المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الرابع: أثرها في الناحية السياسية - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٩

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الأول: الرد على عقيدة وحدة الوجود

- ‌المبحث الثاني: الرد على عقيدة تصور المشايخ:

- ‌المبحث الثالث: الرد على ما ابتدعوه من أوراد وأشغال صوفية

- ‌المبحث الرابع: الرد على ما جاء في دلائل الخيرات والبردة والهمزية

- ‌المبحث الخامس: الرد على اعتقادهم جواز الاستغاثة بغير الله

- ‌المبحث السادس: الرد على تبركاتهم البدعية والشركية

- ‌المبحث السابع: الرد على اعتقادهم تمثل أرواح أئمتهم والصالحين بالأجساد

- ‌المبحث الثامن: الرد على اعتقاد تصرف أئمتهم في الكون

- ‌المبحث التاسع: الرد على التزامهم المراقبة عند القبور

- ‌المبحث العاشر: الرد على اعتقاد علم أئمتهم بما في الأرحام

- ‌المبحث الحادي عشر: الرد على اعتقاد علم النبي والأولياء للغيب

- ‌المبحث الثاني عشر: الرد على اعتقاد أن النبي مخلوق من نور وأنه أول خلق الله

- ‌المبحث الثالث عشر: الرد على اعتقادهم حياة النبي في قبره حياة دنيوية

- ‌المبحث الرابع عشر: الرد على اعتقاد جواز شد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من أعظم القربات

- ‌المبحث الخامس عشر: الرد على اعتقاد جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السادس عشر: الرد على قولهم بجواز رؤية النبي يقظة

- ‌المبحث السابع عشر: الرد على تأويلهم صفة العلو

- ‌المبحث الثامن عشر: الرد على إيجابهم اتباع أبي حنيفة

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المبحث الأول: تعريف الباطنية

- ‌المبحث الثاني: سبب التسمية

- ‌المبحث الثالث: بداية الحركة الباطنية

- ‌المبحث الرابع: فرق الباطنية

- ‌المبحث الأول: الحركات الباطنية وأثرها في تدمير الأمة

- ‌المبحث الثاني: أثرها في الناحية الفكرية

- ‌المبحث الثالث: أثرها في الناحية الاجتماعية

- ‌المبحث الرابع: أثرها في الناحية السياسية

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: فرق الإسماعيلية

- ‌المبحث الثاني: أئمة الإسماعيلية

- ‌المبحث الثالث: مراتب الأئمة

- ‌المبحث الرابع: درجات دعاتهم ومراتبهم

- ‌المبحث الخامس: أبرز دعاة الإسماعيلية

- ‌المبحث السادس: أصول الإسماعيلية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أهمية التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المطلب الثاني: نماذج من تأويل الإسماعيلية للآيات القرآنية

- ‌المطلب الثالث: تأويل الإسماعيلية للتكاليف الشرعية

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق في التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المطلب الخامس: إبطال أصل التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المبحث الثامن: ضلالات الإسماعيلية

- ‌المبحث التاسع: معتقد الإسماعيلية في الإلهيات

- ‌المطلب الأول: تعريف النبوة عندهم

- ‌المطلب الثاني: المنطلقات الأساسية لمعتقد الإسماعيلية عن النبوة والأنبياء فهم

- ‌المطلب الثالث: استمرار النبوة والرسالة عندهم

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق في معتقد الإسماعيلية عن النبوة والأنبياء

- ‌المطلب الأول: تأويل القيامة وما بعدها

- ‌المطلب الثاني: البعث والمعاد

- ‌المطلب الثالث: معاد أهل دعوتهم

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق عن معتقد الإسماعيلية في الأخرويات

- ‌المطلب الأول: التكاليف الشرعية صورة عملية تطبيقية لعقيدة المسلم

- ‌المطلب الثاني: معتقدهم في التكاليف الشرعية

- ‌المطلب الثالث: أقوال علماء الفرق عن معتقد الإسماعيلية في التكاليف الشرعية

- ‌المطلب الرابع: هدف الإسماعيلية من تأويل التكاليف ونقدهم

- ‌المبحث الثالث عشر: حكم الإسلام في طائفة الإسماعيلية

- ‌الفصل الرابع: الإسماعيلية المعاصرة

- ‌المطلب الأول: تعريف بطائفة البهرة (الإسماعيلية) ونشأتها

- ‌أولا: التعريف

- ‌ثانيا: نشأة البهرة

- ‌المطلب الثاني: عقيدتهم

- ‌المطلب الثالث: كتبهم

- ‌المطلب الرابع: زعماؤهم

- ‌أولا: الدعوة الإسماعيلية في الهند

- ‌ثانيا: انتقال مركز الدعوة من اليمن إلى الهند

- ‌1 - الطائفة الجعفرية

- ‌2 - الفرقة السليمانية

- ‌3 - الفرقة العلوية والفرقة النغوشية

- ‌4 - الفرقة الهجومية

- ‌5 - الفرقة الهبتية

- ‌6 - طائفة أصحاب البستان المهدي

- ‌أولا: أحوالهم الاقتصادية والتعليمية

- ‌ثانيا: لغتهم وطقوسهم

- ‌ثالثا: مصادر دخل داعي البهرة

- ‌المطلب السابع: في أحوالهم الاجتماعية

- ‌المطلب الثامن: النظام الحالي للدعوة الطيبية

- ‌المطلب التاسع: البهرة وتعاونهم مع الاستعمار

- ‌المطلب العاشر: فتاوى العلماء عن فرقة البهرة

- ‌فتوى اللجنة الدائمة

- ‌المبحث الثاني: طائفة الأغاخانية (الإسماعيلية)

- ‌المطلب الأول: تعريف بالأغاخانية (الإسماعيلية) ونشأتها

- ‌أولا: التعريف

- ‌ثانيا: نشأة الأغاخانية الإسماعيلية

- ‌المطلب الثاني: من أبرز شخصياتهم

- ‌المطلب الثالث: عقيدتهم

- ‌أولا: من أهم عقائدهم

- ‌ثانيا: من أقوال الأب الروحي للإسماعيلية

- ‌المطلب الرابع: أعيادهم واحتفالاتهم الدينية

- ‌أولا: مزاراتهم

- ‌ثانيا: أعيادهم

- ‌المطلب الخامس: أحوالهم المادية

- ‌المطلب السادس: الضرائب عند الأغاخانية

- ‌أولا: عاداتهم

- ‌ثانيا: مطالبتهم بما يسمى تحرير المرأة

- ‌أولا: تنظيماتهم الدعوية

- ‌ثانيا: نشاطهم الدعوي

- ‌المطلب التاسع: أماكن انتشارهم

- ‌المطلب العاشر: الأغاخانية وتعاونهم مع الاستعمار

- ‌المطلب الحادي عشر: فتاوى العلماء في الأغاخانية (الإسماعيلية)

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: نشأتهم

- ‌المطلب الثالث: عقائدهم

- ‌المطلب الرابع: السليمانية في منطقة المزاحن

- ‌ثالثا: الجانب التعليمي

- ‌رابعا: الجانب السياسي والاجتماعي

- ‌المطلب الخامس: واقعها المعاصر

- ‌المطلب السابع: أبرز شخصياتهم

- ‌المطلب الثامن: أماكن انتشارهم

- ‌المبحث الأول: التعريف بهم

- ‌المبحث الثاني: التأسيس وأبرز الشخصيات

- ‌المبحث الثالث: نشأة الطائفة الإسماعيلية النزارية (الحشاشون)

- ‌المبحث الرابع: الأحداث التاريخية والسياسية التي واكبت ظهور الحشاشين

- ‌المبحث الخامس: حركة الحشاشين أو الدعوة الجديدة

- ‌المبحث السادس: الأفكار والمعتقدات والجذور الفكرية

- ‌المبحث السابع: المبادئ العامة لحركة الحشاشين وأساليبها في الدعوة

- ‌المطلب الأول: مراتب الدعاةّ

- ‌المطلب الثاني: المرحلية في الدعوة

- ‌المبحث الثامن: النشاط العسكري لحركة الحشاشين

- ‌المطلب الأول: القلاع والحصون

- ‌المطلب الثاني: الفدائيون

- ‌المطلب الثالث: الاغتيال السياسي

- ‌المبحث التاسع: الرموز السرية

- ‌المبحث العاشر: الإستراتيجية السياسية والعسكرية لحركة الحشاشين في سوريا

- ‌المبحث الحادي عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث الثاني عشر: تعامل الباطنية النزارية (الحشاشين) مع الصليبيين

- ‌جدول بأسماء القادة والعلماء الذين اغتالهم الباطنيون

- ‌المطلب الأول: التعريف بهم

- ‌المطلب الثاني: ألقابهم

- ‌المطلب الثالث: بدايات دعوتهم

- ‌المطلب الرابع: أهدافهم

- ‌المطلب الأول: الحالة السياسية

- ‌المطلب الثاني: الحالة الاجتماعية والاقتصادية

- ‌المطلب الأول: معتقدهم في الإلهيات

- ‌المطلب الثاني: معتقدهم في النبوات

- ‌المطلب الثالث: معتقدهم في الإمامة

- ‌المطلب الرابع: معتقدهم في القيامة والمعاد

- ‌المطلب الخامس: اعتقادهم في التكاليف الشرعية

- ‌المبحث الرابع: خيانات القرامطة

- ‌المبحث الخامس: أساليب القرامطة في الدعوة

- ‌المبحث السادس: العوامل التي ساعدت على نجاح القرامطة

- ‌المبحث السابع: المظهر السياسي للقرامطة

- ‌المبحث الثامن: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المطلب الأول: على الصعيد السياسي

- ‌المطلب الثاني: على الصعيد الاجتماعي

- ‌المطلب الثالث: على الصعيد الديني

- ‌المبحث العاشر: أتباعهم

- ‌المبحث الحادي عشر: أقوال العلماء في كفر القرامطة

- ‌المبحث الأول: التعريف بطائفة النصيرية

- ‌المبحث الثاني: زعيمهم وسبب انفصاله عن الشيعة وموقفهم منه

- ‌المبحث الثالث: أبرز الشخصيات بعد مؤسس النصيرية

- ‌المطلب الأول: نشأة النصيرية

- ‌المطلب الثاني: أسماء هذه الطائفة والسبب في إطلاقها عليهم

- ‌المطلب الثالث: فرق النصيرية

- ‌المبحث الخامس: مراسيم وطقوس الدخول في عقيدة النصيرية

- ‌المبحث السادس: أهم عقائد النصيرية

- ‌المبحث السابع: عبادات النصيرية

- ‌المبحث الثامن: موقف النصيرية من الصحابة

- ‌المبحث التاسع: تعظيمهم لسلمان الفارسي والأيتام الخمسة

- ‌المبحث العاشر: أعياد النصيرية

- ‌المبحث الحادي عشر: تكتم النصيرية على عقائدهم

- ‌المبحث الثاني عشر: نظرتهم تجاه المرأة

- ‌المبحث الثالث عشر: تعظيمهم للخمر

- ‌المبحث الرابع عشر: المراتب والدرجات عند النصيرية

- ‌المبحث الخامس عشر: أماكن انتشار النصيرية

- ‌المبحث السادس عشر: بيان خطر النصيرية

- ‌المبحث السابع عشر: من خيانات النصيريين

- ‌المبحث الثامن عشر: مقارنة بين عقائد الإسماعيليين والدروز والنصيرية

- ‌المبحث التاسع عشر: حكم الإسلام في النصيرية

- ‌مراجع للتوسع

- ‌المبحث الأول: التعريف بهم

- ‌المبحث الثاني: الحاكم بأمر الله وعلاقته بعقيدة الدروز

- ‌المبحث الثالث: تطور المذهب الدرزي بعد الحاكم

- ‌المبحث الرابع: أشهر دعاة الدروز وآراؤهم

- ‌المبحث الخامس: أسماء الدروز

- ‌المبحث السادس: كيف انتشرت العقيدة الدرزية

- ‌المبحث السابع: معاملة الدروز لمن يكشف شيئاً من عقائدهم

- ‌المبحث الثامن: طريقة الدروز في تعليم ديانتهم

- ‌المطلب الأول: ألوهية الحاكم عند الدروز

- ‌المطلب الثاني: التناسخ والتقمص والحلول

- ‌المطلب الثالث: الحدود الخمسة

- ‌المطلب الرابع: عقيدتهم في اليوم الآخر والثواب والعقاب

- ‌المطلب الخامس: عقيدتهم في الأنبياء

- ‌المطلب السادس: عقيدتهم في التستر والكتمان

- ‌المطلب السابع: رسائل الدروز وكتبهم المقدسة

- ‌المطلب الأول: إبطال مفهومهم للألوهية، وحلول اللاهوت في الناسوت

- ‌المطلب الثاني: إبطال قولهم بالتناسخ والرجعة

- ‌المطلب الأول: نقضهم أركان الإِسلام، وفرضهم بدلها سبع دعائم تكليفية

- ‌المطلب الثاني: الزواج والطلاق والوصية عندهم

- ‌المطلب الثالث: تقسيم المجتمع الدرزي إلى عقال وجهال ونظام الخلوات عندهم

- ‌المطلب الأول: موقفهم من اليهود

- ‌المطلب الثاني: موقفهم من النصارى

- ‌المطلب الثالث: موقفهم من النصيرية

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين النصيرية والدروز

- ‌المبحث الثالث عشر: الدروز في العصر الحاضر

- ‌المبحث الرابع عشر: خيانات الدروز

- ‌المبحث الخامس عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث السادس عشر: حكم الإسلام فيهم وفي معاملاتهم

- ‌مراجع للتوسع

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الشيخية أو الرشتية

- ‌ثانيا: البابية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: نشأته

- ‌المطلب الثاني: ثقافته

- ‌المطلب الثالث: عمالته هو وأسرته لأعداء الإسلام والمسلمين

- ‌المطلب الرابع: نبوءات البهاء

- ‌المطلب الخامس: وفاته

- ‌المطلب الأول: انقسام البهائية وأهم زعمائها

- ‌المطلب الثاني: أسباب انتشار البهائية

- ‌المطلب الثالث: مواطن انتشار البهائية

- ‌أولا: عقيدة البابية:

- ‌ثانيا: شريعة البابية

- ‌ثالثا: الكتاب المقدس للبابية

- ‌أولا: عقيدتهم في الله

- ‌ثانيا: عقيدتهم في الأنبياء

- ‌ثالثا: عقيدتهم في اليوم الآخر

- ‌رابعا: موقفهم من القرآن والسنة وكتابهم المقدس عندهم

- ‌خامسا: البهائية والإباحية

- ‌سادسا: موقفهم من المسلمين وغير المسلمين

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: وحدة الأديان

- ‌المطلب الثاني: وحدة الأوطان

- ‌المطلب الثالث: وحدة اللغة

- ‌المطلب الرابع: السلام العالمي

- ‌المطلب الخامس: المساواة بين الرجال والنساء

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أركان الإسلام

الفصل: ‌المبحث الرابع: أثرها في الناحية السياسية

‌المبحث الرابع: أثرها في الناحية السياسية

إن أسوأ الآثار التي ترتبت نتيجة لظهور الحركة الباطنية هو انقسام العالم الإسلامي إلى فئتين متناحرتين فقد استطاعت الباطنية (المتمثلة بالإسماعيلية) استمالة قبيلة كتامة في بلاد المغرب مما ساعدها كثيرا على قيام أول دولة لها سميت بـ (الدولة الفاطمية) أو (العبيدية).

ولا شك أن قيام هذه الدولة الباطنية قد أوجد انقساما خطيرا في صفوف المسلمين هو الأول من نوعه لادعاء حكام هذه الدولة أنهم من ذرية آل البيت وبأحقيتهم أن يكونوا أئمة المسلمين بعد أن كان المسلمون جميعهم يتجهون في ولائهم إلى الخليفة العباسي في بغداد ولكن سرعان ما تكشف حقيقة هؤلاء الأعداء عندما عملوا مرارا على إثارة الفتن بين السنة والشيعة في العراق مقر الخلافة العباسية وعلى إظهار باطن ما يعتقدون في قوانينهم وتصرفات أتباعهم.

ومن المؤكد أن تفتيت العالم الإسلامي الذي عمل على تنفيذه أتباع الباطنية كان له أثر بالغ الخطورة على التطورات السياسية فيه وخاصة وهو يواجه الصليبيين والتتار فإذا به يتعرض لطعنة قوية من الخلف من جانب الباطنية أضعف المسلمين وأحدث ثغرة قوية في جبهتهم نفذ من خلالها الأعداء من الصليبيين وغيرهم فاستطاعوا بذلك أن يوطدوا قوتهم داخل بلاد المسلمين. وينبغي أن لا يغيب عن أذهاننا أن الباطنية كانت تمد يد العون والمساعدة لهؤلاء الأعداء وتتحالف معهم في سبيل القضاء على الخلافة الإسلامية (ولما تحرك الصليبيون صوب الجنوب كانت سياسيتهم التقليدية تقوم على محالفة الفاطميين الشيعة بمصر لمناهضة الخلفاء العباسيين والترك السنيين (1).

(1)((تاريخ الحروب الصليبية)) ستيفن رنسيمان (2/ 33).

ص: 46

وكان أكثر عونا للصليبيين وأشد خطرا على كل محاولة إسلامية لقتالهم فرقة الحشاشين الذين عرفوا بالقتل والتدمير وأصبحوا أداة غادرة بيد الصليبيين موجهة ضد المسلمين. فكان ما أقدموا عليه من اغتيالات ضد القادة المسلمين موضع ترحيب وتقدير من قبل الصليبيين بعد أن وجدوا فيهم ضالتهم المنشودة فسارعوا للتحالف الوثيق معهم وكان هذا التحالف واضحا عندما زحف المسلمون على الصليبيين حتى بلغوا طبرية في فلسطين بقيادة مودود وطغتكين سنة 1113م فأغضب هذا الباطنية فعملوا على قتل مودود بينما كان يدخل المسجد الكبير لتأدية صلاة الجمعة فطعنه أحد الباطنية بخنجر فلقي مصرعه (1). وهكذا تخلص الفرنج من عدو لدود لهم بمصرع مودود على يد الباطنية. وزاد من نفوذ الباطنية في بلاد الشام اعتناق رضوان ملك حلب للمذهب الباطني وعطفه على أتباعه فاستغل الباطنية تلك المكانة وأخذوا يباشرون أعمالهم الإجرامية ضد زعماء المسلمين (2). وما اتسمت به سياسة رضوان الباطنية أسهمت إلى حد كبير في توطيد ملك الفرنج في الشام (3).وتوطدت العلاقات الودية بين الصليبيين والباطنية في أيام نور الدين وصلاح الدين اللذين عملا جاهدين على توحيد العالم الإسلامي ضد الصليبيين فقد كانت كراهية الباطنية لنور الدين شديدة واعتبروه عدوهم اللدود نظرا لأن سلطانه قيد توسعهم فحقدوا عليه وعاونوا حلفاءهم الصليبيين ضده حتى أنه عندما استطاع نور الدين أن يلحق الهزيمة بالصليبيين نرى زعيم الحشاشين حينئذ (علي بن وفا الكردي) يسارع للتحالف مع الصليبيين ويقوم بهجوم مفاجئ على نور الدين سنة 1148م بالقرب من أنطاكية ولم يكتفوا بذلك بل حاولوا اغتيال نور الدين وأرسل زعيم الحشاشين الجديد رشيد الدين سنان إلى الصليبيين يعرض عليهم إجراء تحالف وثيق لمناهضة نور الدين ملوحا بأنه يفكر مع قومه في التحويل إلى النصرانية (4).ولم يتوان هذا الحشاش عن محاولة اغتيال صلاح الدين الأيوبي نفسه فقد تم اكتشاف جماعة من الباطنية عند خيمة صلاح الدين في جوف عسكره (5). بعد أن استطاع أن يدحر الصليبيين وقد تكررت هذه المحاولة عدة مرات وكل هذا يدل بالطبع على نوعيه الحقد الدفين الذي يكنه الباطنيون لكل ما يحمل علامة النصر للإسلام والمسلمين.

ويحسن بنا أن نلاحظ أن من الآثار السياسية للحركة الباطنية الفتن السياسية التي قامت بها فأدخل العالم الإسلامي في بلبلة وقلاقل جعله نهبا للأعداء من كل جهة.

(1)((تاريخ الحروب الصليبية)) ستيفن رنسيمان (2/ 206).

(2)

((الحركة الصليبية)) سعيد عاشور (1/ 555).

(3)

((تاريخ الحروب الصليبية)) ستيفن رنسيمان (2/ 206).

(4)

((تاريخ الحروب الصليبية)) ستيفن رنسيمان (2/ 641).

(5)

((تاريخ الحروب الصليبية)) ستيفن رنسيمان (2/ 675).

ص: 47

فالاضطرابات التي قام بها أدعياء التشيع من الباطنية أمثال الخطابية وغيرها كانت تمهيدا لثورات وقلاقل أكبر خطرا حاقت بالعالم الإسلامي قام بها بعد ذلك الباطنيون وأهم تلك القلاقل ثورة القرامطة الإرهابية وما حملته من فتنة سياسية أحرقت الأخضر واليابس وأحدثت فراغا كبيرا في صفوف المسلمين وقوتهم دخل من خلاله الأعداء من كل صوب إلى قلب العالم الإسلامي فوجدوا من أتباع الباطنية خير عون ومساعد لهم ضد المسلمين. والمطلع على تاريخ الباطنية لا بد أن يربط القديم بالحديث في تاريخ هؤلاء فما نراه اليوم من أعمالهم لا يمكن أن نستغربه فتاريخهم السياسي القديم أسود حالك بالسواد مليء بالحقد والكراهية وتاريخهم الحديث امتداد لهذا التاريخ (فقد جهد الاستعمار الأوروبي ليجد أسلحة يهدم بها الإسلام ويسيطر على المسلمين ويبدو أن الإسماعيلية كانوا أحد هذه الأسلحة فإذا بإمام إسماعيلي يظهر من جديد يساعد الإنجليز ويساعده الإنجليز يتيح له الإنجليز أن ينشر مذهبه بين مسلمي مستعمراتهم ويضمن لهم هو أن يخضع أتباعه لهم (1).

والنصيرية في السنين الماضية فاقت الإسماعيلية في تحالفها الوثيق مع أعداء الإسلام والمسلمين فأصبحت أداة خبيثة بيد اليهودية والصليبية مزروعة في جسم العالم الإسلامي تتحرك وتنفذ مخططات الأعداء بكل حقد وخاصة بعد أن استولت على مقاليد الأمور في سورية فكان تسليم الجولان لإسرائيل عبارة عن صفقة خائنة عقدت بين النصيرية والدولة اليهودية لا تزال آثارها الإجرامية تتفاقم إلى اليوم.

ولم يكتف النصيريون بهذا فعملوا أيضا على تحطيم المسلمين في لبنان بعد أن كاد المسلمون أن يسيطروا على أكثر لبنان فدخلت قوات النصيريين لبنان وحطمت هذا النصر ودكت مخيم تل الزعتر بمعاونة قوات النصارى واليهود يقتلون ويشوهون ويهتكون الأعراض معاً.

وهكذا نرى أن الباطنية كانت ولا تزال مصدر الفتن والقلاقل في المجتمع الإسلامي وعونا لكل عدو لهذه الأمة تساعده بكل ما أوتيت من قوة لعلها بذلك تحقق هدفها وهو هدم الإسلام وقتل المسلمين.

‌المصدر:

الحركات الباطنية في العالم الإسلامي لمحمد أحمد الخطيب – ص445

(1)((موسوعة التاريخ الإسلامي)) أحمد شلبي (2/ 189 – 190).

ص: 48