الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: مؤلفات أحمد الرفاعي
وقد نسبت إلى الرفاعي كتب ورسائل عديدة، فأما الكتب فنسب إليه كتاب (البرهان) المؤيد وكتاب (حالة أهل الحقيقة مع الله)، وهذان الكتابان يعتبران عند الرفاعية من أوثق ما نسب إلى الشيخ. فإنهم يقولون عنه:«هذا الكتاب الذي عز شأن سبكه عن المثيل، الذي جمعه من مجالس وعظه شرف الدين بن عبد السميع الهاشمي الواسطي، وقال شيخنا القوصي: ما قرئ هذا الكتاب - يعني البرهان المؤيد - على أهل مجلس إلا وظهرت لهم نفحات العرفان والإخلاص والتمكن» . (1)
أما كتاب (حالة أهل الحقيقة مع الله) فإنه ليس له مستند يصحح نسبته إلى الشيخ أحمد رحمه الله، وإنما أكد أتباعه صحة نسبته إليه، وهذا الكتاب عبارة عن تعليقات على الأحاديث التي يأتي لها بأسانيد خاصة بأهل البيت عن النبي صلى الله عليه وسلم لم تذكر في كتب الحديث كالبخاري ومسلم. ويظهر منه عدم التضلع في علم الحديث حيث أنه يذكر كثيرا أحاديث لم تصح مثل حديث ((من ولد له ولد فسماه محمدا كان هو ومولوده في الجنة)) (2) وحديث:((نظر الولد إلى والديه عبادة)) (3) بل ويكثر أن يقول: (قال الله في بعض كتبه)(4)
ثم يعول على غرائب الإسرائيليات. وفي هذين الكتابين يميل إلى نقل حكم الصوفية وأقوالهم وقد ينقل من كلامهم ما لا يليق بالمسلم اعتقاده مثل تزهيد الناس في الجنة والنهي عن طلبها مثل أن ينقل عن إبراهيم قوله: «إلهي إنك تعلم أن الجنة وما فيها لا تزن عندي جناح بعوضة بعد ما وهبت لي معرفتك» . وأن رابعة كانت تصف من يطلب الجنة أنه «أجير سوء» . (5) مع أنه يذكر أيضا نقيض ذلك في الكتاب نفسه (6).وكذلك ينقل فيهما دعوة المحبين إلى الرضا بالنار وحمد الله على الدخول فيها يوم القيامة لأنها من قضاء الله! مثل قوله: أن الله أمر جبريل أن يخبر أحد العابدين أنه من أهل النار فلما أخبره خر ساجداً يشكر الله ويقول: «لك الحمد يا مولاي على قضائك وقدرك حمدا يعلو حمد الحامدين» . (7) وكذلك ينقل عنهم الاستهانة بها مثل قول أحدهم: «إلهي لا تدخلني في النار فإنها تصير علي بردا من حبي لك» (8).وكذلك يتضمن مخالفات صريحة للتعاليم النبوية مثل أنه أورد حديثا لا صحة له يوبخ فيه النبي صلى الله عليه وسلم أحد الناس لأنه قبل ولده (9) مع أن الثابت عنه صلى الله عليه وسلم عكس ذلك تماما.
(1) أنظر ((المعارف المحمدية في الوظائف الأحمدية)) لأحمد بن عبد الرحيم الصيادي (ص 65)، وانظر ((خزانة الإمداد)) (ص64)، وكتاب ((سواد العينين)) للشيخ عبد الكريم الرافعي.
(2)
أورده ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 157) وقال في إسناده من تكلم فيه، وقال الذهبي في تلخيصه (1/ 34) المتهم بوضعه حامد بن حماد العسكري، وقال ابن القيم في المنار المنيف (61) كذب،
(3)
رواه البيهقي في الشعب (10/ 267)(7476) عن ابن مسعود رضي الله عنه من قوله.
(4)
انظر كتاب ((حالة أهل الحقيقة مع الله)) (139 و 153 و 131).
(5)
انظر كتاب ((حالة أهل الحقيقة مع الله)) 21) و 71 و 72 73 و 76 و 84).
(6)
انظر كتاب ((حالة أهل الحقيقة مع الله)) (52 – 53).
(7)
انظر كتاب ((حالة أهل الحقيقة مع الله)) (114 – 115).
(8)
انظر كتاب ((حالة أهل الحقيقة مع الله)) (ص72).
(9)
انظر كتاب ((حالة أهل الحقيقة مع الله)) (ص92).
هذا ما وجدته في الكتابين غير أنه ليس باليد ما يؤكد صحة نسبتهما إليه والله أعلم. ولعله أن يكون من الصحيح أن لا تصح نسبة ذلك إليه رحمه الله. وهناك كتب أخرى جمعها المنتسبون إليه من بعده ككتاب (المجالس الرفاعية)، وكتاب (رحيق الكوثر) وكتاب (حكم الرفاعي). وذكر الزركلي بعضا من أبيات الشعر التي نسبت إليه وقال أن الصحيح أنها ليست له (1).ومهما يكن من أمر فإن هذه الكتب إن ثبت صحتها فإن فيها ما يضاد كثيرا من المبادئ السنية الصحيحة بما يتنافى واعتقادات من انتسبوا إليه من بعده ممن يستغيثون بغير الله، فإننا نجد في كتابه (حالة أهل الحقيقة مع الله) النهي عن الاستغاثة بغير الله مرات عديدة، فيذكر فيه مثلا أن الله غضب من أحد الزهاد لما أراد أن يستغيث بغيره وقال له:((أتستغيث بغيري وأنا الغياث؟)). (2) وكذلك كان موقفه من البدع أشد بكثير مما هو حال المنتسبين إليه اليوم، وكان يقول:«من لم يزن أقواله وأفعاله وأحواله في كل وقت بالكتاب والسنة ولم يتهم خواطره لم يثبت في ديوان الرجال» . (3)
إذن فهذان الكتابان يظهران الرفاعي في شخصية تختلف تماما عن الصورة التي ترسمها كتب الرفاعية في ذهن القارئ.
إننا نجد الرفاعي هنا ينهى عن الاستغاثة بغير الله وعن الابتداع في الدين مهما كان قليلا إلى درجة أنه يروي عن أحد السلف توقفه عن أكل البطيخ لأنه لم يرو له أن السلف أكله:
فهل يتفق حاله هذا مع ما عليه المنتسبون إليه من بعده؟
وهل التزموا ما كان يحث عليه من التقيد التام بالكتاب والسنة وترك بناء الدين على المنامات واستنباط أحكام الدين من المشاهدات المنامية وإن خالفت الأحكام الشرعية؟
فلنتابع قراءة الفصول القادمة فإنها تحكي الجواب على ذلك
المصدر:
الطريقة الرفاعية لعبد الرحمن دمشقية - ص 11 - 14
(1)((الأعلام)) للزركلي (1/ 174).
(2)
((حالة أهل الحقيقة مع الله)) (121 - 122).
(3)
((الفجر المنير)) (ص 63)، ((الكليات الأحمدية)) (120 و 121)، ((حكم الرفاعي)) (ص21)، ((قلادة الجواهر)) (ص174)، ((حكم الرفاعي)) (ص21)، وانظر كتاب ((الأنوار القدسية)) (2/ 26) للشعراني.