المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق في التأويل الباطني عند الإسماعيلية - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٩

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الأول: الرد على عقيدة وحدة الوجود

- ‌المبحث الثاني: الرد على عقيدة تصور المشايخ:

- ‌المبحث الثالث: الرد على ما ابتدعوه من أوراد وأشغال صوفية

- ‌المبحث الرابع: الرد على ما جاء في دلائل الخيرات والبردة والهمزية

- ‌المبحث الخامس: الرد على اعتقادهم جواز الاستغاثة بغير الله

- ‌المبحث السادس: الرد على تبركاتهم البدعية والشركية

- ‌المبحث السابع: الرد على اعتقادهم تمثل أرواح أئمتهم والصالحين بالأجساد

- ‌المبحث الثامن: الرد على اعتقاد تصرف أئمتهم في الكون

- ‌المبحث التاسع: الرد على التزامهم المراقبة عند القبور

- ‌المبحث العاشر: الرد على اعتقاد علم أئمتهم بما في الأرحام

- ‌المبحث الحادي عشر: الرد على اعتقاد علم النبي والأولياء للغيب

- ‌المبحث الثاني عشر: الرد على اعتقاد أن النبي مخلوق من نور وأنه أول خلق الله

- ‌المبحث الثالث عشر: الرد على اعتقادهم حياة النبي في قبره حياة دنيوية

- ‌المبحث الرابع عشر: الرد على اعتقاد جواز شد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من أعظم القربات

- ‌المبحث الخامس عشر: الرد على اعتقاد جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السادس عشر: الرد على قولهم بجواز رؤية النبي يقظة

- ‌المبحث السابع عشر: الرد على تأويلهم صفة العلو

- ‌المبحث الثامن عشر: الرد على إيجابهم اتباع أبي حنيفة

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المبحث الأول: تعريف الباطنية

- ‌المبحث الثاني: سبب التسمية

- ‌المبحث الثالث: بداية الحركة الباطنية

- ‌المبحث الرابع: فرق الباطنية

- ‌المبحث الأول: الحركات الباطنية وأثرها في تدمير الأمة

- ‌المبحث الثاني: أثرها في الناحية الفكرية

- ‌المبحث الثالث: أثرها في الناحية الاجتماعية

- ‌المبحث الرابع: أثرها في الناحية السياسية

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: فرق الإسماعيلية

- ‌المبحث الثاني: أئمة الإسماعيلية

- ‌المبحث الثالث: مراتب الأئمة

- ‌المبحث الرابع: درجات دعاتهم ومراتبهم

- ‌المبحث الخامس: أبرز دعاة الإسماعيلية

- ‌المبحث السادس: أصول الإسماعيلية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أهمية التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المطلب الثاني: نماذج من تأويل الإسماعيلية للآيات القرآنية

- ‌المطلب الثالث: تأويل الإسماعيلية للتكاليف الشرعية

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق في التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المطلب الخامس: إبطال أصل التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المبحث الثامن: ضلالات الإسماعيلية

- ‌المبحث التاسع: معتقد الإسماعيلية في الإلهيات

- ‌المطلب الأول: تعريف النبوة عندهم

- ‌المطلب الثاني: المنطلقات الأساسية لمعتقد الإسماعيلية عن النبوة والأنبياء فهم

- ‌المطلب الثالث: استمرار النبوة والرسالة عندهم

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق في معتقد الإسماعيلية عن النبوة والأنبياء

- ‌المطلب الأول: تأويل القيامة وما بعدها

- ‌المطلب الثاني: البعث والمعاد

- ‌المطلب الثالث: معاد أهل دعوتهم

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق عن معتقد الإسماعيلية في الأخرويات

- ‌المطلب الأول: التكاليف الشرعية صورة عملية تطبيقية لعقيدة المسلم

- ‌المطلب الثاني: معتقدهم في التكاليف الشرعية

- ‌المطلب الثالث: أقوال علماء الفرق عن معتقد الإسماعيلية في التكاليف الشرعية

- ‌المطلب الرابع: هدف الإسماعيلية من تأويل التكاليف ونقدهم

- ‌المبحث الثالث عشر: حكم الإسلام في طائفة الإسماعيلية

- ‌الفصل الرابع: الإسماعيلية المعاصرة

- ‌المطلب الأول: تعريف بطائفة البهرة (الإسماعيلية) ونشأتها

- ‌أولا: التعريف

- ‌ثانيا: نشأة البهرة

- ‌المطلب الثاني: عقيدتهم

- ‌المطلب الثالث: كتبهم

- ‌المطلب الرابع: زعماؤهم

- ‌أولا: الدعوة الإسماعيلية في الهند

- ‌ثانيا: انتقال مركز الدعوة من اليمن إلى الهند

- ‌1 - الطائفة الجعفرية

- ‌2 - الفرقة السليمانية

- ‌3 - الفرقة العلوية والفرقة النغوشية

- ‌4 - الفرقة الهجومية

- ‌5 - الفرقة الهبتية

- ‌6 - طائفة أصحاب البستان المهدي

- ‌أولا: أحوالهم الاقتصادية والتعليمية

- ‌ثانيا: لغتهم وطقوسهم

- ‌ثالثا: مصادر دخل داعي البهرة

- ‌المطلب السابع: في أحوالهم الاجتماعية

- ‌المطلب الثامن: النظام الحالي للدعوة الطيبية

- ‌المطلب التاسع: البهرة وتعاونهم مع الاستعمار

- ‌المطلب العاشر: فتاوى العلماء عن فرقة البهرة

- ‌فتوى اللجنة الدائمة

- ‌المبحث الثاني: طائفة الأغاخانية (الإسماعيلية)

- ‌المطلب الأول: تعريف بالأغاخانية (الإسماعيلية) ونشأتها

- ‌أولا: التعريف

- ‌ثانيا: نشأة الأغاخانية الإسماعيلية

- ‌المطلب الثاني: من أبرز شخصياتهم

- ‌المطلب الثالث: عقيدتهم

- ‌أولا: من أهم عقائدهم

- ‌ثانيا: من أقوال الأب الروحي للإسماعيلية

- ‌المطلب الرابع: أعيادهم واحتفالاتهم الدينية

- ‌أولا: مزاراتهم

- ‌ثانيا: أعيادهم

- ‌المطلب الخامس: أحوالهم المادية

- ‌المطلب السادس: الضرائب عند الأغاخانية

- ‌أولا: عاداتهم

- ‌ثانيا: مطالبتهم بما يسمى تحرير المرأة

- ‌أولا: تنظيماتهم الدعوية

- ‌ثانيا: نشاطهم الدعوي

- ‌المطلب التاسع: أماكن انتشارهم

- ‌المطلب العاشر: الأغاخانية وتعاونهم مع الاستعمار

- ‌المطلب الحادي عشر: فتاوى العلماء في الأغاخانية (الإسماعيلية)

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: نشأتهم

- ‌المطلب الثالث: عقائدهم

- ‌المطلب الرابع: السليمانية في منطقة المزاحن

- ‌ثالثا: الجانب التعليمي

- ‌رابعا: الجانب السياسي والاجتماعي

- ‌المطلب الخامس: واقعها المعاصر

- ‌المطلب السابع: أبرز شخصياتهم

- ‌المطلب الثامن: أماكن انتشارهم

- ‌المبحث الأول: التعريف بهم

- ‌المبحث الثاني: التأسيس وأبرز الشخصيات

- ‌المبحث الثالث: نشأة الطائفة الإسماعيلية النزارية (الحشاشون)

- ‌المبحث الرابع: الأحداث التاريخية والسياسية التي واكبت ظهور الحشاشين

- ‌المبحث الخامس: حركة الحشاشين أو الدعوة الجديدة

- ‌المبحث السادس: الأفكار والمعتقدات والجذور الفكرية

- ‌المبحث السابع: المبادئ العامة لحركة الحشاشين وأساليبها في الدعوة

- ‌المطلب الأول: مراتب الدعاةّ

- ‌المطلب الثاني: المرحلية في الدعوة

- ‌المبحث الثامن: النشاط العسكري لحركة الحشاشين

- ‌المطلب الأول: القلاع والحصون

- ‌المطلب الثاني: الفدائيون

- ‌المطلب الثالث: الاغتيال السياسي

- ‌المبحث التاسع: الرموز السرية

- ‌المبحث العاشر: الإستراتيجية السياسية والعسكرية لحركة الحشاشين في سوريا

- ‌المبحث الحادي عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث الثاني عشر: تعامل الباطنية النزارية (الحشاشين) مع الصليبيين

- ‌جدول بأسماء القادة والعلماء الذين اغتالهم الباطنيون

- ‌المطلب الأول: التعريف بهم

- ‌المطلب الثاني: ألقابهم

- ‌المطلب الثالث: بدايات دعوتهم

- ‌المطلب الرابع: أهدافهم

- ‌المطلب الأول: الحالة السياسية

- ‌المطلب الثاني: الحالة الاجتماعية والاقتصادية

- ‌المطلب الأول: معتقدهم في الإلهيات

- ‌المطلب الثاني: معتقدهم في النبوات

- ‌المطلب الثالث: معتقدهم في الإمامة

- ‌المطلب الرابع: معتقدهم في القيامة والمعاد

- ‌المطلب الخامس: اعتقادهم في التكاليف الشرعية

- ‌المبحث الرابع: خيانات القرامطة

- ‌المبحث الخامس: أساليب القرامطة في الدعوة

- ‌المبحث السادس: العوامل التي ساعدت على نجاح القرامطة

- ‌المبحث السابع: المظهر السياسي للقرامطة

- ‌المبحث الثامن: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المطلب الأول: على الصعيد السياسي

- ‌المطلب الثاني: على الصعيد الاجتماعي

- ‌المطلب الثالث: على الصعيد الديني

- ‌المبحث العاشر: أتباعهم

- ‌المبحث الحادي عشر: أقوال العلماء في كفر القرامطة

- ‌المبحث الأول: التعريف بطائفة النصيرية

- ‌المبحث الثاني: زعيمهم وسبب انفصاله عن الشيعة وموقفهم منه

- ‌المبحث الثالث: أبرز الشخصيات بعد مؤسس النصيرية

- ‌المطلب الأول: نشأة النصيرية

- ‌المطلب الثاني: أسماء هذه الطائفة والسبب في إطلاقها عليهم

- ‌المطلب الثالث: فرق النصيرية

- ‌المبحث الخامس: مراسيم وطقوس الدخول في عقيدة النصيرية

- ‌المبحث السادس: أهم عقائد النصيرية

- ‌المبحث السابع: عبادات النصيرية

- ‌المبحث الثامن: موقف النصيرية من الصحابة

- ‌المبحث التاسع: تعظيمهم لسلمان الفارسي والأيتام الخمسة

- ‌المبحث العاشر: أعياد النصيرية

- ‌المبحث الحادي عشر: تكتم النصيرية على عقائدهم

- ‌المبحث الثاني عشر: نظرتهم تجاه المرأة

- ‌المبحث الثالث عشر: تعظيمهم للخمر

- ‌المبحث الرابع عشر: المراتب والدرجات عند النصيرية

- ‌المبحث الخامس عشر: أماكن انتشار النصيرية

- ‌المبحث السادس عشر: بيان خطر النصيرية

- ‌المبحث السابع عشر: من خيانات النصيريين

- ‌المبحث الثامن عشر: مقارنة بين عقائد الإسماعيليين والدروز والنصيرية

- ‌المبحث التاسع عشر: حكم الإسلام في النصيرية

- ‌مراجع للتوسع

- ‌المبحث الأول: التعريف بهم

- ‌المبحث الثاني: الحاكم بأمر الله وعلاقته بعقيدة الدروز

- ‌المبحث الثالث: تطور المذهب الدرزي بعد الحاكم

- ‌المبحث الرابع: أشهر دعاة الدروز وآراؤهم

- ‌المبحث الخامس: أسماء الدروز

- ‌المبحث السادس: كيف انتشرت العقيدة الدرزية

- ‌المبحث السابع: معاملة الدروز لمن يكشف شيئاً من عقائدهم

- ‌المبحث الثامن: طريقة الدروز في تعليم ديانتهم

- ‌المطلب الأول: ألوهية الحاكم عند الدروز

- ‌المطلب الثاني: التناسخ والتقمص والحلول

- ‌المطلب الثالث: الحدود الخمسة

- ‌المطلب الرابع: عقيدتهم في اليوم الآخر والثواب والعقاب

- ‌المطلب الخامس: عقيدتهم في الأنبياء

- ‌المطلب السادس: عقيدتهم في التستر والكتمان

- ‌المطلب السابع: رسائل الدروز وكتبهم المقدسة

- ‌المطلب الأول: إبطال مفهومهم للألوهية، وحلول اللاهوت في الناسوت

- ‌المطلب الثاني: إبطال قولهم بالتناسخ والرجعة

- ‌المطلب الأول: نقضهم أركان الإِسلام، وفرضهم بدلها سبع دعائم تكليفية

- ‌المطلب الثاني: الزواج والطلاق والوصية عندهم

- ‌المطلب الثالث: تقسيم المجتمع الدرزي إلى عقال وجهال ونظام الخلوات عندهم

- ‌المطلب الأول: موقفهم من اليهود

- ‌المطلب الثاني: موقفهم من النصارى

- ‌المطلب الثالث: موقفهم من النصيرية

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين النصيرية والدروز

- ‌المبحث الثالث عشر: الدروز في العصر الحاضر

- ‌المبحث الرابع عشر: خيانات الدروز

- ‌المبحث الخامس عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث السادس عشر: حكم الإسلام فيهم وفي معاملاتهم

- ‌مراجع للتوسع

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الشيخية أو الرشتية

- ‌ثانيا: البابية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: نشأته

- ‌المطلب الثاني: ثقافته

- ‌المطلب الثالث: عمالته هو وأسرته لأعداء الإسلام والمسلمين

- ‌المطلب الرابع: نبوءات البهاء

- ‌المطلب الخامس: وفاته

- ‌المطلب الأول: انقسام البهائية وأهم زعمائها

- ‌المطلب الثاني: أسباب انتشار البهائية

- ‌المطلب الثالث: مواطن انتشار البهائية

- ‌أولا: عقيدة البابية:

- ‌ثانيا: شريعة البابية

- ‌ثالثا: الكتاب المقدس للبابية

- ‌أولا: عقيدتهم في الله

- ‌ثانيا: عقيدتهم في الأنبياء

- ‌ثالثا: عقيدتهم في اليوم الآخر

- ‌رابعا: موقفهم من القرآن والسنة وكتابهم المقدس عندهم

- ‌خامسا: البهائية والإباحية

- ‌سادسا: موقفهم من المسلمين وغير المسلمين

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: وحدة الأديان

- ‌المطلب الثاني: وحدة الأوطان

- ‌المطلب الثالث: وحدة اللغة

- ‌المطلب الرابع: السلام العالمي

- ‌المطلب الخامس: المساواة بين الرجال والنساء

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أركان الإسلام

الفصل: ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق في التأويل الباطني عند الإسماعيلية

‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق في التأويل الباطني عند الإسماعيلية

وأما أهل المقالات من علماء المسلمين فقد نقلوا نماذج كثيرة من مثل هذه التأويلات – التي قررها الباطنيون لأنفسهم مستخلصين بعد ذلك هدفا خطيرا ويسعى إليه أهل هذا التأويل فمما قال البغدادي: إنهم تأولوا لكل ركن من أركان الشريعة تأويلا يورث تضليلا فزعموا أن معنى الصلاة موالاة إمامهم والحج زيارته وإدمان خدمته والمراد بالصوم الإمساك عن إفشاء السر للإمام دون الإمساك عن الطعام وزعموا أن من عرف معنى العبادة سقط عنه فرضها وتأولوا في ذلك قوله تعالى وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر: 99]، واليقين معرفة التأويل ونقل البغدادي رسالة متبادلة بين باطنيين ومما جاء فيها: وهل الجنة إلا هذه الدنيا ونعيمها وهل النار وعذابها إلا ما فيه أصحاب الشرائع من التعب والنصب في الصلاة والصيام والجهاد والحج (1).وقال الحمادي اليماني – وهو ممن دخل مذهبهم واطلع على أسرارهم – وأنهم في أول الدعوة يلبسون على المدعو فيحضونه على شرائع الإسلام لكنهم يخدعونه بروايات محرفة وأقوال مزخرفة ويتلون عليه القرآن على غير وجهه ويحرفون الكلم عن مواضعه فإذا رأوا منه قبولا وانقيادا قالوا له لا تقنع لنفسك بما قنع به العوام من الظواهر وتدبر القرآن ورموزه واعرف مثله وممثوله واعرف معاني الصلاة والطهارة والزكاة والصوم والحج فإن لهذه ممثولات محجوبة وهو باطنها فالصلاة صلاتان والزكاة زكاتان وكذلك الحج والصوم. وما خلق الله سبحانه من ظاهر الأدلة باطن فالظاهر ما تساوى به الناس وعرفه الخاص والعام وأما الباطن فقصر علم الناس عن العلم به فلا يعرفه إلا القليل فلا يزال الداعي ينقل مدعوه من درجة إلى أخرى حتى يحط عنه جميع التكاليف الشرعية ويقع ذلك المستجيب موقع الاتفاق والموافقة لأنه مذهب الراحة والإباحة يريحهم مما تلزمهم الشرائع من طاعة الله ويبيح لهم ما حظر عليهم من محارم الله (2).

ويقول الغزالي: إن من ارتقى إلى علم الباطن انحط عنه التكليف واستراح من أعبائه وهم المرادون بقوله تعالى .... وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ..... [الأعراف: 157]، وفي موضع آخر قال: إن معتقد الباطنية في التكاليف الشرعية الإباحة المطلقة ورفع الحجاب واستباحة المحظورات واستحلالها وإنكار الشرائع وبناء على هذا المعتقد صنفوا الخلق صنفين:

(1)((الفرق بين الفرق)) للبغدادي (ص: 280 281).

(2)

((كشف أسرار الباطنية)) للحمادي (ص: 11 – 12).

ص: 78

الصنف الأول: المستجيبون لدعوتهم وهؤلاء في نظرهم أحاطوا من جهة الإمام بحقائق الأمور واطلعوا على بواطن الظواهر حتى وصلوا إلى رتبة الكمال في العلوم وعندئذ تنحط عنهم التكاليف العلمية وتحل عنه قيدوها لأن المقصود من أعمال الجوارح تنبيه القلب لينهض لطلب العلم فإذا ناله استعد للسعادة القصوى وسقط عنه تكليف الجوارح. الصنف الثاني: الجهال والأغبياء – أي المسلمون في زعمهم – الذين يجهلون بواطن الأمور وتأويلاتها فهؤلاء لا يمكن رياضة نفوسهم إلا بالأعمال الشاقة ولذا يكلفون بتأدية العبادات وأعمال الجوارح عقوبة ونكالا لهم ويضيف الغزالي إلى أن هذا فن من الإغواء شديد على الأذكياء والغرض منه هدم قوانين الشرع (1). ويقول ابن تيمية رحمه الله في معرض رده على مبتدعة أهل الكلام: أنهم لما فتحوا باب القياس الفاسد في العقليات والتأويل الفاسد في السمعيات صار ذلك دهليزا للزنادقة الملحدين

حتى انتهى الأمر بالقرامطة الباطنيين إلى إبطال الشرائع المعلومة كلها كما قال رؤسائهم بالشام: قد أسقطنا عنكم العبادات فلا صوم ولا صلاة ولا حج ولا زكاة (2).وقال المرتضى: إن الباطنية يقولون إن فائدة الظاهر من الأعمال أن يتوصل بها إلى فهم الباطن فمتى فهمه العبد سقطت عنه الأعمال إذ قد حصل المقصود بها (3).ونقل الديلمي والمرتضى ما كتبه أبو القاسم القيرواني في كتابه (البلاغ إلى وصيف المحمدي) أنه حلله من عقاله وأطلقه من وثاقه فلا صوم عليه ولا صلاة ولا حج ولا جهاد ولا يحرم عليه شيء من طعام وشراب ونكاح (4).ويقول الشاطبي: إن هدف الباطنيين من تأويلهم: إنهم أرادوا باعتقادهم هذا إبطال الشريعة جملة وتفصيلا وإلقاء ذلك فيما بين الناس لينحل الدين في أيديهم فلم يمكنهم إلقاء ذلك صراحا فيرد ذلك في وجوههم وتمتد إليهم أيدي الحكام فصرفوا أعناقهم إلى التحيل ومن جملتها صرف الهمم من الظواهر إحالة على أن لها بواطن هي المقصودة (5).وهكذا ومن خلال ما نقلناه سابقا عن الإسماعيلية من تأويلات باطنية وما نقلناه آنفا عن علماء الفرق وتصويرهم لهذه التأويلات يتضح لنا الإجماع على أن هدف الإسماعيليين الخطير التحلل من الشرائع وإسقاط العمل بالظاهر الذي هو في حقيقة الأمر جميع شرائع الإسلام وأركانه العملية وليست هذه تهمة أو مجرد رد بدون تثبت وأدلة من جانب علماء المسلمين بل إن المتتبع لمثل هذه النتائج يجدها بكل دقة وأمانة في كتب الباطنيين أنفسهم وهذا عدد من نصوصهم على هذه النتيجة أو ذلك الهدف الأساسي من التأويل مقارنة بما أسلفنا من نقول لعلماء المسلمين فمن أدعية المعز العبيدي دعاء أسموه (دعاء يوم السبت) ومما جاء فيه قوله: وعلي القائم بالحق الناطق بالصدق التاسع من جده الثامن من أبيه الكوثر السابع من آبائه الأئمة سابع الرسل من آدم وسابع الأوصياء من شيث وسابع الأئمة من البررة .... إلى قوله الذي شرفته وعظمته وكرمته وختمت به عالم الطبيعة وعطلت بقيامه ظاهر شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كل ذلك بالقوة لا بالفعل (6)

(1)((فضائح الباطنية)) للغزالي (ص: 12 – 46 – 47).

(2)

((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (5/ 552).

(3)

((مخطوطة المنية والأمل للمهدي)) لدين الله المرتضى (ص: 38).

(4)

((مخطوطة المنية والأمل للمهدي)) لدين الله المرتضى (ص: 238)((بيان مذهب الباطنية وبطلانه)) للديلمي (ص: 81).

(5)

((الاعتصام)) للشاطبي (1/ 252).

(6)

((الحقائق الخفية)) للداعي طاهر الحارثي (ص: 129 - 130) ..

ص: 79

وفي بعض مصادر الإسماعيليين إفصاح عن سقوط العمل بالظاهر لبعض الدعاة في مرحلة من مراحل سلم العدوة يقول أحد دعاتهم: من عرف هذا الباطن سقط عنه عمل الظاهر وإنما وضعت الأصفاد والأغلال على المقصرين أما من بلغ وعرف هذه الدرجات التي قرأتها عليك فقد أعتقته من الرق ورفعت عنه ورفعت عنه الأغلال والأصفاد وإقامة الظاهر (1). ويقول داعيهم الباطني سنان راشد الدين: إن الإنسان متى عرف الصورة الدينية فقد عرف حكم الكتاب ورفع عنه الحساب وسقط عنه التكليف وسائر الأسباب (2). وفي كتاب (الحقائق الخفية): أن حجج الليل هم أهل الباطن المحض المرفوع عنهم في أدوار الستر التكاليف الظاهرة لعلو درجاتهم (3).وعند المطارمة – وهم فرع من فروع الإسماعيلية – أن لكل إمام اثنى عشر حججا في حضرته السامية وهم أهل الحقائق السانية لا يدخلون تحت التكاليف لأنهم قاموا بذلك قبل التصاريف (4).

هذه هي نصوص القوم – وكما نلاحظها – ناطقة بنفسها على الإقرار والاعتراف على غرضهم من التأويل الباطني – وهو إسقاط الجانب العملي من دين الإسلام بتأويلات ساقطة وهذا هو أهم هدف يرنون إليه ولهم مع ذلك أغراض أخرى أجملها في ثلاثة أمور: الأمر الأول: التشكيك في المصادر الأصلية للمسلمين وهما كتاب عز وجل وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ومن وصايا أحد أئمتهم إلى داع من دعاته قوله وأوصيك بتشكيك الناس في القرآن والتوراة والزبور والإنجيل وبدعوتهم إلى إبطال الشرائع وإبطال المعاد (5).

الأمر الثاني: إن الإمامة أصل من أصولهم – كما سبق أن ذكرنا – فمن دعواها ومن طريقها يشرع أئمتهم حسبما يهوون ويريدون لأنهم هم أصحاب التأويل الذين يعرفون بواطن النصوص والأدلة ولذا فهم يؤولون حسب أغراضهم ومعتقداتهم.

الأمر الثالث: الدخول إلى الناس من عدة وجوه للدعوة إلى مذهبهم فمن كان مائلا إلى التحلل من العبادات والتكاليف أولوا له النصوص على الوجه الذي يستطيعون به جذبه إليهم ومن كان مائلا إلى الشهوات فتحوا له باب الانغماس فيها.

ومن كان مائلا إلى الزهد حملوه على العبادات وهكذا يعتبر التأويل الباطن أصلا من أصول الباطنية على تعدد فرقها وتشعب سبلها لأنها تؤدي إلى هذه الأهداف والغايات التي يسعى إليها كل باطني هدما وتخريبا وفي استدلاله بالآيات القرآنية وما صح من الأحاديث القليلة جدا يحققون أمورا أربعة – كما ذكر كاتب معاصر – هي:

1ـ عدم رفض القرآن – في الظاهر – ككتاب ديني مقدس.

2ـ التخلي – في الباطن – عن أحكامه وملزماته وفروضها من خلال تأويلها.

3ـ وفي نفس الوقت دعم حركتهم وعقائدهم – الباطنية – وتعزيزها بآيات قرآنية وأحاديث كثيرة جدا الصحيح منها أقل القليل.4ـ وفي نفيهم – أو تجاوزهم – المعاني الظاهرية للقرآن يبرز الفراغ الفكري الذي كانت تملأه تلك المعاني ومن هنا يفتح المجال لنزعاتهم وتطلعاتهم كي تتحرك وتؤثر بحرية بعيدة المدى (6).هذه هي أهم أهداف الإسماعيليين من أصلهم هذا الذي لا يقل خطورة عن أصلهم الأول (الإمامة) وكلا الأصلين يمثلان تجاوزا خطيرا لكل العقائد والمفاهيم الإسلامية بل أنهما في حقيقة الأمر محاولة جادة يائسة لنسف الإسلام بعظمته وشموله وواقعيته وإحلال المفاهيم الباطنية الإلحادية – بقزامتها وضآلتها – محله ورحم الله الإمام الغزالي الذي عرف أهدافهم وفضحهم بكتابه (فضائح الباطنية) ومما قال عنهم: إن هذه الدعوة لم يفتتحها منتسب إلى ملة ولا معتقدة لنحلة معتضد بنبوة فإن مساقها ينقاد إلى الانسلال من الدين كانسلال العشرة من العجين (7).

‌المصدر:

أصول الإسماعيلية لسليمان بن عبد الله السلومي – 2/ 485

(1)((الهفت الشريف)) (ص: 65).

(2)

((كتاب شيخ الجبل الثالث)) لمصطفى غالب (ص: 141).

(3)

((الحقائق الخفية)) للأعظمي (ص: 102).

(4)

((حياة الأحرار)) لمحمد علي المكرمي مخطوطة (ص: 61)

(5)

((الفرق بين الفرق)) للبغدادي (ص: 277).

(6)

((الحركات الباطنية في العالم الإسلامي)) لمحمد الخطيب (ص: 113).

(7)

((فضائح الباطنية)) للغزالي (ص: 18).

ص: 80