمية ومبادئهم:

يقول "الميرغني الختم" في النفحات المدنية مخاطبا الرسول صلى الله عليه وسلم:

كر صلى الله عليك يا نبي

ما مزيل الغم والكربى

كل هم أنت تفرجه

إن وفاء للعجم والعربي

فأغث يا خير غوث بدا

وأجل كربا عم من حقبى

وأرحنا من عنا سيدي

من عنا الدنيا والأخرى نبي (1)

ويقول أيضا في (النور البراق) مخاطبا الرسول صلى الله عليه وسلم:

إليك التجائي حين تذهل الورى

وفي دار دنيا وفي يوم محشرا

فإنك ملجأ للأنام تحفظ

وقول أبا عثمان ابني لك الهنا

بما رمته لا تختشي قط بطشنا

غفرنا لزلات دنوناك نحونا

تمتع بنا في أخرة وكذا الدنا (2)

ويقول في قصيدة أخرى من نفس الديوان مخاطبا الرسول بأنه عليه الاعتماد في الدنيا والآخرة وعند الموت، ويرجو من الرسول أن يحضر وفاته وأن يجهزه بعد موته وينزله في القبر ويحضر معه سؤال الملكين وأن يكون أنيسه في القبر وشفيعه في يوم الحشر (3).

وتتردد هذه المعاني أيضا في أشعار هاشم بن الميرغني (الختم). ومن بين هذه الأشعار قوله مخاطبا الرسول صلى الله عليه وسلم:

رسول الله زيل الخطب عني

فصب معسر قد زاد عسري

رسول الله أشكو الحال حقا

إليك ومن يغيث سواك ضري

رسول الله امح ثم محص

ذنوبا ثم آثامي ووزري

وأوهبني رضاك وقل محبي

وابني هاشم لا تخش ضري (4)

ويصف الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله:

وإنه المرتجى في كل نائبة

وكل صرف وإيجال ومنعسر

فجد علي بما يغني ويسعدني

واسقني منك فيض الكأس منهمر (5)

ويقول في قصيدة أخرى عن الرسول:

مغيث من استغاث به كلمح

مفرج لوعة العبد الشجي

رجوتك يا نبي الله سرعا

تطهرني من الدنس الخسي

وتسعدني وتقضي ذي منائي

تدمر كل ذي طاغ بغي

فإنك عالم يا غوث ما بي

ومضموني وجهري والخفي

رحيم سيد بر وصول

سراج أنور نور مضي (6)

وتتردد أيضا هذه المعاني في أشعار جعفر الميرغني ومدائحه فهو أيضا يستغيث بالرسول صلى الله عليه وسلم ويسأله أن يعدل من أحواله وأن يهب له قربا ووصلا ويصفه بأنه مغيث المكروبين وهادي الضالين: فلنستمع إليه:

فديتك يا رسول الله أغثني

فجاهك يمنع الأسواء منعا

أجرني من عدو رام قتلي

يحاول مهجتي ختلا وخدعا

ونفس تأمر الإنسان سوءا

ومعصية بشؤم الذنب تدعى

وحول حالتي لطريق هدي

وضع عن ظهري الأوزار وضعا

وكن لي واقيا في يوم حشر

(1)((ديوان النفحات المدنية في المدائح المصطفوية))، محمد عثمان الميرغني ملحق ((بالنور البراق)(ص 35).

(2)

((النور البراق في مدح النبي المصداق)) محمد عثمان الميرغني، مكتبة القاهرة (ص 29).

(3)

((النور البراق في مدح النبي المصداق)(ص 27).

(4)

((ديوان شفاء القلوب والغرام في مدح من أضحى للأنبياء ختام))، هاشم بن الختم محمد عثمان الميرغني. مصطفى الحلبي، مصر (1355/ 1936)، (ص 25).

(5)

((ديوان شفاء القلوب والغرام في مدح من أضحى للأنبياء ختام)(ص 45).

(6)

((ديوان شفاء القلوب والغرام في مدح من أضحى للأنبياء ختام)(ص 53).

ص: 290

إذا انقطع الرجاء وخاب مسعى (1)

ويقول أيضا:

أغثني يا شفيع الخلق طرا

جميل الذات والطبع السليم

وكن لي واقيا في كل أمر

ودمر شر شيطان رجيم

أذقني برد عفوك يا رجائي

وهديا للطريق المستقيم

وهبني منك قربا ثم وصلا

أنال به شهودا من رحيم (2)

ويقول أيضا في قصيدة أخرى:

رسول الله ما لي من مغيث

سواك يغيث من كرب وخطب

رسول الله هب لي منك فتحا

وأمنا منك في أهلي وسربي

رسول الله هب لي منك فيضا

وقربا من جنابك أي قرب (3)

من هذه النصوص يتبين لنا أن الختمية يذهبون إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم مصدر للمدد والعون، فهو يجيب دعاء المضطر ويفرج كرب المستغيث، ويغيث الملهوف، ولا شك أن هذا اعتقاد باطل مخالف لأساسيات العقيدة الإسلامية، وزعم واهن يرده القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم الصحيحة. فقد بين القرآن الكريم أن الله وحده هو المتصرف في الكون وأن النفع والضر بيده سبحانه وأن الإحياء والإماتة والرزق والمنع والعطاء منه وحده لا شريك له في ذلك، وهو الذي يملك الهداية والضلال وفي الجملة فإن الخلق والأمر بيده. سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شيئا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا [الفتح: 11] قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ [يونس: 31].

وبين أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يملك لا لنفسه ولا لأحد شيئًا، وأمره أن يقول ذلك للناس: قُل لَاّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَاّ مَا شَاء اللهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إذا جَاء أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ [يونس: 49]. قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا [الجن: 21] وَلَا عَلَى الَّذِينَ إذا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَاّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ [التوبة: 92]. ويؤكد الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه هذه المعاني في أحاديثه، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس:((إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعت على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف)) (4).ويقول صلى الله عليه وسلم: ((لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله عز وجل)(5).

(1)((الديوان الكبير)) المسمى رياض المديح جعفر الصادق الميرغني، المكتبة الثقافية، بيروت، (ص 5).

(2)

((الديوان الكبير)(ص 5).

(3)

((الديوان الكبير)(ص 12).

(4)

رواه الترمذي (2516) وأحمد (1/ 303)(2763) والحاكم (6303) قال الترمذي حسن صحيح، وصححه الألباني.

(5)

رواه الطبراني وقال الهيثمي في ((المجمع)) (10/ 159) رجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة وهو حسن الحديث.

ص: 291

وبين القرآن أنه لا ينبغي أن يدعو المؤمن غير الله ولا يستعين إلا به ولا يطلب كشف كرب أو جلب النفع ودفع الضرر من أحد غيره نبيا أو ملكا أو غيره من الكائنات، وأن من يفعل ذلك فقد أشرك مع الله غيره وحبط عمله وكان في الآخرة من الخاسرين: وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون: 117]، وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إلى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ [الأحقاف: 5]، قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلَا تَحْوِيلاً أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا [الإسراء: 56].

فهذه الآيات فيها الدلالة الواضحة على النهي عن اتخاذ الوسائل ودعاء غير الله سبحانه، بل الواجب إخلاص العبادة لله والتوجه إليه وحده فمنه وحده النفع والضر والمنع والعطاء. ويقول ابن تيمية:"من يدعي القول بضرورة واسطة بينه وبين الله، إن أراد أنه لابد لنا من واسطة تبلغنا أمر الله فهذا حق، فإن الخلق لا يعلمون ما يحبه الله ويرضاه وما أمر به وما نهى عنه، ولا يعرفون ما يستحقه من أسمائه الحسنى وصفاته العلى وأمثال ذلك إلا بالرسل الذين أرسلهم الله إلى عباده. . إلى أن قال: "وإن أراد بالواسطة أنه لابد من واسطة في جلب المنافع ودفع المضار مثل أن يكون واسطة في رزق العباد ونصرهم وهداهم، يسألونه ذلك، ويرجعون إليه فيه، فهذا من أعظم الشرك الذي كفر الله به المشركين حيث اتخذوا من دون الله أولياء وشفعاء يجتلبون بهم المنافع ويجتنبون المضار، ثم قال:" وقال تعالى: مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلَائِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إذ أَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران: 79 - 80]، فبين سبحانه أن اتخاذ الملائكة والنبيين أربابا كفر، فمن جعل الملائكة والأنبياء وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع ودفع المضار مثل أن يسألهم غفران الذنب وهداية القلوب وتفريج الكروب وسد الفاقات فهو كافر بإجماع المسلمين "(1).وقال الإمام الحافظ بن عبد الهادي في رده على السبكي، " وقوله- أي وقول السبكي- إن المبالغة في تعظيمه، أي تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم، واجبة: إن أريد به المبالغة بحسب ما يراه كل أحد تعظيما، حتى الحج إلى قبره والسجود له والطواف به، واعتقاد أنه يعلم الغيب وأنه يعطي ويمنع ويملك لمن استغاث به دون الله الضر والنفع، وأنه يقضي حوائج السائلين، ويفرج كربات المكروبين، وأنه يشفع فيمن يشاء ويدخل الجنة من يشاء، فدعوى المبالغة في هذا التعظيم مبالغة في الشرك وانسلاخ من جملة الدين "(2).

(1)((مجموع الفتاوى)) (1/ 121 – 124 – 126). بتصرف.

(2)

((تيسير العزيز الحميد)(ص231).

ص: 292

قول الختمية برؤية الرسول صلى الله عليه وسلم ولقياه والتلقي منه: وفقا لتصورهم لذات الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد ذهب الختمية إلى أنهم يرون الرسول صلى الله عليه وسلم ويلقونه ويحضر احتفالاتهم بمولده صلى الله عليه وسلم، وأنهم يتلقون منه وتلقوا كثيرا من أسس الطريقة وأورادها وتعاليمها. فيذهب الشيخ محمد عثمان (الختم) إلى أنه وضع راتبه بإذن من الرسول صلى الله عليه وسلم:" إننا لم نضع شيئًا منه إلا بإذن إلهي وسر محمدي وكل ترتيبه كذلك. . حتى أني كنت أكتب نبيا رسولا، فقال لي المصطفى نبيا ورسولا (1)، ويذهب إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي أمره أن يصنف مولدا وأن يجعل إحدى قافيتيه هاء والأخرى نونا، وبشره بأنه يحضر قراءته وأن الدعاء مستجاب في ختمه وعند ذكر ولادته صلى الله عليه وسلم (2)، ويدعي أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبره بلزوم التمسك بطريقته لكل من وقف عليها: " اعلموا معشر الإخوان. . أنه أخبرني المصطفى أن من وقف على طريقتي ولم يتمسك بها فهو محروم، ومن تمسك بها وتركها يخشى عليه سوء الخاتمة فمن رأيتموه تمسك بها ثم تركها فلا تظنوا فيه خيرا ولو رأيتموه طائرا " (3).ويزعم أنه حينما هم بتأليف (مجموع فتح الرسول) استأذن الرسول صلى الله عليه وسلم في تأليفها فأذن له، ووعده بقبول الناس لها وقبولها منهم، " ثم أردت هذا الجمع على نسق ما ذكرت آنفا، فدخلت الحجرة ووقفت بين يدي المصطفى صلى الله عليه وسلم واستأذنته في ذلك الصفا، فأذن وأمد بسر بالمقصود وفا. فبدأت بالخطبة ثم إلى قولي بهية، وتركتها بائتة تحت الستر ليلة هنية، وسألت منه قبولها عني، ومن الزهراء والصاحبين وقبول الناس لها وقبولها منهم، فجاد بلامين، وأفاد أن بها يحصل سر الفتح والقرب منه في الدارين، وأنبأ بما لا تسعه عقول السامعين " (4). ويقول في كتابه (تاج التفسير) عند تفسير الآية: أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [الأنعام: 122]، يقول: لما وصلت في التفسير إلى هذا الموضع رأيت في تلك الليلة المصطفى صلى الله عليه وسلم في محفل من الرسل الكرام، ويقول لي: الأنبياء من نوري، وطارت نقطة نور منه فتخلق منها صورة سيدنا إسماعيل الذبيح فقال لي: هكذا خلقوا من نوري والأولياء من نور الختم!!. . ثم رأيته الليلة، فقال لي صلى الله عليه وسلم: ما قام بأمر الله والمؤمنين أحد بعدي مثلك، شكر الله سعيك، فقلت: كيف يا رسول الله؟ فقال: تعبت في المؤمنين ونصحتهم ما تعب فيهم أحد بعدي مثلك فقلت له: أأرضاك ذلك؟ قال: أرضاني وأرضى الله من فوق سبع سمواته وعرشه وحجبه. ثم نادى رضوان فقال: يا رضوان عمر جنانا ومساكن لابني محمد عثمان وأبنائه وصحبه وأتباعه وأتباع أتباعه إلى يوم القيامة. ثم قال: يا مالك فحضر فقال عمر في النار مواضع لأعداء محمد عثمان إلى يوم القيامة (5)،

(1)((شرح الراتب)) المسمى ((بالأسرار المترادفة)) محمد عثمان الميرغني ضمن (مجموعة النفحات الربانية)، (ص 95).

(2)

((مولد النبي)) المسمى ((بالأسرار الربانية)) محمد عثمان الميرغني، ط1، المكتبة الإسلامية، الخرطوم، (ص 12).

(3)

((شرح الراتب)(ص 112).

(4)

مقدمة ((مجموعة فتح الرسول)(ص 8).

(5)

((تاج التفاسير)) محمد عثمان الميرغني، (1/ 146) ..

ص: 293

ويقول في كتاب (مجموعة الفتح): "لما كان ليلة الأحد أدخلت آخر الليل إلى الحجرة الفاخرة ووقفت بين يدي الحبيب وقال لي في تلك الليلة: أنت محبوبي وأنت مطلوبي وأنت مرغوبي – وأشار أن في أتباعي ما ينوف عن ألف يكونون من أكابر المقربين"(1)، ويذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم حضر أثناء قراءته المولد فيقول: كان يوم الجمعة يوم ثلاثة وعشرين من رجب الذي فيه الأنوار تنصب، كنت في قراءة المولد فحضر صاحبه صلى الله عليه وسلم ومعه جمع من أهل منصبه، فبشرني بأن عشرة من الذرية يكونون ورثة الكبار من الذروة النبوية، منهم الثمانية الظاهرون له في السموات في المعراج (2)، ونوح والمرقى لكل في علو الأدراج، وألف من الصحب يكونون في الجوار في أعلى الجنان مع الأنبياء من جواره وذلك أكبر امتنان " (3).والقول برؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام حق لا شك فيها ويمكن تحققها لبعض الصالحين، لما ورد من الأحاديث الصحيحة التي بين فيها صلوات الله وسلامه عليه ذلك ووضح أن الشيطان لا يتمثل به ومن ثم فمن رآه في المنام فقد رآه حقا. ومن ذلك ما رواه أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة)) (4).وما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من رآني فقد رأى الحق فإن الشيطان لا يتكونني)) (5).وأما رؤيته صلى الله عليه وسلم بعد موته يقظة، فلم يقل بها أحد من أهل السنة والجماعة، ومن ثم فإن مزاعم بعض الصوفية أنهم يرون الرسول صلى الله عليه وسلم عيانا لا أساس له، ومن زعم أنه رأى ما يوهم ذلك فليعلم أنه من تلبيس الشيطان ولا ينطبق عليه، ((فإن الشيطان لا يتمثل بي))، وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من رآني في المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي)) (6).فهذا في رؤية المنام لأن الرؤية في المنام تكون حقا وتكون من الشيطان، فمنعه الله أن يتمثل به في المنام، وأما في اليقظة فلا يراه أحد بعينه في الدنيا. فمن ظن أن المرئي هو الميت فقد أتي من جهله، ولهذا لم يقع مثل هذا لأحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وبعض من رأى هذا أو صدق من قال أنه رآه، اعتقد أن الشخص الواحد يكون بمكانين في حالة واحدة فخالف صريح المعقول، ومنهم من يقول إن: هذا رفيقه ذلك المرئي (أي قرينه وشبحه) أو هذه روحانيته، أو هذا معناه تشكل، ولا يعرفون أنه جني تصور بصورته، ومنهم من يظن أنه ملك، والملك يتميز عن الجني بأمور كثيرة، والشياطين يوالون من يفعل ما يحبونه من الشرك والفسوق والعصيان، فتارة يخبرونه ببعض الأمور الغائبة ليكاشف بها، وتارة يؤذون من يريد أذاه بقتل أو تمريض ونحو ذلك، وتارة يجلبون له من يريد من الإنس، وتارة يسرقون له ما يسرقون من أموال الناس من نقد وطعام وثياب وغير ذلك، فيعتقد أنها من كرامات الأولياء وإنما يكون مسروقا".

(1)((مجموعة فتح الرسول)(ص 137).

(2)

هم: آدم ويحيى وعيسى ويوسف وإدريس وهارون وموسى وإبراهيم: انظر، ((المولد)). (ص: 46).

(3)

((النفحات المكية)(ص 5).

(4)

رواه البخاري (6994) وروى مسلم الشطر الأول منه (ص2266).

(5)

رواه البخاري (6997) ورواه مسلم إلى قوله: الحق (ص2267).

(6)

رواه مسلم (2268).

ص: 294

وتارة يحملونه في الهواء فيذهبون به إلى مكان بعيد، فمنهم من يذهبون به إلى مكة عشية عرفة ويعودون به فيعتقد هذا كرامة مع أنه لم يحج حج المسلمين: لا أحرم ولا لبى ولا طاف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، ومعلوم أن هذا من أعظم الضلال" (1).وقد بين القرآن الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم أن اتصال الرسول بالناس قد انقطع بوفاته وأنه لا صلة له بالناس بعد أن أدى رسالة ربه وتوفاه الله تعالى. فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((إنكم تحشرون حفاة عراة غرلا ثم قرأ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ [الأنبياء: 104] وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم، وإن أناسا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: أصحابي أصحابي. فيقال: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول كما قال العبد الصالح)) (2)، وقال الألوسي:"ومعنى الجملتين إني ما دمت فيهم كنت مشاهدا لأحوالهم فيمكن لي بيانها فلما توفيتني كنت أنت المشاهد لذلك لا غيرك فلا أعلم حالهم ولا يمكنني بيانها"(3).وعليه فإن ما يدعيه بعض الصوفية، كالختمية، من أنهم يتلقون علوما ومعارف عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته يقظة في الدنيا، ليس من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من تخييل الشيطان وتوهيمه – ويذكر ابن تيمية، أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يطمع الشيطان أن يضلهم كما أضل غيرهم من أهل البدع الذين تأولوا القرآن على غير تأويله، أو جهلوا السنة، أو رأوا وسمعوا أمورا من الخوارق فظنوها من جنس آيات الأنبياء والصالحين وكانت من أفعال الشياطين. فأهل الهند يرون من يعظمونه من شيوخهم الكفار وغيرهم، والنصارى يرون من يعظمونه من الأنبياء والحواريين وغيرهم، والضُّلال من أهل القبلة يرون من يعظمونه، إما النبي وإما غيره من الأنبياء يقظة، ويخاطبهم ويخاطبونه، وقد يستفتونه ويسألونه عن أحاديث فيجيبهم، ومنهم من يخيل إليه أن الحجرة قد انشقت وخرج منها النبي صلى الله عليه وسلم وعانقه هو وصاحباه، وهذا وأمثاله أعرف ممن وقع له هذا وأشباهه عددا كثيرا. وقد حدثني بما وقع له في ذلك، وبما أخبره به غيره من الصادقين من يطول هذا الموضوع بذكرهم. ولكن كثيرا من الناس يكذب بهذا، وكثيرا منهم إذا صدق به يظن أنه من الآيات الإلهية، وأن الذي رأى ذلك رآه لصلاحه ودينه، ولم يعلم أنه من الشيطان، وأنه بحسب قلة علم الرجل يضله الشيطان" (4).

(1)((قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة)) ابن تيمية، (ص29).

(2)

رواه البخاري (3349) ومسلم (2860)

(3)

((روح المعاني)) الألوسي، (7/ 69).

(4)

((مجموع الفتاوى)(27/ 392). بتصرف.

ص: 295