المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الرابع: السلام العالمي - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٩

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الأول: الرد على عقيدة وحدة الوجود

- ‌المبحث الثاني: الرد على عقيدة تصور المشايخ:

- ‌المبحث الثالث: الرد على ما ابتدعوه من أوراد وأشغال صوفية

- ‌المبحث الرابع: الرد على ما جاء في دلائل الخيرات والبردة والهمزية

- ‌المبحث الخامس: الرد على اعتقادهم جواز الاستغاثة بغير الله

- ‌المبحث السادس: الرد على تبركاتهم البدعية والشركية

- ‌المبحث السابع: الرد على اعتقادهم تمثل أرواح أئمتهم والصالحين بالأجساد

- ‌المبحث الثامن: الرد على اعتقاد تصرف أئمتهم في الكون

- ‌المبحث التاسع: الرد على التزامهم المراقبة عند القبور

- ‌المبحث العاشر: الرد على اعتقاد علم أئمتهم بما في الأرحام

- ‌المبحث الحادي عشر: الرد على اعتقاد علم النبي والأولياء للغيب

- ‌المبحث الثاني عشر: الرد على اعتقاد أن النبي مخلوق من نور وأنه أول خلق الله

- ‌المبحث الثالث عشر: الرد على اعتقادهم حياة النبي في قبره حياة دنيوية

- ‌المبحث الرابع عشر: الرد على اعتقاد جواز شد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من أعظم القربات

- ‌المبحث الخامس عشر: الرد على اعتقاد جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السادس عشر: الرد على قولهم بجواز رؤية النبي يقظة

- ‌المبحث السابع عشر: الرد على تأويلهم صفة العلو

- ‌المبحث الثامن عشر: الرد على إيجابهم اتباع أبي حنيفة

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المبحث الأول: تعريف الباطنية

- ‌المبحث الثاني: سبب التسمية

- ‌المبحث الثالث: بداية الحركة الباطنية

- ‌المبحث الرابع: فرق الباطنية

- ‌المبحث الأول: الحركات الباطنية وأثرها في تدمير الأمة

- ‌المبحث الثاني: أثرها في الناحية الفكرية

- ‌المبحث الثالث: أثرها في الناحية الاجتماعية

- ‌المبحث الرابع: أثرها في الناحية السياسية

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: فرق الإسماعيلية

- ‌المبحث الثاني: أئمة الإسماعيلية

- ‌المبحث الثالث: مراتب الأئمة

- ‌المبحث الرابع: درجات دعاتهم ومراتبهم

- ‌المبحث الخامس: أبرز دعاة الإسماعيلية

- ‌المبحث السادس: أصول الإسماعيلية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أهمية التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المطلب الثاني: نماذج من تأويل الإسماعيلية للآيات القرآنية

- ‌المطلب الثالث: تأويل الإسماعيلية للتكاليف الشرعية

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق في التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المطلب الخامس: إبطال أصل التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المبحث الثامن: ضلالات الإسماعيلية

- ‌المبحث التاسع: معتقد الإسماعيلية في الإلهيات

- ‌المطلب الأول: تعريف النبوة عندهم

- ‌المطلب الثاني: المنطلقات الأساسية لمعتقد الإسماعيلية عن النبوة والأنبياء فهم

- ‌المطلب الثالث: استمرار النبوة والرسالة عندهم

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق في معتقد الإسماعيلية عن النبوة والأنبياء

- ‌المطلب الأول: تأويل القيامة وما بعدها

- ‌المطلب الثاني: البعث والمعاد

- ‌المطلب الثالث: معاد أهل دعوتهم

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق عن معتقد الإسماعيلية في الأخرويات

- ‌المطلب الأول: التكاليف الشرعية صورة عملية تطبيقية لعقيدة المسلم

- ‌المطلب الثاني: معتقدهم في التكاليف الشرعية

- ‌المطلب الثالث: أقوال علماء الفرق عن معتقد الإسماعيلية في التكاليف الشرعية

- ‌المطلب الرابع: هدف الإسماعيلية من تأويل التكاليف ونقدهم

- ‌المبحث الثالث عشر: حكم الإسلام في طائفة الإسماعيلية

- ‌الفصل الرابع: الإسماعيلية المعاصرة

- ‌المطلب الأول: تعريف بطائفة البهرة (الإسماعيلية) ونشأتها

- ‌أولا: التعريف

- ‌ثانيا: نشأة البهرة

- ‌المطلب الثاني: عقيدتهم

- ‌المطلب الثالث: كتبهم

- ‌المطلب الرابع: زعماؤهم

- ‌أولا: الدعوة الإسماعيلية في الهند

- ‌ثانيا: انتقال مركز الدعوة من اليمن إلى الهند

- ‌1 - الطائفة الجعفرية

- ‌2 - الفرقة السليمانية

- ‌3 - الفرقة العلوية والفرقة النغوشية

- ‌4 - الفرقة الهجومية

- ‌5 - الفرقة الهبتية

- ‌6 - طائفة أصحاب البستان المهدي

- ‌أولا: أحوالهم الاقتصادية والتعليمية

- ‌ثانيا: لغتهم وطقوسهم

- ‌ثالثا: مصادر دخل داعي البهرة

- ‌المطلب السابع: في أحوالهم الاجتماعية

- ‌المطلب الثامن: النظام الحالي للدعوة الطيبية

- ‌المطلب التاسع: البهرة وتعاونهم مع الاستعمار

- ‌المطلب العاشر: فتاوى العلماء عن فرقة البهرة

- ‌فتوى اللجنة الدائمة

- ‌المبحث الثاني: طائفة الأغاخانية (الإسماعيلية)

- ‌المطلب الأول: تعريف بالأغاخانية (الإسماعيلية) ونشأتها

- ‌أولا: التعريف

- ‌ثانيا: نشأة الأغاخانية الإسماعيلية

- ‌المطلب الثاني: من أبرز شخصياتهم

- ‌المطلب الثالث: عقيدتهم

- ‌أولا: من أهم عقائدهم

- ‌ثانيا: من أقوال الأب الروحي للإسماعيلية

- ‌المطلب الرابع: أعيادهم واحتفالاتهم الدينية

- ‌أولا: مزاراتهم

- ‌ثانيا: أعيادهم

- ‌المطلب الخامس: أحوالهم المادية

- ‌المطلب السادس: الضرائب عند الأغاخانية

- ‌أولا: عاداتهم

- ‌ثانيا: مطالبتهم بما يسمى تحرير المرأة

- ‌أولا: تنظيماتهم الدعوية

- ‌ثانيا: نشاطهم الدعوي

- ‌المطلب التاسع: أماكن انتشارهم

- ‌المطلب العاشر: الأغاخانية وتعاونهم مع الاستعمار

- ‌المطلب الحادي عشر: فتاوى العلماء في الأغاخانية (الإسماعيلية)

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: نشأتهم

- ‌المطلب الثالث: عقائدهم

- ‌المطلب الرابع: السليمانية في منطقة المزاحن

- ‌ثالثا: الجانب التعليمي

- ‌رابعا: الجانب السياسي والاجتماعي

- ‌المطلب الخامس: واقعها المعاصر

- ‌المطلب السابع: أبرز شخصياتهم

- ‌المطلب الثامن: أماكن انتشارهم

- ‌المبحث الأول: التعريف بهم

- ‌المبحث الثاني: التأسيس وأبرز الشخصيات

- ‌المبحث الثالث: نشأة الطائفة الإسماعيلية النزارية (الحشاشون)

- ‌المبحث الرابع: الأحداث التاريخية والسياسية التي واكبت ظهور الحشاشين

- ‌المبحث الخامس: حركة الحشاشين أو الدعوة الجديدة

- ‌المبحث السادس: الأفكار والمعتقدات والجذور الفكرية

- ‌المبحث السابع: المبادئ العامة لحركة الحشاشين وأساليبها في الدعوة

- ‌المطلب الأول: مراتب الدعاةّ

- ‌المطلب الثاني: المرحلية في الدعوة

- ‌المبحث الثامن: النشاط العسكري لحركة الحشاشين

- ‌المطلب الأول: القلاع والحصون

- ‌المطلب الثاني: الفدائيون

- ‌المطلب الثالث: الاغتيال السياسي

- ‌المبحث التاسع: الرموز السرية

- ‌المبحث العاشر: الإستراتيجية السياسية والعسكرية لحركة الحشاشين في سوريا

- ‌المبحث الحادي عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث الثاني عشر: تعامل الباطنية النزارية (الحشاشين) مع الصليبيين

- ‌جدول بأسماء القادة والعلماء الذين اغتالهم الباطنيون

- ‌المطلب الأول: التعريف بهم

- ‌المطلب الثاني: ألقابهم

- ‌المطلب الثالث: بدايات دعوتهم

- ‌المطلب الرابع: أهدافهم

- ‌المطلب الأول: الحالة السياسية

- ‌المطلب الثاني: الحالة الاجتماعية والاقتصادية

- ‌المطلب الأول: معتقدهم في الإلهيات

- ‌المطلب الثاني: معتقدهم في النبوات

- ‌المطلب الثالث: معتقدهم في الإمامة

- ‌المطلب الرابع: معتقدهم في القيامة والمعاد

- ‌المطلب الخامس: اعتقادهم في التكاليف الشرعية

- ‌المبحث الرابع: خيانات القرامطة

- ‌المبحث الخامس: أساليب القرامطة في الدعوة

- ‌المبحث السادس: العوامل التي ساعدت على نجاح القرامطة

- ‌المبحث السابع: المظهر السياسي للقرامطة

- ‌المبحث الثامن: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المطلب الأول: على الصعيد السياسي

- ‌المطلب الثاني: على الصعيد الاجتماعي

- ‌المطلب الثالث: على الصعيد الديني

- ‌المبحث العاشر: أتباعهم

- ‌المبحث الحادي عشر: أقوال العلماء في كفر القرامطة

- ‌المبحث الأول: التعريف بطائفة النصيرية

- ‌المبحث الثاني: زعيمهم وسبب انفصاله عن الشيعة وموقفهم منه

- ‌المبحث الثالث: أبرز الشخصيات بعد مؤسس النصيرية

- ‌المطلب الأول: نشأة النصيرية

- ‌المطلب الثاني: أسماء هذه الطائفة والسبب في إطلاقها عليهم

- ‌المطلب الثالث: فرق النصيرية

- ‌المبحث الخامس: مراسيم وطقوس الدخول في عقيدة النصيرية

- ‌المبحث السادس: أهم عقائد النصيرية

- ‌المبحث السابع: عبادات النصيرية

- ‌المبحث الثامن: موقف النصيرية من الصحابة

- ‌المبحث التاسع: تعظيمهم لسلمان الفارسي والأيتام الخمسة

- ‌المبحث العاشر: أعياد النصيرية

- ‌المبحث الحادي عشر: تكتم النصيرية على عقائدهم

- ‌المبحث الثاني عشر: نظرتهم تجاه المرأة

- ‌المبحث الثالث عشر: تعظيمهم للخمر

- ‌المبحث الرابع عشر: المراتب والدرجات عند النصيرية

- ‌المبحث الخامس عشر: أماكن انتشار النصيرية

- ‌المبحث السادس عشر: بيان خطر النصيرية

- ‌المبحث السابع عشر: من خيانات النصيريين

- ‌المبحث الثامن عشر: مقارنة بين عقائد الإسماعيليين والدروز والنصيرية

- ‌المبحث التاسع عشر: حكم الإسلام في النصيرية

- ‌مراجع للتوسع

- ‌المبحث الأول: التعريف بهم

- ‌المبحث الثاني: الحاكم بأمر الله وعلاقته بعقيدة الدروز

- ‌المبحث الثالث: تطور المذهب الدرزي بعد الحاكم

- ‌المبحث الرابع: أشهر دعاة الدروز وآراؤهم

- ‌المبحث الخامس: أسماء الدروز

- ‌المبحث السادس: كيف انتشرت العقيدة الدرزية

- ‌المبحث السابع: معاملة الدروز لمن يكشف شيئاً من عقائدهم

- ‌المبحث الثامن: طريقة الدروز في تعليم ديانتهم

- ‌المطلب الأول: ألوهية الحاكم عند الدروز

- ‌المطلب الثاني: التناسخ والتقمص والحلول

- ‌المطلب الثالث: الحدود الخمسة

- ‌المطلب الرابع: عقيدتهم في اليوم الآخر والثواب والعقاب

- ‌المطلب الخامس: عقيدتهم في الأنبياء

- ‌المطلب السادس: عقيدتهم في التستر والكتمان

- ‌المطلب السابع: رسائل الدروز وكتبهم المقدسة

- ‌المطلب الأول: إبطال مفهومهم للألوهية، وحلول اللاهوت في الناسوت

- ‌المطلب الثاني: إبطال قولهم بالتناسخ والرجعة

- ‌المطلب الأول: نقضهم أركان الإِسلام، وفرضهم بدلها سبع دعائم تكليفية

- ‌المطلب الثاني: الزواج والطلاق والوصية عندهم

- ‌المطلب الثالث: تقسيم المجتمع الدرزي إلى عقال وجهال ونظام الخلوات عندهم

- ‌المطلب الأول: موقفهم من اليهود

- ‌المطلب الثاني: موقفهم من النصارى

- ‌المطلب الثالث: موقفهم من النصيرية

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين النصيرية والدروز

- ‌المبحث الثالث عشر: الدروز في العصر الحاضر

- ‌المبحث الرابع عشر: خيانات الدروز

- ‌المبحث الخامس عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث السادس عشر: حكم الإسلام فيهم وفي معاملاتهم

- ‌مراجع للتوسع

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الشيخية أو الرشتية

- ‌ثانيا: البابية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: نشأته

- ‌المطلب الثاني: ثقافته

- ‌المطلب الثالث: عمالته هو وأسرته لأعداء الإسلام والمسلمين

- ‌المطلب الرابع: نبوءات البهاء

- ‌المطلب الخامس: وفاته

- ‌المطلب الأول: انقسام البهائية وأهم زعمائها

- ‌المطلب الثاني: أسباب انتشار البهائية

- ‌المطلب الثالث: مواطن انتشار البهائية

- ‌أولا: عقيدة البابية:

- ‌ثانيا: شريعة البابية

- ‌ثالثا: الكتاب المقدس للبابية

- ‌أولا: عقيدتهم في الله

- ‌ثانيا: عقيدتهم في الأنبياء

- ‌ثالثا: عقيدتهم في اليوم الآخر

- ‌رابعا: موقفهم من القرآن والسنة وكتابهم المقدس عندهم

- ‌خامسا: البهائية والإباحية

- ‌سادسا: موقفهم من المسلمين وغير المسلمين

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: وحدة الأديان

- ‌المطلب الثاني: وحدة الأوطان

- ‌المطلب الثالث: وحدة اللغة

- ‌المطلب الرابع: السلام العالمي

- ‌المطلب الخامس: المساواة بين الرجال والنساء

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أركان الإسلام

الفصل: ‌المطلب الرابع: السلام العالمي

‌المطلب الرابع: السلام العالمي

يظن البهائيون أنهم هم الذين تزعموا الدعوة إلى السلام العالمي وترك الحروب والتعايش الهادئ بين الأمم حين منعوا حمل السلاح وأوجبوا تقديم السمع والطاعة للحكام أيا كان مذهبهم، وليس فقط تحريم الحروب بل كما يزعمون كل مقدماته من النزاع والجدال والخصام، وكل ما يمت إلى الحروب في النهاية؛ بل ولا يجوز حمل السلاح حتى ولو للدفاع عن النفس.

تلك هي مزاعمهم حول دعوى إحلال السلام في العالم كله، فهل كان ذلك حقيقة؟ وهل قدموا الحلول الناجحة لمشكلات العالم التي تجرهم إلى الحروب شاءوا أم أبوا، وإلى أي مدى وصلت إليه دعوتهم من النجاح في العالم.

هذا على فرض التسليم بأنهم هم الذين دعوا إلى السلام العالمي وحدهم، مع أن أحداً لا يجرؤ مهما كانت صلافته على مثل دعواهم بأنه مخترع الدعوة إلى السلام العالمي؛ لأن الدعوة إلى السلام دعوة ربانية قررها الإسلام وضاعف الحلول الناجحة لها بطرق ترضي كل شخص، وتنهي كل خلاف ولو رجعوا إليه لوجدوا مصداق هذا واضحاً ولا عبرة بمن فسدت فطرته واتبع هواه.

وقبل الإجابة عن ذلك نورد هنا بعض كلام البهاء وأتباعه حول مناداتهم بالسلام العالمي.

يقول حسين المازندراني: (قد نهيناكم عن النزاع والجدال نهياً عظيماً في كتاب هذا أمر الله في هذا الظهور الأعظم).

وقال: (لأن تُقتَلوا خير من أن تَقْتُلوا). وقال: (لا يجوز رفع السلاح ولو للدفاع عن النفس)(1).ومن هنا قال أحد زعمائهم في مصر: إن الدولة لو أجبرته على حمل السلاح في مواجهة إسرائيل فإنه سيطلقه في الهواء؛ لأن ذلك هو شعار البهائيين (2).

لقد ربط البهائية تحقيق ذلك السلام العالمي البهائي بطريقة ماكرة، مفادها أن تلك الدعوى لا يمكن أن تتحقق إلا بعد الارتواء من غسلين البهائية وآرائها المتناقضة، وحينئذ تمشي البشرية آمنة مطمئنة لا يخاف أحدهم إلا الله والذئب على غنمه.

(1)((بهاء الله والعصر الجديد)) (ص: 123)، نقلاً عن ((البهائية)) لإحسان (ص: 125).

(2)

((قراءة في وثائق البهائية)) (ص: 93).

ص: 492

إنها دعوى عريضة فوق مستوى عقول البهائية، وتصدر البهائي وأتباعه لهذا الزعم يعتبر من مهازل البهائية البائسة ويعتبر من عجائب الزمن، فمن يقبل من الناس أن يركن إلى البهائي ومزاعمه هو وأتباعه دون أن يرى الحلول الإيجابية لتلك المشكلات التي يعج بها العالم كله؛ لأن الحل عند البهائية هو أن تدخل رأسك في الشبكة لترى الحل حينئذ في عالم الخيالات الوهمية. نسي أو جهل البهائيون أن حل مشكلات الحياة العالمية لا يمكن أن يأتي عن طريق الخرافات والمؤامرات الظاهرة والخفية وإنما يأتي عن طريق الاقتناع التام من داخل النفس: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13]، إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:92]، وكذا قول نبي الإسلام:((يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى)) (1). ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) (2)((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)) (3).

ومئات النصوص في كتاب الله وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم فيها الحلول المباشرة التي يلمسها الإنسان ويرى تأثيرها بمجرد أن يمتثل الأمر، ولو طبق الناس الإسلام لرأوا كيف يصبح السلام واقعاً حقيقياً لا خداع فيه ولا تجبر ولا مكائد ولا دسائس، ولرأوا أن جميع مشكلات العالم تذوب من تلقاء نفسها كما يذوب الملح في الماء.

لأن الحلول الإسلامية تناجي كل قلب على حدة وتقول له: ابدأ بنفسك ليقتدي بك الآخرون، فتصبح الدعوة جماعية في آن واحد دون أن يتدخل أي شخص في تفكير الآخر.

أما الدعوة البهائية للسلام العالمي فإنها تصبح هكذا: الرب هو المازندراني، والأرض التي يحكمها كل شخص هي له لا حق فيها للآخرين، فللإنجليز ما يملكون، وللروس ما يأخذون، ولأمريكا ما تريد، وعلى الجميع السمع والطاعة لمن قوي على شريعة الجاهلية الأولى، من عزّ بزّ ومن غلب استلب، ومن لم يحترف لم يعتلف، فهل هذه الفكرة الهزيلة تقدم الحلول لمشكلات الناس؟

إن من المعروف بداهة وواقعاً أن كل تجمّع على غير هدى الخالق العظيم رب العالمين لا يمكن أن يقدم الحلول المرضية لمشكلات الناس مهما كان نبوغ المجتمعين، ومهما كان إخلاصهم، ولا نذهب بعيداً فهذا مجلس الأمن أو مقام الأمم المتحدة أشبه ما يكون بجسم لا روح فيه؛ بل هو مقر الخدع والمؤامرات لأصحاب النفوذ والقوة، لا يهمه إلا إرضاء الدول الدائمة العضوية كما يسمونها، أصحاب السيف الفولاذي الذي يسمونه (الفيتو).

لقد صار هذا الفيتو سيفاً على رقاب الناس لا يجوز الخروج عن طاعته، ظلمه عدل وقتله رحمة وكلمته هي الفصل، فكيف بعد ذلك وأنى لهم أن يقدموا الحلول العادلة وهم لا يملكونها (وفاقد الشيء لا يعطيه).

(1) رواه أحمد (5/ 411)(23536) ومسدد والحارث كما في إتحاف الخيرة المهرة (2614) والبيهقي في الشعب (7/ 132) قال ابن تيمية في ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (1/ 412): إسناده صحيح. وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (3/ 269): رجاله رجال الصحيح. وأورده الألباني في الصحيحة (2700) وقال الوادعي في الصحيح المسند (1536) صحيح

(2)

رواه البخاري (13)، ومسلم (45) من حديث أنس.

(3)

رواه البخاري (10) من حديث عبد الله بن عمرو، ومسلم (41) من حديث جابر.

ص: 493

لقد نبهنا الإسلام إلى أن الله هو رب الكون وما فيه وهو المدبر له، والخير إليه والشر بتقديره عندما تتوفر أسبابه. وكل ما يقع في هذا الكون إنما هو بمشيئته وقدرته، وقد أرشدنا الله عز وجل إلى الطرق الناجحة التي تقطع دابر الشرور والظلم فإذا لم يرد الناس تطبيقها وفضلوا تطبيق أهوائهم أوكلهم الله إلى أنفسهم- كما هو واقع البشر اليوم- ثم لا يبالي بهم في أي واد هلكوا.

وحينئذ يتولاهم كبار المجرمين ويحلون أنفسهم محل النبوة والألوهية فيشرعون للناس بجهلهم شرائع تجرهم إلى الدمار، يقدمون السم في أطباق الذهب المزخرف، ثم تسير الحياة بالناس من ضنك إلى ضنك أشد منه، قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا [طه:124].

إن الله عز وجل قد أخبرنا أنه منذ أن أوجد البشر أوجد فيهم قوتين متضادتين: قوة الخير وقوة الشر، وجعل الصراع بينهما متواصلاً، ثم سن الله لأهل الخير أن يقاتلوا أهل الشر والإلحاد وجعل ذلك القتال جهاداً يتقرب به إليه عز وجل، يثاب صاحبه ويعاقب تاركه.

وأباح الله قتال من يعتدي على الحرمات والمقدسات وذم الجبناء والذين لا غيرة فيهم على حرمهم ومقدساتهم، وقد قاتل الرسول صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة وغزا غزواته الكثيرة الشهيرة فكان بطل الأبطال وقائد الشجعان، وتلك سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلاً.

والواقع أن هدف المازندراني حينما حرم الجهاد إنما هو خدمة أعداء الإسلام من الروس والإنجليز لا إحلال السلام كما يزعم؛ بل لإرضاء أولئك المنعمين عليه، ولقد ناقض نفسه بنفسه حينما شن الغارات على الإيرانيين أولاً ومع البابيين زملائه ثانياً، ومع الأزليين أتباع أخيه ثالثاً، ومع المسلمين خاصة ومع كل من لا يؤمن بخرافاته عامة، فكيف يدعو إلى شيء هو نفسه لا يؤمن به: كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ [الصف:3].

‌المصدر:

فرق معاصرة لغالب عواجي 2/ 693 - 698

ص: 494