الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فتوى اللجنة الدائمة
س1: كبيرُ علماءِ بوهرة يصرُ على أنهُ يَجبُ على أتباعهِ أن يقدموا له سجدةً كلما يزورونهُ. فهل وجد هذا العملُ في زمنِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أو الخلفاء الراشدين، وحديثاً نُشرت صورةٌ لرجلٍ بوهري يسجد لكبيرِ علماء بوهرة في جريدة - من - الباكستانية المعروفة الصادرة في 6/ 10/1977م ولإطلاعكم عليها نرفقُ لكم تلك الصورة؟
جـ1: السجودُ نوعٌ من أنواعِ العبادةِ التي أمر الله بها لنفسهِ خاصةً، وقربة من القربِ التي يجب أن يتوجه العبدُ بها إلى الله وحده، لعموم قولهِ تعالى: ولقدْ بَعَثْنا في كلِّ أُمّةٍ رسولاً أنِ اعبدوا الله واجتنبوا الطّاغوتَ [النحل: 36]، وقولهُ: وما أرْسلْنا من قبلِكَ مِنْ رسولٍ إلاّ نوحي إليهِ أنّهُ لا إله إلاّ أنا فاعبدون [الأنبياء: 25]، ولقوله تعالى: ومِنْ آياتِهِ اللّيلُ والنّهارُ والشمسُ والقمرُ لا تسجُدوا للشمسِ ولا للقَمَرِ واسجُدوا لله الذي خَلَقَهُنَّ إنْ كُنتمْ إيّاهُ تَعبدون [فصلت: 37]، فنهى سبحانهُ عباده عن السجودِ للشمسِ والقمر، لكونهما آيتين مخلوقتين لله فلا يستحقان السجود ولا غيره من أنواعِ العبادات.
وأمر تعالى بإفراده بالسجود لكونهِ خالقاً لهما ولغيرهما من سائرِ الموجودات، فلا يصحُ أن يُسجدَ لغيرهِ تعالى من المخلوقات عامة، ولقوله تعالى: أفَمِنْ هذا الحديثِ تَعجبون، وتضحكونَ ولا تبْكون، وأنتمْ سامدون، فاسجدوا لله واعبدوا [النجم: 59 - 62] فأمر بالسجود له تعالى وحدهُ، ثم عم فأمر عباده أن يتوجهوا إليه وحدهُ بسائرِ أنواعِ العبادةِ دون سواه من المخلوقات، فإذا كان حالُ البوهرةِ كما ذُكر في السؤالِ فسجودهم لكبيرهم عبادةٌ وتأليهٌ له، واتخاذ له شريكاً مع الله أو إلهاً من دون الله. وأمره إياهم بذلك أو رضاه به يجعلهُ طاغوتاً يدعو إلى عبادةِ نفسه فكلا الفريقين التابع والمتبوع كافرٌ باللهِ خارجٌ بذلك عن ملةِ الإسلامِ والعياذُ بالله.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبدالله بن قعود
عبدالله بن غديان
عبد الرزاق عفيفي
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
س2: كبير علماء بوهرة يدعي أنه الروح الكلي للروح والإيمان - العقائد الدينية - نيابة عن أتباعه؟ ج: إذا كان كبير علماء بوهرة يدعي ما ذكر فدعواه باطلة سواء أراد بما يدعيه من مِلْك الروح والإيمان أن الأرواح والقلوب بيده يصرفها كيف يشاء يهديها إلى الإيمان أو يضلها عن سواء السبيل فإن ذلك ليس إلى أحد سوى الله تعالى، لقوله سبحانه: فَمَن يُرِدِ اللهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ [الأنعام: 125] وقوله: مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا [الكهف: 17] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن تصريف القلوب بهدايتها وإضلالها إلى الله دون سواه، ولما ثبت من قوله صلى الله عليه وسلم:((قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يصرفها كيف يشاء)) (1). ومن دعائه صلى الله عليه وسلم عند فزعه إلى ربه بقوله: ((يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)) (2) أو أراد بملكه الأرواح والإيمان نيابة عن جماعته أن إيمانه يكفي أتباعه أن يؤمنوا وأنهم يثابون بذلك يؤجرون وينجون من العذاب، وإن أساءوا العمل وارتكبوا الجرائم والمنكرات فإن ذلك مناقض لما جاء في القرآن من قوله تعالى: لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ [البقرة: 286] وقوله: كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ [الطور: 21] وقوله: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ [المدثر: 38 - 42] الآيات وقوله: مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا [النساء: 123 - 124]، وقوله: وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [النجم: 39]، وقوله: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى [فاطر: 18]، إلى غير ذلك من الآيات التي تدل على أن كل إنسان يجزى بعمله خيراً كان أم شراً، ولما ثبت في الحديث من أن النبي صلى الله عليه وسلم قام حين أنزل عليه وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [الشعراء: 214] فقال: ((يا معشر قريش - أو كلمة نحوها - اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئا، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئاً، يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا)) (3).
س4: ويدعي أنه المالك الكلي لجميع أملاك الوقف، وأنه غير محاسب على جميع الصدقات، وهو الله على الأرض، كما ادعى ذلك كبير العلماء المتوفى سيدنا طاهر سيف الدين في قضية بالمحكمة العليا في مدينة بومباي، وله القدرة الكاملة على جميع أتباعه.
(1) رواه مسلم (6921).
(2)
رواه الترمذي (2140) والحاكم (1927) وقال: "إسناده صحيح"، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (7987).
(3)
رواه البخاري (4771) ومسلم (525).
ج: ما ذكر في السؤال عن دعوى البوهرة ملكه الكلي لجميع أملاك الوقف وأنه غير محاسب على جميع الصدقات وأنه هو الله على الأرض كلها دعاوى باطلة، سواء صدرت منه أم من غيره، أما الأولى فلأن أعيان الأوقاف لا تملك وإنما يملك الانتفاع بغلتها وذلك بصرفها إلى الجهات التي جعلت وقفاً عليها لا إلى غيرها، فلا يملك كبير البوهرة أعيان - أي أوقاف - ولا يملك شيئاً من غلتها إلا غلة ما جعل وقفاً عليه إن كان أهلاً لذلك.
وأما الثانية: وهي دعوى أنه غير محاسب فلأن كل امرئ محاسب على جميع أعماله من التصرف في الصدقات وغيرها بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
وأما الثالثة: وهي دعوى أنه الله في الأرض - فكفر صريح ومن ادعى ذلك فهو طاغوت يدعو إلى تأليه نفسه وعبادتها، وبطلان ذلك معلوم من دين الإسلام بالضرورة.
س5: ويدعي أنه يحق له أن يعلن البراءة والمقاطعة الاجتماعية ضد الذين يعترضون على مثل هذه الأعمال.
ج: إن كانت صفة كبير علماء بوهرة على ما تقدم في الأسئلة فلا يجوز له أن يتبرأ ممن يعترضون عليه فيما ارتكبه من أنواع الشرك، بل يجب عليه قبول نصحهم والإقلاع عن تأليه نفسه وعن دعوى اتصافه بما هو من اختصاص الله تعالى من الألوهية وملك الأرواح والقلوب ودعوة من حوله إلى عبادته إلى غلوهم في الضراعة والخضوع له ولأفراد أسرته، بل يجب على من اعترضوا على ما يرتكبه من ألوان الكفر أن يتبرءوا منه ومن ضلاله وإضلاله إذا لم يقبل نصحهم، ولم يعتصم بكتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يتبرءوا من أتباعه وكل من كان على شاكلتهم من الطواغيت وعبدة الطواغيت قال الله تعالى: وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا [آل عمران: 103] وقال: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب: 21] وقال: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [النحل: 36] وقال: وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ [الزمر: 17 - 18] وقال: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [الممتحنة: 4] إلى أن قال سبحانه وتعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [الممتحنة: 6].
س6: هل الإسلام يسمح بالاضطهاد الديني - البوهرة مسلمون يؤمنون بجميع تعاليم الإسلام والقرآن المجيد وكلام الله، ويجب على جميع المسلمين أن يؤمنوا بالقرآن.
ج: الإسلام لا يسمح باضطهاد المسلمين الصادقين في إيمانهم وأتباعهم لكتاب الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم بل يحرم ذلك وقد يعتبره كفراً، إذا كان واقع كبير علماء بوهرة وأتباعه وما وصفت في أسئلتك فهم كفرة لا يؤمنون بأصول الإسلام ولا يهتدون بهدي كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يستبعد منهم أن يضطهدوا الصادقين في إيمانهم بالله وكتابه وبرسوله صلى الله عليه وسلم وسنته، كما اضطهد الكفار في كل أمة رسل الله الذين أرسلهم سبحانه إليهم لهدايتهم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبد الرزاق عفيفي
عضو: عبد الله بن قعود
عضو: عبد الله بن غديان
المصدر:
سلسلة ماذا تعرف عن
…
لأحمد بن عبد العزيز الحصين - 1/ 387