الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب العاشر: عقيدة القبور
وللقبر شأن عظيم عند الصوفية عموما، فهو الوسيلة إلى الله، وهو موطن البركات وموضع قضاء الحاجات، والمتوجه إليه في الدعوات. فهذه عقيدة مصدرها ما قاله محمد أمين الكردي:
وكل شأن من شؤون العبادة وطلب العلوم والكشوفات مرتبط بالقبور، بل تلقي العلوم وفيضها والبيعة والتكليف واستمداد كل خير مرتبط بالقبر. فإنهم يعتقدون أن الروحانيات تجتمع في ذلك كاجتماعهم في المنام وبعد الممات، وهو عالم اللاهوت الخارج عن عالم الأجسام والأرواح والخلق (1).وقد حصل للشيخ بهاء الدين نقشبند التكليف والولاية حينما اجتمع بسلسلة مشايخ النقشبندية الأموات في المقبرة. وأخذ طريقة الذكر الخفي من الغجدواني الميت في المقبرة (2). «قال بعض المشايخ: إن الله يوكل بقبر الولي ملكا يقضي الحوائج وتارة يخرج الولي من قبره ويقضيها بنفسه» (3). هكذا جاء إسنادها موقوفا على المشايخ ولم يرفعوا السند إلى شيء من كتاب ولا سنة. بل يزعمون أن الولي يخرج من قبره وكأنه ما يزال حيا حياة دنيوية حقيقية. ولهذا صرحوا بأن المقصود من زيارة قبور الأنبياء والأولياء «الزيارة والاستمداد وسؤال المغفرة وقضاء الحوائج من أرواح الأنبياء والأئمة عليهم السلام والعبارة عن هذا الإمداد بالشفاعة» (4).ويناقض ذلك ما جاء في الفتاوى البزازية أن «من قال إن أرواح المشايخ حاضرة تعلم يكفر. وقال الشيخ فخر الدين أبو سعيد عثمان الجياني: «ومن ظن أن الميت يتصرف في الأمور دون الله واعتقد بذلك فقد كفر» (5). ولا تنسى أن أكثر أتباع هذه الطريقة مقلدون للمذهب الحنفي ومنتسبون إليه ولكن أين هم من هذه الفتوى الحنفية؟ وقد كذبوا على الشافعي وزعموا أنه قال: «قبر معروف الكرخي: الترياق المجرب» (6).وجعلوا الخضر الذي تلقى عنه موسى متمذهبا بالمذهب الشافعي (7).قال الشيخ الكردي: «وما يفعله العامة من تقبيل أعتاب الأولياء، والتابوت الذي يجعل فوقهم فلا بأس به إن قصدوا بذلك التبرك، ولا ينبغي الاعتراض عليهم لأنهم يعتقدون أن الفاعل والمؤثر هو الله، وإنما يفعلون ذلك محبة فيمن أحبهم الله تعالى» (8).وقال الكردي: «ولما مات الشيخ بهاء الدين نقشبند بنى أتباعه على قبره قبة عظيمة وجعلوه مسجدا فسيحا» (9). قال «ولم يزل يستغاث بجنابه ويكتحل بتراب أعتابه ويلتجأ إلى أبوابه (10)» .وزعموا أن الله أكرمه بأن جعله في قبره يشفع إلى مسافة مائة فرسخ من جهات قبره الأربع بينما الشيخ علاء الدين النقشبندي يشفع إلى أربعين فرسخا فقط (11).
(1)((الأنوار القدسية)) (ص7).
(2)
((المواهب السرمدية)) (ص113).
(3)
((تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب)) (ص410).
(4)
((نور الهداية والعرفان في سر الرابطة والتوجه وختم الخواجكان)) (ص38).
(5)
((البحر الرائق)) (3/ 94) ..
(6)
((الحجج البينات في ثبوت الاستعانة بالأموات المسمى بالدلائل السيفية)) (ص 13) للملقب بـ «محسود الزمان» !!! أبي الأسفار علي محمد البلخي (1981).
(7)
((الحجج البينات في ثبوت الاستعانة بالأموات)) (ص27).
(8)
((تنوير القلوب)) (ص534).
(9)
((المواهب السرمدية)) (ص142).
(10)
((الأنوار القدسية)) (ص142).
(11)
((الحدائق الوردية في حقائق أجلاء الطريقة النقشبندية)) (ص 148).
ويقترح الكردي على زائر قبور الأولياء الآداب التالية: أن يسلم أولا على الولي المقبور ثم يقف مستقبلا القبر، مستدبرا القبلة ثم يقرأ الفاتحة مرة واحدة وسورة الإخلاص إحدى عشرة مرة وآية الكرسي مرة ويهب ثوابها إليه ثم يجلس عنده ويجرد نفسه عن كل شيء حتى يصير لوحا ثم يتصور روحانيته نورا مجردا ويحفظ ذلك النور في قلبه حتى يحصل له فيض من فيوضاته. ويستعين على ذلك بالاستمداد من روحانية شيخه أولا وجعلها واسطة بينها وبين المزور» (1).ويستطيع زائر قبور المشايخ الاستفادة منهم وأخذ الفيض والمدد منهم سواء كان قريبا منهم أم بعيدا عنهم فإنه «لا يمنع البعد الصوري في الحقيقة عن التوجه إلى الأرواح المقدسة وبرهان ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:((وصلوا علي حيثما كنتم)) (2)(3).
محمد بهاء الدين شاه نقشبند
وهو رأس الطريقة وتسمى باسمه. يصفه الكردي بأنه «الغوث الأعظم» . اجتماعه بالأرواح والأشباح. وكان الشيخ بهاء الدين نقشبند يجتمع بأرواح سلسلة المشايخ النقشبندية وأخذ العهد والولاية والتكليف منهم في المقبرة (4) وتلقن الذكر الخفي من روحانية الشيخ عبد القادر غجدواني، وهذا ليس عجيبا فإن الروحانيات تجتمع بعد الممات وهو عالم اللاهوت الخارج عن عالم الأجسام. قال الخاني «ولم يجتمع بهاء الدين نقشبند مع الغجدواني في عالم الأجسام لأن بينهما خمس وسائط من رجال السلسلة» (5).
المصدر:
الطريقة النقشبندية لعبد الرحمن دمشقية - ص11 - 31
(1)((تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب)) (ص 534).
(2)
رواه أبو داود (2042)، وأحمد (8790) (2/ 367) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ:(وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) ، والحديث سكت عنه أبو داود، وقال النووي في ((الأذكار)) (154): إسناده صحيح، وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (6/ 562): إسناده صحيح، وصححه الألباني في ((صحيح أبي داود)).
(3)
((رشحات عين الحياة)) (ص71).
(4)
((المواهب السرمدية)) (ص113).
(5)
((الأنوار القدسية)) (ص7).