المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب السادس: عقيدتهم في التستر والكتمان - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٩

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الأول: الرد على عقيدة وحدة الوجود

- ‌المبحث الثاني: الرد على عقيدة تصور المشايخ:

- ‌المبحث الثالث: الرد على ما ابتدعوه من أوراد وأشغال صوفية

- ‌المبحث الرابع: الرد على ما جاء في دلائل الخيرات والبردة والهمزية

- ‌المبحث الخامس: الرد على اعتقادهم جواز الاستغاثة بغير الله

- ‌المبحث السادس: الرد على تبركاتهم البدعية والشركية

- ‌المبحث السابع: الرد على اعتقادهم تمثل أرواح أئمتهم والصالحين بالأجساد

- ‌المبحث الثامن: الرد على اعتقاد تصرف أئمتهم في الكون

- ‌المبحث التاسع: الرد على التزامهم المراقبة عند القبور

- ‌المبحث العاشر: الرد على اعتقاد علم أئمتهم بما في الأرحام

- ‌المبحث الحادي عشر: الرد على اعتقاد علم النبي والأولياء للغيب

- ‌المبحث الثاني عشر: الرد على اعتقاد أن النبي مخلوق من نور وأنه أول خلق الله

- ‌المبحث الثالث عشر: الرد على اعتقادهم حياة النبي في قبره حياة دنيوية

- ‌المبحث الرابع عشر: الرد على اعتقاد جواز شد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من أعظم القربات

- ‌المبحث الخامس عشر: الرد على اعتقاد جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السادس عشر: الرد على قولهم بجواز رؤية النبي يقظة

- ‌المبحث السابع عشر: الرد على تأويلهم صفة العلو

- ‌المبحث الثامن عشر: الرد على إيجابهم اتباع أبي حنيفة

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المبحث الأول: تعريف الباطنية

- ‌المبحث الثاني: سبب التسمية

- ‌المبحث الثالث: بداية الحركة الباطنية

- ‌المبحث الرابع: فرق الباطنية

- ‌المبحث الأول: الحركات الباطنية وأثرها في تدمير الأمة

- ‌المبحث الثاني: أثرها في الناحية الفكرية

- ‌المبحث الثالث: أثرها في الناحية الاجتماعية

- ‌المبحث الرابع: أثرها في الناحية السياسية

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: فرق الإسماعيلية

- ‌المبحث الثاني: أئمة الإسماعيلية

- ‌المبحث الثالث: مراتب الأئمة

- ‌المبحث الرابع: درجات دعاتهم ومراتبهم

- ‌المبحث الخامس: أبرز دعاة الإسماعيلية

- ‌المبحث السادس: أصول الإسماعيلية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أهمية التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المطلب الثاني: نماذج من تأويل الإسماعيلية للآيات القرآنية

- ‌المطلب الثالث: تأويل الإسماعيلية للتكاليف الشرعية

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق في التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المطلب الخامس: إبطال أصل التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المبحث الثامن: ضلالات الإسماعيلية

- ‌المبحث التاسع: معتقد الإسماعيلية في الإلهيات

- ‌المطلب الأول: تعريف النبوة عندهم

- ‌المطلب الثاني: المنطلقات الأساسية لمعتقد الإسماعيلية عن النبوة والأنبياء فهم

- ‌المطلب الثالث: استمرار النبوة والرسالة عندهم

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق في معتقد الإسماعيلية عن النبوة والأنبياء

- ‌المطلب الأول: تأويل القيامة وما بعدها

- ‌المطلب الثاني: البعث والمعاد

- ‌المطلب الثالث: معاد أهل دعوتهم

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق عن معتقد الإسماعيلية في الأخرويات

- ‌المطلب الأول: التكاليف الشرعية صورة عملية تطبيقية لعقيدة المسلم

- ‌المطلب الثاني: معتقدهم في التكاليف الشرعية

- ‌المطلب الثالث: أقوال علماء الفرق عن معتقد الإسماعيلية في التكاليف الشرعية

- ‌المطلب الرابع: هدف الإسماعيلية من تأويل التكاليف ونقدهم

- ‌المبحث الثالث عشر: حكم الإسلام في طائفة الإسماعيلية

- ‌الفصل الرابع: الإسماعيلية المعاصرة

- ‌المطلب الأول: تعريف بطائفة البهرة (الإسماعيلية) ونشأتها

- ‌أولا: التعريف

- ‌ثانيا: نشأة البهرة

- ‌المطلب الثاني: عقيدتهم

- ‌المطلب الثالث: كتبهم

- ‌المطلب الرابع: زعماؤهم

- ‌أولا: الدعوة الإسماعيلية في الهند

- ‌ثانيا: انتقال مركز الدعوة من اليمن إلى الهند

- ‌1 - الطائفة الجعفرية

- ‌2 - الفرقة السليمانية

- ‌3 - الفرقة العلوية والفرقة النغوشية

- ‌4 - الفرقة الهجومية

- ‌5 - الفرقة الهبتية

- ‌6 - طائفة أصحاب البستان المهدي

- ‌أولا: أحوالهم الاقتصادية والتعليمية

- ‌ثانيا: لغتهم وطقوسهم

- ‌ثالثا: مصادر دخل داعي البهرة

- ‌المطلب السابع: في أحوالهم الاجتماعية

- ‌المطلب الثامن: النظام الحالي للدعوة الطيبية

- ‌المطلب التاسع: البهرة وتعاونهم مع الاستعمار

- ‌المطلب العاشر: فتاوى العلماء عن فرقة البهرة

- ‌فتوى اللجنة الدائمة

- ‌المبحث الثاني: طائفة الأغاخانية (الإسماعيلية)

- ‌المطلب الأول: تعريف بالأغاخانية (الإسماعيلية) ونشأتها

- ‌أولا: التعريف

- ‌ثانيا: نشأة الأغاخانية الإسماعيلية

- ‌المطلب الثاني: من أبرز شخصياتهم

- ‌المطلب الثالث: عقيدتهم

- ‌أولا: من أهم عقائدهم

- ‌ثانيا: من أقوال الأب الروحي للإسماعيلية

- ‌المطلب الرابع: أعيادهم واحتفالاتهم الدينية

- ‌أولا: مزاراتهم

- ‌ثانيا: أعيادهم

- ‌المطلب الخامس: أحوالهم المادية

- ‌المطلب السادس: الضرائب عند الأغاخانية

- ‌أولا: عاداتهم

- ‌ثانيا: مطالبتهم بما يسمى تحرير المرأة

- ‌أولا: تنظيماتهم الدعوية

- ‌ثانيا: نشاطهم الدعوي

- ‌المطلب التاسع: أماكن انتشارهم

- ‌المطلب العاشر: الأغاخانية وتعاونهم مع الاستعمار

- ‌المطلب الحادي عشر: فتاوى العلماء في الأغاخانية (الإسماعيلية)

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: نشأتهم

- ‌المطلب الثالث: عقائدهم

- ‌المطلب الرابع: السليمانية في منطقة المزاحن

- ‌ثالثا: الجانب التعليمي

- ‌رابعا: الجانب السياسي والاجتماعي

- ‌المطلب الخامس: واقعها المعاصر

- ‌المطلب السابع: أبرز شخصياتهم

- ‌المطلب الثامن: أماكن انتشارهم

- ‌المبحث الأول: التعريف بهم

- ‌المبحث الثاني: التأسيس وأبرز الشخصيات

- ‌المبحث الثالث: نشأة الطائفة الإسماعيلية النزارية (الحشاشون)

- ‌المبحث الرابع: الأحداث التاريخية والسياسية التي واكبت ظهور الحشاشين

- ‌المبحث الخامس: حركة الحشاشين أو الدعوة الجديدة

- ‌المبحث السادس: الأفكار والمعتقدات والجذور الفكرية

- ‌المبحث السابع: المبادئ العامة لحركة الحشاشين وأساليبها في الدعوة

- ‌المطلب الأول: مراتب الدعاةّ

- ‌المطلب الثاني: المرحلية في الدعوة

- ‌المبحث الثامن: النشاط العسكري لحركة الحشاشين

- ‌المطلب الأول: القلاع والحصون

- ‌المطلب الثاني: الفدائيون

- ‌المطلب الثالث: الاغتيال السياسي

- ‌المبحث التاسع: الرموز السرية

- ‌المبحث العاشر: الإستراتيجية السياسية والعسكرية لحركة الحشاشين في سوريا

- ‌المبحث الحادي عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث الثاني عشر: تعامل الباطنية النزارية (الحشاشين) مع الصليبيين

- ‌جدول بأسماء القادة والعلماء الذين اغتالهم الباطنيون

- ‌المطلب الأول: التعريف بهم

- ‌المطلب الثاني: ألقابهم

- ‌المطلب الثالث: بدايات دعوتهم

- ‌المطلب الرابع: أهدافهم

- ‌المطلب الأول: الحالة السياسية

- ‌المطلب الثاني: الحالة الاجتماعية والاقتصادية

- ‌المطلب الأول: معتقدهم في الإلهيات

- ‌المطلب الثاني: معتقدهم في النبوات

- ‌المطلب الثالث: معتقدهم في الإمامة

- ‌المطلب الرابع: معتقدهم في القيامة والمعاد

- ‌المطلب الخامس: اعتقادهم في التكاليف الشرعية

- ‌المبحث الرابع: خيانات القرامطة

- ‌المبحث الخامس: أساليب القرامطة في الدعوة

- ‌المبحث السادس: العوامل التي ساعدت على نجاح القرامطة

- ‌المبحث السابع: المظهر السياسي للقرامطة

- ‌المبحث الثامن: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المطلب الأول: على الصعيد السياسي

- ‌المطلب الثاني: على الصعيد الاجتماعي

- ‌المطلب الثالث: على الصعيد الديني

- ‌المبحث العاشر: أتباعهم

- ‌المبحث الحادي عشر: أقوال العلماء في كفر القرامطة

- ‌المبحث الأول: التعريف بطائفة النصيرية

- ‌المبحث الثاني: زعيمهم وسبب انفصاله عن الشيعة وموقفهم منه

- ‌المبحث الثالث: أبرز الشخصيات بعد مؤسس النصيرية

- ‌المطلب الأول: نشأة النصيرية

- ‌المطلب الثاني: أسماء هذه الطائفة والسبب في إطلاقها عليهم

- ‌المطلب الثالث: فرق النصيرية

- ‌المبحث الخامس: مراسيم وطقوس الدخول في عقيدة النصيرية

- ‌المبحث السادس: أهم عقائد النصيرية

- ‌المبحث السابع: عبادات النصيرية

- ‌المبحث الثامن: موقف النصيرية من الصحابة

- ‌المبحث التاسع: تعظيمهم لسلمان الفارسي والأيتام الخمسة

- ‌المبحث العاشر: أعياد النصيرية

- ‌المبحث الحادي عشر: تكتم النصيرية على عقائدهم

- ‌المبحث الثاني عشر: نظرتهم تجاه المرأة

- ‌المبحث الثالث عشر: تعظيمهم للخمر

- ‌المبحث الرابع عشر: المراتب والدرجات عند النصيرية

- ‌المبحث الخامس عشر: أماكن انتشار النصيرية

- ‌المبحث السادس عشر: بيان خطر النصيرية

- ‌المبحث السابع عشر: من خيانات النصيريين

- ‌المبحث الثامن عشر: مقارنة بين عقائد الإسماعيليين والدروز والنصيرية

- ‌المبحث التاسع عشر: حكم الإسلام في النصيرية

- ‌مراجع للتوسع

- ‌المبحث الأول: التعريف بهم

- ‌المبحث الثاني: الحاكم بأمر الله وعلاقته بعقيدة الدروز

- ‌المبحث الثالث: تطور المذهب الدرزي بعد الحاكم

- ‌المبحث الرابع: أشهر دعاة الدروز وآراؤهم

- ‌المبحث الخامس: أسماء الدروز

- ‌المبحث السادس: كيف انتشرت العقيدة الدرزية

- ‌المبحث السابع: معاملة الدروز لمن يكشف شيئاً من عقائدهم

- ‌المبحث الثامن: طريقة الدروز في تعليم ديانتهم

- ‌المطلب الأول: ألوهية الحاكم عند الدروز

- ‌المطلب الثاني: التناسخ والتقمص والحلول

- ‌المطلب الثالث: الحدود الخمسة

- ‌المطلب الرابع: عقيدتهم في اليوم الآخر والثواب والعقاب

- ‌المطلب الخامس: عقيدتهم في الأنبياء

- ‌المطلب السادس: عقيدتهم في التستر والكتمان

- ‌المطلب السابع: رسائل الدروز وكتبهم المقدسة

- ‌المطلب الأول: إبطال مفهومهم للألوهية، وحلول اللاهوت في الناسوت

- ‌المطلب الثاني: إبطال قولهم بالتناسخ والرجعة

- ‌المطلب الأول: نقضهم أركان الإِسلام، وفرضهم بدلها سبع دعائم تكليفية

- ‌المطلب الثاني: الزواج والطلاق والوصية عندهم

- ‌المطلب الثالث: تقسيم المجتمع الدرزي إلى عقال وجهال ونظام الخلوات عندهم

- ‌المطلب الأول: موقفهم من اليهود

- ‌المطلب الثاني: موقفهم من النصارى

- ‌المطلب الثالث: موقفهم من النصيرية

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين النصيرية والدروز

- ‌المبحث الثالث عشر: الدروز في العصر الحاضر

- ‌المبحث الرابع عشر: خيانات الدروز

- ‌المبحث الخامس عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث السادس عشر: حكم الإسلام فيهم وفي معاملاتهم

- ‌مراجع للتوسع

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الشيخية أو الرشتية

- ‌ثانيا: البابية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: نشأته

- ‌المطلب الثاني: ثقافته

- ‌المطلب الثالث: عمالته هو وأسرته لأعداء الإسلام والمسلمين

- ‌المطلب الرابع: نبوءات البهاء

- ‌المطلب الخامس: وفاته

- ‌المطلب الأول: انقسام البهائية وأهم زعمائها

- ‌المطلب الثاني: أسباب انتشار البهائية

- ‌المطلب الثالث: مواطن انتشار البهائية

- ‌أولا: عقيدة البابية:

- ‌ثانيا: شريعة البابية

- ‌ثالثا: الكتاب المقدس للبابية

- ‌أولا: عقيدتهم في الله

- ‌ثانيا: عقيدتهم في الأنبياء

- ‌ثالثا: عقيدتهم في اليوم الآخر

- ‌رابعا: موقفهم من القرآن والسنة وكتابهم المقدس عندهم

- ‌خامسا: البهائية والإباحية

- ‌سادسا: موقفهم من المسلمين وغير المسلمين

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: وحدة الأديان

- ‌المطلب الثاني: وحدة الأوطان

- ‌المطلب الثالث: وحدة اللغة

- ‌المطلب الرابع: السلام العالمي

- ‌المطلب الخامس: المساواة بين الرجال والنساء

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أركان الإسلام

الفصل: ‌المطلب السادس: عقيدتهم في التستر والكتمان

‌المطلب السادس: عقيدتهم في التستر والكتمان

(السرية والكتمان عند الدروز ليستا من باب التقية، وإنما هي سرية مشروعة في أصول عقيدتهم، وأصول عقيدتهم – كما هو معروف – خليط من نظريات وأفكار الفلاسفة القدامى من يونان وفرس وهنود وفراعنة، ولعل الدروز قد عمدوا إلى السرية التي ضربوها على مذهبهم تمشيًا مع بعض آراء الفلاسفة القدامى الذين كانوا يوصون بحجب آرائهم وسترها عن جمهور الناس)(1).ويقول الدكتور سامي مكارم في معرض رده على الأستاذ عبد الله النجار: (لقد أصاب باعتبار أفلاطون، وأتباع فيثاغورس من مصادر السرية في مسلك التوحيد، ولكن لم يصب في تجاهله مصادر أخرى لهذه السرية كان لها من الأهمية ما لأفلاطون وفيثاغورس وأتباعه، فهناك هرمس، وهو معروف بصيانته الشديدة للأسرار، وهو مكرم عند الدروز، ينظرون إليه بعين التقديس ويجعلونه في مصاف الأنبياء)(2). (ولذلك فالدروز يحرصون أشد الحرص على كتمان عقائدهم السرية، وينكرون ما يؤخذ منها، بل قد يذمونها أمام المعترضين رياء واستتارا، وقد حرص الدروز على هذا الكتمان المطبق لأصول مذهبهم وعقائدهم طيلة القرون، ولم تعرف خفايا مذهبهم إلا منذ قرن حينما غزا إبراهيم باشا مناطقهم الجبلية)(3)، ووقع الغزاة على بعض كتبهم المقدسة، وعرفت محتوياتها) (4)، وهكذا نرى أن الكتمان لا يعني إلا التظاهر بشيء أو تفسير الرموز بشيء والاحتفاظ بشيء آخر، فأصبح عادة مستحكمة تحمل على النفاق، وتفرض على الشخص أن يغاير ما بنفسه، ويتظاهر بما لا يؤمن فهو درس في وجوب الكذب الصريح. يقول حمزة في (رسالة الموسومة بحفظ الأسرار): (أن أكثر الآثام وأعظمها إظهار سر الديانة وإظهار كتب الحكمة، والذي يظهر شيئًا من ذلك يقتل حالاً اتجاه الموحدين ولا أحد يرحمه

ويقول: عليكم أيها الإِخوان الموحدون في دفن هذه الأسرار ولا يقرأها إلا الإِمام على الموحدين في مكان خفي، ولا يجوز أن تظهر كتب الحكمة الذي كلها رسم ناسوت مولانا سبحانه، وإن وجد شيء من هذه الأسرار في يد كافر فيقطع إربًا إربا، فأوصيكم أيها الموحدون بكتم الأسرار) (5).ويقول أيضًا في (رسالة التحذير والتنبيه):(وصونوا الحكمة عن غير أهلها، ولا تمنعوها لمستحقها، فإن من منع الحكمة عن أهلها فقد دنس أمانته ودينه، ومن سلمها إلى غير أهلها فقد تغير في اتباع الحق بيقينه، فعليكم بحفظها وصيانتها عن غير أهلها والاستتار بالمألوف عند أهله، ولا تنكشفوا عند من غلبت عليه شقوته وجهله، فأنتم ترونهم من حيث لا يرونكم، وأنتم بما في أيديهم عارفون، وعلى ما ألقوه من زخرف قولهم مطلعون، وهم عما في أيديكم غافلون، وعما اقتبستموه من نور الحكمة محجوبون، ولقد أخرسوا ونطقتم، وأبكموا وسمعتم، وعموا وأبصرتم، وجهلوا وعرفتم)(6).

(1) د. مصطفى الشكعة: ((إسلام بلا مذاهب)(ص 276).

(2)

د. سامي مكارم: ((أضواء على مسلك التوحيد)(ص 145).

(3)

مع أن الكتب التي كتبت عنهم، قبل حملة إبراهيم باشا، ذكرت شيئا من عقائدهم.

(4)

محمد عبد الله عنان: ((الحاكم بأمر الله وأسرار الدعوة الفاطمية)(ص 203).

(5)

مخطوط (لبعضهم قول وجيز) مكتبة القديس بولس في الجامعة الأمريكية ببيروت رقم 206 – ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية رقم 715.

(6)

رسالة ((التحذير والتنبيه)).

ص: 380

وفي شرح الميثاق، يعتبر – كاتبه – التستر والكتمان من صحة العقيدة، ويقول:(حتى ولو أخر الإِنسان بعض رسائل الحكمة بلا حفظ، ويحفظ عوض ما يقيم المساترة، كان ذلك واجب، لأن الإِنسان إذا غرس بستان ولم يصنه بشيء لم يسلم أبدًا، وإذا غرسه ونقص بعض غراسه، وجعل عوض ذلك النقص حاجزًا يصونه كان ذلك أرب لسلامته وأنتج فيه. وكذلك مذهب التوحيد ما يصح لأحد كاملة إلا بالاستتار، والاستتار بالمألوف هو: إن كان المحق ساكنًا بين أهل الظاهر التنزيلية (1) فليتساتر بمذهبهم من صلاة وصيام وحج وتقديم أبي بكر وعمر وعثمان على علي بن أبي طالب وغيره.

وإن كان ساكنًا بين التأويلية في بلاد غالب عليه الشيعة، فليتساتر في مذهب التأويل، ويتزايا بزيهم ويقدم علي بن أبي طالب على الصحابة كلهم، ويسب أبا بكر وعمر وعثمان وعائشة، ويكون موافقهم في دينهم في ظاهر الأمر. وإن كان بين النصارى فيتزايا بزيهم وهذا الحال رحمة من الله على أهل التوحيد، أن يكون توحيده في قلوبهم، ويتزايوا بزي كل طائفة (2) في ظاهرهم (3).ويورد الدكتور عبد الرحمن بدوي شرحا آخر للميثاق (4)، ومما جاء فيه عن هذا الموضوع ما يلي: لا يحل لأحد يتمسك بدين التوحيد أن يهمل المساترة، بل يجب عليه أن يعرف موجبات الصلاة والوضوء ونواقضه، ويقرأ ما تيسر من القرآن قراءة صحيحة على شيخ، وإن كان ذا يسر فيزكي من ماله، ويعرف أمر الصيام ومفطراته، بحيث لا ينكشف عند الشرائع أمر دين التوحيد) (5).

وإنكار ألوهية الحاكم – في ظاهر الأمر – يعتبر أيضًا من المساترة، وهذا ما تضمنه شرح الميثاق كذلك حيث يقول:(إن أنكر ألوهية الحاكم سبحانه بحضرة الضد فيجوز له ذلك، وليس يقع في ذلك ارتداد في الحقيقة، لأن المقر بألوهية الحاكم تعالى، الكاتب على نفسه الميثاق أمر بالمساترة عند الشرائع، وإنكار ألوهية الحاكم سبحانه باللسان، وهذا مشروع في الدين من غيبة الحاكم سبحانه إلى يوم القيامة. ولا جناح على الموحدين في إنكار الحاكم بحضرة الشرائع، إذ سئل وطلب منه مثل ذلك، وأما من تلقاء نفسه، أعني نفوس الموحدين بلا طلب ولا سبب فلا يجوز اللفظ بالإنكار ألبتة، كما لا يجوز اعتقاد بشريته)(6).وكذلك سب ولعن (حمزة) ظاهرًا لا بأس به، يقول بهاء الدين في منشور الغيبة:(فمن وقعت به منكم محنة، وطلب منكم سب هذا العبد (حمزة) فتبرءوا منه وسبوه، وإن طلب منكم لعنه فالعنوه، هذا عند الإضرار، والله يعلم بما تظهرون وتكتموه) (7).

ويتحدث تقرير قدمته الاستخبارات الفرنسية أثناء الاستعمار الفرنسي على سوريا ولبنان عن طبيعة الدروز فيقول: (إن الدروز مرنون بحق، فهم يتبعون حرفيًا نصيحة مؤسس دينهم: اتبعوا كل أمة أقوى من أمتكم، وحافظوا علي داخل قلوبكم. لذلك فعندما يحتكون بطوائف أقوى من طائفتهم كالمسلمين أو المسيحيين فإنهم يتظاهرون بالتسليم ببعض معتقداتهم وهكذا، فمثلاً يرددون بكل طيبة خاطر الشهادتين (لا إله إلا الله محمد رسول الله).

(1) يقصد المسلمين.

(2)

يلاحظ هنا مطاطية هذا التعبير، والذي يمكن أن يؤخذ على تأويلات كثيرة.

(3)

شرح الميثاق: محمد حسين، مخطوط في جامعة شيكاغو رقم 3737 – ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية رقم 29.

(4)

نقلا عن مخطوط في المكتبة الأهلية بباريس (رقم 1436) عربي.

(5)

د. عبد الرحمن بدوي: ((مذاهب الإسلاميين)(ص 688).

(6)

((شرح الميثاق)): محمد حسين.

(7)

منشور الغيبة.

ص: 381

مما تقدم يتضح أن التستر والكتمان نهج أساسي من أصول عقيدتهم، فهم دوما مع القوي والمتمكن، يتظاهرون بالدين الغالب في أي قطر، ومصداق ذلك ما نراه منهم في فلسطين المحتلة بإخلاصهم التام لليهود هناك. كذلك فهم في كثير من الأحيان لا يناقشون من يكتب عن ديانتهم مناقشة موضوعية بل يحاولون أن يلصقوا به الصفات القبيحة ويشتمونه بأقدح الشتائم متسترين بهذه الألفاظ على حقيقة دينهم وما يحويه من كفر، وهذا ما حدث مع الشيخ زيد بن عبد العزيز الفياض عندما بدأ بكتابة حلقات عن حقيقة مذهبهم في مجلتي المنهل وراية الإِسلام (1) اللتين كانتا تصدران في جدة والرياض ردًا على فتوى شيخ الأزهر باعتبارهم مسلمين (2).فقامت حينئذ ضجة شديدة بين الدروز وقدم كبارهم الاحتجاج، وأصدر شيخ العقل في لبنان فتوى ضده، وردوا على الشيخ الفياض بأقذع الألفاظ والشتائم في عدة صحف ومنها صحيفة الصفاء التي كانت تصدر في بيروت سنة 1961 م والتي كان مدير تحريرها شخص اسمه محمد آل ناصر الدين، حيث لم يستطيعوا أن ينفوا هذه الحقائق عن دينهم، فما كان منهم إلا أن يناقشوه بالسب والشتم ليتستروا بذلك على الحقيقة المرة فاتهموه بالإِلحاد والزندقة والصهينة وغير ذلك من الاتهامات التي لا يجوز ذكرها (3).وكان أن قام الأستاذ عبد الله النجار وهو من طائفة الدروز بعد هذه الحادثة بسنوات قليلة بإصدار كتابه (مذهب الدروز والتوحيد) والذي يبين بقلم درزي حقيقة هذا المذهب، وقامت ضجة أشد من الأولى على هذا الكتاب وصاحبه، وحاكمه مشايخ الدروز لفضحه أسرار المذهب وجمعوا نسخ الكتاب من الأسواق وأحرقوها، وصدر بأمر من مشيخة العقل كتاب ألفه الدكتور سامي مكارم وقدم له الأستاذ كمال جنبلاط يرد فيه على كتاب الأستاذ النجار (4).

ويظهر أن الدروز قد غيروا هذه المرة من استراتيجيتهم فعملوا بشيء من الموضوعية، ولكن للأسف كانت هذه الموضوعية ستارًا يتسترون به على ما يريدون القيام به، حيث يقال أنهم استغلوا أحداث لبنان الأخيرة وقاموا باغتيال الأستاذ النجار.

وهذه الأمثلة تدل دلالة ساطعة على خطورة موضوع التستر في عقيدتهم، وعن كيفية تعاملهم مع من يكشف عن حقيقة دينهم.

(1) انظر ((المنهل)) جزء 3 مجلد 20 شهر ربيع ثاني 1379 هـ، وراية الإسلام، الأعداد الثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر من السنة الأولى عام 1380 هـ، والعددان الأول والثاني من السنة الثانية عام 1381 هـ.

(2)

كان شيخ الأزهر قد أعلن عام 1379 هـ الموافق 1959 م أن الدروز موحدون مسلمون مؤمنون؟! فقد نقلت جريدة السياسة اللبنانية بلسان صاحبها أسعد المقدم في العدد 810 تاريخ 26 محرم 1379 هـ، آب 1959 م ما يلي: بعد أن تحدث فضيلة شيخ الأزهر عن اقتراح تقدم به لسيادة الرئيس جمال عبد الناصر بإنشاء مجمع علمي أكاديمي يضم علماء الشيعة والسنة يلتقون فيه لتحقيق الوحدة المنشودة. سأله أسعد المقدم: هل ستدعون علماء الدروز إلى المجمع الذي ذكرتموه، وهل تشمل دعوتكم إلى الوحدة إخواننا أبناء الطائفة الدرزية؟.أجاب: لقد أرسلنا من الأزهر بعض العلماء كي يتعرفوا أكثر على المذهب الدرزي وجاءت التقارير الأولى: تبشر بالخير فالدروز موحدون مسلمون؟! نقلا عن مجلة المنهل الصادرة في جدة، ج 3 مجلد 20 ربيع ثاني 1379 هـ.

(3)

انظر ((صحيفة الصفاء البيروتية)) العدد (رقم 3185) وتاريخها 31 كانون الثاني 1961 م.

(4)

انظر كتاب ((أضواء على مسلك التوحيد الدرزية)).

ص: 382

ومما يذكر في هذا المجال أن أقلامًا عديدة من الدروز طالبوا بشدة مشيخة عقل الدروز بالإِفراج والإِعلان عن حقيقة العقيدة الدرزية، ولكن مشيخة العقل أصمت أذنيها عن كل هذه الأصوات وخاصة أصوات الدروز في المهجر وفي مقدمتهم الدكتور نجيب العسراوي الذي ما فتأ يطالب بذلك، وعندما يئس من ذلك أصدر كتابًا عن هذه العقائد باللغة البرتغالية حتى لا يقرأه كل إنسان.

وقد ذكر هذا الموضوع بتفصيل صاحب مذكرة (أيها الدرزيّ عودة إلى عرينك) ومما قاله: (الدكتور نجيب العسراوي رئيس الرابطة الدرزية بالبرازيل استشار الأمير شكيب أرسلان عام 1927 بشأن الإِفراج عن العقائد الدرزية المدفوعة بالرسائل فأجابه: بعدها عجرا؟

وكأن العسراوي وأمثاله كعدنان بشير رشيد رئيس الرابطة الدرزية في استراليا وجدوا تلك العجرا أصبحت سائرة في طريق النضوج، فأخذوا يكاتبون مشيخة العقل طالبين شيئًا يعرضونه على أطفالهم الذين يعرفون الدرزية بـ (ليست إسلامية ولا مسيحية ولا يهودية)، كتبوا هذا وطالبوا وأصروا بل وتذمروا

إلى أن يقول: خشي نجيب العسراوي – أحد لامعي المهاجرين في البرازيل وعدنان بشير رشيد رئيس الرابطة الدرزية في أستراليا عاقبة هذا البعد وألحا عن مشيخة العقل طالبين تأليف ما يستطيع منه الدروز فهم دينهم، ولكن هذه اعتصمت بالمواعيد، فاضطر العسراوي أن يصدر كتابه (الدرزية) باللغة البرتغالية، ومنه عرف الناس شيئًا.

جعلت مشيخة العقل أصابعها في آذانها واستهانت بأصوات المنادين بوجوب التأليف حول الدرزية، ولم تعترف بجهود العسراوي رغم أنه سد ثغرة كانت هي الأجدر بسدادها، وبعد أن صدر عبد الله النجار كتابه تزحزحت وكلفت سامي مكارم بتأليف كتاب (أضواء على مسلك التوحيد) بعد اعتذار عجاج نويهض. ألف مكارم وجنبلاط ولكن لا ليسدا فراغا بل ليردوا على عبد الله النجار في كتابه المحجوز الذي سد فراغا أو بعض الفراغ، وباركا الكتمان والتمسا عذرا للدرزية، ورأياها نابعة عن العقل الأرفع الذي لا يحتمل الخطأ

أما سواها من أهل المذاهب والأديان فمن العقل الطبيعي المعرض للخطأ) (1).

‌المصدر:

عقيدة الدروز عرض ونقض لمحمد أحمد الخطيب – ص 174

(1)((أيها الدرزي عودة إلى عرينك)(ص 123).

ص: 383