المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني: الفدائيون - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٩

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الأول: الرد على عقيدة وحدة الوجود

- ‌المبحث الثاني: الرد على عقيدة تصور المشايخ:

- ‌المبحث الثالث: الرد على ما ابتدعوه من أوراد وأشغال صوفية

- ‌المبحث الرابع: الرد على ما جاء في دلائل الخيرات والبردة والهمزية

- ‌المبحث الخامس: الرد على اعتقادهم جواز الاستغاثة بغير الله

- ‌المبحث السادس: الرد على تبركاتهم البدعية والشركية

- ‌المبحث السابع: الرد على اعتقادهم تمثل أرواح أئمتهم والصالحين بالأجساد

- ‌المبحث الثامن: الرد على اعتقاد تصرف أئمتهم في الكون

- ‌المبحث التاسع: الرد على التزامهم المراقبة عند القبور

- ‌المبحث العاشر: الرد على اعتقاد علم أئمتهم بما في الأرحام

- ‌المبحث الحادي عشر: الرد على اعتقاد علم النبي والأولياء للغيب

- ‌المبحث الثاني عشر: الرد على اعتقاد أن النبي مخلوق من نور وأنه أول خلق الله

- ‌المبحث الثالث عشر: الرد على اعتقادهم حياة النبي في قبره حياة دنيوية

- ‌المبحث الرابع عشر: الرد على اعتقاد جواز شد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من أعظم القربات

- ‌المبحث الخامس عشر: الرد على اعتقاد جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السادس عشر: الرد على قولهم بجواز رؤية النبي يقظة

- ‌المبحث السابع عشر: الرد على تأويلهم صفة العلو

- ‌المبحث الثامن عشر: الرد على إيجابهم اتباع أبي حنيفة

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المبحث الأول: تعريف الباطنية

- ‌المبحث الثاني: سبب التسمية

- ‌المبحث الثالث: بداية الحركة الباطنية

- ‌المبحث الرابع: فرق الباطنية

- ‌المبحث الأول: الحركات الباطنية وأثرها في تدمير الأمة

- ‌المبحث الثاني: أثرها في الناحية الفكرية

- ‌المبحث الثالث: أثرها في الناحية الاجتماعية

- ‌المبحث الرابع: أثرها في الناحية السياسية

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: فرق الإسماعيلية

- ‌المبحث الثاني: أئمة الإسماعيلية

- ‌المبحث الثالث: مراتب الأئمة

- ‌المبحث الرابع: درجات دعاتهم ومراتبهم

- ‌المبحث الخامس: أبرز دعاة الإسماعيلية

- ‌المبحث السادس: أصول الإسماعيلية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أهمية التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المطلب الثاني: نماذج من تأويل الإسماعيلية للآيات القرآنية

- ‌المطلب الثالث: تأويل الإسماعيلية للتكاليف الشرعية

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق في التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المطلب الخامس: إبطال أصل التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المبحث الثامن: ضلالات الإسماعيلية

- ‌المبحث التاسع: معتقد الإسماعيلية في الإلهيات

- ‌المطلب الأول: تعريف النبوة عندهم

- ‌المطلب الثاني: المنطلقات الأساسية لمعتقد الإسماعيلية عن النبوة والأنبياء فهم

- ‌المطلب الثالث: استمرار النبوة والرسالة عندهم

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق في معتقد الإسماعيلية عن النبوة والأنبياء

- ‌المطلب الأول: تأويل القيامة وما بعدها

- ‌المطلب الثاني: البعث والمعاد

- ‌المطلب الثالث: معاد أهل دعوتهم

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق عن معتقد الإسماعيلية في الأخرويات

- ‌المطلب الأول: التكاليف الشرعية صورة عملية تطبيقية لعقيدة المسلم

- ‌المطلب الثاني: معتقدهم في التكاليف الشرعية

- ‌المطلب الثالث: أقوال علماء الفرق عن معتقد الإسماعيلية في التكاليف الشرعية

- ‌المطلب الرابع: هدف الإسماعيلية من تأويل التكاليف ونقدهم

- ‌المبحث الثالث عشر: حكم الإسلام في طائفة الإسماعيلية

- ‌الفصل الرابع: الإسماعيلية المعاصرة

- ‌المطلب الأول: تعريف بطائفة البهرة (الإسماعيلية) ونشأتها

- ‌أولا: التعريف

- ‌ثانيا: نشأة البهرة

- ‌المطلب الثاني: عقيدتهم

- ‌المطلب الثالث: كتبهم

- ‌المطلب الرابع: زعماؤهم

- ‌أولا: الدعوة الإسماعيلية في الهند

- ‌ثانيا: انتقال مركز الدعوة من اليمن إلى الهند

- ‌1 - الطائفة الجعفرية

- ‌2 - الفرقة السليمانية

- ‌3 - الفرقة العلوية والفرقة النغوشية

- ‌4 - الفرقة الهجومية

- ‌5 - الفرقة الهبتية

- ‌6 - طائفة أصحاب البستان المهدي

- ‌أولا: أحوالهم الاقتصادية والتعليمية

- ‌ثانيا: لغتهم وطقوسهم

- ‌ثالثا: مصادر دخل داعي البهرة

- ‌المطلب السابع: في أحوالهم الاجتماعية

- ‌المطلب الثامن: النظام الحالي للدعوة الطيبية

- ‌المطلب التاسع: البهرة وتعاونهم مع الاستعمار

- ‌المطلب العاشر: فتاوى العلماء عن فرقة البهرة

- ‌فتوى اللجنة الدائمة

- ‌المبحث الثاني: طائفة الأغاخانية (الإسماعيلية)

- ‌المطلب الأول: تعريف بالأغاخانية (الإسماعيلية) ونشأتها

- ‌أولا: التعريف

- ‌ثانيا: نشأة الأغاخانية الإسماعيلية

- ‌المطلب الثاني: من أبرز شخصياتهم

- ‌المطلب الثالث: عقيدتهم

- ‌أولا: من أهم عقائدهم

- ‌ثانيا: من أقوال الأب الروحي للإسماعيلية

- ‌المطلب الرابع: أعيادهم واحتفالاتهم الدينية

- ‌أولا: مزاراتهم

- ‌ثانيا: أعيادهم

- ‌المطلب الخامس: أحوالهم المادية

- ‌المطلب السادس: الضرائب عند الأغاخانية

- ‌أولا: عاداتهم

- ‌ثانيا: مطالبتهم بما يسمى تحرير المرأة

- ‌أولا: تنظيماتهم الدعوية

- ‌ثانيا: نشاطهم الدعوي

- ‌المطلب التاسع: أماكن انتشارهم

- ‌المطلب العاشر: الأغاخانية وتعاونهم مع الاستعمار

- ‌المطلب الحادي عشر: فتاوى العلماء في الأغاخانية (الإسماعيلية)

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: نشأتهم

- ‌المطلب الثالث: عقائدهم

- ‌المطلب الرابع: السليمانية في منطقة المزاحن

- ‌ثالثا: الجانب التعليمي

- ‌رابعا: الجانب السياسي والاجتماعي

- ‌المطلب الخامس: واقعها المعاصر

- ‌المطلب السابع: أبرز شخصياتهم

- ‌المطلب الثامن: أماكن انتشارهم

- ‌المبحث الأول: التعريف بهم

- ‌المبحث الثاني: التأسيس وأبرز الشخصيات

- ‌المبحث الثالث: نشأة الطائفة الإسماعيلية النزارية (الحشاشون)

- ‌المبحث الرابع: الأحداث التاريخية والسياسية التي واكبت ظهور الحشاشين

- ‌المبحث الخامس: حركة الحشاشين أو الدعوة الجديدة

- ‌المبحث السادس: الأفكار والمعتقدات والجذور الفكرية

- ‌المبحث السابع: المبادئ العامة لحركة الحشاشين وأساليبها في الدعوة

- ‌المطلب الأول: مراتب الدعاةّ

- ‌المطلب الثاني: المرحلية في الدعوة

- ‌المبحث الثامن: النشاط العسكري لحركة الحشاشين

- ‌المطلب الأول: القلاع والحصون

- ‌المطلب الثاني: الفدائيون

- ‌المطلب الثالث: الاغتيال السياسي

- ‌المبحث التاسع: الرموز السرية

- ‌المبحث العاشر: الإستراتيجية السياسية والعسكرية لحركة الحشاشين في سوريا

- ‌المبحث الحادي عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث الثاني عشر: تعامل الباطنية النزارية (الحشاشين) مع الصليبيين

- ‌جدول بأسماء القادة والعلماء الذين اغتالهم الباطنيون

- ‌المطلب الأول: التعريف بهم

- ‌المطلب الثاني: ألقابهم

- ‌المطلب الثالث: بدايات دعوتهم

- ‌المطلب الرابع: أهدافهم

- ‌المطلب الأول: الحالة السياسية

- ‌المطلب الثاني: الحالة الاجتماعية والاقتصادية

- ‌المطلب الأول: معتقدهم في الإلهيات

- ‌المطلب الثاني: معتقدهم في النبوات

- ‌المطلب الثالث: معتقدهم في الإمامة

- ‌المطلب الرابع: معتقدهم في القيامة والمعاد

- ‌المطلب الخامس: اعتقادهم في التكاليف الشرعية

- ‌المبحث الرابع: خيانات القرامطة

- ‌المبحث الخامس: أساليب القرامطة في الدعوة

- ‌المبحث السادس: العوامل التي ساعدت على نجاح القرامطة

- ‌المبحث السابع: المظهر السياسي للقرامطة

- ‌المبحث الثامن: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المطلب الأول: على الصعيد السياسي

- ‌المطلب الثاني: على الصعيد الاجتماعي

- ‌المطلب الثالث: على الصعيد الديني

- ‌المبحث العاشر: أتباعهم

- ‌المبحث الحادي عشر: أقوال العلماء في كفر القرامطة

- ‌المبحث الأول: التعريف بطائفة النصيرية

- ‌المبحث الثاني: زعيمهم وسبب انفصاله عن الشيعة وموقفهم منه

- ‌المبحث الثالث: أبرز الشخصيات بعد مؤسس النصيرية

- ‌المطلب الأول: نشأة النصيرية

- ‌المطلب الثاني: أسماء هذه الطائفة والسبب في إطلاقها عليهم

- ‌المطلب الثالث: فرق النصيرية

- ‌المبحث الخامس: مراسيم وطقوس الدخول في عقيدة النصيرية

- ‌المبحث السادس: أهم عقائد النصيرية

- ‌المبحث السابع: عبادات النصيرية

- ‌المبحث الثامن: موقف النصيرية من الصحابة

- ‌المبحث التاسع: تعظيمهم لسلمان الفارسي والأيتام الخمسة

- ‌المبحث العاشر: أعياد النصيرية

- ‌المبحث الحادي عشر: تكتم النصيرية على عقائدهم

- ‌المبحث الثاني عشر: نظرتهم تجاه المرأة

- ‌المبحث الثالث عشر: تعظيمهم للخمر

- ‌المبحث الرابع عشر: المراتب والدرجات عند النصيرية

- ‌المبحث الخامس عشر: أماكن انتشار النصيرية

- ‌المبحث السادس عشر: بيان خطر النصيرية

- ‌المبحث السابع عشر: من خيانات النصيريين

- ‌المبحث الثامن عشر: مقارنة بين عقائد الإسماعيليين والدروز والنصيرية

- ‌المبحث التاسع عشر: حكم الإسلام في النصيرية

- ‌مراجع للتوسع

- ‌المبحث الأول: التعريف بهم

- ‌المبحث الثاني: الحاكم بأمر الله وعلاقته بعقيدة الدروز

- ‌المبحث الثالث: تطور المذهب الدرزي بعد الحاكم

- ‌المبحث الرابع: أشهر دعاة الدروز وآراؤهم

- ‌المبحث الخامس: أسماء الدروز

- ‌المبحث السادس: كيف انتشرت العقيدة الدرزية

- ‌المبحث السابع: معاملة الدروز لمن يكشف شيئاً من عقائدهم

- ‌المبحث الثامن: طريقة الدروز في تعليم ديانتهم

- ‌المطلب الأول: ألوهية الحاكم عند الدروز

- ‌المطلب الثاني: التناسخ والتقمص والحلول

- ‌المطلب الثالث: الحدود الخمسة

- ‌المطلب الرابع: عقيدتهم في اليوم الآخر والثواب والعقاب

- ‌المطلب الخامس: عقيدتهم في الأنبياء

- ‌المطلب السادس: عقيدتهم في التستر والكتمان

- ‌المطلب السابع: رسائل الدروز وكتبهم المقدسة

- ‌المطلب الأول: إبطال مفهومهم للألوهية، وحلول اللاهوت في الناسوت

- ‌المطلب الثاني: إبطال قولهم بالتناسخ والرجعة

- ‌المطلب الأول: نقضهم أركان الإِسلام، وفرضهم بدلها سبع دعائم تكليفية

- ‌المطلب الثاني: الزواج والطلاق والوصية عندهم

- ‌المطلب الثالث: تقسيم المجتمع الدرزي إلى عقال وجهال ونظام الخلوات عندهم

- ‌المطلب الأول: موقفهم من اليهود

- ‌المطلب الثاني: موقفهم من النصارى

- ‌المطلب الثالث: موقفهم من النصيرية

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين النصيرية والدروز

- ‌المبحث الثالث عشر: الدروز في العصر الحاضر

- ‌المبحث الرابع عشر: خيانات الدروز

- ‌المبحث الخامس عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث السادس عشر: حكم الإسلام فيهم وفي معاملاتهم

- ‌مراجع للتوسع

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الشيخية أو الرشتية

- ‌ثانيا: البابية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: نشأته

- ‌المطلب الثاني: ثقافته

- ‌المطلب الثالث: عمالته هو وأسرته لأعداء الإسلام والمسلمين

- ‌المطلب الرابع: نبوءات البهاء

- ‌المطلب الخامس: وفاته

- ‌المطلب الأول: انقسام البهائية وأهم زعمائها

- ‌المطلب الثاني: أسباب انتشار البهائية

- ‌المطلب الثالث: مواطن انتشار البهائية

- ‌أولا: عقيدة البابية:

- ‌ثانيا: شريعة البابية

- ‌ثالثا: الكتاب المقدس للبابية

- ‌أولا: عقيدتهم في الله

- ‌ثانيا: عقيدتهم في الأنبياء

- ‌ثالثا: عقيدتهم في اليوم الآخر

- ‌رابعا: موقفهم من القرآن والسنة وكتابهم المقدس عندهم

- ‌خامسا: البهائية والإباحية

- ‌سادسا: موقفهم من المسلمين وغير المسلمين

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: وحدة الأديان

- ‌المطلب الثاني: وحدة الأوطان

- ‌المطلب الثالث: وحدة اللغة

- ‌المطلب الرابع: السلام العالمي

- ‌المطلب الخامس: المساواة بين الرجال والنساء

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أركان الإسلام

الفصل: ‌المطلب الثاني: الفدائيون

‌المطلب الثاني: الفدائيون

نظام أوجده الحسن الصباح، وكان مصدراً لكثير من الرعب والهلع، في الأوساط الرسمية والشعبية.

كان للفدائية إقدام وجرأة على التضحية الجسدية فاقت كل تصور، بتصميم وعزم وثبات لا مثيل له في تاريخ الجريمة.

نسبوا أنفسهم إلى آل البيت، واتخذوا ذلك ستاراً لما يقومون به من أعمال لا يقرها العرف والدين.

كان الإرهاب صناعتهم، والفساد شريعتهم، قاموا بأعمال فوضوية اهتز لها العالم الإسلامي ما يقرب من قرنين من الزمان نشروا خلالها الرعب والفزع في النفوس، وقتلوا ما لا يُحصى عدداً من خلق الله.

ذكروا أن الحسن اتبع طريقة للسيطرة على أتباعه سيطرة عجيبة جعلتهم ينفذون أوامره الجهنمية دون توقف، وقد نجح في جعل الشجاعة النادرة وحب المخاطرة والصبر الرباط الذي يربط الأفراد الذين ينتمون إلى هذه الفرقة، فقد كان الفدائي يترقب الفرصة المواتية لتنفيذ مهمته شهوراً بل سنين.

يذكر التاريخ أن الفدائيين الذين كُلفوا بقتل (كونراد) مركيز مونتفرات قد تمكنوا من الإقامة في معسكر الصليبين ستة أشهر كاملة ينتظرون الفرصة السانحة وهم بثياب الرهبان المسيحيين.

لقد كان هدف الحسن أن يعمل من خلال الفدائيين لتكوين مجتمعات إسماعيلية قوية ومنظمة تنظيماً دقيقاً يضمن لها البقاء، ولما تم للحسن السيطرة على قلعة "ألموت" جلب إليها نخبة من المستجيبين للدعوة، المعروفين بتضحيتهم، وأخذ يعمل جاداً على تدريبهم على الطاعة العمياء والإيمان المطلق بما يقوله لهم، وعلى حب المخاطرة والتضحية المطلقة واحتقار الحياة البشرية، وأن قوام الإسلام الصحيح هو بذلك النفس، وأن الحياة الدنيا إنما هي تجربة خالية من النعيم الحق لا تعدل في متاعبها وآلامها ذرة من رغد الحياة الأخرى ونعيمها الباذخ، وأن السبيل الحق إلى اكتساب الجنة والتقلب في نعمائها وسعادتها الخالدة هو اقتداء النفس بعمل من أعمال الدنيا، وأن سلامتهم متوقفة دائماً على فداء أنفسهم، وأن أقل مخالفة تبدر منهم تكون سبباً في وقوعهم تحت العقوبة والمسؤولية إلى الأبد وأن الذي يقدم الطاعة جزاؤه الجنة. نفخ الحسن فيهم حب الفناء في سبيل الدعوة الجديدة، ولما اشتد ساعدهم استقدم لهم أحسن المدربين على استعمال مختلف أنواع الأسلحة المعروفة في ذلك الوقت كما جلب عدة أساتذة لتعليمهم عدة لغات أجنبية ولهجات محلية كان يتكلمها سكان البلاد، أضف إلى ذلك أنه كان يدربهم على استعمال الأحرف السرية وكيفية إخفاء أنفسهم ومن يرافقهم في مهماتهم بحيث لا يبوح الفدائي بسره أو سر الجماعة التي ينتمي إليها، فإذا قبض عليه الأعداء كان يعمد إلى قتل نفسه قبل أن يُجبر على التكلم.

لقد كان الحسن صارماً في تنشئة هؤلاء الفدائيين، قاسياً عليهم أشد القسوة، حتى استطاع أن ينجح في إعداد نخبة ممتازة منهم أصبحوا نواة للحامية الإسماعيلية.

كان الحسن بن الصباح يعلم أن دعوته لا يمكن أن تنجح ضد معاقل الإسلام السني، وأن أنصاره ليس في إمكانهم أن يواجهوا ويهزموا القوة المسلحة للدولة السلجوقية، وأن كثيرين قبله قد نفسوا عن فشلهم في عنف غير منظم، أو تمرد يائس، أو سلبية كئيبة، ولكن الحسن وجد وسيلة جديدة يمكن بها لقوة صغيرة، منظمة ومخلصة أن توجه ضربات فعالة ضد عدو يتمتع بتفوق ساحق، هذه الوسيلة التي اختارها الحسن هي الإرهاب.

كان الاغتيال المنظم أمضى سلاح في يد الحشاشين، وقد كان الرفاق والفدائيون عماد هذا السلاح المروع، لقد أنعشوه كسلاح سياسي ورفعوه إلى مستوى الواجب المقدس، وهذا هو الجانب المثير حقاً في سيرة هذه الجمعية السرية الهائلة.

ص: 190

كما أن صراعات الخصوم جعلت منه سلاحاً فعالاً ومقبولاً في نفس الوقت لتصفية الحسابات السياسة والخلافات الدينية والمذهبية، وظهر المنظرون ليضيفوا على منطق العنف العاري غطاءً أيديولوجياً برّاقاً.

وبهذا الإرهاب الذي تلهبه أهداف واسعة النطاق يضمنها برنامج متماسك تُرتكب من أجله الأعمال الإرهابية بسط الحشاشون على المشرق نظام إرهاب حق، وانبث الرفاق والفدائيون شراذم في الأقطار فأظلم بهم وجه الأرض ونجد في تاريخ الإسماعيلية ثبتاً من مشاهير الرجال من جميع الأمم سقطوا ضحايا الإسماعيلية بين غبطة القتلة وأسف العالم.

لقد كان عملهم بمثابة النفوذ المأفون والإساءة في استخدام الدين ببشاعة لخدمة الطموح الرهيب الذي لا يلجمه شيء، وكانوا بحق الإرهابيين الأول الذين استطاعوا تطويع الإرهاب لتحقيق أهدافهم السياسية. يقول شاعر إسماعيلي في امتداح الفدائيين:

"أيها الرفاق .. عندما يأتي وقت النصر ويحالفنا الحظ في الدنيا والآخرة يستطيع محارب واحد يمشي على قدميه أن يبث الرعب في قلب ملك تحت إمرته مائة ألف فارس أو يزيد".

ولتبيان حجم الخطر والرعب الذي شكله الحشاشون بصفة عامة والفدائيون بصفة خاصة فإن التاريخ يذكر أنه لما همّ الملك فيليب السادس ملك فرنسا بالقيام بحملة صليبية لاسترداد الأماكن التي فقدتها النصرانية، بعث إليه القس الألماني "بروكاردوس" الذي قضى فترة من حياته في أرمينيا يحذره من الأخطار التي تنطوي عليها مثل تلك الحملة.

ومن هذه الأخطار كما يذكر ذاك القس: "أذكر الحشاشين الذين ينبغي أن يلعنهم الإنسان ويتفاداهم، وإنهم يبيعون أنفسهم ويتعطشون للدماء البشرية، ويقتلون الأبرياء مقابل أجر، ولا يلقون اعتباراً للحياة أو النجاة، وهم يُغيِّرون مظهرهم كالشياطين التي تتحول إلى ملائكة من النور، وذلك أنهم يحاكون الحركات والثياب واللغات والعادات والتصرفات التي تأتيها الأمم والأقوام المختلفة، وهكذا يتخفون في ثياب الشاة لتنفيذ أغراضهم، ويتعرضون للموت بمجرد أن يكتشفهم الناس، وحيث إني في الواقع لم أرهم ولكني أعرف عنهم ذلك بالشهرة والكتابات الصحيحة فحسب، لذلك لا يمكنني أن أستطرد أكثر من ذلك أو أعطي مزيداً من المعلومات، ولا أستطيع أن أبين كيف يمكن لأحدٍ أن يعرفهم من واقع عاداهم أو غيرها من العلاقات، لأنهم فيما يتعلق بهذه الأشياء غير معروفين لي وللآخرين كذلك، كما لا أستطيع أن أبين كيف يمكن أن يعرفهم بأسمائهم إذ إنهم بسبب بشاعة مهنتهم، وكراهية الجميع لهم يحاولون إخفاء أسمائهم بقدر ما يستطيعون ولذا فلست أعرف سوى وسيلة واحدة لوقاية الملك وحمايته، وهي أنه لا ينبغي السماح بإعطاء وظائف القصر الملكي أو أية خدمة فيه مهما كانت صغيرة أو مختصرة أو متواضعة إلا للمعروفين تماماً، كما لا ينبغي السماح لأحد بدخول القصر إلا لهؤلاء الذين تُعرف بالتحديد دولتهم وحكامهم ونسبهم وحالتهم، أي ينبغي باختصار أن يكون الشخص المسموح له بالاقتراب من الملك معروفاً تماماً".

فالحشاشون كما يراهم هذا القس كانوا قتلة مأجورين، سريين من نوع خطر وذوي مهارات خاصة.

ص: 191

وفي تقرير كتبه مبعوث أرسله الإمبراطور "فريدريك بريروسة" إلى مصر وسوريا، كتب هذا المبعوث يقول "لاحظ أنه يوجد عند تخوم دمشق وأنطاكية وحلب جنس معين من العرب يعيشون في الجبال يسمون أنفسهم بالحشاشين، ويُعرفون في الرومانية بسادة الجبل، هذه السلالة من الرجال يعيش أفرادها بلا قانون .. وهم يعيشون في الجبال في شبه منعة كاملة وراء أسوار قلاعهم الحصينة .. ولهم سيد يُلقي أشد الرعب في قلوب كل الأمراء العرب القريبين والبعيدين على السواء وكذا يخشاه الحكام المسيحيون المجاورون لهم، لأن من عادته أن يقتلهم بطريقة تدعو للدهشة، وهذه الطريقة كالتالي:

يربي عديداً من أبناء الفلاحين الذين يأخذهم منذ طفولتهم المبكرة، وهناك يجري تعليمهم لغات مختلفة كاللاتينية والإغريقية والرومية والعربية وغيرها، وهؤلاء الشبان الصغار يلقنهم معلموهم من شبابهم المبكر إلى رجولتهم الكاملة أن عليهم أن يطيعوا سيد القلعة في كل ما يقوله أو يأمر به، وأنهم إذا فعلوا ذلك فإنه سوف يهبهم مسرات الفردوس، وهم يلقنون كذلك أن لا أمل لهم في النجاة إذا قاوموا إرادته في أي شيء، ولاحظ أنهم منذ الإتيان بهم أطفالاً لا يرون أحداً سوى معلميهم وأسيادهم ولا يحصلون على أي تعليم آخر، وفي الوقت نفسه وعلى فترات متفاوتة يجري استدعاؤهم إلى حضرة الأمير فيسألهم عما إذا كانوا راغبين في إطاعة أوامره من أجل أن يمنحهم نعمة الفردوس، وعندئذ ينفذون ما تلقنوه بدون اعتراض أو ريبة فيرمون بأنفسهم تحت قدميه ويجيبون بحماسة أنهم سوف يطيعونه في كل ما يأمر به، وحينئذ يقوم الأمير بإعطاء كل منهم خنجراً ذهبياً ويرسلهم لقتل من يشاء من الأمراء".

وكتب المؤرخ الألماني "أرنولد أوف لوبيك" يقول: "سوف أحكي الآن أشياء عن هذا الأمر قد تبدو غريبة ولكن أكد صحتها لي شهود يوثق بهم، لقد استطاع هذا الشيخ بطرقه السحرية أن يغري قومه بأن يعبدوه ولا يقتنعوا بإله سواه، وأغراهم بطريقة غريبة مستخدماً الآمال والوعود بالمسرات والبهجة الخالدة حتى جعلهم يفضلون ألموت على الحياة، إن إيماءة منه كافية لأن تجعل الكثيرين منهم يقفزون من فوق الأسوار المرتفعة فُتدق أعناقهم وتتحطم جماجمهم ويموتون ميتة بائسة، وهو يؤكد لهم أن أسعدهم مآلاً الذين يسفكون دماء الآخرين ويلقون حتفهم بالتالي انتقاماً لفعلتهم، ولذا فإنهم –عندما يختار بعضهم للموت بهذه الطريقة- يعدون أنفسهم لاغتيال من يحددهم ببراعة ثم يسلمون أنفسهم للموت سعداء جزاء لما يفعلون، والشيخ يقدم لهم بنفسه خناجر مخصصة لهذه المهمة ثم يشملهم على نحو يجعلهم ينغمرون في حالة من الوجد والابتهاج الغامر ونسيان أي شيء آخر ويعرض عليهم بسحره أحلاماً خيالية ومسرات وبهجات كبيرة أو بالأحرى مبهرجة زائفة ويعدهم بأن هذه الأشياء ستكون خالصة لهم جزاء لهم".

إن مثل هذه الحملة من الإرهاب المنظم يلزمها مطلبان واضحان: التنظيم والأيديولوجية، فينبغي أن تكون هناك منظمة قادرة على أمرين: شن الهجوم وتحمل الضربة المضادة التي لا شك في مجيئها، وينبغي أن تكون هناك عقيدة تلهم وتدعم المهاجمين إلى درجة مواجهة ألموت، وهذه العقيدة في مثل ذلك العصر والمكان لا يمكن أن تكون سوى الدين وذلك ينطبق على كل عصر.

وهذان العاملان كانا موجودين، فالعقيدة الإسماعيلية المعدلة مع ذكرياتها عن الألم والاستشهاد وغير ذلك كانت بمثابة القضية التي تدعم معتنقيها بالكرامة والشجاعة وتلهمهم الولاء الذي لا نظير له من قبل في التاريخ الإنساني، وقد كان ولاء الحشاشين الذي خاطروا بألموت بل وأحبوه من أجل سيدهم عنواناً على الإيمان والتضحية بالذات قبل أن يكون عنواناً على القتل.

وكان هناك أيضا التنظيم الهادئ إلى جانب الحمية المتوقدة في عمل الحشاشين، ويبدو هذا واضحاً في عديد من المبادئ، فإن استيلاءهم على القلاع والحصون أمدهم بالقواعد الآمنة كما أن مبدأ السرية الذي اشتق من نظرية التقية أفادهم سواء من حيث الأمن أو التضامن، وقد كان عمل الحشاشين تدعمه الاعتبارات الدينية والسياسية.

ص: 192