الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: الرد على ما جاء في دلائل الخيرات والبردة والهمزية
يقول الشيخ حمود بن عبد الله التويجري رداً على كلام الشيخ حسين أحمد المدني السابق ما نصه:
"وأما قراءة "دلائل الخيرات" وقصيدتي "البردة" و"الهمزية"، وجعلها ورداً؛ فهو أمر قبيح جدًّا؛ لما في هذه الثلاث من الغلو والإطراء الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنه ويشدد فيه، بل إن قصيدتي "البردة" و"الهمزية" قد اشتملتا على الشرك الأكبر، الذي هو أعظم الظلم وأقبح المنكرات وأشد المحرمات تحريماً، فلا يجعل هاتين القصيدتين و"دلائل الخيرات" ورداً إلا من هو مفتون بالشرك والبدع والغلو والإطراء.
وقد قال الدكتور محمد تقي الدين الهلالي في الرد على حسين أحمد: "أما دلائل الجهالات والضلالات الذي سميته "دلائل الخيرات"؛ ففيه ضلالات كثيرة:
منها قوله في ثلاثة مواضع: "اللهم صل على سيدنا محمد عدد معلوماتك وأضعاف ذلك".
وقوله: "اللهم صل على سيدنا محمد حتى لا يبقى من الصلاة شيء".
وقوله: "اللهم ارحم سيدنا محمداً حتى لا يبقى من الرحمة شيء، اللهم بارك على سيدنا محمد حتى لا يبقى من البركة شيء".
فجعل معلومات الله معلومات محدودة، وعدل عن الصلاة التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم جميع المسلمين، واقتصر عليها أصحابه والتابعون لهم بإحسان، وأحدث بدعة، وألف كتاباً يتلى كما يتلى القرآن، وابتدع زيادة:"سيدنا".
ولله درُّ الإمام محمد بن إسماعيل الصنعاني إذ يقول في مدح شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب:
وحرق عمدا للدلائل دفتراً
…
أصاب ففيها ما يجل عن العد
علو نهى عنه الرسول وفرية
…
بلا مرة فاتركه إن كنت تستهدي
أحاديث لا تغزي إلى عالم فلا
…
تساوي فليسا إن رجعت إلى النقد
وصيرها الجهال للذكر ضرة
…
ترى درسها أزكى لديهم من الحمد
لقد سرني ما جاءني من طريقه
…
وكنت أرى هذي الطريقة لي وحدي
قال الهلالي: "وأما "البردة" و"الهمزية"؛ ففيها من الشرك والضلال ما لا يرتضيه إلا كل مشرك دجال؛ فمنها قوله:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به
…
سواك عند حلول الحادث العمم
وقوله:
فإن من جودك الدنيا وضرتها
…
ومن علومك علم اللوح والقلم
فماذا بقي لله تعالى؟! قاتل الله الغلاة المشركين.
وفي "الهمزية" قوله:
يا رحيما بالمؤمنين إذا ما
…
ذهلت عن أبنائها الرحماء
يا شفيعا في المذنبين إذا أشفـ
…
ـق من خوف ذنبه البرآء
جد لعاص وما سواي هو الـ
…
ـعاصي ولكن تنكري استحياء
وتداركه بالعناية ما دام له
…
بالذمام منك ذماء
وهذا شرك صريح وبهتان قبيح، لا يستسيغه إلا كل قلب مريض؛ مثل قلب حسين أحمد نصير الشرك والوثنية" انتهى.
وقال الشيخ عبدالرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب في كتابه (فتح المجيد شرح كتاب التوحيد): "وقد اشتهر في نظم البوصيري قوله:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به
…
سواك عند حلول الحادث العمم
وما بعده من الأبيات التي مضمونها إخلاص الدعاء واللياذ والرجاء والاعتماد في أضيق الحالات وأعظم الاضطرار لغير الله، فناقضوا الرسول صلى الله عليه وسلم بارتكاب ما نهى عنه أعظم مناقضة، وشاقوا الله ورسوله أعظم مشاقة، وذلك أن الشيطان أظهر لهم هذا الشرك العظيم في قالب محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه، وأظهر لهم التوحيد والإخلاص الذي بعثه الله به في قالب تنقيصه، وهؤلاء المشركون هم المتنقصون الناقصون، أفرطوا في تعظيمه بما نهاهم عنه أشد النهي، وفرطوا في متابعته فلم يعبؤوا بأقواله وأفعاله، ولا رضوا بحكمه، ولا سلموا له، وإنما يحصل تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم؛ بتعظيم أمره ونهيه، والاهتداء بهديه، واتباع سنته والدعوة إلى دينه الذي دعا إليه، ونصرته، وموالاة من عمل به، ومعاداة من خالفه، فعكس أولئك المشركون ما أراد الله ورسوله علماً وعملاً، وارتكبوا ما نهى الله عنه ورسوله؛ فالله المستعان" انتهى كلامه رحمه الله.
وذكر الشيخ سليمان بن عبدالله ابن شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب في كتابه (تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد) قول البوصيري:
إن من جودك الدنيا وضرتها
…
ومن علومك علم اللوح والقلم
ثم قال "فجعل الدنيا والآخرة من جوده، وجزم بأنه يعلم ما في اللوح المحفوظ، وكل ذلك كفر صريح!
ومن العجب أن الشيطان أظهر لهم ذلك في صورة محبته عليه السلام وتعظيمه ومتابعته، وهذا شأن اللعين، لابد أن يمزج الحق بالباطل؛ ليروج على أشباه الأنعام، أتباع كل ناعق، الذين لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق".
إلى أن قال: "وبالجملة؛ فالتعظيم النافع هو: التصديق بما أخبر، وطاعته فيما أمر، والانتهاء عما عنه نهى وزجر، والموالاة والمعاداة والحب والبغض لأجله، وتحكيمه وحده، والرضى بحكمه، وأن لا يتخذ من دونه طاغوت يكون التحاكم إلى أقواله، فما وافقها من قوله صلى الله عليه وسلم؛ قبله، وما خالفها؛ رده، أو تأوله، أو أعرض عنه" انتهى.
المصدر:
الديوبندية لأبي أسامة سيد طالب الرحمن- ص 65 - 68