الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الدولة الجغتائية
تنسب «الدولة الجغتائية» إلى مؤسسها «جغتاى» الابن الثانى
لجنكيزخان الذى أصبح ولى عهده بعد وفاة أخيه الأكبر
«جوجى» فى حياة والدهما، فلما مات «جنكيزخان» فى سنة
(624هـ = 1227م)، آلت إلى «جغتاى» أملاك «الدولة الجغتائية»
(خانات جغتاى)، التى تُعرف باسم:«منطقة التركستان» ، وهى
تعتبر حدا فاصلا بين دولة «القبجاق» ودولة الخاقانات. حكم
«جغتاى» مؤسس هذه الدولة منذ وفاة والده فى عام (624هـ =
1227م) إلى عام (639هـ =1242م)، وكان رجلا حازمًا وصارمًا
وعنيدًا، ذلك لأنه كان المسئول عن تنفيذ الياسا، وقد اشتُهر
بسوء معاملة المسلمين، وتعطشه لسفك دمائهم. كانت دولة
«خانات جغتاى» دولة تابعة للدولة الأم التى أسسها
«جنكيزخان» ، وكانت ذات علاقة حدودية بين هذه الدولة الأم
(دولة الخاقانات) من جانب، ودولة «القبجاق والإيلخانية» من
جانب آخر؛ ولذلك فقد دخلت فى صراعات طويلة مع هذه الدول
بسبب موقعها المتوسط بينها، ولم تكن صراعاتها من أجل
التوسعة أو الوصول إلى حكم دولة مغولية أخرى، وإنما كان
صراعًا على عرش «دولة الخاقانات» ؛ فعندما تُوفى «متكوقا
آن» الحاكم الأعظم (الخاقان)(4) لدولة «خاقانات المغول» ، كان
ابنه «قوبيلاى» يقود الجيوش ببلاد «الصين» لتوسعة أملاك
«دولة الخاقانات» بها، وكان «أريق بوقا» فى «قراقورم»
عاصمة الدولة، وتم إعلانهما خاقانين على البلاد خلفًا «لمتكوقا
آن»، وحيث إن «قراقورم» كانت منطقة فقيرة، فقد أراد «أريق
بوقا» أن يوفر لقواته ما يلزمهم، وأغار على «الدولة
الجغتائية»، وأخضع حاكمها «آلغو بن بايدار بن جغتاى» تحت
سلطانه ليأمن شره، ويضمن عدم تحالفه مع غيره، ولكن ذلك لم
يتم؛ فقد انقلب عليه حاكم «الدولة الجغتائية» وانضم إلى
«قوبيلاى قا آن» حين عاد من «الصين» ، واعترف به خاقانًا
للمغول، فاضطر «أريق بوقا» إلى الاستسلام لخصمه
«قوبيلاى» ، الذى انفرد بحكم دولة الخاقانات وأسس بها حكمًا
جعله لأسرته، التى عُرفت فى التاريخ باسم: أسرة اليوان.
وهكذا دخلت «الدولة الجغتائية» فى صراع لم تكن سببًا فى
حدوثه، بل لم تسلم من الصراعات بعد ذلك، فقد دخلت فى صراع
مع «قايدوخان» (وهو من نسل أوكتاى قا آن)، بتحريض من
«بركة خان» حاكم «القبجاق» ، ودارت الحروب سجالا بين
الطرفين إلى أن مات «ألغو بن بايدار» حاكم «الجغتائيين» ،
فاعتلى «مباركشاه» عرش الدولة فى عام (662هـ =1264م)،
ولكنه لم يلبث طويلا فى الحكم، إذ استطاع «براق خان»
الاستيلاء على العرش فى عام (664هـ = 1266م)، بمساعدة
«قوبيلاى قا آن» خاقان المغول، وذلك يؤكد أن العلاقة
الخارجية لهذه الدولة كانت ذات صلة وثيقة بالسياسة الخارجية
لدولة خاقانات المغول. تُعد «بخارى» أعظم مدن «الدولة
الجغتائية»، وكانت حاضرتها التى يشار إليها بالبنان ضمن بلاد
«ما وراء النهر» ، إذ كانت تزخر بالأبنية الفخمة، والحدائق
الغناء، والبساتين والمتنزهات والثمار الكثيرة، التى يعد
البرقوق أشهرها حتى الآن، كما كانت سوقًا ومركزًا تجاريا
مهما، فبها مصانع للحرير والديباج، وأخرى للمنسوجات
القطنية، وكذلك كانت ذات مكانة خاصة فى العالم الإسلامى،
ولم يضارع «بخارى» فى كل ذلك سوى «سمرقند» بأضرحتها
وبفواكهها، ومصنوعاتها من الجلود، والمنسوجات القطنية. ولقد
شهدت بلاد «ما وراء النهر» فترة ازدهار حضارى على يد
حاكمها «مسعود يلواج» فى ظل «الدولة الجغتائية» ، وبنى
ببخارى مدرسة نسبها إليه هى «المدرسة المسعودية» ، فدمرها
الإيلخانيون فى عام (1273م)، فأعاد البخاريون بناءها ثانية،
ودفن بها «مسعود يلواج» فى عام (1289م). ولم يقتصر مجهود
«يلواج» على «بخارى» وحدها، بل تعداها ليشمل منطقة حكمه
كلها، وشيد «بكاشغر» «مدرسة مسعودية» أخرى، وبذا تمكنت
بلاد «ما وراء النهر» من الصمود أمام غزوات المغول عليها، وأن
تعيد بناءها بفضل موقعها ومناخها، وبفضل حكامها الذين
عملوا على تأسيس الحضارة فيها وبنائها.