الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: غلو الرفاعية في شيخهم ومشايخهم
قالوا عن الرفاعي: إنه: «كعبة القاصدين وقبلة أهل الحال» . (1) وأنه «كما أن الكعبة قبلة المصلين، وكما أن العرش قبلة أصحاب الهمم، فكذلك الشيخ قبلة المريدين. (2) فالعرش قبلة الهمم، والكعبة قبلة الجباه، وأحمد قبلة القلوب» . (3) وهم بذلك جعلوا للمسلم أكثر من قبلة وجعلوا أخصها: أحمد (القبلة) إذ القلوب تتجه إليه بينما يتجه الناس إلى سواه بهممهم وجباههم، وكأن قلوبهم تكون منعزلة عن الكعبة حين يتوجهون إليها. فجعلوا الرفاعي ندا حتى للكعبة لا سيما حين أخبروا أنها أتت بنفسها والرسول صلى الله عليه وسلم إلى قرية الرفاعي (4).وأنه «غوث الثقلين» أي الذي تستغيث به الجن والإنس (5) بل إن النعجة تستغيث به إذا هاجمها الذئب وتقول بلسان فصيح أدركني يا سيدي أحمد (6).وأن الله صرفه في الكون (7) وأنه «مجيب الدواعي (8) وأمان الخائفين، والمتحكم في ذرات الكون (9) وأنه ملجأنا وملاذنا ومفزعنا وولي نعمتنا. (10) وأنه كشاف المدلهمات والكروب (11) وأن التمسك بأذياله من أسباب النجاة. (12) وأن الله ختم به الولاية فهو «خاتم الأولياء» . (13) وأن الله جعله ظلا ظليلا وأمانا لأهل الأرض، وأن مقامه وخلافته تشهد بها السموات والأرض، وأن كل الناس أجابوا ولايته، حتى الذر الذين لم يزالوا في أصلاب الآباء قد شهدوا بولايته. (14) فبه يدفع الله البلاء، وبه يمطر السماء وبه يرحم الخلق، وبه تخضر الأرض، وبه يدر الضرع، وبه تنزل البركات، وبه ترفع الدرجات. (15) ووصفوا الشيخ رجب الصيادي الرفاعي بأنه «رب الخوارق والفواضل، الواجد الماجد» . (16)
وقالوا بأنه لو قدر أن يكون الرفاعي حيا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لنزلت فيه آيات تتلى. نقل ذلك الصيادي عن صدر الدين السبكي الذي رثى الرفاعي ببيتين من الشعر قال فيهما (17):
يا ابن الرفاعي يا من شمس دولته
…
لها بكل فجاج الكون عنوان
لو كنت في زمن المختار شافعنا
…
لجاء في خلقك الممدوح قرآن
وقد يرون مثل ذلك لغير الرفاعي، فقد نقل الصيادي عن محارب بن دثار أنه أثنى على داود الطائي ثم قال:«لو كان داود الطائي في الأمم الماضية لقص الله علينا من خبره» . (18)
(1)((القواعد المرعية)) (ص7)، ((التاريخ الأوحد)) (ص103)، ((الفخر المخلد)) (ص2)، ((المعارف المحمدية)) (ص 73).
(2)
((الفجر المنير)) (ص88))، ((قلادة الجواهر)) (ص132)، ((روضة الناظرين)) (ص73).
(3)
((روضة الناظرين)) (ص 73)
(4)
((روضة الناظرين)) (ص59).
(5)
((صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطمية الأخيار))، عن كتاب ((النجوم الزواهر)) (ص 66)، لأحمد الرحبي الحسيني ط: دار الحرية - بغداد 1980.
(6)
((المعارف المحمدية)) (ص72 – 73).
(7)
((قلادة الجواهر)) (ص72).
(8)
((قلادة الجواهر)) (ص 427)، ((ضوء الشمس في قول النبي صلى الله علي وسلم بني الإسلام على خمس)) (1/ 134) للصيادي.
(9)
((إرشاد المسلمين)) (13 – 14).
(10)
((قلادة الجواهر)) (ص17)((الفرقان)) (14 و 36)، ((القواعد المرعية)) (ص 28)، ((ضوء الشمس)) (1/ 304)
(11)
((الفخر المخلد)) (ص3).
(12)
((القواعد المرعية)) (ص 38).
(13)
((المعارف المحمدية)) (ص90)، ((قلادة الجواهر)) (36 و 432)، ((التاريخ الأوحد)) (ص108)
(14)
((قلادة الجواهر)) (35 – 36).
(15)
((قلادة الجواهر)) (ص131).
(16)
((تنوير الأبصار)) (ص119)، ((خزانة الامداد)) (ص159)، ((الفرقان)) (ص84).
(17)
((قلادة الجواهر)) (ص 439).
(18)
((قلادة الجواهر)) (ص448).
وهذا غلو وادعاء أنه كان يمكن أن تكون بعض آياته على خلاف ما هي عليه الآن لو كان الرفاعي في عهد النبوة. ثم ليس الرفاعي أعز عند الله من أبي بكر وعمر اللذين كانا أحب الناس إليه وإلى نبيه صلى الله عليه وسلم ومع ذلك لم يرد ذكرهما في قرآنه!.وقد وصفوا تاج الدين الرفاعي أنه «غياث الملهوفين» (1) والشيخ عبد الرحيم بن علي الرفاعي أنه «غوث الثقلين» (2) يعني أن الجن والإنس تستغيث به عند الشدائد والكربات.
ولقد شجب الرواس فكرة الغلو هذه التي اتسم بها الكثيرون من أهل التصوف واعتبرها من طباع أهل الشرك. قال: «وبويعت في الحضرة على عدم النظر إلى الآباء والأجداد، فإن المفاخرة بهم من طباع أهل الشرك، والغلو بهم من بقايا نخوة الجاهلية» . (3)
غير أنه قال كلمة حق في كتاب مليء بالباطل وهو (بوارق الحقائق) الذي يحكي فيه قصة طوافه بأهل البيت والمنتظر «الحجة» وخروجهم من قبورهم لاستقباله في كل زيارة وكل مناسبة.
ثم إن آل الصيادي - والرواس منهم - يعتبرون السلالة التي غلت في الطريقة وفي الرفاعي ما لم يفعل غيرهم لا سيما محمد بن حسن وادي الصيادي الملقب بـ «أبي الهدى» الذي نقلت من كلامه أكثر انحرافات الرفاعية وغلوهم. ويأتي الشيخ بهاء الدين ابن عم الرواس بأبيات يمتدح فيها آباءه وأجداده، ويدعو المحتاجين والمضطرين إلى الاستغاثة بهم فيقول فيما ينقله الصيادي عنه (4):
إشاراتنا فوق الرؤوس تخفق
…
وأعلامنا تحت المعالي تصفق
ومن نال من أنفاسنا هام قلبه
…
وأثوابه شوقا ووجدا يمزق
ونحن بنو الغوث الرفاعي أحمد
…
كمالاته والسر فينا محقق
ومن أمنا لم يخش ضيما ولا عنا
…
وأيدي البلايا نحوه لا تطرق
لنا مدد في سائر الأرض قد سرى
…
ونحن شموس في سما الكون نشرق
بل يقول الصيادي نفسه (5)
الأحمديون للإسلام أركان
…
وفوا العهود وأشعاث الحمى صانوا
بهم أشد على الأخطار مقتحما
…
لا السم سم ولا النيران نيران
بهم تفرج عن ذي النون غمته
…
وفاز نوح ولم يمسه طوفان
عش طيب الأمن يا من يستجير بهم
…
فما عليك لصرف الدهر عدوان
ذاك الكبير أبو العباس أحمدهم
…
له على ملكوت الله إيوان
هذا أبو العلمين الفرد حجتنا
…
في يوم لا يعرف الخلان خلان
غوث الخلائق من ينبوع منهجه
…
تفيض في الكون أسرار وعرفان
يحمي الضعيف إذا ما سن شفرته
…
دهرا وأرضى الرزايا وهو غضبان
أجار حتى الثريا في مناعتها
…
تود لو أنها قوم وجيران
ومن صور الرفاعية في مشايخهم اعتقادهم أن البركة تحصل بمجرد ذكر أسماء مشايخهم ولذلك أمروا أتباعهم عند ذكر أسمائهم أن يمسحوا بأيديهم على وجوههم. وصرح الرفاعي أن الشيخ منصور كان يأخذ التوبة على الناس حتى الطفل الذي في المهد وحتى الأجنة في البطون (6) ثم قال: «إذا ذكرتم الشيخ منصور فأمروا أيديكم على وجوهكم ينورها الله تعالى ببركته» . (7) ونقل عن أحد مشايخ الرفاعية أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وكلما ذكر أمامه أبو الوفا قال صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم ما أقول فيمن أباهي الأمم به يوم القيامة. قال الوتري: «ولذلك كان مشايخ الرفاعية إذا ذكروا أبا الوفا يسمون الله تعالى ثم يأتون بذكره» . وكانوا يقولون: «عجبنا لمن يذكر اسم السيد أبي الوفا ولم يسم الله ويمس بيده على وجهه كيف لم يسقط لحم وجهه لهيبته» . (8)
(1)((روضة الناظرين)) (ص64).
(2)
((روضة الناظرين)) (ص 95).
(3)
((بوارق الحقائق)) (ص 272).
(4)
((تنوير الأبصار)) (ص134).
(5)
((الكنز المطلسم)) (85 - 87).
(6)
من الظواهر المخالفة للشرع عند الرفاعية أن توبة التائب تتم عن طريق الشيخ، فيذكر الصيادي دائما مجيء رجال يأتون الرفاعي ويقولون «خذ علينا العهد وتوبنا» (((قلادة الجواهر)) (57، 76، 87، 88، 89، 95). بينما التوبة في الإسلام الواسطة فيها بين العبد وربه. وإنما هذه الواسطة شبيهة بواسطة القديس عند النصارى الذين يذهبون إليه ليعترفوا بخطاياهم ويأخذون العهد على يديه أن لا يعودوا إليها.
(7)
((الفجر المنير)) (ص75)، ((قلادة الجواهر)) (181 – 182)، ((روضة الناظرين)) (ص20).
(8)
((ترياق المحبين)) (ص42)، ((روضة الناظرين)) (ص28).