المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: القلاع والحصون - موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - جـ ٩

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الأول: الرد على عقيدة وحدة الوجود

- ‌المبحث الثاني: الرد على عقيدة تصور المشايخ:

- ‌المبحث الثالث: الرد على ما ابتدعوه من أوراد وأشغال صوفية

- ‌المبحث الرابع: الرد على ما جاء في دلائل الخيرات والبردة والهمزية

- ‌المبحث الخامس: الرد على اعتقادهم جواز الاستغاثة بغير الله

- ‌المبحث السادس: الرد على تبركاتهم البدعية والشركية

- ‌المبحث السابع: الرد على اعتقادهم تمثل أرواح أئمتهم والصالحين بالأجساد

- ‌المبحث الثامن: الرد على اعتقاد تصرف أئمتهم في الكون

- ‌المبحث التاسع: الرد على التزامهم المراقبة عند القبور

- ‌المبحث العاشر: الرد على اعتقاد علم أئمتهم بما في الأرحام

- ‌المبحث الحادي عشر: الرد على اعتقاد علم النبي والأولياء للغيب

- ‌المبحث الثاني عشر: الرد على اعتقاد أن النبي مخلوق من نور وأنه أول خلق الله

- ‌المبحث الثالث عشر: الرد على اعتقادهم حياة النبي في قبره حياة دنيوية

- ‌المبحث الرابع عشر: الرد على اعتقاد جواز شد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من أعظم القربات

- ‌المبحث الخامس عشر: الرد على اعتقاد جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السادس عشر: الرد على قولهم بجواز رؤية النبي يقظة

- ‌المبحث السابع عشر: الرد على تأويلهم صفة العلو

- ‌المبحث الثامن عشر: الرد على إيجابهم اتباع أبي حنيفة

- ‌مراجع للتوسع:

- ‌المبحث الأول: تعريف الباطنية

- ‌المبحث الثاني: سبب التسمية

- ‌المبحث الثالث: بداية الحركة الباطنية

- ‌المبحث الرابع: فرق الباطنية

- ‌المبحث الأول: الحركات الباطنية وأثرها في تدمير الأمة

- ‌المبحث الثاني: أثرها في الناحية الفكرية

- ‌المبحث الثالث: أثرها في الناحية الاجتماعية

- ‌المبحث الرابع: أثرها في الناحية السياسية

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: فرق الإسماعيلية

- ‌المبحث الثاني: أئمة الإسماعيلية

- ‌المبحث الثالث: مراتب الأئمة

- ‌المبحث الرابع: درجات دعاتهم ومراتبهم

- ‌المبحث الخامس: أبرز دعاة الإسماعيلية

- ‌المبحث السادس: أصول الإسماعيلية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أهمية التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المطلب الثاني: نماذج من تأويل الإسماعيلية للآيات القرآنية

- ‌المطلب الثالث: تأويل الإسماعيلية للتكاليف الشرعية

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق في التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المطلب الخامس: إبطال أصل التأويل الباطني عند الإسماعيلية

- ‌المبحث الثامن: ضلالات الإسماعيلية

- ‌المبحث التاسع: معتقد الإسماعيلية في الإلهيات

- ‌المطلب الأول: تعريف النبوة عندهم

- ‌المطلب الثاني: المنطلقات الأساسية لمعتقد الإسماعيلية عن النبوة والأنبياء فهم

- ‌المطلب الثالث: استمرار النبوة والرسالة عندهم

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق في معتقد الإسماعيلية عن النبوة والأنبياء

- ‌المطلب الأول: تأويل القيامة وما بعدها

- ‌المطلب الثاني: البعث والمعاد

- ‌المطلب الثالث: معاد أهل دعوتهم

- ‌المطلب الرابع: أقوال علماء الفرق عن معتقد الإسماعيلية في الأخرويات

- ‌المطلب الأول: التكاليف الشرعية صورة عملية تطبيقية لعقيدة المسلم

- ‌المطلب الثاني: معتقدهم في التكاليف الشرعية

- ‌المطلب الثالث: أقوال علماء الفرق عن معتقد الإسماعيلية في التكاليف الشرعية

- ‌المطلب الرابع: هدف الإسماعيلية من تأويل التكاليف ونقدهم

- ‌المبحث الثالث عشر: حكم الإسلام في طائفة الإسماعيلية

- ‌الفصل الرابع: الإسماعيلية المعاصرة

- ‌المطلب الأول: تعريف بطائفة البهرة (الإسماعيلية) ونشأتها

- ‌أولا: التعريف

- ‌ثانيا: نشأة البهرة

- ‌المطلب الثاني: عقيدتهم

- ‌المطلب الثالث: كتبهم

- ‌المطلب الرابع: زعماؤهم

- ‌أولا: الدعوة الإسماعيلية في الهند

- ‌ثانيا: انتقال مركز الدعوة من اليمن إلى الهند

- ‌1 - الطائفة الجعفرية

- ‌2 - الفرقة السليمانية

- ‌3 - الفرقة العلوية والفرقة النغوشية

- ‌4 - الفرقة الهجومية

- ‌5 - الفرقة الهبتية

- ‌6 - طائفة أصحاب البستان المهدي

- ‌أولا: أحوالهم الاقتصادية والتعليمية

- ‌ثانيا: لغتهم وطقوسهم

- ‌ثالثا: مصادر دخل داعي البهرة

- ‌المطلب السابع: في أحوالهم الاجتماعية

- ‌المطلب الثامن: النظام الحالي للدعوة الطيبية

- ‌المطلب التاسع: البهرة وتعاونهم مع الاستعمار

- ‌المطلب العاشر: فتاوى العلماء عن فرقة البهرة

- ‌فتوى اللجنة الدائمة

- ‌المبحث الثاني: طائفة الأغاخانية (الإسماعيلية)

- ‌المطلب الأول: تعريف بالأغاخانية (الإسماعيلية) ونشأتها

- ‌أولا: التعريف

- ‌ثانيا: نشأة الأغاخانية الإسماعيلية

- ‌المطلب الثاني: من أبرز شخصياتهم

- ‌المطلب الثالث: عقيدتهم

- ‌أولا: من أهم عقائدهم

- ‌ثانيا: من أقوال الأب الروحي للإسماعيلية

- ‌المطلب الرابع: أعيادهم واحتفالاتهم الدينية

- ‌أولا: مزاراتهم

- ‌ثانيا: أعيادهم

- ‌المطلب الخامس: أحوالهم المادية

- ‌المطلب السادس: الضرائب عند الأغاخانية

- ‌أولا: عاداتهم

- ‌ثانيا: مطالبتهم بما يسمى تحرير المرأة

- ‌أولا: تنظيماتهم الدعوية

- ‌ثانيا: نشاطهم الدعوي

- ‌المطلب التاسع: أماكن انتشارهم

- ‌المطلب العاشر: الأغاخانية وتعاونهم مع الاستعمار

- ‌المطلب الحادي عشر: فتاوى العلماء في الأغاخانية (الإسماعيلية)

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌المطلب الثاني: نشأتهم

- ‌المطلب الثالث: عقائدهم

- ‌المطلب الرابع: السليمانية في منطقة المزاحن

- ‌ثالثا: الجانب التعليمي

- ‌رابعا: الجانب السياسي والاجتماعي

- ‌المطلب الخامس: واقعها المعاصر

- ‌المطلب السابع: أبرز شخصياتهم

- ‌المطلب الثامن: أماكن انتشارهم

- ‌المبحث الأول: التعريف بهم

- ‌المبحث الثاني: التأسيس وأبرز الشخصيات

- ‌المبحث الثالث: نشأة الطائفة الإسماعيلية النزارية (الحشاشون)

- ‌المبحث الرابع: الأحداث التاريخية والسياسية التي واكبت ظهور الحشاشين

- ‌المبحث الخامس: حركة الحشاشين أو الدعوة الجديدة

- ‌المبحث السادس: الأفكار والمعتقدات والجذور الفكرية

- ‌المبحث السابع: المبادئ العامة لحركة الحشاشين وأساليبها في الدعوة

- ‌المطلب الأول: مراتب الدعاةّ

- ‌المطلب الثاني: المرحلية في الدعوة

- ‌المبحث الثامن: النشاط العسكري لحركة الحشاشين

- ‌المطلب الأول: القلاع والحصون

- ‌المطلب الثاني: الفدائيون

- ‌المطلب الثالث: الاغتيال السياسي

- ‌المبحث التاسع: الرموز السرية

- ‌المبحث العاشر: الإستراتيجية السياسية والعسكرية لحركة الحشاشين في سوريا

- ‌المبحث الحادي عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث الثاني عشر: تعامل الباطنية النزارية (الحشاشين) مع الصليبيين

- ‌جدول بأسماء القادة والعلماء الذين اغتالهم الباطنيون

- ‌المطلب الأول: التعريف بهم

- ‌المطلب الثاني: ألقابهم

- ‌المطلب الثالث: بدايات دعوتهم

- ‌المطلب الرابع: أهدافهم

- ‌المطلب الأول: الحالة السياسية

- ‌المطلب الثاني: الحالة الاجتماعية والاقتصادية

- ‌المطلب الأول: معتقدهم في الإلهيات

- ‌المطلب الثاني: معتقدهم في النبوات

- ‌المطلب الثالث: معتقدهم في الإمامة

- ‌المطلب الرابع: معتقدهم في القيامة والمعاد

- ‌المطلب الخامس: اعتقادهم في التكاليف الشرعية

- ‌المبحث الرابع: خيانات القرامطة

- ‌المبحث الخامس: أساليب القرامطة في الدعوة

- ‌المبحث السادس: العوامل التي ساعدت على نجاح القرامطة

- ‌المبحث السابع: المظهر السياسي للقرامطة

- ‌المبحث الثامن: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المطلب الأول: على الصعيد السياسي

- ‌المطلب الثاني: على الصعيد الاجتماعي

- ‌المطلب الثالث: على الصعيد الديني

- ‌المبحث العاشر: أتباعهم

- ‌المبحث الحادي عشر: أقوال العلماء في كفر القرامطة

- ‌المبحث الأول: التعريف بطائفة النصيرية

- ‌المبحث الثاني: زعيمهم وسبب انفصاله عن الشيعة وموقفهم منه

- ‌المبحث الثالث: أبرز الشخصيات بعد مؤسس النصيرية

- ‌المطلب الأول: نشأة النصيرية

- ‌المطلب الثاني: أسماء هذه الطائفة والسبب في إطلاقها عليهم

- ‌المطلب الثالث: فرق النصيرية

- ‌المبحث الخامس: مراسيم وطقوس الدخول في عقيدة النصيرية

- ‌المبحث السادس: أهم عقائد النصيرية

- ‌المبحث السابع: عبادات النصيرية

- ‌المبحث الثامن: موقف النصيرية من الصحابة

- ‌المبحث التاسع: تعظيمهم لسلمان الفارسي والأيتام الخمسة

- ‌المبحث العاشر: أعياد النصيرية

- ‌المبحث الحادي عشر: تكتم النصيرية على عقائدهم

- ‌المبحث الثاني عشر: نظرتهم تجاه المرأة

- ‌المبحث الثالث عشر: تعظيمهم للخمر

- ‌المبحث الرابع عشر: المراتب والدرجات عند النصيرية

- ‌المبحث الخامس عشر: أماكن انتشار النصيرية

- ‌المبحث السادس عشر: بيان خطر النصيرية

- ‌المبحث السابع عشر: من خيانات النصيريين

- ‌المبحث الثامن عشر: مقارنة بين عقائد الإسماعيليين والدروز والنصيرية

- ‌المبحث التاسع عشر: حكم الإسلام في النصيرية

- ‌مراجع للتوسع

- ‌المبحث الأول: التعريف بهم

- ‌المبحث الثاني: الحاكم بأمر الله وعلاقته بعقيدة الدروز

- ‌المبحث الثالث: تطور المذهب الدرزي بعد الحاكم

- ‌المبحث الرابع: أشهر دعاة الدروز وآراؤهم

- ‌المبحث الخامس: أسماء الدروز

- ‌المبحث السادس: كيف انتشرت العقيدة الدرزية

- ‌المبحث السابع: معاملة الدروز لمن يكشف شيئاً من عقائدهم

- ‌المبحث الثامن: طريقة الدروز في تعليم ديانتهم

- ‌المطلب الأول: ألوهية الحاكم عند الدروز

- ‌المطلب الثاني: التناسخ والتقمص والحلول

- ‌المطلب الثالث: الحدود الخمسة

- ‌المطلب الرابع: عقيدتهم في اليوم الآخر والثواب والعقاب

- ‌المطلب الخامس: عقيدتهم في الأنبياء

- ‌المطلب السادس: عقيدتهم في التستر والكتمان

- ‌المطلب السابع: رسائل الدروز وكتبهم المقدسة

- ‌المطلب الأول: إبطال مفهومهم للألوهية، وحلول اللاهوت في الناسوت

- ‌المطلب الثاني: إبطال قولهم بالتناسخ والرجعة

- ‌المطلب الأول: نقضهم أركان الإِسلام، وفرضهم بدلها سبع دعائم تكليفية

- ‌المطلب الثاني: الزواج والطلاق والوصية عندهم

- ‌المطلب الثالث: تقسيم المجتمع الدرزي إلى عقال وجهال ونظام الخلوات عندهم

- ‌المطلب الأول: موقفهم من اليهود

- ‌المطلب الثاني: موقفهم من النصارى

- ‌المطلب الثالث: موقفهم من النصيرية

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين النصيرية والدروز

- ‌المبحث الثالث عشر: الدروز في العصر الحاضر

- ‌المبحث الرابع عشر: خيانات الدروز

- ‌المبحث الخامس عشر: الانتشار ومواقع النفوذ

- ‌المبحث السادس عشر: حكم الإسلام فيهم وفي معاملاتهم

- ‌مراجع للتوسع

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: التعريف

- ‌تمهيد

- ‌أولا: الشيخية أو الرشتية

- ‌ثانيا: البابية

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: نشأته

- ‌المطلب الثاني: ثقافته

- ‌المطلب الثالث: عمالته هو وأسرته لأعداء الإسلام والمسلمين

- ‌المطلب الرابع: نبوءات البهاء

- ‌المطلب الخامس: وفاته

- ‌المطلب الأول: انقسام البهائية وأهم زعمائها

- ‌المطلب الثاني: أسباب انتشار البهائية

- ‌المطلب الثالث: مواطن انتشار البهائية

- ‌أولا: عقيدة البابية:

- ‌ثانيا: شريعة البابية

- ‌ثالثا: الكتاب المقدس للبابية

- ‌أولا: عقيدتهم في الله

- ‌ثانيا: عقيدتهم في الأنبياء

- ‌ثالثا: عقيدتهم في اليوم الآخر

- ‌رابعا: موقفهم من القرآن والسنة وكتابهم المقدس عندهم

- ‌خامسا: البهائية والإباحية

- ‌سادسا: موقفهم من المسلمين وغير المسلمين

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: وحدة الأديان

- ‌المطلب الثاني: وحدة الأوطان

- ‌المطلب الثالث: وحدة اللغة

- ‌المطلب الرابع: السلام العالمي

- ‌المطلب الخامس: المساواة بين الرجال والنساء

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: أركان الإسلام

الفصل: ‌المطلب الأول: القلاع والحصون

‌المطلب الأول: القلاع والحصون

ما كاد الحسن يستقر في بلاد فارس حتى أخذ يعمل جاداً في تنظيم الدعوة وبناء هياكلها بناءً دقيقاً، وكان أول شيء استعمله الحسن هو عنصر الدعوة، فبث رجاله المدربين في المناطق لكسب التأييد الشعبي والتوسع بين الجماهير، لأن الدعوة في نظر الحسن -على الأقل في هذه الفترة- كانت بحاجة إلى انتشار ولم تكن بحاجة إلى انتصار، لذا نجد الحسن حريصاً على إيجاد تنظيم يجمع الناس حول دعوته الجديدة، ووجه جل اهتمامه لاحتلال القلاع والحصون المحيطة به.

كانت القلاع تمثل بالنسبة إلى الحسن بن الصباح الملجأ المنيع الذي يقيه ويحميه من أعدائه وبنفس الوقت يكون مركزاً لنشر دعوته ولتدريب دعاته، خصوصاً وأنها كما قلنا تتسم بالارتفاع الشاهق وبوعورة المسالك المؤدية إليها، وتختلف بالكلية في تركيبها الجغرافي عن بقية البلاد، الأمر الذي يُمكّن المسيطر عليها من بسط سلطانه وسيادته على المنطقة كلها. وبعد مدة طويلة من الدعوة الواسعة القوية، والجهود الجبارة، والنضال المستمر توصل الحسن إلى قلعة "ألموت"(1) الشهيرة بعد أن نجح دعاته في تحويل جنود القلعة إلى المذهب الإسماعيلي.

يقول الحسن في إحدى شذرات حياته: (

وقد أرسلت من قزوين مرة أخرى الدعاة إلى قلعة ألموت، واستطاع الدعاة ضم بعض رجال القلعة إلى العقيدة الإسماعيلية

).

وكان استيلاؤه على هذه القلعة فاتحة بالنسبة للإسماعيلية في استيلائهم على قلاع وحصون أخرى، إذ ما لبث في القلعة الجديدة طويلاً حتى جمع حوله الإسماعيلية، ففاقت بكثرتهم خراسان، مما حدا بالحسن إلى تنظيم صفوفهم للإغارة على القلاع والحصون المجاورة.

يقول المؤرخ عطا ملك الجويني: (لقد بذل الحسن كل جهد ممكن للاستيلاء على الأماكن الملحقة بـ"ألموت" أو المجاورة لها، وكان يفعل ذلك عن طريق كسب السكان بأخاديعه الدعائية، إذا استطاع، فإذا لم تنطل عليهم حِيَلُه أخذها بالمذابح والسلب والنهب وسفك الدماء والحرب، وبهذا استولى على ما استطاع الاستيلاء عليه من القلاع، وأينما وجد صخرة مناسبة كان يبني فوقها قلعة له).

وعمل الحسن من القلعة على توسيع رقعة دولته الجديدة، وأنشأ دولة إسماعيلية خالصة بحيث يكون جميع من فيها من الحكام والرعايا من الإسماعيليين المخلصين الذين يدينون بالطاعة المطلقة للإمام الذي يتزعم هذه الدولة.

وبالرغم من الملاحقات المستمرة من قبل السلطة السلجوقية، فإن ذلك لم يثن عزم الحسن على الاستمرار في نشاطه الدعوي والعسكري، وقد ساعده على ذلك انضمام جماعة من رجال الدولة وولاتها إليه، منهم الذين ساعدوا الحسن على بسط نفوذه في تلك الأماكن، وفي دفع الخطر السلجوقي الذي كان يهدد الحركة بالقضاء عليها.

لقد كان الاستيلاء على قلعة "ألموت" أول عمل تاريخي بارز في حياة هذه الحركة الباطنية.

أسطورة الفردوس في القلعة:

يزعم بعض المؤرخين أن قلعة "ألموت" عاصمة الدولة الإسماعيلية الجديدة، ومعقل الحشاشين الرئيسي في المنطقة، كانت تحيط بها الحدائق الغنّاء التي تحوي كل الملاذ والشهوات وغيرها من الأشياء الفاتنة التي تسحر الألباب، وأن الحسن بن الصباح جعل من المكان فردوساً خلاباً بغرض التأثير في رجاله وأتباعه والتحكم فيهم.

(1) جعلها الحسن عاصمة للدولة الجديدة، ومركزاً لقيادة جيوشه، ومدرسة لتعليم الدعاة، ويروي المؤرخون أن الذي بني هذه القلعة ملك من ملوك الديلم، إذ كان مغرماً بالصيد، فأرسل ذات يوم عُقاباً، وتبعه فرآه قد سقط على موضع هذه القلعة، فوجده موضعاً استراتيجياً حصيناً، فأمر ببناء قلعة عليه، سمّاها "أله ألموت" ومعناه باللغة الديلمية "تعليم العقاب".

ص: 188

لقد ادعى ذلك الرحالة الشهير "ماركو بولو" الذي مرّ عبر إيران سنة 1273م، وتبعه في ذلك الكثير من المؤرخين دون تحقيق أو تثبت.

يقول "ماركو بولو" في وصفه قلعة "ألموت" وأسلوب الحياة فيها بما يلي: "كان شيخهم يُسمى علاء الدين وقد أمر بإقامة سور على أخدود بين جبلين ثم غرسه بالأشجار وحوّله إلى حديقة غنّاء، هي أجمل ما رأته الأعين ووقعت عليه الأبصار، وهي مليئة بمختلف الفواكه وأطيب الثمار، وأقام فيها القصور والجواسق مما لا عين رأت ولا أذن سمعت، وقد طلاها بالذهب ونقشها بأجمل النقوش، وجعل بها قنوات تفيض بالخمر واللبن والعسل والماء!!، ووضع فيها جملة من أجمل نساء العالمين وأرقّ الفتيات وجعلهن يعزفن على مختلف الآلات، ويغنين أعذب الأصوات، ويرقصن أروع الرقصات!! وقد شاء شيخ الجبل بذلك أن يجعل الناس يعتقدون أن حديقته هذه ما هي إلا الجنة بعينها، فأنشأها على النمط الذي صوّره لهم الدين الإسلامي، وجعلها روضة غنّاء، تجوس خلالها أنهار تفيض بالخمر واللبن والعسل والماء، وملأها بالجميلات الفاتنات من النساء اللائي لا هّم لهن إلا الترفيه عمن بها من نزلاء، ومن أجل ذلك فإن الأعراب الذين يقطنون هذه الأرجاء، يعتقدون أنها حقاً الجنة التي وعد بها الأتقياء .. ولم يكن يسمح لأحد من الناس أن يدخل هذه الحديقة إلا من شاء أن يجعلهم من حشاشيه، وكان على بابها حصن منيع يستطيع أن يرد هجمات الناس أجمعين. ولم يكن لها مدخل سواه، وأن يحتفظ في قصره بعدد من الغلمان تتراوح أعمارهم بين الثانية عشرة والعشرين، ممن يلمس فيهم حب الجندية والقتال، وكان دأبه أن يقص عليهم أقاصيص عن الجنة كالتي كان يقصها محمد على أتباعه فيصدقونه فيما يقول، كما صدق العرب نبيهم ثم يأذن لهم بعد ذلك في دخول الحديقة أربعة أربعة أو ستة ستة أو عشرة عشرة، ولكنه يسقيهم قبل ذلك مزيجاً من شراب خاص ينامون على أثره، فإذا انطبقت جفونهم وغلبهم الكرى أمر أتباعه أن يحملوهم ويضعوهم في داخل الجنة، فإذا أفاقوا وجدوا أنفسهم داخل هذه الروضة الغنّاء .. ومتى أفاقوا من غفوتهم ووجدوا أنفسهم في هذا المكان الرائع ظنوا أنهم في جنة الخلد، ثم تقبل النساء والفتيات بعد ذلك على هؤلاء الفتيان فيلاعبنهم، ويشفين رغباتهم، ويظفر الرجال منهن بما يرغبون، فلا يشاؤون بعد ذلك أن يتركوا هذا المكان المشحون بالفتن واللذائذ. وكان هذا الأمير الذي نسميه بـ"الشيخ" يقوم بتنظيم قصره بشكل رائع جميل، وقد تمكن من أن يجعل رجال الجبال السذج الذين يحيطون به يعتقدون اعتقاداً جازماً بأنه نبي عظيم، فإذا شاء أن يبعث واحداً من هؤلاء (الحشاشين) في أية رسالة، فإنه يسقيه من هذا المزيج الذي تحدثنا عنه، فإذا غلبه الكرى حملوه إلى القصر، حتى إذا أفاق لم يجد نفسه في تلك الجنة التي شفي فيها غلته وأشبع فيها نهمته، بل يجد نفسه داخل القلعة ثم يدخلونه بعد ذلك على "شيخ الجبل" فينحني أمامه في احترام بالغ كأنه في حضرة رسول كريم ونبي عظيم، فيسأله الأمير من أين أتى .. ؟ ويجيب الفتى بأنه أقبل من الجنة، وإنه لشبيهة بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، ويستمع الآخرون الذين لم يؤذن لهم في دخول هذه الحديقة إلى هذا الحديث، فيتحرقون إلى الدخول فيها والتمتع بما بها .. فإذا شاء الشيخ أن يقتل أي أمير من الأمراء فما عليه إلا أن يقول لواحد من هؤلاء الشبان: اذهب واقتل فلاناً، ومتى عدت فسيأخذك جماعة من ملائكتي إلى الجنة، أما إذا مت فسأبعث إليك بهم ليحملوك إليها، وكانوا يصدقونه فيما يقول، ومن أجل ذلك فقد كانوا يلقون بأنفسهم في أشد المخاطر وأكثرها تهلكة لكي ينفذوا جميع أوامره ولكي يعودوا بعد ذلك إلى الجنة التي تتحرق إليها أنفسهم، واستطاع الشيخ بذلك أن يجعل رجاله يقتلون أي شخص يريد التخلص منه، واستطاع أيضاً بواسطة الرعب الذي يغرسه في نفوس الأمراء أن يجعلهم جميعاً يدفعون له الجزية عن طيب خاطر حتى يكون معهم في سلام ووئام"(1).

‌المصدر:

أسرار فرقة الحشاشين لمحمد هادي نزار- ص 74

(1) أورد هذا النص المستشرق في براون في كتابه ((تاريخ الأدب في إيران)) (ص253 - 255).

ص: 189