الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد الأحد الذي لا شبيه له ولا مثيل ولا ند ولا عديل المنزه عما يخطر بالبال أو يتوهم في الفكر والخيال فالعقول في الإحاطة به عقال جل أن تبلغه الأوهام أو أن تدركه الأفهام أو أن يشبه الأنام أو أن تحيط به الأجسام.
وأشهد أن محمدا خاتم الأنبياء والمرسلين هدانا إلى أقوم الطرق وأفضل السبل وأنزل الله عليه أعظم الكتب (القرآن) فحفظه من التبديل والتغيير والتحريف والنقصان وجعله آية ومعجزة على مر الأزمان فأكمل الله به الدين وأتم به النعمة على المسلمين قال تعالى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا [المائدة:3] فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين أما بعد: فقد رضي الله لعباده الدين الذي أكمله فلا نحتاج لشيء آخر إلى قيام الساعة وحذرنا سبحانه من اتباع السبل الخداعة فقال سبحانه وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ [الأنعام: 153] فسرها النبي صلى الله عليه وسلم ((فخط خطا مستقيما ثم خط عن يمينه وعن شماله خطوطا ثم قال: هذا سبيل الله وهذه السبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ثم قرأ الآية)) (1) وقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال: ((كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم. قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم وفيه دخن. قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر. قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت: يا رسول الله صفهم لنا؟ فقال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا)) (2).
(1) رواه أحمد في المسند (1/ 435)(4142) والدارمي (202) والنسائي في الكبرى (6/ 343) وابن حبان (1/ 180)(6) والحاكم (2/ 261)(2938) وقال صحيح الإسناد والحديث حسنه الألباني كما في المشكاة (166)
(2)
رواه البخاري (3606) ومسلم (1847)
هكذا أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء الشياطين الذين يدعون إلى سبل الغواية والضلال فهم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا أي بألسنة أهل الإسلام فيتكلمون بالكتاب والسنة بعدما يحرفون معانيهما لتوافق ما يدعون إليه من باطل متسترين باسم الدين متقنعين بمظاهر أهل الحق فكأنهم حين تراهم من أهله ومن دعاته حتى إذا أجابهم مجيب تلقفوه فقذفوه في النار. وهؤلاء الشياطين من الأنس وشركاءهم من شياطين الجن يستغلون في نشر دعواتهم فشو الجهل بالدين وبعد الناس عن نبعه الصافي كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فيستهدفون ضعفاء الإيمان ومتزعزعي العقيدة ومتبعي الشهوات والأهواء لذلك تجد أن متبعيهم إما جهلة غرر بهم وإما أناس اتبعوا شهواتهم وآثروا الحياة الدنيا ووجدوا في هذه الملل متسعا لإشباع تلك الشهوات فانتحلوها سعيا وراء الدرهم والدينار والمنصب والرياسة والشهرة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تكون بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع أقوام دينهم بعرض من الدنيا)) (1).
وإن من أخطر الدعوات وأعظم الفتن التي فتن بها هؤلاء الشياطين كثيرا من الناس هو تعظيم شخص ورفعه والتعلق به حتى يؤول الأمر إلى عبادته.
وأول من أظهر هذه الفتنة وأستخدمها لهدم الدين الإسلامي هو اليهودي المعروف بابن السوداء عبد الله بن سبأ اليهودي فقد حمله الحقد على أهل الإسلام بعدما طهر الله بهم أرض جزيرة العرب من دنس اليهود إلى أن يظهر الإسلام ويبطن الكفر فيتمكن من الكيد للإسلام وأهله فأظهر الورع والفقه وأخذ يستقطب حديثي الإسلام من المجوس وغيرهم وغرس في نفوسهم تعظيم على بن أبى طالب رضي الله عنه حتى أوصلهم إلى أن قالوا لعلى يوما أنت ربنا ففزع على رضي الله عنه من هول مقالتهم وحبسهم وجعل يطلب توبتهم ثلاثة أيام فلما لم يتوبوا وأصروا على كفرهم أوقد نارا ودعا مولاه قنبرا وقذفهم فيها وأنشد قائلا:
إني لما رأيت الأمر أمرا منكرا
أوقدت ناري ودعوت قنبرا
(1) رواه الترمذي (2197) وأحمد (4/ 277)(18462) والحاكم في المستدرك (4/ 485) من حديث أنس. قال الترمذي: غريب من هذا الوجه. وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء (8/ 138) حسن. وقال السخاوي في البلدانيات (136) حسن. وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (810) حسن
وكان هذا هو بداية غرس تعظيم شخص في هذا الدين والذي أثمر بعد ذلك فرق الرافضة - الشيعة - والتي تقوم بشكل أساسي على تعظيم على والأئمة حتى كان من نبت الرافضة فرقة تسمى بالباطنية والتي أسست في عهد الخليفة المأمون على يد الزنديق ميمون بن ديصان القداح وهدفها الرئيسي إبطال الشريعة بأسرها والقضاء على الدين ونسخه فهم أصحاب ملة خبيثة قال فيهم الإمام الإسفرايينى رحمه الله في كتابه (التبصير في الدين)"وفتنتهم على المسلمين شر من فتنة الدجال فإن فتنة الدجال إنما تدوم أربعين يوما وفتنة هؤلاء ظهرت أيام المأمون وهي قائمة بعد ".ذكر أهل التواريخ أن الذين وضعوا دين الباطنية كانوا من أولاد المجوس قال بن طاهر في (الفرق بين الفرق)"وليست الباطنية من فرق ملة الإسلام بل هي من فرق المجوس"ولكن لما لم يقدروا على إظهار الدين المجوسي مخافة سيوف المسلمين وضعوا مذهبهم على مداهنة أهل الإسلام والتظاهر بأنهم منهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا)) (1) ثم راحوا يبثون سمومهم في الأمة عن طريق التفسير الباطني للنصوص فادعوا أن للنصوص ظواهر وبواطن تجرى في الظاهر مجرى اللب من القشر فظاهر النصوص عندهم للعوام والجهلة والحمير والأغبياء على حد وصفهم أما بواطن النصوص فهي للعقلاء والأذكياء منهم فحولوا الآيات إلى رموز وإشارات وأعداد ترمز في زعمهم إلى حقائق معينة تخدم دعواهم الباطلة وتناقض شريعة الإسلام وتنقضها فمن توصل إلى معرفة بواطن النصوص توصل للحقيقة ومن وقف نظره على ظاهر النصوص نزح تحت الأواصر والأغلال التي هي عندهم التكليف الإلهي الأوامر والنواهي الشرعية.
ومن يرتقى إلى علم الباطن عندهم يرفع عنه التكليف فلا يتعلق به خطاب الشارع في أي شيء فلا صلاة عليه ولا زكاة ولا صوم ولا حج ولا يحرم عليه شيء فله أن يفعل ما يشتهي من معاقرة الخمور أو الزنا حتى مع المحارم أو حتى اللواط أو إتيان البهائم.
ففتحوا بذلك باب إشباع الشهوات على مصراعيه حتى يجتذبوا سقطة الناس وأراذلهم وفتحوا كذلك باب التفسير الباطني للقرآن فتلقفه كل صاحب هوى وبدعة وأخذ يلوى عنق النصوص ويؤولها إلى ما يؤيد بدعته ويتماشى مع هواه من غير احتكام للضوابط الشرعية واللغوية المصطلح عليها عند أهل العلم.
كان من جملة الباطنيين رجل يدعى عبيد الله القيرواني كتب مرة إلى سليمان بن الحسن القرمطي الباطني يقول " أوصيك بتشكيك الناس في التوراة والإنجيل والقرآن فإنه أعظم عون لك". ومما جاء في رسالته " وأعجب من هذا في دينهم ـ أي المسلمين ـ أن الواحد منهم تكون له ابنة حسناء يحرمها على نفسه ويبيحها للأجنبي ولو كان له عقل لعلم أنه أولى بها من الرجل الأجنبي ولكنهم قوم خدعهم رجل بشيء لا يكون أبدا خوفهم بالقيامة والنار ومناهم بالجنة واستعبدهم".
كل هذا الكفر البواح الذي يظهر جليا في معتقد الباطنية وتراهم مع ذلك يتسمون بأسماء المسلمين ويخالطونهم مخفين مذهبهم بل ربما صلى الواحد منهم صلاة المسلمين متسترا بها.
وأصل عقيدتهم إبطال الدين ونقض الشريعة والصد عن العبادات وإنكار البعث والحساب والجنة والنار حتى تشيع الفواحش وحتى ينهدم الدين وتنهدم الأمة.
وقد ذهب العلماء إلى أن الباطنية كفار خارجين عن ملة الإسلام قال الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله في كتابه (فضائح الباطنية)" والقول الوجيز أنه يسلك فيه ـ أي الباطني الكافرـ مسلك المرتدين في النظر في الدم والمال والنكاح والذبيحة ونفوذ الأقضية وقضاء العبادات".
(1) رواه البخاري (3606) ومسلم (1847). .
بل كان العلماء يرون أن كفر هؤلاء أعظم من كفر اليهود والنصارى كما قال شيخ الإسلام رحمه الله وأن قولهم يتضمن الكفر بجميع الكتب والرسل كما نقل شيخ الإسلام عن الشيخ إبراهيم الجعبري لما اجتمع بابن عربي - وكان باطنيا - فقال " رأيت شيخا نجسا يكذب بكل كتاب أنزله الله وبكل نبي أرسله الله".
فنخلص مما سبق أن الباطنية:
كفار تظاهروا بالإسلام واستبطنوا الكفر والعداء للإسلام وأهله وأنهم يؤولون النصوص وفقا لما يخدم مذهبهم الباطل.
وقد توالدت هذه الفرقة وتشعبت فخرج منها من فرق الغواية والضلال الكثير مثل القرامطة الذين اقتحموا الحرم سنة 317هـ ونهبوا الحجاج واقتلعوا باب البيت والحجر الأسود وظل خارج الحرم في حوزتهم حتى سنة 339هـ.
ومثل الإسماعيلية والتي انقسمت بدورها إلى فرق شتى ومثل النصيرية الذين يقولون بحلول الله في علي بن أبى طالب رضي الله عنه تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
ومن هذه الفرق الدروز عبدة الحاكم بأمر الله الفاطمي ومنها القاديانية والأحباش والشيخية.
ومن هذه الفرق الباطنية (البابية) و (البهائية) والتي هي حديث الساعة وموضوع هذا المختصر عباد الميرزا حسين علي النوري المازندراني الإيراني الذي لقب نفسه بـ (بهاء الله) عملاء الصهاينة اليهود الذين احتلوا بهم فلسطين ويريدون أن يغزوا بهم هذا البلد الأمين مصر وسائر بلاد المسلمين.
نحاول أن نقف على شيء من تاريخ هذه النحلة ونتعرف على عقيدتها الفاسدة ولنكشف قناع التقية والكذب الذي يتقنعون به فيوهمون الناس أنهم دعاة محبة وسلام وأنهم أصحاب ديانة وعقيدة سماوية ونظهر بحول الله وقوته الوجه الوثني الإباحي الدميم لهذه الملة حتى نكون على حذر من فتنتها فإن من لم يعرف الشر وقع فيه.
المصدر:
فتنة البهائية تاريخهم عقائدهم حكم الإسلام فيهم لأبي حفص أحمد بن عبد السلام السكندري