المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث العاشر: الإستراتيجية السياسية والعسكرية لحركة الحشاشين في سوريا - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٩

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الأول: الرد على عقيدة وحدة الوجود

- ‌المبحث الثاني: الرد على عقيدة تصور المشايخ:

- ‌المبحث الثالث: الرد على ما ابتدعوه من أوراد وأشغال صوفية

- ‌المبحث الرابع: الرد على ما جاء في دلائل الخيرات والبردة والهمزية

- ‌المبحث الخامس: الرد على اعتقادهم جواز الاستغاثة بغير الله

- ‌المبحث السادس: الرد على تبركاتهم البدعية والشركية

- ‌المبحث السابع: الرد على اعتقادهم تمثل أرواح أئمتهم والصالحين بالأجساد

- ‌المبحث الثامن: الرد على اعتقاد تصرف أئمتهم في الكون

- ‌المبحث التاسع: الرد على التزامهم المراقبة عند القبور

- ‌المبحث العاشر: الرد على اعتقاد علم أئمتهم بما في الأرحام

- ‌المبحث الحادي عشر: الرد على اعتقاد علم النبي والأولياء للغيب

- ‌المبحث الثاني عشر: الرد على اعتقاد أن النبي مخلوق من نور وأنه أول خلق الله

- ‌المبحث الثالث عشر: الرد على اعتقادهم حياة النبي في قبره حياة دنيوية

- ‌المبحث الرابع عشر: الرد على اعتقاد جواز شد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من أعظم القربات

- ‌المبحث الخامس عشر: الرد على اعتقاد جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السادس عشر: الرد على قولهم بجواز رؤية النبي يقظة

- ‌المبحث السابع عشر: الرد على تأويلهم صفة العلو

- ‌المبحث الثامن عشر: الرد على إيجابهم اتباع أبي حنيفة

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المبحث الأول: تعريف الباطنية

- ‌المبحث الثاني: سبب التسمية

- ‌المبحث الثالث: بداية الحركة الباطنية

- ‌المبحث الرابع: فرق الباطنية

- ‌المبحث الأول: الحركات الباطنية وأثرها في تدمير الأمة

- ‌المبحث الثاني: أثرها في الناحية الفكرية

- ‌المبحث الثالث: أثرها في الناحية الاجتماعية

- ‌المبحث الرابع: أثرها في الناحية السياسية

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: فرق الإسماعيلية

- ‌المبحث الثاني: أئمة الإسماعيلية

- ‌المبحث الثالث: مراتب الأئمة

- ‌المبحث الرابع: درجات دعاتهم ومراتبهم

- ‌المبحث الخامس: أبرز دعاة الإسماعيلية

- ‌المبحث السادس: أصول الإسماعيلية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أهمية التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المطلب الثاني: نماذج من تأويل الإسماعيلية للآيات القرآنية

- ‌المطلب الثالث: تأويل الإسماعيلية للتكاليف الشرعية

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق في التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المطلب الخامس: إبطال أصل التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المبحث الثامن: ضلالات الإسماعيلية

- ‌المبحث التاسع: معتقد الإسماعيلية في الإلهيات

- ‌المطلب الأول: تعريف النبوة عندهم

- ‌المطلب الثاني: المنطلقات الأساسية لمعتقد الإسماعيلية عن النبوة والأنبياء فهم

- ‌المطلب الثالث: استمرار النبوة والرسالة عندهم

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق في معتقد الإسماعيلية عن النبوة والأنبياء

- ‌المطلب الأول: تأويل القيامة وما بعدها

- ‌المطلب الثاني: البعث والمعاد

- ‌المطلب الثالث: معاد أهل دعوتهم

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق عن معتقد الإسماعيلية في الأخرويات

- ‌المطلب الأول: التكاليف الشرعية صورة عملية تطبيقية لعقيدة المسلم

- ‌المطلب الثاني: معتقدهم في التكاليف الشرعية

- ‌المطلب الثالث: أقوال علماء الفرق عن معتقد الإسماعيلية في التكاليف الشرعية

- ‌المطلب الرابع: هدف الإسماعيلية من تأويل التكاليف ونقدهم

- ‌المبحث الثالث عشر: حكم الإسلام في طائفة الإسماعيلية

- ‌الفصل الرابع: الإسماعيلية المعاصرة

- ‌المطلب الأول: تعريف بطائفة البهرة (الإسماعيلية) ونشأتها

- ‌أولا: التعريف

- ‌ثانيا: نشأة البهرة

- ‌المطلب الثاني: عقيدتهم

- ‌المطلب الثالث: كتبهم

- ‌المطلب الرابع: زعماؤهم

- ‌أولا: الدعوة الإسماعيلية في الهند

- ‌ثانيا: انتقال مركز الدعوة من اليمن إلى الهند

- ‌1 - الطائفة الجعفرية

- ‌2 - الفرقة السليمانية

- ‌3 - الفرقة العلوية والفرقة النغوشية

- ‌4 - الفرقة الهجومية

- ‌5 - الفرقة الهبتية

- ‌6 - طائفة أصحاب البستان المهدي

- ‌أولا: أحوالهم الاقتصادية والتعليمية

- ‌ثانيا: لغتهم وطقوسهم

- ‌ثالثا: مصادر دخل داعي البهرة

- ‌المطلب السابع: في أحوالهم الاجتماعية

- ‌المطلب الثامن: النظام الحالي للدعوة الطيبية

- ‌المطلب التاسع: البهرة وتعاونهم مع الاستعمار

- ‌المطلب العاشر: فتاوى العلماء عن فرقة البهرة

- ‌فتوى اللجنة الدائمة

- ‌المبحث الثاني: طائفة الأغاخانية (الإسماعيلية)

- ‌المطلب الأول: تعريف بالأغاخانية (الإسماعيلية) ونشأتها

- ‌أولا: التعريف

- ‌ثانيا: نشأة الأغاخانية الإسماعيلية

- ‌المطلب الثاني: من أبرز شخصياتهم

- ‌المطلب الثالث: عقيدتهم

- ‌أولا: من أهم عقائدهم

- ‌ثانيا: من أقوال الأب الروحي للإسماعيلية

- ‌المطلب الرابع: أعيادهم واحتفالاتهم الدينية

- ‌أولا: مزاراتهم

- ‌ثانيا: أعيادهم

- ‌المطلب الخامس: أحوالهم المادية

- ‌المطلب السادس: الضرائب عند الأغاخانية

- ‌أولا: عاداتهم

- ‌ثانيا: مطالبتهم بما يسمى تحرير المرأة

- ‌أولا: تنظيماتهم الدعوية

- ‌ثانيا: نشاطهم الدعوي

- ‌المطلب التاسع: أماكن انتشارهم

- ‌المطلب العاشر: الأغاخانية وتعاونهم مع الاستعمار

- ‌المطلب الحادي عشر: فتاوى العلماء في الأغاخانية (الإسماعيلية)

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: نشأتهم

- ‌المطلب الثالث: عقائدهم

- ‌المطلب الرابع: السليمانية في منطقة المزاحن

- ‌ثالثا: الجانب التعليمي

- ‌رابعا: الجانب السياسي والاجتماعي

- ‌المطلب الخامس: واقعها المعاصر

- ‌المطلب السابع: أبرز شخصياتهم

- ‌المطلب الثامن: أماكن انتشارهم

- ‌المبحث الأول: التعريف بهم

- ‌المبحث الثاني: التأسيس وأبرز الشخصيات

- ‌المبحث الثالث: نشأة الطائفة الإسماعيلية النزارية (الحشاشون)

- ‌المبحث الرابع: الأحداث التاريخية والسياسية التي واكبت ظهور الحشاشين

- ‌المبحث الخامس: حركة الحشاشين أو الدعوة الجديدة

- ‌المبحث السادس: الأفكار والمعتقدات والجذور الفكرية

- ‌المبحث السابع: المبادئ العامة لحركة الحشاشين وأساليبها في الدعوة

- ‌المطلب الأول: مراتب الدعاةّ

- ‌المطلب الثاني: المرحلية في الدعوة

- ‌المبحث الثامن: النشاط العسكري لحركة الحشاشين

- ‌المطلب الأول: القلاع والحصون

- ‌المطلب الثاني: الفدائيون

- ‌المطلب الثالث: الاغتيال السياسي

- ‌المبحث التاسع: الرموز السرية

- ‌المبحث العاشر: الإستراتيجية السياسية والعسكرية لحركة الحشاشين في سوريا

- ‌المبحث الحادي عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث الثاني عشر: تعامل الباطنية النزارية (الحشاشين) مع الصليبيين

- ‌جدول بأسماء القادة والعلماء الذين اغتالهم الباطنيون

- ‌المطلب الأول: التعريف بهم

- ‌المطلب الثاني: ألقابهم

- ‌المطلب الثالث: بدايات دعوتهم

- ‌المطلب الرابع: أهدافهم

- ‌المطلب الأول: الحالة السياسية

- ‌المطلب الثاني: الحالة الاجتماعية والاقتصادية

- ‌المطلب الأول: معتقدهم في الإلهيات

- ‌المطلب الثاني: معتقدهم في النبوات

- ‌المطلب الثالث: معتقدهم في الإمامة

- ‌المطلب الرابع: معتقدهم في القيامة والمعاد

- ‌المطلب الخامس: اعتقادهم في التكاليف الشرعية

- ‌المبحث الرابع: خيانات القرامطة

- ‌المبحث الخامس: أساليب القرامطة في الدعوة

- ‌المبحث السادس: العوامل التي ساعدت على نجاح القرامطة

- ‌المبحث السابع: المظهر السياسي للقرامطة

- ‌المبحث الثامن: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المطلب الأول: على الصعيد السياسي

- ‌المطلب الثاني: على الصعيد الاجتماعي

- ‌المطلب الثالث: على الصعيد الديني

- ‌المبحث العاشر: أتباعهم

- ‌المبحث الحادي عشر: أقوال العلماء في كفر القرامطة

- ‌المبحث الأول: التعريف بطائفة النصيرية

- ‌المبحث الثاني: زعيمهم وسبب انفصاله عن الشيعة وموقفهم منه

- ‌المبحث الثالث: أبرز الشخصيات بعد مؤسس النصيرية

- ‌المطلب الأول: نشأة النصيرية

- ‌المطلب الثاني: أسماء هذه الطائفة والسبب في إطلاقها عليهم

- ‌المطلب الثالث: فرق النصيرية

- ‌المبحث الخامس: مراسيم وطقوس الدخول في عقيدة النصيرية

- ‌المبحث السادس: أهم عقائد النصيرية

- ‌المبحث السابع: عبادات النصيرية

- ‌المبحث الثامن: موقف النصيرية من الصحابة

- ‌المبحث التاسع: تعظيمهم لسلمان الفارسي والأيتام الخمسة

- ‌المبحث العاشر: أعياد النصيرية

- ‌المبحث الحادي عشر: تكتم النصيرية على عقائدهم

- ‌المبحث الثاني عشر: نظرتهم تجاه المرأة

- ‌المبحث الثالث عشر: تعظيمهم للخمر

- ‌المبحث الرابع عشر: المراتب والدرجات عند النصيرية

- ‌المبحث الخامس عشر: أماكن انتشار النصيرية

- ‌المبحث السادس عشر: بيان خطر النصيرية

- ‌المبحث السابع عشر: من خيانات النصيريين

- ‌المبحث الثامن عشر: مقارنة بين عقائد الإسماعيليين والدروز والنصيرية

- ‌المبحث التاسع عشر: حكم الإسلام في النصيرية

- ‌مراجع للتوسع

- ‌المبحث الأول: التعريف بهم

- ‌المبحث الثاني: الحاكم بأمر الله وعلاقته بعقيدة الدروز

- ‌المبحث الثالث: تطور المذهب الدرزي بعد الحاكم

- ‌المبحث الرابع: أشهر دعاة الدروز وآراؤهم

- ‌المبحث الخامس: أسماء الدروز

- ‌المبحث السادس: كيف انتشرت العقيدة الدرزية

- ‌المبحث السابع: معاملة الدروز لمن يكشف شيئاً من عقائدهم

- ‌المبحث الثامن: طريقة الدروز في تعليم ديانتهم

- ‌المطلب الأول: ألوهية الحاكم عند الدروز

- ‌المطلب الثاني: التناسخ والتقمص والحلول

- ‌المطلب الثالث: الحدود الخمسة

- ‌المطلب الرابع: عقيدتهم في اليوم الآخر والثواب والعقاب

- ‌المطلب الخامس: عقيدتهم في الأنبياء

- ‌المطلب السادس: عقيدتهم في التستر والكتمان

- ‌المطلب السابع: رسائل الدروز وكتبهم المقدسة

- ‌المطلب الأول: إبطال مفهومهم للألوهية، وحلول اللاهوت في الناسوت

- ‌المطلب الثاني: إبطال قولهم بالتناسخ والرجعة

- ‌المطلب الأول: نقضهم أركان الإِسلام، وفرضهم بدلها سبع دعائم تكليفية

- ‌المطلب الثاني: الزواج والطلاق والوصية عندهم

- ‌المطلب الثالث: تقسيم المجتمع الدرزي إلى عقال وجهال ونظام الخلوات عندهم

- ‌المطلب الأول: موقفهم من اليهود

- ‌المطلب الثاني: موقفهم من النصارى

- ‌المطلب الثالث: موقفهم من النصيرية

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين النصيرية والدروز

- ‌المبحث الثالث عشر: الدروز في العصر الحاضر

- ‌المبحث الرابع عشر: خيانات الدروز

- ‌المبحث الخامس عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث السادس عشر: حكم الإسلام فيهم وفي معاملاتهم

- ‌مراجع للتوسع

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الشيخية أو الرشتية

- ‌ثانيا: البابية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: نشأته

- ‌المطلب الثاني: ثقافته

- ‌المطلب الثالث: عمالته هو وأسرته لأعداء الإسلام والمسلمين

- ‌المطلب الرابع: نبوءات البهاء

- ‌المطلب الخامس: وفاته

- ‌المطلب الأول: انقسام البهائية وأهم زعمائها

- ‌المطلب الثاني: أسباب انتشار البهائية

- ‌المطلب الثالث: مواطن انتشار البهائية

- ‌أولا: عقيدة البابية:

- ‌ثانيا: شريعة البابية

- ‌ثالثا: الكتاب المقدس للبابية

- ‌أولا: عقيدتهم في الله

- ‌ثانيا: عقيدتهم في الأنبياء

- ‌ثالثا: عقيدتهم في اليوم الآخر

- ‌رابعا: موقفهم من القرآن والسنة وكتابهم المقدس عندهم

- ‌خامسا: البهائية والإباحية

- ‌سادسا: موقفهم من المسلمين وغير المسلمين

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: وحدة الأديان

- ‌المطلب الثاني: وحدة الأوطان

- ‌المطلب الثالث: وحدة اللغة

- ‌المطلب الرابع: السلام العالمي

- ‌المطلب الخامس: المساواة بين الرجال والنساء

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أركان الإسلام

الفصل: ‌المبحث العاشر: الإستراتيجية السياسية والعسكرية لحركة الحشاشين في سوريا

‌المبحث العاشر: الإستراتيجية السياسية والعسكرية لحركة الحشاشين في سوريا

إستراتيجية الحشاشين في سوريا لا تختلف عن إستراتيجيتهم في فارس، حيث تعتمد على نفس الوسائل من أجل تحقيق نفس النتائج.

واستغلالاً للوضع القائم الذي كان يتسم بالفوضى الاجتماعية التي أدى إليها دخول السلاجقة، ثم الصراع الذي كان قائماً بين حكام المناطق، حاول الحشاشون في خضم ذلك أن يستولوا على قلاع وحصون أو الحصول عليها لاستخدامها كقواعد خلفية لحملاتهم الإرهابية في مواجهة الخصوم.

وفي هذا الصدد قام الحشاشون بتجميع الناس الذي يقطنون المناطق الجبلية وإثارة الحمية والعاطفة الشيعية فيهم من أجل تجنيدهم في صفوف الحركة، كما عقدوا بعض التحالفات المحدودة، والمؤقتة التي كانت تبدو في صالحهم مع بعض الحكام المحليين.

لقد كانت مهمة الحشاشين صعبة للغاية على الأقل في بداية نشاطهم بسوريا، وربما كان بعض السبب في ذلك أن الدعوة إلى العقيدة الإسماعيلية في هذا البلد بدأت بدعاة غريبين عن الوسط الذي ينشطون فيه، فقد كان معظمهم من الفرس، لذلك كان تجاوب الجماهير مع الحركة سلبياً بالمقارنة إلى بلاد فارس لولا الظروف التي سهّلت المهمة حين حقق الحشاشون أول انتصار لهم بعد نصف قرن تقريباً من الجهد والعمل المتواصلين ومن ثمَّ حصلوا على مجموعة من المراكز القوية بوسط سوريا. كان الحكيم المنجم هو الداعي الكبير الذي يقود الحركة في سوريا ويوجه تحركات عناصرها وقد تمكن من التحالف مع حاكم حلب، كما استغل هذا الداعي توتر العلاقات بين حاكم حلب وبقية حكام سوريا وخاصة حاكمي دمشق وحمص، وقام بمناورة ذكية حيث أقنع حاكم حلب أن حاكمي دمشق وحمص يحشدان الجيوش استعداداً لغزو إمارته، فأظهر الحاكم العداء ضدهما وأبدى رغبته في التعاون مع الحشاشين، وكانت أول بادرة لذلك أن جعل جميع حاشيته منهم، وتمكّن الحشاشون على إثر ذلك من الخروج إلى النور، والنشاط علناً، فقد وجدوا تربة خصبة للعمل السياسي والدعوي معاً، خاصة وأن المدينة غالبية سكانها من الشيعة الإثني عشرية (1)، ولا شك أنهم أقرب إلى إسماعيلية ألموت من أية فرقة أخرى.

وأمام هذه العزلة السياسة التي فرضها حاكم حلب على إمارته، تعرض لانتقاد لاذع من صهره حاكم حمص، ودارت من جراء ذلك رحى الحرب بين الأميرين، انتهت بهزيمة حاكم حلب، الذي فر خارج حدود إمارته ودبر مؤامرة مع الداعية الحكيم المنجم لاغتيال حاكم حمص والانتقام منه، وتمكن بعض الفدائيين الذين كانوا يلبسون زي الصوفية من الهجوم عليه واغتياله وهو يؤدي صلاة الجمعة في المسجد.

وتكاد جميع المصادر تقتصر على هذه الأحداث دون غيرها التي دارت بين الحشاشين وخصومهم.

ولم يبق زعيم الحركة الحكيم المنجم على قيد الحياة طويلاً إذ توفي بعد فترة قصيرة من اغتيال حاكم حمص، وانتقلت زعامة الحركة إلى أحد الدعاة يدعى أبو طاهر الصايغ.

عهد أبي طاهر الصايغ:

كان فارسياً هو الآخر، عمل في بداية الأمر على توطيد علاقته بحاكم حلب أكثر فأكثر، والحفاظ على تحالف الحركة معه أطول مدة، وحصل من خلال ذلك على حرية الحركة في النشاط داخل حلب، ثم سعى للحصول على نقاط إستراتيجية في جبال المدينة وهضابها الواقعة إلى الجنوب.

عهد سنان

شيخ الجبل:

يمثل هذا العهد العصر الذهبي لحركة الحشاشين في سوريا، كما أن سنان كان أعظم زعيم تشهده الحركة، يشبه في إدارته للحركة وقدراته في مواجهة الخصوم زعيم الحركة الأول الحسن الصباح.

(1) هذا قديماً أما الآن فإن الحال تغير، فالغالبية من أهل السنة متمسكون بعقيدتهم.

ص: 198

كان مولد سنان بالبصرة سنة 528هـ، وقد درس مختلف العلوم الفلسفية والعقدية المنتشرة في عصره، حتى صار أحد دعاة الإسماعيلية النزارية، التابعة لدولة ألموت الجديدة.

وبعد ثلاثين سنة قضاها سنان شيخ الجبل في قيادة حركة الحشاشين بالشام وافته المنية سنة 588هـ، بعد أن أعاد بناء الحركة بمهارة عالية تذكرنا بالحسن بن الصباح المؤسس الأول للحركة.

وبموت سنان شيخ الجبل دخلت الحركة مرحلة الضعف، وهذا بالرغم من أن خلفاءه ظلوا أوفياء لخطه، يمارسون نفس السياسة، ويجعلون من الاغتيال الوسيلة الوحيدة لإثبات الوجود ومقاومة الخصوم، وتمكنوا تحت التهديد والوعيد من الحصول على الجزية خاصة من الأمراء الصليبيين.

وعندما دخل التتار الشام عملوا على القضاء على الحشاشين، إذ شنوا هجوماً واسع النطاق على مختلف قلاعهم، وتمكنوا على إثر ذلك من السيطرة على بعض القلاع الهامة في المنطقة، ولكن سرعان ما ردّت الحركة بقوة واسترجعت بعض ما ضاع منها من قلاع.

وفي هذه الفترة كان السلطان المملوكي الظاهر بيبرس يقود حرباً ضد الصليبيين والمغول الوثنيين، وكان هدفه تحرير الشرق الإسلامي من هذا التهديد المزدوج، كما أنه لا يمكن أن يُتوقع منه التسامح إزاء استمراء وجود جيب مستقل خطر من الملحدين والقتلة في قلب سوريا، وشدد قبضته على الحشاشين فأقروا له بالخضوع والطاعة وأمر بيبرس بجمع الضرائب والرسوم التي تُدفع إلى الحشاشين، ولم يكن باستطاعة الحشاشين الذين أضعفوا في سوريا وأثبطت همتهم نتيجة مصير إخوانهم الفارسيين أن يبدوا مقاومة، فقبلوا جميع إجراءات بيبرس، حتى أصبح –أي بيبرس-، بدلاً من سيد ألموت هو الذي يعين رؤساء الحشاشين ويخلعهم كما يريد، كما أصبح رجال الحركة وأتباعها تحت تصرفه المباشر.

ومنذ ذلك الوقت صار الحشاشون مجرد مجموعات صغيرة تمركزت في مناطق معينة، ولم يعد لها أية أهمية سياسية أو تأثيراً على مجرى الحوادث، ولم يعودوا يظهرون في صفحات التاريخ حتى أوائل القرن التاسع عشر عندما عُرف أنهم في نزاع دائم بينهم، ويبلغ عددهم في الوقت الحاضر بضعة آلاف شخص، يدين البعض منهم بالولاء لآغاخان كإمام لهم.

وهكذا توقفت الإسماعيلية مرة أخرى إلى الأبد عن أن تكون بديلاً جاداً للفكر السني الذي يسيطر على الحياة الفكرية في مختلف البلاد الإسلامية، وإنها لصفحة من أغرب صفحات الثورة على الإسلام، بل وعلى العقل والمنطق، وأشدها غلواً وإغراقاً.

‌المصدر:

أسرار فرقة الحشاشين لمحمد هادي نزار- ص 160

ص: 199