المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: إبطال مفهومهم للألوهية، وحلول اللاهوت في الناسوت - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٩

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الأول: الرد على عقيدة وحدة الوجود

- ‌المبحث الثاني: الرد على عقيدة تصور المشايخ:

- ‌المبحث الثالث: الرد على ما ابتدعوه من أوراد وأشغال صوفية

- ‌المبحث الرابع: الرد على ما جاء في دلائل الخيرات والبردة والهمزية

- ‌المبحث الخامس: الرد على اعتقادهم جواز الاستغاثة بغير الله

- ‌المبحث السادس: الرد على تبركاتهم البدعية والشركية

- ‌المبحث السابع: الرد على اعتقادهم تمثل أرواح أئمتهم والصالحين بالأجساد

- ‌المبحث الثامن: الرد على اعتقاد تصرف أئمتهم في الكون

- ‌المبحث التاسع: الرد على التزامهم المراقبة عند القبور

- ‌المبحث العاشر: الرد على اعتقاد علم أئمتهم بما في الأرحام

- ‌المبحث الحادي عشر: الرد على اعتقاد علم النبي والأولياء للغيب

- ‌المبحث الثاني عشر: الرد على اعتقاد أن النبي مخلوق من نور وأنه أول خلق الله

- ‌المبحث الثالث عشر: الرد على اعتقادهم حياة النبي في قبره حياة دنيوية

- ‌المبحث الرابع عشر: الرد على اعتقاد جواز شد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من أعظم القربات

- ‌المبحث الخامس عشر: الرد على اعتقاد جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السادس عشر: الرد على قولهم بجواز رؤية النبي يقظة

- ‌المبحث السابع عشر: الرد على تأويلهم صفة العلو

- ‌المبحث الثامن عشر: الرد على إيجابهم اتباع أبي حنيفة

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المبحث الأول: تعريف الباطنية

- ‌المبحث الثاني: سبب التسمية

- ‌المبحث الثالث: بداية الحركة الباطنية

- ‌المبحث الرابع: فرق الباطنية

- ‌المبحث الأول: الحركات الباطنية وأثرها في تدمير الأمة

- ‌المبحث الثاني: أثرها في الناحية الفكرية

- ‌المبحث الثالث: أثرها في الناحية الاجتماعية

- ‌المبحث الرابع: أثرها في الناحية السياسية

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: فرق الإسماعيلية

- ‌المبحث الثاني: أئمة الإسماعيلية

- ‌المبحث الثالث: مراتب الأئمة

- ‌المبحث الرابع: درجات دعاتهم ومراتبهم

- ‌المبحث الخامس: أبرز دعاة الإسماعيلية

- ‌المبحث السادس: أصول الإسماعيلية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أهمية التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المطلب الثاني: نماذج من تأويل الإسماعيلية للآيات القرآنية

- ‌المطلب الثالث: تأويل الإسماعيلية للتكاليف الشرعية

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق في التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المطلب الخامس: إبطال أصل التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المبحث الثامن: ضلالات الإسماعيلية

- ‌المبحث التاسع: معتقد الإسماعيلية في الإلهيات

- ‌المطلب الأول: تعريف النبوة عندهم

- ‌المطلب الثاني: المنطلقات الأساسية لمعتقد الإسماعيلية عن النبوة والأنبياء فهم

- ‌المطلب الثالث: استمرار النبوة والرسالة عندهم

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق في معتقد الإسماعيلية عن النبوة والأنبياء

- ‌المطلب الأول: تأويل القيامة وما بعدها

- ‌المطلب الثاني: البعث والمعاد

- ‌المطلب الثالث: معاد أهل دعوتهم

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق عن معتقد الإسماعيلية في الأخرويات

- ‌المطلب الأول: التكاليف الشرعية صورة عملية تطبيقية لعقيدة المسلم

- ‌المطلب الثاني: معتقدهم في التكاليف الشرعية

- ‌المطلب الثالث: أقوال علماء الفرق عن معتقد الإسماعيلية في التكاليف الشرعية

- ‌المطلب الرابع: هدف الإسماعيلية من تأويل التكاليف ونقدهم

- ‌المبحث الثالث عشر: حكم الإسلام في طائفة الإسماعيلية

- ‌الفصل الرابع: الإسماعيلية المعاصرة

- ‌المطلب الأول: تعريف بطائفة البهرة (الإسماعيلية) ونشأتها

- ‌أولا: التعريف

- ‌ثانيا: نشأة البهرة

- ‌المطلب الثاني: عقيدتهم

- ‌المطلب الثالث: كتبهم

- ‌المطلب الرابع: زعماؤهم

- ‌أولا: الدعوة الإسماعيلية في الهند

- ‌ثانيا: انتقال مركز الدعوة من اليمن إلى الهند

- ‌1 - الطائفة الجعفرية

- ‌2 - الفرقة السليمانية

- ‌3 - الفرقة العلوية والفرقة النغوشية

- ‌4 - الفرقة الهجومية

- ‌5 - الفرقة الهبتية

- ‌6 - طائفة أصحاب البستان المهدي

- ‌أولا: أحوالهم الاقتصادية والتعليمية

- ‌ثانيا: لغتهم وطقوسهم

- ‌ثالثا: مصادر دخل داعي البهرة

- ‌المطلب السابع: في أحوالهم الاجتماعية

- ‌المطلب الثامن: النظام الحالي للدعوة الطيبية

- ‌المطلب التاسع: البهرة وتعاونهم مع الاستعمار

- ‌المطلب العاشر: فتاوى العلماء عن فرقة البهرة

- ‌فتوى اللجنة الدائمة

- ‌المبحث الثاني: طائفة الأغاخانية (الإسماعيلية)

- ‌المطلب الأول: تعريف بالأغاخانية (الإسماعيلية) ونشأتها

- ‌أولا: التعريف

- ‌ثانيا: نشأة الأغاخانية الإسماعيلية

- ‌المطلب الثاني: من أبرز شخصياتهم

- ‌المطلب الثالث: عقيدتهم

- ‌أولا: من أهم عقائدهم

- ‌ثانيا: من أقوال الأب الروحي للإسماعيلية

- ‌المطلب الرابع: أعيادهم واحتفالاتهم الدينية

- ‌أولا: مزاراتهم

- ‌ثانيا: أعيادهم

- ‌المطلب الخامس: أحوالهم المادية

- ‌المطلب السادس: الضرائب عند الأغاخانية

- ‌أولا: عاداتهم

- ‌ثانيا: مطالبتهم بما يسمى تحرير المرأة

- ‌أولا: تنظيماتهم الدعوية

- ‌ثانيا: نشاطهم الدعوي

- ‌المطلب التاسع: أماكن انتشارهم

- ‌المطلب العاشر: الأغاخانية وتعاونهم مع الاستعمار

- ‌المطلب الحادي عشر: فتاوى العلماء في الأغاخانية (الإسماعيلية)

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: نشأتهم

- ‌المطلب الثالث: عقائدهم

- ‌المطلب الرابع: السليمانية في منطقة المزاحن

- ‌ثالثا: الجانب التعليمي

- ‌رابعا: الجانب السياسي والاجتماعي

- ‌المطلب الخامس: واقعها المعاصر

- ‌المطلب السابع: أبرز شخصياتهم

- ‌المطلب الثامن: أماكن انتشارهم

- ‌المبحث الأول: التعريف بهم

- ‌المبحث الثاني: التأسيس وأبرز الشخصيات

- ‌المبحث الثالث: نشأة الطائفة الإسماعيلية النزارية (الحشاشون)

- ‌المبحث الرابع: الأحداث التاريخية والسياسية التي واكبت ظهور الحشاشين

- ‌المبحث الخامس: حركة الحشاشين أو الدعوة الجديدة

- ‌المبحث السادس: الأفكار والمعتقدات والجذور الفكرية

- ‌المبحث السابع: المبادئ العامة لحركة الحشاشين وأساليبها في الدعوة

- ‌المطلب الأول: مراتب الدعاةّ

- ‌المطلب الثاني: المرحلية في الدعوة

- ‌المبحث الثامن: النشاط العسكري لحركة الحشاشين

- ‌المطلب الأول: القلاع والحصون

- ‌المطلب الثاني: الفدائيون

- ‌المطلب الثالث: الاغتيال السياسي

- ‌المبحث التاسع: الرموز السرية

- ‌المبحث العاشر: الإستراتيجية السياسية والعسكرية لحركة الحشاشين في سوريا

- ‌المبحث الحادي عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث الثاني عشر: تعامل الباطنية النزارية (الحشاشين) مع الصليبيين

- ‌جدول بأسماء القادة والعلماء الذين اغتالهم الباطنيون

- ‌المطلب الأول: التعريف بهم

- ‌المطلب الثاني: ألقابهم

- ‌المطلب الثالث: بدايات دعوتهم

- ‌المطلب الرابع: أهدافهم

- ‌المطلب الأول: الحالة السياسية

- ‌المطلب الثاني: الحالة الاجتماعية والاقتصادية

- ‌المطلب الأول: معتقدهم في الإلهيات

- ‌المطلب الثاني: معتقدهم في النبوات

- ‌المطلب الثالث: معتقدهم في الإمامة

- ‌المطلب الرابع: معتقدهم في القيامة والمعاد

- ‌المطلب الخامس: اعتقادهم في التكاليف الشرعية

- ‌المبحث الرابع: خيانات القرامطة

- ‌المبحث الخامس: أساليب القرامطة في الدعوة

- ‌المبحث السادس: العوامل التي ساعدت على نجاح القرامطة

- ‌المبحث السابع: المظهر السياسي للقرامطة

- ‌المبحث الثامن: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المطلب الأول: على الصعيد السياسي

- ‌المطلب الثاني: على الصعيد الاجتماعي

- ‌المطلب الثالث: على الصعيد الديني

- ‌المبحث العاشر: أتباعهم

- ‌المبحث الحادي عشر: أقوال العلماء في كفر القرامطة

- ‌المبحث الأول: التعريف بطائفة النصيرية

- ‌المبحث الثاني: زعيمهم وسبب انفصاله عن الشيعة وموقفهم منه

- ‌المبحث الثالث: أبرز الشخصيات بعد مؤسس النصيرية

- ‌المطلب الأول: نشأة النصيرية

- ‌المطلب الثاني: أسماء هذه الطائفة والسبب في إطلاقها عليهم

- ‌المطلب الثالث: فرق النصيرية

- ‌المبحث الخامس: مراسيم وطقوس الدخول في عقيدة النصيرية

- ‌المبحث السادس: أهم عقائد النصيرية

- ‌المبحث السابع: عبادات النصيرية

- ‌المبحث الثامن: موقف النصيرية من الصحابة

- ‌المبحث التاسع: تعظيمهم لسلمان الفارسي والأيتام الخمسة

- ‌المبحث العاشر: أعياد النصيرية

- ‌المبحث الحادي عشر: تكتم النصيرية على عقائدهم

- ‌المبحث الثاني عشر: نظرتهم تجاه المرأة

- ‌المبحث الثالث عشر: تعظيمهم للخمر

- ‌المبحث الرابع عشر: المراتب والدرجات عند النصيرية

- ‌المبحث الخامس عشر: أماكن انتشار النصيرية

- ‌المبحث السادس عشر: بيان خطر النصيرية

- ‌المبحث السابع عشر: من خيانات النصيريين

- ‌المبحث الثامن عشر: مقارنة بين عقائد الإسماعيليين والدروز والنصيرية

- ‌المبحث التاسع عشر: حكم الإسلام في النصيرية

- ‌مراجع للتوسع

- ‌المبحث الأول: التعريف بهم

- ‌المبحث الثاني: الحاكم بأمر الله وعلاقته بعقيدة الدروز

- ‌المبحث الثالث: تطور المذهب الدرزي بعد الحاكم

- ‌المبحث الرابع: أشهر دعاة الدروز وآراؤهم

- ‌المبحث الخامس: أسماء الدروز

- ‌المبحث السادس: كيف انتشرت العقيدة الدرزية

- ‌المبحث السابع: معاملة الدروز لمن يكشف شيئاً من عقائدهم

- ‌المبحث الثامن: طريقة الدروز في تعليم ديانتهم

- ‌المطلب الأول: ألوهية الحاكم عند الدروز

- ‌المطلب الثاني: التناسخ والتقمص والحلول

- ‌المطلب الثالث: الحدود الخمسة

- ‌المطلب الرابع: عقيدتهم في اليوم الآخر والثواب والعقاب

- ‌المطلب الخامس: عقيدتهم في الأنبياء

- ‌المطلب السادس: عقيدتهم في التستر والكتمان

- ‌المطلب السابع: رسائل الدروز وكتبهم المقدسة

- ‌المطلب الأول: إبطال مفهومهم للألوهية، وحلول اللاهوت في الناسوت

- ‌المطلب الثاني: إبطال قولهم بالتناسخ والرجعة

- ‌المطلب الأول: نقضهم أركان الإِسلام، وفرضهم بدلها سبع دعائم تكليفية

- ‌المطلب الثاني: الزواج والطلاق والوصية عندهم

- ‌المطلب الثالث: تقسيم المجتمع الدرزي إلى عقال وجهال ونظام الخلوات عندهم

- ‌المطلب الأول: موقفهم من اليهود

- ‌المطلب الثاني: موقفهم من النصارى

- ‌المطلب الثالث: موقفهم من النصيرية

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين النصيرية والدروز

- ‌المبحث الثالث عشر: الدروز في العصر الحاضر

- ‌المبحث الرابع عشر: خيانات الدروز

- ‌المبحث الخامس عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث السادس عشر: حكم الإسلام فيهم وفي معاملاتهم

- ‌مراجع للتوسع

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الشيخية أو الرشتية

- ‌ثانيا: البابية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: نشأته

- ‌المطلب الثاني: ثقافته

- ‌المطلب الثالث: عمالته هو وأسرته لأعداء الإسلام والمسلمين

- ‌المطلب الرابع: نبوءات البهاء

- ‌المطلب الخامس: وفاته

- ‌المطلب الأول: انقسام البهائية وأهم زعمائها

- ‌المطلب الثاني: أسباب انتشار البهائية

- ‌المطلب الثالث: مواطن انتشار البهائية

- ‌أولا: عقيدة البابية:

- ‌ثانيا: شريعة البابية

- ‌ثالثا: الكتاب المقدس للبابية

- ‌أولا: عقيدتهم في الله

- ‌ثانيا: عقيدتهم في الأنبياء

- ‌ثالثا: عقيدتهم في اليوم الآخر

- ‌رابعا: موقفهم من القرآن والسنة وكتابهم المقدس عندهم

- ‌خامسا: البهائية والإباحية

- ‌سادسا: موقفهم من المسلمين وغير المسلمين

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: وحدة الأديان

- ‌المطلب الثاني: وحدة الأوطان

- ‌المطلب الثالث: وحدة اللغة

- ‌المطلب الرابع: السلام العالمي

- ‌المطلب الخامس: المساواة بين الرجال والنساء

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أركان الإسلام

الفصل: ‌المطلب الأول: إبطال مفهومهم للألوهية، وحلول اللاهوت في الناسوت

‌المطلب الأول: إبطال مفهومهم للألوهية، وحلول اللاهوت في الناسوت

عقائد الدروز تقوم أساسًا على الاعتقاد بتجسد الإِله في صورة الحاكم بأمر الله، وأن اللاهوت حل في الناسوت على هذه الصورة. وهذا الاعتقاد هو اللبنة الرئيسية التي تقوم عليها أركان العقيدة الدرزية، وفكرة الحلول أصلاً مستقاة من الفلسفة اليونانية، وتكاد تكون عنصرًا رئيسيًا في الفلسفة الهندية، (والمسيحية استمدت هذه الفكرة من الهندوكية)(1).

يقول شيخ الإِسلام ابن تيمية عن هذه الفكرة ما يلي: ولا ريب أن هذا القول – الحلول والتجسيد – كفر صريح باتفاق المسلمين، فقد ثبت في صحيح مسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((واعلموا أن أحدًا منكم لن يرى ربه حتى يموت)) (2)، فإذا قيل: ظهر في صورة إنسان وتجلى فيه، فإن اللفظ يصير مشتركًا بين أن تكون ذاته فيها، وأن تكون قد صارت بمنزلة المرآة التي يظهر فيها، وكلاهما باطل، فإن ذات الله ليست في المخلوقات، ولا في نفس ذاته ترى المخلوقات كما يرى المرئي في المرآة) (3).

وينقل الأستاذ أنور الجندي أيضًا عن شيخ الإسلام ابن تيمية ما يلي: إن الاتحاد بين الخالق والمخلوق ممتنع، لأن الخالق والمخلوق إذا اتحدا، فإما أن يكونا بعد الاتحاد اثنين كما كانا قبله، وهذا تعدد وليس باتحاد، وإما أن يستحيلا إلى شيء ثالث كما يتحد الماء واللبن والنار والحديد فيلزم أن يكون الخالق قد استحال وتبدلت حقيقته كسائر ما يتحد مع غيره، وهذا ممتنع على الله، إذ الاستحالة تقتضي عدم ما كان موجودًا والله تعالى واجب الوجود بذاته وصفاته الملازمة له والتي هي كمال، والتي إذا عدمت كان ذلك نقصًا يتنزه الله تعالى عنه) (4).ولاشك أن الإِله الخالق من فوق هذا الكون، وليس هو أي جزء فيه، (ولو كان جزءًا من الكون لكان من الممكن أن يكافئه جزء آخر منه، وقد يكون ذلك المكافئ – ولو من جهة من الجهات – أصغر منه وأضعف بوجه عام. ومتى وجد المكافئ أمكن أن يحتال عليه ويغلبه، أو أن تتعارض قواهما تعارضًا يعطل كل طرف منها الآخر وبذلك يتعرض الكون للفساد والدمار)(5).ولهذا فوجود الله كامل ذاتي (بمعنى أنه موجود لذاته لا لعلة مؤثرة فيه، ومن خصائص الوجود الذاتي أنه لا يقبل العدم، وأما وجود ما عداه فوجود ناقص وتبعي، بمعنى أنه مستمد من غيره، وأنه متوقف على القوة الموجدة له)(6). (وعقيدة (الألوهية)، عقيدة وظيفتها خلق الإِيمان، وإشعال وقدة الشوق والحب لذات الله، وإثارة عواطف الإِجلال والإِكبار له، وعقيدة هذا شأنها وخطرها، وتلك وظيفتها وعملها، يجب أن تبقى بحيث تكون قادرة على أن تمد الإِنسان بهذه المعطيات التي تجعل لله ما يجب أن يكون له، من تقديس وإجلال، ولن تحقق هذا المعنى إلا إذا ظلت متأبية عن أن تنزل إلى عالم الحس) (7).

وبسبب ذلك فإن الذي يرجح الإيمان في القلوب، ويحتفظ به حيا في النفوس، هو هذا الحاجز الذي يحجز الناس من مشاهدة الله.

(1) أنور الجندي: ((المؤامرة على الإسلام)(ص 53).

(2)

رواه مسلم في كتاب الفتن ورواه الترمذي في كتاب الفتن.

(3)

ابن تيمية: ((مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية)(2/ 179 – 180).

(4)

أنور الجندي: ((المؤامرة على الإسلام)(ص 54).

(5)

عبد الرحمن حبنكة: ((العقيدة الإِسلامية وأسسها)(ص 194).

(6)

د. محمد سعيد رمضان البوطي: ((كبرى اليقينيات الكونية)(ص 93).

(7)

عبد الكريم الخطيب: ((الله ذاتًا وموضوعا)(ص 315).

ص: 391

ذلك أن الإنسان يهدف بتقديسه لله إلى حقيقة خارجة عن نطاق الأذهان، وإن كانت تعبر عنها الأذهان، فإنها في هذا التعبير تشير إلى ذات مستقلة قائمة بنفسها، ليست مجرد عوض من الأعراض أو لقب من الألقاب. ثم إن هذا التقديس ليس تقديسًا لذات أيا كانت، وإنما هو تقديس لذات لها صفات خاصة، وأهم مميزاتها أنها ليست مما يقع عليه حس الإنسان، ولا مما يدخل في دائرة مشاهداته الدنيوية، وإنما هي شيء غيبي لا يدركه إلا بعقله ووجدانه) (1).

وكيف تستطيع حواس الإِنسان المحدودة التي تدور في مجال محدود من مجالات الوجود المحسوس، أن تحيط بذات الله لو تجلي لها؟

وكيف تستقيم حياة الإِنسان، وهو يرى الله – عيانا – وهو قائم عليه؟

وكيف يكون سلوك الناس وهم يشهدون الله شهودًا صريحًا محسوسًا في كل زمان ومكان؟

إنها أسئلة كثيرة تقف فورًا عند طرح هذه الفكرة، التي لا يستسيغها عقل ولا يقبلها منطق، يقول أبو حامد الغزالي:(إن الحلول لا يمكن تصوره بين عبدين، فكيف يكون تصوره بين العبد وربه؟)(2).

والحلول محال على الله لأسباب كثيرة، ذلك لأن القديم يختلف عن الحادث لاختلاف الماهية في كل منهما، وهذا الاختلاف يوجب استحالة حلول القديم في الحادث.

ثم إن الله واجب الوجود، وهذا الوصف ينفي الحلول لأنه في حالة حدوثه يصبح الحال تابعًا لما حل فيه، كما يصبح معلولاً لهذا المحل ومتأثرًا به، بل إنه ليصبح في غير الإِمكان تصور الحال إلا بتصور المحل، إذن ينتفي الحلول في هذه المرة كما استحال في الأولى.

وينقل الأستاذ أنور الجندي عن أبي حامد الغزالي قوله عن فكرة الاتحاد بين الله والإِنسان: (إن قول القائل: إن العبد صار هو الرب كلام يتناقض مع نفسه، بل ينبغي أن ينزه الرب سبحانه عن أن يجري اللسان في حقه بأمثال هذه المحاولات.

وطريقة البرهنة على فساد ذلك عند الغزالي، هي أن يورد ثلاثة احتمالات لمثل هذا الاتحاد المزعوم:

1 – إما أن تظل كل ذات من الذاتين موجودة.

2 – وإما أن تفنى إحداهما وتبقى الأخرى.

3 – وإما أن تفنيا معا.

وفي الحالة الأولى لا يكون هناك اتحاد، وفي الثانية كيف يمكن الزعم بأن هناك اتحادًا بين موجود ومعدوم؟ وفي الثالثة: لا يكون هناك محل للحديث عن الاتحاد، بل الأولى أن نتكلم عن الانعدام، والتناقض واضح في جميع هذه الاحتمالات. والعقل هو الذي يقرر وجود هذا التناقض، بعد أن جاء الشرع يبين فساد فكرة الاتحاد عند النصارى) (3).

وفي القرآن الكريم مواقف كثيرة تكشف عظم هذا القول، واجتراءه على الله، يقول تعالى عن اليهود: وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة، فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون [البقرة: 55].

ولهذا جاءت الآية الكريمة التالية كاشفة كفر اليهود والنصارى بما قالوا واعتقدوا في هذا الموضوع: وقالت اليهود عُزير ابن الله، وقالت النصارى المسيح ابن الله، ذلك قولهم بأفواههم يُضاهئون قول الذين كفروا من قبل، قاتلهم الله أنى يؤفكون. اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله والمسيح ابن مريم، وما أمروا إلا ليعبدوا إلهًا واحدًا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون [التوبة:31 - 32].

(1) محمد عبد الله دراز: ((الدين)(ص 41).

(2)

أنور الجندي: ((الإِسلام والفلسفات القديمة)(ص 138).

(3)

أنور الجندي: ((المؤامرة على الإسلام)(ص 55).

ص: 392

وتكذيبًا لما قالوا وزعموا بين تعالى حقيقة ذاته: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى: 11]. (وذات الله – مع أنها فوق أن تُدرك وأن تُحد – قد وصفت في القرآن بصفات كثيرة كالإِرادة والعلم والقدرة وغيرها، وهي صفات كاملة الكمال المطلق)(1). وبهذه الطريقة تقبل السلف الصالح موضوع الذات الإلهية.

وإرسال الرسل والأنبياء من قبل الله تعالى، يدحض كل مزاعمهم بالحلول والاتحاد، إذ بظهوره أو اتحاده في الإنسان، ما كانت هناك حاجة للرسل والأنبياء.

ونستنتج مما تقدم أن فكرة تجسد الإِله في صورة إنسانية، هي اجتراء على الله الذي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، وضرب من المستحيلات لاختلاف ماهية كل منهما، وكذلك فهي زعزعة ليقظة الإِيمان في النفوس.

لهذا أستطيع أن أقول: أن ادعاء الحاكم الألوهية بالإِضافة إلى مظهر الكفر والإِلحاد فيه وفي مبادئ مذهبه التي روجت فيما بعد كان كذلك ما يسمى بـ (جنون العظمة) والرغبة بالحكم والسلطان، وشهوة الظلم والقتل والاعتداء على الآخرين، حتى تخيل أنه الإِله، وزين له ذلك الأذناب الذين كانوا حوله من أمثال حمزة بن علي والدرزي والفرغاني وغيرهم، فازداد قتله وبطشه بالناس، وأخذه أموال الناس بغير حق، وإعطاؤها بغير حق أيضًا، ليقال عنه: المميت والمحيي، والرزاق والمانع.

ولو أن هؤلاء الذين لازالوا يعتقدون بألوهية الحاكم، ومازالوا في الضلالات والمتاهات التي وضعها حمزة بن علي، أصغوا إلى نداء عقولهم ما بقي واحد منهم على هذا الاعتقاد الواهي، الذي لا يصدقه عقل، ولا تستسيغه نفس.

‌المصدر:

عقيدة الدروز عرض ونقض لمحمد أحمد الخطيب – ص 200

(1) عبد الكريم الخطيب: ((الله ذاتا وموضوعا)(ص 405).

ص: 393