الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس: عقيدتهم في الأنبياء
(الدروز ينكرون جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وينسبونهم إلى الجهل، ذلك أنهم كانوا يشيرون إلى توحيد العدم، وما عرفوا المولى – أي الحاكم)(1).ويرون أن المعجزة يمكن أن يصل إليها كل إنسان ذي نزاهة إزاء نفسه (2).
وحمزة يرى وجوب محاربة جميع الأنبياء، أصحاب الشرائع الظاهرة آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد، ووجوب البراءة من شرائعهم وعقائدهم الفاسدة وأديانهم المضللة، إذ هي النار والهاوية.
فالناطق والأساس عندهم هما إبليس والشيطان، فالأول – أي إبليس – ظهر في جسم آدم ثم انتقل إلى نوح، ثم إلى إبراهيم، ثم إلى موسى، ثم إلى عيسى، ثم إلى محمد، ثم إلى سعيد. وأما الثاني – أي الشيطان – فظهر أولاً في جسم شيث بن آدم، ثم في سام، ثم في إسماعيل، ثم في يشوع بن نون بعد هارون، ثم شمعون الصفا، ثم في علي بن أبي طالب، ثم في قداح) (3).ولذلك فهم يقذفون الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بأسماء وألفاظ فاحشة، كالقبل والدبر والغائط والبول، ولا يتركون مجلسًا من التشنيع عليهم، وأكثر كراهيتهم متجه نحو المسلمين) (4).فيقولون عن النبي صلى الله عليه وسلم وآله:(بأنهم حروف الكذب، هي ستة وعشرون وهم: دليل إبليس وأولاده وزوجاته وهم: محمد وعلي وأولاده الإثني عشر إمامًا)(5).
وكما سبق – ذكره فإنهم يعتقدون أن حمزة ظهر بصور مختلفة في جميع الأدوار، وكان في زمن محمد صلى الله عليه وسلم بصورة سلمان الفارسي، (ولهذا فإنهم يزعمون أن القرآن قد أوحي حقيقة إلى سلمان الفارسي، وأنه كلامه، وأن محمدًا أخذه وتلقاه عنه، حتى زعموا بأن خطاب لقمان الذي خاطب به ولده: يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر (6) هو خطاب سلمان لمحمد (7).
وهم لهذا يحاولون أن يؤولوا من آيات القرآن ما يمكنهم تأويله حسب معتقدهم وينكرون ما عداه.
(1) محمد كرد علي: ((خطط الشام))، (6/ 264).
(2)
كمال جنبلاط ((هذه وصيتي)) (ص 41).
(3)
مخطوط في تقسيم جبل لبنان: الجامعة الأمريكية ببيروت (رقم 31) – ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية (رقم 31) – ومخطوط بعنوان (لبعضهم قول وجيز) مؤلف مجهول – الجامعة الأمريكية – مكتبة القديس بولس (رقم 206) – ويجد شريط عنه في الجامعة الأردنية (رقم 715).
(4)
مخطوط في تقسيم جبل لبنان.
(5)
مخطوط ذكر ما يجب أن يعرفه الموحد: الجامعة الأمريكية ببيروت (رقم 206)، ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية (رقم 715).
(6)
* لقمان: 17*.
(7)
محمد كرد على: ((خطط الشام))، (6/ 265 – 266).
وبسبب كراهيتهم للرسول صلى الله عليه وسلم يقولون عنه: (فهذه الدعامة – يقصدون شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله – المقدم ذكرها هي تكليفية ناموسية، لأن العبادة للمعدوم تكليف، وما أحد قط نصح له عبادة معدوم، ولا تصح رسولية لكافر مشرك منافق ابن مشرك – يقصدون محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
ثم أقام دعامة الجهاد، به قام إبليس لعنه الله وجعله فرضًا على المسلمين، فالحاكم جل ذكره أبطله وحرمه
…
ثم أقام دعامة الولاية لقوله وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [التغابن:12] على زعمهم أن الله فوق السماء، ومحمدًا رسول الله، كذبوا لعنهم الله فما في السماء ولا في الأرض إله إلا الحاكم جل ذكره (1).ويزعمون أيضًا أنه:(عندما يتجلى الحاكم في الركن اليماني – من الكعبة – وفي يده السيف، ينادي على المشركين بالغضب والزجر، ويعطي السيف حمزة فيقتل شخصين لا غير أحدهما متقمص فيه محمد بن عبد الله صاحب دين الإِسلام، والثاني علي بن أبي طالب، ثم يرسل الصواعق على الكعبة فتدك دكا)(2).
ويقولون كذلك: (إن الفحشاء والمنكر هما أبي بكر وعمر)، وأن الآية الكريمة التي تقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ [المائدة:90]. يراد بذلك الخلفاء الراشدين الأربعة، وأنهم من عمل محمد بن عبد الله) (3).
وأما موقفهم من آدم عليه الصلاة والسلام، فإنهم لا يعتبرونه أول الخلق وأبو البشر، بل كان أكثر من آدم في ذلك الدور، ولهذا فهم ينكرون أن آدم بلا أب وأم وأن آدم وباقي البشر قد خلقوا من تراب، وعن هذا يقول حمزة في (رسالة السيرة المستقيمة): (وأما قولهم أنه بلا أب ولا أم، فهو من المحال أن يكون جسمًا ناطقًا إلا من جسم مثله ذكر وأنثى. وأما التراب الطبيعي فما يظهر منه خلق غير الحيات والعقاب والخنافس وما شاكل ذلك، وأما بشر فلا يجوز أن يكون من التراب ولو كان كما قالوا بأنها فضيلة لآدم حيث لا يخرج من ظهر ولا يدخل في رحم، ولا يتدنس بدم، فقد كان يجب بأن يخلق محمدًا من التراب، ولم يخرجه من ظهر كافر، ولم يدنسه بدم جاهلة كافرة.
والمسلمون كلهم يعتقدون بأن والدي محمد كانا وماتا كافرين، وأن محمدًا لا يقدر يشفع في أمته إلا بعد أن يترك أمه وأباه ويتبرأ منهما، ويختار أمته على والديه ويتركهما في جهنم، وهذا كلام قبيح ظاهر وضيع باطنه، ولا يليق بالعقل ولا يقبله عاقل. وآدم هم ثلاثة: آدم الصفا الكلي، ومن قبله آدم العاصي الجزوي ومن دونه آدم الناسي الجرماني، وجميعهم من ذكر وأنثى لا كما قالوا أهل الزخاريف الحشوية بأنهم من التراب، حاشا الباري سبحانه وعز سلطانه أن يخلق صفيه وخليفته من التراب وهو من أهون الأشياء) (4).
وأما عن حواء، فهي ليست زوجته، وإنما هي حجته وأحد دعاته ولقبت بحواء لأنها احتوت على جميع المؤمنين. وقد سبق أن ذكرنا أيضًا موقفهم من موسى عليه السلام، فهم ينكرون عليه أنه (كليم الله) لأنه كلم الشجر والجبل، وهذا ما لا يليق بالله في نظرهم) (5).
أما عن كلمة (الضد) ومفهومها عند الدروز فقد كثرت في رسائل حمزة هذه الكلمة وقصد بذلك الرسل عليهم الصلاة والسلام، وقد يطلقها بصورة صريحة على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
(1) مخطوط في تقسيم جبل لبنان.
(2)
مخطوط (حصر اللثام عن الإسلام) رزق حسونة الحلبي: الجامعة اليسوعية في بيروت (رقم 967) – ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية (رقم 749).
(3)
مخطوط (في تقسيم جبل لبنان).
(4)
رسالة السيرة المستقيمة.
(5)
راجع مبحث ألوهية الحاكم.
أما كلمة (عجل) فيقول صاحب مذكرة (أيها الدرزي عودة إلى عرينك) عن مدلولها عند الدروز وما ترمي إليه بقوله: (إن هذه الكلمة تحمل معنى لا يدركه إلا الراسخون في الحمزوية، إذ هي مشتقة من الاستعجال، ولذا حاول (العجل) أن يشبه نفسه بحمزة، أي حاول رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أن يأتي بشريعة كشريعة حمزة. ويضيف قائلاً: ولا ريب أن الحمزوي العميق يدرك المقصود من هذه الكنايات، إذ لا يخفى أن حمزة سار بالنظر لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وسيدنا علي رضي الله عنه تدريجيًا، إذ رآهما أولاً مستخدمين عند الحاكم دالين على مدلول هذا المقصود، ثم حرمهما من هذه المنزلة (منزلة العبودية للحاكم)
…
فدعا محمدًا (ضدا وعجلا)، وسلب من علي درجة الأساس ودعاه اللعين
…
بل كثيرًا ما أردف تلاميذه هاتين الكلمتين أو (لعنة الله) أو (أبعده الله من الرحمة) كما نرى هذا في النقط والدوائر ص 12) (1).ويبدو أن حقيقة هذه الكلمة وما ترمز إليه قد جعل بعض الناس يضعون إشارات استفهام على مدلولها، ولهذا يقول صاحب مذكرة (أيها الدرزي عودة إلى عرينك):(هذه حقيقة العجل التي كاد ذوو الأنوف السليمة يستنشقونها فاندفعت مجلة الضحى عدد كانون الثاني 1966 تضاعف حولها الغبار وتكثف الغيوم وتحدثنا عن العجل بالعهد القديم والقرآن الكريم وتفيض بأمجاد قبيلة بني عجل الذين اشتركوا بموقعة ذي قار)(2).
المصدر:
عقيدة الدروز عرض ونقض لمحمد أحمد الخطيب – ص 169
(1)((أيها الدرزي عودة إلى عرينك))، (ص 77 – 78).
(2)
((أيها الدرزي عودة إلى عرينك))، (ص 78).