المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني: المرحلية في الدعوة - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٩

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الأول: الرد على عقيدة وحدة الوجود

- ‌المبحث الثاني: الرد على عقيدة تصور المشايخ:

- ‌المبحث الثالث: الرد على ما ابتدعوه من أوراد وأشغال صوفية

- ‌المبحث الرابع: الرد على ما جاء في دلائل الخيرات والبردة والهمزية

- ‌المبحث الخامس: الرد على اعتقادهم جواز الاستغاثة بغير الله

- ‌المبحث السادس: الرد على تبركاتهم البدعية والشركية

- ‌المبحث السابع: الرد على اعتقادهم تمثل أرواح أئمتهم والصالحين بالأجساد

- ‌المبحث الثامن: الرد على اعتقاد تصرف أئمتهم في الكون

- ‌المبحث التاسع: الرد على التزامهم المراقبة عند القبور

- ‌المبحث العاشر: الرد على اعتقاد علم أئمتهم بما في الأرحام

- ‌المبحث الحادي عشر: الرد على اعتقاد علم النبي والأولياء للغيب

- ‌المبحث الثاني عشر: الرد على اعتقاد أن النبي مخلوق من نور وأنه أول خلق الله

- ‌المبحث الثالث عشر: الرد على اعتقادهم حياة النبي في قبره حياة دنيوية

- ‌المبحث الرابع عشر: الرد على اعتقاد جواز شد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من أعظم القربات

- ‌المبحث الخامس عشر: الرد على اعتقاد جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السادس عشر: الرد على قولهم بجواز رؤية النبي يقظة

- ‌المبحث السابع عشر: الرد على تأويلهم صفة العلو

- ‌المبحث الثامن عشر: الرد على إيجابهم اتباع أبي حنيفة

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المبحث الأول: تعريف الباطنية

- ‌المبحث الثاني: سبب التسمية

- ‌المبحث الثالث: بداية الحركة الباطنية

- ‌المبحث الرابع: فرق الباطنية

- ‌المبحث الأول: الحركات الباطنية وأثرها في تدمير الأمة

- ‌المبحث الثاني: أثرها في الناحية الفكرية

- ‌المبحث الثالث: أثرها في الناحية الاجتماعية

- ‌المبحث الرابع: أثرها في الناحية السياسية

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: فرق الإسماعيلية

- ‌المبحث الثاني: أئمة الإسماعيلية

- ‌المبحث الثالث: مراتب الأئمة

- ‌المبحث الرابع: درجات دعاتهم ومراتبهم

- ‌المبحث الخامس: أبرز دعاة الإسماعيلية

- ‌المبحث السادس: أصول الإسماعيلية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أهمية التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المطلب الثاني: نماذج من تأويل الإسماعيلية للآيات القرآنية

- ‌المطلب الثالث: تأويل الإسماعيلية للتكاليف الشرعية

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق في التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المطلب الخامس: إبطال أصل التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المبحث الثامن: ضلالات الإسماعيلية

- ‌المبحث التاسع: معتقد الإسماعيلية في الإلهيات

- ‌المطلب الأول: تعريف النبوة عندهم

- ‌المطلب الثاني: المنطلقات الأساسية لمعتقد الإسماعيلية عن النبوة والأنبياء فهم

- ‌المطلب الثالث: استمرار النبوة والرسالة عندهم

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق في معتقد الإسماعيلية عن النبوة والأنبياء

- ‌المطلب الأول: تأويل القيامة وما بعدها

- ‌المطلب الثاني: البعث والمعاد

- ‌المطلب الثالث: معاد أهل دعوتهم

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق عن معتقد الإسماعيلية في الأخرويات

- ‌المطلب الأول: التكاليف الشرعية صورة عملية تطبيقية لعقيدة المسلم

- ‌المطلب الثاني: معتقدهم في التكاليف الشرعية

- ‌المطلب الثالث: أقوال علماء الفرق عن معتقد الإسماعيلية في التكاليف الشرعية

- ‌المطلب الرابع: هدف الإسماعيلية من تأويل التكاليف ونقدهم

- ‌المبحث الثالث عشر: حكم الإسلام في طائفة الإسماعيلية

- ‌الفصل الرابع: الإسماعيلية المعاصرة

- ‌المطلب الأول: تعريف بطائفة البهرة (الإسماعيلية) ونشأتها

- ‌أولا: التعريف

- ‌ثانيا: نشأة البهرة

- ‌المطلب الثاني: عقيدتهم

- ‌المطلب الثالث: كتبهم

- ‌المطلب الرابع: زعماؤهم

- ‌أولا: الدعوة الإسماعيلية في الهند

- ‌ثانيا: انتقال مركز الدعوة من اليمن إلى الهند

- ‌1 - الطائفة الجعفرية

- ‌2 - الفرقة السليمانية

- ‌3 - الفرقة العلوية والفرقة النغوشية

- ‌4 - الفرقة الهجومية

- ‌5 - الفرقة الهبتية

- ‌6 - طائفة أصحاب البستان المهدي

- ‌أولا: أحوالهم الاقتصادية والتعليمية

- ‌ثانيا: لغتهم وطقوسهم

- ‌ثالثا: مصادر دخل داعي البهرة

- ‌المطلب السابع: في أحوالهم الاجتماعية

- ‌المطلب الثامن: النظام الحالي للدعوة الطيبية

- ‌المطلب التاسع: البهرة وتعاونهم مع الاستعمار

- ‌المطلب العاشر: فتاوى العلماء عن فرقة البهرة

- ‌فتوى اللجنة الدائمة

- ‌المبحث الثاني: طائفة الأغاخانية (الإسماعيلية)

- ‌المطلب الأول: تعريف بالأغاخانية (الإسماعيلية) ونشأتها

- ‌أولا: التعريف

- ‌ثانيا: نشأة الأغاخانية الإسماعيلية

- ‌المطلب الثاني: من أبرز شخصياتهم

- ‌المطلب الثالث: عقيدتهم

- ‌أولا: من أهم عقائدهم

- ‌ثانيا: من أقوال الأب الروحي للإسماعيلية

- ‌المطلب الرابع: أعيادهم واحتفالاتهم الدينية

- ‌أولا: مزاراتهم

- ‌ثانيا: أعيادهم

- ‌المطلب الخامس: أحوالهم المادية

- ‌المطلب السادس: الضرائب عند الأغاخانية

- ‌أولا: عاداتهم

- ‌ثانيا: مطالبتهم بما يسمى تحرير المرأة

- ‌أولا: تنظيماتهم الدعوية

- ‌ثانيا: نشاطهم الدعوي

- ‌المطلب التاسع: أماكن انتشارهم

- ‌المطلب العاشر: الأغاخانية وتعاونهم مع الاستعمار

- ‌المطلب الحادي عشر: فتاوى العلماء في الأغاخانية (الإسماعيلية)

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: نشأتهم

- ‌المطلب الثالث: عقائدهم

- ‌المطلب الرابع: السليمانية في منطقة المزاحن

- ‌ثالثا: الجانب التعليمي

- ‌رابعا: الجانب السياسي والاجتماعي

- ‌المطلب الخامس: واقعها المعاصر

- ‌المطلب السابع: أبرز شخصياتهم

- ‌المطلب الثامن: أماكن انتشارهم

- ‌المبحث الأول: التعريف بهم

- ‌المبحث الثاني: التأسيس وأبرز الشخصيات

- ‌المبحث الثالث: نشأة الطائفة الإسماعيلية النزارية (الحشاشون)

- ‌المبحث الرابع: الأحداث التاريخية والسياسية التي واكبت ظهور الحشاشين

- ‌المبحث الخامس: حركة الحشاشين أو الدعوة الجديدة

- ‌المبحث السادس: الأفكار والمعتقدات والجذور الفكرية

- ‌المبحث السابع: المبادئ العامة لحركة الحشاشين وأساليبها في الدعوة

- ‌المطلب الأول: مراتب الدعاةّ

- ‌المطلب الثاني: المرحلية في الدعوة

- ‌المبحث الثامن: النشاط العسكري لحركة الحشاشين

- ‌المطلب الأول: القلاع والحصون

- ‌المطلب الثاني: الفدائيون

- ‌المطلب الثالث: الاغتيال السياسي

- ‌المبحث التاسع: الرموز السرية

- ‌المبحث العاشر: الإستراتيجية السياسية والعسكرية لحركة الحشاشين في سوريا

- ‌المبحث الحادي عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث الثاني عشر: تعامل الباطنية النزارية (الحشاشين) مع الصليبيين

- ‌جدول بأسماء القادة والعلماء الذين اغتالهم الباطنيون

- ‌المطلب الأول: التعريف بهم

- ‌المطلب الثاني: ألقابهم

- ‌المطلب الثالث: بدايات دعوتهم

- ‌المطلب الرابع: أهدافهم

- ‌المطلب الأول: الحالة السياسية

- ‌المطلب الثاني: الحالة الاجتماعية والاقتصادية

- ‌المطلب الأول: معتقدهم في الإلهيات

- ‌المطلب الثاني: معتقدهم في النبوات

- ‌المطلب الثالث: معتقدهم في الإمامة

- ‌المطلب الرابع: معتقدهم في القيامة والمعاد

- ‌المطلب الخامس: اعتقادهم في التكاليف الشرعية

- ‌المبحث الرابع: خيانات القرامطة

- ‌المبحث الخامس: أساليب القرامطة في الدعوة

- ‌المبحث السادس: العوامل التي ساعدت على نجاح القرامطة

- ‌المبحث السابع: المظهر السياسي للقرامطة

- ‌المبحث الثامن: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المطلب الأول: على الصعيد السياسي

- ‌المطلب الثاني: على الصعيد الاجتماعي

- ‌المطلب الثالث: على الصعيد الديني

- ‌المبحث العاشر: أتباعهم

- ‌المبحث الحادي عشر: أقوال العلماء في كفر القرامطة

- ‌المبحث الأول: التعريف بطائفة النصيرية

- ‌المبحث الثاني: زعيمهم وسبب انفصاله عن الشيعة وموقفهم منه

- ‌المبحث الثالث: أبرز الشخصيات بعد مؤسس النصيرية

- ‌المطلب الأول: نشأة النصيرية

- ‌المطلب الثاني: أسماء هذه الطائفة والسبب في إطلاقها عليهم

- ‌المطلب الثالث: فرق النصيرية

- ‌المبحث الخامس: مراسيم وطقوس الدخول في عقيدة النصيرية

- ‌المبحث السادس: أهم عقائد النصيرية

- ‌المبحث السابع: عبادات النصيرية

- ‌المبحث الثامن: موقف النصيرية من الصحابة

- ‌المبحث التاسع: تعظيمهم لسلمان الفارسي والأيتام الخمسة

- ‌المبحث العاشر: أعياد النصيرية

- ‌المبحث الحادي عشر: تكتم النصيرية على عقائدهم

- ‌المبحث الثاني عشر: نظرتهم تجاه المرأة

- ‌المبحث الثالث عشر: تعظيمهم للخمر

- ‌المبحث الرابع عشر: المراتب والدرجات عند النصيرية

- ‌المبحث الخامس عشر: أماكن انتشار النصيرية

- ‌المبحث السادس عشر: بيان خطر النصيرية

- ‌المبحث السابع عشر: من خيانات النصيريين

- ‌المبحث الثامن عشر: مقارنة بين عقائد الإسماعيليين والدروز والنصيرية

- ‌المبحث التاسع عشر: حكم الإسلام في النصيرية

- ‌مراجع للتوسع

- ‌المبحث الأول: التعريف بهم

- ‌المبحث الثاني: الحاكم بأمر الله وعلاقته بعقيدة الدروز

- ‌المبحث الثالث: تطور المذهب الدرزي بعد الحاكم

- ‌المبحث الرابع: أشهر دعاة الدروز وآراؤهم

- ‌المبحث الخامس: أسماء الدروز

- ‌المبحث السادس: كيف انتشرت العقيدة الدرزية

- ‌المبحث السابع: معاملة الدروز لمن يكشف شيئاً من عقائدهم

- ‌المبحث الثامن: طريقة الدروز في تعليم ديانتهم

- ‌المطلب الأول: ألوهية الحاكم عند الدروز

- ‌المطلب الثاني: التناسخ والتقمص والحلول

- ‌المطلب الثالث: الحدود الخمسة

- ‌المطلب الرابع: عقيدتهم في اليوم الآخر والثواب والعقاب

- ‌المطلب الخامس: عقيدتهم في الأنبياء

- ‌المطلب السادس: عقيدتهم في التستر والكتمان

- ‌المطلب السابع: رسائل الدروز وكتبهم المقدسة

- ‌المطلب الأول: إبطال مفهومهم للألوهية، وحلول اللاهوت في الناسوت

- ‌المطلب الثاني: إبطال قولهم بالتناسخ والرجعة

- ‌المطلب الأول: نقضهم أركان الإِسلام، وفرضهم بدلها سبع دعائم تكليفية

- ‌المطلب الثاني: الزواج والطلاق والوصية عندهم

- ‌المطلب الثالث: تقسيم المجتمع الدرزي إلى عقال وجهال ونظام الخلوات عندهم

- ‌المطلب الأول: موقفهم من اليهود

- ‌المطلب الثاني: موقفهم من النصارى

- ‌المطلب الثالث: موقفهم من النصيرية

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين النصيرية والدروز

- ‌المبحث الثالث عشر: الدروز في العصر الحاضر

- ‌المبحث الرابع عشر: خيانات الدروز

- ‌المبحث الخامس عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث السادس عشر: حكم الإسلام فيهم وفي معاملاتهم

- ‌مراجع للتوسع

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الشيخية أو الرشتية

- ‌ثانيا: البابية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: نشأته

- ‌المطلب الثاني: ثقافته

- ‌المطلب الثالث: عمالته هو وأسرته لأعداء الإسلام والمسلمين

- ‌المطلب الرابع: نبوءات البهاء

- ‌المطلب الخامس: وفاته

- ‌المطلب الأول: انقسام البهائية وأهم زعمائها

- ‌المطلب الثاني: أسباب انتشار البهائية

- ‌المطلب الثالث: مواطن انتشار البهائية

- ‌أولا: عقيدة البابية:

- ‌ثانيا: شريعة البابية

- ‌ثالثا: الكتاب المقدس للبابية

- ‌أولا: عقيدتهم في الله

- ‌ثانيا: عقيدتهم في الأنبياء

- ‌ثالثا: عقيدتهم في اليوم الآخر

- ‌رابعا: موقفهم من القرآن والسنة وكتابهم المقدس عندهم

- ‌خامسا: البهائية والإباحية

- ‌سادسا: موقفهم من المسلمين وغير المسلمين

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: وحدة الأديان

- ‌المطلب الثاني: وحدة الأوطان

- ‌المطلب الثالث: وحدة اللغة

- ‌المطلب الرابع: السلام العالمي

- ‌المطلب الخامس: المساواة بين الرجال والنساء

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أركان الإسلام

الفصل: ‌المطلب الثاني: المرحلية في الدعوة

‌المطلب الثاني: المرحلية في الدعوة

كانت الدعوة تجري على نسق الجمعيات السرية، لها نظامها الخاص وشعائرها ولها درجات من الوظائف والمعرفة متدرجة في المعرفة والخطورة، كان الدعاة يعرضون هذه الدرجات والمراتب بالتدرج، طبقاً لاستعداد المدعوين وأهليتهم لتلقيها. ولذا فإن هناك وسائل وأساليب معينة يلتزم بها الداعي في دعوته، فأولاً يتحتم عليه كما يقول القاضي النعمان:"اختيار أمر من يدعوه، ويتعرف أحوالهم رجلاً رجلاً، وتمييز كل امرئ منهم ومعرفة ما يصلح له أن يؤتى إليه ويحمله عليه من أمر الله وأمر أوليائه ومقدار ما يحمله من ذلك وقدر قوته وطاقته، ومتى يوصل ذلك إليه، وكيف يغزوه به، وامتحان الرجال وتعرف الأحوال، ومقدار القوى، ومبلغ الطاقات"(1).

ويؤكد القاضي النعمان في مكان آخر من كتابه على أهمية المرحلية والتدرج في الدعوة بقوله: "ولتثبت أمر أولياء الله حدود وشرائط وآداب ودرجات يرتقي فيها الداخل في ذلك، فإذا لم يقف على ذلك أولاً فأول ويرتقيه درجة درجة، ووصل إليه منه الشيء قبل وصول ما يجب أن يصل إليه قبله هلك، كما أن الطفل لو حُمل عليه طعام في حين ولادته لهلك. ولذلك كان علم أولياء الله غير مطلق إلا لمن أطلقوه له، لأنه لو كان مطلقاً لأهلك بعض الناس به بعضاً

فلهذا ولامتحان العباد أسرَّ أولياء الله ذلك وأخفوه، ولو نشروه وأظهروه على حقيقة الواجب فيه لما تخلف أحد عنه" (2).

ونكتفي هنا بأن نقدم خلاصة وافية لمضمون الدعوة في مراحلها التسع وذلك على النحو الآتي:

المرحلة الأولى:

يحاول الداعي في هذه المرحلة أن يشكك المدعو في معتقداته، فيسأله في بعض المسائل الدينية والشرعية، وبعض المسائل الطبيعية والمشكلات الغامضة، موهماً إياه أن الدين أمر مكتوم، وأن أكثر الناس به جاهلون، فهو صعب مستصعب وعلم خفي غامض، وأن أصل الشر والخلاف في الأمة انصراف الناس عن الأئمة الصادقين الذين نُصبوا لهم، وأقيموا لحفظ شرائعهم يؤدونها على حقيقتها، ويحفظون معانيها، ويعرفون بواطنها، وأن الناس لما عدلوا عن الأئمة ونظروا في الأمور بعقولهم، وقلدوا سفلتهم، وأطاعوا سادتهم وكبراءهم اتباعاً للملوك وطلباً للدنيا، التي هي ملك الآثمين وأجناد الظلمة وأعوان الفسقة، الذين يحبون العاجلة، ويجتهدون في طلب الرياسة على الضعفاء، ومكايدة رسول الله وأمته، وتغيير كتاب الله عز وجل، وتبديل سنة نبيه، ومخالفة دعوته، وإفساد شريعته، ومعاندة الخلفاء الأئمة من بعده.

وأن دين محمد لن يجيء بما يحقق الأماني والشهوات الزائلة، ولا بما تعرفه الدهماء والكافة، وإنما هو علم خفي، وهو سر الله المكتوم الذي يرتفع عن الابتذال، ولا يطيق حمله وينهض بأعبائه إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد مؤمن اصطفاه الله، فإن آنس الداعي من المدعو ارتياحاً وقبولاً، بدأ يسأله عن بعض المسائل الغامضة بغية إثارة حب استطلاعه.

(1)((الهمة في آداب أتباع الأئمة)(ص138).

(2)

((الهمة في آداب أتباع الأئمة)(ص53) ..

ص: 183

ما عذاب جهنم؟ وكيف يصح تبديل جلد مذنب بجلد لم يذنب حتى يُعذّب؟ وما سبعة أبواب النار وما ثمانية أبواب الجنة؟ ولم جُعلت السموات سبعاً والأرضون سبعاً والمثاني من القرآن سبع آيات؟ ولماذا خلق الله العالم في ستة أيام؟ وهل عجز عن خلقه في ساعة واحدة؟ وما معنى قول الفلاسفة: الإنسان عالم صغير، والعالم (الطبيعة) إنسان كبير؟ وما معنى الحروف المقطعة في أوائل بعض سور القرآن مثل: الم، المص، كهيعص .. إلخ. وينتهي الداعي بعد هذه السلسلة الطويلة من الأسئلة الغامضة إلى القول بأن الله الذي خلق الإنسان حكيم غير مجازف، وأنه فعل جميع ذلك لحكمة، وله فيها أسرار خفية، حتى جمع ما جمع، وفرق ما فرق، فكيف يسع المرء الإعراض عن هذه الأمور؟! ألا يدل ذلك على أن الله أراد أن يرشدهم إلى بواطن الأمور الخفية وأسرار فيها مكتومة .. لو تنبهتم لها وعرفتموها لزالت عنكم كل حيرة، ودحضت كل شبهة، وظهرت لكم المعارف السنية

فإذا علم الداعي أن نفس المستجيب قد تعلقت بما سأله عنه وطلب منه الجواب عنه أمهله مدة ليستيقن أن المحاولة قد أثرت في نفسه، ثم يأخذ عليه العهد بألا يفشي لهم سراً ولا يظاهر عليهم أحداً ولا يطلب لهم غيلة ولا يكتمهم نصحاً ولا يوالي لهم عدواً (1).

ثم يطالبه بعد ذلك بمبلغ من المال كرسم لقبول عضويته في الدعوة، فإذا امتنع المدعو عن القيام بذلك وقف به الداعي عند هذا الحد، وإذا أجاب انتقل به إلى المرحلة الثانية.

المرحلة الثانية:

يتعلم المستجيب فيها أن فرائض الإسلام لا تؤدي إلى مرضاة الله إلا إذا كانت عن طريق أئمة نصبهم للناس وأقامهم لحفظ شريعته.

المرحلة الثالثة:

وفيها يتقرر عند المستجيب أن الأئمة سبعة، قد رتبهم الله كما رتب السموات والأرضين، والكواكب وغيرها من جلائل الموجودات وجعلها سبعاً، ويلقن المستجيب بعد ذلك معنى العدد سبعة في عالم المادة والمعنى، فإذا تقرر عند المستجيب أن الأئمة سبعة انحل عن معتقد الإمامية الإثنا عشرية، واعتقد أن أئمتهم الستة بعد جعفر الصادق، قد فقدوا العلوم الروحية في حين أن محمد بن إسماعيل عنده علم المستورات وبواطن المعلومات وعلم التأويل وتفسير علم الظاهر، وأن دعاته هم الوارثون لعلمه دون سائر طوائف الشيعة.

المرحلة الرابعة:

وهي بدء التحول إلى المراتب العليا، وفيها يلقن الداعي المستجيب أن الأنبياء المعتبرين، الناسخين للشرائع، الناطقين بالأمور، كالأئمة سبعة فقط، وكل منهم لابد له من صاحب يأخذ عنه دعوته ويحفظها على أمته، ويكون له ظهيراً في حياته ثم يخلفه بعد وفاته، ويتخذ له كنبيّه ظهيراً يخلفه، ويسير كل مستخلف على هذا المنوال، إلى أن يأتي منهم على تلك الشريعة سبعة، ويقال لهؤلاء السبعة الصامتون، لأنهم ثبتوا على شريعة واحدة واقتفوا أثراً واحداً ويقال لأولهم (السوس)، فإذا انقضى هؤلاء السبعة، فلابد من أن يبدأ دور ثان من الأئمة، يفتتحه نبي ناطق ينسخ شريعة من مضى، ويخلفه على النحو المتقدم سبعة من الصُمت، وهكذا حتى النبي السابع من "النطقاء فينسخ جميع الشرائع المتقدمة، ثم يقرر الداعي عند المستجيب أن السابع من النطقاء (الأنبياء) هو صاحب الزمان وهو محمد بن إسماعيل. يقول النويري: "فهذه درجة قررها الداعي عند المدعو بنبوة نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم وسهل بها طريق النقل عن شريعته .. فدخل المدعو بذلك في جملة الكفار المرتدين" (2).

(1) نجد صورة كاملة للعهد الذي يأخذ الداعي على المستجيب في كل من ((نهاية الأرب)) للنويري (23/ 58)، و ((كنز الغرر)) و ((جامع الدرر)) (6/ 67)، و ((الخطط)) للمقريزي (2/ 235)، و ((فضائح الباطنية)) للغزالي (18 - 19).

(2)

((نهاية الأرب)) (23/ 59).

ص: 184

وبظهور محمد بن إسماعيل الناطق الأخير والقائم أي صاحب الأمر تنتهي علوم الأولين وتبدأ العقيدة الباطنية وعلم التأويل.

المرحلة الخامسة: يُلقن فيها المستجيب المزيد من التعليمات فيما يتعلق بعلم الأعداد والتأويل على نحو يجعله يرفض الكثير من الأحاديث النبوية، فيفقد الكلام نهائياً بمنطوق كلام الله، إلى أن يصل في النهاية إلى رفض كافة تعاليم الإسلام (1).

كذلك يلقن الداعي المدعو أنه لابد مع كل إمام قائم حجج متفرقون في الأرض، وعددهم اثنا عشر رجلاً في كل زمان.

ويستدل الداعي على ذلك بأمور منها أن الله لم يخلق شيئاً عبثاً، ولابد في خلق كل شيء من حكمة، وإلا فليتأمل خلق النجوم التي بها قوام العالم سبعة، وجعل السموات سبعاً، والأرضين مثلهن، ونقباء بني إسرائيل اثني عشر، ونقباء رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار اثني عشر نقيباً .. إلى آخر الحجج التي تمتلئ بها كتب الإسماعيلية.

المرحلة السادسة:

يتعلم المستجيب في هذه المرحلة التأويل والمعنى المجازي لشرائع الإسلام من صلاة وزكاة وصوم .. إلخ، وأنها في الواقع ترجع على معان وحكم أخرى غير الظاهرة، وأنها وُضعت على سبيل الرمز لمصلحة العامة، فيضعف اعتقاد المستجيب في شرائع الدين وأركانه.

ثم ينتقل الداعي بالمستجيب إلى ميدان الفلسفة ونظريات الفلاسفة ويحضَّه على النظر في كلامهم،، والاقتداء بالأدلة العقلية والفلسفية والتعويل عليها، دون غيرها من الأخبار والأشياء المنقولة.

وفي هذه المرحلة تبدأ المهمة الحقيقية للدعاة، وهي العمل على هدم العقيدة الدينية.

المرحلة السابعة:

لم يصل إلى هذه المرتبة إلا كبار الدعاة، وفيها يُلقن المستجيب أن صاحب الشريعة لا يستغني بنفسه، ولابد له من صاحب معه يعبر عنه ليكون أحدهما الأصل والآخر يَصْدُر عنه، ويستدل الداعي على ذلك بأن مدير العالم في أصل الترتيب وقوام النظام صدر عنه أو موجود بغير واسطة ولا سبب نشأ عنه، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82]. إشارة إلى أن الأول في الرتبة والآخر هو القدر الذي قال فيه تعالى بـ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:49].

ويستدل أيضاً بأقوال وقرائن أخرى من كلام الفلاسفة والمتصوفة وغيرهم.

المرحلة الثامنة:

وفيها تتبلور العقيدة التي لُقنت للمستجيب في المرحلة السابقة، وفيها يعرف أن مدبر الوجود، والصادر عنه، إنما هو تقدم السابق على اللاحق، وتقدم العلة على المعلول، فكانت الأعيان كلها ناشئة وكائنة عن الصادر الثاني.

والسابق لا اسم له ولا صفة، ولا ينبغي لأحد أن يعبر عنه، أو يحدده، فلا يقال موجود، ولا معدوم، ولا عالم، ولا جاهل

وهكذا سائر الصفات، فإن الإثبات يقتضي شركة بينه وبين المحدثات، والنفي يقتضي التعطيل، وهو ليس بقديم ولا محدث، بل القديم أمره وكلمته، والمحدث خلقه وفطرته

كما أن الأنبياء الناطقين لا يأتون بمعجزات أو دلالات خارقة، إنما يأتون بأمور تُنظَّم بها السياسة ووجوه الحكم وتُرتب بها الفلسفة، تنبئ عن حقيقة ما يشتمل عليها العالم بأسره من الجواهر والأعراض، وأنها تكون إشارة ورموزاً يعقلها العالمون، وتارة تكون بإفصاح يعرفه كل الناس، ثم يشرح الداعي للمستجيب أمر القيامة وحصول الجزاء من الثواب والعقاب على أمور ليست مما يعتقده الموحدون في شيء.

المرحلة التاسعة:

(1) أي ليكون تعويله في حججه وبراهينه على كلام لا تربطه ألبته أي صلة بكلام الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

ص: 185

وهي المرحلة الأخيرة في التعليمات المذهبية لدى الإسماعيلية، حيث لا وجود لعقائد قطعية أو فرائض لازمة، بمعنى آخر لا وجود لعلم اليقين.

وتمثل هذه المرحلة أعلى مرتبة من مراتب العلم والمعرفة، وفيها يدخل المستجيب إلى دائرة الأسرار النهائية، ويحال المستجيب حينئذ على طلب الأمور وتحقيقها وحدودها والاستدلال عليها من طرق الفلسفة وإدراكها من كتبهم، ويصبح حراً في اختيار طريقه.

يقول النويري: "فربما صار البالغ في النظر في هذا إلى اعتقاد مذهب ماني وابن ديصان، وربما إلى مذهب المجوس، وربما دان بما يُحكى عن أرسطو طاليس، وربما صار إلى أمور تُحكى عن أفلاطون، وربما اختار من تلك معاني مركبة من هذه الأمور كما يجري كثير من هؤلاء المتحيرين".

وفي هذه المرحلة أيضاً يوقف المستجيب على السر النهائي المتمثل في أن الوحي إنما هو صفاء النفس، فيجدُّ النبي في فهم ما يوحى إليه، وينظم به الشريعة حسبما يرى من المصلحة في سياسة الكافة، ولا يجب العمل بهذه الشريعة إلا بحسب الحاجة في رعاية مصالح الدهماء، وليس على العارف المستنير أن يعمل بها.

ومن الملاحظ في ذلك كله إنما هو تغيب للعقل البشري الذي جعله الله نعمة للإنسان وكرمه به فيميز بين المنطقيات والبديهيات والنفعيات والمضرات فيستنير ويختار طريقه فإذا به يتأثر بتلك المراحل بمرور الوقت ويطرح الأفكار المتراكمة على فترات متتالية وتكون النتيجة انتكاسة للعقل في الدركات السفلى فإذا به يستحسن القبيح ويستقبح الحسن.

‌المصدر:

أسرار فرقة الحشاشين لمحمد هادي نزار- ص 65

ص: 186