الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: اعتقاد رؤية الرسول في اليقظة
عقيدة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناماً في هذه الحياة الدنيا من أبرز العقائد الديوبندية. والديوبندية قد ادعوا وقوع ذلك ولهم في ذلك أساطير.
وقد ادعى ذلك قبلهم كثير من الصوفية؛ منهم التفتازاني فيلسوف الماتريدية والقبورية (792) حيث إنه ادعى رؤيته النبي صلى الله عليه وسلم وأنه تفل في فيه فتضلع علماً ونوراً.
وقد صدقه في هذا الإفك البواح كله بعض الديوبندية.
وللسيوطي في ذلك رسالة خرافية، سماها:(تنوير الحلك في إمكانية رؤية النبي والملك).
فالديوبندية قد ورثت ميراث الخرافة من سلفهم أهل الخرافة؟! ولا يخفى مفاسدها.
المصدر:
جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية لشمس الدين السلفي الأفغاني-2/ 785،786
وقد ذكر شيخ جماعة التبليغ "شيخ الحديث محمد زكريا" رحمه الله وسامحه قصة خرافية قبورية أخرى وهي أن الشيخ أحمد الرفاعي لما جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم قام مقابل القبر الأظهر وأنشد هذين البيتين
في حالة البعد روحي كنت أرسلها تقبل الأرض عني وهي نائبتي
وهذه دولة الأشباح قد حضرت فامدد يمينك كى تحظى بها شفتي فمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من قبره فقبلها الرفاعي وقد شاهد هذه القصة جمع يقارب 90000 شخص ومنهم المحبوب السبحاني القطب الرباني الشيخ عبد القادر الجيلاني وكلهم شرفوا بزيارة يده صلى الله عليه وسلم
المصدر:
الماتريدية وموقفهم من توحيد الأسماء والصفات للشمس السلفي الأفغاني- 3/ 308، 309
يرى علماء ديوبند أنه يمكن زيارة النبي صلى الله عليه وسلم ورؤيته في اليقظة رأي العين، ويذكرون في هذا الصدد قصصاً ووقائع حصلت لأكابرهم ومشايخهم، ونقدم فيما يلي بعضاً منها:
يقول الحاج إمداد الله المكي:
"كان الشيخ قلندر يتشرف بزيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم كل يوم، إذ لطم ولداً كان من الأشراف، فانقطعت عنه هذه الزيارة، فراجع مشايخ المدينة، فأحالوه إلى امرأة من المجاذيب وكانت من أولياء الله، فلما دخلت هذه المرأة في المسجد النبوي وعرض عليها الشيخ قصته تحمست وأخذت بيده وقالت: شف هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى الشيخ قلندر رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليقظة رأى العين
…
".
ويقول الشيخ أشرف علي التانوي في كتابه:
"تحدى الروافض مرة الشيخ النانوتوي وقالوا: لئن أريتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليقظة، وشهد لك الرسول صلى الله عليه وسلم بالصدق، اعتنقنا عقيدة أهل السنة والجماعة، فقال الشيخ: أعطوني موثقاً من الله، ولأرينكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليقظة، فتردد الروافض".
ثم قال الشيخ التانوي معلقاً على هذه القصة:"قال الشيخ ذلك إما لكونه متمكناً من مثل هذا التصرف، وإما لثقته بقوله عليه السلام ((لو أقسم على الله لأبره)) (1).
وذكر الشيخ التانوي أيضاً في كتابه قال:
(1) رواه البخاري (2703) ومسلم (1675) من حديث أنس.
"يقول ديوان محمد ياسين - وكان من خدام الشيخ النانوتوي رحمة الله عليه- كنت مشغولاً بالذكر تحت القبة الشمالية في مسجد "جهته" وكان الشيخ النانوتوي رحمة الله عليه، مراقباً في صحن المسجد في الجهة الشمالية نفسها، وكان متوجهاً إلى قلبي، إذ طرأت عليّ حالة خاصة، ورأيت وأنا في حالة الذكر، أن غاب سقف المسجد وقبته، مع بقاء جدرانه، وأن نوراً عظيماً في الفضاء ممتد إلى السماء، إذ رأيت عرشاً ينزل من السماء، وعليه الرسول صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الأربعة على الزوايا الأربعة، نزل العرش حتى استقر قريباً مني في المسجد، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لأحد خلفاءه: اذهب وأت بالشيخ محمد قاسم، فذهب وأتى به، فطلب الرسول صلى الله عليه وسلم من الشيخ محمد قاسم حساب المدرسة، فقدم الشيخ حساب المدرسة بكل دقة، ففرح الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا فرحاً شديداً وأذن له بالذهاب، ثم صعد العرش إلى السماء وغاب عن الأنظار".
ثم يقول الشيخ التانوي معلقاً على هذه القصة:
"إن هذه الواقعة كانت نوعاً من الكشف، والذي يحتمل أن يكون قد حصل بتوجه الشيخ، ولعل تعبير هذه الواقعة هو أن يرى صاحبها ما رأى فيها من تدقيقه صلى الله عليه وسلم لحساب المدرسة حتى يطمئن الذين كان في قلوبهم شك حول ذلك، وأما المعاندون فمن دأبهم التشكيك حتى في الوحي".
ويقول الشيخ عاشق إلهي الميرتي في تذكرة حياة الشيخ رشيد أحمد الكنكوهي ما معناه:
"إن رجلاً بايع الشيخ (رشيد أحمد الكنكوهي) عن طريق الرسالة واشتغل بالذكر، وخلال أيام حصل له اللقاء مع أرواح الأنبياء الطيبة عليهم السلام وبالتدرج بدأ يشعر كأن سائر أعضاء جسده حتى عروقه وشعراته مرتبطة بتلك الأرواح، إذ طرأ عليه حال السكر، التي انكشفت له فيها المغيبات، وتشرف بحراسة مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم".
هذا، وقد ذكر الخواجه عزيز الحسن المجذوب في تذكرة حياة الشيخ أشرف علي التانوي ما معناه:
"كان في مدينة "كانفور" درويشاً شهيراً ومعتمداً عليه، يدعى بـ"حضرت شاه غلام رسول"، ويلقب بـ"رسول نما"، لأنه بتصرفه كان يزور بالناس لرسول صلى الله عليه وسلم وفي اليقظة".
والقصص في هذا الموضوع كثيرة، رواها علماء ديوبند عن كبارهم ومشايخهم، ومن أراد المزيد فعليه أن يراجع كتبهم ومؤلفاتهم، مثلاً "شمائم إمدادية" و"أرواح ثلاثة" وغيرهما.
ثم إن الشيخ أنور شاه الكشميري قد فصّل في هذا الموضوع، وصرح بإمكان رؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة، وأنها رؤية متحققة، وإنكارها جهل، وجاء لذلك بروايات وحكايات وتأويلات غريبة، وفيما يلي النص بكامله:"ثم التحقيق أن رؤيته صلى الله عليه وسلم لا يتعين في رؤية عين الذات المباركة فإن الأحوال في رؤية الشخص مختلفة فربما نرى شخصاً من الأحياء ولا يكون له علم برؤيتنا ولو كان في المنام عين ما في الخارج لكان عنده شعور بها، فالمرئي إذا والله تعالى أعلم قد يكون صورة مخلوقة لله تعالى على مثال تلك الصورة أي أنه تعالى يخلق حقيقة على مثال صورته وروحانيته أرانا إياها وأوقع في نفسنا مخاطبتها إياها، وقد تكون روحه المباركة بنفسها مع البدن الثاني. ثم قد تكون يقظة أيضاً كما أنها قد تكون مناماً، ويمكن عندي رؤيته صلى الله عليه وسلم يقظة لمن رزقه الله سبحانه كما نقل عن السيوطي رحمه الله تعالى (وكان زاهداً متشدداً في الكلام على بعض معاصريه ممن له شأن) أنه رآه صلى الله عليه وسلم اثنين وعشرين مرة وسأله عن أحاديث ثم صححها بعد تصحيحه صلى الله عليه وسلم، وكتب إليه الشاذلي يستشفع به ببعض حاجته إلى سلطان الوقت وكان يوقرّه فأبى السيوطي رحمه الله تعالى أن يشفع له وقال إني لا أفعل وذلك لأن فيه ضرر نفسي وضرر الأمة لأني زرته صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا أعرف في نفسي أمراً غير أني لا أذهب إلى باب الملوك فلو فعلت أمكن أن أحرم من زيارته المباركة فأنا أرضى بضررك اليسير من ضرر الأمة الكثير. والشعراني رحمه الله تعالى أيضاً كتب أنه رآه صلى الله عليه وسلم وقرأ عليه البخاري في ثمانية رفقة معه ثم سماهم وكان واحد منهم حنفياً وكتب الدعاء الذي قرأه عند ختمه. فالرؤية يقظة متحققة وإنكارها جهل. ثم عند مسلم في لفظ آخر ((فسيراني في اليقظة)) (1) ولعله حديث آخر ومضمون آخر يقتصر على حياته صلى الله عليه وسلم وفيه تبشير بالصحابية لمن كان رآه في المنام ولكن الراوي شك فيه وقال أو فكأنما رآني، فوقع التردد في أنهما حديثان أو واحد. ونقل العيني رحمه الله تعالى فيه زيادة أخرى "فإني أرى في كل صورة" وهي تضر الطائفة الأولى فإنها تشعر بالتعميم وأن لا تخصيص بحلية دون حلية. أقول وظاهر حديث البخاري يومئذ الطائفة الأولى سيما إذا كان من لفظه ((فإن الشيطان لا يتكونني)) (2)، وحينئذ صرف هذه الزيادة عن ظاهرها أولى فإنها لا توازي حديث البخاري وشرحها عندي دفع استبعاد: وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في المنام هو ولم يتمكن الشيطان من تمثله فكيف تكون رؤيته في زمان واحد لأشخاص عديدة في أمكنة كذلك، والجواب أنه ممكن لأنه يرى في كل صورة أما أن تكل صورة مثالية أو عينه صلى الله عليه وسلم فهو تابع لمنامه قد تكون كذا وقد تكون كذا.
المصدر:
الديوبندية لأبي أسامة سيد طالب الرحمن- ص 233 - 238
(1) رواه البخاري (6993) ومسلم (2266) من حديث أبي هريرة.
(2)
رواه البخاري (6997) من حديث أبي سعيد.