الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس عشر: حكم الإسلام فيهم وفي معاملاتهم
إن النتيجة التي يخرج بها الباحث في المذهب الدرزي أن هذا المذهب لا صلة له بالإسلام والمسلمين وكل مزاعم أتباع هذا المذهب عن إسلاميتهم إنما هو طريق من طرق السرية والنفاق أمام المسلمين. ومع أن هذا الأمر لا يعرفه عامة المسلمين إلا أنه معروف لدى علماء الإسلام قديما وحديثا ولم يعاملهم من يعرف حقيقتهم إلا على هذا الأساس ولهذا فقد أفتى علماء المسلمين بعدم صحة حكم القاضي الدرزي على المسلمين لأن الدرزي لا ملة له كالمنافق والزنديق وإن سمى نفسه مسلما (1). ولا تقبل أيضا شهادتهم على أحد سواء كان مثلهم في الاعتقاد أو مخالفا لهم لعدم ولايتهم (2). ويكفي أن نأتي بفتوى شيخ الإسلام ابن تيمية لنعرف حكم الإسلام فيهم وفي معاملتهم حيث أجاب فيها عن سؤال وجه إليه في هذا الموضوع فيقول "هؤلاء الدرزية والنصيرية كفار باتفاق المسلمين لا يحل أكل ذبائحهم ولا نكاح نسائهم بل ولا يقرون بالجزية فهم مرتدون عن دين الإسلام ليسوا مسلمين ولا يهود ولا نصارى ولا يقرون بوجوب الصلوات الخمس ولا بوجوب صوم رمضان ولا وجوب الحج ولا تحريم ما حرم الله ورسوله من الميتة والخمر وغيرهما وأن أظهروا الشهادتين مع هذه العقائد فهم كفار باتفاق المسلمين ..... والدرزية هم أتباع هشتكين الدرزي وكان من موالي الحاكم أرسله إلى أهل وادي تيم الله بن ثعلبة فدعاهم إلى إلاهية الحاكم ويسمونه الباري العلام ويحلفون به وهم من الإسماعيلية القائلين بأن محمد بن إسماعيل نسخ شريعة محمد بن عبدالله وهم أعظم كفرا من الغالية يقولون بقدم العالم وإنكار المعاد وإنكار واجبات الإسلام ومحرماته وهم من القرامطة الباطنية الذين هم أكفر من اليهود والنصارى ومشركي العرب وغايتهم أن يكونوا فلاسفة على مذهب أرسطو وأمثاله أو مجوسا وقولهم مركب من قول الفلاسفة والمجوس ويظهرون التشيع نفاقا .... وكفر هؤلاء مما لا يختلف فيه المسلمون بل من شك في كفرهم فهو كافر مثلهم لا هم بمنزلة أهل الكتاب ولا المشركين بل هم الكفرة الضالون فلا يباح أكل طعامهم وتسبى نساؤهم وتؤخذ أموالهم فإنهم زنادقة مرتدون لا تقبل توبتهم بل يقتلون أينما ثقفوا ويلعنون كما وصفوا ولا يجوز استخدامهم للحراسة والبوابة والحفاظ ويجب قتل علمائهم وصلحائهم لئلا يضلوا غيرهم ويحرم النوم معهم في بيوتهم ورفقتهم والمشي معهم وتشيع جنائزهم إذا علموا موتها ويحرم على ولاة أمور المسلمين إضاعة أمر الله من إقامة الحدود عليهم بأي شيء يراه المقيم ولا المقام عليه .... ويضيف رحمه الله قائلا: ولا يجوز دفنهم في مقابر المسلمين ولا يصلى على من مات منهم .... وأما استخدام مثل هؤلاء في ثغور المسلمين أو حصونهم أو جندهم فإنه من الكبائر وهو بمنزلة من يستخدم الذئاب لرعي الغنم .... وإذا أظهروا التوبة ففي قبولها منهم نزاع بين العلماء فمن قبل توبتهم إذا التزموا شريعة الإسلام أقر أموالهم عليهم ومن لم يقبلها لم تنقل إلى ورثتهم من جنسهم فإن مالهم يكون فيئا لبيت المال لكن هؤلاء إذا أخذوا فإنهم يظهرون التوبة لأن أصل مذهبهم التقية وكتمان أمرهم وفيهم من يعرف وفيهم من قد لا يعرف فالطريق في ذلك أن يحتاط في أمرهم فلا يتركون مجتمعين ولا يمكنون من حمل السلاح ولا في ذلك بحسب ما يقدر عليه من الواجب فلا يحل لأحد أن يكتم ما يعرفه من أخبارهم بل يفشيها ويظهرها ليعرف المسلمون حقيقة حالهم ......
(1)((حاشية ابن عابدين)) (4/ 299).
(2)
((تكملة حاشية ابن عابدين)) (1/ 73)((كتاب الدروز مؤامرات وتاريخ وحقائق)) (فؤاد الأطرش (ص: 360).
والمعاون في كف شرهم وهدايتهم بحسب الإمكان له، من الأجر والثواب مالا يعلمه إلا الله تعالى فإن المقصود بالقصد الأول هو هدايتهم) (1).هذا وقد كان ابن تيمية من السباقين لتطبيق القول بالعمل وما رواه ابن كثير في تاريخه يوضح لنا كيفية هذا التطبيق وبما تم من حوادث سنة 699هـ حيث يقول:(وفي يوم الجمعة العشرين من شوال ركب نائب السلطنة جمال الدين أقوش الأفرم في جيش دمشق إلى جبال الجرد وكسروان وخرج الشيخ تفي الدين ابن تيمية ومعه خلق كثير من المتطوعة والحوارنة لقتال أهل تلك الناحية بسبب فساد نيتهم وعقائدهم وكفرهم وضلالهم وما كانوا عاملوا به العساكر لما كسرهم التتار وهربوا حين اجتازوا ببلادهم وثبوا عليهم ونهبوهم وأخذوا أسلحتهم وخيولهم وقتلوا كثير منهم فلما وصلوا إلى بلادهم جاء رؤساؤهم إلى الشيخ تقي الدين بن تيمية فاستتابهم وبين للكثير منهم الصواب وحصل بذلك خير كثير وانتصار كبير على أولئك المفسدين والتزموا برد ما كانوا أخذوه من أموال الجيش وقرر عليهم أموالا كثيرة يحملونها إلى بيت المال وأقطعت أراضيهم وضياعهم ولم يكونوا قبل ذلك يدخلون في طاعة الجند ولا يلتزمون أحكام الملة ولا يدينون دين الحق ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله .... وفي سنة 704هـ عاد ابن تيمية رحمه الله إلى مقاتلة هؤلاء ومعه جماعة من أصحابه إلى جبل الجرد والكسروانيين ومعه نقيب الأشراف زين الدين بن عدنان فاستتابوا خلقا منهم وألزموهم بشرائع الإسلام ورجع مؤيدا ناصراً)(2).واضح بعد هذا أن هؤلاء القوم مرتدون عن الإسلام لتركهم عبادة الله تعالى وإنكارهم فرائض الإسلام وشرائعه ولكن لا بد من المطالبة بالعمل على نشر الإسلام بين صفوفهم وأن يحال بينهم وبين مشايخهم الذين لا يزالون يصرون على هذه السخافات والضلالات الخرافية المهينة للعقل الإنساني فتزول بذلك الغشاوة عن أعين الكثير منهم يعيشون في تخبط لا يجدون له نهاية وهذا الشيء هو ما يطالب به الشيخ محمد رشيد رضا في أحد فتاويه التي سئل عنها (3).
المصدر:
الحركات الباطنية في العالم الإسلامي لمحمد أحمد الخطيب – ص 315
(1)((فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية)) (35/ 155 - 162).
(2)
((البداية والنهاية)) (14/ 12 – 35).
(3)
((فتاوى الإمام محمد رشيد رضا)) (1/ 276).