الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: قدرة الأنبياء والأولياء واختياراتهم
ويقرب من هذه المسألة ويتعلق بها مسألة أخرى، وهي مسألة قدرة الأنبياء والأولياء واختياراتهم حيث أن القوم جعلوا الله معطلا معزولا عن الاختيار والقدرة والاقتدار – عياذا بالله – لأن الاستغاثة والاستعانة والاستمداد والدعاء لا يكون إلا من القادر والمختار، وإن الأنبياء والصلحاء والأولياء انتقلت إليهم قدرة الله وملكه واختياراته – حسب زعمهم – ولم يبق عنده شيء، لذلك على الناس أن يرجعوا إليهم ويراجعوا إياهم، يستغيثوا بهم ويستعينوا منهم ويسألوا عنهم، والله فوض إليهم أموره ولم يبق عنده شيء، وصار متقاعدا متعطلا، عن العمل والقدرة، ونوابه أنبياءه وأولياؤه هم الذين أخذوا زمام الأمور في أيديهم، وهم ملاك الأرض ومن فيها وما فيها، وهم حكام السماء ولهم كلمة مطلقة، ينفذون أوامرهم في الكونين، ويتصرفون فيهما بما يشاؤن، وهم الذين يخلقون، وهم الذين يرزقون، وهم الذين يعطون ويمنعون، وهم الذين يحيون ويميتون، وهم الذين يدبرون الأمر، ومنهم النصر والمدد، ومنهم الشفاء والعطاء، ومن عندهم كل شيء. وليس لله إلا العبادات وهم له شركاء فيها أيضا.
وقبل أن نسرد النصوص من كتب القوم نريد أن نلفت أنظار القراء إلى أن كفار مكة ومشركي الجزيرة وثنيى الجاهلية ما كانوا بأفسد منهم اعتقاداً أو أرداً منهم معتقدا الذين لم يأت إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لبيان ضلالهم وشركهم بالله وإصلاحهم وتطهيرهم من هذه الوثنيات والشركيات. وكذلك الأنبياء والرسل قبله هل جاؤا بشيء غير الرد على مثل هذه الأفكار الباطلة والنظريات الخبيثة الرديئة؟
وهل الرسول العظيم صلوات الله وسلامه عليه دعا في حياته المكية طوال ثلاثة عشر سنة إلى غير توحيد الألوهية والربوبية وتوحيد الأسماء والصفات؟
ثم وكيف يستسيغ لقوم ينسبون أنفسهم إلى الإسلام ويدعون النسبة إلى محمد بن عبدالله رسول الله الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم حامل لواء التوحيد ورافع رأية وحدانية الله وقدرته واختياراته، والقائل بأمره:
لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ [الدخان:8].
وبِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الملك: 1]
وبِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ [المؤمنون: 88]
وبِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [يس: 83]
وإِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات: 58]
ووَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَاّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا [هود: 6]
ووَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [العنكبوت: 60]
وقُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ [سبأ: 36]
واللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [آل عمران: 26]
وغير ذلك من الكثير الكثير الذي ملئ منه الكتاب العزيز الحميد.
نعم كيف يستسيغ لهؤلاء الناس أن يدعوا الإسلام وانتسابهم إلى محمد صلى الله عليه وسلم ثم ينكروا تعاليمه وإرشاداته وتوجيهاته، ويتنكروا على الآيات التي نزلت عليه، أنزلها رب السماوات والأرض رب العالمين، ونزل بها جبرئيل الروح الأمين على قلب سيد البشر رحمة للعالمين هدى للمتقين وبشرى للمحسنين ورحمة للمؤمنين.
فلينصف القراءة وليعدل الباحثون أيحق للقائلين بتلك المقولات أن ينسبوا إلى أفكارهم وأبطالهم آرائهم، ومن جاء حامله ومبلغه للقضاء على وثنياتهم وإشراكهم بالله: وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاء وَلا الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ [فاطر: 19 - 22]
وصدق الله عز وجل:
كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَاّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [البقرة: 213].
فيا أسفا على هؤلاء الغفلة وقد تسرب الشرك إليهم ودبت الوثنيات والبدعيات والخرافات والجاهلية كبيب النمل وهم لا يدرون عنها. وقد استحوذ عليهم الشيطان فلقنهم على أنها هي الإسلام وهؤلاء الذين قال الله عز وجل فيهم:
قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا [الكهف: 103 - 104]
بعدما أخبر عنهم بقوله: سبحانه وتعالى:
أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاء عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاء إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً [الكهف: 101 - 102]
وإليكم نصوص الذين يضاهؤن قول الذين كفروا من قبل، فيقول البريلوي إن كل مفاتيح الكون في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مالك الكل، وأنه النائب الأكبر للقادر، وهو الذي يملك كلمة "كن".
وأما ابنه فيكتبت تحته تأييد الأبيه نقلا عن واحد ممن كان على منوال أبيه وطائفته: كل ما ظهر في العالم فإنما يعطيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي بيده المفاتيح، فلا يخرج من الخزائن الإلهية شيء إلا على يديه، وإنه "صلى الله عليه وسلم" إذا رام الأمر لا يكون خلافه، وليس لذلك الأمر في الكون صارف" (1).
وقال البريلوي أيضا: إن رسول الله ص هو المبرئ من السقم والآلام، والكاشف عن الأمة كل خطب وهو المحيى، وهو الدافع عن المعضلات، والنافع للخلق، والرفع للمراتب، وهو الحافظ والناصر، وهو دافع عن المعضلات، والنافع للخلق، والرفع للمراتب، وهو الحافظ والناصر، وهو دافع البلاء أيضاً، وهو الذي أبرد على الخليل النار، وهو الذي يهب ويعطى، وحكمه نافذ وأمره جار في الكونين" (2).
وقال أيضا ناقلا عن واحد من أئمته: هو صلى الله عليه وسلم خزانة السر وموضع نفوذ الأمر، فلا ينفذ أمر إلا منه، ولا ينقل خير إلا عنه" (3).
وقال أيضا:
منه الرجا منه العطا منه المدد
…
في الدين والدنيا والأخرى للأبد" (4)
(1)((الاستمداد على أجيال الارتداد)) للبريلوي (32،33).
(2)
((الاستمداد على أجيال الارتداد)) للبريلوي (29،30).
(3)
((الأمن والعلى)) (105).
(4)
((الفتاوى الرضوية)) (1/ 577).
ويقول الآخر: إن رسول الله سيد الكونين سخى رزاق ونحن محتاجون إليه" (1).و "إن اسمه مكتوب على العرش ليلعم أن العرش ملكه وهو مالكه – عياذ بالله –" (2).و "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم متصرف في كل مكان" (3).
ومثل ذلك قال البريلوي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خليفة الله الأعظم، وإنه متصرف في الأرض والسماء" (4).
وبريلوي آخر نقل عن البريلوي أنه قال: إن رسول الله مالك الأرضين ومالك الناس ومالك الأمم ومالك الخلائق، وبيده مفاتيح النصر ولمدد، وبيده مفاتيح الجنة والنار، وهو الذي يعز في الآخرة، ويكون صاحب القدرة والاختيار يوم القيامة، وهو الذي يكشف الكروب ويدفع البلاء، وهو حافظ لأمته وناصر لها، وإليه ترفع الأيدي بالاستجداء" (5).
وقال آخر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نائب الرب يعطي ما يشاء من يشاء، وينزع ما يشاء ممن يشاء" (6)."وإن الأرض في قبضته وتصرفه، وإن الجنة سلطنته ورياسته، وإنه هو قسام الأرزاق" (7).
وقال مفتي البريلوية: إن جميع العالم وكل الأمور في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتصرف فيه وفيها كما يشاء ويعطي منه ومنها ما يشاء من يشاء" (8).
هذا والأنبياء الآخرون كذلك."إن الأنبياء يتصرفون في بواطن الخلق وأرزاقهم كما يتصرفون في ظواهر الخلق"(9).
وصحابة الرسول كذلك، كما روى البريلوي روايات موضوعة في ذلك، منها: إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين ويؤتى بمنبرين من نور، فينصب أحدهما عن يمين العرش والآخر عن يساره، ويعلوهما شخصان، فينادي الذي عن يمين العرش: معاشر الخلائق! من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا رضوان خازن الجنة، إن الله أمرني أن أسلم مفاتيح الجنة إلى محمد وأن محمدا أمرني أن أسلمها إلى أبي بكر وعمر ليدخلا محبيهما الجنة، ألا فشاهدوا. ثم ينادي الذي عن يسار العرش: معاشر الخلائق! من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا مالك خازن النار، إن الله أمرني أن أسلم مفاتيح النار إلى محمد ومحمد أمرني أن أسلمها إلى أبي بكر وعمر ليدخلا مبغضيهما النار، ألا فاشهدوا" (10).
وأيضا ما رواها:
إن رسول الله قال: إن عليا قسيم النار يدخل أولياءه الجنة وأعداءه النار" (11).
وأما الشيخ عبدالقادر الجيلاني فإنه غوث المغيثين وغياث المستغيثين، فإن البريلوي قال فيه: إن الشيخ عبدالقادر متصرف في العالم ومأذون له ومختار، وهو المدبر لأمور العالم" (12).و "ياغوثي أنت المحيى وأنت المميت، وأن النبي هو القاسم وأنت الموصل" (13).
وينادي أيضا:
يا ظل إله عبدالقادر
…
ويا ملجأ العباد عبدالقادر
…
إننا لمحتاجون وفقراء
…
وأنت ذو التاج والكرم
…
شيئا لله الشيخ عبدالقادر" (14)
…
وقال في قصيدته العربية:
حمدا يا مفضل عبدالقادر يا ذا الأفضال
…
مولاى بما منت بالجود عليه من دون سؤال
يا منعم يا مجمل عبدالقادر أنت المتعال
…
امنن وأجب السائل عبدالقادر جد بالآمال" (15).
(1)((مواعظ نعيمية)) (27) ط باكستان.
(2)
((مواعظ نعيمية)) (41) ط باكستان.
(3)
((مواعظ نعيمية)) (336) ط باكستان.
(4)
((الفتاوى الرضوية)) (6/ 155).
(5)
((أنوار رضا)) (240) مقال إعجاز البريلوي.
(6)
((بهار شريعت)) لأمجد على جزء (1/ 15).
(7)
((بهار شريعت)) لأمجد علي جزء (1/ 15).
(8)
((جاء الحق)) لأحمد يار البريلوي (195).
(9)
((جاء الحق)) لأحمد يار البريلوي (195،196).
(10)
((الأمن والعلى)) للبريلوي (57).
(11)
((الأمن والعلى)) للبريلوي (57).
(12)
((حدائق بخشش)) للبريلوي (26).
(13)
((حدائق بخشش)) للبريلوي (125،126).
(14)
((حدائق بخشش)) للبريلوي (125،126).
(15)
((حدائق بخشش)) للبريلوي (179).
وقال: إن عبدالقادر فرش فراشه على العرش، وأنزل العرش على الفرش" (1).
ويقول: إن عبدالقادر مغيث لأهل الدين" (2).و "إن الشيخ الجيلاني هو الغوث الذي حصلت له قدرة كلمة "كن فيكون"(3).
ويكذبون على الشيخ الجيلاني أنه قال:
وولاني على الأقطاب جمعا
…
فحكمى نافذ في كل حال
مريدي لا تخف واش فإني
…
عزوم قاتل عند القتال
طبولي في السماء والأرض دقت
…
وشاؤس السعادة قدبالي
بلاد الله ملكي تحت حكمي
…
وأوقاتي لقلبي قد صفالي
نظرت إلى بلاد الله جمعا
…
كخردلة على حكم اتصال
أنا الجيلي محي الدين اسمي
…
وأعلامي على رأس الجبال" (4)
كما يكذبون عليه أنه قال: إن أزمة أمر أهل الزمان على قلبي، وهو متصرف في عطائهم ومنعهم" (5).
ونسبوا إليه أيضا أنه قال: إن قلوب الناس في يدي، إن أردت صرفها عني صرفتها، وإن أردت صرفتها إلى" (6).
وقال الآخر: إن الشيخ الجيلاني هو غوث الأغواث، وإن له حق التثبيت في اللوح المحفوظ، وإنه يملك أن يجعل المرأة رجلا" (7).وأيضاً "أزال موت شخص كان مكتوبا في اللوح المحفوظ بأنه يموت، وهكذا غير قضاءه وقدره" (8).
ونقل البريلوي عن أئمته في الضلال:
إن الشيخ عبدالقادر كان يمشي في الهواء على رؤس الأشهاد في مجلسة ويقول: ما تطلع الشمس حتى تسلم على" (9).
فمادام الشيخ عبدالقادر مأذونا مختارا، متصرفا، محييا، مميتا، مغيثا، معطيا، موصلا، فلماذا الدعاء إلى الله، ولماذا الاستغاثة به والاستعانة منه والتوكل عليه، فكلما يطلبه الإنسان يطلب من الشيخ الجيلاني – عياذا بالله -.
ثم وليس هذا كله مختصا بالجيلاني والصحابة والأنبياء وسيد الرسل، بل أن عامة الأولياء والصالحين والمتصوفة ومشايخ الطرق يملكون كل هذه الأشياء ويقدرون عليها، وأن الأرض في قبضتهم، وأن السماء في ملكهم، كما ينقل البريلوي عن واحد من أمثاله أنه قال: إن أئمة الفقهاء والصوفية كلهم يشفعون في مقلديهم ويلاحظون أحدهم عند طلوع روحه وعند سؤال منكر ونكير له وعند الحشر والنشر والحساب والميزان والصراط ولا يغفلون عنهم في موقف من المواقف
…
وجميع الأئمة المجتهدين يشفعون في أتباعهم ويلاحظونهم في شدائدهم في الدنيا والبرزخ ويوم القيامة حتى يجاوزوا الصراط" (10).
وهو الذي قال: إن ملك "البدل" من السماء إلى الأرض، وإن ملك "العارف" من العرش إلى الفرش" (11).
وأما البريلوي فإنه قال: إن نظام الخلق قائم بوساطة الأولياء" (12).و "إن الأولياء يحيون الأموات ويبرؤن الأكمة والأبرص، ويطوون الأرض كلها بقدم واحد" (13).و "لا يخلو زمان من الغوث، ولا تقوم السموات والأرض إلا به (14).
(1)((حدائق بخشش)) للبريلوي (184).
(2)
((حدائق بخشش)) للبريلوي (179).
(3)
((حدائق بخشش)) للبريلوي (122).
(4)
((الزمزمة القمرية في الذب عن الخمرية)) (356) وما بعد.
(5)
((خالص الاعتقاد)) للبريلوي (49).
(6)
((حكايات رضوية)) للبركاتي منقولة عن ((ملفوظات)) للبريلوي (125).
(7)
((باغ فردوس)) لأيوب على رضوي البريلوي (26) ط بريلي الهند.
(8)
((باغ فردوس)) لأيوب علي رضوي البريلوي (26) ط بريلي الهند.
(9)
((الأمن والعلى)) للبريلي (109).
(10)
((الاستمداد)) الهوامش (35،36).
(11)
((الاستمداد)) الهوامش (34).
(12)
((الأمن والعلى)) (24).
(13)
((الحكايات الرضوية)) (44).
(14)
((الحكايات الرضوية)) (102).
وقال الآخر منهم: إن أولياء الله ينصرون أولياءهم ويدمرون أعداءهم (1).و "إن للأولياء قدرة واختيار أن يرجعوا السهم المطلق من الرمية إليها"(2).و "إن الوهابيين يقولون: إن أولياء الله لا يستطيعون دفع الذباب عن قبورهم ولكنهم لا يعلمون أن لهم قدرة أن يقلبوا العالم كله ولكنهم لا يتوجهون إلى ذلك"(3).و "إن أولياء الله لهم تأثر في تغيير القضاء المعلق"(4).
ويقول الآخر: إن تصرف الأولياء يزداد بعد وفاتهم" (5).
هذا ومثل هذا كثير جدا.
فهذه هي معتقدات القوم في الأولياء والصالحين وفي الأنبياء والمرسلين كمعتقدات النصارى واليهود في المسيح وعزيز والكليم، وكعقيدة المشركين والوثنيين القدامى في اللات والهبل والعزى والمناة ويغوث ويعوق ونسر وغيرهم من عباد الله الصالحين الذين جعلوهم لله شركاء.
ومادام أن أنبياء الله ورسله وأولياء الله وصلحاءه يملكون هذه القدرة والاختيار فلابد أن يحصل لمؤسس هذه الطائفة نصيب منها.
وفعلا نسب أنصاره ومناصروه إلى البريلوي أحمد رضا أكثر مما نسبه هو والآخرون إلى المشايخ والصالحين والأولياء. فقالوا فيه: إنه مالك ورزاق وسيد مرشد ومالك وشافع ومغيث وغير ذلك" (6).
ويناديه أحد أتباعه ويدعوه بقوله: يا سيدي يا رزاق أعطني من نوالك، لأن كلبك هذا راج لعطائك منذ مدة فانظر إلى عبيدك هذا بنظرة الكرم، لأنه مهما ارتكب من الأخطاء والذنوب فإنه كلبك" (7).وأيضا "إن تركنا بابك يا أحمد رضا فمن أين نسأل ونستجدي، لم يخب أحد من بابك، فإنك يا أحمد رضا تعطي السائلين كل ما يطلبونه" (8).
وقيل في قبره: إن قبره ومزاره دار الشفاء للمرضى، وإنه حلال المشاكل ومسهل الأمور وقاضي الحاجات" (9).و "إن المرضى كانوا يستشفون من عيسى، ولكن أحمد رضا يحيى الأموات" (10).
وقال الآخر: إن أحمد رضا هو المبصر للقلوب والأعين، وهو معطي الإيمان، وهو المنجي في الكونين" (11).
ويقول: إن أحمد رضا هو الرزاق وهو مجيب الدعوات وهو حلال المشاكل، وهو الغوث وقطب الأولياء، وهو الذي كان له الظل في الحشر يوم لا يكون هناك الظل، وتحصل معيته في القبر والحشر والنشر، وإنه هو الرزاق ونحن فقراء إليه" (12).
فهذا هو القوم وهذه هي معتقداتهم مخالفة تماما لتعاليم الرحمن الذي بينهما في القرآن، وتعاليم الرسول الكريم التي ثبتت بالأحاديث الصحيحة الثابتة عنه صلوات الله وسلامه عليه، بل هي عين تلك العقائد التي كان مشركو قريش وكفار الجزيرة وأهل الجاهلية الأولى يعتقدونها ويؤمنون بها، ولم يأت نبي الله تبارك وتعالى وصلواته وسلامه عليه إلا للقضاء عليها وإبطالها كما بيناه سابقا.
وقبل أن نختم هذا البحث نريد أن نورد ههنا ما كتبه علامة شبه القارة ووحيد عصره النواب الشيخ صديق حسن خان في تفسيره "فتح البيان" تحت قول الله عز وجل: قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما يشاء الله:
(1)((رسول الكلام)) لديدار علي البريلوي (129) ط لاهور.
(2)
((جاء الحق)) لأحمد يار (197).
(3)
((جاء الحق)) لأحمد يار (213).
(4)
((بهار شريعت)) جزء أول (6).
(5)
((الفتاوى النعيمية)) (249).
(6)
انظر لذلك ((مدائح أعلى حضرة)) لأيوب رضوي (4،5).
(7)
انظر لذلك ((مدائح أعلى حضرة)) لأيوب رضوي (4،5).
(8)
انظر لذلك ((مدائح أعلى حضرة)) لأيوب رضوي (4،5).
(9)
((مدائح أعلى حضرة)) (9) وما بعد.
(10)
((مدائح أعلى حضرة)) (25).
(11)
((نغمة الروح)) لعبدالستار البريلوي (42).
(12)
((نغمة الروح)) (46).
وفي هذا أعظم وازع وأبلغ زاجر لمن صارديدنه وهجيراه المناداة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أو الاستعانة به عند نزول النوازل التي لا يقدر على دفعها إلا الله سبحانه، وكذلك من صار يطلب من الرسول ما لا يقدر على تحصيله إلا الله سبحانه، فإن هذا مقام رب العلمين، الذي خلق الأنبياء والصالحين وجميع المخلوقين، ورزقهم وأحياهم ويميتهم، فكيف يطلب من نبي من الأنبياء، أو ملك من الملائكة، أو صالح من الصالحين ما هو عاجز عنه غير قادر عليه؟ ويترك الطلب لرب الأرباب، القادر على كل شيء، الخالق الرزاق المعطي المانع؟ وحسبك بما في الآية من موعظة، فإن سيد ولد آدم وخاتم الرسل يأمره الله بأن يقود لعباده: لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا: فكيف يملكه لغيره؟ وكيف يملكه غيره – ممن رتبته دون رتبته، ومنزلته لا تبلغ إلى منزلته – لنفسه، فضلا عن أن يملكه لغيره؟
فيا عجبا لقوم يعكفون على قبور الأموات الذين قد صاروا تحت أطباق الثرى ويطلبون منهم الحوائج ما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل كيف لا يتيقظون لما وقعوا فيه من الشرك، ولا ينتبهون لما حل بهم من المخالفة لمعنى "لا إله إلا الله"، ومدلول "قل هو الله أحد"؟ وأعجب من هذا إطلاع أهل العلم على ما يقع من هؤلاء ولا ينكرون عليهم، ولا يحولون بينهم وبين الرجوع إلى الجاهلية الأولى، بل إلى ما هو أشد منها، فإن أولئك يعترفون بأن الله سبحانه هو الخالق الرزاق، المحيى المميت، الضار النافع، وإنما يجعلون أصنامهم شفعاء لهم عند الله، ومقربين لهم إليه، وهؤلاء يجعلون لهم قدرة على الضر والنفع، وينادونهم تارة على الاستقلال، وتارة مع ذي الجلال، وكفاك من شر سماعه، والله ناصر دينه، ومطهر شريعته من أوضار الشرك، وأدناس الكفر، ولقد توسل الشيطان – أخزاه الله – بهذه الذريعة إلى ما تقربه عينه، وينثلج به صدره، ومن كفر كثير من هذه الأمة المباركة "وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا"، إنا لله وإنا إليه راجعون" (1).
هذا وذكر شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية في فتاواه قول بايزيد البسطامي أنه قال: استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة الغريق بالغريق. وقول الشيخ أبي عبدالله القرشي المشهور بالديار المصرية، استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة المسجون بالمسجون، كما نقل دعاء موسى عليه السلام الذي كان يدعو به: أللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلان ولا حول ولا قوة إلا بك. – ثم بعد ذلك: لا يعرف عن أحد من المسلمين أنه جوز مطلق الاستغاثة بغير الله، ولا أنكر على من نفى مطلق الاستغاثة عن غير الله" (2).
(1)((فتح البيان)) للنواب صديق حسن خان (4/ 225).
(2)
((فتاوى شيخ الإسلام)) (1/ 112).