المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الخامس: الرد على اعتقادهم جواز الاستغاثة بغير الله - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٩

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الأول: الرد على عقيدة وحدة الوجود

- ‌المبحث الثاني: الرد على عقيدة تصور المشايخ:

- ‌المبحث الثالث: الرد على ما ابتدعوه من أوراد وأشغال صوفية

- ‌المبحث الرابع: الرد على ما جاء في دلائل الخيرات والبردة والهمزية

- ‌المبحث الخامس: الرد على اعتقادهم جواز الاستغاثة بغير الله

- ‌المبحث السادس: الرد على تبركاتهم البدعية والشركية

- ‌المبحث السابع: الرد على اعتقادهم تمثل أرواح أئمتهم والصالحين بالأجساد

- ‌المبحث الثامن: الرد على اعتقاد تصرف أئمتهم في الكون

- ‌المبحث التاسع: الرد على التزامهم المراقبة عند القبور

- ‌المبحث العاشر: الرد على اعتقاد علم أئمتهم بما في الأرحام

- ‌المبحث الحادي عشر: الرد على اعتقاد علم النبي والأولياء للغيب

- ‌المبحث الثاني عشر: الرد على اعتقاد أن النبي مخلوق من نور وأنه أول خلق الله

- ‌المبحث الثالث عشر: الرد على اعتقادهم حياة النبي في قبره حياة دنيوية

- ‌المبحث الرابع عشر: الرد على اعتقاد جواز شد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من أعظم القربات

- ‌المبحث الخامس عشر: الرد على اعتقاد جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السادس عشر: الرد على قولهم بجواز رؤية النبي يقظة

- ‌المبحث السابع عشر: الرد على تأويلهم صفة العلو

- ‌المبحث الثامن عشر: الرد على إيجابهم اتباع أبي حنيفة

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المبحث الأول: تعريف الباطنية

- ‌المبحث الثاني: سبب التسمية

- ‌المبحث الثالث: بداية الحركة الباطنية

- ‌المبحث الرابع: فرق الباطنية

- ‌المبحث الأول: الحركات الباطنية وأثرها في تدمير الأمة

- ‌المبحث الثاني: أثرها في الناحية الفكرية

- ‌المبحث الثالث: أثرها في الناحية الاجتماعية

- ‌المبحث الرابع: أثرها في الناحية السياسية

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: فرق الإسماعيلية

- ‌المبحث الثاني: أئمة الإسماعيلية

- ‌المبحث الثالث: مراتب الأئمة

- ‌المبحث الرابع: درجات دعاتهم ومراتبهم

- ‌المبحث الخامس: أبرز دعاة الإسماعيلية

- ‌المبحث السادس: أصول الإسماعيلية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أهمية التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المطلب الثاني: نماذج من تأويل الإسماعيلية للآيات القرآنية

- ‌المطلب الثالث: تأويل الإسماعيلية للتكاليف الشرعية

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق في التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المطلب الخامس: إبطال أصل التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المبحث الثامن: ضلالات الإسماعيلية

- ‌المبحث التاسع: معتقد الإسماعيلية في الإلهيات

- ‌المطلب الأول: تعريف النبوة عندهم

- ‌المطلب الثاني: المنطلقات الأساسية لمعتقد الإسماعيلية عن النبوة والأنبياء فهم

- ‌المطلب الثالث: استمرار النبوة والرسالة عندهم

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق في معتقد الإسماعيلية عن النبوة والأنبياء

- ‌المطلب الأول: تأويل القيامة وما بعدها

- ‌المطلب الثاني: البعث والمعاد

- ‌المطلب الثالث: معاد أهل دعوتهم

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق عن معتقد الإسماعيلية في الأخرويات

- ‌المطلب الأول: التكاليف الشرعية صورة عملية تطبيقية لعقيدة المسلم

- ‌المطلب الثاني: معتقدهم في التكاليف الشرعية

- ‌المطلب الثالث: أقوال علماء الفرق عن معتقد الإسماعيلية في التكاليف الشرعية

- ‌المطلب الرابع: هدف الإسماعيلية من تأويل التكاليف ونقدهم

- ‌المبحث الثالث عشر: حكم الإسلام في طائفة الإسماعيلية

- ‌الفصل الرابع: الإسماعيلية المعاصرة

- ‌المطلب الأول: تعريف بطائفة البهرة (الإسماعيلية) ونشأتها

- ‌أولا: التعريف

- ‌ثانيا: نشأة البهرة

- ‌المطلب الثاني: عقيدتهم

- ‌المطلب الثالث: كتبهم

- ‌المطلب الرابع: زعماؤهم

- ‌أولا: الدعوة الإسماعيلية في الهند

- ‌ثانيا: انتقال مركز الدعوة من اليمن إلى الهند

- ‌1 - الطائفة الجعفرية

- ‌2 - الفرقة السليمانية

- ‌3 - الفرقة العلوية والفرقة النغوشية

- ‌4 - الفرقة الهجومية

- ‌5 - الفرقة الهبتية

- ‌6 - طائفة أصحاب البستان المهدي

- ‌أولا: أحوالهم الاقتصادية والتعليمية

- ‌ثانيا: لغتهم وطقوسهم

- ‌ثالثا: مصادر دخل داعي البهرة

- ‌المطلب السابع: في أحوالهم الاجتماعية

- ‌المطلب الثامن: النظام الحالي للدعوة الطيبية

- ‌المطلب التاسع: البهرة وتعاونهم مع الاستعمار

- ‌المطلب العاشر: فتاوى العلماء عن فرقة البهرة

- ‌فتوى اللجنة الدائمة

- ‌المبحث الثاني: طائفة الأغاخانية (الإسماعيلية)

- ‌المطلب الأول: تعريف بالأغاخانية (الإسماعيلية) ونشأتها

- ‌أولا: التعريف

- ‌ثانيا: نشأة الأغاخانية الإسماعيلية

- ‌المطلب الثاني: من أبرز شخصياتهم

- ‌المطلب الثالث: عقيدتهم

- ‌أولا: من أهم عقائدهم

- ‌ثانيا: من أقوال الأب الروحي للإسماعيلية

- ‌المطلب الرابع: أعيادهم واحتفالاتهم الدينية

- ‌أولا: مزاراتهم

- ‌ثانيا: أعيادهم

- ‌المطلب الخامس: أحوالهم المادية

- ‌المطلب السادس: الضرائب عند الأغاخانية

- ‌أولا: عاداتهم

- ‌ثانيا: مطالبتهم بما يسمى تحرير المرأة

- ‌أولا: تنظيماتهم الدعوية

- ‌ثانيا: نشاطهم الدعوي

- ‌المطلب التاسع: أماكن انتشارهم

- ‌المطلب العاشر: الأغاخانية وتعاونهم مع الاستعمار

- ‌المطلب الحادي عشر: فتاوى العلماء في الأغاخانية (الإسماعيلية)

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: نشأتهم

- ‌المطلب الثالث: عقائدهم

- ‌المطلب الرابع: السليمانية في منطقة المزاحن

- ‌ثالثا: الجانب التعليمي

- ‌رابعا: الجانب السياسي والاجتماعي

- ‌المطلب الخامس: واقعها المعاصر

- ‌المطلب السابع: أبرز شخصياتهم

- ‌المطلب الثامن: أماكن انتشارهم

- ‌المبحث الأول: التعريف بهم

- ‌المبحث الثاني: التأسيس وأبرز الشخصيات

- ‌المبحث الثالث: نشأة الطائفة الإسماعيلية النزارية (الحشاشون)

- ‌المبحث الرابع: الأحداث التاريخية والسياسية التي واكبت ظهور الحشاشين

- ‌المبحث الخامس: حركة الحشاشين أو الدعوة الجديدة

- ‌المبحث السادس: الأفكار والمعتقدات والجذور الفكرية

- ‌المبحث السابع: المبادئ العامة لحركة الحشاشين وأساليبها في الدعوة

- ‌المطلب الأول: مراتب الدعاةّ

- ‌المطلب الثاني: المرحلية في الدعوة

- ‌المبحث الثامن: النشاط العسكري لحركة الحشاشين

- ‌المطلب الأول: القلاع والحصون

- ‌المطلب الثاني: الفدائيون

- ‌المطلب الثالث: الاغتيال السياسي

- ‌المبحث التاسع: الرموز السرية

- ‌المبحث العاشر: الإستراتيجية السياسية والعسكرية لحركة الحشاشين في سوريا

- ‌المبحث الحادي عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث الثاني عشر: تعامل الباطنية النزارية (الحشاشين) مع الصليبيين

- ‌جدول بأسماء القادة والعلماء الذين اغتالهم الباطنيون

- ‌المطلب الأول: التعريف بهم

- ‌المطلب الثاني: ألقابهم

- ‌المطلب الثالث: بدايات دعوتهم

- ‌المطلب الرابع: أهدافهم

- ‌المطلب الأول: الحالة السياسية

- ‌المطلب الثاني: الحالة الاجتماعية والاقتصادية

- ‌المطلب الأول: معتقدهم في الإلهيات

- ‌المطلب الثاني: معتقدهم في النبوات

- ‌المطلب الثالث: معتقدهم في الإمامة

- ‌المطلب الرابع: معتقدهم في القيامة والمعاد

- ‌المطلب الخامس: اعتقادهم في التكاليف الشرعية

- ‌المبحث الرابع: خيانات القرامطة

- ‌المبحث الخامس: أساليب القرامطة في الدعوة

- ‌المبحث السادس: العوامل التي ساعدت على نجاح القرامطة

- ‌المبحث السابع: المظهر السياسي للقرامطة

- ‌المبحث الثامن: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المطلب الأول: على الصعيد السياسي

- ‌المطلب الثاني: على الصعيد الاجتماعي

- ‌المطلب الثالث: على الصعيد الديني

- ‌المبحث العاشر: أتباعهم

- ‌المبحث الحادي عشر: أقوال العلماء في كفر القرامطة

- ‌المبحث الأول: التعريف بطائفة النصيرية

- ‌المبحث الثاني: زعيمهم وسبب انفصاله عن الشيعة وموقفهم منه

- ‌المبحث الثالث: أبرز الشخصيات بعد مؤسس النصيرية

- ‌المطلب الأول: نشأة النصيرية

- ‌المطلب الثاني: أسماء هذه الطائفة والسبب في إطلاقها عليهم

- ‌المطلب الثالث: فرق النصيرية

- ‌المبحث الخامس: مراسيم وطقوس الدخول في عقيدة النصيرية

- ‌المبحث السادس: أهم عقائد النصيرية

- ‌المبحث السابع: عبادات النصيرية

- ‌المبحث الثامن: موقف النصيرية من الصحابة

- ‌المبحث التاسع: تعظيمهم لسلمان الفارسي والأيتام الخمسة

- ‌المبحث العاشر: أعياد النصيرية

- ‌المبحث الحادي عشر: تكتم النصيرية على عقائدهم

- ‌المبحث الثاني عشر: نظرتهم تجاه المرأة

- ‌المبحث الثالث عشر: تعظيمهم للخمر

- ‌المبحث الرابع عشر: المراتب والدرجات عند النصيرية

- ‌المبحث الخامس عشر: أماكن انتشار النصيرية

- ‌المبحث السادس عشر: بيان خطر النصيرية

- ‌المبحث السابع عشر: من خيانات النصيريين

- ‌المبحث الثامن عشر: مقارنة بين عقائد الإسماعيليين والدروز والنصيرية

- ‌المبحث التاسع عشر: حكم الإسلام في النصيرية

- ‌مراجع للتوسع

- ‌المبحث الأول: التعريف بهم

- ‌المبحث الثاني: الحاكم بأمر الله وعلاقته بعقيدة الدروز

- ‌المبحث الثالث: تطور المذهب الدرزي بعد الحاكم

- ‌المبحث الرابع: أشهر دعاة الدروز وآراؤهم

- ‌المبحث الخامس: أسماء الدروز

- ‌المبحث السادس: كيف انتشرت العقيدة الدرزية

- ‌المبحث السابع: معاملة الدروز لمن يكشف شيئاً من عقائدهم

- ‌المبحث الثامن: طريقة الدروز في تعليم ديانتهم

- ‌المطلب الأول: ألوهية الحاكم عند الدروز

- ‌المطلب الثاني: التناسخ والتقمص والحلول

- ‌المطلب الثالث: الحدود الخمسة

- ‌المطلب الرابع: عقيدتهم في اليوم الآخر والثواب والعقاب

- ‌المطلب الخامس: عقيدتهم في الأنبياء

- ‌المطلب السادس: عقيدتهم في التستر والكتمان

- ‌المطلب السابع: رسائل الدروز وكتبهم المقدسة

- ‌المطلب الأول: إبطال مفهومهم للألوهية، وحلول اللاهوت في الناسوت

- ‌المطلب الثاني: إبطال قولهم بالتناسخ والرجعة

- ‌المطلب الأول: نقضهم أركان الإِسلام، وفرضهم بدلها سبع دعائم تكليفية

- ‌المطلب الثاني: الزواج والطلاق والوصية عندهم

- ‌المطلب الثالث: تقسيم المجتمع الدرزي إلى عقال وجهال ونظام الخلوات عندهم

- ‌المطلب الأول: موقفهم من اليهود

- ‌المطلب الثاني: موقفهم من النصارى

- ‌المطلب الثالث: موقفهم من النصيرية

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين النصيرية والدروز

- ‌المبحث الثالث عشر: الدروز في العصر الحاضر

- ‌المبحث الرابع عشر: خيانات الدروز

- ‌المبحث الخامس عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث السادس عشر: حكم الإسلام فيهم وفي معاملاتهم

- ‌مراجع للتوسع

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الشيخية أو الرشتية

- ‌ثانيا: البابية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: نشأته

- ‌المطلب الثاني: ثقافته

- ‌المطلب الثالث: عمالته هو وأسرته لأعداء الإسلام والمسلمين

- ‌المطلب الرابع: نبوءات البهاء

- ‌المطلب الخامس: وفاته

- ‌المطلب الأول: انقسام البهائية وأهم زعمائها

- ‌المطلب الثاني: أسباب انتشار البهائية

- ‌المطلب الثالث: مواطن انتشار البهائية

- ‌أولا: عقيدة البابية:

- ‌ثانيا: شريعة البابية

- ‌ثالثا: الكتاب المقدس للبابية

- ‌أولا: عقيدتهم في الله

- ‌ثانيا: عقيدتهم في الأنبياء

- ‌ثالثا: عقيدتهم في اليوم الآخر

- ‌رابعا: موقفهم من القرآن والسنة وكتابهم المقدس عندهم

- ‌خامسا: البهائية والإباحية

- ‌سادسا: موقفهم من المسلمين وغير المسلمين

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: وحدة الأديان

- ‌المطلب الثاني: وحدة الأوطان

- ‌المطلب الثالث: وحدة اللغة

- ‌المطلب الرابع: السلام العالمي

- ‌المطلب الخامس: المساواة بين الرجال والنساء

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أركان الإسلام

الفصل: ‌المبحث الخامس: الرد على اعتقادهم جواز الاستغاثة بغير الله

‌المبحث الخامس: الرد على اعتقادهم جواز الاستغاثة بغير الله

لقد وجّه إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، سؤال في هذا الموضوع، وفيما يلي نص السؤال والجواب:

السؤال: هل يمكن أن يعين ولي من أولياء الله أحداً من بعيد، مثلاً يسكن رجل في الهند ويسكن ولي في السعودية، فهل يمكن أن يعين السعودي الهندي إعانة بدنية مع أن السعودي موجود في السعودية والهندي موجود في الهند؟

الجواب: يمكن أن يعين الأحياء من الأولياء وغير الأولياء من استعان بهم في حدود الأسباب العادية، ببذل المال أو شفاعة عند ذوي سلطان مثلاً أو إنقاذ من مكروه ونحو ذلك من الوسائل التي هي في طاقة البشر، حسب ما هو معتاد ومعروف بينهم.

أما ما كان فوق قوى البشر من الأسباب غير العادية، كالمثال الذي ذكره السائل، فليس ذلك إلى العباد، بل هو إلى الله وحده لا شريك له، فهو القادر على كل شيء، وهو الذي إليه السنن الكونية، يمضي منها ما شاء أو يخرق منها ما شاء، ولهذا كانت له دعوة الحق وإليه الملجأ وحده وبه العون دون سواه، فإنه وحده الذي أحاط بكل شيء علماً ووسع كل شيء حكمة ورحمة. ولا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ولا راد لما قضى وهو على كل شيء قدير. قال تعالى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ [الأحقاف:5 - 6]. وقال تعالى: إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:14]. وعلمنا في سورة الفاتحة أن نقول: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]. كما أمرنا النبي، صلى الله عليه وسلم، ألا نسأل إلا الله ولا نستعين إلا به بقوله صلى الله عليه وسلم:((إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله)) (1).

وجاء أيضاً في فتاوى اللجنة الدائمة ما يلي:

"الاستعانة بالحي الحاضر القادر فيما يقدر عليه جائزة، كمن استعان بشخص فطلب منه أن يقرضه نقوداً أو استعان به في يده أو جاهه عند سلطان لجلب حق أو دفع ظلم.

والاستعانة بالميت شرك وكذلك الاستعانة بالحي الغائب شرك؛ لأنهم لا يقدرون على تحقيق ما طلب منهم لعموم قوله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18] وقوله سبحانه: وَلَا تَدْعُ مِن دُونِ اللهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ [يونس:106] وقوله عز وجل: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:13 - 14]. والآيات في هذا المعنى كثيرة والله المستعان.

‌المصدر:

الديوبندية لأبي أسامة سيد طالب الرحمن - ص 74 - 76

سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عمن يزور القبور ويدعو الأموات وينذر لهم ويستغيث بهم ويستعين بهم، لأنهم كما يزعم أولياء لله، فما نصيحتكم لهم؟

فأجاب بقوله: "نصيحتنا لهؤلاء وأمثالهم أن يرجع الإنسان إلى عقله وتفكيره، فهذه القبور التي يُزعم أن فيها أولياء تحتاج:

(1) رواه الترمذي (2516) وقال: صحيح. وقال ابن رجب في ((جامع العلوم والحكم)) (1/ 459): حسن جيد

ص: 8

أولا: إلى إثبات أنها قبور إذ قد يوضع شيء يشبه القبر ويقال هذا قبر فلان، كما حدث ذلك مع أنه ليس بقبر.

ثانياً: إذا ثبت أنها قبور فإنه يحتاج إلى إثبات أن هؤلاء المقبورين كانوا أولياء لله لأننا لا نعلم هل هم أولياء لله أم أولياء للشيطان.

ثالثاً: إذا ثبت أنهم من أولياء الله فإنهم لا يزارون من أجل التبرك بزيارتهم، أو دعائهم، أو الاستغاثة بهم، والاستعانة بهم، وإنما يزارون كما يزار غيرهم للعبرة والدعاء لهم فقط، على أنه إن كان في زيارتهم فتنة أو خوف فتنة بالغلو فيهم، فإنه لا تجوز زيارتهم دفعاً للمحظور ودرءاً للمفسدة.

فأنت أيها الإنسان حكم عقلك، فهذه الأمور الثلاثة التي سبق ذكرها لابد أن تتحقق وهي:

أ- ثبوت القبر.

ب- ثبوت أنه ولي.

ج- الزيارة لأجل الدعاء لهم. فهم في حاجة إلى الدعاء مهما كانوا، فهم لا ينفعون ولا يضرون، ثم إننا قلنا إن زيارتهم من أجل الدعاء لهم جائزة ما لم تستلزم محظوراً.

أما من زارهم ونذر لهم وذبح لهم أو استغاث بهم، فإن هذا شرك أكبر مخرج عن الملة، يكون صاحبه به كافراً مخلداً في النار".

كما سئل فضيلته عن حكم دعاء أصحاب القبور، فأجاب بقوله: "الدعاء ينقسم إلى قسمين.

القسم الأول: دعاء عبادة، ومثاله الصلاة، والصوم وغير ذلك من العبادات، فإذا صلى الإنسان، أو صام فقد دعا ربه بلسان الحال أن يغفر له، وأن يجيره من عذابه، وأن يعطيه من نواله، ويدل لهذا قوله - تعالى -: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60]. فجعل الدعاء عبادة، فمن صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله فقد كفر كفراً مخرجاً عن الملة، فلو ركع الإنسان أو سجد لشيء يعظمه كتعظيم الله في هذا الركوع أو السجود لكان مشركاً خارجاً عن الإسلام، ولهذا منع النبي، صلى الله عليه وسلم، من الانحناء عند الملاقاة سدّاً لذريعة الشرك، فسئل عن الرجل يلقى أخاه أينحني له؟ قال:"لا". وما يفعله بعض الجهال إذا سلم عليك انحنى لك خطأ ويجب عليك أن تبين له ذلك وتنهاه عنه.

القسم الثاني: دعاء المسألة، وهذا ليس كله شركاً بل فيه تفصيل: أولاً: إن كان المدعو حيّاً قادراً على ذلك فليس بشرك، كقولك اسقني ماء لمن يستطيع ذلك، قال، صلى الله عليه وسلم:((من دعاكم فأجيبوه)) (1). قال الله - تعالى -: وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ [النساء:8] فإن مد الفقير يده وقال ارزقني أي: أعطني فهو جائز كما قال - تعالى -: فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ [النساء:8].

ثانيا: إن كان المدعو ميتاً فإن دعاءه شرك مخرج عن الملة.

ومع الأسف أن في بعض البلاد الإسلامية من يعتقد أن فلاناً المقبور الذي بقي جثة أو أكلته الأرض ينفع أو يضر، أو يأتي بالنسل لمن لا يولد له، وهذا - والعياذ بالله - شرك أكبر مخرج عن الملة، وإقرار هذا أشد من إقرار شرب الخمر، والزنا، واللواط؛ لأنه إقرار على كفر، وليس إقراراً على فسوق فقط، فنسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين".

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة ما يلي:

(1) رواه أبو داود (1672) وأحمد (2/ 68)(5365). والحاكم (1/ 572)(1502) والحديث سكت عنه أبو داود، وقد قال في ((رسالته لأهل مكة)) كل ما سكت عنه فهو صالح. وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين وقال النووي في ((الأذكار)) (458): صحيح. وقال ابن حجر في ((الفتوحات الربانية)) (5/ 250): صحيح.

ص: 9

السؤال: رجل يعيش في جماعة تستغيث بغير الله، هل يجوز له الصلاة خلفهم وهل تجب الهجرة عنهم وهل شركهم شرك غليظ وهل موالاتهم كموالاة الكفار الحقيقيين؟ الجواب: إذا كانت حال من تعيش بينهم كما ذكرت من استغاثتهم بغير الله، كالاستغاثة بالأموات والغائبين عنهم من الأحياء أو بالأشجار أو الأحجار أو الكواكب ونحو ذلك فهم مشركون شركاً أكبر يخرج من ملة الإسلام، لا تجوز موالاتهم كما لا تجوز موالاة الكفار، ولا تصح الصلاة خلفهم ولا تجوز عشرتهم ولا الإقامة بين أظهرهم إلا لمن يدعوهم إلى الحق على بينة، ويرجو أن يستجيبوا له وأن تصلح حالهم دينياً على يديه، وإلا وجب عليه هجرهم والانضمام إلى جماعة أخرى يتعاون معها على القيام بأصول الإسلام وفروعه وإحياء سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فإن لم يجد اعتزل الفرق كلها ولو أصابته شدة، لما ثبت عن حذيفة، رضي الله عنه، أنه قال:((كان الناس يسألون رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه. فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم. فقلت: فهل بعد هذا الشر من خير؟ قال: نعم وفيه دخن. قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر. فقلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم دعاة على أبواب جنهم من أجابهم إليها قذفوه فيها. فقلت: يا رسول الله صفهم لنا. قال: نعم هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا. قلت: يا رسول الله فما تأمرني إن أدركني ذلك. قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام. قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)) (1).متفق على صحته. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم

‌المصدر:

الديوبندية لأبي أسامة سيد طالب الرحمن - ص82 - 86

لقد وجه إلى اللجنة الدائمة سؤال، فيما يلي نصه وجواب اللجنة الدائمة:

السؤال: نداء ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم في كل حاجة والاستعانة به في المصائب والنوائب من قريب أعني عند قبره الشريف أو من بعيد أشركٌ قبيح أم لا؟

الجواب: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ونداؤه والاستعانة به بعد موته في قضاء الحاجات وكشف الكربات شرك أكبر يخرج من ملة الإسلام سواء كان ذلك عند قبره أم بعيداً عنه، كأن يقول يا رسول الله اشفني أو رد غائبي أو نحو ذلك، لعموم قوله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18] وقوله عز وجل: وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117] وقوله عز وجل: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:13 - 14].

كما قالت اللجنة إجابة على سؤال آخر وجّه إليها:

(1) رواه البخاري (3606) ومسلم (1847).

ص: 10

"نداء الإنسان رسول الله صلى الله عليه وسلم أو غيره كعبد القادر الجيلاني أو أحمد التيجاني عند القيام أو القعود والاستعانة بهم في ذلك أو نحوه لجلب نفع أو دفع ضر نوع من أنواع الشرك الأكبر الذي كان منتشراً في الجاهلية الأولى، وبعث الله رسله عليهم الصلاة والسلام ليقضوا عليه وينقذوا الناس منه ويرشدوهم إلى توحيد الله سبحانه وإفراده بالعبادة والدعاء، وذلك أن الاستعانة فيما وراء الأسباب العادية لا تكون إلا بالله تعالى؛ لأنها عبادة فمن صرفها لغيره تعالى فهو مشرك، وقد أرشد الله عباده إلى ذلك فعلّمهم أن يقولوا: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] وقال: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18]. وبين لهم أنه وحده بيده دفع الضر وكشفه وإسباغ النعمة وإفاضة الخير على عباده وحفظ ذلك عليهم، ولا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ولا راد لما قضى وهو على كل شيء قدير، قال تعالى: وَلَا تَدْعُ مِن دُونِ اللهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ وَإِن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَاّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [يونس:106 - 107]

وقال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين وهو يجيب على سؤال وجّه إليه:"ومن استغاث برسول الله صلى الله عليه وسلم، معتقداً أنه يملك النفع والضر فهو كافر مكذب لله تعالى مشرك به لقوله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60] وقوله تعالى: قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا [الجن:21 - 22]. وقوله، صلى الله عليه وسلم، لأقاربه:((لا أغني عنكم من الله شيئاً)) (1) كما قال ذلك لفاطمة وصفية عمة رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

ولا تجوز الصلاة خلف هذا الرجل ومن كان على شاكلته ولا تصح الصلاة خلفه ولا يحل أن يجعل إماما للمسلمين".

وقال فضيلته إجابة على سؤال وجّه إليه، وهو يذكر أقسام المديح للنبي صلى الله عليه وسلم:"والقسم الثاني: من مديح الرسول، صلى الله عليه وسلم، قسم يخرج بالمادح إلى الغلو الذي نهى عنه النبي، صلى الله عليه وسلم، وقال:((لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبدالله ورسوله)) (2). فمن مدح النبي، صلى الله عليه وسلم، بأنه غياث المستغيثين ومجيب دعوة المضطرين، وأنه مالك الدنيا والآخرة، وأنه يعلم الغيب وما شابه ذلك من ألفاظ المديح فإن هذا القسم محرم بل قد يصل إلى الشرك الأكبر المخرج من الملة، فلا يجوز أن يمدح الرسول، عليه الصلاة والسلام، بما يصل إلى درجة الغلو لنهي النبي، صلى الله عليه وسلم، عن ذلك.

كما سئل فضيلته عن أنواع الشرك فقال:

"

والشرك نوعان: شرك أكبر مخرج عن الملة، وشرك دون ذلك.

(1) رواه البخاري (2753) ومسلم (206).

(2)

رواه البخاري (3445) من حديث عمر.

ص: 11

النوع الأول: الشرك الأكبر وهو: "كل شرك أطلقه الشارع وهو يتضمن خروج الإنسان عن دينه" مثل أن يصرف شيئاً من أنواع العبادة لله عز وجل لغير الله، كأن يصلي لغير الله، أو يصوم لغير الله، أو يذبح لغير الله، وكذلك من الشرك الأكبر أن يدعو غير الله عز وجل مثل أن يدعو صاحب قبر، أو يدعو غائباً ليغيثه من أمر لا يقدر عليه إلا الله عز وجل وأنواع الشرك معلومة فيما كتبه أهل العلم".

ومن إجابته- حفظه الله- عن حكم البناء على القبور:

"البناء على القبور محرَّم وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم لما فيه من تعظيم أهل القبور وكونه وسيلة وذريعة إلى أن تعبد هذه القبور وتتخذ آلهة مع الله كما هو الشأن في كثير من الأبنية التي بنيت على القبور فأصبح الناس يشركون بأصحاب هذه القبور، ويدعونها مع الله - تعالى- ودعاء أصحاب القبور والاستغاثة بهم لكشف الكربات شرك أكبر وردّة عن الإسلام. والله المستعان".

وقال فضيلته فيمن يزور القبور ويدعو الأموات ويستغيث بهم ويستعين بهم:

"

أما من زارهم ونذر لهم وذبح لهم أو استغاث بهم، فإن هذا شرك أكبر مخرج عن الملة يكون صاحبه به كافراً مخلداً في النار".

كما سئل فضيلته عما يقوله الناس عند الشدة: "يا محمد، أو يا علي، أو يا جيلاني" فأجاب بقوله:

"إذا كان يريد دعاء هؤلاء والاستغاثة بهم فهو مشرك شركاً أكبر مخرجاً عن الملة، فعليه أن يتوب إلى الله عز وجل وأن يدعو الله وحده، كما قال - تعالى-: أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ [النمل:62]، وهو مع كونه مشركاً سفيه مضيع لنفسه، قال الله - تعالى-: وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَاّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ [البقرة:130] وقال وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ [الأحقاف:5].

وسئل أيضاً عن رجل محافظ على الصلاة والصيام، وظاهر حاله الاستقامة، إلا أن له حلقات يدعو فيها الرسول صلى الله عليه وسلم، وعبد القادر، فما حكم عمله هذا؟ فأجاب بقوله:

"ما ذكره السائل يحزن القلب، فإن هذا الرجل الذي وصفه بأنه يحافظ على الصلاة، والصيام، وأن ظاهر حاله الاستقامة قد لعب به الشيطان وجعله يخرج من الإسلام بالشرك وهو يعلم أو لا يعلم، فدعاؤه غير الله عز وجل شرك أكبر مخرج عن الملة، سواء دعا الرسول، عليه الصلاة والسلام، أو دعا غيره، وغيره أقل منه شأناً وأقل منه وجاهة عند الله عز وجل فإذا كان دعاء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، شركاً فدعاء غيره أقبح وأقبح من عبد القادر أو غير عبد القادر، والرسول عليه الصلاة والسلام، نفسه لا يملك لأحد نفعاً ولا ضرًّا قال الله تعالى آمراً له: قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا [الجن:21]. وقال آمراً له: قُل لَاّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَاّ مَا يُوحَى إِلَيَّ [الأنعام:50]، وقال تعالى آمراً له: قُل لَاّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَاّ مَا شَاء اللهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلَاّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف:188]. بل قال الله تعالى آمراً له: قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا [الجن:22]. فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه لا يجيره أحد من الله فكيف بغيره؟! فدعاء غير الله شرك مخرج عن الملة، والشرك لا يغفره الله عز وجل إلا بتوبة من العبد لقوله تعالى: إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء [النساء:48] وصاحبه في النار لقوله تعالى: إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة:72].

ونصيحتي لهذا الرجل أن يتوب إلى الله من هذا الأمر المحبط للعمل فإن الشرك يحبط العمل قال الله تعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65]. فليتُب إلى الله من هذا، وليتعبد لله بما شرع من الأذكار والعبادات، ولا يتجاوز ذلك إلى هذه الأمور الشركية وليتفكر دائماً في قوله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60]

‌المصدر:

الديوبندية لأبي أسامة سيد طالب الرحمن – ص 123 - 130

ص: 12