الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيا: نشأة الأغاخانية الإسماعيلية
الإسماعيلية افترقت إلى فرقتين
الأولى: مستعلوية، والثانية: نزارية
المستعلوية يقولون: إن الإمامة انتقلت بعد المنتصر بالله إلى ابنه المستعلي بالله أبي القاسم أحمد سادس الخلفاء بمصر وهكذا إلى حادي عشر خلفائهم بمصر أيضا وهذا العاضد لدين الله أبو محمد عبد الله بن يوسف الحافظ وهو آخر هذه الطائفة حتى مات.
الفرقة الثانية وهي النزارية والتي هي موضوع بحثنا:
فالنزارية يقولون إن الإمامة انتقلت بعد المستنصر بالله إلى ابنه نزار بالنص دون ابنه المستعلي ويزعم النزارية أن نزار المذكور خرج من الإسكندرية حملا في بطن جارية تقية على نفسه، وخاض بلاداً حتى صار إلى الموت أي أنه صار إلى بلاد المغرب وصارت الإمامة في بنيه هناك، لكن المستعلية ينكرون ذلك ويقولون: فر إلى الإسكندرية، وسار إليه الأفضل ابن أمير الجيوش وزير المستعلي، وحاصره بالإسكندرية فظفر به، وأتى به إلى المستعلي الذي قتله شر قتلة، إذ بنى عليه حائطين، فمات ومن فر من النزارية استقر بالمغرب والقائمون فيها الآن من ولده كما تشهد بذلك كتب التواريخ لمغرب بن سعيد وغيره.
"أما النزاريون فقد استطاعوا بقيادة حسن بن الصباح الاستيلاء على عدد من الحصون في فارس وسوريا، أهمها ألموت عام "1090 حيث كان حسن وخلفاؤه من بعده يسيطرون على الطائفة التي كانت قائمة على أساس الممتلكات الإقليمية واستخدموا وسيلة اغتيال الشخصيات المرموقة كوسيلة للإرهاب ومن هنا تشرب اسمهم "الحشاشون" إلى اللغات الأوروبية ولما جاء الخليفة حسن الرابع وكان يدعى حسن أيضا دعى نفسه "الإمام نزار" وأعلن وصول فترة البعث وكان يعتبر هو وخلفاؤه مظهراً للذات الإلهية، وعندما انكسرت شوكة الحشاشين السياسية في فارس على يد المغول الذين احتلوا معقلهم الرئيسي ألموت عام 1256، وفي سوريا على يد المماليك، واستمرت الطائفة بقيادة أئمتها الذين كانوا من سلالة حكام ألموت.
ومنذ القرن الرابع عشر الميلادي كان هناك خطان متنافسان داخل الطائفة، وفي القرن السادس عشر هاجر ظاهر شاه، وكان من الفرع الصغير إلى الهند، حيث استمر أتباعه لمدة قرنين من الزمان، أما أئمة الفرع الكبير في الطائفة فقد عاشوا في شتى المدن الفارسية حتى جاء عام 1890 عندما ذهب الإمام أغاخان إلى الهند، هو وأتباعه المعرفون بالأغاخانيون ولهم أتباع متعددون في الهند وباكستان يبلغون عدة ملايين وفي مناطق بامير وأم داريا العليا وإيران وأفريقيا "بين المهاجرين الهنود" وسوريا حيث تجمع أتباع الطوائف حول قادتهم في نهاية القرن التاسع عشر.
أما الأغاخانية الحالية والتي تعيش بيننا يقال أن رجلا اسمه حسن علي شاه وهو إسماعيلي هدد الأمن وقطع الطريق على القوافل حتى ذاع صيته في أنحاء إيران وأصبح أسطورة على ألسنة الناس وأعجب الإيرانيون ببطولاته فانضموا إليه إعجابا به وطمعا في المكاسب المادية التي سوف يحصلون عليها من طريق حسن علي شاه "المسمى أغاخان الأول" في قيادة ثورة يهدد بها الأمن ولكن حسن علي شاه فشل في ثورته وقبض عليه فسارع الإنجليز إلى التوسط له بالإفراج عنه على أن ينفى من إيران كلها.
ذهب حسن علي شاه إلى أفغانستان كرغبة الإنجليز ولكن لم يستطع أن يقدم هناك شيئا لمخططاته ليقظة الأفغانيين فاتجه إلى الهند وسكن مدينة بومباي وهناك اعترف به الإنجليز إماماً للطائفة الإسماعيلية، وخلعوا عليه لقب أغاخان فانتسب إلى نزار بن المستنصر الفاطمي وأصبح إمام الإسماعيلية النزارية.
وهذا أغاخان الإمام الإسماعيلي الثالث موضحا انتقال أجداده بعد انهيار الحكم الفاطمي الشيعي على يد البطل المؤمن صلاح الدين الأيوبي رحمه الله من مصر، إلى سوريا ولبنان وارتحالهم منها شرقا إلى جبال إيران التي أصبحت مركزا لانتشارهم فيما بعد: والتي هاجر منها جده إلى الهند حيث استقر هو وأسرته ومن هاجر معه من أتباعه في مدينة بومباي.
يقول:
بعد ضياع الخلافة الفاطمية في مصر انتقل أجدادي أول ما انتقلوا إلى مرتفعات سوريا ولبنان، ومن هناك ارتحلوا شرقا إلى جبال إيران حيث أقاموا معقلا لهم في ذروة ألموت الشامخة من جبال البرز، وهي السلسلة التي تفصل بين سائر إيران والمقاطعات الكائنة إلى الجنوب من بحر قزوين مباشرة وتتناول الأسطورة والتاريخ هنا نسج حكاية "شيخ الجبل" الغربية، والأسياد العظام الوارثين لطغمة القتلة الذين احتفظوا بألموت قرابة مئتي عام. في هذه الفترة اشتهرت العقيدة الإسماعيلية في سوريا والعراق والجزيرة العربية نفسها، وفي أواسط أسيا، فلقد كانت سمرقند وبخارى وغيرهما من المدن مراكز عظيمة للعلوم ومذاهب الفكر الإسلامية، وبعد قليل، أي في القرن الثالث عشر للميلاد، نفذت الدعاية الإسماعيلية الدينية إلى ما يعرف بسينج يانج وتركستان الصينية، وقد جاء وقت في القرنين الثالث والرابع عشر كانت فيه العقيدة الإسماعيلية المدرسة الفكرية الرئيسية والأكثر نفوذا، غير أنه بانتصار أسرة صفوي في إيران "في مقاطعتها الشمالية الغربية، أذربيجان، بصورة خاصة" وطدت الاثنا عشرية سلطتها واحتفظ من بقي من الإسماعيليين بثباتهم وصمودهم على عقيدتهم ولا يزال الكثيرون منهم في أنحاء متعددة من آسيا وأفريقيا وإيران.
وفي سنة 1881م أخلفه ابنه في إمامة الطائفة، وعرف باسم أغاخان الثاني.
وكان أبوه أعده للإمامة إعداداً كاملاً وهيأ له الثقافة الكاملة، وكان يجيد عدة لغات منها العربية وعمل على خدعة أبناء المسلمين الذين اتصلوا بأتباعه تمييزاً بين طوائفهم فسمت مكانته بين الناس جميعا، تزوج أميرة إيرانية وأنجب منها ولده محمد الحسين في نوفمبر 1877م وهو أغاخان الثالث المعروف باسم أغاخان المتوفى في أغسطس سنة 1957 وقد عاش أغاخان الثالث حياة طويلة مليئة بعناصر الإثارة والشهرة والشهوة وعمل على نشر المذهب الإسماعيلي بين طوائف المسلمين في الهند الأمر الذي أدى إلى ضياع المسلمين في شبه القارة الهندية فيما بعد وقد فضل الإقامة في أوروبا وأخذ من ملاذ الدنيا ولهوها نصيباً كبيراً وتزوج أربع مرات المرأة الأولى من أميرة إيرانية، والمرأة الثانية من فتاة إيطالية أنجب منها ابنه "علي خان" والمرأة الثالثة من بائعة حلوى وسجائر في باريس وأنجب منها ولده "صدر الدين خان" والمرأة الرابعة من إحدى ملكات الجمال، وحين مات أغاخان أوصى لحفيده "كريم" بالإمامة وهو الحالي للأغاخانية.
وقد دفن أغاخان الثالث بناء على وصيته بمدينة أسوان بصعيد مصر في مسكن كان يملكه على الشاطئ الغربي للنيل ثم نقل رفاته إلى ضريحه الحالي المجاور لمسكنه المذكور في اليوم العشرين من فبراير سنة 1959 ويعتبر هذا الضريح منذ ذلك الحين مزارا لطائفة الشيعة الإسماعيلية.
وله ثلاث أولاد:
كريم وعلي وصدر الدين
ولكن أغاخان علي أوصى لحفيده كريم ولم يوص لأحد من ولديه "علي" و"صدر الدين" رغم أن عليا والد كريم كان لا يزال على قيد الحياة ولكن لعل مسلك علي الشخصي كواحد من أشهر رواد الفساد الأخلاقي فقد بلغ القمة في الانغماس في الخطيئة من معاقرة الخمر ولعب القمار ومصادقة فاتنات الملاهي وراقصات الكباريهات حتى سخرت منه الصحافة الأوروبية حين كانت تتابع أخباره سكرانا مما اضطر الإمام الإسماعيلي من الإقدام على حرمان ولده من الإمامة حتى لا يحط من قدر الطائفة أمام المسلمين وغير المسلمين على حد سواء وزعماء هذه الفرقة يبدلون في المبادئ حسب أهوائهم، وأتباعهم يعتقدون أن لهم التصرف في أمور الدنيا والآخرة ولهذا تجمع الأموال للإمام لا للفقراء وكلما امتد الزمان زاد مذهبهم فسادا ولحق الناس والمجتمعات من أعمالهم شر كبير.
"وأغاخان كريم الرابع" يعيش اليوم في بذخ وحياة لا تختلف عن حياة والده وهو يعيش الآن في "فرنسا" باريس ولفظ أغا يعني في الفارسية السيد ولفظ خان يعني الرئيس أو الزعيم أو القائد وأغا خان: يعني السيد الرئيس أو الزعيم وقد أطلقته الإسماعيلية النزارية على إمامهم في منتصف القرن التاسع عشر ميلادي تعبيراً عن ولائهم له.
المصدر:
سلسلة ماذا تعرف عن
…
لأحمد بن عبد العزيز الحصين -1/ 231