الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس: البريلوية وتكفير المسلمين
فإن القوم قد حصروا الإسلام في الجماعة التي تعتنق بدعتها ومخترعاتها. وتعترف بإمامة قادتها ومشيختها، ويدينون في الله بأنه متعطل متقاعد لا يملك شيئاً وقد سلم قدرته واختياره لأولياء الأمر وأصحاب الطرق وعباده. الذين يعدونهم هؤلاء صالحين، وهم أصحاب القدرة المطلقة والخيارات الإلهية والطاقات الصمدية، فالله ينزل من عرشه لزيارتهم، والكعبة تطوف حولهم. والملائكة خدم لأبوابهم والسماء مطوية بأيمانهم والأرض مقبوضة بشمائلهم، والسحب تنزل بأوامرهم، والأرزاق تقسم بإشارتهم، فهم يملكون الموت والحياة والبعث والنشور، وإحياء الموتى والسماع لمن في القبور وإغاثة الملهوفين وكشف كرب المكروبين ونصر المستغيثين ومدد المضطرين – عياذا بالله – وغير ذلك من الخرافات والترهات كما مر بيانها.
فعلى الجميع أن يسفّه رأيه ويحجر عقله ويغلف قلبه ويقول بهذا القول ويعتقد بهذا المعتقد وإلا فقد خرج عن الإسلام والإسلام البريلوي بتعبير صحيح. فأهل الحديث كفرة فجرة مرقوا عن الدين لأنهم قالوا باتباع الكتاب الذي أنزله الله على سيد البشر هدى للناس ورحمة للمؤمنين، واتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، فإنهم بتمسكهم بهذين الأمرين ضلوا وأضلوا لأنهم لم يدخلوا فيهما إطاعة أحمد رضا البريلوي ولا أذنا به وعملائه متمسكين بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة رسوله"(1).
وقالوا إن الله لم يأمر في كتابه إلا إطاعته وإطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في الآيات الكثيرة الكثيرة ونورد منها ثلاثة فقط.
وَأَطِيعُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [آل عمران: 132]
وأَطِيعُواْ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ [الأنفال: 20]
ويَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [محمد: 33]
فلم يذكر فيها لا أحمد رضا ولا غيره ولم يلزمهم الإيمان به.
وكيف لا يكفرون وهم يدعون إلى كتاب الله وسنة رسول الله، والكتاب لا يشملهم والسنة لا توافقهم.
وأتباع محمد بن عبدالوهاب كفرة وفسقة لأنهم كفروا ببدعاتهم وخرافاتهم واعتقادهم بإلوهية رب العرش العظيم وبإمامة سيد المرسلين.
والديوبنديون مرتدون مارقون عن الدين خارجون عن الإسلام لأنهم لم يؤمنوا بالقصص التي اختلقوها والأساطير التي اخترعوها والخرافات التي جعلوها دينا وشريعة.
والندويون أنجاس مشركون لأنهم لم يبايعوا البريلوي ولم يذعنوا بإمامته وقيادته. ولم يتفوهوا بأقاويلهم وخزعبلاتهم، وكيف لا يمرقون عن الدين وهم يجعلون الفقه الحنفي حكماً بينهم وبين القوم. ومع ادعاء القوم أنهم أحناف فالفقه الحنفي يناوئهم ويخالفهم.
وشعراء الإصلاح في شبه القارة الهندية وكتابه وأدباؤه والدعاة إليه ضالون مضلون لأنهم بدعوتهم المسلمين إلى الإصلاح يبعدونهم عن التقاليد العتيقة والعادات القديمة والرسوم الجاهلية والأفكار الوثنية الهندوكية من عبادة الأوثان والقبور والركوع والخشوع أمام العتبات والدهاليز وأبواب المزارات، والخوف من الشجر والحجر والظل والقط والسنور وغير ذلك من الخرافات.
(1) أخرجه مالك بلاغا (1594) وابن عبد البر في ((التمهيد)) (24/ 331) وقال: محفوظ معروف مشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم شهرة يكاد يستغني بها عن الإسناد.
وزعماء التعليم فجرة ملاحدة لأنهم بتعليمهم الأمة الإسلامية يبددون ظلام الجهل. ويعممون نور العلم في أناس توارثوا العبودية للمشيخة المتزعمين الولاية والتقرب إلى الله والشفاعة للخلق.
والساسة ومحرروا الأمة من أغلال الاستعمار كفرة وملاعين لأنهم لا يريدون فقط تحرير الأراضي الهندية الباكستانية من براثين الإنجليزي الغاشم وكسر قيود المستعبدين المستضعفين، بل ومع ذلك يريدون أن يحرروهم من سجن وقيد المستغلين المترفين والمستبدين باسم الدين.
وحملة لواء الجهاد وعلم القتال في سبيل الله بغاة طغاة ومباحوا الدم لأنهم ينفثون روح الجهاد في الضعفاء والمساكين يخرجونهم عن خانقاهاتهم وتكاياهم ويصرفونهم عنهم وعن الجهاد الأكبر إلى الجهاد الأصغر. ويحرضونهم على الإنفاق في سبيل الله لشراء الأسلحة ورباط الخيل بدل الإنفاق في المواليد والأعراس والأعياد على القبور.
ودعاة الحكومة الإسلامية والخلافة النبوية والإمارة الشرعية أصحاب زيغ وضلال لأنهم يرشدون الناس إلى دولة إسلامية غير دولتهم التي أقاموها في حجراتهم والخلافة التي يوزعونها في تكاياهم والإمارة التي يقيمونها في زواياهم.
فهؤلاء جميعا فسقة فجرة، كفرة مرتدون، خارجون عن الدين، مارقون عن المذهب لأنهم يكفرون بالبريلوي ومن وافقه ولا يؤمنون بعقائده ومعتقداته. فلم يسلم من هؤلاء البريلويين شخص قام بكل هذه الأمور المذكورة أو اعتقد ما ذكرناه سابقا سواء كان من شبه القارة أو خارجها وسواء كان من المتأخرين أو من المتقدمين ولا أظن أن طائفة من الطوائف وفرقة من الفرق المنتمية إلى الإسلام وسعت التكفير إلى حد وسعه البريليون. فإنهم كفروا كل من اختلف معهم في صغيرة أو كبيرة، في عقيدة أو في رأي وحتى كفروا كل من لم يوافق على تكفيرهم الأشخاص بعيانهم وذواتهم ولو لم يختلفوا معهم لأن عدم الموافقة غير مسموح به في مناهجهم فضلا عن الاختلاف، والمعروف أن عدم الموافقة أخف بكثير من المخالفة والاختلاف، فإنهم كفروا كثيرا من الناس الذين كانوا معهم في معتقداتهم العامة وعقائدهم الخاصة اللهم إلا أنهم لم يوقعوا على الوثائق والمستندات التي أعطوها لمخالفيهم كشهادة الكفر والارتداد ولم يوافقوهم على التصريح بتكفيرهم وبتعبير صحيح لم يتقولوا بمقولتهم في أولئك الأشخاص المعينين ولو أنهم كانوا متفقين معهم لمخالفتهم أفكارهم ومعتقداتهم، فقالوا، إن من تردد وتأخر في تكفير من كفرناه أو شك في كفره فقد كفر. فإن العالم الحنفي الكبير الشيخ عبدالباري اللكنهوي الذي كان متفقاً معهم في كثير من المعتقدات ومؤيدا لهم ومناصرا لآرائهم كفروه وصرح بتكفيره السيد البريلوي نفسه بسبب أنه تذبذب في التصريح بتكفير بعض العلماء الأحناف المخالفين له وللبريلويين في الرأي (1).
فقال البريلوي: إن كفره صريح وبواح، ثم أردف فتواه بفتاوى أخرى تحوم حول تكفير الشيخ عبدالباري وقد جمع ابنه جميع فتاواه في كتاب مستقل (الطاري الداري لهفوات عبدالباري).
وما أكثر ما يقوله هو وذووه بعد تكفير من يكفرونه من المسلمين، من شك في كفره فقد كفر.
وهذا ما شهد به السيد عبدالحي اللكهنوي والد السيد أبي الحسن علي الندوي الكاتب الإسلامي المشهور، فإنه قال في كتابه في ترجمة أحمد رضا البريلوي:
(1)((مصحح دماغ مجنون)) (14) ط بريلي الهند.
كان متشددا في المسائل الفقهية والكلامية، متوسعاً ومسارعاً في التكفير قد حمل لواء التكفير والتفريق في ديار الهند في العصر الأخير، وتولى كبره وأصبح زعيم هذه الطائفة تنتصر له وتنتسب إليه وتحتج بأقواله وكان لا يتسامح ولا يسمح بتأويل كفر من لا يوافقه على عقيدته وتحقيقه أو من يرى فيه انحرافا عن مسلكه ومسلك آبائه، شديد المعارضة، دائم التعقب لكل حركة إصلاحية.
انعقدت حفلة "مدرسة فيض عام" سنة 1311 في كانبور حضرها أكثر العلماء النابهين، وهي الحفلة التي تأسست فيها ندوة العلماء، ومن أكبر أغراضها توحيد كلمة المسلمين وإصلاح ذات البين بين علماء الطوائف وإصلاح التعليم الديني، وحضرها المفتي أحمد رضا المترجم وخرج منها وقد قرر محاربة هذه الجمعية فأصدر صحيفة سماها "التحفة الحنفية لمعارضة ندوة العلماء".
وألف نحو مائة رسالة وكتاب في الرد عليها، وأخذ فتاوى العلماء في أنحاء الهند وتوقيعاتهم في تكفير علماء الندوة في كتاب سماه (إلجام السنة لأهل الفتنة) وأخذ على ذلك توثيق علماء الحرمين ونشره في مجموعة (فتاوى الحرمين برجف ندوة المين) سنة 1317هـ.
ثم انصرف إلى تكفير علماء ديوبند كالإمام محمد قاسم نانوتوي والعلامة رشيد أحمد الكنكوهي والشيخ خليل أحمد السهارنفوري ومولانا أشرف علي التهانوي ومن والاهم، ونسب إليهم عقائد هم منها براء، ونص على كفرهم وأخذ على ذلك توثيقات علماء الحرمين الذين لا يعرفون الحقيقة ونشرها في مجموعة سماها "حسام الحرمين على منحر أهل الكفر والمين" قال فيها: من شك في كفرهم وعذابهم فقد كفر واشتغل بهذا الرد والنقص والمحاربة والمعارضة لا تأخذه في ذلك هوادة ولا يعتريه وهن حتى أصبح التكفير شغل الناس الشاغل وكانت مضاربات ومحاكمات وفتن ومشاغبات" (1).
ولم يكن هو وحيداً في أسلوبه وشأنه هذا. بل كل واحد من طائفته انتهج منهجه وسلك مسلكه وذهب مذهبه، فكفروا كل العالم وأخرجوا المسلمين من الإسلام متربعين على مساندهم وجالسين على عروشهم بعد ما أدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعه الكفرة في الإسلام مع تحمل الشدائد والآلام والأذى وقطع العوائق التي تحول بينه وبين ذلك.
فكان هو ومتبعوه مدخلوا ملة الكفر في الإسلام وهؤلاء مخرجوا الملة الإسلامية من الإسلام، فكفروا أهل الحديث بدون جريمة ارتكبوها وبدون إثم اقترفوه اللهم إلا أنهم اختاروا موقفاً رأوه مطابقا للكتاب والسنة ودعوا المسلمين إلى نبذ الخلافات ورفع النزاعات بردها إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حسب توجيه الله وإرشاده، َإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [النساء: 59].
وقالوا إن الله لم يوجب على أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلا طاعته وطاعة نبيه عليه الصلاة والسلام، وأما ما سواهما فلم يرد نص فيه لا في القرآن ولا في السنة اللهم إلا أن يوجد قول موافق لهذين الأصلين الأساسيين، وبهذا أمر الناطق بالوحي صلوات الله وسلامه عليه حيث قال:((تركت فيكم أمرين كتاب الله وسنتي لن تضلوا ما تمسكتم بهما)) (2)، وأما ما ورد من الآخرين، من العلماء والمشايخ فينظر إن كان له أصل فيلتفت إليه وإلا يضرب به على الحائط.
(1)((نزهة الخواطر وبهجة السامع والنواظر)) (8/ 39).
(2)
رواه الدارقطني (4/ 245)، والبيهقي (10/ 114)، قال ابن عدي في ((الكامل)) (5/ 106): غير محفوظ. وقال الذهبي في ((ميزان الاعتدال)) (2/ 302): [فيه] صالح بن موسى بن عبد الله ضعيف، وحسن الألباني إسناده في ((منزلة السنة)) (13).
كما أنهم قاوموا البدعات والخرافات التي دخلت على المسلمين من الوثنيين والهندوس باسم الإسلام، وقالوا إن الدين قد كمل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشهادة الله عز وجل.
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا [المائدة: 3].
فكل شيء أحدث في الإسلام ولا يؤيده آية من كتاب الله أو أمر من رسول الله فهو مردود. ((من أحدث في أمرنا هذا فهو رد)) (1).وقال: ((فإن أحسن الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار)) (2).
ولو كان ذلك من الدين أو من المستحسن لما ترك الله بيانه ورسوله صلى الله عليه وسلم تفصيله، فعدم وروده ووجوده في الكتاب والسنة يدل على أنه ليس من الدين، ولو كان من الدين ولم يرد ذكره فيهما لما كان الدين كاملا.
فرأى القوم أن أعيادهم على القبور وأعراسهم على الأموات وملاهيهم وملاعبهم ورقصاتهم على الطبول والدفوف وسماعهم الأناشيد والقصائد على الناي والمزامير التي أصبغوها بصبغة دينية بطلت، وأن دكاكينهم التي فتحوها باسم التكايا والزوايا وإغاثة الملهوفين وإمداد المكروبين وشفاء المرضى ووهب الأولاد وتقسيم التمائم والعلائق عطلت، وإن الطرق ومشيختها دمرت، وحلوان الكاهن راحت وذهبت فانكبوا على منكريهم ومخالفيهم على أهل الحديث الذين يريدون أن يحرروا الناس من أغلالهم التي وضعوها عليهم وأن يفكوهم ويخلصوهم من مكائدهم وحبائلهم التي فرشوها منذ أجيال لاصطيادهم، فكفروهم وكفروا أعلامهم وعلمائهم، ودعاتهم ووعاظهم دعاة الكتاب والسنة، دعاة الحق والهدى، دعاة الصدق والصفا، وعلى رأسهم رائد حركة أهل الحديث وقائدها المجاهد الباسل الفارس البطل العالم الكامل والشهيد الشاه إسماعيل حفيد الشاه ولي الله الدهلوي، الذي حمل لواء الجهاد ضد الاستعمار الإنجليزي والسيخ الذين استولوا على البلاد المسلمة ونفذوا فيها الكفر وأباحوا دماء المسلمين.
(1) رواه البخاري (2667) ، ومسلم (1718) من حديث عائشة رضي الله عنهما.
(2)
رواه مسلم (867) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، بدون لفظ:(وكل ضلالة في النار).
وحمل لواء الإسلام لإقامة دولة إسلامية في جزء من الأراضي الهندية لتنفيذ الشريعة الإسلامية الغراء بحذافيرها وكان مجدداً للدعوة الإسلامية الصحيحة ومحييا الطريقة السلفية المستقيمة التي اختفى صوتها منذ قرون واضمحلت وتلاشت تحت البدعات المتراكمة والخرافات المكدسة وتغيرت بالطريقة الخلفية الخبيثة حتى صارت القبور تعبد وتسجد إليها وعليها والمساجد خربت من الهدى والهداة وخلت من العباد والرواد، والتكايا عمرت وازدهرت، وعبادة الله وحده تركت، وحدود الله عطلت، وشريعة الله نبذت، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم غلبت بأقاويل الرجال وأفعال المتصوفة الجهلة، واشتريت الضلالة بالهدى واختيرت الظلمة بالنور، فقام وقاوم وجاهد بقلمه ولسانه وبيده وسيفه، فأخرج الكتاب وبدأ يعلمه ويفسره ويوضحه ويبينه، ودعا الناس إلى الهدى بنوره والتمسك بتعاليمه بعد أن كان مغلفا في الغلف الحريرية وموضوعا للتبرك والتقبيل أو الحلف واليمين، فكتب في ضوء الكتاب كتابه المشهور (تقوية الإيمان) داعيا الناس إلى عبادة الله وحده والتوحيد الخالص والاجتناب عن الشرك والاستغاثة بغير الله من المشايخ وأصحاب القبور، ومنع الناس عن النداء لغير الله والحلف به ودعاهم إلى الكتاب وإلى مبين الكتاب محمد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ونبذ التقليد الآبائي والجمود المذهبي كما دعاهم إلى ساحة القتال لإعلاء كلمة الله ورفع رايته وإقامة الدولة الإسلامية يحكم فيها بكتاب الله وسنة محمد صلى الله عليه وسلم وارتحل هو وذووه وتلامذته وملبوا دعوته إلى ساحة الجهاد، فكان وكانوا يقاتلون في سبيل الله ويعرضون أنفسهم على الأسنة والسيوف آناء النهار، ويقومون بالدرس والتدريس لكتاب الله القرآن المجيد وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم آناء الليل فلما جنح الليل تتجافى جنوبهم عن المضاجع، ولما أسفر الصبح يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون، فكانوا قوامين بالليل صوامين بالنهار، وهم كانوا مصداق قول الله عز وجل، إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة: 111].
وكفروا بعده وريث دعوته وجهاده المحدث الجليل والعالم النبيل شيخ الطائفة المنصورة في عصره الرباني من سلالة الرسول الشريف نذير حسين الدهلوي الذي حمل لواء السنة في شبه القارة الهندية الباكستانية، وبدد غيوم الجهل والضلالة ونوره بنور الكتاب والسنة، وجلس مسند الشاه ولي الله الدهلوي ونقح تعليماته وهذب وجدد شوق الهنديين إلى الكتاب والسنة بعد ما أعرض عنهما الجامدون وطووا عنهما كشحا، وأحيا العمل بالحديث بعد ما طال الأمد على تركه، ونشط وأنشط تلامذته في نشر الحديث الشريف في ربوع هذه القارة، وبلغ صيته وشهرته الآفاق، وتفوه العالم بروح وريحان السنة المحمدية على صاحبها الصلاة والسلام حتى قال أحد علماء مصر السيد رشيد رضا. ولولا عناية إخواننا علماء الهند بعلوم الحديث في هذا العصر لقضي عليها بالزوال من أمصار الشرق (1).بعدما كتب: حتى أن من المقلدين الجامدين من لا يرى لهذه الكتب فائدة إلا التبرك بها والصلاة على النبي عند ذكره وذكرها (2).
(1)((مفتاح كنوز السنة)) مقدمة السيد رشيد رضا صفحة ق.
(2)
((مفتاح كنوز السنة)) مقدمة السيد رشيد رضا صفحة ق.
فكفر البريلوي وأذنا به هذين الإمامين الهمامين، كما كفر أتباعهم متبعي السلف أهل الحديث وخاصة الأول منهما فلم يجد في لغته شتيمة إلا وقذفه بها ولا طعنا إلا جرحه به، وكتب رسالة مستقلة في إثبات كفره حسب زعمه وسماها "الكوكبة الشهابية على كفريات أبي الوهابية" فيقول في عربيته المكسرة:"يا أيها المنافقون المردة الفاسقون الزاعم كبيركم أن مدح الرسول كمدح بعضكم بعضا بل أقل منه في حسباتكم قد بدت البغضاء من أفواهكم وما تخفي صدوركم أكبر والله مخرج أضغانكم استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله وتعظيم الرسول وقد نطق القرآن بخذلانكم زاد فاءكم الشيطان نقطا من شينه وقاعدكم التدوير من دائرة نونه فأراكم تقوية الإيمان في تفويت إيمانكم، ما كان ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما الله بغافل عن كفرانكم"(1).
ثم قال رداً على سؤال السائل: إن الوهابيين غير المقلدين وإمامهم الذي ذكر كفره قطعاً ويقينا من وجوه كثيرة وحسب تصريحات الفقهاء وأصحاب الفتاوى الأكابر والأعلام رحمهم الله الملك المنعام أن حكم الكفر ثابت عليهم وقائم ولا ينفعهم كلمة التوحيد ولا ينفى عنهم الكفر .... وقد أقر هؤلاء وأمامهم في كتابه (تقوية الإيمان) الذي يعدونه مثل القرآن بكفرهم الصريح والظاهر" (2).
وينقل كلام الشهيد الدهلوي من كتابه (تنوير العينين):
ليت شعري كيف يجوز التزام تقليد شخص معين مع تمكن الرجوع إلى الروايات المنقولة عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم الصريحة الدالة على خلاف قول الإمام فإن لم يترك قول إمامه ففيه شائبة من الشرك وقول أتباع شخص معين بحيث يتمسك بقوله وإن ثبت على خلافه دلائل من السنة والكتاب" ثم يقول:"وهذا من كفرياته فلذلك كفر" (3).أي كفر الشهيد الدهلوي لأنه يرى أن التزام التقليد الشخصي لا يجوز مع تمكن الرجوع إلى أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي تدل على خلاف قول الإمام، وإن ترك السنة لا يجوز مقابل قول شخص من الأشخاص فهذا هو كفر في نظر البريلوي، وإن كان هذا كفر فلا ندري ما هو الإسلام؟ (4)
فيا عجباه أن تكون الدعوة إلى كتاب الله وسنة رسوله كفراً والدعوة إلى غيرهما إسلاماً.
فليبك على الإسلام من كان باكيا
ومثل هذه الوجوه التي بلغ عددها السبعين كفر البريلوي ذلك الإمام المجاهد محيي السنة وماحي البدعة الشهيد وقال في آخر رسالته:
إن تكفيره وتكفير أتباعه الوهابيين يجب فقها لأنهم ينسبون إلى محمد بن عبدالوهاب النجدي فكان معلمهم الأول فكتب كتابه (التوحيد)، و (تقوية الإيمان) ليس إلا ترجمته في اللغة الأردية. فإمامهم كان الشيخ النجدي فقبل مذهبه إسماعيل الدهلوي وترجم كتابه باسم (تقوية الإيمان) الذي ليس حقيقة إلا تفوية الإيمان، فبالنسبة إلى معلمهم الأول هم الوهابيون وبالنظر إلى معلمهم الثاني هو الإسماعيليون، فثبت أن هؤلاء الوهابيين الإسماعيليين وإمامهم يلزمهم الكفر جزما وقطعا ويقينا من وجوه كثيرة وإنهم كلهم مرتدون بل كفرة (5).
وقال: إن إسماعيل الدهلوي كان كافرا محضا (6).
(1)((الكوكبة الشهابية في كفريات أبى الوهابية)) لأحمد رضا (78) ط نوري بك وبو لاهور.
(2)
((الكوكبة الشهابية في كفريات أبى الوهابية)) لأحمد رضا (10) ط نوري بك وبو لاهور.
(3)
((الكوكبة الشهابية في كفريات أبي الوهابية)) لأحمد رضا (49) ط نوري بك وبو لاهور.
(4)
((الكوكبة الشهابية في كفريات أبي الوهابية)) لأحمد رضا (60) ط نوري بك وبو لاهور.
(5)
((الكوكبة الشهابية في كفريات أبي الوهابية)) لأحمد رضا (60) ط نوري بك وبو لاهور.
(6)
((دامان باغ ملحق سبحان السبوح)) (134).
وسئل مرة، ماذا ينبغي أن يعتقد في إسماعيل الدهلوي؟ فأجاب: إن اعتقادي أنه مثل يزيد، وإن كفّره أحد فلا يمنع من تكفيره (1).
ولم يجد شتيمة إلا وقد شتمه بها، وفي إحدى كتبه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم علم ما كان وما يكون، وهذا ما يعتقده أئمة ديننا لم يختلف فيه أحد إلا ذلك المتمرد الطاغي وعبدالشيطان اللعين – يعني إسماعيل الدهلوي –" (2).وأيضا قال: إنه كان يهودي الأفكار" (3).هذا، وأما كتابه (تقوية الإيمان) فقالوا في حقه: إنه ليس تقوية الإيمان بل إنه تفوية الإيمان وقال: إن تفوية الإيمان هو القرآن الكاذب لدين الوهابية"(4).وأيضا: إن محمداً صلى الله عليه وسلم أوصل القرآن الدهلوي الجديد "تقوية الإيمان" الجحيم (5).ويقول إن مصنفات إسماعيل الدهلوي مثل "تقوية الإيمان" و "تنوير العينين" و "إيضاح الحق" و "الصراط المستقيم" كلها تصانيف كفرية، كما أنها أنجس من البول ومن لم يعتقد ذلك – فماذا؟ " فإنه زنديق (6).
ثم ولم يقتنع بهذا كله ولم يشبع ولم يعده كافيا حسب طبيعته ومزاجه فقال: إن قراءة تقوية الإيمان أشد جرمة من الزنا وشرب الخمر" (7).
…
ثم تبعه في تكفير هؤلاء الكرام البررة ومن والاهم أتباعه وأذنابه، فقال قائلهم: إن أهل الحديث أتباع نذير حسين الدهلوي وأمير أحمد السهسواني وأمير حسن السهسواني وبشير حسن قنوجي ومحمد بشير قنوجي كلهم كفرة قطعا ويقينا بحكم الشريعة المطهرة ومرتدون مستحقون العذاب الأبدي الشديد ولعنة الرب الوحيد" (8).وقال في مقام آخر: "وأتباع ثناء الله الأمر تسري وغيرهم"، كلهم كفرة مرتدون بحكم الشريعة المطهرة"(9).
وقالوا في شيخ الإسلام والمسلمين في زمانه ووكيل الملة الإسلامية ومدافعهم ومناظرهم الذي سماه الشيخ رشيد رضا المصري:"الرجل الإلهي في الهند"(10).
والذي ألجم السكوت جميع الفرق الباطلة والمناوئة للإسلام والشريعة السماوية الغراء من القاديانية والآرية والهندوس والمجوس والمسيحيين وغيرها من الفرق الكافرة والمنحرفة قالوا فيه: إن ثناء الله ورئيس غير المقلدين "السلفيين أهل الحديث"، مرتد" (11).
وقال البريلوي نفسه في حق شيخ الإسلام: إن ثناء الله الأمرتسري تستر باسم الإسلام ولكنه عبد للهندوس" (12).
ومدام الشهيد الدهلوي كافرا والمحدث الدهلوي كافرا أيضا وتلامذتهم ومنتهجوا منهجهم لزم أن يكون قادتهم الأولون وزعماؤهم المتقدمون، الدعاة إلى الكتاب والسنة كفرة مرتدون أيضا – معاذ الله –
(1)((ملفوظات أحمد رضا)) (1/ 110) بترتيب ابنه محمد مصطفى رضا خان طبع حامد ايند كمبني لاهور.
(2)
((الأمن والعلى)) لأحمد رضا البريلوي (112) ط داء التبليغ لاهور 1396هـ.
(3)
((الأمن والعلى)) لأحمد رضا البريلوي (112) ط داء التبليغ لاهور 1396هـ.
(4)
((الأمن والعلى)) (72).
(5)
((الأمن والعلى)) (195).
(6)
((دامان باغ)) سبحان السبوح (134) ط لاهور.
(7)
((العطايا النبوية في الفتاوى الرضوية)) مجموعة فتاوى البريلوي (6/ 183) ط الهند.
(8)
((تجانب أهل السنة عن أهل الفتنة)) لمحمد طيب القادري المصدق من قبل حشمت علي القادري الرضوي تلميذ البريلوي الملقب بمظهر أحمد رضا وغيره من العلماء الكبار للبريلويين (219) ط مطبعة بريلي 1361هـ.
(9)
((تجانب أهل السنة)) (248).
(10)
((مجلة المنار)) المجلد الثالث والثلاثون لسنة 1351 هـ (639).
(11)
((تجانب أهل السنة)) (247).
(12)
((الاستمداد)) للبريلوي (147).
وفعلاً كفر الأولين أيضا مثل شيخ الإسلام والإمام الهمام ابن تيمية رحمة الله تعالى عليه، وإمام أهل العصر الحافظ ابن حزم الأندلسي الظاهري، وغيرهما من دعاة الحق وهداة الصدق فقال: إن معلم هؤلاء الناس إبليس الخبيث عليه اللعن، علم مقتداهم ابن حزم فاسد العزم فاقد الجزم ظاهري المذهب رديء المشرب" (1).وقال: إن ابن حزم كان صابيا خبيث اللسان" (2).
وقال في شيخ الإسلام إمام أهل السنة ابن تيمية رحمه الله تعالى: إن ابن تيمية كان يهذي جزافا" (3).
وقال نعيم الدين المراد آبادي أحد خلفاء البريلوي: إن ابن تيمية أفسد نظم الشريعة – ثم نقل عن أحد من أمثاله – ابن تيمية عبد خذله الله وأضله وأعماه وأصمّه وأذله .... وإنه مبتدع ضال ومضل جاهل غال" (4) ".
وقال آخر من أتباعه،"ابن تيمية ضال مضل"(5).و "ابن تيمية كان فاسد المذهب"(6).
وابن القيم كذلك حيث قال:"إنه لا اعتماد على قول ابن القيم لأن ابن القيم كان ملحدا"(7).
ومادام هؤلاء كانوا صائبين ملحدين لزم أن يكون الإمام الشوكاني السالك مسلكهم كذلك فقال:"وإن الشوكاني عقله ناقص مثل متأخري الوهابية"(8)."وأن الشوكاني كان فاسد المذهب"(9).
وأما مجدد الدعوة السلفية في شبه الجزيرة، وإمام أهل التوحيد محيي السنة، قاطع الشرك والبدعة شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب وأتباعه فكانوا الهدف الأكبر للبريلوي والبريلويين كإخوانهم البدعيين والقبوريين في البلاد العربية، لأنه لا يوجد بدعي أو قبوري في العالم إلا ويرى الشيخ أكبر حجر في طريقه، والسد المنيع في سبيله.
ولم يجد البريلوي وأذنابه لفظة سوء إلا أطلقوها على ذلك الإمام المظلوم، ولا فتوى إلا وأفتوا به عليه.
فقال البريلوي: وقد كتب حديثا أن الله عز وجل يقول يوم القيامة لمن اسمه أحمد ومحمد، أدخلا الجنة فإني أكتب على نفسي أن لا أدخل النار من اسمه أحمد ولا محمد – ثم تذكر أن هذه الرواية تشمل شيخ الإسلام ابن عبدالوهاب الذي اسمه محمد – فقال: إن هذا الحديث ومثله أحاديث أخرى ((من ولد له مولود فسماه محمدا هو ومولوده في الجنة)) (10). وغيره لا يشمل إلا أهل السنة صحيحي العقيدة "أي البريلويين فقط"، لأن فاسدي المذهب كلاب جهنم، ولا يقبل عمل منهم فإنه لو قتل مظلوما بين الحجر والمقام وقد صبر على قتله راجيا المغفرة وطالبا الثواب لا ينظر الله عز وجل إليه ويلقيه في الجحيم، وبهذا صرحت في فتاواي في مواضع عديدة، وعلى ذلك ليس في هذه الأحاديث بشارة لمحمد بن عبدالوهاب النجدي وغيره الضالين" (11).
(1)((سبحان السبوح)) (37).
(2)
((حاجز البحرين)) لأحمد رضا (2/ 237)) ط باكستان.
(3)
((الفتاوى الرضوية)) (3/ 399).
(4)
((سيف المصطفى)) للبريلوي (92).
(5)
((فتاوى صدر الأفاضل)) (31،32) ط مراد آباد الهند.
(6)
((جاء الحق)) لأحمد رضا البريلوي مفتي القوم ط كجرات، باكستان.
(7)
"فتاوى الرضوية"(4/ 199).
(8)
"فتاوى الرضوية"(2/ 442).
(9)
((سيف المصطفى)) (95).
(10)
ذكره ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (1/ 241) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه، وقال في إسناده من تكلم فيه. وقال الذهبي في ((ميزان الإعتدال)) (1/ 447): موضوع. وقال ابن القيم في ((المنار المنيف)) (52): موضوع. وقال الألباني في ((السلسلة الضعيفة)) (171): موضوع.
(11)
((أحكام الشريعة)) للبريلوي جزء أول (80) ط كراتشي باكستان.
وقال:"إن أخبث المرتدين هم الوهابيون"(1).و "إن الوهابيين أخبث وأضر وأنجس من اليهود والنصارى والوثنيين والمجوس"(2).ويقول: إن الوهابيين المنسوبين إلى ابن عبدالوهاب النجدي الذي كتب (كتاب التوحيد) وأهان الحرمين الطيبين زادهما الله شرفا وتكريما، وشن عليهما الغارات وأوقع فيهما الشر والظلم والقتل، فكان يعد جميع أهل الإسلام غير فرقته الخبيثة مشركين فيجب تكفيرهم فقها، وإن طائفته من فروع الخوارج الذين خرجوا على سيدنا ومولانا علي كرم الله وجهه الكريم، ودخل الجحيم من ذي الفقار لأسد الله القهار قاتل الكفار الذين ورد الحديث فيهم أنهم لا ينقطعون إلى قيام الساعة حتى يخرج آخرهم مع الدجال اللعين، فبموجب هذا الوعد الصادق لا يزال هذا القوم المغضوب عليهم يثيرون الفتن، فخرجوا في القرن الثالث عشر من ديار نجد واشتهروا باسم النجديين وكان إمامهم الشيخ النجدي، حتى كسر الله شوكتهم وخرب بلادهم وظفر بهم عساكر المسلمين عام 1233هـ (3).
ويقول في جواب سائل سأله هل الفرقة الوهابية كانت موجودة في عهد الخلفاء الراشدين؟ قال: نعم! هؤلاء الذين خرجوا على عليّ رضي الله عنه
…
والآن وقد خرجوا باسم الوهابيين وإمامهم ابن عبدالوهاب النجدي وردت علائمهم في الحديث وهي موجودة فيهم بأسرها تحقرون صلاتكم عند صلاتهم، وصيامكم عند صيامهم، وأعمالكم عند أعمالهم، يقرأون القرآن لا تجاوز طراقيهم؟ - هكذا – يقولون من قول خير البرية، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية سيماهم التحليق مشمري الأزر، وكان النجدي ابن عبدالوهاب مغاليا في التحليق حتى لو أن امرأة دخلت في دينه النجس كان يحلق رأسها لأنها من باقيات زمان الكفر" (4).
وغير ذلك من الخرافات."وكان أبوهم في زمن النبي وقد أمر النبي الصديق والفاروق بقتله ولو قتل لما كان لهم اليوم فتنة"(5).
وكتب أحد أذنابه أن الرسول صلى الله عليه وسلم تنبأ عن هذه الفتنة النجدية بقوله: هناك زلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان، وإن كل أهل السنة والأحناف على وجه الأرض متفقون مجمعون قاطبة أن محمد بن عبدالوهاب كان خارجيا باغيا ومن اعتقد بعقائده فهو عدو للدين وضال مضل" (6).وقال بمثل هذا القول أمجد علي الرضوي البريلوي أيضا في كتابه (7).وقال واحد آخر وقد فاق أوائله من الأفاكين الكذابين في الاتهام والبهتان: إن الوهابيين النجديين قتلوا الخلائق بدون إثم في الحرمين الشريفين وزنوا بنسائهم وبناتهم وأسروهم وجعلوا نساءهم إماء، وأكثروا قتل الأشراف
…
وما فعله ابن سعود في الحرمين الشريفين هو واضح وظاهر على كل حاج وقد رأيت هذا بعيني هناك" (8).
وهذا مع نبوءة البريلوي "أن النجديين لا يتسلطون على الحرمين وإن الله كسر شوكتهم وخذلهم".
(1)((أحكام الشريعة)) للبريلوي جزء أول (123) ط كراتشي باكستان.
(2)
((أحكام الشريعة)) للبريلوي جزء أول (124) ط كراتشي باكستان.
(3)
((الكوكبة الشهابية على كفريات أبي الوهابية)) (58،59).
(4)
((ملفوظات مجدد المائة الحاضرة)) "أي البريلوي" بجمع وترتيب ابنه محمد مصطفى رضا خان (66) ط لاهور باكستان.
(5)
((ملفوظات مجدد المائة الحاضرة)) "أي البريلوي" بجمع وترتيب ابنه محمد مصطفى رضا خان (67،68) ط لاهور باكستان ملخصا.
(6)
ملخص ما كتبه أحمد سعيد الكاظمي البريلوي في كتابه ((الحق المبين)) (10 - 12) ط ساهيوال باكستان.
(7)
((بهار شريعت)) (1/ 46،47).
(8)
((جاء الحق وزهق الباطل)) لمفتي البريلويين أحمد يار (574).
ومظهر البريلوي لم يترك كلمة خبيثة إلا وقد استعملها في حقهم: النجديين الملاحدة، وزنادقة نجد، وأبالسة نجد كفرة مرتدون لعقائدهم الخبيثة والملعونة قطعياً" (1).
وقال في حق إمام الجامع ببمبئ أحمد يوسف الذي استقبل أبناء العال السعودي في بومبي حينما زار الهند قال فيه: إن أحمد يوسف المردود استقبل أبناء ابن سعود، ومدح الحكومة النجدية وابن سعود النجدي وأبناءه، الحكومة التي تعتقد عقائد الكفر النجسة الخبيثة. ووقر الكفرة المرتدين واستقبلهم وعظم الملة النجدية الخبيثة، وبذلك كفر وارتد، واستحق الغضب الإلهي وهدم الإسلام والسنة، وحرك العرش الإلهي، ومن شك في كفره فهو أيضا كافر" (2).
هذا والشتائم والتكفير والتفسيق لشيخ الإسلام وأتباعه والحكومة السعودية شيء يسير عند البريلوي والبريلوية.
ولا نرى أحدا أغضب هؤلاء القوم مثل ما أغضبهم الموحدون المؤمنون بكتاب الله والمتمسكون بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يوجد كلمة مؤلمة وشتيمة خبيثة إلا ويستعملونها خلاف هؤلاء الناس، وكتب أكابرهم وأصاغرهم بالرد على هؤلاء الناس كتب كثيرة وقليلا ما يوجد فيها شيء غير ذلك من الوعظ والنصيحة للمسلمين وتحريضهم على عبادة الله وأداء حقوق العباد وحسن المعاشرة وطيب الخلق ومراعاة حقوق الآخرين وغير ذلك من الأمور التربوية الإسلامية، كما أن كتبهم خالية عن الرد على الفئات الخارجة عن الدين والباغية على الإسلام، كالقاديانية والهندوكية والنصارى والبابية والبهائية والباطنيين والروافض وغير ذلك من الطوائف.
فالباحث والقارئ يرى العجب العجاب حينما يتفحص كتب القوم ويجد أنها مليئة من أقذع الفواحش وأقبح الشتائم لمصلحي الأمة وهداتها، ولا يجد كلمة ضد أعداء الإسلام والمسلمين وضد أعداء الله ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
فهذا هو دأب القوم وهذه أحوالهم مع أهل الحديث ومع أتباع شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب.
وأما الديوبنديون إخوتهم الأحناف المقلدون للإمام نعمان بن ثابت أبي حنيفة الكوفي رحمه الله فهم أيضا لم يسلموا من قساوة قلبهم، وحدة لسانهم، وشدة فتاويهم من التفسيق والتكفير، ومن شتائمهم القذرة، ولعناتهم الكثيرة المتتالية المتعالية المتراكمة، بل هم الذين صاروا أكبر رمية لألسنتهم المشرعة ولأرماحهم المشحذة ولأسهمهم المطلقة، فلم يتركوا واحدا من كبيرهم وصغيرهم إلا وفسقوه وكفروه وأفتوا بإلحاده وارتداده، وفي ارتداد من يشك في ارتدادهم، وكفر من يتردد في تكفيرهم فبدأ بتكفيرهم البريلوي، ولا زال آخر واحد من البريلويين يكفرهم، ويكفر من يتأخر من كفرهم .....
فقال البريلوي في الديوبنديين عامة:"ومن شك في كفر الديوبنديين فإنه كافر أيضا"(3).
وليس هذا فحسب بل أكثر من ذلك:"من صلى خلف أحد الديوبنديين فإنه أيضا ليس بمسلم"(4) هذا "وكل من يعتقد باعتقادهم فهو كافر مرتد"(5)"ولم يبرد غضبه إلى هذا الحد حتى تجاوز جميع الحدود وقال: من يمدح دار العلوم ديوبند أو لا يعتقد بفساد الديوبنديين ولا يكرههم يكفي هذا بأن يحكم عليه بعدم الإسلام"(6).
(1)((تجانب أهل السنة)) (267،268).
(2)
مختصرا ((تجانب أهل السنة)) (268 - 272).
(3)
((الفتاوى الرضوية)) (6/ 82).
(4)
((الفتاوى الرضوية)) (6/ 77).
(5)
((بالغ النور)) المندرج في ((الفتاوى الرضوية)) (6/ 43).
(6)
((المبين في ختم النبيين)) المندرج في ((الفتاوى الرضوية)) (6/ 110).
ثم ازداد في قهره وغضبه فقال:"التعامل مع الديوبنديين في حياتهم ومماتهم كمعاملة المسلمين حرام، حتى استخدامهم بالأجرة أو خدمتهم بالأجرة حرام، ويجب التباعد عنهم"(1)."وحرام أن يعطى لهم لحم الأضحية"(2).
وقال آخر من أتباعه وطائفته:"إن الديوبنديين مبتدعون ضالون وهم شرار خلق الله"(3).
وآخر قال:"إن الديوبنديين يدعون الإسلام فهم كفرة مرتدون لئام بحكم الشريعة المطهرة"(4).
وما أكثر ما أكفرهم في كتابه هذا.
وإلى أيّ حد بلغ كفرهم وارتدادهم؟ قال البريلوي نفسه: إنهم أكفر من الهندوس والمسيحيين والقاديانية، فقال:"إن كان هناك اجتماع للهندوس والنصارى والقاديانية والديوبنديين فينبغي أن يركز الرد على الديوبنديين فقط لأنهم خرجوا عن الإسلام وارتدوا عنه، فالوفاق مع الكفار أولى من الاتفاق مع المرتدين"(5)."وإن كتب الديوبنديين أنجس من الكتب المختلفة للهندوس، وأما الشك في كفر أشرف علي الديوبندي والشبهة في عذابه فهو كفر أيضا وأما الاستنجاء بها "أي بكتب الديوبنديين" فلا يجوز لا لتعظيم كتبهم، بل لتعظيم الحروف التي كتبت بها"(6).
وقال واحد آخر:"إن كتب الديوبنديين جديرة أن يبصق عليها، بل ويبال فيها، ولكن البول عليها ينجس البول ويخبثه، اللهم أعذنا من إبليس وأولاده "أي الديوبنديين" آمين"(7).
هذا ما قاله البريلوي وأمته البريلويون في الديوبنديين نقلنا من كتبهم وعباراتهم أنفسهم.
- وأما الندويون "أي تلامذة دار العلوم ندوة العلماء وأساتذتها والمتعلقين بها والقائمين عليها".
فلم يكن حظهم أحسن من الآخرين حينما كفرهم البريلويون أيضا وحكموا عليهم بالارتداد فقال البركاتي ومصدقه حشمت علي نائب البريلوي: إن الندويين دهريون مرتدون وأذناب لقائد الدهريين" (8).
وقال البريلوي نفسه: إن الندوة هي الشركة المبيرة "أي المهلكة" وكلهم يروحون إلى الجحيم" (9).وأصدر فتوى أخذ عليها توقيعات من أكابر طائفته في تكفير علماء الندوة، وأصدرها باسم "إلجام السنة لأهل الفتنة" ثم نشره في "مجموعة فتاوى الحرمين برجف ندوة المين" كما مر ذكره عن السيد الحسني فيما مر من هذا الباب، ولذلك ذكر صاحب (التجانب) في مجموعة من أفتوا عليهم بالكفر والارتداد أهل ندوة العلماء (10).
(1)((المبين في ختم النبيين)) المندرج في ((الفتاوى الرضوية)) (6/ 95).
(2)
((الفتاوى الرضوية)) (6/ 167).
(3)
((تفسير ميزان الأديان)) لديدار علي (2/ 270) ط لاهور.
(4)
((تجانب أهل السنة)) (112.
(5)
((ملفوظات مجددة المائة الحاضرة)) لابن البريلوي (325،326).
(6)
((الفتاوى الرضوية)) (2/ 136) كتاب الطهارة باب الاستنجاء ط مكتبة رضوية فيصل آباد.
(7)
هامش كتاب ((سبحان السبوح)) للبريلوي (75 ط لاهور باكستان.
(8)
((تجانب أهل السنة)) (90).
(9)
((ملفوظات)) للبريلوي (201).
(10)
((تجانب أهل السنة)) (90).
ثم أشمل هؤلاء جميعا أي الندويين، والديوبنديين، وأتباع شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب، وأهل الحديث السلفيين تحت اسم "الوهابية أو الوهابيين" حسب زعمه بأنهم كلهم استرشدوا في عقائدهم ضد الشرك والبدع والخرافات من شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب، فأولا كان يخاطبهم البريلوي والبريلويون بهذا الاسم فقط وعند إطلاق هذه اللفظة يراد بها هذه الطوائف الأربعة، وبعد ذلك بدؤا يلقبونهم بألقاب خبيثة، ويرمونهم بتهم باطلة، وينفرون الناس عنهم ويشهرونهم بين الناس بأوصاف غير طيبة وكاذبة فاجرة، وبينوا أحكامهم وأحكام المعاملة معهم، فقالوا وعلى رأسهم البريلوي نفسه فقال:"إن الوهابية وزعماءهم كفرة لوجوه كثيرة، ونطقهم بالشهادة ليس بناف عن الكفر"(1).وأيضا: "إن هذه الطائفة ثبت كفرهم بآلاف الوجوه والأسباب"(2).و "إنهم كفرة مرتدون بإجماع الأئمة "يعني أئمة الأمة البريلوية" (3).وقال: "إن الوهابيين مرتدون ومنافقون لأنهم يتظاهرون بالإسلام بنطقهم بالشهادة" (4)."وإن الوهابيين أرذل من إبليس وأفسد منه وأضل لأن الشيطان لا يكذب وهؤلاء يكذبون" (5).و "لعن الله الوهابية وأذلهم وجعل النار مثواهم" (6).وقال: إن الوهابية قاتلهم الله أنى يؤفكون"(7).و "إن الوهابيين في أسفل السافلين"(8).و "إن الله كتب في نصيبهم الكفر"(9).
ومادام هؤلاء كفرة مرتدين فلا يصلى خلفهم ولا عليهم، ولقد أفتى بذلك البريلوي وطائفته:
فإن سائلا سأل البريلوي عن الصلاة خلف الوهابية فقال:"ليست صلاتهم صلاة وجماعتهم جماعة"(10).
وسئل عن حكم المسجد الذي بناه الوهابيون فقال:
"هم كفرة ومسجد الكفار حكمه حكم البيت العادي"
"أيضا"
كما قال في جواب سائل سأله هل يرد على أذان مؤذن وهابي فقال:"لا، لأن صلاتهم لا تعد صلاة، ولا أذانهم أذاناً"(11).
وأما مسجد المسلمين فلا يسمح بدخول الوهابيين فيه كما صرح بذلك المراد آبادي أحد خلفاء البريلوي، ومعاصره ونائبه فقال:"إن الوهابيين والغير المقلدين لا حق لهم في مساجد المسلمين ودخولهم يسبب الفساد، وإن لم يمتنعوا منها فيمنعون رسميا"(12).
وقد كتبوا كتابا مستقلا لبيان وجوب إخراج الوهابيين عن المسجد سموه (إخراج الوهابيين عن المساجد)) وقد شدّدوا على ذلك حتى كتبوا على صفائح مساجدهم: "لا يؤذن للوهابيين أن يصلوا فيها" وحتى في هذا عصر النور والعلم بقى بعض المساجد وعلى جبهاتها مكتوب: يا شيخ عبدالقادر جيلاني شيئا لله، وتحته: ممنوع الدخول للوهابيين، ولقد شاهدت بعيني مسجدين في لاهور لازال مكتوب عليهما هذه العبارة. وقال:"إن الصلاة خلف الوهابية باطل محضا"(13).ومثل ذلك قال مفتي البريلوية أحمد يارخان الكجراتي في فتاواه (14).
(1)((الكوكبة الشهابية في كفريات أبي الوهابية)) لأحمد رضا (10) ط لاهور.
(2)
((الكوكبة الشهابية في كفريات أبي الوهابية)) لأحمد رضا (59) ط لاهور.
(3)
((الكوكبة الشهابية في كفريات أبي الوهابية)) لأحمد رضا (60) ط لاهور.
(4)
((أحكام شريعت)) للبريلوي (112) ط كراتشي.
(5)
((أحكام شريعت)) للبريلوي (117) ط كراتشي.
(6)
((فتاوى أفريقة)) (125).
(7)
((فتاوى أفريقة)) (172).
(8)
((خالص الاعتقاد)) (54).
(9)
((المبين في ختم النبيين)) المندرج في ((الفتاوى الرضوية)) (6/ 198).
(10)
((ملفوظات)) (105).
(11)
((ملفوظات)) (105).
(12)
((فتاوى نعيم الدين المراد آبادي)) (64).
(13)
((بالغ النور)) المندرج في ((الفتاوى الرضوية)) (6/ 43) وأيضا ((بريق المنار)) المندرج في ((الفتاوى الرضوية)) (4/ 218).
(14)
((فتاوى نعيمية)) (1/ 104) ط باكستان.
وقال البريلوي نفسه:"إن صلّى الوهابي على جنازة مسلم فلا جنازة له، وإن دفن فكأنه دفن بدون صلاة الجنازة"(1).
وأما الصلاة على الوهابيين؟ فقال في جواب سائل سأله ما حكم شخص صلى على رجل مات من الوهابيين؟ فقال:"أن الوهابية كفرة مرتدون، ومن صلى عليهم فقد كفر"(2).كما أنه لا يجوز لهم الدعاء لأن الله قال فيهم: "ثم لا يعودون"(3).هذا وليس هذا فحسب، بل من اعتقد أن الوهابيين مسلمون فهو كافر ولا يجوز الصلاة خلفه كما صرح به البريلوي في كتابه" (4).وقال آخر:"من يتكلم في البريلوي لا تجوز الصلاة خلفه"(5)
وأما المعاملات الأخرى فحرام أيضا فقال:"إن اللقاء مع الوهابيين حرام ومجالستهم حرام، وعيادتهم حرام إن مرضوا، وإن ماتوا فغسلهم حرام وحمل جنائزهم حرام"(6).
وقال المراد آبادي:"إن الوهابية ضالون مضلون وملحدون لا تجوز الصلاة خلفهم، ولا يجوز الاختلاط معهم"(7).وأيضا "الاستماع إلى حديثهم حرام والجلوس في مجالسهم وخطباتهم حرام"(8).هذا و "المصافحة بهم حرام والسلام عليهم حرام وموجب للمآثم والمعاصي"(9).ولا يجوز للأحناف أن يشربوا الماء من بئر الوهابيين" (10).و "رد السلام عليهم حرام" (11).وليس هذا فحسب: "بل من عاملهم وجالسهم فمناكحته أيضا حرام" (12).وإن قرأ خطبة النكاح وهابي وعقده فالنكاح باطل، ولابد من تجديد النكاح وتجديد الإسلام أيضا"(13).و "إن إشهاد الوهابي على النكاح حرام أيضا"(14).
وقال أحد تلامذته وخلفائه: إن النكاح من وهابي حرام لأنه ليس كفوا للمسلم" (15).
ولكن أنى لتلميذه أن يبلغه في القسوة والشدة فقال هو نفسه "أي البريلوي":إن الوهابي المرتد لا يزوج، لا من حيوان ولا من إنسان فإن تزوج يكون زنا محضا" (16).
ولأول مرة أريد أن أسأل البريلويين هل هم يزوجون ويتزوجون من حيوان؟ وقال: إن الاستفتاء من الوهابية حرام حرام حرام بالتأكيد، ومن شك في كفره وعذابه فقد كفر" (17).
وقال أمجد علي: من أعطى الزكاة لأحد من الوهابيين فلا زكاة له" (18).وقال في جواب سائل: إن تدريس الأطفال عند الوهابيين حرام حرام حرام، ومن فعل ذلك فهو عدو لأولاده ومجتلي في الآثام، وقد قال الله عز وجل: قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا [التحريم: 6](19).
وأما ذبائح الوهابيين فقال: إن ذبيحة اليهودي حلال وكذلك ذبيحة النصراني حلال، وأما ذبيحة الوهابيين فلو سموا الله عليها مئة ألف مرة وكانوا من المتقين فحرام أكلها لأنه لا ذبيحة لمرتد" (20).كما قال: إن ذبيحة الزناة الخلص الثابت زناهم حلال أكلها" (21).
(1)((الفتاوى الرضوية)) (4/ 12).
(2)
((ملفوظات)) (76).
(3)
((ملفوظات)) للبريلوي (286).
(4)
((المبين)) المندرج في ((الفتاوى الرضوية)) (6/ 80،81).
(5)
((فتاوى نعيم الدين المراد آبادي)) (64).
(6)
((فتاوى نورية)) (1/ 213).
(7)
((الفتاوى الرضوية)) (6/ 90).
(8)
((مجموعة فتاوى نعيم الدين)) (112).
(9)
((بريق المنار)) المندرج في ((الفتاوى الرضوية)) (4/ 218).
(10)
((جاء الحق)) (2/ 222).
(11)
((فتاوى أفريقة)) (170).
(12)
((ماحي الضلالة)) المندرج في ((الفتاوى الرضوية)) (5/ 72).
(13)
((ماحي الضلالة)) المندرج في ((الفتاوى الرضوية)) (50) و (89).
(14)
((فتاوى أفريقة)) (69).
(15)
((بهار شريعت)) لأمجد علي (7/ 32).
(16)
((إزالة العار)) المندرج في ((الفتاوى الرضوية)) (5/ 194 أيضا ((بالغ النور)) المندرج في ((الفتاوى الرضوية)) (6/ 55).
(17)
((الفتاوى الرضوية)) (4/ 106).
(18)
((أحكام شريعت)) (1/ 122).
(19)
((بهار شريعت)) (5/ 46).
(20)
((فتاوى أفريقة)) (27).
(21)
((أحكام شريعت)) (237).
لماذا هذا كلّه؟ فقال لأن أشد الناس كفرا المجوس، وكفرهم أشد من اليهود والنصارى، وكفر الهندوس أشد من المجوس، وكفر الوهابيين أشد من الهندوس" (1).وقال: إن الوهابيين أخبث وأضر من الكفرة الحقيقيين من اليهود والوثنين وغيرهم" (2).وقال: إن الوهابيين أرذل من الكلاب وأنجس منها لأنه لا عذاب على الكلاب وهؤلاء يستحقون العذاب الشديد"(3).
ولم يكفروا هؤلاء الأبرار لأنهم لم يؤمنوا بالخرافات التي أتى بها البريلويون واختلقها الخرافيون، ولم يتركوا قول الله وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم مقابل هؤلاء المفترين على الله كذبا والمتهمين رسوله صلى الله عليه وسلم باطلا، وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَاّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [البروج: 8 - 9].
هذا وقبل أن ننتقل إلى بحث آخر نريد أن نذكر هاهنا أن البريلويين والبريلوية شددوا على من يقرأ كتب الوهابيين، ومنعوا البريلويين منعا باتا أن يقرؤا كتب غيرهم.
فقال البريلوي: إن مطالعة كتب الوهابيين حرام" (4).وقال الآخر: لا يجوز لغير العالم أن ينظر في كتب الوهابيين"(5).وأما البريلوي فإنه قال: وحتى للعالم الكامل لا يجوز أن ينظر في كتب الوهابيين" (6).
ولقد قال البريلوي في خصوص أحد الكتب لأحد العلماء الوهابيين: حرام على المسلمين أن ينظروا في هذا الكتاب" (7).
ونقل المراد آبادي عن واحد من أئمته:"وإياك أن تصغي إلى كتب ابن تيمية وابن القيم الجوزية وغيرهما ممن اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوه، فمن يهديه من بعد الله وكيف تجاوز هؤلاء الملحدون الحدود وتعدو الرسوم وخرقوا سياج الشريعة والحقيقة، فظنوا بذلك أنهم على هدى من ربهم وليسوا كذلك، بل إنهم على أسوأ الضلال وأقبح الخصال وأنهى الكذب والبهتان، فخذل الله جمعيتهم وطهر الأرض من أمثالهم"(8).
فتاوى البريلويين بالتواء الحج لتولي الوهابيين الحكم في الحجاز:-
ومن بغض البريلويين لأتباع السلف الصالح، المتمسكين بالكتاب والسنة أنهم أفتوا بسقوط فريضة الحج وقد أصدر كتيبا في ذلك الخصوص باسم (تنوير الحجة لمن يجوز التواء الحجة) وقد كتب هذا الكتاب ابن البريلوي ومفتي البريلويين مصطفى رضا.
وصادق عليه ووقع أكثر من خمسين عالما من علماء القوم من جميع أطراف شبه القارة من الأعيان والأكابر. منهم مظهر البريلوي الذي يسمي نفسه عبيد الرضا حشمت علي، وابن البريلوي الثاني حامد رضا، والمراد آبادي نعيم الدين، ودلدار علي، وغيرهم من أساطين القوم، وبدأ كتيبه هذا بخطبته، اللهم اغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين لاسيما النجديين المفسدين المارقين من الدين مروق السهم من الرمية والخارجين منه كما تخرج الشعرة من العجين، ثم لا يجد شتيمة إلا وشتم بها الحكومة السعودية الميمونة، ولا فرية إلا وافترى بها على الملك الراحل عبدالعزيز آل السعود رحمه الله وغفر له، ولا بهتانا وكذبا إلا واستعمله وتقول به بكل جرأة وشجاعة بلا خوف من الله وحياء منه.
(1)((بالغ النور)) المندرج في ((الفتاوى الرضوية)) (6/ 13).
(2)
((أحكام شريعت)) (124).
(3)
((إزالة العار)) المندرج في ((الفتاوى الرضوية)) (5/ 138).
(4)
((المبين)) المندرج في ((الفتاوى الرضوية)) (6/ 9).
(5)
((بهار شريعت)) (5/ 11).
(6)
((ملفوظات)) ص335).
(7)
((بالغ النور)) المندرج في "الفتاوى النبوية"(6/ 54).
(8)
((فتاوى نعيم الدين مراد آبادي)) (33، 34).
وأخيراً أفتى بسقوط فريضة الحج في عهدهم وعصرهم وفي زمان توليهم وإمارتهم، وقد علق أحد الموقعين على هذه الفتوى أن بهذا الإفتاء تطهر أراضي الحرمين الطيبين من شياطين النجدية.
فهؤلاء هم البريلويون، وهذا هو بغضهم للموحدين والمتبعين كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإن دلت هذه الفتوى على شيء دل على قساوة قلوبهم وتحجر عقولهم وإطالة لسانهم وتلاعبهم بالدين وجعلهم الشريعة هدفا لأغراضهم الدنيئة حتى أسقطوا فريضة من فرائض الله على المسلمين بلا سبب فقط اللهم إلا إظهاراً لحقدهم وحنقهم وحسدهم على الناس الذين أعزهم الله وولاهم الحكم والحكومة.
وما رأينا طائفة من طوائف العالم التي تنتمي إلى الإسلام قاسية القلب ومطلق اللعنات مثل هذه الطائفة غير الشيعة فلا ندري أيهما أشد أو أكثر؟
وقد أطلنا الكلام فيه لبيان القوم وأصلهم وبيان معتقداتهم وعقائدهم تجاه المخالفين في الرأي والمناوئين في الفكر.
..... فلقد كفر البريلوي والبريلوية شعراء الإصلاح في شبه القارة الهندية وكتابه وأدباءه والدعاة إليه مثل الشيخ نذير أحمد خان الدهلوي والسيد شبلي النعماني والسيد ألطاف حسين حالي والشيخ ذكاء الله الملقب بشمس العلماء والنواب مهدي علي خان والنواب مشتاق حسين.
وأما شاعر الرسالة المحمدية على صاحبها الصلاة والسلام وشاعر المسلمين في شبه القارة الهندية الباكستانية الذي نفخ روح الجهاد فيهم وحرضهم على نبذ الرسوم الجاهلية وعادات الكفرة وترك التكايا والزوايا، وحذر عن الجمود المذهبي والتقليد الشخصي الدكتور محمد إقبال؟ قالوا عنه: إن إبليس ينطق على لسان الفلسفي الملحد دكتور محمد إقبال" (1).وأيضا "إن مذهب إقبالا لا علاقة له بالدين الإسلامي الصحيح" (2).وقال خليفة البريلوي ونائبه: لا يجوز للمسلمين مجالسة محمد إقبال ومحادثته وإلا فيكونون مذنبين ذنباً عظيما"(3).
كما كفروا الشاعر الإسلامي الجليل شاعر التوحيد وأهل التوحيد الشيخ ظفر علي الملقب بظفر الملة والدين، والذي أحيا شوق الجهاد في نفوس المستعبدين وأضرم في قلوبهم النار ضد الاستعمار الإنجليزي الخبيث وعملائه القاديانية وغيرها من الفرق الباطلة، فكفروه وكتبوا في تكفيره رسالة مستقلة باسم "القسورة على أدوار الحمر الكفرة الملقب علي ظفر رمة من كفر" بتوقيعات كثيرة من أكابر البريلويين، وقد ألفها ابن البريلوي مصطفى رضا خان.
.... وقد كتب البريلوي نفسه عن نفسه:"نحن نتحفظ في تكفير المسلم ونحاول أن لا نكفر من قال لا إله إلا الله حتى الإمكان"(4).
فهذا كان حاله وحال طائفته مع هذه الاحتياطات والتحفظات بأنهم كفروا جميع العالم، ولو لم يكونوا محتاطين لم ندر ماذا كانوا يفعلون؟.
ونختم القول في هذا الباب بطريفة وهي أن علماء الهند والباكستان أثبتوا من كتبه أنه في شدة غضبه وغيظه كفر نفسه مرات عديدة حيث قال بعد إصدار الفتوى في تكفير أشخاص:
من شك في كفرهم وعذابهم فهو كافر، ثم نسى وسماهم مسلمين.
المصدر:
البريلوية عقائد وتاريخ لإحسان إلهي ظهير- ص153
(1)((تجانب أهل السنة)) (340).
(2)
((تجانب أهل السنة)) (341).
(3)
نقلا عن ذكر إقبال (129، وسركزشت إقبال (191).
(4)
((الفتاوى الرضوية)) (6/ 251 ط الهند.